
تريليون دولار لبناء سوريا .. وزير الاقتصاد يكشف ملامح المرحلة الاقتصادية المقبلة
كشف وزير الاقتصاد والصناعة السوري، الدكتور نضال الشعار، خلال مشاركته في قمة الإعلام العربي 2025، عن ملامح الرؤية الاقتصادية للحكومة السورية الجديدة، مؤكداً أن البلاد تقف اليوم على أعتاب تحوّل جذري، لا يقتصر على إعادة الإعمار بالمعنى التقليدي، بل يهدف إلى تأسيس سوريا جديدة كلياً، تشريعيًا واقتصاديًا، تتجاوز إرث الحرب والعقوبات وتستعيد دورها الفاعل في الإقليم والعالم.
التحوّل من الترميم إلى التأسيس
أكد الوزير أن الحديث عن "إعادة إعمار سوريا القديمة" لم يعد صالحًا، قائلاً إن الحكومة تنظر إلى المستقبل ببوصلة جديدة، معتبرًا أن قيمة الفرص الاستثمارية في "سوريا الجديدة" تتجاوز بكثير الأرقام المتداولة، بل قد تصل إلى تريليونات الدولارات، شريطة الابتعاد عن منطق الترقيع والعودة إلى الأدوات السابقة. وأضاف: "نحن بصدد ولادة سوريا مختلفة تمامًا، تشكل فرصة لإعادة تكوين النسيج الاقتصادي والاجتماعي على أسس عصرية ومنفتحة".
رفع العقوبات... وإطلاق الاستثمارات
أشار الوزير الشعار إلى أن رفع العقوبات المفروضة على سوريا شكّل نقطة تحول مفصلية، ساهمت في تسهيل تدفقات الاستثمارات وتحسين البيئة القانونية، لافتاً إلى توقيع عدة اتفاقات ومذكرات تفاهم مؤخراً، تعكس استعداد الدولة لاحتضان رؤوس الأموال. كما تحدث عن تعديل قوانين الاستثمار وتحويلها إلى أدوات محفزة، والانتقال نحو نظام قانوني أكثر مرونة وكفاءة.
دور القطاع الخاص والبيئة التشريعية
أوضح الشعار أن الحكومة تعمل على تمكين القطاع الخاص السوري والمغترب، وتشجيعه عبر سلسلة تسهيلات في البنية التحتية، والتمويل، والإجراءات الإدارية، إضافة إلى إعداد خريطة استثمارية وطنية شفافة. وكشف عن نية الحكومة إصدار قانون استثمار جديد يحمي الملكية الخاصة ويضمن للمستثمرين بيئة آمنة، كما شدد على أهمية التحول نحو الإدارة التشاركية للموارد، دون بيع ممتلكات الدولة أو الخصخصة العشوائية.
السياحة والفرص الجديدة
لفت وزير الاقتصاد إلى أن قطاع السياحة يحظى بأولوية في خطة الحكومة، مشيراً إلى دمار واسع طال المعالم السياحية خلال الحرب، مما يستدعي مطورين متخصصين وخبرات خارجية. وأكد استعداد سوريا لاحتضان شراكات سياحية عالمية، مستشهداً بالنموذج السياحي في دبي كمثال ملهم.
إدارة المال العام وإعادة هيكلة المالية
تحدث الشعار عن إمكانية إصدار عملة جديدة أو اعتماد العملات الرقمية في المستقبل، في إطار إعادة هيكلة النظام المالي والمصرفي السوري. كما أوضح أن الأموال السورية المجمدة في الخارج لا تشكل رقماً ضخماً، لكنها ما زالت موضع اهتمام حكومي وجزء من استراتيجيات استعادة الأصول.
الصناعة والعودة إلى الإنتاج
أشار الوزير إلى عودة أكثر من 300 مصنع حكومي و400 منشأة خاصة في حلب إلى العمل، مؤكداً أن ذلك يعكس التحسن التدريجي في النشاط الصناعي. كما أعلن أن الدولة لن تتدخل مباشرة في الإنتاج، بل ستمكن القطاع الخاص من إدارة هذه المؤسسات، مع الحفاظ على مصلحة السوريين في ملكيتها.
الشراكة والقرار التشاركي
ثمّن الشعار التوجيهات الجديدة للرئيس أحمد الشرع، واصفاً إياها بالداعمة للحريات الاقتصادية والتشاركية في اتخاذ القرار. وأكد أن الوزارات باتت تعمل بشفافية ومشاركة، مما انعكس على انخفاض مستوى النقد العام. كما أشاد بالدور المتنامي للشباب السوري العائد، واعتبرهم وقود المرحلة القادمة.
محاربة الفقر تبدأ بالإنتاج
علّق الوزير على تصريح الرئيس الشرع بأن "الحرب على الطغاة انتهت وبدأت الحرب على الفقر"، مشيرًا إلى أن ذلك يترجم فعليًا من خلال تنشيط الإنتاج المحلي. وقال إن توفر السلع الأساسية وانخفاض الأسعار نسبيًا يعكسان بداية تحسن اقتصادي ملموس.
الختام: سوريا الجديدة تنطلق من الداخل
ختم وزير الاقتصاد حديثه بالتأكيد على أن مستقبل سوريا لا يُرسم فقط بالقرارات السياسية، بل بخطط اقتصادية مدروسة تُطلق طاقات السوريين وتعيد الثقة للمستثمرين. وأشار إلى أن سوريا لا تعود إلى الوراء، بل تُعاد بناؤها من الصفر، بإرادة وطنية وشراكات إقليمية ودولية، هدفها بناء دولة عادلة وحديثة تستحقها الأجيال القادمة.