تقرير حقوقي: "محمد الشعار" سجل أسود من الجرائم ضد الإنسانية ومسؤولية قانونية لا تسقط بالتقادم
تقرير حقوقي: "محمد الشعار" سجل أسود من الجرائم ضد الإنسانية ومسؤولية قانونية لا تسقط بالتقادم
● أخبار سورية ١١ يونيو ٢٠٢٥

تقرير حقوقي: "محمد الشعار" سجل أسود من الجرائم ضد الإنسانية ومسؤولية قانونية لا تسقط بالتقادم

أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريراً عن السجل الأسود لوزير الداخلية في عهد نظام المخلوع بشار الأسد، أشارت فيه إلى أنَّ محمد الشعار يمتلك سجلاً أسوداً من الجرائم ضد الإنسانية ومسؤولية قانونية لا تسقط بالتقادم، وأضاف التقرير أنَّ وزارة الداخلية في عهد الشعار مسؤولة عن قرابة ربع مليون انتهاك توجب المحاسبة الحتمية.

قال التقرير إنَّ اللواء محمد الشعار من رموز الصف الأول في نظام الأسد المخلوع ومسؤول عن جرائم ضد الإنسانية بحق السوريين، مضيفا أنَّ قاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان توثق أنَّ الشعار، بصفته وزيراً للداخلية، كان مشرفاً مباشراً على سياسات القمع الممنهج، والتي تضمنت القتل خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب، وقتل المعتقلين أثناء حالات الاستعصاء في السجون المدنية، إضافة إلى التواطؤ في الإعدامات غير القانونية. كما شاركت وزارة الداخلية، خلال قيادته لها، في العديد من عمليات التهجير القسري التي استهدفت مناطق حاصرتها قوات نظام الأسد لسنوات.

كما أدَّت وزارة الداخلية، تحت قيادته، دوراً أساسياً في تنفيذ قرارات المحاكم الاستثنائية مثل محكمة الميدان العسكرية ومحكمة قضايا الإرهاب، مما أسفر عن مصادرة ممتلكات المعارضين، وإصدار قرارات منع السفر، والتلاعب بسجلات المختفين قسرياً في دوائر السجل المدني. 


إلى جانب ذلك، تورطت الوزارة في قمع حالات التمرد داخل السجون المدنية باستخدام الرصاص الحي، وحرمان المعتقلين المحتجزين فيها من أبسط حقوقهم الأساسية، فضلاً عن عرقلة حصول آلاف المشردين قسراً على الوثائق الرسمية وابتزازهم مالياً.

وفقاً لقاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، بلغ إجمالي الانتهاكات الموثقة المرتبطة بالأجهزة التابعة لوزارة الداخلية 256,364 انتهاكاً، سُجِّلت تفاصيلها بدقة وفقاً لنوعها وطبيعتها، خلال فترة تولي اللواء محمد الشعار مسؤولية الوزارة. وهذه الإحصائيات لا تشمل عشرات الآلاف من ضحايا التهجير القسري، الذين لعبت الوزارة أدواراً مختلفة في تهجيرهم، ولا الآلاف الذين حُرموا من حقوقهم الأساسية في الحصول على وثائقهم الرسمية، فضلاً عن آلاف المعتقلين الذين واجهوا ظروفاً قاسية في السجون المدنية الخاضعة لإدارة وزارة الداخلية.

وسرد التقرير السيرة الأمنية والعسكرية والسياسية للواء محمد الشعار الذي تقلد العديد من المناصب البارزة بينها المسؤول الأمني في مدينة طرابلس اللبنانية، ورئيس فرع الأمن العسكري في طرطوس، ورئيس التحقيق ثم رئيس فرع الأمن العسكري في حماة، ورئيس فرع الأمن العسكري في حلب، ورئيس فرع المنطقة 227 التابع لشعبة المخابرات العسكرية عام 2006، ورئيس إدارة الشرطة العسكرية في سوريا.

