
الهبيط تعود إلى أهلها: بين مشهد الطاغية وقوافل الكرامة
تداول ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي صورة توثق قوافل العودة التي اتجهت إلى قرية الهبيط في ريف إدلب الجنوبي، في مشهد مؤثر يمثل نهاية رحلة نزوح طويلة ومعاناة عاشها أهل القرية لسنوات طويلة بسبب الحرب والقصف.
لكن المفارقة اللافتة لم تكن في مشهد العودة نفسه، فقد أصبح مألوفاً بعد سقوط المجرم بشار الأسد، إذ عاد آلاف السوريين إلى مدنهم وقراهم الأم داخل الوطن، بل حتى المهجرون في الخارج شرعوا في ترتيب عودتهم إلى الأرض التي ينتمون إليها، ومن بقي يرتب للعودة في أقرب فرصة.
زيارة الطاغية… ومشهد الشماتة
المفارقة الأشد وقعاً أن قرية الهبيط نفسها كانت محطة لزيارة الديكتاتور "بشار" ذات يوم، حيث وقف مزهواً بنفسه وسط جنوده، ينفث شماتة وازدراء بوجع المهجرين، جاء ليتفقد "إنجازات" جيشه المغوار في القتل والتدمير والتعفيش، متباهياً بقدرته على الوصول إلى أي منطقة يريدها، حسبما كان يتوهم، ويروج لذلك عبر إعلامه المضلل.
في تلك الزيارة، نظر الأسد إلى المنازل الخالية، التي هرب منها أهلها فراراً من القصف والملاحقة، وربما شعر بلحظة "انتصار" مريضة، ظناً منه أنه قضى على إرادة الناس، وأنه انتقم منهم لأنهم طالبوا بإسقاطه وبإنهاء حقبته الظالمة.
لكن إرادة الحرية انتصرت
رغم المشهد القاتم الذي أراده الأسد ومن خلفه، لم تنكسر إرادة الشعب السوري الحرّ. فالمعركة لم تكن فقط بالسلاح، بل بالكلمة والموقف والصمود، وكل من بقي حياً استمر على الطريق نفسه. منهم من استشهد، ومنهم من ناضل، ومنهم من انتظر، لكن الجميع ساهموا في أن تبقى جذوة الثورة مشتعلة حتى سقط الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر عام 2024، ومعه سقطت كل أوهامه بالسيطرة الكاملة على البلاد والعباد.
قوافل العودة… والحق يُستعاد
اليوم، يعود أهل الهبيط مرفوعي الرأس إلى قريتهم التي حاول الأسد سلبها، ويقفون في ذات المكان الذي وقف فيه متغطرساً، لكنهم عادوا هم منتصرين، يتشاركون فرحة العودة مع بعضهم البعض.
وقد جمع ناشطون صورتين في مشهد واحد: صورة الأسد المخلوع أثناء زيارته، وصورة قوافل العودة وهي تدخل الهبيط، في إشارة رمزية بليغة إلى أن الظلم لا يدوم، وأن الحق لا يُنسى، بل يُستعاد وإن طال الزمن.