
جدل عقب إعادة تعيين موالٍ للنظام البائد رئيساً لاتحاد بناء الأجسام في سوريا
أصدر رئيس الاتحاد الرياضي العام في سوريا قراراً يقضي بتعيين "منار هيكل"، رئيساً لمجلس إدارة الاتحاد السوري لبناء الأجسام، رغم الاتهامات السابقة الموجهة له بالتورط في انتهاكات جسيمة بحق المدنيين السوريين باعتباره أحد الموالين البارزين للنظام البائد.
وجاء القرار الذي يحمل الرقم (86)، ويعود تاريخه إلى 17 شباط 2025، ليعيد تشكيل مجلس الاتحاد بعضوية كل من: مصطفى كزمان، عماد علوان، حسام غنيس، محمد خضور، رأي شريجي، وحسن شيخ علي، إلى جانب "منار هيكل" الذي تولّى رئاسة الاتحاد.
ويُعد "هيكل"، هيكل شخصية مثيرة للجدل في الأوساط السورية، إذ سبق أن شغل مواقع إدارية ورياضية تحت مظلة نظام الأسد البائد وسط اتهامات من جهات محلية بتقديم الدعم اللوجستي والإعلامي لحملات القمع بحق السوريين.
إلى جانب تورطه -بحسب الشهادات- في تسهيل عمل مجموعات مارست التعذيب والانتهاك بحق معتقلين داخل منشآت رياضية تحولت في بعض المناطق إلى مراكز احتجاز غير رسمية.
ورأى ناشطون أن إعادة تمكين شخصيات من هذا النوع في مفاصل الرياضة السورية بعد انتصار الثورة السورية، خطر قد يكرّس حالة إعادة تدوير الوجوه الأمنية ويعيد إنتاج منظومة لطالما استُخدمت كأداة للسيطرة السياسية، بدل أن تكون حاضنة للتنمية الشبابية والرياضية.
ودعا القرار الجديد إلى عقد اجتماع لأعضاء المجلس المنتخب لتسمية أمين سر، تمهيدًا لمباشرة مهامهم، وسط دعوات من رياضيين ونشطاء لاستبعاد كل من تلطخت أيديهم بحق السوريين عن المشهد الرياضي في سوريا الجديدة.
وكانت اتخذت وزارة الرياضة والشباب في الحكومة السورية الجديدة خطوة حاسمة تعكس التزامها بقيم العدالة والمسؤولية الوطنية، وذلك بعد الجدل الذي أثير على منصات التواصل والإعلام المحلي بشأن مشاركة لاعبين سبق ارتباط أسمائهم بمواقف أو انتماءات لا تعبّر عن روح سوريا الجديدة.
وأكدت الوزارة في بيان رسمي أنها قررت فتح تحقيق عاجل وشفاف، بالتنسيق مع الجهات المختصة، بشأن كل من اللاعب كمال جنبلاط، واللاعب علاء النائب، وذلك للتحقق من خلفيتهما القانونية والشخصية ومدى تطابقها مع المعايير الوطنية والأخلاقية التي تضعها الدولة السورية الجديدة شرطًا أساسيًا لأي تمثيل رياضي.
وأشادت الأوساط الرياضية بهذه الخطوة الجريئة من وزارة الرياضة، معتبرةً أن فتح التحقيق يمثل رسالة واضحة بأن الرياضة السورية في عهد الدولة الجديدة لن تكون ساحة لتكرار أخطاء الماضي أو إعادة تلميع شخصيات ارتبطت بالحقبة السابقة، بل هي ميدان للقيم والانتماء الحقيقي لوطنٍ دفع أبناؤه دماءهم ثمناً للحرية والكرامة.
