
عقب دعوات حقوقية لتعديل النظام بما يتناسب مع الأوضاع المعيشية .. تخفيض مرتقب في رسوم جوازات السفر السورية
أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، مساء السبت، عن نية الحكومة تخفيض رسوم إصدار جوازات السفر بنسبة تتراوح بين 50 إلى 70 بالمئة، وذلك في إطار التوجّه لإعادة النظر في منظومة الرسوم الحالية التي اعتُبرت على نطاق واسع باهظة وغير متناسبة مع الواقع الاقتصادي للسوريين.
وأكد البابا، خلال مقابلة بثتها قناة الإخبارية السورية، أن تفاصيل التخفيض ستُعلن خلال الأيام القليلة المقبلة، مشيرًا إلى أن المدة الزمنية وصلاحية الجواز ستُدرس من قبل الإدارة المختصة، بما ينسجم مع الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، مضيفًا أن الهدف هو تقديم خدمة ميسّرة بتكاليف منطقية للمواطن.
وكانت المديرية العامة للهجرة والجوازات قد حددت في شباط/فبراير الماضي رسوم الجواز العادي داخل سوريا بمبلغ 312,700 ليرة سورية، والعاجل بـ432,700 ليرة، والفوري بـ2,010,700 ليرة سورية، في حين تصل رسوم الجواز العادي للمقيمين في الخارج إلى 300 دولار، وترتفع إلى 800 دولار للخدمة العاجلة. وتُنجز الجوازات خلال فترات تتراوح بين يومين و45 يومًا، حسب نوع الطلب.
ويُظهر هذا النظام فجوة صارخة بين التكاليف المفروضة ومستوى الدخل المحلي، حيث يتراوح متوسط دخل موظفي القطاع الحكومي بين 580 ألفًا و2.1 مليون ليرة سورية، ما يعني أن الحصول على جواز سفر فوري قد يستهلك كامل راتب موظف حكومي أو أكثر، بينما يُعد الجواز شبه مستحيل للأسر التي تعيش تحت خط الفقر.
"الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تدعو إلى إصلاح جذري
في السياق، انت جدّدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان دعوتها للحكومة الجديدة، بعد سقوط نظام الأسد، إلى إعادة صياغة نظام الرسوم المعتمد، وخفضها إلى حدود تتناسب مع المعايير الدولية، مشيرة إلى أن الحد المعقول لاستخراج جواز السفر العادي ينبغي ألا يتجاوز 50 دولارًا أمريكيًا، مع تحديد 100 دولار كحد أقصى للخدمات العاجلة.
واعتبرت الشبكة أن النظام السابق استغل حاجة السوريين للجوازات بوصفها أداة للتحكم والمعاقبة والإثراء غير المشروع، مشددة على أن التكاليف المرتفعة تمثل انتهاكًا واضحًا لحق أساسي من حقوق الإنسان، وهو حرية التنقل، وتحرم مئات الآلاف من السوريين من لمّ شمل أسرهم أو مغادرة البلاد في ظروف آمنة.
أوضحت الشبكة أن خط الفقر المطلق في سوريا يبلغ 2.54 مليون ليرة، بينما يتجاوز الحد الأدنى لتكلفة المعيشة لأسرة مكوّنة من خمسة أفراد 9.1 مليون ليرة، وقد يصل في بعض الحالات إلى 14.5 مليون ليرة. في ظل هذا الواقع، تُعد رسوم الجوازات عبئًا اقتصاديًا حادًا، خاصة عندما تُقارن بأن جواز السفر السوري يُصنّف عالميًا كأحد أسوأ جوازات السفر من حيث حرية التنقل، ولا يتيح الدخول سوى إلى 28 دولة فقط.
طالبت الشبكة بإجراء إصلاحات شاملة، من بينها "تخفيض رسوم الجواز إلى 50 دولارًا كحد أقصى للعادي، و100 دولار للعاجل، ورفع مدة صلاحية الجواز إلى 10 سنوات للبالغين، و5 سنوات للقاصرين، وإعفاء الفئات الضعيفة من الرسوم، مثل النازحين واللاجئين والطلاب والعائلات تحت خط الفقر، وإطلاق منصة إلكترونية شفافة لحجز المواعيد، وإنهاء ظاهرة السماسرة، وتوحيد أوقات المعالجة والقضاء على التأخيرات المصطنعة التي تجبر المواطن على دفع مبالغ إضافية للحصول على الجواز بسرعة.
يمثّل إعلان وزارة الداخلية بشأن تخفيض رسوم الجوازات خطوة أولى نحو تصحيح تشوهات طالما شكّلت معاناة يومية لملايين السوريين، إلا أن هذا التخفيض المرتقب لن يكتسب جدواه ما لم يترافق مع إصلاح شامل للمنظومة برمتها، يأخذ في الحسبان حقوق الإنسان، والمعايير الدولية، والواقع الاقتصادي المنهك للمواطن السوري داخل البلاد وخارجها.