أدانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في بيان لها، اعتداء عناصر من قوى الأمن الداخلي على قاضٍ أثناء تأدية مهامه في مدينة حلب، معتبرة أنها انتهاك لحرمة السلطة القضائية ومبدأ استقلال القضاء يستوجب المساءلة الفورية، وتمثل انتهاكاً للضمانات القانونية المكفولة للقضاة، واعتداءً مباشراً على أحد الركائز الأساسية لسيادة القانون. وتكشف الانتهاكات المرتكبة في هذا السياق عن إخلال بعدد من المبادئ الدستورية والقانونية.
وقالت الشبكة إنه في مساء السبت، الموافق 24 أيار/مايو 2025، تعرّض القاضي أحمد مصطفى حسكل، قاضي التحقيق في مدينة حلب، لاعتداء جسدي ولفظي من قبل عناصر يتبعون لقوى الأمن الداخلي، التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة السورية، أثناء قيامه بمهامه القضائية في الكشف على جثة تعود إلى ضحية جريمة قتل وقعت في حي الشيخ سعيد.
واستناداً إلى شهادات محلية موثوقة من قبل فريق الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، توجّه القاضي أحمد حسكل برفقة دورية من قوى الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية إلى مشفى حلب الجامعي، وذلك للكشف على الجثة التي نُقلت من موقع الجريمة إلى المشفى، تمهيداً لإجراء الفحص الرسمي وتحرير الضبط اللازم.
وأوضحت أنه عند وصولهم إلى المشفى في ساعة متأخرة من الليل، نشب خلاف بين القاضي وأحد عناصر الأمن، بسبب اعتراض القاضي على مغادرة السيارة نظراً لتأخر الوقت، وطلبه نقل الجثة مباشرة إلى مركز الطبابة الشرعية.
تطور الخلاف بسرعة إلى مشادة كلامية، ثم إلى اعتداء لفظي، قبل أن يتحوّل إلى اعتداء جسدي نفّذه العنصر الأمني ضد القاضي، حيث تعرّض الأخير للضرب المبرح بحسب شهود عيان من المدنيين الذين تواجدوا في المكان. ولم يتدخل بقية العناصر لإيقاف الاعتداء، بل شارك بعضهم فيه لاحقاً، بعد أن حاول القاضي الدفاع عن نفسه.
في أعقاب الحادثة، اقتيد القاضي حسكل إلى قسم الأمن الداخلي في حي الصالحين، حيث وُضع في زنزانة انفرادية لمدة تقارب ست ساعات، وتعرض خلال ذلك لاعتداء جسدي ثانٍ داخل القسم. وقد أُفرج عنه صباح الأحد 25 أيار/مايو 2025، بعد تدخل كل من المحامي العام الأول وقاضي التحقيق الأول في مدينة حلب.
ولفتت الشبكة إلى توثيق صور تُظهر كدمات شديدة ومتفرقة على جسد القاضي، مما يدل بوضوح على تعرضه لضرب مبرح، وفي 26 أيار/مايو، أصدرت وزارة العدل في الحكومة السورية الانتقالية بياناً أدانت فيه هذا الاعتداء، وأعلنت عن فتح تحقيق عاجل بالتنسيق مع وزارة الداخلية، وتوقيف عدد من المتورطين في الحادثة. كما نفت الوزارة ما تم تداوله من شائعات بشأن شغل القاضي حسكل لأي موقع ضمن هيئات محكمة الإرهاب التابعة لحكومة النظام السابق، مؤكدة عدم صحة هذه المزاعم التي رُوّج لها كمحاولة لتبرير الانتهاك.
وفق الشبكة، تمثل هذه الحادثة انتهاكاً للضمانات القانونية المكفولة للقضاة، واعتداءً مباشراً على أحد الركائز الأساسية لسيادة القانون. وتكشف الانتهاكات المرتكبة في هذا السياق عن إخلال بعدد من المبادئ الدستورية والقانونية، أبرزها:
- استقلال السلطة القضائية، وهو مبدأ راسخ بموجب المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويلزم السلطة التنفيذية بالامتناع عن أي تدخل في شؤون القضاء أو تهديد لسلامة القضاة.
