
عودة واحة الراهب إلى سوريا: فنانة من زمن الحرية ومقاومة القمع
عادت الفنانة السورية "واحة الراهب" إلى بلادها بعد غياب قسري دام أكثر من 13 عاماً، لتخطّ بعودتها سطراً جديداً في مسيرتها النضالية والفنية، بعدما اضطرت لمغادرة سوريا عقب وقوفها العلني إلى جانب الحراك الشعبي عام 2011، وإعلانها دعم مطالب الحرية والكرامة.
من هي واحة الراهب؟
واحة الراهب هي فنانة ومخرجة وكاتبة سورية، وُلدت في دمشق وبرزت في الساحة الفنية كممثلة في عدد من الأعمال الدرامية والسينمائية، قبل أن تتحوّل إلى الإخراج وكتابة السيناريو، وتُعد من أوائل الفنانين السوريين الذين جمعوا بين الفن والموقف السياسي الواضح.
تاريخها الفني
بدأت واحة الراهب مسيرتها الفنية في الثمانينات، وشاركت في أعمال درامية وسينمائية مهمة، منها أفلام مثل "الهوية" و"رؤى حالمة"، الذي كتبت نصه وأخرجته عام 2003، حيث شكّل علامة فارقة في السينما السورية من حيث الأسلوب والمضمون، وقد نال الفيلم حينها اهتمامًا نقديًا داخل سوريا وخارجها.
تميّزت الراهب برؤيتها الجريئة وقلمها النقدي، وكانت من الأصوات النسائية الفاعلة في مجال كتابة السيناريو وإخراج الأفلام ذات الطابع الاجتماعي والسياسي، ومن أبرز الأعمال التي عُرفت بها واحة الراهب:
فيلم "رؤى حالمة" (2003): من تأليفها وإخراجها، وقد تناول حالة امرأة تعاني في مجتمع ذكوري مقموع، وحاز على جوائز عربية ودولية.
فيلم "الهوية": من الأعمال التي شاركت فيها كممثلة.
مساهماتها في الكتابة النقدية والمقالات الثقافية، حيث كتبت لعدد من الصحف والمواقع العربية، وتناولت موضوعات حول المرأة، المجتمع، والسياسة.
معاناتها في ظل نظام الأسد
بدأت معاناة واحة الراهب مع نظام الأسد منذ مطلع الألفية، عندما شاركت في التوقيع على عدة بيانات صادرة عن منتدى جمال الأتاسي في إطار "ربيع دمشق"، حيث طالبت بإطلاق الحريات السياسية في البلاد.
في عام 2006، فُرض عليها حظر غير معلن، وتم منعها من التمثيل وممارسة نشاطها الفني بشكل مباشر، ضمن حملة ممنهجة ضد الأصوات الحرة، وتعرضت للتضييق الأمني والرقابة، ما أجبرها لاحقًا على مغادرة البلاد، خاصة بعد وقوفها العلني مع الثورة السورية عام 2011.
تعرّضت خلال تلك السنوات للتهديد، وجرى منع أعمالها من العرض، كما تم تجاهلها من قبل المؤسسات الرسمية، ورغم وجودها في المنفى، بقيت تُعبّر عن موقفها بوضوح، وكتبت في منابر عربية مؤيدة للثورة السورية ومناهضة للديكتاتورية.
العودة إلى سوريا
عادت واحة الراهب إلى سوريا بعد تحريرها من قبضة نظام الأسد، لتجد في البلاد الجديدة مساحة من الحرية التي ناضلت من أجلها طويلاً، عودتها لا تُعد فقط حدثًا شخصيًا، بل تحمل رمزية كبيرة لفنانة آمنت بالحرية منذ بداياتها، ودفعَت ثمن مواقفها بإقصاء قاسٍ دام سنوات.
اليوم، تفتح واحة الراهب صفحة جديدة، وقد باتت سوريا مهيأة لاستعادة طاقاتها الإبداعية، وإعادة الاعتبار لأسماء ظُلمت أو نُفيت قسرًا، مثلها، بسبب وقوفها إلى جانب الشعب.
في النقيض لمن ارتهنوا كالعبيد لسيدهم "بشار"، هناك قامات سورية من مطربين وفنانين، رفضت الخنوع والتهديدات، والتحقت منذ البداية بركب أبناء الشعب الثائر، فكانوا في صفوفهم يصدحون بالحرية، واجهوا التضييق والملاحقة لما لهم من تأثير في الشارع السوري، كشخصيات فنية معروفة، ولعب هؤلاء "أنصار الحرية" دوراً فاعلاً وبارزاً في نصرة الحراك الشعبي، وكانوا سفراء للسلام والحرية في البلدان التي هاجروا إليها مجبرين.