مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
١٦ نوفمبر ٢٠١٥
فرنسا هدف مشترك لـ «داعش» والأسد

إنها حرب مفتوحة بين تنظيم «داعش» الإرهابي والحكومات الغربية. حرب أصبحت تأخذ في طريقها كل من صادف وجوده على خط المواجهة، مدنياً كان أو مسلحاً. عدد من الدول الغربية، من بينها فرنسا، يقاتل التنظيم في أماكن تواجده، وفيما تقول هذه الدول أن أهدافها هي مقاتلو التنظيم، فمن غير المستبعد احتمال سقوط مدنيين أيضاً ضحايا غارات الطائرات التي تلقي قذائفها من مسافات بعيدة من الجو. في المقابل، ها هو «داعش» ينقل معركته إلى خارج حدود «دولته»، ليرد على الحرب المفتوحة عليه. غير أنه لا يستطيع استهداف من يعطون الأوامر لخوض الحرب أو من ينفذونها، فيختار أهدافه السهلة من المدنيين الأبرياء، كما شهدت العاصمة الفرنسية.

من الصعب وضع الإرهاب الذي تعرضت له باريس خارج سياق الجرائم الأخرى التي أعلن «داعش» مسؤوليته عنها، من تفجير الطائرة الروسية في شرم الشيخ، إلى التفجير المزدوج في منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية من بيروت. إرهاب يبعث رسائل واضحة، أن «داعش» مستعد لفعل كل الفظائع، إذا شعر أن العمليات التي تنفذ ضده أصبحت تعرض «دولته» لخطر الزوال. في بيروت، كانت الرسالة تستهدف تدخل «حزب الله» في الحرب إلى جانب النظام السوري، وفي شرم الشيخ كانت تستهدف الدور الروسي، أما في باريس، فقد استهدفت الرسالة الدولة الغربية الوحيدة، إلى جانب الولايات المتحدة، التي تخوض عمليات مباشرة ضد التنظيم الإرهابي في سورية، بالإضافة إلى مشاركتها في المعارك ضد من يوالون التنظيم أو «يطيعونه» في منطقة الساحل الأفريقي.

«داعش» في مأزق، ومن هنا الطبيعة الانتحارية لعملياته الأخيرة، بعد أن اقتصرت فظائعه وبربريته حتى الآن على ذبح الأبرياء من الرهائن داخل «حدوده». لقد تعرض التنظيم الإرهابي في الآونة الأخيرة لعدد من الهزائم، لعل أهمها استعادة بلدة سنجار، وما يعنيه ذلك من قطع أوصال «الدولة» التي كانت تحلم بوصل مناطق نفوذها في سورية والعراق، بالإضافة إلى أن ما بعد سنجار يمكن أن يعني أيضاً سقوط الموصل، التي كانت منها إطلالة البغدادي الأولى على العالم، بعد إعلان «خلافته».

لا يمكن كذلك تجاهل معنى قتل محمد أموازي (الجهادي جون) فيما كان يتنقل بسيارة مع شخص آخر في الرقة، «عاصمة داعش». ليس بسبب أهمية هذا الشخص في وضع خطط «داعش» أو إدارة عملياته، ولكن لأن استهدافه بطائرة من دون طيار، تمكنت من تحديد تحركه بهذه الدقة، يبعث رسالة إلى الإرهابيين الآخرين، المنضمين إلى صفوف «داعش»، أو أولئك المستعدين للانضمام، بأن يد الاستخبارات الغربية طويلة، وتستطيع تعقبهم والقضاء عليهم.

«داعش» يستهدف فرنسا، آملاً في نشر حال من الرعب في الدول الغربية، ترغمها على التراجع عن حربها عليه. غير أن فرنسا ليست هدفاً لـ «داعش» وحده. ففي الجانب الآخر من الصورة، وفيما كانت بيانات الاستنكار والإدانة لجرائم باريس تخرج على أفواه الجميع، وجد الرئيس بشار الأسد أنها فرصة للشماتة ولانتقاد الحكومة الفرنسية التي كانت الأكثر تصلباً في مواقفها ضده. فقال إن «سياسات فرنسا الخاطئة هي المسؤولة عن تمدد الإرهاب»، ودعاها إلى الالتقاء معه على التصنيف الذي حدده للتنظيمات الإرهابية، فاعتبر أن «اعتداءات باريس لا يمكن فصلها عما يحدث في سورية منذ خمس سنوات»، وكأن الإرهابيين الذين فجروا المطاعم والمقاهي وصالة الحفلات في باريس يشبهون أطفال درعا وسواهم من شبان سورية الذين خرجوا يطالبون بإصلاح النظام في آذار (مارس) 2011.

أضف إلى ذلك، التوقيت المشبوه لتفجيرات باريس عشية اجتماع فيينا لبحث الأزمة السورية. لقد طغت هجمات باريس على نقاشات المجتمعين، وصارت الأولوية للحرب على الإرهاب، وهي شعار بشار الأسد منذ بدأ معركته مع معارضيه. ودفعت جرائم باريس حتى وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي كان صوته الأعلى في المطالبة بالتغيير في سورية، إلى الدعوة إلى تعزيز التنسيق الدولي في قتال «داعش»، قبل البحث في أي أمر آخر.

«داعش» يحلم ان تؤدي جرائم باريس الى إرهاب فرنسا والغرب. لكنه ليس الجهة الوحيدة التي تجدها فرصة مناسبة لقطف ثمار هذه الجرائم.

اقرأ المزيد
١٦ نوفمبر ٢٠١٥
المعارضة وتحديات (فيينا 2)

تبدأ اليوم أعمال اجتماع «فيينا 2» وسط حالة من التناقض في أحاسيس المشاركين فيه والمعنيين به، نظرًا للتعقيدات المحيطة بالاجتماع، التي سعى المشاركون في اجتماع فيينا السابق إلى الإيحاء بها، وكأن التوافقات على الأبواب، وهو ما عكسه البيان الصادر عن الاجتماع السابق بنقاطه التسع، بالقول إن المشاركين في الاجتماع متفقون على نقاط أساسية، وسوف يتابعون توافقاتهم في الاجتماعات التالية، انطلاقًا من اجتماع «فيينا 2» الحالي بحضور ممثلين لعشرين دولة إضافة إلى الأمم المتحدة وفريق المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.

أبرز مشكلات الاجتماع، هو غياب المعارضة السورية عن الاجتماع، وهو خطأ مكرر عن الاجتماع السابق، تم تأكيده مجددًا. ومن غير الكافي القول إن أصدقاء الشعب السوري وداعمي المعارضة حاضرون في الاجتماع، إذ المطلوب حضور أصحاب الشأن مباشرة، لأنهم الحامل الأساسي المعوَّل عليه لأية نتائج أو توافقات، يمكن التوصل إليها في الموضوع السوري، بينما يتأكد حضور نظام الأسد من خلال حضور روسيا وإيران حليفي النظام الأساسيين اللذين يمنحانه كل أسباب البقاء والقوة بصورة سافرة وعلنية، ويؤكدان خياراته ومواقفه دون أن يحملاه أية مسؤولية أو التزامات مباشرة.

وباستثناء مشكلة غياب المعارضة عن الاجتماع، التي لا يخفف منها وجود شخصيات من تنظيمات معارضة سياسية وعسكرية على هامش الاجتماع، فإن ثلاثة من التحديات تقف في وجه نتائج إيجابية مرتقبة للاجتماع، تهدد بخروجه بلا نتائج غير بيان هش، يجري الاتفاق عليه في اللحظات الأخيرة حفظًا لماء وجه المشاركين.

أول التحديات يمثله الإطار الذي يتخذه مسار فيينا في معالجة القضية السورية، وهو مسار أشار إليه الاجتماع السابق باعتباره مستندًا إلى بيان جنيف لعام 2012 ونقاط فيينا التسع، وثمة تناقضات بين الاثنين في نقاط مفصلية؛ أبرزها أن بيان جنيف يمثل مرجعية دولية متوافقًا عليها، بينما لا تملك نقاط فيينا التسع ذات القوة، كما أن بيان جنيف وضع إطارًا لمسار الحل، انطلاقًا من التفاوض بين النظام والمعارضة وصولاً إلى تحديد الغاية، وهي إقامة نظام ديمقراطي في سوريا، وحدد آليات الانتقال عبر هيئة حكم انتقالية بكامل الصلاحيات التشريعية والتنفيذية، التي تحل بصورة غير مباشرة معضلة الأسد ومستقبله في سوريا، التي لا يمكن أن يكون فيها رئيس بلا مهمات أو صلاحيات، بينما عجزت نقاط فيينا التسع عن رسم مثل هذا المسار، وهو أمر جعل روسيا تطرح مبادرة ترسم مسار الحل، وتتراجع عنها سريعًا بفعل المعارضة والاحتجاج التي قوبلت بها.

التحدي الثاني أمام «فيينا 2» هو تحديد من هي المعارضة، وهو تحدٍ يضرب أساس إجماع دولي كبير، تشكل حول الائتلاف الوطني السوري بما يضمه من طيف واسع، يمثل تنظيمات سياسية ومدنية وعسكرية وشخصيات عامة، يمكنه أن يشكل غطاء سياسيًا وعسكريًا وشعبيًا للمعارضة السورية سواء بانضمام بقية التشكيلات إليه أو عبر العمل تحت مظلته دون أن تكون جزءًا من بنياته التنظيمية على نحو ما هو حال علاقة الائتلاف مع التشكيلات العسكرية المعارضة، لأن من الضرورة الكبرى أن يكون للمعارضة وعاء واحد يجمعها لتسهيل مشاركتها في العملية السياسية وصولاً إلى أفضل النتائج الممكنة، وكله بخلاف مساعي روسيا وإيران وخلفهما نظام الأسد الساعين نحو تكريس معارضات متناقضة متنافرة خارج السيطرة، الأمر الذي يضعف المعارضة، ويجعل من الصعب توافقها على الحل، والمضي على طريق تنفيذه بالتزامات مؤكدة، وكلها أمور ضرورية، إذا كان هدف «فيينا 2» وما يليه من جهود، معالجة جدية للقضية السورية.

