مؤتمر السلم الأهلي: بين الجدل السياسي وكسر حاجز الخوف
مؤتمر السلم الأهلي: بين الجدل السياسي وكسر حاجز الخوف
● أخبار سورية ١١ يونيو ٢٠٢٥

مؤتمر السلم الأهلي: بين الجدل السياسي وكسر حاجز الخوف

رغم الجدل الذي أثاره مؤتمر السلم الأهلي المنعقد يوم أمس، خصوصاً بعد تصريحات عضو اللجنة "حسن صوفان" التي دافع فيها عن خروج بعض الضباط المتعاونين مع نظام الأسد، بحجة غياب الأدلة القضائية ضدهم، رأى ناشطون في المؤتمر محطة مفصلية تعكس تحوّلاً في المشهد السوري نحو الانفتاح وحرية النقاش.

وقد أثارت تصريحات صوفان موجة غضب واسعة، لا سيما في أوساط ذوي الضحايا والمعتقلين والناشطين الذين فقدوا أحبّاء لهم في سجون النظام البائد. إلا أن قطاعاً آخر من المشاركين والمتابعين رأى في المؤتمر مؤشراً إيجابياً على بداية تشكّل فضاء عام جديد يسمح بمساءلة المسؤولين والتعبير بحرية، دون الخوف من القمع أو الملاحقة.

ففي سابقة نادرة، شهد المؤتمر نقاشاً علنياً مباشراً بين صحفيين وإعلاميين ومسؤول رسمي، تخلّله طرح أسئلة واعتراضات بصوت مرتفع، دون رقابة أمنية أو تكميم للأفواه. لحظةٌ قد تبدو عادية في دول ديمقراطية، لكنها بالنسبة لسوريين عاشوا تحت حكم استبدادي، تُعد حدثاً غير مألوف، ومحمّلاً بدلالات عميقة.

ذلك أن الإعلام في عهد آل الأسد، سواء في زمن الأب حافظ أو الابن المخلوع بشار، كان أداةً لترويج الرواية الرسمية وتكريس عبادة الفرد. الكلمة الحرة كانت محظورة، والمخالفون يُلاحقون بالتضييق أو الفصل أو السجن. النكتة السياسية كانت كافية لزجّ صاحبها في أقبية الأجهزة الأمنية، والتعبير عن الرأي يُعد تهديداً وجودياً للسلطة.

عشرات الصحفيين السوريين اختفوا أو قُتلوا تحت التعذيب، وآخرون نُفوا أو كمّموا، في سياقٍ سلطوي شمولي امتد من المدارس إلى المحاكم، ومن وسائل الإعلام إلى تفاصيل الحياة اليومية. كان الصمت هو القاعدة، والخوف هو القانون.

واليوم، وسط الآلام والانقسامات التي لم تُطوَ بعد، تبدو لحظة النقاش العلني في مؤتمر السلم الأهلي كنافذة صغيرة نحو مستقبلٍ مختلف، يتشارك فيه السوريون مسؤولية بناء جمهوريتهم على أساس المساءلة والحرية والكرامة. فحرية التعبير ليست منحة، بل حق يُنتزع، والصوت الذي خرج من تحت الركام، لن يعود إلى الصمت.

ورغم أن الطريق لا يزال طويلاً، فإن هذه اللحظة تُذكّر بأن تضحيات السوريين لم تذهب سدى، وأن زمن الخوف بدأ يتآكل، وأن الشعب الذي استعاد صوته، لن يسكت من جديد.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