
تصاعد حرائق الصيف في سوريا: فرق الإطفاء تتعامل مع عشرات الحرائق وسط تحديات ميدانية خطيرة
في ظل تصاعد درجات الحرارة وتزايد المؤشرات على بداية موسم حرائق مبكر، أعلنت فرق الدفاع المدني السوري وأفواج الإطفاء عن استجابتهم، يوم أمس السبت 17 أيار، لما مجموعه 32 حريقاً اندلعت في مناطق متفرقة من البلاد، في حصيلة يومية لافتة تعكس حجم التحديات التي تواجهها فرق الإطفاء.
وتوزعت هذه الحرائق على عدة محافظات، إذ اندلع حريق في منزل بحي القزاز في دمشق، وآخر في شقة سكنية بمنطقة الحسينية في ريف دمشق، إضافة إلى ثمانية حرائق أعشاب نشبت في دمشق وريفها.
كما تم تسجيل حريق قمامة في البحدلية، بينما شهدت مدينة حلب اندلاع أربعة حرائق في منازل بأحياء الزبدية والمعادي والفردوس والجزماتي، وحريق آخر في معمل بالمنطقة الصناعية بالشقيف، في حين سجلت مدينة الباب شرقي حلب حريقين في منزلين، واندلع حريق أعشاب وأشجار في قرية أم سطح قرب منبج.
أما في ريف إدلب، فقد انفجر حريق في حافلة ركاب قرب سراقب نتيجة انفجار مجهول المصدر، من دون تسجيل إصابات. كما شهدت محافظة طرطوس حريقين حراجيين في قلعة المرقب ومحيطها، وقرية أبو عفصة، وثلاثة حرائق في القصب والأعشاب. وفي اللاذقية، نشبت ثلاثة حرائق بسبب تماس كهربائي في أحياء الصليبة والرمل الفلسطيني والغراف، إضافة إلى خمسة حرائق أعشاب وقصب.
تأتي هذه الاستجابات بعد أيام من إعلان الدفاع المدني السوري عن إخماد واحد من أخطر حرائق الغابات خلال العام، اندلع في منطقة ربيعة بريف اللاذقية واستمر سبعة أيام متواصلة، منذ الأربعاء 7 أيار حتى الثلاثاء 13 أيار. بدأ الحريق في أحد الأحراش الجبلية الوعرة، وسرعان ما توسع بفعل الرياح، وصعوبة التضاريس، وغياب خطوط النار، الأمر الذي دفع وزارة الطوارئ لتشكيل غرفة عمليات مشتركة بالتعاون مع الدفاع المدني ومراكز حماية الغابات وأفواج الإطفاء.
تم تقسيم المنطقة المتضررة إلى قطاعات عمل ميدانية، واستخدمت الجرافات والمعدات الهندسية والمروحيات السورية للمرة الأولى في هذه الاستجابة. رغم السيطرة الجزئية بعد اليوم الثالث، إلا أن النيران كانت تتجدد بفعل الرياح، ما اضطر الفرق لإعادة توزيع عناصرها وتعزيزهم بعناصر إضافية.
أسفر الحريق عن احتراق أكثر من 150 هكتاراً من الغابات، تضمنت أشجاراً معمرة من الصنوبر والسرو، وتسببت بخسائر كبيرة في التنوع الحيوي. كما أصيب ثلاثة من عناصر الإطفاء إثر انزلاقهم من منحدرات صخرية، فيما تعرض أحد القادة الميدانيين لحالة اختناق وضيق تنفس بسبب الدخان.
شارك في عمليات الإخماد أكثر من 130 إطفائياً من الدفاع المدني، و50 من أفواج الإطفاء، وبلغ عدد الآليات 20 سيارة إطفاء، و13 ملحق تزويد مياه، و12 جرافة قدمتها وزارة الطوارئ، إضافة إلى تسع صهاريج مياه، وعدد من المروحيات.
من أبرز التحديات التي واجهتها الفرق كانت وعورة التضاريس، انعدام الطرق الممهدة، قوة الرياح، خطر مخلفات الحرب، والضغط الكبير على الكوادر البشرية نتيجة العمل المتواصل لأيام.
وتأتي هذه الاستجابة وسط توقعات بموسم حرائق صيفي مقلق، في ظل الجفاف الذي تشهده البلاد، ما يستدعي تكثيف جهود الوقاية والتوعية المجتمعية. ويؤكد الدفاع المدني السوري على أهمية تعزيز الجهوزية وتوسيع برامج تدريب المدنيين في المناطق المعرضة للخطر، خاصة مع تسجيل أكثر من 3045 حريقاً في سوريا منذ بداية العام، بينها 985 حريقاً في منازل، و121 حريقاً في غابات.
تشكل هذه الأرقام ناقوس خطر يستوجب استجابة وطنية شاملة، تعزز من قدرات فرق الإطفاء، وتوفر لها الدعم اللوجستي والبشري لمواجهة كوارث قد تتكرر بوتيرة أعلى خلال الأسابيع المقبلة.