
ترامب يعلن تدمير منشآت نووية إيرانية: تصعيد مفاجئ وسط دعوة لـ"السلام بشروط أميركية"
في خطوة مفاجئة تحمل أبعادًا استراتيجية خطيرة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فجر الأحد تنفيذ ضربات جوية دقيقة استهدفت ثلاث منشآت نووية رئيسية داخل إيران، شملت مواقع فوردو ونطنز وأصفهان، في ما وصفه بـ"العملية العسكرية الناجحة" التي نفذتها قاذفات "بي-2" الأميركية بعد انطلاقها من قواعد في الولايات المتحدة عبر المحيط الهادئ.
وأكد ترامب في بيان رسمي أن قنابل خارقة للتحصينات دمرت منشأة فوردو بشكل كامل، معلنًا صراحة أن "فوردو انتهت"، ومشيرًا إلى أن جميع الطائرات الأميركية المنفذة للضربة غادرت الأجواء الإيرانية دون أن تُصاب، ما اعتبره دليلاً على "تفوق الجيش الأميركي الذي لا مثيل له في العالم"، على حد تعبيره.
ودعا الرئيس الأميركي إيران إلى وقف ما وصفها بـ"الحرب"، معتبراً أن اللحظة التي تمر بها المنطقة "تاريخية" بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل والعالم بأسره، محذرًا من أن بلاده مستعدة لتوجيه ضربات جديدة في حال استمر التصعيد من الجانب الإيراني، وأضاف: "إما السلام الآن، أو مواجهة مأساة كبيرة".
أهداف استراتيجية ورسائل مزدوجة
وفي خطاب ألقاه من البيت الأبيض لاحقًا، أوضح ترامب أن الهجوم استهدف تدمير قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم، مؤكدًا أن المنشآت الثلاث خرجت كليًا عن الخدمة، وأن الضربات حققت نجاحًا عسكريًا باهرًا، وأضاف: "ما زال لدينا الكثير من الأهداف... والكرة الآن في ملعب إيران".
وأوضح أن وزارة الدفاع الأميركية ستعقد مؤتمرًا صحفيًا لتقديم تفاصيل العملية، ملمحًا إلى أن الرسالة الأهم من الهجوم هي فرض شروط أميركية جديدة لأي حوار مستقبلي مع طهران.
تفاصيل الضربة وتقارير استخباراتية
ووفقًا لتقارير إعلامية أميركية، استخدمت الولايات المتحدة في هجومها قنابل ضخمة خارقة للتحصينات، بلغ وزن بعضها 30 ألف رطل، حيث ألقتها قاذفات "بي-2" على مدخل منشأة فوردو. كما شاركت صواريخ توماهوك في استهداف المواقع الأخرى.
مصادر استخباراتية نقلت عن "نيويورك تايمز" أن إسرائيل كانت قد دمرت جزءًا كبيرًا من منشأتي نطنز وأصفهان بنسبة 75% في ضربات سابقة، وأن العملية الأميركية جاءت استكمالًا لما بدأته تل أبيب، بعد أن قُدّر أن الهجوم الإسرائيلي أعاق البرنامج النووي الإيراني لمدة لا تزيد عن ستة أشهر.
وأشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى أن نحو 30 طناً من المتفجرات أُلقيت على فوردو وحدها، في حين قدرت أوساط أمنية في تل أبيب أن الضرر الذي لحق بالبنية النووية الإيرانية كبير وربما يصعب ترميمه في المدى القريب.
تنسيق مسبق وتحفظات داخلية
وفي السياق ذاته، أفادت شبكة "أكسيوس" بأن واشنطن أبلغت إسرائيل مسبقًا بنيّتها تنفيذ الضربة، بينما نقلت "NBC" أن رئيسي مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين تم إبلاغهما بالعملية قبل تنفيذها، في حين لم يتم إطلاع كبار الديمقراطيين في لجان الاستخبارات، ما أثار تحفظات سياسية داخلية بشأن آلية اتخاذ القرار.
ونقلت "سي إن إن" عن مصادر مقربة من البيت الأبيض أن الرئيس ترامب يأمل أن تمهّد هذه الضربات لعودة إيران إلى طاولة المفاوضات، بينما أكدت "سي بي إس" أن واشنطن تواصلت دبلوماسيًا مع طهران لإبلاغها بأن الضربة مكتملة الأهداف ولا تتضمن نوايا لتغيير النظام.
ردود إيرانية وتحذيرات
من الجانب الإيراني، أعلن مستشار رئيس البرلمان أن المنشآت النووية الثلاث تم إخلاؤها منذ فترة طويلة، في محاولة للتقليل من أهمية الضربة، بينما ذكرت محافظة أصفهان أن الهجوم طال منشأتي نطنز وأصفهان، تزامنًا مع تصدي الدفاعات الجوية لأهداف معادية.
بدورها، أكدت وكالة "إيرنا" الرسمية أن المواقع المستهدفة لا تحتوي على مواد نووية حساسة، فيما توعّد معلق رسمي في التلفزيون الإيراني بأن كل الأميركيين – عسكريين ومدنيين – أصبحوا الآن "أهدافًا مشروعة" في المنطقة.
رسائل متعددة ومخاطر متصاعدة
تأتي هذه الضربات في ظل تصعيد غير مسبوق بين واشنطن وطهران، قد يعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط، ويضع المنطقة على حافة مواجهة شاملة ما لم تُترجم الرسائل العسكرية إلى مسارات تفاوضية واقعية. وبينما يسوّق ترامب العملية بوصفها إنجازًا دفاعيًا، يرى مراقبون أنها قد تفتح باباً لتصعيد غير قابل للضبط، خاصة إذا قررت إيران الرد بشكل مباشر أو عبر حلفائها الإقليميين.
الضربة الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد المنشآت النووية الإيرانية قد تمثل لحظة مفصلية في مسار الصراع الأميركي الإيراني. وبين دعوة ترامب للسلام وتهديده بالمزيد، تقف المنطقة أمام معادلة جديدة عنوانها: "إما طاولة التفاوض، أو حرب باردة قابلة للاشتعال في أي لحظة".