والتحدي الثالث أمام «فيينا 2»، يمثله تحديد جماعات الإرهاب في سوريا. وثمة انقسام عميق بين موقفين أحدهما وهو الأوسع يحصر جماعات الإرهاب في تنظيمين أساسيين؛ «داعش» بما هو معروف عنه، و«جبهة النصرة» باعتباره جزءًا من تنظيم القاعدة، والثاني موقف نظام الأسد وتحالفه الروسي الإيراني الذي يصنف تشكيلات المعارضة العسكرية باعتبارها جماعات إرهابية ومتطرفة، ويضيف إليها بعض جماعات المعارضة السياسية، ودلالات موقفه لا تحتاج إلى تأكيد في الحرب المدمرة التي يخوضها النظام وإيران وميليشياتها على مدار السنوات الماضية، وهو السلوك ذاته الذي اتخذه التدخل الروسي العسكري عبر عمليات طائراته، التي لم تستهدف «داعش» إلا بنحو عشرة في المائة من غاراتها، بينما كان القسم الأكبر من العمليات موجه للتشكيلات المعتدلة حسب مفهوم الدول الغربية شديدة الحذر في موضوع الجماعات الإرهابية والمتطرفة.

والأكثر إشكالية في تحديد الجماعات الإرهابية، هو غياب الحديث عن ميليشيات طائفية مثل حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية والأفغانية والإيرانية، التي تقاتل إلى جانب النظام منذ سنوات، ولها أهداف لا تقل تطرفًا عن أهداف «داعش» وممارسات ليست أقل إجرامًا من ممارساته.

وإذا كانت التحديات السابقة تمثل الأهم، فيما يواجهه اجتماع «فيينا 2»، فثمة تحديات أخرى تقاربها منها مستقبل الأسد. لكن كل هذه التحديات يمكن اختصارها في تحدٍ كبير جوهره الدور الروسي في القضية السورية الذي انتقل بعد التدخل العسكري الروسي ليصير اللاعب الرئيسي، وهو يسعى عبر «فيينا 2» وما يليه إلى تكريس ذلك الدور في القضية السورية.

اقرأ المزيد
١٥ نوفمبر ٢٠١٥
الإرهاب والفشل السياسي

يوم الأربعاء الماضي وجه الإرهاب ضربة موجعة لبيروت. في أقل من ثمان وأربعين ساعة نفذ الإرهاب ضربة موجعة أخرى في باريس. حصلت الأولى في الشرق الأوسط، وتحديداً في بلاد الشام حيث تدور أعنف وأخطر حرب أهلية بجوار بيروت. أما الثانية فحصلت في أوروبا حيث لا حروب أهلية، ولا ربيع أوروبي، بل حضارة مستقرة ومتصالحة مع نفسها، وفي حالة تمدد مستمرة. جغرافياً وزمانياً، المسافة بين الشام وأوروبا شاسعة. حتى سياسياً تبدو المسافة مثل المتاهة. لماذا لم تحصن هذه المسافة أوروبا؟ لماذا بيروت وباريس؟ قبل ذلك: لماذا الرياض، أو نيويورك، أو الدار البيضاء، أو القطيف، أو بغداد، أو سيناء، أو الكويت؟ تكاد ظاهرة الإرهاب تغطي خريطة العالم، ومع ذلك بقي السؤال نفسه. هناك خطأ ما إما في السؤال، أو صيغة السؤال، أو محاولة الإجابة عن السؤال.

 دائماً ما ينطلق السؤال من فرضية أنه لا مبرر أخلاقياً للإرهاب. وهذا صحيح. لكن هذا سؤال أخلاقي، وليس سؤالاً علمياً. السؤال أكبر وأخطر من ذلك. لماذا يحصل هذا الانحراف الأخلاقي المدمر؟ هل يدرك الإرهابي ذلك؟ الإرهاب جريمة سياسية. ويتفق علماء الجريمة على أن تفشي هذه الظاهرة في المجتمع عرض مرضي ألمّ بهذا المجتمع. انطلاقاً من ذلك هناك فرضية أخرى، وهي أن الإرهاب، مهما كان الموقف منه هو نتيجة، وليس سبباً. وهي نتيجة قد تتحول مع الوقت إلى سبب لنتيجة أخرى لا تقل خطورة. لا يسعك في هذه الحالة الاكتفاء بهجاء الإرهاب. بمثل هذه المقاربة ستظل أسير حلقة مفرغة لا تنتهي حتى تبدأ من جديد.

هناك حقائق عن الإرهاب متفق عليها. أنه ينطلق من الشرق الأوسط، وأن هذا الشرق يموج بأزمات ومآسٍ نابعة منه أصلاً، لكن لا يمكن الغرب التنصل منها. وهو ما تثبته حقائق أخرى. مأساة فلسطين بدأت على صلة وثيقة بالغرب، وإن كان ليس المسؤول الوحيد عنها. كانت المقاومة الفلسطينية ولا تزال تصم أميركا بالإرهاب. بعد نهاية سبعينات القرن الماضي كانت البداية الحقيقية للإرهاب في موجته الأولى. انطلقت من أفغانستان بعد الغزو السوفياتي لهذا البلد عام 1979. ثم انطلق في موجته الثانية بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003. في هذا الإطار حصل الربيع العربي ومواقف الخارج والداخل منه، وتداخلهما بشكل ضاعف من تعقيد صورة الأحداث وتشابكها. هل يمكن فصل هذه الأحداث وصورتها لدى كل طرف عنها؟

في هذا السياق تبرر الولايات المتحدة، على سبيل المثال، جرائم وانتهاكات إسرائيل في الأراضي المحتلة، وتوفر لها الغطاء السياسي، وتمدها بالدعم المالي والعسكري. تعترف واشنطن بأن إسرائيل تحتل الضفة الغربية، وأن الفلسطينيين يعيشون تحت الاحتلال. ومع ذلك تعتبر أن أي شكل من أشكال المقاومة لهذا الاحتلال إرهاب يبرر لإسرائيل مواجهته دفاعاً عن نفسها. ما هو الإرهاب في هذه الحالة؟ أين يبدأ، وأين ينتهي؟ هذه حالة نموذجية للحلقة المفرغة. مثال آخر: موقف روسيا السياسي من الرئيس السوري مشابه للموقف الأميركي من إسرائيل. هي لا تبرر جرائم الأسد تماماً، لكنها ترفض إدانته أيضاً. تقول موسكو إن الشعب السوري انتخب الأسد، وبالتالي ليس من حق أحد المطالبة بتنحّيه. ليس مهماً كيف تم هذا الانتخاب؟ ومن شارك فيه؟ وتحت أي ظروف؟ وهل توافرت مثلاً حرية الإرادة والاختيار للشعب؟ كل هذا ليس مهماً. الأهم أن الانتخاب حصل. تتجاهل موسكو السؤال الذي لا يمكن تجاهله. إذا افترضنا أن الشعب لم يثر أصلاً، وأن الأسد في حقيقة الأمر منتخب من الشعب، فلماذا قتل الرئيس من هذا الشعب -الذي انتخبه- حتى الآن أكثر من ثلاثمائة ألف، وهجر أكثر من عشرة ملايين؟ ترى لو أن الشعب انتخب الرئيس بحرية إرادته وخياره، هل كان هناك مجال لكل هذه الميليشيات أن تدخل سورية، خصوصاً أن الرئيس نفسه استعان بالكثير من هذه الميليشيات؟ ما هو الإرهاب في هذه الحالة؟ أين يبدأ؟ وأين ينتهي؟

مثال ثالث لا يقل مأسوية: إيران تذهب أكثر من موسكو. هي تبرر للرئيس السوري جرائمه ضد شعبه بدعوى أنه رئيس مقاوم. ولا أحد يعرف مقاوم ضد من، خصوصاً أن ضحايا هذه المقاومة هم من السوريين فقط؟ هل يمكن أن هذا ما تقصده إيران؟ ومن حيث أن هذه المقاومة ليست أكثر من ادعاء سياسي كاذب، وبالتالي ليست مبرراً كافياً، تعتبر طهران أن الثورة على الأسد أصلاً إثم في صيغة إرهاب ينطلق من عقيدة تكفيرية. لذلك تمد إيران الرئيس الأسد بالمال والعتاد، وبالميليشيات. الموقف الإيراني هنا أسوأ وأخطر من الموقفين الأميركي والروسي. موقف كل من واشنطن وموسكو سياسي، ولهدف سياسي، أما الموقف الإيراني، فمع أنه يتجه لهدف سياسي، إلا أنه في أصله ومنطلقه موقف أيديولوجي- ديني، ومساهم كبير في إشعال وتأجيج الحرب الدينية في سورية. وذلك من خلال إرسال ميليشيات عقائدية ترى أنها في حرب مقدسة لاستعادة ثارات الحسين. مرة أخرى، ما هي حدود الإرهاب في هذه الحالة؟ أين يبدأ؟ وأين يمكن أن ينتهي؟

ما حصل لبيروت وباريس وما حصل قبلهما جريمة إرهابية بامتياز. والأبرياء الذين قضوا في هذه وغيرها من جرائم نكراء هم ضحايا عمل إرهابي يستند إلى فكر ديني متوحش. لكن ماذا عن الفكر السياسي المتوحش لنظام مثل النظام السوري؟ أو الفكر الطائفي للنظام الذي نشأ في العراق تحت الاحتلال الأميركي والنفوذ الإيراني؟ لا ينبغي أن تغطي بشاعة «داعش» حقيقة ما يحصل. للفكر أكثر من وجه، وأكثر من لون، وأكثر من أداة واحدة، وأكثر من حضور واحد. أيهما تسبب في ظهور الآخر: «داعش» أم النظام السوري؟ هل هي مصادفة أن «داعش» ظهر في العراق وفي سورية؟ ما حصل بكل بشاعته نتيجة متوقعة لبيئة سياسية تُركت تتعفن. وهذا التعفن نتيجة فشل سياسي من أكثر من طرف. وإذا كان الإرهاب نتيجة قبل أن يكون سبباً، فإن تراكم الفشل الدولي في فلسطين أولاً، ثم أفغانستان والعراق وسورية، من أهم الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة.