- عدم جواز توقيف القضاة أو المساس بهم بسبب مهامهم القضائية، إلا ضمن إطار إجراءات قانونية واضحة تضمن حقَّ الدفاع والمساءلة أمام مجلس القضاء المختص، وحظر التعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك أي معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، وهو مبدأ قطعي في القانون الدولي، وملزم للحكومة الانتقالية التي تتحمل مسؤوليات قانونية تجاه المدنيين وموظفي الدولة.
- رفض الاعتقال التعسفي خارج نطاق القضاء المستقل، بما يخالف المادة 9 من العهد الدولي ذاته، ويمثل في حال تكراره مؤشراً مقلقاً على استشراء ظاهرة الإفلات من العقاب داخل أجهزة الأمن.
وأوصت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" بعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات الجسيمة، مطالبة بتح تحقيق قضائي مستقل وشفاف، يشمل جميع المتورطين في الاعتداء والاحتجاز، بمن فيهم المسؤولون الإداريون في قسم الأمن الداخلي بحي الصالحين.
وأكدت على ضرورة إحالة كل من يثبت تورطه إلى محاكمة علنية أمام القضاء المختص، والتأكيد على أنَّ المعالجة الإدارية الداخلية لا تكفي لتحقيق الردع العام أو العدالة المطلوبة، ومراجعة أنظمة التنسيق بين الجهات الأمنية والسلطة القضائية، لضمان احترام المهام القضائية، لاسيما في القضايا ذات الطابع الخطير.
وطالبت بتشكيل لجنة رقابية مستقلة تُعنى بمتابعة أداء أجهزة الأمن الداخلي، وتقديم تقارير دورية عن الانتهاكات المرتكبة بحقِّ المدنيين والعاملين في القطاعات القضائية والطبية، وإصدار دليل إجراءات ملزم للعناصر الأمنية، يتضمن بروتوكولات واضحة للتعامل مع القضاة، ويؤكد على الالتزام بالمبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استقلال القضاء.
وشددت على ضرورة تنظيم برامج تدريب دورية للعناصر الأمنية حول مبادئ حقوق الإنسان، تركز على احترام البنية المؤسسية للدولة ومنع استخدام العنف أو الإهانة ضد ممثلي السلطات الأخرى، ونشر نتائج التحقيقات للرأي العام بشكل شفاف، بما يسهم في تعزيز الثقة بمؤسسات الحكومة الانتقالية، ويمثل قطيعة واضحة مع ممارسات القمع والإفلات من العقاب التي سادت في عهد النظام السابق، واستحداث آلية فعّالة لتلقي الشكاوى القضائية من القضاة، تمكّنهم من الإبلاغ عن أي تهديد أو تدخل أو إساءة أثناء تأدية مهامهم، وتكفل لهم الحماية القانونية والأمنية الكاملة.
ناقش المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، خلال جولة شملت المملكة العربية السعودية والأردن، سبل دعم الشعب السوري على المستويين الإنساني والاقتصادي، مؤكداً أن المرحلة الحالية تتطلب استجابة دولية ترتكز على الشراكات، لا الإملاءات.
أفادت وكالة الأنباء السعودية "واس" بأن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان استقبل باراك في الرياض، حيث تركزت المحادثات على خطوات تعزيز المساعدة للشعب السوري، وسبل توفير الدعم في هذه المرحلة المهمة، وسط تحولات سياسية ودبلوماسية متسارعة تعيشها الساحة السورية بعد قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية.
وفي العاصمة الأردنية، التقى باراك بنائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، حيث شدد الأخير على أن استقرار سوريا يمثل "عنصراً حيوياً لاستقرار المنطقة ككل"، مشيراً إلى ضرورة تفعيل الجهود الدولية لدعم وحدة سوريا وتحريرها من الإرهاب، مع ضمان حقوق السوريين في بناء مستقبل آمن ومستقر.
البيان الصادر عن وزارة الخارجية الأردنية، نُشر عبر منصة "إكس"، أكد وجود توافق أردني-أميركي بشأن ضرورة دعم عملية إعادة الإعمار، وتهيئة المناخ المناسب للحل السياسي، وشدد الصفدي على أن قرار رفع العقوبات عن سوريا "خطوة مركزية" لتقوية قدرة الحكومة السورية على مواجهة التحديات الاقتصادية والإنسانية.
