رابطة الصحفيين السوريين: العدالة الانتقالية لا تُختزل بلجان مؤقتة ولا تُبنى دون محاسبة حقيقية
رابطة الصحفيين السوريين: العدالة الانتقالية لا تُختزل بلجان مؤقتة ولا تُبنى دون محاسبة حقيقية
● أخبار سورية ١١ يونيو ٢٠٢٥

رابطة الصحفيين السوريين: العدالة الانتقالية لا تُختزل بلجان مؤقتة ولا تُبنى دون محاسبة حقيقية

قالت "رابطة الصحفيين السوريين" في بيان لها، إنها تتابع باهتمام بالغ التطورات المرتبطة بمسار العدالة الانتقالية في سوريا، خاصة في ظل ما أثير مؤخراً خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته لجنة الحفاظ على السلم الأهلي في الساحل السوري. وبينما تعبّر الرابطة عن تقديرها لأي جهد يسعى إلى إرساء العدالة وتعزيز السلام، فإنها تبدي قلقاً بالغاً حيال محاولات الالتفاف على هذا المسار من خلال هيئات تفتقر إلى الشرعية القانونية الواضحة.

شددت الرابطة على أن استمرار عمل لجان ذات طابع محلي، مثل لجنة السلم الأهلي، خارج إطار قانوني أو مرجعية دستورية معترف بها، يشكل تهديداً جدياً لمسار العدالة الانتقالية. فالمرسوم الصادر بتاريخ 9 آذار 2025، والذي نظّم مهام اللجنة، لم يمنحها صلاحيات إطلاق سراح متهمين أو التدخل في قضايا العفو والمحاسبة، بل حصر دورها ضمن نطاق إداري مؤقت وظرفي.

حذرت الرابطة من محاولات توسيع دور اللجنة خارج إطارها المحلي، معتبرة أن ذلك يشكل تعدياً على الاختصاصات الحصرية لهيئة العدالة الانتقالية الوطنية، التي تمثل الجهة المخوّلة حصراً بقيادة هذا المسار. وتشمل مهام الهيئة التحقيق في الانتهاكات، وتوثيق الجرائم، وملاحقة المتورطين، بالإضافة إلى جبر الضرر والإصلاح المؤسسي، ضمن مقاربة شاملة تضمن عدم التكرار وبناء مصالحة مستدامة.

وأكدت الرابطة على الحاجة المُلحة لتشريع ينظم العلاقة بين الجهات المعنية بهذا الملف، وتحديداً لجنة السلم الأهلي، وهيئة العدالة الانتقالية، وهيئة المفقودين، وذلك للحد من التداخل المؤسسي وتشتت الصلاحيات الذي قد يعرقل جهود المساءلة والإنصاف. وتدعو إلى اعتماد إطار حوكمة موحّد يوضّح المهام والصلاحيات ويوزع الموارد بشكل منظم وشفاف، انطلاقاً من مشاورات وطنية تنتهي إلى صياغة قانون شامل للعدالة الانتقالية، وتشكيل هيئة وطنية مستقلة تتولى الإشراف على تنفيذه.

ولفتت الرابطة إلى أن العدالة الانتقالية لا يمكن أن تتحقق من دون محاسبة فعلية لمن ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وعلى رأسهم أولئك الذين استهدفوا الصحفيين والناشطين بشكل ممنهج. فالصحافة كانت هدفاً مباشراً للاغتيال والاعتقال والإخفاء بهدف طمس الحقيقة، ولا يمكن الحديث عن عدالة من دون إنصاف ضحايا هذه المهنة الذين ضحّوا بحياتهم من أجل نقل الحقيقة.

وقالت إنها ترى أن أي قرار بالعفو عن مرتكبي الجرائم يجب أن يكون نابعاً من إرادة الضحايا وذويهم، إذ لا يحق لأي جهة تجاوز هذا الحق أو فرض تسويات فوقية تمس بجوهر العدالة.

أكدت أن الإعلام الحر والمساحات المفتوحة للنقد وكشف الانتهاكات تمثل ركائز لا غنى عنها لبناء عدالة انتقالية حقيقية، ولا يمكن تحقيق المصالحة المجتمعية ما لم يتم تمكين الصحفيين وحمايتهم، وضمان حرية الرأي والتعبير ضمن بيئة قانونية مستقرة.

وشددت الرابطة على أهمية تمكين النقابات المهنية، وفي مقدمتها نقابات الصحفيين، كجزء من مؤسسات المجتمع المدني القادرة على مراقبة المساءلة وضمان الشفافية ومنع الإفلات من العقاب، مشيرة إلى أن استقلال هذه النقابات هو جزء لا يتجزأ من بناء دولة القانون.

وختمت رابطة الصحفيين السوريين بيانها بالتأكيد على أن مستقبل سوريا يجب أن يُبنى على أسس قانونية واضحة ومؤسسات مستقلة وبيئة حرة تُكرّم الضحايا وتُحاسب الجناة، داعية الحكومة الانتقالية وجميع الهيئات الرسمية والمنظمات الوطنية والدولية إلى احترام مبادئ العدالة الانتقالية المعترف بها دولياً، وتجنب تقديم أي غطاء سياسي أو اجتماعي لمن تورطوا في الجرائم، أو السعي إلى طيّ صفحات لم تُفتح بعد باسم “السلم الأهلي”.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