
تظاهرة طلابية وأهليّة في القلمون رفضاً لزيارة سليم دعبول: "لا لعودة رموز الفساد الجامعي"
شهدت جامعة القلمون الخاصة في بلدة ديرعطية بريف دمشق، يوم الجمعة، تظاهرة طلابية حاشدة شارك فيها عدد من أهالي البلدة ومناطق القلمون، احتجاجاً على الزيارة المفاجئة التي أجراها سليم دعبول، رئيس مجلس إدارة شركة "النبراس" المالكة للجامعة، وسط مطالبات بمحاسبته ورفض محاولات إعادة "تلميع رموز الفساد الجامعي".
ورفع المتظاهرون لافتات تُندد بدعبول، مرددين هتافات تطالب بعدم إعادة من وصفوهم بـ"وجوه القمع والفساد الأكاديمي"، في إشارة إلى تاريخه الطويل في التضييق على النشاط الطلابي عندما كان المدير العام للجامعة في سنوات ما قبل الثورة السورية.
وجاءت هذه الاحتجاجات عقب زيارة دعبول إلى حرم الجامعة بعد سنوات من الغياب، تحدث خلالها عن مفاهيم "الحرية والانفتاح"، وهو ما أثار سخرية وغضب الطلاب، الذين اعتبروا خطابه محاولة مكشوفة لإعادة ترسيخ نفوذه السابق، رغم ما يلاحقه من اتهامات بالفساد والانتهاكات الإدارية.
وذكرت مصادر إعلامية أن هذه التحركات جاءت رداً مباشراً على ما وصفه بمحاولة "إعادة تأهيل شخصية ارتبطت بنظام القمع"، دون تقديم أي محاسبة حقيقية، وسط رفض شعبي واسع لهذه العودة.
من جهته، أصدر "تجمع أحرار ديرعطية" بياناً شديد اللهجة رفض فيه استقبال دعبول، واصفاً إياه بـ"رمز الاستبداد المتستر بالعمل التعليمي"، متّهماً إياه باستغلال سلطة والده محمد ديب دعبول، الذي كان يُعرف بأنه "صندوق النظام الأسود" طيلة عقود من العمل في مكتب رئاسة الجمهورية.
نفوذ مالي وأمني لعائلة دعبول
سليم دعبول، من مواليد ديرعطية عام 1959، يرأس مجلس إدارة شركة "النبراس" التي تملك جامعة القلمون، أول جامعة خاصة في سوريا، ويدير أكثر من 25 شركة في قطاعات التعليم والسياحة والخدمات. كما شغل منصب رئيس مجلس الأعمال السوري-التشيكي، ويُعتبر من أبرز المستثمرين في قطاع الجامعات الخاصة منذ نيله أول ترخيص رئاسي عام 2002.
ويتهم دعبول بعلاقات مالية وأمنية مع رموز النظام السوري السابق، وعلى رأسهم رامي مخلوف، وبتورطه في قمع الحريات داخل الجامعة مطلع الثورة السورية، حيث سُجلت تدخلات أمنية مباشرة لقمع النشاط السياسي الطلابي في الحرم الجامعي.
أما والده محمد ديب دعبول، المعروف بـ"أبو سليم"، فشغل منصب مدير المكتب الخاص في القصر الجمهوري منذ عهد حافظ الأسد واستمر فيه حتى بعد تولي بشار الأسد، ويُعتبر من أقرب الشخصيات لعائلة الأسد، تولى التنسيق بين الرئاسة ومراكز القوى الاقتصادية والأمنية، ونال وسام الاستحقاق عام 2021 "تقديراً لخدماته الإدارية".
مصالح اقتصادية مغلّفة بالعمل المجتمعي
وعلى الرغم من أن بلدة ديرعطية عُرفت بمبادرات أهلية مستقلة ساهمت في تحسين الخدمات المحلية بتمويل ذاتي من الأهالي والمغتربين، إلا أن عائلة دعبول حاولت احتكار هذا الفضاء، حيث قُدمت المبادرات تحت اسم شركات العائلة أو باسم الدولة، ما كرّس نفوذها وربط صورة البلدة بـ"رضى السلطة"، رغم أن الواقع عكس ذلك تماماً.
ويؤكد ناشطون محليون أن سكان البلدة اضطروا لتمويل بعض الخدمات الأساسية من مواردهم الخاصة، بسبب غياب دور الدولة، لكن تم تقديم هذه الجهود لاحقاً كإنجازات باسم مؤسسات مرتبطة بالنظام، في عملية وصفها الأهالي بـ"تزوير الصورة لصالح سلطة لا تمثلهم".
تعكس التظاهرات الأخيرة في جامعة القلمون رفضاً شعبياً متنامياً لإعادة رموز الحقبة السابقة دون محاسبة، وتكشف عن يقظة طلابية وشعبية في مواجهة محاولات إعادة إنتاج الفساد في مؤسسات يُفترض أن تكون منارات للعلم والتغيير. ويبدو أن القلمون، التي ظلت لعقود هامشية سياسياً، تدخل اليوم في قلب المعادلة الشعبية الساعية إلى العدالة والمحاسبة.