وفي تصريحات نشرتها السفارة الأميركية، أكد باراك أن الولايات المتحدة تتبنى توجهاً جديداً في المنطقة يقوم على "الشراكات المتبادلة والاحترام"، مشيراً إلى أن زمن "الوصاية الغربية ورسم الخرائط من الخارج" قد انتهى، وأن المنطقة تدفع اليوم ثمن أخطاء تعود إلى اتفاقية سايكس بيكو.
وقال باراك: "نحن لا نعود إلى سوريا بجنود أو خرائط مرسومة، بل نقف إلى جانب الشعب السوري، ندعم خياراته الحرة، ونبني معه لا فوقه"، مضيفاً أن المرحلة المقبلة ستكون مبنية على التكامل الإقليمي، مشيراً إلى خطاب الرئيس دونالد ترامب في الرياض يوم 13 أيار، بوصفه علامة فارقة في هذه المقاربة.
وكان المبعوث الأميركي قد التقى الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني في مدينة إسطنبول، حيث عبّر الشرع عن تقديره لقرار رفع العقوبات، ورحّب بالإجراءات الأميركية التي تهدف إلى تسهيل عملية التعافي الاقتصادي في سوريا.
ووفق تصريحات باراك، فإن "المأساة السورية نشأت من الانقسام، ولكن إعادة ولادة سوريا يجب أن تأتي عبر الوحدة والكرامة"، معتبراً أن الدعم الدولي الجديد، المتمثل بتخفيف العقوبات، يفتح الباب أمام السوريين للانطلاق في بناء دولتهم من جديد.
اختتم باراك جولته بالتأكيد على أن الدعم الأميركي الجديد ليس "دعماً فوقيًّا"، بل هو شراكة تقوم على تمكين السوريين من اتخاذ قراراتهم دون وصاية، والعمل مع القوى الإقليمية والدولية لإنهاء المرحلة الانتقالية نحو الاستقرار والتنمية.
وأكد أن المرحلة القادمة ستشهد خطوات إضافية لتعزيز الشراكات مع تركيا ودول الخليج والاتحاد الأوروبي، بما يعيد سوريا إلى موقعها الطبيعي في المنطقة، كشريك آمن ومزدهر، بعيداً عن فوضى العقوبات والانقسامات القديمة.
أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، أن دعم استقرار سوريا يشكّل عنصراً حيوياً لاستقرار المنطقة ككل، مشدداً على ضرورة تكثيف الجهود الدولية لتعزيز أمن سوريا ووحدتها، وتمكينها من تجاوز تحدياتها الحالية.
جاء ذلك خلال لقائه في العاصمة الأردنية، يوم الأربعاء، مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، حيث بحث الجانبان مستجدات الوضع السوري، وسبل دعم عملية إعادة الإعمار بما يضمن استعادة الأمن والسيادة السورية، وتحرير البلاد من الإرهاب، ويحفظ حقوق الشعب السوري وتطلعاته نحو مستقبل آمن ومستقر.
وذكرت وزارة الخارجية الأردنية في بيان نشرته عبر منصة "إكس"، أن اللقاء عكس توافقاً أردنياً-أميركياً على ضرورة استمرار التعاون في دعم جهود الحل السياسي في سوريا، وتهيئة الظروف المناسبة لإعادة البناء الشامل.
وأشار الصفدي إلى أن "رفع العقوبات المفروضة على سوريا يمثّل خطوة مركزية" في دعم الحكومة السورية وتمكينها من مواجهة التحديات الاقتصادية والإنسانية، معتبراً أن القرار الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن رفع العقوبات يشكل تحوّلاً مهماً في مسار دعم الشعب السوري.
وشدّد الصفدي على أهمية التنسيق المشترك بين مختلف الأطراف المعنية من أجل تسريع الاستجابة الدولية، وضمان استدامة جهود التعافي، بما يعزز استقرار سوريا والمنطقة ككل.
رحّبت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المتوسط، دوبرافكا سويتشا، بقرار المجلس الأوروبي القاضي برفع العقوبات الاقتصادية القطاعية المفروضة على سوريا، واعتبرته خطوة جديدة نحو دعم الشعب السوري في مساعيه لإعادة بناء دولة "سلمية، شاملة ومزدهرة".
