
تعاون سوري تركي لإعادة تأهيل السكك الحديدية وإنعاش الخط الحديدي الحجازي
كشفت كل من دمشق وأنقرة عن تعاون تقني مشترك لإعادة تأهيل شبكة السكك الحديدية السورية، وإحياء الخط الحديدي الحجازي، في إطار توجه لتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي من خلال تطوير النقل السككي.
وأكد وزير النقل التركي عبد القادر أورال أوغلو أن ربط شبكة السكك الحديدية السورية مع تركيا سيشكل ممراً استراتيجياً لنقل الركاب والبضائع، ويسهم بشكل مباشر في جهود إعادة إعمار سوريا بعد سنوات من الحرب.
تفاصيل المشروع والمرحلة الأولى
وأوضحت مصادر تركية أن المرحلة الأولى من المشروع، التي تتراوح تكلفتها بين 50 و60 مليون يورو، ستشمل إعادة تأهيل خط ميدان أكبس الحدودي وصولاً إلى حلب جنوباً، والذي دمرت الحرب حوالي 50 كيلومتراً منه، في حين بقيت بقية أجزاء الخط قائمة وصولاً إلى دمشق.
آمال بربط إقليمي جديد
ويرى خبراء في النقل أن هذه الخطوة من شأنها إعادة دمج سوريا في المنظومة الإقليمية، كما ستشكل نواة لربط سككي إقليمي أوسع، يمكن أن تنضم إليه دول عربية مجاورة بعد تحديث الشبكات القديمة.
وتعرضت الشبكة السورية، الممتدة على مسافة حوالي 2552 كيلومتراً، لأضرار تجاوزت 60% نتيجة الحرب الممتدة لـ14 عاماً، وفقاً لمدير عام الخطوط الحديدية السورية أسامة حداد.
وأكد حداد وجود خطط للربط السككي مع تركيا على مرحلتين، الأولى عبر محور (حلب – المسلمية – الراعي)، والثانية (المسلمية – ميدان أكبس الحدودي)، مضيفًا أن ما تبقى من الشبكة لا يتجاوز 1050 كيلومتراً صالحاً للتشغيل الجزئي.
تاريخ عريق للسكك الحديدية في سوريا
بدأ إنشاء الخطوط الحديدية السورية في أواخر القرن التاسع عشر، حيث شهدت سوريا افتتاح خطوط مبكرة، من أبرزها الخط الحديدي الحجازي عام 1908 الذي ربط دمشق بالمدينة المنورة، لكن الخط تعرض لأضرار واسعة نهاية الحرب العالمية الأولى ولم يُعاد تشغيله حتى اليوم.
محاولات سابقة ومتكررة لإحياء الخط الحجازي
أوضح الخبير الاقتصادي أحمد سلامة أن محاولات عديدة جرت لإحياء هذا الخط، من بينها مؤتمر الرياض عام 1955، وكذلك الجهود المشتركة بين سوريا والأردن والسعودية عام 1978، لكن دون نتائج ملموسة، كما أجرت تركيا عام 2011 دراسة لإحياء المشروع تعطلت بسبب اندلاع الحرب في سوريا.
خطوات عملية لإعادة التأهيل مع تركيا والأردن
بدأت مؤسسة الخط الحديدي الحجازي في سوريا جهودًا جديدة لإعادة تأهيل الخط، حيث أعلنت عمان مؤخراً إتمام كشف فني لجزء الخط داخل الأراضي الأردنية، استعدادًا لتسيير رحلات سياحية بين الأردن وسوريا.
وأكد مدير مؤسسة الخط الحديدي الأردني زاهي خليل أن هذه الخطوة تأتي في سياق تعزيز السياحة والروابط الثقافية والاقتصادية بين البلدين.
تفاعل تركي واسع مع المشروع
وبيّن مدير عام مؤسسة الخطوط الحديدية السورية أسامة حداد أن الجانب التركي أظهر حماساً كبيراً في تقديم الدعم الفني واللوجستي والخبرات التقنية للمساعدة في تسريع إعادة تأهيل الشبكة.
تأثير اقتصادي كبير متوقع للربط السككي
وشدد الباحث في الهندسة المدنية بجامعة دمشق محمد الوادي على ضرورة تحديث الشبكات بما يتوافق مع المعايير الدولية، ما يفتح آفاقاً اقتصادية واسعة عبر تسهيل حركة النقل من أوروبا إلى الموانئ السورية ومنها إلى الخليج، أو عبر تركيا باتجاه الأردن والدول العربية الأخرى.
مشاريع مستقبلية لربط دول الخليج وسوريا
ورأى الخبير في النقل حسام الخجا أن المشروع يشكل فرصة مهمة للربط السككي بين دول الخليج وسوريا والأردن وتركيا، لما يوفره النقل بالقطار من تخفيض في التكلفة بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بوسائل النقل الأخرى، وبنسبة 60% في استهلاك الطاقة، مما يحقق فوائد اقتصادية كبيرة لدول المنطقة.