اقرأ المزيد
١٥ نوفمبر ٢٠١٥
العرب وروسيا.. مواجهة حتمية بسوريا

تنطلق أغلب التحليلات التي تحاول مقاربة الحركة الدبلوماسية الخاصة بسوريا، من فرضية أن روسيا تحاول النزول عن الشجرة ولا ترغب في تحول الساحة السورية إلى مستنقع يعيد إنتاج تجربة أفغانستان بطريقة أكثر مأساوية، وبالتالي فإن القيادة الروسية تحاول التوصل إلى تسويات مقبولة تضمن مصالح جميع الأطراف وتسهم بالفعل في صناعة ترتيبات تساعد على حل الأزمة السورية المستعصية.

    "الوجود الروسي في سوريا هدفه -بالدرجة الأولى- إعادة صياغة النظام الإقليمي العربي تحديدا، لاعتقادها بأنه أسهل المناطق التي يمكن من خلالها إظهار الوجود والتأثير، ولظنها أن المنطقة اليوم تمر بحالة فراغ بعد تضاؤل الوجود الأميركي بها "

وفي الواقع، يؤشر فحص المعادلات التي تسعى روسيا لإرسائها في سوريا على زيف مثل هذه الفرضيات وكمية الشحن الرغبوي التي تنطوي عليه، وهي تفرض أولا أن سلوكيات قادة الكرملين وتصرفاتهم تحكمها معايير عقلانية وحسابات الربح والخسارة، كما أنها تفترض ثانيا أن روسيا جاءت بهدف إحلال السلام في سوريا بعد أن عجز العالم عن هذا الأمر، وأنها -وبما لها من تأثير على رأس النظام السوري ومفاصله- ستتمكن من إنجاز هذه المهمة!

في الواقع العياني لم يثبت أن قادة الكرملين الذين أوصلوا دولا عديدة إلى حالة الفشل (أوكرانيا وجورجيا)، وقبلها وضعوا روسيا نفسها في مآزق سياسية واقتصادية، ليسوا حكماء بالدرجة التي يتصورها البعض، أو لديهم معايير مختلفة للتقييم، كما أنهم لم يأتوا إلى سوريا لحل أزمة شعبها التي ساهموا بدرجة كبيرة في استفحالها ووصولها إلى هذه المراحل.

المؤكد أن الوجود الروسي في سوريا هدفه -بالدرجة الأولى، وكما هو واضح من الإجراءات الروسية على الأرض- إعادة صياغة النظام الإقليمي العربي تحديدا، لاعتقادها بأنه أسهل المناطق التي يمكن من خلالها إظهار الوجود والتأثير، ولظنها أن المنطقة اليوم تمر بحالة فراغ بعد تضاؤل الوجود الأميركي بها، وتداعي أركان المنظومة العربية وانهيار بعض أنظمتها.

وبالتالي فهي تتعاطى مع الحدث بوصفه فرصة إستراتيجية مهمة لا بد من الاستفادة منها لتحقيق فائض من القوة والنفوذ يعوضها خسائرها في أوروبا، وذلك عبر التحكم في المجال العربي من سوريا شرقا إلى ليبيا غربا.

الإستراتيجية الروسية
تعمل روسيا في سبيل نجاح مخططها على تطبيق إستراتيجية مزدوجة: ميدانيا وسياسيا. ففي المجال الميداني تسعى إلى:

- تدمير جميع البدائل المحتملة للأسد وفرضه كخيار وحيد والممثل الشرعي البديل والوحيد القابل للدعم والحياة في سوريا. وهي في سبيل ذلك تصر على مقولة عدم وجود فارق بين إرهابيين معتدلين ومتطرفين، فهي تدخل الميدان السوري وتفرض سلفا تعريفها الخاص للإرهاب وتطالب الآخرين بالعمل تحت سقف تعريفها، وحتى دعوتها للحوار مع الجيش الحر وتأمين غطاء جوي له، لم تكن سوى نوع من الاستهزاء بهذا الجيش بعدما أرفقت دعوتها تلك بشرط "إن وجد هذا الجيش".

- توسيع هامش توسعها ليشمل كافة الأراضي السورية، وإنجاز ذلك على مراحل، ففي المرحلة الأولى تبدو العين مصوبة على حلب بهدف عزل البر السوري عن تركيا، بالإضافة إلى تأمين مناطق حمص وحماة. ونجاح هذه المهمة سيليه الانطلاق إلى مراحل جديدة، وفي كل هذه المراحل سيكون العمل الأهم إنهاء أي وجود لمعارضة سوريا.

- تقليص خيارات الدول الداعمة للثوار ودفعها لقبول الحل الذي تفرضه روسيا، وذلك من خلال تدمير الأذرع التي صنعتها والبنى التي شكلتها في مواجهة نظام الأسد وحلفائه. ذلك أن إضعافها على الأرض يجردها من أوراق القوة التي تمتلكها ويجعلها رهينة القبول الروسي بها سياسيا وتفاوضيا.

أما في المجال السياسي فتسعى روسيا إلى:
- الحصول على تنازلات قدر الإمكان وتقنينها وتثبيتها كمسلمات وحقوق روسية نهائية، فقد حصلت موسكو في بادئ الأمر على انتزاع اعتراف من الأطراف الإقليمية والدولية على حقها في النفوذ بسوريا، ولم يلاق هذا الأمر اعتراضات مهمة.

    "يجب عزل الدول العربية التي تؤيد صراحة التدخل الروسي واعتبارها شريكة في الإضرار بالأمن العربي، فمن غير المعقول أن تتسبب هذه البلدان في إضعاف الأمن العربي وضياع الموارد وتهديد حياة الشعوب العربية بذرائع غيرمتناسقة مع الخطر الكبير الذي تتسبب فيه"

وتعتبر المؤتمرات السياسية التي تعقدها روسيا من أجل سوريا من الآليات التشغيلية للحصول على هذه التنازلات، حيث يتضح أن موسكو لا تلتفت كثيرا إلى المخرجات السياسية لهذه المؤتمرات، بقدر اهتمامها بتحصيل أكبر قدر من التنازلات لتوظيفها في سياق صراعها السياسي حول السيطرة على سوريا والمنطقة.

- استنزاف الأطراف الإقليمية والدولية بالتفاوض عبر التركيز على إستراتيجية طرح أسوأ الخيارات والبقاء ضمن مربع هذه الخيارات، فمثلا استهلاك الأطراف بقضية دور بشار الأسد في مستقبل سوريا، بينما لا أحد يناقش رغبة روسيا وإصرارها على بقاء هياكل النظام السابق، بما يعني تفريغ الثورة السورية من أحد أهم أهدافها وهو تغيير النظام من رأسه حتى قاعدته وإنهاء آليات عمله التي كانت السبب في إنتاج الأزمة.

- استقطاب الأطراف الإقليمية والدولية إلى الحل الروسي تحت عناوين عديدة "التنسيق، الحياد، الدعم" بحيث تتحول الأطراف الرافضة إلى أقلية معزولة وغير مؤثرة. وتراهن روسيا على هذه النقطة بعد أن حصلت على تنازل مجاني من النظام المصري الحاقد على الثورات العربية لأسباب ذاتية، وبالتالي فإنها استطاعت اختراق الموقف العربي وإضعافه عبر إخراج مصر من خانة الرافضين لوجودها في سوريا.

مواجهة الخطة الروسية
تبدو الدول العربية محكومة بانتهاج إستراتيجية مواجهة ضد المخطط الروسي، ذلك أن إخراج سوريا من الإطار العربي وإدخالها في مجال النفوذ الروسي المدعوم إيرانيا سيشكل مدخلا خطيرا للضغط على أمن الدول العربية وتحديدا المشرقية منها، وسيرفع سقف الطموح الروسي في المنطقة إلى البحث عن توسيع مجال نفوذها، خاصة أنها تشتبك مع الدول العربية على أكثر من جبهة، يأتي في مقدمها النفط والغاز وخطوط إمدادهما وطرق نقلهما وأسواق تصديرهما، فضلا عن العداء البادي في السياسة الخارجية الروسية للأنظمة السنية وتحالفها اللصيق مع إيران.

