
"الشَّبكة السورية" تدعو لتوسيع المشاركة في لجنتي تعديل قانون أصول المحاكمات المدنية وقانون البينات
إقصاءٌ غير مبرَّر يهدِّد بإضعاف إصلاح المنظومة القانونية وتقويض الثقة المجتمعية
أصدرت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان"، بياناً حقوقياً سلّطت فيه الضوء على القرارين الصادرين عن وزارة العدل في الحكومة السورية الانتقالية بتاريخ 23 نيسان/أبريل 2025، واللذين نصّا على تشكيل لجنتين لتعديل قانون أصول المحاكمات المدنية وقانون البينات، مبيّنةً أنَّ هذين القانونين يشكلان حجر الأساس في تنظيم إجراءات التقاضي والإثبات في النظام القضائي المدني السوري.
وأوضح البيان أنَّ الشَّبكة تابعت بعناية تشكيل اللجنتين، ولاحظت غياب أي تمثيل لمكوّنات رئيسة في البنية القانونية السورية، وعلى رأسها نقابة المحامين، وأساتذة كليات الحقوق، ومنظمات المجتمع المدني الحقوقية، وهي جهات ترتبط ارتباطاً عضوياً بتطبيق هذه القوانين وتطويرها وتعليمها، مشيرة إلى أنَّ هذا الإقصاء يثير شكوكاً جدية بشأن منهجية الإصلاح القانوني المتبعة، ويهدّد بفقدان الثقة المجتمعية تجاهها.
وأكد البيان أنَّ قانون أصول المحاكمات المدنية ينظّم الإجراءات التي تضمن حقَّ التقاضي، من تقديم الدعوى إلى تنفيذ الأحكام، بينما يُعنى قانون البينات بتنظيم وسائل الإثبات، ويؤثر بشكل مباشر في قدرة الأفراد على حماية حقوقهم أمام القضاء.
وأوضح أنَّ القانونين يعانيان من تقادم في الصياغة، وأنَّ التعديلات التي طالت بعض موادهما في عهد النظام السابق جرت دون شفافية، أو إشراك حقيقي للجهات المعنية، ما جعلها قاصرة عن معالجة الثغرات البنيوية أو مواكبة التحولات القانونية والتكنولوجية.
وأشار البيان إلى أنَّ المرحلة الانتقالية تمثل فرصة فريدة لإصلاح المنظومة القانونية بطريقة جذرية تقوم على أسس المشاركة والتعددية والرقابة المؤسسية، وأنَّ أي عملية تعديل للقوانين الأساسية المتعلقة بحقوق الأفراد وضمانات المحاكمة العادلة يجب أن تتم ضمن نهج تشاركي واسع، وليس عبر قرارات إدارية منغلقة لا تراعي التمثيل المهني أو المجتمعي.
ونوّه البيان إلى أنَّ الشَّبكة ترى في تغييب نقابة المحامين وأساتذة القانون ومنظمات المجتمع المدني انتهاكاً للمعايير الدولية ذات الصلة، مثل مبادئ الأمم المتحدة بشأن دور المحامين (هافانا 1990)، وتوصيات المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين، والمبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي اتفاقيات صادقت عليها الدولة السورية منذ عقود.
كما شدّد البيان على أنَّ إشراك هذه الجهات ليس مجرد مطلب رمزي أو دعائي، بل يمثل ضمانة أساسية لفعالية القوانين وكفاءتها، ولقدرتها على الاستجابة لحاجات الواقع وتطلعات العدالة، موضحاً أنَّ نقابة المحامين، بوصفها الجسم المهني الأعلى للمحامين، تمتلك معرفة مباشرة وعميقة بتفاصيل تطبيق القانون، وأنَّ الأساتذة الجامعيين يقدّمون المقاربات العلمية النقدية، فيما تمثّل منظمات المجتمع المدني صلة الوصل بين التشريع والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
وفي ختام البيان، دعت الشَّبكة وزارة العدل في الحكومة الانتقالية إلى مراجعة آلية تشكيل اللجنتين القانونيتين، وتوسيعها لتشمل ممثلين عن الجهات المهنية والأكاديمية والمدنية ذات الصلة، وإلى التزام أعلى درجات الشفافية في عملها، بما يضمن توافق التعديلات مع المعايير الحقوقية والدستورية، ويكرّس مبدأ الشراكة الذي يجب أن يكون حجر الزاوية في أي إصلاح قانوني خلال المرحلة الانتقالية في سوريا.