وقالت سويتشا، في تغريدة نشرتها عبر منصة X، "أرحب بقرار المجلس اليوم برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، ونواصل التزامنا بتحقيق انتقال سياسي ناجح بقيادة سورية، والتعافي الاجتماعي والاقتصادي السريع"، مضيفة أنها تتطلع لزيارة سوريا في المرحلة المقبلة.
وكان المجلس الأوروبي قد أعلن في وقت سابق اليوم، الأربعاء 28 أيار، عن تبني إجراءات قانونية جديدة تقضي بإلغاء جميع العقوبات الاقتصادية القطاعية على سوريا، باستثناء تلك المرتبطة بالملف الأمني. وبحسب ما نشر في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، فقد دخل القرار حيز التنفيذ فوراً.
ويأتي هذا التحرك الأوروبي في سياق مساعي تعزيز التعاون مع الشعب السوري ومؤسساته المدنية، ضمن إطار إعادة الإعمار، دون أن يشمل القرار الكيانات والأشخاص المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان أو الذين لا يزالون على صلة مباشرة بالنظام السابق.
ورغم هذا الانفتاح الاقتصادي، حذّر الاتحاد من أن البنية الأمنية والسياسية للنظام السوري السابق لا تزال نشطة داخل البلاد وخارجها، وتمثل خطراً فعلياً على جهود الانتقال السياسي. ولفت إلى وقوع أحداث دموية مؤخراً في الساحل السوري بدعم من جهات محسوبة على النظام القديم، هدفت إلى تقويض الاستقرار ومنع أي تقدم في المسار السياسي.
كما أشار البيان إلى وجود أكثر من 100 موقع يُشتبه باحتوائه على أسلحة كيميائية داخل سوريا، وهو ما يتجاوز بكثير العدد الذي تم الإعلان عنه سابقاً، داعياً إلى اتخاذ إجراءات حازمة لمعالجة هذا الملف بوصفه "أولوية أمنية لحماية المدنيين".
بالتوازي مع هذا القرار، أعلن الاتحاد الأوروبي تمديد العقوبات المفروضة على النظام السوري حتى 1 يونيو 2026، مع إجراء تعديلات على آليات إدراج الأفراد والكيانات في قوائم العقوبات. وشملت التعديلات تحديث المعايير بناءً على مدى التورط في الانتهاكات أو العلاقة بالنظام السابق، إضافة إلى أنشطة محتملة في مجال الأسلحة الكيميائية.
وتتضمن العقوبات تجميداً للأصول المالية، ومنعاً لتقديم أي دعم اقتصادي مباشر أو غير مباشر للأفراد والجهات المدرجة، مع استثناءات محددة لأغراض إنسانية وتعليمية، تُنفذ وفق ضوابط صارمة.
كما سمح الاتحاد الأوروبي بإقامة تعاون محدود مع بعض الكيانات المدرجة في مجالات مثل إعادة الإعمار، وبناء القدرات، ومكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية، إضافة إلى حذف بعض المواد والملاحق التي لم تعد تنسجم مع الوضع الحالي.
وأكد البيان الختامي للمجلس الأوروبي أن القرار يخضع للمراجعة الدورية، بناءً على تطورات الوضع في سوريا، مع التشديد على التزام الاتحاد الكامل بدعم مسار الانتقال السياسي الشامل والعادل، وتعزيز استقرار سوريا ورفاه شعبها.
من جانبه، رحّب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، بقرار الاتحاد الأوروبي، معتبراً إياه تحركاً نوعياً في توقيت حاسم. وأكد، في تغريدة له عبر منصة X، أن هذا الإجراء يمثل "دعماً حقيقياً للشعب السوري في سعيه نحو مستقبل ديمقراطي وسلمي"، مشيداً بسرعة الاستجابة الأوروبية للظروف السياسية والاقتصادية الراهنة في البلاد.
جدّد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، التزام المنظمة الدولية بمساندة مؤسسات الدولة السورية في سبيل تحقيق انتقال سياسي ناجح، مشدداً على أهمية الإصلاحات في مجالات القضاء والأمن والتعليم والاقتصاد.
في تغريدة له عبر منصة X، أشار بيدرسون إلى عقده اجتماعاً مثمراً في دمشق مع وزير العدل السوري، مظهر الويس، حيث جرى بحث سبل دعم الإصلاح القضائي في سوريا. ولفت إلى أن الوزير أطلعه على الخطوات المتخذة في هذا المجال، مبرزاً التحديات الراهنة وضرورة مواصلة التعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية للمضي قدماً.