ويجب أن تتضمن خطة المواجهة على المستوى الميداني:
- لا تمتلك روسيا الأصول العسكرية الكافية لفرض نفوذها في سوريا، كما أنها تواجه عقبات تقنية في موضوع نقل أعداد أكبر من المعدات والجنود، وهي تعتمد تكتيكات تقوم على ضرب الجبهات الواحدة تلو الأخرى لعدم قدرتها على العمل في كافة الجبهات دفعة واحدة. ومواجهة هذا التكتيك تتطلب دعم جميع جبهات الثوار وتحويلها من الموقف الدفاعي الانتظاري إلى الهجوم والإمساك بزمام المبادرة، وهذا الأمر يشكل إرهاقا لروسيا على الجبهات السورية ويدفعها إلى التراجع والبحث عن مخارج.

- عدم السماح لروسيا بإنجاز المراحل التي تتضمنها إستراتيجيتها وعدم تركها تنسق خطوط دفاع صلبة وتؤسس بنية عسكرية من المليشيات الطائفية في سوريا والعراق، وهذا الأمر يتحقق عبر عكس الهجوم على حلفاء سوريا وإيقاعهم في الفوضى وإشغالهم بالدفاع عن أنفسهم أكثر.

- استثمار عامل الزمن، وهذا العنصر يشكل كابوسا لقادة روسيا العسكريين، وكلما طال صمود الثوار أكثر أدركت موسكو أنها تدخل في عملية استنزاف لا طائل منها، وأن جهودها محكوم عليها بالفشل.

    "تشكل فصائل الثوار السورية مقدمة الدفاع عن الأمن العربي، في حين تقف الدبلوماسية العربية على خطوط المجابهة السياسية، وإذا لم يرتق الأداء في الجبهتين إلى مستوى التحدي، فإن العالم العربي سيجد نفسه قد تراجع للدفاع عن أشياء في صلب أمن دوله الداخلية"

وعلى المستوى السياسي:
- مواجهة إستراتيجية الاستنزاف التفاوضية الروسية برفع سقف المطالب تجاه روسيا، خاصة في العناصر المفتاحية للأزمة (مصير النظام وليس بشار الأسد، ودور إيران ومليشياتها)، ووقف أي شكل من أشكال التنازل أمام روسيا.

- التركيز على تعريف القضية وتعيين عناصرها الأساسية (إطار الحرب) من كونها ثورة شعب وعدم السماح لروسيا بإعادة صياغتها وتأطيرها كقضية إرهاب وحسب، وفي هذه الحالة يتوجب على الدبلوماسية العربية المطالبة بتضمين عنصرين مهمين لمرافعتها الدبلوماسية في المؤتمرات السياسية الخاصة بسوريا:

أ) وضع نظام الأسد ضمن قائمة الكيانات الإرهابية باعتباره المسؤول عن قتل العدد الأكبر من السوريين.
ب) وضع إيران ووكلائها ضمن هذه القائمة لمساهمتهم في ارتكاب مجازر وعمليات تطهير على أساس طائفي.

- عزل الدول العربية التي تؤيد صراحة التدخل الروسي واعتبارها شريكا في الإضرار بالأمن العربي، فمن غير المعقول أن تتسبب هذه البلدان في إضعاف الأمن العربي وضياع الموارد وتهديد حياة الشعوب العربية بذرائع لا تبدو متناسقة مع الخطر الكبير الذي تتسبب فيه.

- التركيز على الجانب الإعلامي، وخاصة الموجه إلى روسيا، حيث تستفيد قيادة الكرملين من عدم وجود منافس لها في هذا المجال، مما يجعلها تشكل الرواية التي تناسبها عن الحرب السورية.

تشكل فصائل الثوار السورية مقدمة الدفاع عن الأمن العربي، في حين تقف الدبلوماسية العربية على خطوط المجابهة السياسية، وإذا لم يرتق الأداء في الجبهتين إلى مستوى التحدي الذي تفرضه روسيا وأتباعها في المنطقة، فإن العالم العربي سيجد نفسه قد خسر خط الدفاع الأول -إن لم يكن ذلك قد حدث بالفعل- وتراجَعَ للدفاع عن أشياء في صلب أمن دوله الداخلية، وهذا ما يحتم جعل الساحة السورية مكسرا للأطماع الروسية والإيرانية في المنطقة.

اقرأ المزيد
١٥ نوفمبر ٢٠١٥
روسيا وإيران: كسب معركة وليس الحرب

كان الشهر الأول للتدخل العسكري الروسي في سوريا لمساندة نظام بشار الأسد مخيّبا لآمال الطرفين على حد سواء. فقد كثفت روسيا من ضرباتها الجوية لتسجل معدلات كبيرة وصلت إلى 70 ضربة في اليوم الواحد، وهو معدل يتطلب أسابيع من الطلعات الجوية للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. لكن الأيام الماضية أظهرت أن ذلك الجهد الحربي المكثف بدأ يقطف بعض الثمار، من دون أن يتبيّن في ما إذا كان الحصاد متواصلا أم أن العقم العسكري سيعود ليصيب جميع المتحاربين من جديد.

الضربات الجوية الروسية جاءت بحسب الدعاية الرسمية لمحاربة تنظيم داعش، ولكن الحقائق تكشّفت بعد أيام قليلة عن أنها تستهدف قوات المعارضة السورية بصورة رئيسية، وذلك لدعم الجبهات الضعيفة التي يسيطر عليها الأسد ولاستعادة السيطرة على جبهات أخرى.

الحقيقة الأولى هي أن روسيا تريد تدعيم قوات النظام في المواقع الحساسة بصرف النظر عن كون العدو المسيطر على تلك المواقع هو داعش أو الجيش الحر. أما الحقيقة الثانية فهي أنها تفضل أن يكون العدو الذي يتلقى ضرباتها هو الجيش الحر وليس داعش. حينها فقط سيكون لمجهودها الحربي مردود مضاعف: توسيع مناطق سيطرة النظام من جهة، وإضعاف القوة الرئيسية التي تهدده والتي يمكن أن تفاوضه في يوم ما على تقاسم السلطة من جهة أخرى.

هكذا انطلقت عمليات الأسد – روسيا – إيران على أربع جبهات رئيسية: ريف اللاذقية في جبل الأكراد، ريف حماة باتجاه بلدة كفرنبودة، ريف حلب على جبهتيْن باتجاه مطار كويرس العسكري ومدينة الحاضر. بدأ تقدم قوات النظام بسرعة في ريف حماة في ظل جمود على باقي الجبهات، واستطاعت قوات الأسد، في ظل مشاركة مروحيات روسيا والطيران الحربي واستخدام أسلحة جديدة منها قنابل عنقودية، التقدم والسيطرة على بلدة كفر نبودة. ولكن زيادة الدعم والعتاد للمعارضة السورية وخصوصا الصواريخ المضادة للدبابات قلبت الموازين وراحت المعارضة تستعيد السيطرة بسرعة على ما فقدته، بل وامتلكت زمام المبادرة فأعلنت شن هجوم على ريف حماة هدفه النهائي تحرير المدينة. وكذلك الحال في جبال الأكراد إذ اصطدمت قوات النظام بمقاومة شرسة ولم تنفع الغارات الجوية الروسية، وقد كان الفشل على هاتين الجبهتين هو الأول من نوعه الذي تواجهه روسيا في سوريا.

بالمقابل، كانت المعارك تسير ببطء ونجاح على جبهتي ريف حلب. ففضلا عن الدعم الجوي الروسي استقدم نظام الأسد قوات من الحرس الثوري الإيراني، قدّرت مصادر استخباراتية غربية أعدادها بأكثر من 2000 مقاتل. وإذ لطالما تمثلت مشكلة نظام الأسد على صعيد الهجوم العسكري في الخشية من خسارة أعداد كبيرة من المقاتلين، وهو ما يتطلبه كسب أي معركة برية. أما وقد توفر المئات من المقاتلين الذين قدمتهم إيران على مذبح التقدم الميداني، فها هو النظام يعود للتقدم. فقبل أيام نجح نظام الأسد في فك الحصار عن مطار كويرس العسكري الذي بقي محاصرا لنحو ثلاث سنوات، وبعدها بيومين فقط نجح في السيطرة على مدينة الحاضر في ريف حلب.

وكانت قوات الأسد وروسيا وإيران قد انطلقت في هجومين متزامنين وباتجاهين متعاكسين تقريبا، إذ انطلقت من نقاط تمركزها في السفيرة شرقا باتجاه مطار كويرس، وغربا باتجاه مدينة الحاضر. وعلى المستوى العسكري، يخدم فك الحصار عن المطار تثبيت وجود النظام في منطقة تتعرض قواته فيها إلى الاندحار طيلة الأشهر الماضية. كما أن للمطار موقعا حيويا ربما يمكّن النظام وحلفاءه من توسيع مساحات السيطرة في ريف حلب الشرقي ويقربهم من مدينة منبج التي تخضع لسيطرة تنظيم داعش، وهو ما يجعلهم رأس الحربة في السيطرة عليها في حال حصول توافق دولي حول تركيز جهود المعارضة والنظام على محاربة داعش.

وعلى المستوى السياسي تخدم العملية روسيا التي لا تزال تصر على أن حربها في سوريا هي ضد داعش. هكذا، تحقق موسكو أول نصر ضد التنظيم بعد أن أسفرت عملياتها سابقا عن إضعاف المعارضة السورية وتقدم التنظيم الإرهابي في ريف حلب. أما بالنسبة إلى النظام فالعملية تخدم زيادة حشد مؤيديه من حوله ليواصلوا صمتهم عن إستراتيجيته العدمية وهي القتال دون أفق حتى النهاية، كما خدم فك الحصار عن المطار إظهار النظام بمظهر الحريص على جنوده والقادر على حمايتهم.