وذكر التقرير أنَّ وزير الداخلية يتحمل مسؤولية قانونية مباشرة وغير مباشرة عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها الأجهزة التابعة للوزارة خلال فترة توليه منصبه، وذلك وفقاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. حيث تنشأ المسؤولية المباشرة عندما يكون وزير الداخلية قد أصدر أوامر صريحة، أو وافق على وقوع انتهاكات، أو علم بحدوثها ولم يتخذ أي إجراءات لوقفها أو محاسبة المسؤولين عنها. 


وبالنظر إلى حجم الانتهاكات المسجلة، والمسؤولية غير المباشرة وفقاً للقوانين الدولية، حيث يتحمل القادة المدنيون والعسكريون مسؤولية الجرائم التي يرتكبها مرؤوسوهم إذا لم يتخذوا التدابير اللازمة لمنع وقوعها أو لم يحاسبوا مرتكبيها.

استناداً إلى الأدلة والوقائع الموثقة في قاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، فإنَّ وزير الداخلية يتحمل مسؤولية قانونية مباشرة عن الانتهاكات التي ارتكبتها الأجهزة التابعة لوزارته. ويؤكد حجم هذه الانتهاكات واستمراريتها على مدى ثماني سنوات، دون اتخاذ أي إجراءات لوقفها، إنَّ الوزير إما كان متورطاً بشكل مباشر أو مقصّراً في أداء واجباته.

وبموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، قد يُتهم وزير الداخلية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، ما يجعله عرضة للمساءلة القانونية أمام المحاكم الوطنية والدولية.

تؤكد الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ موقفها من المحاسبة القانونية يتجسد في أنَّه: لا يمكن بأي حال من الأحوال مسامحة أو العفو عن مرتكبي الانتهاكات الجسيمة من قيادات الصف الأول في نظام الأسد، مهما حاولوا تبرير أفعالهم أو التنصل من مسؤولياتهم. فهذه الجرائم، التي تشمل القتل خارج نطاق القانون، التعذيب، الإخفاء القسري، والتهجير القسري، ليست تجاوزات فردية، بل كانت جزءاً من سياسة ممنهجة استهدفت سحق المعارضة وإرهاب المجتمع بأسره. إنَّ الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب لا تسقط بالتقادم، ولا يمكن لأي تسوية سياسية أو اعتبارات مصلحية أن تمنح الحصانة لمن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء. العدالة الحقيقية تقتضي محاسبتهم وفقاً للقانون، وإنصاف الضحايا وأسرهم، لضمان عدم تكرار هذه الفظائع في المستقبل”.

وفقاً لقاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، ارتكبت وزارة الداخلية، خلال فترة تولي اللواء محمد الشعار مسؤوليتها، انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، شملت تسعة أنماط ممنهجة مورست على نطاق واسع منها:

وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 10,452 مدنياً، بينهم 803 أطفال و737 سيدة، على يد قوات الشرطة والأمن السياسي التابعَين لوزارة الداخلية، خلال عمليات قمع التظاهرات في مختلف المحافظات السورية واستهدافها بالرصاص، منذ 14 نيسان/أبريل 2011، وحتى تشرين الثاني/نوفمبر 2018.

وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 32 شخصاً تحت التعذيب داخل أفرع الأمن الجنائي، وذلك في الفترة بين 14 نيسان/أبريل 2011، وحتى تشرين الثاني/نوفمبر 2018. كما وثَّقت اختفاء ما لا يقل عن 326 شخصاً، بينهم 12 طفلاً و9 سيدات، لا يزالون قيد الاختفاء القسري داخل هذه الأفرع خلال الفترة ذاتها.

وثَّقت الشَّبكة مقتل ما لا يقل عن 83 شخصاً، بينهم 3 أطفال، تحت التعذيب داخل أفرع الأمن السياسي، وذلك خلال الفترة بين 14 نيسان/أبريل 2011، وحتى تشرين الثاني/نوفمبر 2018. كما وثَّقت اختفاء ما لا يقل عن 1,459 شخصاً، بينهم 23 طفلاً و14 سيدة، لا يزالون في عداد المختفين قسراً داخل أفرع الأمن السياسي التابعة لنظام بشار الأسد خلال الفترة ذاتها.

وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 1,608 حالات اعتقال، بينهم 18 طفلاً و198 سيدة، بالإضافة إلى 73 شخصاً سبق أن أجروا تسوية لوضعهم الأمني، وذلك أثناء تواجدهم في دوائر الهجرة والجوازات في عدة محافظات سورية لإجراء معاملاتهم.

وثقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 110 معتقلين في السجون المدنية، منهم 17 نتيجة إطلاق رصاص الشرطة، و93 آخرين نتيجة التعذيب، والإهمال الطبي، وسوء التغذية.

كما وثقت الشَّبكة مقتل ما لا يقل عن 93 معتقلاً داخل السجون المركزية في مختلف المحافظات السورية بين 14 نيسان/أبريل 2011، وحتى تشرين الثاني/نوفمبر 2018، نتيجة التعذيب الممنهج والإهمال الطبي المتعمد، بما في ذلك رفض تقديم الرعاية الصحية للمعتقلين أو الاستجابة لحالاتهم الصحية الحرجة، وسوء التغذية، الذي تسبب في تدهور حالتهم الصحية وأدى إلى وفاتهم.

وفقاً لقاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، تواطؤ وزارة الداخلية في تنفيذ أحكام الإعدام بحقِّ 843 عنصراً وضابطاً من الشرطة المنشقين، في الفترة الممتدة بين آذار/مارس 2011، وحتى تشرين الأول/أكتوبر 2018.

لعبت وزارة الداخلية دوراً رئيساً في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم العسكرية والاستثنائية، وخلال فترة تولي محمد الشعار منصبه، قامت الوزارة بتنفيذ ما لا يقل عن 11,267 إجراءً لمصادرة الممتلكات، إذ كانت الوزارة الأداة التنفيذية لعمليات الحجز على ممتلكات وتجريد السوريين من أموالهم.


جاء ذلك استناداً إلى محاكمات افتقدت لمعايير العدالة، و115,836 تعميماً لمنع السفر، استُخدمت لمنع المواطنين من مغادرة البلاد، ولإلقاء القبض الفوري على من شاركوا في الاحتجاجات الشعبية، مما قيَّد حرية التنقل لعشرات الآلاف بناءً على مذكرات أمنية غير مستندة إلى أدلة قانونية، بل إلى اعترافات انتُزعت تحت التعذيب أو بناءً على اشتباهات أمنية غير موثوقة، و112,000 مذكرة بحث صدرت عن شعبة الأمن السياسي، ما عزَّز عمليات القمع والملاحقة الأمنية.

وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 1,661 مختفياً قسراً سُجلوا رسمياً على أنَّهم متوفون، بينهم 50 طفلاً و21 سيدة، إضافةً إلى 16 من الكوادر الطبية و10 من الكوادر الإعلامية، وذلك في الفترة الممتدة من بداية عام 2018 وحتى سقوط النظام في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024.

بالإضافة إلى حرمان عشرات الآلاف من المهجَّرين قسراً من الوثائق الرسمية وابتزازهم مالياً، ومشاركة وزارة الداخلية بفعالية في العديد من عمليات التهجير القسري التي استهدفت المناطق التي حاصرتها قوات نظام الأسد، حيث أسهمت الوزارة في تنفيذ عمليات تهجير واسعة النطاق.

وقال التقرير إنَّ هذه الانتهاكات تكشف عن الدور المحوري الذي لعبته وزارة الداخلية، تحت قيادة محمد الشعار، في تنفيذ سياسات القمع الممنهج والجرائم ضد الإنسانية. حيث لم تقتصر مسؤوليتها على الانتهاكات المباشرة، بل امتدت لتشمل تمكين منظومة القمع واستدامتها عبر أدوات قانونية وإدارية وأمنية. 


وبموجب التزامات سوريا الدولية، فإنَّ الدولة ملزمة باحترام حقوق الإنسان وحمايتها وفقاً للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها، مثل الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب. إنَّ ارتكاب هذه الانتهاكات من قبل وزارة الداخلية يعكس إخفاقاً في الوفاء بهذه الالتزامات.

