رسالة وداع من القلب إلى السويداء: عندما يصبح الغريب من الأهل
رسالة وداع من القلب إلى السويداء: عندما يصبح الغريب من الأهل
● أخبار سورية ٢٨ مايو ٢٠٢٥

رسالة وداع من القلب إلى السويداء: عندما يصبح الغريب من الأهل

بعد سنواتٍ من اللجوء والنزوح، تتقاطع حكايات السوريين في مشاهد مفعمة بالألم والحنين، لكنها لا تخلو من النبل والضوء، في قرية تعارة الصغيرة بريف السويداء، تكتب عائلة أبو محمد واحدة من هذه الحكايات، وهي تتهيأ للرحيل عائدةً إلى موطنها في ريف حماة، بعد 12 عاماً من الإقامة بين أناس لم يكونوا مجرد جيران، بل صاروا أهلاً وأحباء.

"لجأنا لتعارة في أصعب أيامنا، من خوف وتشرد، فاحتضنتنا بكل محبة وكرم"، بهذه الكلمات بدأ الزوجان أبو محمد وأم محمد رسالتهما التي نشراها في مجموعة محلية، مودعين القرية التي احتضنتهم طيلة سنوات المحنة، تحدّثا عن كيف لم يشعروا يوماً بالغربة، وكيف وُلد أطفالهم هناك وكبروا بين إخوة وأخوات، وتعلموا في مدارس القرية على أيدي معلمين كانوا أكثر من مجرد مربّين، بل كانوا سندًا ودعمًا حقيقيًا.

لكن قصة هذه العائلة ليست استثناء، السويداء، بكل قراها وأهلها، كانت عبر سنوات الأزمة السورية ملاذاً لعشرات الآلاف من الأسر النازحة، وقدّمت نموذجاً فريداً في التضامن والتعايش. وفي خضم ضيق العيش وتقلّب الأحوال، بقيت القلوب واسعة، والأبواب مفتوحة.

ومن تعارة، ننتقل إلى شمال إدلب، حيث عاشت أم علي في مخيم تابع لقرية كفر لوسين. لم تكن الجدران المهترئة للمخيم قادرة على حجب الدفء الذي وجدته في جاراتها المنحدرات من مناطق مختلفة من سوريا، واجتمعن خلال النزوح في ذلك المخيم. 

تتحدث أم علي بألم عن فراقهن بعد عودتها إلى موطنها في دمشق بعد تحريرها من المجرم بشار الأسد: "كنّ مثل أخواتي، وعندما أنجبت ابنتي، لم أحتج لطلب المساعدة، فكنّ سبّاقات، اعتنين بي وبابنتي وبالمنزل". مشاعر إنسانية سامية، ولحظات من التآخي تبقى محفورة في القلب، مهما باعدت بينهن الطرقات لاحقاً.

وفي لقطة أخرى مؤثرة، انتشر على مواقع التواصل مشهد لطفلة تودّع أصدقاءها في أحد مدارس الأردن، حيث عاشت عائلتها لفترة من النزوح. العناق، والدموع، والابتسامات التي تحاول التماسك، كلها تلخص ما اختبره كثير من الأطفال السوريين: علاقات صادقة وذكريات لا تُنسى، تنشأ في أحلك الظروف، لكنها تزهر بحب الناس لبعضهم البعض.

لقد كانت سنوات النزوح برغم قسوتها  فرصة تعرف خلالها السوريون على وجوه جديدة، فكانت تلك اللقاءات أحياناً بداية لصداقة عميقة، وتشارك حقيقي في الفرح والحزن، في الخبز والماء، وفي الأمل والألم. اليوم، ومع كل عودة، لا يعود النازح وحده. بل يعود محملاً بالحب، بذكريات البيوت التي فتحت له، والأيدي التي امتدت لتعينه، والقلوب التي أحبته بصدق. يعود وهو يدرك أن الغربة لا تُقاس بالمكان، بل بغياب الإنسان، وأن الوطن يمكن أن يكون حيث تجد من يحتضنك دون مقابل.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