
نساء السويداء... صوتٌ في وجه الطغيان ودرعٌ ضد الفتنة والتدخل الأجنبي
في الوقت الذي تطالب فيه بعض القوى والأطراف الدينية والعسكرية في السويداء بالانفصال وتدخل دولي، ويسعى آخرون لاستغلال الأحداث لإشعال الفتنة بين الطوائف، تقف نساء السويداء وقفة عزّ وشموخ. وجوههن تعكس القوة والشجاعة والثقة بالنفس، ومواقفهن تبرهن على وعي عميق بأهمية الوحدة الوطنية، ورفضهن القاطع لأي تدخل خارجي، خاصة من إسرائيل.
لم تكن هذه الوقفة النسائية حدثاً استثنائياً، بل امتداداً طبيعياً لسجل نضالي مشرّف للمرأة السورية، التي طالما كانت حاضرة في الصفوف الأولى للمظاهرات المناهضة لنظام الأسد.
رفض واضح للتدخل الإسرائيلي
في مقطع فيديو تم تداوله عبر مواقع التواصل، ظهرت مجموعة من نساء السويداء في مظاهرة شعبية يؤكدن رفضهن القاطع لتدخل إسرائيل في شؤون البلاد، تحت ذريعة "حماية الدروز". وخلال وقفتهن الاحتجاجية، صرحن قائلات: "لسنا بحاجة لمن يدافع عنا، ولسنا بحاجة لمن يتاجر بدمائنا".
هذا الموقف لم يكن مجرد رفض ظرفي، بل تعبير عن وعي سياسي راسخ. فقد جاءت الوقفة في توقيت حساس، حاملة دعوة صريحة لوقف العنف والإرهاب والطائفية، ومؤكدة أن إسرائيل، بوصفها دولة احتلال، تستخدم الأقليات ورقة للضغط والتلاعب.
ضد الطائفية والمتاجرة بالأقليات
النساء المشاركات في الوقفة أظهرن وعياً لافتاً بمخاطر "لعبة حماية الأقليات"، تلك الورقة التي طالما استغلها النظام السوري السابق وخاصة بشار الأسد، لتبرير سياساته القمعية أمام المجتمع الدولي. وأشارت إحدى المتظاهرات إلى استخدام الأسد لهذه الورقة في محكمة لاهاي، مطالبة بفضح زيف هذه الادعاءات.
ما يميز موقف نساء السويداء أنهن لم ينجررن خلف الحملات الطائفية التي تروج لها صفحات مشبوهة على مواقع التواصل، بل نسبن التصعيد الأخير إلى "أيادٍ خفية ليست من سوريا"، وذكرن بمواقف تاريخية نبيلة جمعت بين السنة والدروز، داعيات إلى وحدة الصف الوطني. كما طالبن بشكل مباشر مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية بفتح تحقيق في الانتهاكات الحاصلة، في خطوة تؤكد إصرارهن على إحقاق العدالة عبر القنوات الشرعية.
دور مستمر في الثورة السورية
ليست هذه الوقفة سوى واحدة من محطات عديدة شاركت فيها نساء السويداء منذ اندلاع الثورة السورية. فقد سجلت عدسات الكاميرا حضورهن البارز في المظاهرات المناهضة للأسد، من رفع اللافتات المطالبة بالحرية والعدالة، إلى توزيع الفاكهة على المتظاهرين في مشهد يعكس أصالة هذا الحراك الشعبي.
وقد أحيين يوم المرأة العالمي عام 2024 من قلب ساحات التظاهر، في جمعة اختارها السوريون رمزاً للثورة، لتؤكد المرأة السورية أنها ليست فقط شريكة في الألم، بل في النضال والتغيير أيضاً.
وقفة نساء السويداء ليست مجرد ردّ فعل، بل رسالة صادقة بأن كرامة الوطن لا تُشترى، وأن صوت المرأة السورية باقٍ في الميدان، يدافع عن الأرض، وعن الحق، وعن مستقبل يليق بجميع أبنائه دون طائفية أو تبعية.