وفي لقاء آخر جمعه بوزير الداخلية أنس خطاب، أوضح بيدرسون أن المباحثات تناولت الإصلاحات الجارية في القطاع الأمني، بما في ذلك إعادة الهيكلة التنظيمية داخل الوزارة، حيث عرض الوزير رؤيته لمواجهة التحديات الأمنية، وخطط تعزيز الاستقرار في مختلف المناطق السورية، وأكد المبعوث الأممي أن "السلامة والأمن يمثلان ركائز أساسية لضمان نجاح الانتقال السياسي في سوريا".
وصف بيدرسون اجتماعه مع وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد الرحمن تركو بـ"البناء والمثمر"، مشيراً إلى استعراض التحديات المتعددة التي تواجه قطاع التعليم، والخطط الاستراتيجية الموضوعة للنهوض به، وأكد على الحاجة الماسة إلى دعم دولي مستمر، خاصة من منظومة الأمم المتحدة، وقال بيدرسون: "يستحق الشباب السوري الحصول على تعليم عالي الجودة، وعلى الفرصة الحقيقية للمساهمة في بناء مستقبل واعد".
وفي الشق الاقتصادي، أشار بيدرسون إلى لقائه مع حاكم مصرف سوريا المركزي، الدكتور عبد القادر الحصرية، حيث جرى التطرق إلى واقع الاقتصاد السوري، وتداعيات العقوبات والفرص الممكنة لتخفيفها.
وأوضح بيدرسون أن "إنعاش الاقتصاد السوري يتطلب أنظمة مالية موثوقة وإصلاحات شجاعة، إلى جانب دعم دولي قوي"، معتبراً أن المرحلة الحالية تمثل مفترق طرق حاسماً، وأن أي تخفيف للعقوبات يمكن أن يشكل فرصة حقيقية لإعادة البناء وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وختم المبعوث الأممي تغريداته بالتأكيد على التزام الأمم المتحدة بمواصلة العمل مع جميع الأطراف لتحقيق انتقال سياسي شامل، وتحسين ظروف معيشة السوريين عبر دعم المؤسسات، وتعزيز الاستقرار، ودفع عجلة التنمية.
وسبق أن بحث وزير التربية والتعليم، الدكتور محمد عبد الرحمن تركو، اليوم مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، السيد غير بيدرسون، مستجدات القطاع التربوي والتحديات الراهنة التي تواجه العملية التعليمية في البلاد.
وأكد الطرفان خلال اللقاء أهمية توسيع آفاق التعاون بين الحكومة السورية ومنظومة الأمم المتحدة في المجال التربوي، بهدف تحسين جودة التعليم وتوفير بيئة تعليمية آمنة وداعمة لكل من الطلاب والمعلمين.
وتناول اللقاء عددًا من القضايا الجوهرية، من بينها تطوير المناهج الدراسية، وإعادة هيكلة الإدارة التربوية، وتحسين أوضاع المعلمين، بما يضمن تحقيق مبدأ التعليم للجميع، وضمان الحق الأساسي لكل طفل في التعلّم ضمن بيئة مناسبة.
كما استقبل الشيباني المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، السيد غير بيدرسون، حيث أكد الطرفان على أهمية الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها، كما ناقشا سبل تعزيز التعاون بين الحكومة السورية والأمم المتحدة، بما يشمل ملفات العدالة الانتقالية وآليات التنسيق الإنساني والسياسي في المرحلة القادمة.
وسبق أن رحب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون بإعلان الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا في قطاعات رئيسية مثل الطاقة والمصارف، وعبر في منشور اليوم، عبر منصة X، عن تقديره لتحرك الاتحاد الأوروبي السريع وفقاً للخطوات السابقة، مؤكداً أهمية القرار الذي اتخذه الاتحاد في دعم الشعب السوري في سعيه لبناء مستقبل شامل وسلمي وعادل.
وقّعت نقابة المهندسين الأردنيين ونظيرتها السورية، اليوم، مذكرة تفاهم تهدف إلى توطيد التعاون المهني والعلمي والهندسي بين الطرفين، وفتح آفاق جديدة للعمل المشترك بما يخدم المصالح المتبادلة، ويعزّز التكامل العربي في مشاريع إعادة الإعمار.
