امتحانات الشهادة الثانوية على الأبواب في سوريا:  كيف يؤثر ضغط الأهالي على أولادهم الطلاب؟
امتحانات الشهادة الثانوية على الأبواب في سوريا:  كيف يؤثر ضغط الأهالي على أولادهم الطلاب؟
● أخبار سورية ١١ يوليو ٢٠٢٥

امتحانات الشهادة الثانوية على الأبواب في سوريا:  كيف يؤثر ضغط الأهالي على أولادهم الطلاب؟

اقترب موعد امتحانات الشهادة الثانوية العامة لعام 2025، ويستعدّ الطلاب في سوريا حالياً لخوض هذه المرحلة المصيرية بعد شهورٍ من الدراسة والمثابرة، واللجوء إلى المعلمين والمراكز التعليمية لطلب الدعم والمتابعة. وتُعدّ هذه المرحلة شديدة الأهمية، إذ إن مستقبل الطالب واختياره للفرع الجامعي يتوقفان بشكل مباشر على مجموع درجاته النهائية.

يدفع هذا الواقعُ بعض الأهالي، وخاصة من يطمحون بتخصصات علمية مرموقة لأبنائهم، إلى ممارسة ضغط متزايد عليهم، واتباع أساليب قاسية خلال العام الدراسي وفترة الامتحانات، ظنًا منهم أن ذلك سيدفع الطلاب إلى الدراسة بجدية أكبر وتحقيق النتائج المرجوّة. 

إلا أن هذه الأساليب تنعكس سلباً على نفسية الطالب، فتُرهقه نفسياً وعاطفياً، وتُغذّي داخله شعوراً بالخوف والرهبة من الامتحان بدلاً من مواجهته بثقة وهدوء. وتمثّلت هذه الأساليب، بحسب ما رواه لنا عدد من الطلاب الذين التقينا بهم، في معاقبتهم بقسوة عند حصولهم على درجات أقل من المتوقع، حتى وإن كانت جيدة، وذلك خلال الخضوع للمذاكرات والاختبارات خلال السنة الدراسية التي سبقت الامتحان الأخير.

وشملت العقوبات المتبعة حرمان الطلاب من استخدام الهاتف الذكي، والمصروف، والخروج من المنزل، إلى جانب منعهم من لقاء أصدقائهم وأقاربهم، مع تعنيفهم لفظياً، ومقارنتهم باستمرار بأقرانهم من زملائهم في المدرسة وأقاربهم في المجتمع المحيط.

ذكر العديد من الطلاب أن أهاليهم مارسوا عليهم ضغطاً مستمراً طوال السنة الدراسية، وأجبرّوهم على الدراسة لساعات طويلة دون السماح لهم بالخروج من غرفهم، مع تهديدات متكررة بالعقوبات في حال لم يحققوا المجموع المطلوب. متناسين بذلك أنهم يحمّلون أبنائهم فوق طاقتهم، ما أثّر سلباً على نفسيتهم وزاد من توترهم، وجعلهم يشعرون بالذعر تجاه الامتحان.

في المقابل، كان هذا العام مختلفاً بالنسبة لطلاب سوريا، خاصة بعد سقوط النظام البائد وظهور بعض التغييرات. ورغم ذلك، انتشرت شائعات أرهبت الطلاب بشأن المناهج وأسئلة الامتحانات ونظام التصحيح، مما زاد من مخاوفهم وقلقهم. لذلك، أصبح من الضروري في هذه المرحلة أن يقدم الأهالي الدعم والتفهم بدلاً من الترهيب والترويع.

وكانت وزارة التربية والتعليم في الجمهورية العربية السورية حريصة على نشر نصائح توعوية للأهالي حول كيفية دعم أبنائهم نفسياً ومعنوياً خلال فترة الامتحانات، كما قدمت إرشادات للطلاب حول أساليب الدراسة وتنظيم الوقت، محذرة إياهم من الانجرار وراء الشائعات التي قد تؤثر سلباً على تركيزهم واستعدادهم.

وبحسب أخصائيين نفسيين فإن، فإن الضغط النفسي على الطلاب ينعكس بشكل مباشر على صحتهم النفسية، ويؤدي إلى آثار سلبية مثل ارتفاع مستويات القلق والتوتر، وضعف ثقة الطالب بنفسه. كما أن الضغط النفسي يسبب الإرهاق الذهني والجسدي، ويؤثر سلباً على تحصيله الدراسي.

وفي الوقت ذاته، عندما تزداد قسوة الأهل في التعامل، فإن ذلك يخلق فجوة في العلاقة بين الطالب وعائلته، ويؤدي هذا الضغط أيضاً إلى تكوين صورة سلبية في ذهن الطالب عن الدراسة والتعليم، فيربط بين العلم وبين الخوف والعقاب. كما ينشغل الطالب بالسعي لإرضاء الأهل على حساب تطوير نفسه وتحقيق أهدافه الشخصية.

وينصح الأخصائيون الأهالي في هذه الفترة بأهمية التفاهم والاحتواء، وذلك بأن يدركوا حجم الضغط الذي يمرُّ به الطالب، وأن يسعوا إلى منحه شعوراً بالأمان لا الخوف. من الضروري تفهّم القلق والتعب النفسي الذي يعيشه الطالب، مع تقديم دعم نفسي حقيقي بدلاً من استخدام أسلوب التهديد أو التخويف المستمر.

وفي الوقت ذاته، يجب على الأهل أن يقدّروا الجهد الذي يبذله أبناؤهم، وليس فقط التركيز على النتائج التي يحققونها. كما يُنصح بالابتعاد تماماً عن المقارنات بين الطالب وزملائه أو أقاربه، لأن ذلك يُضعف دافعيته، ويولّد داخله مشاعر الغيرة أو الكره.

يُعتبر الامتحان النهائي للشهادة الثانوية العامة من أبرز المحطات المصيرية في حياة الطالب، إذ يتطلب جهداً وتركيزاً كبيرين. ولضمان نجاحه واجتيازه هذه المرحلة بنجاح، يحتاج الطالب إلى دعم شامل من أهله نفسياً ومادياً ومعنوياً، بعيداً عن أساليب العقاب والترهيب، ليتمكن من تحقيق النتائج المرجوة بثقة وطمأنينة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