أرشيف الوجع السوري: تحقيق استقصائي يكشف مصير مئات المعتقلين في سجون الدفاع الوطني
أرشيف الوجع السوري: تحقيق استقصائي يكشف مصير مئات المعتقلين في سجون الدفاع الوطني
● أخبار سورية ١١ يونيو ٢٠٢٥

أرشيف الوجع السوري: تحقيق استقصائي يكشف مصير مئات المعتقلين في سجون الدفاع الوطني

كشفت صحيفة "زمان الوصل"، في تحقيق استقصائي امتد لأشهر، عن أرشيف ضخم يحتوي على مئات الصور لمعتقلين سوريين احتجزوا على يد قوات "الدفاع الوطني" في عدة محافظات سورية خلال الفترة ما بين 2013 و2017. ووفقًا للتحقيق، فقد جرى تحويل المعتقلين إلى الأمانة العامة للدفاع الوطني حيث تم تصويرهم وتوثيقهم بأرقام ملفات رسمية.

وقد أسهم نشر أجزاء من هذا الأرشيف في تمكين 22 عائلة من التعرف على صور أبنائها الذين فُقدت أخبارهم تمامًا بعد اعتقالهم. كما نشرت الصحيفة شهادات توثق قصص هؤلاء الضحايا، وبين الصور ظهرت وجوه نساء وأطفال، ما يسلط الضوء على عمق المأساة وشموليتها.

ولم تقتصر الفاجعة على الضحايا الذين لم يخرجوا من المعتقلات؛ إذ تمكّن ستة ناجين من التعرف على صورهم ضمن الأرشيف ذاته. هؤلاء أدلوا بشهادات صادمة عن ظروف اعتقالهم، وكيف تمكنوا من الإفلات من الموت من خلال دفع مبالغ مالية ضخمة، كاشفين بذلك عن شبكات فساد وابتزاز تستغل معاناة المعتقلين.

في الوقت ذاته، كشف التحقيق عن مئات الأسماء التي وردت في برقيات رسمية موقعة من قبل فادي صقر، كانت تُرسل إلى محكمة الميدان العسكرية. تضمنت هذه البرقيات عبارة موحدة لتبرير عدم حضور المعتقل للمحاكمة: "توفي في سجن الدفاع الوطني"، وهي عبارة قد تبدو مختصرة لكنها تخفي خلفها وقائع تعذيب، إهمال طبي، وربما تصفية جسدية ممنهجة.

قضية المختفين قسرياً كانت ولا تزال واحدة من أعمق الجراح التي خلفتها سنوات الحرب في سوريا، وهي من أكثر المآسي التي عاشها السوريون خلال صراعهم الطويل مع نظام بشار الأسد. هذه القضية لم تُطوَ صفحتها رغم مرور أكثر من ستة أشهر على سقوط النظام في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، إذ كان كثير من الأهالي يظنون أن مشكلتهم ستنتهي بسقوط الطاغية الذي كان المسؤول الأكبر عن هذا الملف.

لكن مع التحرير وفتح السجون، صُدم السوريون بواقع مرير: عشرات الآلاف من المعتقلين ما زالوا غائبين، ولا توجد سجلات أو أوراق رسمية تكشف مصيرهم. بدلاً من أن تطوى المأساة، فُتحت صفحة جديدة من الألم، إذ وجدت العائلات نفسها أمام فراغ قاتل، لا جثث، لا معلومات، ولا حتى إشارات يمكن أن تُنهي هذا الانتظار الطويل.

اليوم، لا يبحث أهالي المختفين عن تعويض مادي، ولا يطالبون بامتيازات. مطلبهم بسيط وواضح: يريدون أن يعرفوا أين أبناؤهم، أحياء كانوا أم أمواتاً، ويريدون أن يُحاسب كل من تورط في اعتقالهم أو تعذيبهم أو إخفائهم. بالنسبة لهم، المصالحة لا تعني النسيان، ولا يمكن للعدالة أن تكتمل إن لم تترافق مع الحقيقة والمساءلة. فهؤلاء لا يريدون أن يُعاد دفن حقوقهم مرة أخرى تحت شعارات التسامح أو التسويات السياسية التي تُبقي المجرم بلا عقاب.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