وذكرت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" أن المذكرة جاءت في إطار حرص النقابتين على بناء شراكة فاعلة مع النقابات المهنية في الدول الشقيقة، خاصة في ظل الحاجة إلى توحيد الجهود العربية في مجالات التدريب، والاستشارات، وتنفيذ المشاريع الاستراتيجية. وأكد الجانبان أهمية تبادل الخبرات لرفع مستوى الكفاءات الهندسية، وتطوير المهنة بما يلائم التحولات المتسارعة.
وشدّد الطرفان على أن هذه المذكرة تشكّل خطوة استراتيجية لرسم مسار مستدام للتعاون في قطاع الهندسة، خصوصاً في سياق مرحلة إعادة إعمار سوريا، معتبرين أن الوثيقة تفتح المجال لتفعيل الشراكة المهنية بين المهندسين الأردنيين والسوريين بشكل عملي وفعّال.
وتنص المذكرة على التعاون في عدة مجالات، من أبرزها التدريب والتعليم الهندسي المستمر من خلال "أكاديمية المهندسين للتطوير والتدريب الهندسي"، وتبادل الخبرات والبيانات الفنية، والتنسيق في تقديم الاستشارات، فضلاً عن تنظيم المؤتمرات والندوات وتبادل النشرات والدوريات التخصصية.
وأكدت المذكرة أهمية التركيز على ملف إعادة الإعمار كأولوية وطنية سورية وفرصة عربية جماعية لترسيخ التضامن المهني والتكامل الفني، وإعادة بناء المجتمعات على أسس حديثة ومستدامة.
وأعلنت نقابة المهندسين الأردنيين عن إعداد دراسة متكاملة لاستكشاف وتحليل فرص المشاركة في مشاريع الإعمار بسوريا، وتشكيل تصور هندسي شامل يسهم في تطوير رؤية استراتيجية طويلة الأمد للتعاون مع المؤسسات السورية.
وتغطي الدراسة سبعة محاور رئيسية تشمل: التخطيط العمراني، التنمية الحضرية المستدامة، الرؤية الإسكانية، البنية التحتية (الطاقة، المياه، الصرف الصحي، الكهرباء، النقل)، إضافة إلى تأهيل المباني والمواقع التراثية، وربطها بمفاهيم الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية.
كما تناولت الدراسة قضايا الهجرة والسلامة الحضرية، والتحول الرقمي، وأمن المعلومات، ودور التكنولوجيا في بناء منظومات ذكية تدير بيانات الإعمار بكفاءة وشفافية، وتستجيب للمخاطر والطوارئ المستقبلية.
وتطرقت الوثيقة إلى أهمية الحوكمة الرشيدة وإدارة المخاطر في ضمان مرونة المشاريع الهندسية وفاعلية الاستجابة للأزمات، إلى جانب اقتراح آليات تمويل مستدامة من خلال التعاون مع الشركاء الدوليين والمؤسسات المانحة والقطاع الخاص، لتأمين تنفيذ المشاريع وفق أعلى المعايير المهنية.
كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة تنفيذ بنود مذكرة التفاهم، وتنسيق جهود التعاون المستقبلية بين النقابتين، مع تأكيد الالتزام بسرية المعلومات، وتوثيق أي ترتيبات إضافية في ملاحق تفصيلية.
وقد وقّع المذكرة عن الجانب الأردني نقيب المهندسين عبدالله غوشه، وعن الجانب السوري نقيب المهندسين مالك حاج علي، خلال مراسم أُقيمت في مقر النقابة في عمّان، بحضور أعضاء من مجلسي النقابتين وممثلين عن الهيئات الإدارية.
أصيب ستة أشخاص بجروح متفرقة إثر انفجار لغم بسيارة إسعاف كانت تقل مرضى لغسيل الكلية، أثناء مرورها على أحد الطرق في بلدة عريقة بريف السويداء الغربي.
وأكدت إدارة مشفى السويداء الوطني أن المصابين نُقلوا إلى قسم الإسعاف فوراً، مشيرة إلى أن الإصابات توزعت بين جروح في الوجه والرأس، فيما سُجّلت آذيات عينية لدى مصابين اثنين. ولفتت إلى أن الإصابات جميعها طفيفة ولا تُشكّل خطراً على الحياة.
