تطوير ميناء اللاذقية: خطوة نحو تحوّل اقتصادي في سوريا
تطوير ميناء اللاذقية: خطوة نحو تحوّل اقتصادي في سوريا
● أخبار سورية ٥ مايو ٢٠٢٥

تطوير ميناء اللاذقية: خطوة نحو تحوّل اقتصادي في سوريا

أعطى توقيع الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا اتفاقاً تطويرِ وتشغيلِ ميناء اللاذقية مع شركة "سي إم إيه سي جي إم" (CMA CGM) الفرنسية ضمن خطة للنهوض بواقع الموانئ السورية وتحسين كفاءتها التشغيلية، فرصة ذهبية لتطوير الميناء والذي سينعكس بشكل كبير على الاقتصاد السوري


وكنت أعلنت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا عن توقيع اتفاق مع شركة "سي إم إيه سي جي إم" (CMA CGM) الفرنسية، بشأن تطوير وتشغيل ميناء اللاذقية في خطوة تهدف إلى تعزيز واقع الموانئ السورية وتحسين كفاءتها التشغيلية. وبحسب الهيئة، يهدف هذا الاتفاق إلى تعزيز الاقتصاد السوري بشكل كبير من خلال تحسين قدرات ميناء اللاذقية على استيعاب حركة التجارة.

ويستمر الاتفاق لمدة 30 عامًا، وهي مدة شائعة لهذا النوع من الاستثمارات، بهدف ضمان الجدوى الاقتصادية وتحقيق الأهداف التطويرية للميناء. وأوضحت الهيئة أن الشركة الفرنسية ستبدأ بتنفيذ استثمارات أولية بقيمة 30 مليون يورو (33.9 مليون دولار) خلال السنة الأولى، تركز على تحسين البنية التحتية، صيانة المعدات والأرصفة، بالإضافة إلى إدخال أنظمة التشغيل الحديثة المعتمدة في موانئ عالمية أخرى. كما سيتم ضخ استثمارات إضافية تصل إلى 200 مليون يورو (226 مليون دولار) على مدى السنوات الثلاث التالية.

وذكرت الهيئة أن الاتفاق يمنح الشركة الفرنسية مسؤولية إدارة وتشغيل محطة الحاويات في الميناء، مع احتفاظ الدولة بحق الرقابة والتقييم، وضمان عدم المساس بسيادة البلاد في إطار النظام القانوني للعقود الاستثمارية البحرية.

آلية تصاعدية للمكاسب الاقتصادية
وحسب الهيئة، تم تحديد آلية تصاعدية لتوزيع الأرباح، حيث ستزيد حصة الدولة من العائدات كلما ارتفع حجم المناولة وعدد الحاويات. وتبدأ حصة الدولة من العائدات عند مستوى معين، ثم ترتفع تدريجيًا لتصل إلى 70%، بينما تحصل الشركة المشغلة على 30%. كما أن كافة النفقات التشغيلية ستكون من مسؤولية الشركة، ما يضمن استفادة كبيرة للاقتصاد الوطني.

وفي تصريح للجزيرة نت، أكد مدير العلاقات في الهيئة، مازن علوش، أن أهمية هذه الاتفاقية تكمن في أنها ستجلب استثمارات ضخمة خلال السنوات الأولى، ما سيساهم بشكل مباشر في تحسين البنية التحتية البحرية، وزيادة كفاءة عمليات المرفأ. وأضاف أن الاتفاق سيعزز من تنافسية سوريا في قطاع النقل البحري، ويُتوقع أن يسهم في خلق فرص عمل جديدة، وتحسين الإنتاجية، ودعم قطاعي التصدير والاستيراد.

استثمارات جديدة لتحديث المرافئ
وأشار علوش إلى أن العمل سيعتمد على الكوادر السورية، مع تنفيذ برامج تدريبية لتطوير المهارات باستخدام أحدث الأنظمة التشغيلية. ولفت إلى أن مرفأ اللاذقية شهد اهتمامًا كبيرًا من عدة شركات دولية، وقد تم اختيار عرض الشركة الفرنسية من بين جميع العروض المقدمة، نظرًا للكفاءة الفنية والمالية التي تقدمت بها، مما يضمن استمرار عمليات التشغيل دون اضطرابات.

وكشف علوش عن وجود مشاريع جديدة تهدف إلى تحديث البنية التحتية البحرية، بما في ذلك إمكانية تنفيذ استثمارات مماثلة في مرفأ طرطوس وبعض المنافذ البرية الأخرى.

أثر هذا الاستثمار على الاقتصاد السوري
وقال أسامة القاضي، رئيس مركز "قاضي للاستشارات" في كندا وسوريا، في تصريح للجزيرة نت، إن هذا الاستثمار يُعد خطوة كبيرة نحو التحول الاقتصادي في سوريا بعد عقود من غياب الاستثمارات. 


وأوضح أن المشروع، الذي تقوده شركة "سي إم إيه سي جي إم" الفرنسية، يعكس اهتمامًا دوليًا متزايدًا بسوريا كموقع لوجستي مهم في شرق البحر المتوسط. ومن المتوقع أن يُساهم توسعة الميناء في زيادة طاقته الاستيعابية بشكل ملحوظ، حيث يُتوقع أن ترتفع الطاقة من نصف مليون حاوية إلى ما بين 2.5 و3 ملايين حاوية سنويًا.

وأشار القاضي إلى أن الميناء كان يعاني من ضعف البنية التحتية في الماضي، خاصةً بعد غياب الاستثمارات لعقود طويلة، بالإضافة إلى الأضرار التي تعرض لها الميناء بسبب القصف والهجمات العسكرية، بما في ذلك الهجمات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة. وأضاف أن الميناء يحتاج إلى توسعة شاملة، بما في ذلك بناء أرصفة جديدة لاستقبال السفن الكبيرة.

البعد الرمزي للاستثمار: عائلة سورية وراء الشركة
وتوقف القاضي عند البعد الرمزي لهذا الاستثمار، حيث أوضح أن مالك الشركة الفرنسية، رودولف سعادة، هو حفيد رجل أعمال سوري من مدينة اللاذقية. وقال القاضي: "رودولف سعادة الجد غادر سوريا إلى لبنان ثم إلى فرنسا، وتزوج من فرنسية. بينما أسس ابنه، جاك سعادة، واحدة من أكبر شركات الشحن البحري في العالم". وأضاف القاضي أن الحفيد الآن يقود الشركة التي تعود للاستثمار في مسقط رأس الأسرة.

دعوة للشفافية والحوكمة
من جهة أخرى، دعا الباحث السياسي عبد الله الخير إلى نشر تفاصيل مثل هذه الاتفاقات في الإعلام الرسمي، مشيرًا إلى أن الشركة الفرنسية هي شركة خاصة ولا تمثل الحكومة الفرنسية. وأكد أنه يجب خلق جو من التنافسية مع الشركات الأجنبية عبر طرح هذه العقود في مزاد علني وشفاف، لضمان أن يحصل الشعب السوري على الفوائد الكاملة من هذه الاستثمارات.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