صورة
صورة
● أخبار سورية ١٥ يونيو ٢٠٢٥

 مقتل اللواء محمد كاظمي… رجل الظل ومهندس العمل الاستخباراتي الإيراني في سوريا

أعلن المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي ووسائل إعلام إيرانية مقتل عدد من القادة العسكريين والعلماء في الهجوم الذي نفذته إسرائيل على مواقع عدة في إيران فجر يوم 13 يونيو/حزيران 2025، وأكد خامنئي أن "خلفاءهم وزملاءهم سيستأنفون مهامهم فورا"، جلهم متورطون بالدم السوري خلال فترة التدخل الإيراني في سوريا ومنهم:

يُعد اللواء محمد كاظمي من أبرز القيادات الأمنية في الحرس الثوري الإيراني، وقد تولى رئاسة جهاز الاستخبارات التابع للحرس في يونيو 2022 خلفًا لحسين طائب، في واحدة من أهم التغييرات الأمنية التي شهدتها المؤسسة العسكرية الإيرانية خلال العقد الأخير. 


امتاز كاظمي بنهج أمني صارم، واكتسب سمعته من عمله السابق كقائد لوحدة "حماية المعلومات"، وهي الجهة المعنية بكشف التسللات الاستخباراتية داخل بنية الحرس الثوري، وتعد من أكثر المؤسسات انغلاقًا وتأثيرًا في منظومة الحكم الإيرانية.

معروف داخل الدوائر الأمنية الإيرانية بلقب "رجل الثقة" لدى المرشد علي خامنئي، لعب كاظمي دورًا مركزيًا في متابعة ملف الأمن الداخلي الإيراني، إضافة إلى إشرافه على ملفات معقدة تتعلق بإدارة الأذرع الإيرانية في الخارج، وعلى رأسها سوريا، التي شكّلت ساحة استراتيجية لتثبيت النفوذ الإيراني بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011.

مع بداية الثورة السورية، تحوّل كاظمي إلى أحد أبرز العقول المدبّرة داخل إيران لإدارة التدخل غير المعلن في سوريا، ورغم عمله من الظل، أشرف على ملفات شديدة الحساسية شملت تنسيق الدعم الأمني مع أجهزة المخابرات التابعة لنظام بشار الأسد، وخاصة إدارة المخابرات العامة وشعبة الأمن السياسي، وتوسيع نفوذ "فيلق القدس" وميليشياته المرتبطة بطهران داخل الأراضي السورية.

وخلال تصعيد العمل العسكري، لعب كاظمي دورًا محوريًا في تحويل سوريا إلى مركز متقدم لعمليات الحرس الثوري، حيث أشرف على إنشاء قواعد استخباراتية وأمنية سرية في محيط دمشق، والجنوب السوري، ومنطقة البوكمال الحدودية. كما تولّى إدارة عمليات تهريب الأسلحة، وتخزين الصواريخ الإيرانية، وتجنيد مقاتلين من الميليشيات الشيعية المحلية والأجنبية، بما في ذلك "لواء فاطميون" و"زينبيون" و"حزب الله اللبناني".

تميّزت علاقة كاظمي مع نظام الأسد بطابع من التنسيق الحذر، فرغم الشراكة العسكرية الظاهرة، كان كاظمي يحرص على فرض استقلالية القرار الأمني الإيراني، ولا سيما في المناطق الحساسة التي تضم مواقع استراتيجية أو مخازن أسلحة إيرانية. وعملت استخباراته بشكل منفصل عن أجهزة النظام، مع وجود خطوط تواصل مباشرة مع القصر الجمهوري.

كاظمي كان أيضًا مسؤولًا عن ملفات اغتيالات واستهداف معارضين لإيران داخل سوريا، واستخدم الأراضي السورية كمنصة استخباراتية متقدمة لجمع المعلومات عن إسرائيل، ورصد تحركات القوى الغربية، ونقل البيانات الاستخباراتية إلى طهران عبر شبكة معقّدة من العملاء والخبراء الفنيين.

بعد سقوط نظام بشار الأسد وانطلاق المرحلة الانتقالية في سوريا، تلقى كاظمي ضربة استراتيجية قاسية، فقد تراجع النفوذ الإيراني بسرعة، وتم تفكيك العديد من القواعد المرتبطة بالحرس الثوري، كما تم تقليص الوجود الاستخباراتي الإيراني في محيط العاصمة والمناطق الجنوبية، وفقدت طهران حلفاء أمنيين بارزين داخل النظام السوري.

وفي ظل الضغوط السياسية والعسكرية، فشل كاظمي في إعادة تثبيت الحضور الإيراني السابق، رغم محاولاته لتنشيط خلايا نائمة واستعادة نقاط نفوذ عبر ميليشيات محلية في دير الزور وريف حلب. وقد قوبلت هذه التحركات بحملات ملاحقة من السلطات الانتقالية السورية، التي شددت قبضتها على مفاصل الأمن ومنعت إعادة تموضع أي نفوذ أجنبي.

قُتل محمد كاظمي في يونيو 2025 خلال ضربة إسرائيلية استهدفت مقرًا استخباراتيًا في طهران، بعد أقل من أسبوع على مقتل خسرو حسني، نائب رئيس استخبارات "قوة الجو-فضاء" الإيرانية، في دمشق. شكل مقتله صدمة داخل أروقة الحرس الثوري، إذ اعتُبر أبرز عقل أمني لإيران في سوريا، وأحد الأركان السرية لإدارة تمددها العسكري والأمني في المنطقة.

لم يكن اللواء محمد كاظمي مجرد ضابط استخبارات إيراني، بل كان أحد أبرز مهندسي النفوذ الإيراني في سوريا خلال سنوات الصراع، وإلى جانب طهران، خسر الحرس الثوري برحيله أحد أشرس أدواته الاستخباراتية وأكثرهم حنكة، في لحظة تشهد فيها سوريا تحوّلات جذرية تقودها قوى سياسية انتقالية تسعى إلى إنهاء هيمنة الخارج، وبناء سيادة وطنية مستقلة على أنقاض النظام السابق وتحالفاته.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