أما السيطرة على مدينة الحاضر فتضع قوات النظام في موقع قريب من مدينتيْ كفريا والفوعة اللتين تقطنهما غالبية شيعية. وقد كانت المدينتان قبل نحو شهر من الآن جزءا من هدنة عسكرية أبرمتها إيران مع المعارضة السورية وشملت بلدة الزبداني. ولكن، بعد الهدنة مباشرة، أرادت إيران الاستفادة من زخم التدخل الروسي والحماسة التي يبديها فلاديمير بوتين لتحقيق تقدم سريع يواجه به الإدانات الدولية والإقليمية، فأرسلت المئات من المقاتلين للمشاركة في معركة الحاضر والتقدم باتجاه كفريا والفوعة في معارك قادمة تهدف إلى فك الحصار عن البلدتين.

العامل الحاسم في تقدم قوات النظام على الأرض لم يتمثل بالضربات الجوية الروسية، بل بمشاركة قوات الحرس الثوري الإيراني لتعوض نقص أعداد جنود الجيش النظامي والإنهاك الشديد الذي لحق بهم بعد سنوات من القتال. ومع ذلك، يبدو أن الدرس الأهم في هذه الحرب هو أنها تتشكل من معارك كر وفر، يمكن كسب بعض تلك المعارك، ولكن لا يمكن لأي طرف أن يكسب الحرب.

اقرأ المزيد
١٥ نوفمبر ٢٠١٥
العازف الروسي والمايسترو الأميركي

التدخل العسكري الروسي المفاجئ في سورية، والذي كان غلافه البحث الجدّي عن حل سريع للأزمة السورية، ما هو إلا بهدف تعقيد الوضع السياسي وخلط الأوراق من جديد في سبيل إطالة الأزمة أكثر فأكثر، والسبب عدم قدرة روسيا على إيجاد بديل لنظام "الأسد" يحفظ مصالحها في سورية في حال هزيمة الأسد، ما جعلها تغوص أكثر في الرمال المتحركة السورية.
تظهر التصريحات الروسية حول بقاء الأسد لقيادة مرحلة انتقالية مدى المواربة في الموقف الروسي، والتي هي على علم مسبق بعدم موافقة الدول الداعمة للثورة السورية، أو حتى أطراف المعارضة السياسية والعسكرية على أي حل، أو طرح يكون للأسد وجود فيه. ربّما لن تكون نتائج المؤتمرات التي عُقدت، والمزمع عقدها في فيينا إلا كسابقاتها من المؤتمرات بسب انعدام الثقة بين الشعب السوري الذي عانى ما عاناه على يد نظام قتل وشرد هذا الشعب وبين القيادة الروسية التي تقدم الدعم لنظام بشار الأسد منذ اللحظة الأولى لانطلاق الثورة في سورية.
يبدو أن الموقف الأميركي متقارب من الموقف الروسي، فيما يخص إطالة الأزمة السورية مع اختلاف الأهداف. وعلى الرغم من كل التصريحات الأميركية والروسية حول إمكانية بقاء أو عدم بقاء الأسد في السلطة، فإن الولايات المتحدة هي المستفيد الأكبر من إطالة الحرب السورية، خصوصاً بعد التدخل الوحشي الروسي في الحرب السورية الذي أظهر عدم نية روسيا ببحث جدي عن حل، كما أوهمت الآخرين.
التطورات العسكرية لتي أحدثها تقدم قوات المعارضة بإلحاق الهزائم المتتالية بجيش النظام والميليشيات الطائفية المساندة له والتقدم بشكل سريع إلى الساحل السوري، استدعى القيادة الروسية بأخذ قرار سريع للمشاركة في الحرب الدائرة في سورية، وعلى الفور قامت بطلعات جوية مكثفة للحد من تقدم "الجيش الحر" ومحاولة تعديل ميزان القوى لصالح النظام. هذا بدا واضحاً باستعمال العنف المفرط ضد المدنيين واستعمال أسلحة محرمة دولياً كالقنابل العنقودية.
ستحاول أميركا توريط روسيا أكثر، وستحاول استنزاف طاقاتها قدر المستطاع في الحرب السورية، وستعمل على إظهار نفسها مدافعة عن قضايا المظلومين في العالم، بينما تغرق روسيا في دماء السوريين الأبرياء. وقد أعلن النظام، أخيراً، عن تمكنه من فك الحصار عن مطار كويرس العسكري المحاصر منذ ثلاث سنوات على يد تنظيم داعش الإرهابي، وما إن أعلن النظام عن فك حصار مطار كويرس واسترجاع مناطق كانت خارج سيطرته، حتى خرج علينا وزير الخارجية الروسي، سيرغي إيفانوف، متحدثاً عن مدّة العملية العسكرية في سورية، وقال: "إن مدة العملية العسكرية الروسية في سورية مرتبطة بتقدم جيش النظام"، ثم تلاه تصريح صادر عن وكالة الأنباء "رويترز" عن نية موسكو تقديم اقتراح بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة واستفتاء دستوري في سورية، ما يعني أن موسكو تنوي تعقيد الحل، لا البحث عن حل للأزمة السورية.
يبدو أن الأزمة السورية ستشهد تعقيدات كثيرة جديدة، نضيف إلى ما ذكرناه أعلاه التصريحات التي أدلى بها أردوغان: "حلفاؤنا يقتربون من فكرة إقامة منطقة آمنة شمال سورية". مجرد التقارب في وجهات النظر على إقامة منطقة آمنة يعني أنه لن يوجد حل للأزمة في القريب العاجل.

اقرأ المزيد
١٥ نوفمبر ٢٠١٥
إسقاط طائرة أم إسقاط سياسة؟

في موقف أخلاقي عجيب، قال روسي ما في أول تعليق على سقوط طائرة سيناء: من المعيب واللاأخلاقي ربط سقوط الطائرة بتدخل جيش روسيا العسكري في سورية. كان هذا الموقف الأخلاقي موجها إلى ... "داعش" التي كانت قد أعلنت، قبل ساعات، مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة، فلم يجد صاحبنا ما يذكّرها به غير الأخلاق، وهو ينفي أن تكون وراء الحادث. لا داعي للقول بطبيعة الحال: إن هذا السيد يصدق أن تدخّل بلاده العسكري في سورية أخلاقي، وإلا لما دافع عنه باسم الأخلاق، وهي مادة قليلة الاستعمال في السياسة عامة، والسياسة الروسية منها خصوصاً.
بعد الموقف الأول، تحوّل المسؤولون الروس من التذكير بالأخلاق إلى ما يتقنونه جيداً: الكذب، فأنكروا أن يكون تنظيم الدولة وراء إسقاط الطائرة، وسعوا إلى إضفاء طابع عادي، بالأحرى تقني، على الحدث الفاجع، لفصله عن ردة فعل عربية/ إسلامية محتملة ضد سياسة الكرملين المعادية للسوريين، خشية أن يرى العالم الإسلامي فيها عدواناً على شعبٍ مسلم، مارس حقه الطبيعي في الثورة على حكومته الظالمة، وأن يثور مسلمو روسيا ضد قيادتها التي ما أن ترنح نظام الأسد حتى سارعت إلى دخول الحرب من أوسع أبوابها، وبادرت إلى قصف شعبه، لأنه يرفضه، مع أن الشعب السوري يعتبر نفسه صديقاً لروسيا، ولم يقل أو يفعل ما يشي بعدائه لها، أو برغبته في الإضرار بمصالحها. يعود هذا الموقف الروسي العدواني إلى أكذوبة يصدقها من أرسلوا جيشهم لقتل الشعب السوري، وفرض الأسد عليه، هي أن السوريين يؤيدون رئيسهم، ويشعرون بالامتنان حيال ضربات موسكو الجوية لهم. لذلك، سيحجم المسلمون في كل مكان، مثلما يحجم السوريون، عن اتخاذ موقف سلبي أو عدائي من روسيا، مهما أمعنت في قتل إخوتهم في سورية.
لم يصدّق كذب روسيا أحد غير قادتها الذين دأبوا على بعث رسالة واحدة إلى ثلاثين مليون مسلم من مواطنيهم، تخبرهم أن إسقاط الطائرة ليس رد فعل إرهابي على حربهم ضد السوريين، وأن من المحال أن يسمح المسلمون للإرهابيين بالإساءة إلى روسيا، رداً على جميل أفعالها السورية. كما يستحيل كذلك أن يجتاز الإرهاب حدود روسيا نفسها أو أن ينتقل إليها، ليس فقط لأن القوة الروسية تردعه بنجاحٍ، فشلت واشنطن في إحراز ما يماثله، بل كذلك لأن روسيا لم تقاتل غير الإرهابيين، ولم تقصف غير جموعهم في سورية، فمن غير المعقول منطقياً قيام مسلمي الاتحاد الروسي برد فعل سلبي أو عدائي، لا سمح الله، على تضحيتها، الموجهة بكليتها لرفع سيف الإرهاب عن أعناقهم، ومنعه من الاعتداء عليهم في عقر دارهم، وإلحاق الأذى بهم. المسلمون السوريون سعداء، لأن جيش روسيا الذي يستبسل في محاربة الإرهاب لا يؤذي المدنيين والأبرياء، فكيف يمكن لغير أعداء الإسلام ربط سقوط الطائرة بفعل إرهابي/ انتقامي ضد مأثرة إنسانية مفعمة بالحرص على الأبرياء؟
اللهم لا شماتة. ليس إسقاط الطائرة سوى أول الغيث، ولن يمر وقت طويل، قبل أن ينهمر مطر الإرهاب على الكرملين ومصالحه داخل روسيا وخارجها. عندئذ، سيعلم أن إسقاط طائرته كان بداية سقوط سياساته، وأوهامه حول قدرة سياساته الراهنة في استعادة ما كان للاتحاد السوفييتي السابق من نفوذ في العالمين العربي والإسلامي، وأن تورطه في الحرب ظالم وإرهابي، وما يقوم به من عمليات عسكرية لم يكن هدفه الإرهابيون، بل بسطاء الناس، وأنه دخل إلى فخ أو مستنقع، عملت أميركا المستحيل، لكي تبقى خارجه، وتوقع موسكو في شباكه، كي لا تقوم لها قائمة أو ينجو أحد منها بعده.
دخل الرئيس بوتين إلى سورية بحسابات قيصرية، ولن يخرج منها كما دخل إليها، وقديماً قال شكسبير عن حال تشبه حال روسيا الراهنة: بعضهم يذهب لجز الصوف، ويعود وقد جزّ وبره.