وصرّح المتحدث باسم الوزارة، مجد الحاج أحمد، أن الوزارة اتخذت بالتنسيق مع نادي "الوحدة" قرارًا يقضي بتجميد مؤقت لمشاركة اللاعب كمال جنبلاط حتى انتهاء التحقيقات الجارية. وأضاف أن "دماء شهدائنا وتضحيات المهجّرين خط أحمر، وأي اسم يُطرح لتمثيل سوريا يجب أن يكون جديرًا بهذا الشرف".
وفيما يخص اللاعب علاء النائب، أكد الحاج أحمد أن الوزارة تنظر بجدية كاملة إلى كافة المعلومات المتداولة، مشددًا على أن الحكومة السورية الجديدة لا يمكن أن تسمح بتكرار ممارسات العهد البائد، ولن تتهاون في محاسبة كل من يثبت تورطه في مواقف أو انتهاكات تتنافى مع المبادئ التي تأسست عليها الدولة بعد سقوط النظام.
وتُشكّل هذه الإجراءات مؤشرًا على مرحلة إصلاح حقيقية في قطاع الرياضة، حيث تضع الوزارة على عاتقها إعادة هيكلة المنظومة الرياضية كاملة، وفصلها عن الإرث الثقيل الذي خلّفه النظام السابق، الذي لطالما حوّل الرياضة إلى أداة سياسية بدلًا من أن تكون منبرًا للارتقاء بالشباب والمجتمع.
وأكدت وزارة الرياضة أن التحقيقات ستُستكمل خلال فترة وجيزة، وستُعلن نتائجها بشفافية تامة أمام الرأي العام، انطلاقاً من إيمان الدولة السورية الجديدة بأن الرياضة هي أحد ركائز بناء الإنسان، ولا مكان فيها لأي عنصر لا يعكس قيم النزاهة والانتماء الصادق للوطن.
تُلقى على عاتق وزير الرياضة والشباب في الحكومة السورية الجديدة مجموعة واسعة من المهام التي تمثل تحديًا كبيرًا في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ البلاد، وفي مقدمتها إعادة هيكلة إدارات الأندية الرياضية والمنتخبات الوطنية بكافة فئاتها، بما في ذلك المنتخبات الأولمبية والفئات العمرية في جميع الرياضات.
ويُنظر إلى هذا الاستحقاق على أنه اختبار حقيقي لقدرة الحكومة على فصل العمل الرياضي عن الإرث الثقيل للنظام البائد، لا سيما في ظل استمرار وجود بعض اللاعبين والإداريين الذين لطالما ارتبطوا مباشرةً بمنظومة الأسد البائد، وتم تسويقهم سابقًا باعتبارهم "نجومًا" في ما كان يُعرف بـ"منتخب البراميل".
وتشمل المهام المطلوبة من الوزير أيضًا إعادة تشكيل اللجان التنظيمية والاتحادات الرياضية، وإحداث تغييرات جذرية في آليات اختيار المدربين والإداريين، مع ضمان معايير الكفاءة والنزاهة والابتعاد عن المحسوبيات التي ميّزت مرحلة ما قبل سقوط النظام البائد.
وتشمل هذه العملية تحييد الشخصيات المحسوبة على النظام البائد، ممن عُرف عنهم التشبيح والفساد واحتكار القرار الرياضي، بما في ذلك أولئك الذين شغلوا مناصب اتحادية أو إدارية في الأندية المركزية.
وتطالب الأوساط الرياضية والشبابية بتبنّي رؤية جديدة تُعيد للرياضة السورية دورها التدريبي والوطني، وتمنح الشباب فرصًا حقيقية في بيئة عادلة ومنفتحة، بعيدًا عن التسييس والتجيير الذي طبع عقودًا طويلة من العمل الرياضي.
ويأمل السوريون أن تُشكّل هذه المرحلة نقطة انطلاق نحو رياضة وطنية نظيفة تعبّر عن سوريا الجديدة، وتعيد للميادين والملاعب احترامها ودورها الجامع، بعد أن حوّلها النظام البائد إلى منصات دعائية تُوظف في خدمته على حساب القيم والأخلاق الرياضية.