
بيروت تمضي نحو إعادة اللاجئين: خطة لبنانية جديدة وتنسيق مرتقب مع دمشق والأمم المتحدة
شدّد نائب رئيس الحكومة اللبنانية، طارق متري، على أهمية التنسيق المباشر مع الحكومة السورية والأمم المتحدة، لضمان نجاح خطة عودة اللاجئين السوريين من لبنان، كاشفاً عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بيروت قبل نهاية الشهر الجاري.
وقال متري في تصريحات لصحيفة "المدن"، إنه بصدد عرض خطة وطنية لعودة النازحين على مجلس الوزراء اللبناني خلال جلسته يوم غد الاثنين، وتشمل هذه الخطة وثيقة مختصرة تحدد المبادئ المنظمة وآليات التنفيذ لتيسير عودة أكبر عدد ممكن من اللاجئين.
وأوضح أن التعاون مع الحكومة السورية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية يشكّل الركيزة الأساسية لهذه الخطة، مؤكداً أن كلتا المنظمتين وضعتا خطة تنفيذية جرى تبنيها من قبل اللجنة الوزارية اللبنانية المكلّفة بملف العودة.
وبيّن متري أن تنفيذ الخطة سيبدأ من الفئات التي أبدت استعدادها للعودة الطوعية، وقدّر عددهم بمئات الآلاف، مرجحاً بدء عملية العودة في مرحلتها الأولى بين شهري تموز وأيلول، بمعدل يتراوح ما بين 200 إلى 300 ألف نازح.
مراحل العودة ودور الأمن العام
أوضح متري أن الخطة الجديدة تتضمن مرحلتين: الأولى تشمل العودة المنظمة عبر تسجيل الأسماء وتخصيص حافلات لنقلهم إلى الداخل السوري، مع تقديم دعم مالي يبلغ 100 دولار لكل شخص، فيما تسمح المرحلة الثانية بعودة غير منظمة شرط تأمين وسيلة نقل خاصة والتسجيل المسبق.
ولفت إلى أن الأمن العام اللبناني سيتولى إعفاء المغادرين من الغرامات الناتجة عن انتهاء الإقامة، شريطة عدم العودة إلى الأراضي اللبنانية بعد المغادرة، مشيراً إلى وعود تلقّتها الحكومة من جهات مانحة ودول صديقة لتقديم مساعدات مادية للعائدين.
ونفى متري وجود أي نية لتنفيذ ترحيل قسري جماعي، مؤكداً أن العودة ستكون طوعية بالكامل ومرتكزة إلى رغبة النازحين أنفسهم.
زيارة مرتقبة وخطة لعلاقات جديدة
وفي سياق متصل، أشار متري إلى أن زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني المرتقبة إلى بيروت قد تشكل محطة مفصلية في العلاقات بين البلدين، حيث ستشمل ملفات ترسيم الحدود، والمعتقلين والمفقودين اللبنانيين، وإعادة النظر في العلاقات الثنائية على قاعدة الندية والاحترام المتبادل.
تراجع التمويل الدولي يضغط على المفوضية
من جهة أخرى، أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان عن أزمة تمويل حادة تهدد استمرار خدماتها الأساسية، إذ من المرتقب وقف تغطية تكاليف الاستشفاء مع نهاية عام 2025، مما يهدد الآلاف من العائلات بحرمانها من الرعاية الصحية الأساسية.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية، ليزا أبو خالد، في تصريحات لـ"الشرق الأوسط"، إن برامج التعليم غير الرسمي للأطفال السوريين، كدروس محو الأمية وتعليم الحساب، ستتوقف بالكامل بحلول يوليو المقبل، ما سيؤثر على نحو 15 ألف طفل نازح.
كما أشارت إلى انخفاض حاد في عدد المستفيدين من المساعدات النقدية المشتركة مع برنامج الأغذية العالمي، إذ توقفت المساعدات عن نحو 350 ألف لاجئ منذ مطلع العام، ولا يتوفر تمويل إضافي لتغطية احتياجات نحو 200 ألف لاجئ إضافي بعد سبتمبر المقبل.
خطة مفوضية اللاجئين: 400 ألف عائد محتمل
أوضحت أبو خالد أن المفوضية وشركاءها الإنسانيين في لبنان أعدوا خطة عمل لتسهيل العودة الطوعية لنحو 400 ألف لاجئ سوري، بينهم 5 آلاف فلسطيني سوري، خلال عام 2025، تشمل تأمين وسائل نقل ومساعدة العائدين في استكمال الوثائق الرسمية داخل سوريا.
ويأتي هذا الحراك في ظل تنامي الضغوط السياسية والاقتصادية في لبنان بشأن أزمة النزوح، وتراجع التمويل الدولي، وتزايد المطالبات بترجمة المواقف إلى خطوات عملية لإعادة اللاجئين بشكل آمن وطوعي، بالتنسيق مع دمشق والمجتمع الدولي.