وتشهد بعض الطرق الزراعية وغير المعبّدة في المحافظة وجود ألغام ومخلّفات حربية، الأمر الذي يعرّض المدنيين لمخاطر متكررة، خصوصاً في ظل ضعف عمليات المسح وإزالة الألغام في المنطقة.
وقبل أسبوع قُتل عنصران من قوات الأمن العام وأُصيب آخرون بجروح متفاوتة، جرّاء انفجار لغم أرضي بآليتهم، في منطقة قاع البنات قرب تلول الصفا، الواقعة في عمق بادية السويداء الشرقية.
وجاء وذلك خلال عمليات تمشيط تنفذها القوات الأمنية في المنطقة وأكدت مصادر أن الآلية الأمنية كانت ضمن دورية تقوم بمسح ميداني للمنطقة، في إطار جهود تأمين خطوط التماس القديمة وتفكيك الألغام والمخلفات الحربية.
إلا أن اللغم، الذي يُعتقد أنه من مخلفات المعارك السابقة، انفجر تحت إحدى العربات، ما أدى لسقوط شهيدين على الفور، وجرح اثنين آخرين تم نقلهم إلى مستشفى السويداء الوطني.
ويعرف أن منطقة تلول الصفا من أكثر المناطق وعورة في بادية السويداء، وقد شهدت خلال السنوات الماضية معارك ضارية بين قوات النظام السابق وتنظيم داعش، أسفرت عن انتشار واسع للألغام والمفخخات، بعضها لا يزال نشطاً حتى اليوم، رغم محاولات التمشيط والتطهير.
وسبق لسكان من القرى المحاذية للبادية أن طالبوا مراراً بضرورة إزالة الألغام وتطهير المنطقة، لما تشكله من خطر دائم على المدنيين والرعاة وحتى الفرق الأمنية العاملة هناك.
ويذكر أن مع تصاعد حوادث انفجارات مخلفات الحرب الأخيرة، عادت هذه المطالبات إلى الواجهة، في وقتٍ تُكثف فيه قوات الأمن العام عمليات المسح الميداني بهدف تمشيط وتأمين المنطقة.
أوفدت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بعثة تقنية إلى العاصمة السورية دمشق، تمهيداً لاستكمال الخطوات العملية اللازمة لإعادة فتح سفارة المملكة المغربية هناك، بعد أكثر من عقد على إغلاقها.
ووفقاً لما أوردته وكالة المغرب العربي للأنباء، تأتي هذه الخطوة في إطار تنفيذ قرار العاهل المغربي الملك محمد السادس، الذي أعلن عن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وإعادة افتتاح السفارة المغربية في دمشق، وذلك خلال كلمته أمام القمة العربية الرابعة والثلاثين التي استضافتها العاصمة العراقية بغداد في 17 مايو الجاري.
وأشارت الوكالة إلى أن البعثة التقنية المغربية ستجري سلسلة من اللقاءات مع كبار مسؤولي وزارة الخارجية والمغتربين في الحكومة السورية، بهدف بحث الجوانب القانونية واللوجستية والدبلوماسية المتعلقة بعملية إعادة افتتاح السفارة، بما يعكس حرص الرباط على إحياء العلاقات الثنائية التاريخية مع دمشق.
وأكد الملك محمد السادس في خطابه أن هذا الإجراء من شأنه أن يفتح آفاقاً أوسع للتعاون بين البلدين، ويعزز الروابط الأخوية بين الشعبين المغربي والسوري.
دمشق تغلق مكاتب البوليساريو تمهيداً لإعادة فتح السفارة المغربية
أكّدت السلطات السورية، خلال زيارة رسمية لوفد مغربي رفيع المستوى، تنفيذ قرار إغلاق المقرات التي كانت تشغلها جبهة "البوليساريو" في العاصمة دمشق، في خطوة وصفت بأنها تجديد واضح لاحترام سوريا لوحدة وسيادة المملكة المغربية.
وبحسب ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، انتقلت بعثة مشتركة من كبار المسؤولين السوريين والمغاربة إلى مواقع تلك المقرات، لمعاينة الإغلاق الفعلي، فيما أكّدت المصادر الرسمية أن هذه الخطوة تأتي انسجاماً مع التوجه السوري الرافض لأي دعم للكيانات الانفصالية.
