
طلاب إدلب يتحدّون الحرب ويحققون التفوق رغم الظروف القاسية
قبل أيام قليلة، صدرت نتائج امتحانات الشهادة الثانوية العامة (البكالوريا)، فكانت محطة فارقة في حياة آلاف الطلاب السوريين، جاءت النتائج بين فرحٍ لبعضهم وخيبةٍ لآخرين، واختلفت ردود الأفعال ما بين دموع الفرح ومرارة الخسارة، الأهالي والطلاب على حدٍ سواء تباينت مشاعرهم؛ البعض احتفل، والبعض الآخر التزم الصمت، لكن الجميع وقف أمام هذه المرحلة المصيرية بما تحمله من آمال أو خيبات.
وكما هو معتاد في كل عام، برز عدد من الطلاب الذين حققوا نتائج عالية جداً، بعضهم كان من بين الأوائل، وآخرون اقتربوا كثيراً من ذلك. لكن هذا العام، لم يكن التميز في الأرقام فقط، بل في القصص التي وقفت خلفها. من بين هؤلاء، كانت هناك حكايات مؤثرة تعود لأشخاص من محافظة إدلب وريفها؛ حكايات عن الإصرار، عن التضحية، وعن النجاح الذي وُلد من قلب المعاناة.
من بين هؤلاء الطلاب، تألقت ميس الخلف، التي حققت المجموع الكامل في امتحانات الشهادة الثانوية العامة – الفرع العلمي، بـ 240 من أصل 240. لم يكن تفوقها مجرد رقم، بل كان رسالة وفاء أهدتها إلى والدها الشهيد.
في لقاء مصوّر، تحدثت ميس عن الظروف القاسية التي عاشتها إدلب خلال السنوات الماضية: النزوح، القصف، التهجير، وانعدام مقومات الحياة الأساسية. ورغم كل ذلك، لم تستسلم، ومثلها كثيرون من طلاب إدلب، تجاوزوا المحن بإصرار لا يُقهر.
كما حقق الطالب أحمد عدنان الإسماعيل العلامة التامة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة بعد عام دراسي واجه خلاله ظروفاً صعبة، من بينها النزوح وتردي الأوضاع المعيشية. ورغم التحديات، تمكن من مواصلة دراسته والتفوق، ويخطط حالياً للتسجيل في كلية الطب ضمن طموحه الأكاديمي المستقبلي.
وسُجلت أيضاً العديد من الحالات في إدلب، لطلاب حصلوا على علامات قريبة جداً من العلامة التامة، حيث نقصتهم علامة أو اثنتان فقط. ورغم ذلك، حملت قصصهم جوانب من المعاناة الشخصية المرتبطة بظروف الحرب، مثل النزوح المتكرر، الفقد، والضغوط النفسية والمعيشية.
إلا أن هؤلاء الطلاب تمكنوا من تجاوز تلك الظروف، وتحقيق نتائج متميزة تُعد إنجازاً في ظل السياق العام الذي عانت منه المنطقة. لم يقتصر نجاح هؤلاء الطلاب على النتائج العالية في الامتحانات أو جمع العلامات، بل يرمز إلى قيمة معنوية أعمق. فهو دليل على الإصرار والصمود أمام ظروف قاسية فرضتها الحرب.
تمكن هؤلاء الطلاب من التغلب على النزوح والفقد والضغوط المعيشية والنفسية، ليؤكدوا أن الإرادة والعلم يمكن أن تنتصر على أصعب التحديات، ويمثل هذا النجاح رسالة مفادها أن الطلاب لا يستسلمون للظروف، وأن التعليم يظل سلاحهم الأقوى لبناء المستقبل، مهما كانت الصعاب المحيطة بهم.
على الرغم من ويلات الحرب في إدلب خلال السنوات الماضية، من قصف ونزوح وتدهور الأوضاع المعيشية، استطاع العديد من طلابها تحقيق النجاح ومنهم وصل إلى التفوق، ليكون هذا التفوق رمزاً للصمود والإرادة في مواجهة أصعب الظروف.