صورة المقبور حافظ
صورة المقبور حافظ
● مقالات رأي ١٤ مايو ٢٠٢٥

لاعزاء لأيتام الأسد ... العقوبات تسقط عقب سقوط "الأسد" وسوريا أمام حقبة تاريخية جديدة

ستة أشهر مضت على سقوط نظام بشار الأسد، ومنذ ذلك الحين، تبذل الأطراف السورية من رأس الهرم في السلطة الجديدة بقيادة الرئيس "الشرع" ووزير الخارجية "الشيباني" جهوداً جبارة، إضافة لمنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية على رأسها "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، لإقناع الدول الغربية بأن أسباب العقوبات المفروضة على سوريا قد زالت بسقوط الديكتاتور، وأن الوقت حان لرفع تلك العقوبات.

هذه الجهود التي استطاعت خلال فترة زمنية قياسية، تحقيق تقدم كبير على مستويات عدة في عدة دول غربية اقتنعت بضرورة تخفيف العقوبات، واستقبلت الوفود السورية، وزارت دمشق، تكللت أخيراً بالوصول للعثرة الأكبر أمام إعادة بناء الدولة وهي "العقوبات الأمريكية" المفروضة على سوريا، ليس منذ 2011 فحسب، بل منذ عهد حافظ الأسد.

هذا الإنجاز خطوة تاريخية تُسجل لصالح السياسة المتزنة التي اتبعتها السلطة السورية الجديدة برئاسة "الشرع"، والعمل الدؤوب اليومي لوزير الخارجية "الشيباني" الذي طالما طالب برفع العقوبات في كل المحافل الدولية وأكد على ضرورة وأهمية هذه الخطوة، إضافة لمساعي الدول الصديقة ممثلة بـ "تركيا - قطر - السعودية" التي ساعدت في تذليل لكل العقبات الدولية للوصول لهذه المرحلة.

لاشك أن العقوبات الغربية "الأوربية والأمريكية" إضافة للعزلة العربية، كان لها الأثر الكبير والبالغ في تقويض سلطة نظام الأسد، وساهمت في إضعافه اقتصادياً وسياسياً وعلى مستويات عدة، رغم انعكاسها المباشر على الشعب السوري، بسبب تعنت الأسد في ممارسة القتل والاستبداد ورفضه كل الطروحات والحلول لوقف جرائمه وتهديده المنطقة بأسرها عبر تهريب المخدرات، علاوة عن إطلاق يد ميليشيات إيران التي شكلت تهديد لدول المنطقة.

ومع سقوط نظام بشار الأسد، ووقف تهريب المخدرات وإلزام انسحاب ميليشيات إيران وتقويض أذرعها، بات من الضروري إسقاط تلك العقوبات، كونها لم تكن يوماً موجهة ضد نهضة سوريا أو الشعب السوري، وإنما هي مرتبطة بنظام حكم استبد في سوريا لعقود طويلة، ومارس القتل والانتهاكات والجرائم الجسيمة، وهذا كان الهدف منذ اليوم الأول لسقوط الأسد، فكان بيان "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" عقب سقوط نظام الأسد بأقل من أسبوع، يطالب صراحة برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.

وقالت الشبكة في تقريرها إن العقوبات التي فرضت على نظام الأسد كانت بسبب الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتكبها منذ آذار 2011، وبسبب فشل مجلس الأمن الدولي في وقفها فرضت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول عقوبات اقتصادية وسياسية كتعويض عن هذا الفشل وكأداة لمحاسبة النظام، والضغط على نظام الأسد لتغيير سلوكه الإجرامي، ولدفعه للقبول بحل سياسي.

وأضافت الشَّبكة التي دعمت استخدام العقوبات كأداة ضد نظام الأسد، أن التحول الكبير في المشهد السوري مع سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، فإنَّ العقوبات قد فقدت مبررها كوسيلة للردع والعقوبة، والتغيير السياسي، وأكدت حينها أن استمرار العقوبات، في ظل غياب النظام السابق، قد يؤدي إلى تحولها من أداة للمساءلة إلى عائق أمام جهود التعافي السوري.


وأكدت الشبكة الحقوقية أن الإبقاء على العقوبات الاقتصادية يهدد بتقويض الجهود الإنسانية، ويعيق تدفق الموارد الحيوية، مما يزيد من تعقيد مهام المنظمات المحلية والدولية في تقديم المساعدات وإعادة الإعمار. كما يمثل استمرار العقوبات عقبة رئيسة أمام عودة اللاجئين والنازحين، ويعرقل جهود الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، والشركات الخاصة، وذلك بفعل القيود المفروضة على المعاملات المالية والتجارية، والتي تحول دون تأمين المواد الأساسية أو تحويل الأموال اللازمة لدعم المتضررين.

هذا الإنجاز التاريخي بالوصول لإسقاط العقوبات الأمريكية مع إعلان الرئيس "ترامب" رفعها وإشادته بالسلطة الجديدة في سوريا، ورغبته في بناء علاقات قوية مع دمشق عقب لقاء الرئيس "الشرع" يعتبر بداية النهضة في سوريا الحرة، وبداية المعركة الحقيقية للبناء، عقب معركة سياسية كانت مميزة وموضع إشادة كبيرة محلياً ودولياً، في وقت كان يسعى أذناب الأسد وبعض القوى الأخرى للإبقاء على تلك العقوبات واستخدامها كسلاح ضد إرادة الشعب السوري في التغيير وإسقاط الطغاة والمشاريع الانفصالية والطائفية.

الكاتب: أحمد نور (الرسلان)
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