اقرأ المزيد
١٤ نوفمبر ٢٠١٥
حول مفهوم «البيئة الحاضنة»

درج تعبير البيئة الحاضنة بعد الثورة السورية للدلالة على بؤر ناشطة على نحو مميز في الاعتراض على الدولة الأسدية. البيئة الاجتماعية للثورة هي أحياء وبلدات وقطاعات من السكان ثارت على النظام، واحتضنت الأنشطة المناهضة له، السلمية والمدنية أساساً، ثم بصورة ما مقاومته المسلحة. كان التعبير وجيهاً في طور الثورة السلمي، بين آذار (مارس) 2011 وخريف العام نفسه، ثم في الطور الذي تمازج فيه الاحتجاج السلمي مع المقاومة المسلحة حتى منتصف صيف 2012.

مصدر الوجاهة أن قطاعات واسعة من السكان عبرت طوعياً، بوضوح وعلى نحو متكرر، عن رفضها للنظام، مع دراية الجميع فيها بخطورة ذلك وأكلافه المحتملة. لكن تعبير البيئة الحاضنة أخذ يفقد وجاهته بعد انحسار التظاهرات السلمية التام في أواسط 2012، وتحول الثورة إلى حرب، والانهيار المتسارع للإطار الوطني للصراع السوري في النصف الثاني من 2012. فبينما كانت الاحتجاجات السلمية، لأنها طوعية، تعبيراً موثوقاً عن ميول البيئات التي انطلقت فيها من أحياء وبلدات وقرى، فإن الأمر ينطبق بمقدار أقل على المقاومة المسلحة في مراحلها الباكرة، ثم لا يكاد ينطبق عليها نهائياً، منذ أن استقل العمل المسلح بمحركاته وعقائده وجهاته الممولة عن المجتمعات السورية المحلية.

هذا أخذ يحصل على نطاق واسع في تقديري في مطلع 2013، بترابط مع ضغوط أميركية وإقليمية كبيرة للحيلولة دون دخول المعارضة المسلحة إلى دمشق. كان هذا ممكناً وقتذاك، وكان النظام ممكن السقوط فعلاً، على ما شهد حسن نصرالله بعد شهور قليلة من ذلك. وتقديري أن تدخلات مماثلة حصلت في مناطق متعددة من البلد، وكان لها تأثير مفكك على مستويين: العمل العسكري أخذ ينفصل عن البيئات الاجتماعية المحلية من جهة، وعن قضية الثورة من جهة ثانية، بينما يزداد ارتباطاً بعقيدته الدينية المشرعة من جهة، وبجماعات ممولة من جهة أخرى. وبفعل هذه العمليات أخذت تنقلب العلاقة بين المجتمعات المحلية والمجموعات المسلحة، فصارت هذه تعمل على السيطرة على بيئات انتشارها، وبمناهج تقترب من مناهج النظام أو تطابقها. وفي هذه الفترة، عام 2013 وما بعد، أخذت تسمع باضطراد أصوات احتجاج على ممارسات هذه التشكيلات بحق ما يفترض أنه البيئات الحاضنة للثورة. لكن، في الواقع هذه فصلت عن ثورتها، وصارت بيئات مقيدة أو «محضونة» أكثر مما هي حاضنة. والتعبير الذي استمر استخدامه في انفصال عن التغيرات الواقعية تغيرت وظيفته.

يُجرى استخدام التعبير اليوم بخصوص «داعش» مثلاً، ليعتبر سكان مدينة الرقة أو سكان منطقة الجزيرة العرب «دواعش». لسنا هنا حيال حكم شرعي معرفياً، أقله بفعل استحالة معرفة تفضيلات السكان الحقيقية، وما إذا كانوا يوالون هذه التشكيلات أم إنها مفروضة عليهم، وأنهم خائفون منها، وربما يحاولون التكيف معها. لكن أهم من ذلك وأخطر، الوظيفة السياسية لفكرة البيئة الحاضنة اليوم: تحميل عموم السكان في المنطقة مسؤولية «داعش» ومعاقبتهم جماعياً. هذا على سبيل المثل ما تمارسه قوات ميليشيا «بي واي دي» حيال الأكثرية العربية في منطقة تل أبيض. فبصرف النظر عن لا شرعية السلطة الممارسة في المنطقة من حيث كونها سلطة أقلية مسلحة مدعومة أميركياً في مواجهة الأكثرية العزلاء، فإنه يُجرى إرسال التهم التعسفية بحق سكان المنطقة من عرب وتركمان، يعتقلون ويهانون وتحرق منزلهم، ويمنعون من العودة إلى قراهم وبلداتهم، ويتعرضون لتهجير قسري، على ما وثّق تقرير من «أمنستي إنترناشونال» صدر أخيراً.

والضحايا هم في كل حال تقريباً أفقر السكان مما لا مكان لهم آخر يتجهون إليه، على ما تواتر قوله من ضحايا التهجير لمُعدّي تقرير «أمنستي»، وعنونت به تقريرها: https://www.amnesty.org/ar/documents/mde24/2503/2015/ar/

وهذا ما تسهله نظرية البيئة الحاضنة التي تتوافق مع مسالك اجتثاثية من صنف ما سبقت رؤيته في عراق ما بعد صدام من «اجتثاث البعث». هذه السياسة عنت وقتذاك معاقبة العراقيين العرب، السنّيين على نحو خاص، وسهلت خلال سنوات دفع كثيرين منهم إلى أحضان «القاعدة» و «داعش».

ما تشوشه الاستخدامات الراهنة لنظرية البيئة الحاضنة هو الفارق بين الاحتضان الطوعي للسكان لقوة معينة وإنتاجهم لها، وبين خضوعهم بالإكراه لها وإنتاج هذه القوة بيئة تناسبها، بما فيها من عملاء محليين ومن انتهازيين متكسبين ومن أكثرية مخضَعة تتدبر عيشها بالمتاح.

تمر المصالح اليومية لعموم السكان الباقين في الرقة ومناطق سيطرة «داعش» عبر دولته، على نحو ما تمر المصالح اليومية للكرد وغير الكرد الباقين في المناطق التي يسيطر عليها «بي واي دي» بهذا التنظيم، وعلى نحو ما مرت مصالح أكثرية السوريين بالدولة الأسدية طول عقود، وما مرت مصالح العراقيين بدولة صدام قبل الاحتلال الأميركي. بين هؤلاء من يطور ولاء بمقدار ما للمنظمات و «الدول» القائمة، لكن هذا لا يمحو الفرق بين إنتاجية اجتماعية حرة لتعبيرات سياسية جمعية، وبين إنتاج فوقي وقسري لمجتمعات «محضونة» من جانب قوى سياسية مسلحة.

لم يكن حزب البعث شعبياً في سورية قبل 1963، ولم يكن السوريون حاضنة اجتماعية له، وإن كانت له بالفعل حواضن في الحقبة الديموقراطية في بلدات أو أحياء أو قطاعات من السكان. معلوم أن الحزب المذكور نال 17 عضواً في البرلمان وقت كان البرلمان السوري 120 عضواً، في انتخابات حرة أجريت عام 1956. لكن، في مستهل هذا القرن كان العدد الاسمي للبعثيين يتجاوز مليونين من السوريين أي أكثر من 10 في المئة من السكان وقتذاك. فهل هذا احتضان اجتماعي من جانب السوريين لـ «الحزب القائد للدولة والمجتمع» على نحو يسوغ «اجتثاثاً» من الصنف العراقي؟ أم هو بالأحرى تسلط على السكان، وتشكيلهم عبر السنين، في صورة تناسب دوام حكم البعثيين، بما يحكم على سياسة اجتثاث عمياء أن تكون استمراراً للطغيان البعثي لا قطيعة معه؟

خلال العقود جرى تبعيث واسع الناطق للتعليم وعاش أكثر السوريين في سورية ولم يعرفوا غير حزب البعث، ثم الحكم الأسدي. وعبر السنوات لم يعد مرئياً بصورة واضحة الفارق بين الولاء الطوعي وبين أشكال الولاء المصنعة، وإن بقي الفارق ممكن الإظهار تحليلياً، وعبر الاستعانة بالسجل التاريخي. واستناداً إلى التشوش الحاصل، بفعل أربعين عاما أسدياً، وتأسيساً عليه ومساهمة في مزيد منه، كان مثقفون قبل سنوات قليلة فقط يستنتجون النظام الأسدي وأشباهه من «بنية الشعب العربي» أو من «نسيج عقليات» عموم المحكومين. ولم يكن الأمر يحتاج تشككاً خاصاً حتى يرى المهتم أن هؤلاء كانوا يقلبون لأغراضهم التبريرية الخاصة علاقات السبب والنتيجة، وأنهم عملياً كانوا يجعلون عموم السكان المحتقرين هم مقرري مصير بلدنا، فيما يكون أمثال حافظ وبشار ومخابراتهما انعكاساً لهم، إن لم يكونوا ضحية أولئك العوام.

