حفلات التخرج في سوريا بعد التحرير: فرحتان تجمعان بين النجاح والتحرر
حفلات التخرج في سوريا بعد التحرير: فرحتان تجمعان بين النجاح والتحرر
● أخبار سورية ٣٠ مايو ٢٠٢٥

حفلات التخرج في سوريا بعد التحرير: فرحتان تجمعان بين النجاح والتحرر

لطالما كانت حفلات التخرج في أي مكان حول العالم لحظات مميزة، احتفالاً بإنجاز سنوات من الجد والمثابرة، ولكن في سوريا، كانت هذه اللحظات تحمل أكثر من مجرد فرحة شخصية، فهي مرآة تعكس تاريخاً من الألم والمعاناة، خصوصاً خلال سنوات حكم النظام السوري بقيادة بشار الأسد، الذي كان العقبة الأكبر أمام حلم الحرية والعدالة.

التعليم في ظل الحرب: تحديات بلا حدود
خلال سنوات الحرب التي دامت لأكثر من عقد، واجه طلاب سوريا ظروفاً قاسية وغير مسبوقة. كانت المدارس والجامعات في مناطق كثيرة تتحول إلى ساحات قتال أو مراكز اعتقال، بدلاً من أن تكون بيئات تعليمية. آلاف الطلاب تعرضوا للاعتقال بسبب نشاطاتهم أو حتى لمجرد تواجدهم في أماكن الدراسة. 


كثيرون فقدوا أعز سنوات عمرهم في السجون، أو اضطروا إلى التهجير واللجوء، مما حرمهم من مواصلة تعليمهم، وقطع عليهم طريق المستقبل. ملايين الشباب السوريين تعرضوا لتجربة الانقطاع القسري عن الدراسة، ولم يتمكنوا من نيل شهاداتهم أو تطوير مهاراتهم، الأمر الذي كان سبباً في انعدام الأمل لدى الكثيرين منهم.

كما كانت البنية التحتية للتعليم مدمرة في الكثير من المناطق، مع نقص في الكوادر التعليمية والمواد الدراسية، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي وشح الموارد. في ظل هذه الظروف، كان الاستمرار في التعليم أمراً صعباً للغاية، لكنه لم يكن مستحيلاً. بعض الطلاب استمروا رغم كل شيء، محافظين على حلمهم بالتعليم وبناء مستقبل أفضل.

سقوط النظام: ميلاد فرحة مزدوجة
مع سقوط النظام السوري الذي دمر أحلام أجيال، تغيرت المشاعر والواقع بشكل جذري. لم تعد حفلات التخرج مجرد احتفالات تقليدية، بل صارت مناسبات مزدوجة بالفرح، إذ تحمل فرحة النجاح الأكاديمي مع فرحة التحرير من القمع والاستبداد. الآن، يشعر الخريجون بأن شهاداتهم ليست فقط ورقة تثبت إنجازاً علمياً، بل هي سلاح في معركة إعادة بناء وطنهم الذي طالما حلموا به.

أصبح التعليم حافزاً قوياً للشباب الذين انقطعوا عن دراستهم في سنوات الحرب، حيث أُتيحت لهم الفرصة للعودة إلى المقاعد الدراسية، لاستكمال تعليمهم وتحقيق طموحاتهم. هذه العودة ليست مجرد استكمال لمسيرة دراسية، بل هي استعادة للكرامة والحق في مستقبل أفضل.

التخرج بعد التحرير: بداية جديدة ومسؤولية عظيمة
الآن، يحمل الشباب السوريون شهاداتهم بشعور مختلف تماماً. فهم يدركون أن مستقبلهم ومستقبل بلدهم مرتبط ارتباطاً وثيقاً بما يمتلكونه من معرفة وخبرة. التخرج لم يعد نهاية لمشوار دراسي فقط، بل هو بداية لمرحلة بناء سوريا جديدة، سوريا الحرية والكرامة. 


الشباب السوري بعد التحرير لا يسعون فقط إلى النجاح الشخصي، بل لديهم هدف أسمى وهو استخدام شهاداتهم وخبراتهم في إعادة إعمار بلدهم، والمساهمة في بناء مجتمع حر وعادل. هذه المرحلة الجديدة تحمل معها آمالاً كبيرة ومسؤوليات جسيمة. فالشباب السوري يدركون أن المعرفة التي اكتسبوها هي أداة أساسية لتحقيق التغيير، وبناء مؤسسات قوية، وإرساء قواعد الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

قصص من أرض الواقع
الكثير من الخريجين يحملون قصصاً شخصية مؤثرة، من بين هؤلاء من قضى سنوات في السجن بسبب مواقفهم ضد النظام البائد، ومنهم من اضطر إلى التوقف عن الدراسة بعد أن دُمرت مدينته أو فقد عائلته في الحرب. لكن الآن، وبفضل التحرير، عادوا إلى مقاعد الدراسة، ليستكملوا ما بدأوه، ويسطروا بفخر صفحات جديدة في حياتهم، صفحات مليئة بالأمل والإصرار.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