
وقفة احتجاجية في دمشق للمطالبة بالكشف عن مصير المختفيين قسراً
ما تزال آلاف العائلات السورية تعيش في دوامة انتظار مؤلم، دون أن تعرف مصير أبنائها الذين غيّبتهم قوات النظام البائد في السجون والمعتقلات، وسط صمت مستمر منذ سنوات. وعلى الرغم من تغيّر المشهد السياسي وسقوط المجرم بشار الأسد، لا يزال ملف المعتقلين والمختفين قسراً طي الغموض، ما يدفع الأهالي لمواصلة المطالبة بكشف الحقيقة وإنهاء حالة الغياب القسري.
وفي حي ركن الدين وسط العاصمة دمشق، نظّم عدد من أهالي المعتقلين والمفقودين قسرياً وقفة احتجاجية رفعوا خلالها صور أبنائهم، موجّهين نداءاتهم إلى الحكومة السورية الجديدة، مطالبين بوضع حد للانتظار القاتل والكشف عن مصير أحبّائهم.
امتلأت الساحة بعشرات الصور التي علقها الأهالي لأبنائهم الغائبين، في مشهد يختزل سنوات من الألم. ورفعت لافتات كُتبت باللغتين العربية والإنجليزية تناشد الجهات الرسمية بالتحرك الجاد لإنهاء المأساة. وقد بدت ملامح الحزن والانكسار على وجوه المشاركين، لا سيما الأمهات اللواتي احتضنّ صور أبنائهن وسط دموع وآهات لا تنقطع.
في مشهد مؤثر، ردد الحضور هتافات تضامنية من بينها: "أم الشهيد نحن ولادك"، تعبيرًا عن وحدة الوجع السوري، فيما عبّرت الأمهات عن ألمهن في لقاءات مصوّرة، مؤكدات أن الصبر طال، وأن مطلبهن إنساني بحت: معرفة الحقيقة فقط.
صحيفة "زمان الوصل" نقلت شهادات حيّة من موقع الوقفة، من بينها شهادة فدوى شعبو، التي قالت وهي ترفع صورة ابنها المعتقل منذ عام 2014:
"نحن نقف هنا حتى نعرف مصير أولادنا. لدينا أمل أنهم ما زالوا أحياء، لكننا لا نعلم أين. ابني اعتُقل ووُضع في فرع أمني، وليس في سجن، ومنذ ذلك اليوم لا نعرف شيئًا عنه".
وفي شهادة أخرى، قال محي الدين أبو أسعد: "أخي عمران مصطفى أبو أسعد استشهد، ونريد أن نعرف أين دُفن، من الذي قتله؟ أقل ما نطلبه هو معرفة مكان قبور أحبّائنا."
كما قالت فتحية، والدة الشهيد أحمد سامو، إنها جاءت للمشاركة كي تطالب بكشف مصير المعتقلين والمختفين قسرياً: "أين أبناؤنا؟ ماذا حصل لهم؟ نريد إجابات."
من جهتها، تحدثت هيلين عكو، معتقلة سابقة، مؤكدة أن تنظيم الحراك في ركن الدين جاء للمطالبة بالعدالة ومساءلة من تسبب بهذه المآسي. وقالت:
"أريد عظام أخي فقط، كي أزوره. منذ 13 سنة وأنا أنتظره. أريد هويته، ملابسه، أي شيء يدلّني عليه."
في خلفية الوقفة، حضرت عشرات القصص الأخرى التي لا تُروى فقط في ركن الدين، بل في كل أنحاء سوريا. عائلات لا تطلب شيئًا سوى الحقيقة؛ لا تعويض يعوّض، ولا عزاء يكفي، بل مطلب بسيط مؤلم: معرفة مصير الأبناء ومحاسبة المسؤولين عن تغييبهم.
في كل يوم يخرج صوت جديد من قلب الوجع، من بيت ينتظر، ومن أم ما زالت تُعدّ الأيام… من أجل أن تعرف فقط: هل لا يزال ابنها حيًا؟ وإن لم يكن، فأين مرقده؟