
إعلام عبري يكشف عن محادثات سرية بين "إسرائيل وسوريا" تحت الوساطة الإماراتية لمناقشة الأمن والاقتصاد
كشفت الصحيفة العبرية "يديعوت أحرونوت" عن إجراء ثلاثة اجتماعات سرية بين ممثلين عن الحكومة السورية وإسرائيل في أبو ظبي، تحت الوساطة الإماراتية، بهدف مناقشة قضايا أمنية واقتصادية حساسة. هذه المحادثات تأتي في وقت حساس، بعد تزايد التوترات بين البلدين وتخوفات من التصعيد الأمني المستمر في المنطقة.
في تقرير نشرته الصحيفة، أوضحت أن اللقاءات عقدت في منزل أحد كبار المسؤولين الإماراتيين في أبو ظبي بين 5 و7 مايو الجاري. خلال هذه الاجتماعات، تم التركيز على غارات الجيش الإسرائيلي في الأراضي السورية، العمليات العسكرية الجارية، وكذلك القضايا الأمنية الأخرى في المنطقة.
ورغم أن وزارة الخارجية الإماراتية نفت رسمياً دورها كوسيط في هذه المحادثات، أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن المحادثات تمت بوساطة دولة ثالثة، وهي الإمارات. وأضاف أن الهدف من اللقاءات هو مناقشة مسائل تتعلق بالأمن والاقتصاد، مشيرًا إلى أن الجانب الإسرائيلي لم يتردد في تقديم تقارير أولية حول الاجتماعات، في حين أشاد المسؤولون الإماراتيون بقدرتهم على خلق جو من الهدوء لتسهيل النقاشات.
في السياق ذاته، أكد مسؤول إسرائيلي لم يُذكر اسمه، أن هذه المحادثات كانت غير ملزمة في البداية، وأن الجانبين سيقدمون تقاريرهم إلى رؤسائهم في وقت لاحق. وقال المسؤول إن هذه المفاوضات كانت تجريبية لتقييم مجالات التعاون الممكنة في المستقبل.
وعلى الرغم من الأجواء الهادئة التي سادت هذه الاجتماعات، إلا أن الوفد السوري أبدى قلقه بشأن استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا، مطالبًا بوقفها لإتاحة الفرصة للحكومة السورية الجديدة لترتيب شؤونها الداخلية.
من جهة أخرى، عبر الوفد السوري عن اهتمامه في تقليل التصعيد في العلاقات مع إسرائيل، مشيرين إلى أن سوريا لا مصلحة لها في النزاع مع جيرانها، بما في ذلك إسرائيل. وأكد الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال الاجتماع، أن سوريا ترغب في بناء علاقات أكثر استقرارًا في المستقبل مع إسرائيل، على الرغم من بعض القضايا العالقة بين البلدين.
الهدف من المحادثات: تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي
ترتكز المحادثات بين الجانبين على القضايا الأمنية الأساسية مثل مكافحة الإرهاب، وتحديد مواقع الأسلحة الكيميائية، إضافة إلى منع استخدام الأراضي السورية ضد إسرائيل. ووفقاً للتقارير، كان هناك تركيز أيضًا على مناقشة دور "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في الوضع السوري، وكيفية إدماجها ضمن النظام السوري بطريقة لا تضر بعلاقات سوريا مع تركيا.
المحادثات بين الحكومة السورية والإسرائيليين شملت أيضًا القضايا الاقتصادية، حيث تم طرح فرص لتوسيع التعاون في مجالات الطاقة، والاقتصاد، والتعليم، ومنها توفير الخبرات الطبية ودعوة الطلاب السوريين للدراسة في إسرائيل.
المواقف المتباينة داخل الإدارة الأميركية
أشار تقرير الصحيفة إلى أن هناك انقسامًا في الرأي داخل الإدارة الأميركية حول كيفية التعامل مع الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع. بعض المسؤولين الأميركيين يشككون في نوايا الشرع بسبب ماضيه، بينما يعتقد آخرون أنه قد يكون جديرًا بالثقة استنادًا إلى أدائه الأخير، خاصة فيما يتعلق بتعامله مع الأحداث الأمنية في اللاذقية.
من جهة أخرى، شدد المسؤولون الإسرائيليون على أهمية إيقاف أي نوع من التصعيد العسكري في المنطقة، وضرورة تعزيز التعاون بين الأطراف المعنية لتفادي التصعيد المتبادل الذي قد يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها.
التصعيد العسكري الإسرائيلي في سوريا ومخاوف إقليمية
كان التصعيد العسكري الإسرائيلي في سوريا أحد المواضيع البارزة التي تمت مناقشتها. فقد نفذت إسرائيل عدة ضربات جوية على مواقع سورية خلال الأشهر الماضية، بما في ذلك غارة على موقع بالقرب من القصر الرئاسي في دمشق. في هذا السياق، تبرر إسرائيل تحركاتها بأنها تهدف إلى التصدي لأي تهديدات أمنية، خاصة في المناطق الجنوبية التي تشهد تواجدًا درزيًا.
وفي سياق متصل، ناقش المفاوضون الإسرائيليون مع نظرائهم السوريين القضايا المتعلقة بالأقلية الدرزية في سوريا، مشيرين إلى أن إسرائيل لن تتسامح مع أي هجمات ضد الدروز الذين يُعتبرون "إخوة في الدم". وتعد هذه النقطة جزءًا من محادثات أوسع تهدف إلى تعزيز العلاقات الأمنية والإنسانية بين سوريا وإسرائيل.
القناة الخلفية: دبلوماسية جديدة في العلاقات بين سوريا وإسرائيل
تشير مصادر أخرى إلى أن اللقاءات بين سوريا وإسرائيل تتواصل من خلال قناة خلفية تهدف إلى بناء الثقة بين البلدين رغم غياب العلاقات الدبلوماسية الرسمية بينهما. ويتوقع المراقبون أن تسهم هذه المحادثات في إيجاد ممرات للتعاون بين الدولتين، والتي قد تكون حلاً للوضع الأمني المتوتر في المنطقة.
وأكدت المصادر أن هذه الجهود تأتي في إطار محاولة سوريا الابتعاد عن تأثيرات إيران، حيث أشار أحد المسؤولين السوريين إلى أن طرد إيران وعدم السماح لها بالعودة إلى سوريا يمثل موقفًا واضحًا من الحكومة السورية الجديدة.
يرى متابعون أن هذه المفاوضات تهدف إلى تحقيق الاستقرار في سوريا والمنطقة، حيث تُحاول القوى الإقليمية والدولية أن تساهم في الحد من التصعيد وتحقيق حلول مستدامة تضمن الأمن لجميع الأطراف المعنية. تعتبر هذه المفاوضات بداية جديدة للعلاقات بين سوريا وإسرائيل، حيث يسعى الطرفان إلى بناء الثقة والتعاون في قضايا استراتيجية أمنية واقتصادية.