هذه «الثقافة» ضالعة بصورة لا تغتفر بقتل ربع مليون من السوريين، ويبدو أن نسخاً منها تنتج اليوم لأغراض مماثلة. ومن النسخ الجديدة ما تتوسل نظرية «البيئة الحاضنة» لاشتقاق «داعش» هذه المرة من ذهنية قطاعات السكان ذاتها التي كان الأسديون اشتقوا منها قبلاً.

أقل ما يمكن قوله أن نظرية «البيئة الحاضنة» تعميم مضلل، هذا إن لم تكن مصممة لتسويغ العقاب الجماعي والتعامل الإجرامي مع القطاعات الأضعف والأشد فقراً من السوريين. كأداة للتحليل الاجتماعي، البيئة الحاضنة مفهوم ركيك ومشوش، ومن حيث التوظيفات الحقوقية والسياسية هو أنسب للسياسات الفاشية، منه لأية سياسات ديموقراطية، تنيط المسؤولية بالأفراد، وبأفعال الأفراد لا بمنابتهم وأصولهم.

اقرأ المزيد
١٣ نوفمبر ٢٠١٥
بـ"الدماء" سيواجهون جيوش مدججة بكل شيء

في أدبيات العمل الصحفي ، يعتبر الكلام العاطفي أو المائل لأي طرف من المحظروات ، ولكن في الوضع الراهن ، أجد نفسي متبرأ من مهنتي التي أمارسها منذ سنوات ، لأكون إلى جانب من على الأرض ، بكل ألوانهم و فئاتهم ، وأكون واحداً منهم بلا أي ضابط أياً كان .

اليوم الثوار في سوريا يواجهون كل الجحافل بدمائهم ، فقد إتخذ قرار بأن تكون السياسة هي الحل ، و الضحية هي الشعب ، و الفائز هو القاتل ، فقد منع عن الثوار كل مقومات المواجهة ، و أغلقت الأبواب في وجهه ، فيما فتحت البوابات أمام النظام لإستجلاب كل ما يمكن إستجلابه من قوات برية و جوية ، وسط صمتٍ مريع من الجميع .

في الصباح نشرنا مقالاً عن منع "التاو" حتى يتم التقدم المخطط له من قبل مجتمعوا "فيينا" ، وبالفعل حدث ماهو مخطط .

تناثرت صور المليشيات الشيعية وهي تعبث بالمساجد ، وتنشر راياتها في تكرار لمشهد القصير ، و يطلق قاداتها التهديدات لـ"الزيديون الجدد" ، في إشارة للثوار ، في مشهد يقول عنه العالم أنه طبيعي ، في حين أن الثوار بكل أشكال تنظيماتهم عبارة عن عابثين بالأمن العالمي ، و مصنفين كـ"إرهابيين" يجب قتلهم أو إعتقالهم في "غونتنامو" جديد.

أمام هذه الحشود يقف الثوار ، وحيدون بلا معيل أو سند ، برياً كان أم جوياً ، كما العادة ، ويقفون ليواجهوا كل هذا الكم بدمائهم و أجسادهم .

صحيح أن المعركة لايُظفر بها بـ"العاطفة" ، ولا يمكن تجاوز نيرانها بمجرد "الدعاء" ، و لكن الروح الإيمانية و الوقوف إلى جانب الحق قد يكون أهم من كل سلاح وجد في وجههم ، وكل بوابة و مستودع فتح لهزيمتنا ، فالدم هنا اقوى الحديد .

اقرأ المزيد
١٣ نوفمبر ٢٠١٥
هل يظن الحزب و حاضنته أنهم سيحصدون "الورود" أم يصلون لـ"المهدي" الموعود !؟

تضاربت التعليقات حول ما حدث بالأمس في أحد أحياء الضاحية الجنوبية مركز الثقل لحزب الله ، التابع ( فكرياً – مادياً – دينياً - ....) لإيران ، واختلف المعلقون بين مندد و مؤيد وداعي للمزيد ، هذه الفجوات دفعت للتساؤل هل الحزب و حاضنته زرعوا بذار الورود فخرج لهم الشر اللؤم أم أنهم عكس ذلك .

لا شك بأن المنددين يحملون في قلوبهم مبادئ تقول بأنه يجب تحييد المدنيين ، و لا يجب معاقبة إلا المجرم ، و مال إلى ذلك من حجج مدعمة ببراهين دامغة و محقة .

وفي المقابل تعاد قائمة مبررات المرحيبن والداعين للمزيد ، في شكل معاكس ، فخمس سنوات كانت كافية لإنهاء أي شعور أو حس مما يقوله المنددون ، فالحزب كان مشاركاً منذ أول رصاصة وجهت للشعب في سلميته ، وكان إلى جانب أول قذيفة وجهت إلى بيوت الآمنين ، وهو أوغل و اعتبر أن معركته في سوريا معركة مصيرية ، و حول المدن السورية واحدة تلوا الأخرى إلى نقاط و جسور العبور إلى "القدس" الموعودة بمذهبه "الإثني عشري" لتكون تجمعاً لهذه الملة بإنتظار مهديهم و المشاركة في جيشه .

مليون شهيد سوري و ملايين المشردين ، و ضغوط من كل حدب و صوب ، و غرق في الدم إلى ما فوق الأنوف ، الإيغال في الحشد المذهبي و "تقديس" الحرب ضد الشعب السوري ، الذل و الإهانة للسوريين المتواجدين على الأراضي اللبنانية و أخرها أحداث عرسال ، القصف بأقذر الأسلحة و إرتكاب أحقر المجازر ، فهل سيكون مقابل كل هذا ورود تعاد للقاتل أم هي طريقهم الواضحة نحو الـ"المهدي" المنتظر ، الذي لن يظهر حتى يعم الظلم ، فلذا هم يمهدوا له من خلال الشعب السوري ، فإن كان كذلك فلا بأس بأن يذوقوا بعضاً من ذلك الظلم ، فإنتظار المهدي يتطلب التضحية ، و بقاءه متخفياً كل هذه القرون موضع اجحاف بحقه .

حتماً زرع الحزب و حاضنته ، بل و طائفته لن يكون حصاده قمحاً أو قطناً أبيضاً ، وحتماً سيكون أحمراً قانياً ، له جريان لن يتوقف أو يصاب بالتجلط .

ليس فرحاً بماحدث بالأمس ، و لكن هي قراءة لمسببات الأمور ، فليس علينا مواجهة النتيجة ، بل يجب أن نعود لأسبابها التي دفعت لذلك ، و لكن الأسباب لازالت تعمل و مستمرة و بشكل أكبر سواء من حيث التدخل أو خلق العدو الوهمي لهم "داعش" ، و بالتالي النتيجة الصغيرة التي حصدتها الضاحية بالأمس ، ماهي إلا من ضمن الأسباب ، التي ستكون نتائجها فوق التوقعات .

اقرأ المزيد
١٣ نوفمبر ٢٠١٥
فيينا وإدارة الحرب بدل الحل

يعقد الاجتماع الثاني للدول الـ17 التي تبحث الحل السياسي في سورية غداً، في ظل غلبة التوجه نحو استمرار هذه الدول في إدارة الحرب الدائرة في الملعب السوري، بدلاً من اتفاقها على قيام مظلة دولية لإدارة المرحلة الانتقالية التي ما زال الوصول إليها بعيداً، وفق المقدمات التي يشهدها الميدان، والمواقف السياسية والديبلوماسية حيال دور بشار الأسد في التسوية.

ويُعقد الاجتماع في ظل تراجع روسي عن إمكان البحث في مصير الأسد الذي كانت موسكو قدمت إغراءات عن إمكان عدم ترشحه للرئاسة في انتخابات مفترضة تجرى أثناء المرحلة الانتقالية، وفي ظل مراجعة إيران حساباتها بعد مشاركتها في الاجتماع الأول الذي حضرته من دون أن تتمكن من الحؤول دون تبني سائر الدول المشاركة في فيينا - 1 لبيان جنيف عام 2012 الذي ينص على المرحلة الانتقالية والقرار الدولي 2118 (في شأن تجريد سورية من الأسلحة الكيماوية) والذي نص على اعتماد بيان جنيف أساساً للحل.

فطهران قد تتجه إلى الانسحاب من عملية فيينا، بعد اجتماع غد، طالما يتعذر عليها سحب صيغة جنيف للحل التي تكرّست في بيان المجموعة الدولية من التداول، وطالما تمعن في تعزيز وجودها العسكري على الأراضي السورية. فهي زادت في الأسابيع الماضية من حضور «الحرس الثوري» في دمشق ومحيطها، وصولاً إلى مطار العاصمة السورية بأعداد كبيرة، إضافة إلى وجود «الحرس» في محيط حلب حيث يتكبد خسائر متنامية في صفوفه. والهدف من تكثيف الانتشار في محيط العاصمة هو الإبقاء على المطار والطريق منه إلى دمشق، وصولاً إلى لبنان في عهدتها للحفاظ على خط الإمداد بين طهران ولبنان ومناطق «حزب الله»، في حال تغيّرت الظروف الدولية ودفعت موسكو إلى قبول تسوية ما، ترسم ملامح المرحلة الانتقالية في سورية، لن تنجح إلا بانتشار قوات دولية لحفظ السلام في بلاد الشام، بحيث يتعذر إمكان الحفاظ على خط التواصل الإيراني مع «حزب الله» في لبنان.

