
"موعد مع وطن جديد".. فعالية مسرحية في حماة تضيء على الذاكرة الجماعية وتبشّر بمستقبل أفضل
أُقيمت مؤخراً فعالية مسرحية بعنوان "موعد مع وطن جديد" في مدينة حماة، بتنظيم من فريق "حكاية شغف" وبالتعاون مع مديرية البيئة في حماة، حيث احتضن مدرج مجلس المدينة الحدث الذي جمع بين التوثيق الفني والاستشراف المستقبلي.
الفعالية انقسمت إلى قسمين رئيسيين، بحسب ما أوضحته ماريا عبد الرحمن، المساعدة الإدارية في فريق "حكاية شغف"، في تصريح لـ"زمان الوصل". القسم الأول تمثل بعرض مسرحي مؤدّى من قبل طفلتين، تناول أحداث حرب مدينة حماة 1982، بهدف تعريف الجيل الجديد بتلك الحقبة، وتسليط الضوء على جرائم النظام البائد التي ما زالت غائبة عن وعي الكثيرين من أبناء الجيل الصاعد.
أما القسم الثاني، فكان عبارة عن أمسية أدبية قدّم خلالها كتاب الفريق نصوصاً مسرحية تناولت موضوعات النصر، ومرحلة ما قبل سقوط النظام، والسعادة بالتحرر، مع لمحات استشرافية عن المستقبل المنشود لسكان المدينة.
وقال علي محمود المصري، الكاتب في فريق "حكاية شغف":"قدمنا هذه الفعالية فرحاً بالنصر وتذكيراً لأهالينا بالمصائب التي حصلت خلال حكم النظام البائد. دوري ككاتب في هذا الحدث لا يُقدّر بثمن. نحن نؤمن بأن الكلمة قادرة على صناعة التغيير في المجتمع، وهذا ما نسعى إليه من خلال نشاطاتنا الفنية والثقافية."
يُذكر أن هذه الفعالية تأتي في سياق جهود ثقافية متواصلة تهدف إلى إعادة بناء الوعي الجمعي وترسيخ قيم الحرية والعدالة من خلال الفن، في مدينة لا تزال تحاول استعادة نبضها بعد سنوات من الألم والاضطهاد. حُظيت الفعالية بتفاعل واسع من الناشطين، الذين ثمّنوا أهمية تسليط الضوء على أحداث مغيّبة من تاريخ المدينة. وتناقلوا عبر منصات التواصل مقاطع من العرض، مؤكدين أن الفعالية تساهم في تعزيز الوعي المجتمعي، وأشادوا بجهود فريق "حكاية شغف" في توظيف الفن لخدمة قضايا الذاكرة والحرية.
ويُذكر أن مجزرة حماة تعد واحدة من أبشع الانتهاكات التي ارتكبها المقبور حافظ الأسد. وفي نهاية يناير 1982، حاصرت قوات من أجهزة الأمن والجيش مدينة حماة، وتمركزت بعض القوات في عدة مناطق داخل المدينة، وتوزعت القوات المشاركة في المجزرة بين:
(قوات سرايا الدفاع: 12 ألف جندي بقيادة رفعت الأسد - قوات الوحدات الخاصة: بالأسلحة الثقيلة والدبابات والمدفعية - الكتائب الحزبية: تتكون من مدنيين دربوا على حمل السلاح - قوات فرع الأمن العسكري - - قوات أمن الدولة - الأمن السياسي).
بداية المجزرة: حصار المدينة وبدء القصف العشوائي
في 2 فبراير 1982، بدأت القوات باقتحام المدينة، وأدت الاشتباكات الأولية إلى انسحاب القوات المقتحمة وبدأت بعد ذلك عمليات القصف العشوائي باستخدام المدافع والرشاشات والطائرات، مما دمر الأحياء السكنية بشكل كبير، وطال القصف المساجد والعيادات وأماكن العبادة، مما أسفر عن مقتل وجرح أعداد كبيرة من المدنيين.
الاقتحام البري .. شباط 1982 تاريخ لن ينسى
في 4 فبراير 1982، بدأت المرحلة الثانية من المجزرة باقتحام بري نفذته دبابات اللواء 47. دارت معركة عنيفة في الأحياء السكنية، وقامت القوات بنصب راجمات صواريخ وقاذفات هاون، مما أدى إلى تدمير العديد من المنازل في المدينة.
نتائج المجزرة: قتلى بالآلاف يوم دمرت قوات الأسد مدينة بأكملها
خلفت مجزرة حماة التي استمرت 27 يوماً نحو 30 إلى 40 ألف قتيل مدني، وتوثق بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 7984 منهم، كما تم تقدير المفقودين بحوالي 17 ألف شخص. كما دمر القصف العديد من الأحياء في المدينة بنسبة متفاوتة، حيث سويت بالأرض بعض المناطق بشكل كامل مثل الكيلانية والعصيدة الشمالية، ولايمكن وصف هول المجزرة التي أغفلها الإعلام الرسمي والعربي والدولي، كما لم تحظ المجزرة التي كانت أبشع إبادة في تاريخ سوريا القديم والمعاصر بأي موقف دولي.