شدد التقرير على ضرورة اتخاذ الحكومة الانتقالية في سوريا خطوات جادة وحاسمة لضمان العدالة والمساءلة عن الجرائم والانتهاكات الواسعة التي ارتُكبت خلال فترة تولي اللواء محمد الشعار وزارة الداخلية، داعياً إلى عدم السماح لأي شكل من أشكال الإفلات من العقاب أو التسويات السياسية التي قد تُشرعن الحصانة لمن تورطوا في الانتهاكات الجسيمة بحق المواطنين السوريين.

وأشار التقرير إلى أن الشعار، الذي ترأس وزارة الداخلية خلال سنوات مفصلية من النزاع، يتحمل مسؤولية مباشرة عن انتهاكات موثقة شملت القتل خارج نطاق القانون، والتعذيب المنهجي، والإخفاء القسري، والإعدامات الميدانية، بالإضافة إلى مصادرة الممتلكات والتضييق الأمني على المعارضين. وقد شدد التقرير على أن أي عملية عدالة حقيقية لا يمكن أن تكتمل دون محاسبة قانونية عادلة تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

كما سلط التقرير الضوء على الحاجة الملحة لفتح تحقيق شامل في أداء وزارة الداخلية خلال تلك المرحلة، بما يشمل الأجهزة الأمنية المرتبطة بها، ولا سيما الأمن الجنائي والأمن السياسي، مؤكداً على أن ممارسات القمع المنهجي لم تكن فردية أو استثنائية، بل جاءت في سياق سياسة عامة اعتمدتها الدولة حينها.

وفي ما يتعلق بحقوق الضحايا، أكد التقرير أن من الضروري ضمان تعويضات عادلة لمن تضرروا من هذه الانتهاكات، إلى جانب تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني للناجين من الاعتقال والتعذيب، والاعتراف الرسمي بمعاناتهم. كما دعا إلى تبني إجراءات قانونية تضمن عدم تكرار الانتهاكات، واستعادة الحقوق المدنية للمواطنين الذين حرموا منها بفعل الإجراءات الأمنية التعسفية.

وأبرز التقرير الحاجة لإصلاح وزارة الداخلية جذرياً، من خلال تفكيك بنيتها الحالية وإعادة هيكلتها، وفصل كل من يثبت تورطه في الجرائم والانتهاكات الجسيمة. كما شدد على ضرورة إخضاع الوزارة لرقابة مدنية مستقلة لضمان الشفافية، ومنع تكرار التجاوزات مستقبلاً.

وفي السياق ذاته، طالب التقرير بإلغاء جميع الإجراءات التي أصدرتها الوزارة لأغراض قمعية، بما في ذلك قرارات مصادرة الأملاك، وتعاميم منع السفر، والملاحقات الأمنية التي فُرضت دون مسوّغ قانوني، مع التأكيد على ضرورة إعادة الاعتبار لضحايا هذه السياسات.

وأكد التقرير على أهمية تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لضمان دعم المساءلة عن الجرائم، وتنفيذ العقوبات الدولية المفروضة على المسؤولين المتورطين، وعلى رأسهم محمد الشعار.

كما شدد على ضرورة دعم المنظمات الحقوقية السورية والمجتمع المدني، وتمكينها من توثيق الجرائم، وتجهيز الملفات القانونية، والمشاركة في مراقبة أي مسار قضائي لضمان نزاهته واستقلاليته، وتهيئة الأرضية لملاحقات قانونية داخلية ودولية قائمة على الأدلة والحقائق.

واختتم التقرير بالدعوة إلى إنشاء هيئة وطنية مستقلة تُعنى بملف العدالة الانتقالية، تكون مهمتها توثيق انتهاكات النظام السابق ومحاسبة المسؤولين عنها، بما يكرّس الحق في معرفة الحقيقة، وجبر الضرر، وتحقيق العدالة الشاملة، ومنع إعادة إنتاج الاستبداد أو التساهل مع الجرائم المرتكبة باسم الدولة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