فتحت سقف التحالف والتعاون بين موسكو وطهران الذي أوجب قرار الأولى الإعلان عن قرب تسليم صواريخ «إس - 300» للثانية، تبقى القيادة الإيرانية على حذرها إزاء الموقف الروسي في سورية، بدليل تصريحات قادة «الحرس الثوري» الإيراني عن أن «روسيا تقدم المساعدات على أساس المصالح المشتركة، لكن ليس واضحاً أن مواقفها تتطابق مع إيران في شأن الرئيس بشار الأسد...».

ليس الميدان السوري وحده ضحية التشدد الإيراني، عبر استمرار المواجهات العسكرية وتصاعدها، بل إن فرملة التطبيع بين طهران وواشنطن التي كانت منتظرة بعد الاتفاق النووي، وعودة اللغة العدائية، تدفعان الجانب الإيراني إلى العودة إلى التصعيد في كل الميادين. وهذا يشمل إفشال محاولات التسوية في اليمن واستمرار عمليات التدخل الأمني والاستخباراتي في دول الخليج، مثل الكويت والبحرين اللتين أعلنت سلطاتهما اكتشاف خلايا إيرانية تحضّر لأعمال أمنية. ولا تقل الاعتقالات في إيران للصحافيين ورجال الأعمال الذين يهيئون للتطبيع الاقتصادي والناشطين في مجال حقوق الإنسان، دلالة على أن القيادة الإيرانية المتشددة غير حاضرة لقبول أي صيغة تحت عنوان عودة ايران إلى المجتمع الدولي، التي كان أمل بها الذين تحمسوا للاتفاق النووي.

دليل آخر على غلبة الاتجاه نحو إدارة الحرب في سورية بدل المرحلة الانتقالية، هو أن لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما بـ «غريمه» الإسرائيلي بنيامين نتانياهو انتهى إلى وضع الخلافات جانباً حول النووي بعد هزيمة الثاني في معركته للحؤول دون إقراره في الكونغرس، من أجل التعاون وتنسيق الموقف في مواجهة «حزب الله» كذراع إيرانية في سورية وغيرها، إضافة إلى مواجهة «داعش». وهذا يعني إطلاق يد إسرائيل في التدخل المحسوب الذي دأبت عليه في بلاد الشام لقصف شحنات أسلحة أو مواقع للحزب قريبة من حدود الجولان. وهو ما فعلته قبل يومين في مطار دمشق وفي محيطه. وهو تعاون لا يقل تواطؤاً عن ذلك الذي سلّمت به موسكو للإسرائيليين عبر تنسيقها معهم حول الطلعات الجوية منعاً لاصطدام طائرات الدولتين أثناء استباحة الأجواء السورية. ومثلما يؤشر التعاون الروسي - الإيراني والروسي - الإسرائيلي، إلى أن مأساة الشعب السوري مستمرة، فإن التعاون الأميركي - الإسرائيلي في سورية يكرّس الشعب الفلسطيني ضحية رياء واشنطن مقابل الخدمات التي تؤديها لها الدولة العبرية، فيُترك وحده في مواجهة سياسة التهويد والاقتلاع والقتل...

اقرأ المزيد
١٣ نوفمبر ٢٠١٥
موسكو وجنوب سورية ؟

المروّجون أو المتوجسون من نجاحٍ ما لموسكو في سورية يقولون، كلٌّ من الزاوية التي ينظر إليها، إنّ روسيا نجحتْ، في إطار التنسيق مع أصدقائها في المنطقة في شأن عملياتها العسكرية في سورية، في تحييد مصر والأردن، أو على الأقل طمأنتهما، كما نجحتْ في ضبط حركة تركيا، وإرسال طمأنة من نوع خاص لإسرائيل.

في الأسبوع الأول من هذا الشهر خضع هذا القول للاختبار، حيث وردت أنباء عن استهداف الطائرات الإسرائيلية في منطقة القلمون شحنات من الأسلحة كان ينوي الجيش السوري نقلها إلى «حزب الله». كان التحرك الإسرائيلي منسجماً مع التفاهمات مع موسكو، حيث اتفق الطرفان منذ بدء التحرك الروسي على الحيلولة دون توظيف طهران و «حزب الله» الغارات الروسية لتهريب شحنات نوعية من الأسلحة لـ «حزب الله».

الضربات العسكرية الروسية تركزت أساساً على شمال سورية ووسطها، لكنّ ثمة ما يغري دمشق وطهران، وربما موسكو، في توسيع هذه الدائرة وتحقيق هدفٍ فشل النظامُ مراراً في إنجازه وهو قطع أيّ دعم لوجيستي أو تواصل عملياتي بين المعارضين السوريين في الجنوب وشركائهم في المناطق المحيطة بدمشق. وافتراض دمشق أن تل أبيب لن تُسقط أي طائرة روسية في الجنوب كما فعلت مع طائرات النظام التي عبرت المجال الجوي الإسرائيلي في أيلول (سبتمبر) 2014، يعوزه اليقين ربما، لأنّ حادث القلمون يشير إلى أن الأمور لا تسير وفق هذا المنطق.

لقد ساهم فشل «عاصفة الجنوب» في إرساء «ستاتيكو» في تلك المنطقة، لكنّه بدأ يتعرّض، هو الآخر، للاختبار وربما الزعزعة، بخاصة إذا قررت موسكو في خططها المبيّتة التدخل في الجنوب. هذه الخطط تحدّث عنها الرئيس بوتين وغيره. وقد أفادت «مجموعة أوراسيا» بأنّ بعض المصادر المتصلة بصناعة القرار في موسكو ذكرت أنّ التدخل في سورية سيمتد إلى الجنوب، وأنّ مقاتلي الجيش السوري و «حزب الله» والميليشيات الشيعية والقوات الإيرانية، سيدعمون على الأرض الضربات الجوية الروسية.

أواخر الشهر الماضي نفذت طائرات حربية، قيل إنها روسية، غارات في بلدات الحارة وتل عنتر وكفرناسج وعقربا في ريف درعا الشمالي. كانت هذه هي المرة الأولى التي توسّع فيها موسكو غاراتها باتجاه الجنوب السوري. وثمة تقارير تذهب إلى أن النظام في وارد تركيز قواته لشن هجوم جديد هناك، ومن غير المستبعد، بالطبع، طلب الدعم الجوي الروسي. هذا مثار قلق للأردن وإسرائيل، بخاصة أنّ عمّان تُقدّر أن شروط الموقف الذي أرسته في جنوب سورية ضمن ما يُعرف بغرفة «موك» حال دون سقوط دمشق بأيدي جماعات إرهابية في سورية، ما يتطلب من موسكو الحذر من تقديم خدمات لإيران و «حزب الله» على حساب مصالح أصدقائها في الجوار السوري.

تصريحات آن باترسون، أكبر ديبلوماسية أميركية معنية بشؤون الشرق الأوسط للجنة في الكونغرس، قبل أيام، بأنّ النظام السوري«منهك» وأنّ «المعارضة في الجنوب أكثر اعتدالاً وأقرب لتوجّه أميركا وأنها تحرز تقدماً» لا تبدد الشكوك بما يكفي، وربما من المهم أن تكون ثمة إجراءات ملموسة لواشنطن لمنع تدهور الأوضاع في تلك المنطقة. ومع أنه ليس هناك ما يؤكد حتى الآن أن ثمة رابطاً بين نيات دمشق وطهران وموسكو في الجنوب وبين إطلاق مسلحين مجهولين مؤخراً النار على قادة في فصائل المعارضة السورية المعتدلة في ريف درعا، وهو ما رفع الى ثلاثين إجمالي عدد عمليات الاغتيال بحق قادة وناشطين معارضين جنوب البلاد خلال شهر، فإنه يضع علاقة موسكو بطهران من جهة وعلاقتها بأصدقائها في عمّان وتل أبيب من جهة أخرى تحت المجهر.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٢٠ أغسطس ٢٠٢٥
المفاوضات السورية – الإسرائيلية: أداة لاحتواء التصعيد لا بوابة للتطبيع
فريق العمل
● مقالات رأي
١٣ أغسطس ٢٠٢٥
ازدواجية الصراخ والصمت: استهداف مسجد السويداء لم يُغضب منتقدي مشهد الإعدام في المستشفى
أحمد ابازيد
● مقالات رأي
٣١ يوليو ٢٠٢٥
تغير موازين القوى في سوريا: ما بعد الأسد وبداية مرحلة السيادة الوطنية
ربيع الشاطر
● مقالات رأي
١٨ يوليو ٢٠٢٥
دعوة لتصحيح مسار الانتقال السياسي في سوريا عبر تعزيز الجبهة الداخلية
فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
٣٠ يونيو ٢٠٢٥
أبناء بلا وطن: متى تعترف سوريا بحق الأم في نقل الجنسية..؟
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
محاسبة مجرمي سوريا ودرس من فرانكفورت
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
استهداف دور العبادة في الحرب السورية: الأثر العميق في الذاكرة والوجدان
سيرين المصطفى