معهد واشنطن: تأخر المحاكمات يغذي الانقسام ويهدد السلم الأهلي في سوريا
معهد واشنطن: تأخر المحاكمات يغذي الانقسام ويهدد السلم الأهلي في سوريا
● أخبار سورية ١١ يونيو ٢٠٢٥

معهد واشنطن يُحذر: تأخر المحاكمات يغذي الانقسام ويهدد السلم الأهلي في سوريا

حذّر "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" من أن غياب العدالة الانتقالية في سوريا يشكل تهديداً مباشراً للاستقرار الاجتماعي، مشيراً إلى أن غموض آليات المساءلة بعد سقوط نظام بشار الأسد قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من العنف الطائفي.

وفي دراسة أعدّها الباحثان كيلا كونتز وغرغوري ووتز، أوضح المعهد أن إحدى أخطر نتائج المرحلة الراهنة تكمن في التباس مفاهيم العدالة والمحاسبة، وغياب الوضوح حول من ينبغي أن يخضع للمساءلة أو يُعفى منها. وقد أدى ذلك إلى تنامي شعور بالنقمة، خاصة لدى قطاعات واسعة من السوريين الذين يرون أن مرتكبي الجرائم بحقهم لا يزالون طلقاء، ويعيشون دون محاسبة.

وأشار التقرير إلى أن هذا الإحباط الشعبي غالبًا ما يأخذ منحى طائفيًا، نتيجة استغلال النظام السابق للطائفة العلوية في أدواته الأمنية والعسكرية، وهو ما جعل العنف يُعبَّر عنه أحياناً بلغة طائفية في المناطق المتضررة، رغم أن المطالب الأساسية ترتبط بالعدالة والمحاسبة لا بالهوية الدينية.

كما رصد المعهد ضعف الأداء الحكومي في ملف محاسبة مجرمي النظام، قائلاً إن المقاربة المعتمدة تبدو غير متماسكة، إذ يتم الإعلان عن توقيف بعض المسؤولين الكبار المرتبطين بمجازر معروفة، بينما لا تزال أعداد كبيرة من العناصر الأمنية والمخبرين السابقين يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، رغم ورود شكاوى متكررة من السكان بحقهم.

وأشار التقرير إلى أن ما سُمّي بـ"عملية التسوية" التي أطلقتها الحكومة الانتقالية في كانون الأول/ديسمبر 2024، لإعادة تسجيل بعض العاملين في أجهزة النظام الأمنية، أُسيء فهمها على نطاق واسع، خصوصاً في أوساط الطائفة العلوية، حيث فُسرت باعتبارها عفواً غير معلن، رغم نفي السلطات لذلك.

وأكد الباحثان أن بطء إجراءات العدالة، وتردّد السلطات في تقديم رؤية واضحة لمصير الجرائم المرتكبة، يدفع ببعض الأفراد إلى البحث عن حلول ذات طابع انتقامي، ما ينذر بعودة العنف الأهلي. في المقابل، يرى بعض العلويين أن المساءلة الجارية تفتقر للعدالة المتوازنة، وقد تتحول إلى استهداف جماعي، وهو ما يزيد من هشاشة النسيج الاجتماعي.

كما انتقد التقرير عمل "لجنة العدالة الانتقالية" التي أنشئت مؤخراً، مشيراً إلى أنها تفتقر إلى الشفافية ولم تحقق أي تقدم ملموس خلال الأشهر الستة الماضية. كما عبّر عن قلقه من أن تقتصر مساءلاتها على جرائم النظام السابق، دون التطرق إلى الانتهاكات المرتكبة بعد سقوط الأسد، ما يضعف من مصداقيتها ويغذي الانقسام.

وشدّد معهد واشنطن على أن معالجة هذا المشهد المتأزم تتطلب من الحكومة السورية اتخاذ إجراءات سريعة تبدأ بمحاكمة الجناة، ووضع سياسة واضحة بشأن العفو، والعمل وفق نتائج لجنة التحقيق الخاصة بأحداث 6 آذار/مارس.

أما بالنسبة للدور الأميركي، فقد أوصى التقرير بدعم المنظمات الدولية المتخصصة في العدالة الانتقالية وتقديم التمويل اللازم لها لتأهيل الكوادر السورية وبناء قدرات لجان التحقيق، والاستفادة من الوثائق الأمنية التي تم الاستحواذ عليها بعد سقوط النظام، مع تأمين الخبرات الفنية اللازمة لتحليلها وتحويلها إلى ملفات قضائية صالحة للاستخدام.

وطالب بتعزيز العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة لبناء نفوذ سياسي يمكّن واشنطن من الضغط باتجاه محاسبة المتورطين في الجرائم الجسيمة، والضغط من أجل إصلاح الأجهزة القضائية والأمنية**، وتقديم الدعم الفني والتدريب عبر وزارة الخارجية الأميركية وشركائها الإقليميين.

وختم المعهد تقريره بالتأكيد على أن مصداقية المرحلة الانتقالية في سوريا تقف على مفترق طرق، وأن تجاهل ملف العدالة يهدد بإعادة إنتاج العنف بشكل أكثر عمقاً، ما لم يُبادر السوريون وشركاؤهم الدوليون إلى تحصين المسار الانتقالي برؤية قضائية ومؤسسية شاملة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