وأضاف المصدر أن إغلاق مكاتب "البوليساريو" في دمشق يعكس "الإرادة الراسخة لتقوية التعاون الثنائي بين سوريا والمغرب، وتعزيز الاستقرار الإقليمي في منطقة المغرب العربي".
تزامنت هذه الخطوة مع بدء زيارة بعثة تقنية من وزارة الخارجية المغربية إلى دمشق، بهدف استكمال الإجراءات العملية واللوجستية المرتبطة بإعادة فتح سفارة المملكة المغربية، التي أغلقت أبوابها منذ عام 2012 في ظل التصعيد الأمني حينها.
وأجرت البعثة المغربية سلسلة محادثات مع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية والمغتربين السورية، تناولت الترتيبات القانونية والدبلوماسية، في إطار تنفيذ تعليمات العاهل المغربي الملك محمد السادس لإعادة تفعيل العلاقات الثنائية.
وكان الملك محمد السادس قد أعلن رسميًا خلال القمة العربية الرابعة والثلاثين، التي عُقدت في 17 مايو الجاري في بغداد، عن قرار إعادة فتح السفارة المغربية في سوريا، معتبرًا أن هذا الإجراء يمثل انطلاقة جديدة للعلاقات بين الشعبين الشقيقين.
وفي تأكيد على التوجه المغربي الجديد، أعلن وزير الخارجية ناصر بوريطة خلال كلمته في القمة العربية أن قرار إعادة فتح السفارة "يعكس التزام المملكة بدعم الشعب السوري في تطلعاته نحو الأمن والاستقرار، والحفاظ على وحدة أراضيه".
وشدد بوريطة على أن هذه الخطوة تأتي في سياق تجاوز مرحلة القطيعة التي امتدت لأكثر من 12 عاماً، وفتح آفاق جديدة للتعاون المشترك، بما يصب في مصلحة الشعبين المغربي والسوري.
تعود خلفية إغلاق السفارة المغربية في دمشق إلى عام 2012، عندما اتخذت الرباط قراراً بتجميد علاقاتها الدبلوماسية مع النظام السوري آنذاك، في ظل حملة العنف التي واجهت بها حكومة بشار الأسد الاحتجاجات الشعبية.
إلا أن الانفراجات السياسية الإقليمية التي شهدتها المنطقة مؤخراً، خصوصاً بعد سقوط النظام السابق في سوريا، ساهمت في فتح صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية، تُرجمت بلقاء رسمي جرى في مارس الماضي في مكة المكرمة، بين بوريطة ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، على هامش الاجتماعات الخليجية.
وكان الملك محمد السادس قد بعث في وقت سابق برسالة تهنئة إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، عبّر فيها عن استعداد المغرب لدعم سوريا في مساعيها لتحقيق الأمن والاستقرار، مشدداً على التزام الرباط بوحدة التراب السوري.
دشّن وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي، ووزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السيدة هند قبوات، مركز الابتكار الرقمي "ديجت" في منطقة كفرسوسة بالعاصمة دمشق، في أول مشروع من نوعه على مستوى البلاد، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وتمويل من الحكومة اليابانية.
يمثل "ديجت" نقطة انطلاق استراتيجية لتعزيز بيئة الابتكار وريادة الأعمال التقنية في سوريا، إذ يوفر مساحات متطورة للتدريب الرقمي، ومختبرات لدعم الشركات الناشئة، وبرامج لتمكين الشباب مهنياً، بهدف تعزيز فرص العمل والمساهمة في التعافي الاقتصادي.
الوزير مروان الحلبي أكد أن المشروع يندرج ضمن سلسلة مبادرات تسعى لدفع عجلة التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في مؤسسات التعليم العالي، مشدداً على أهمية تكامل السياسات الحكومية مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق تنمية رقمية شاملة. كما أشار إلى أن التعليم العالي يجب أن يتحول من مجرد ناقل للمعرفة إلى حاضنة للتحول الرقمي.
من جانبها، أوضحت الوزيرة قبوات أن المركز، الذي أُنجز خلال أربعة أشهر، يشكل منصة شاملة لاحتضان الطاقات الشبابية وتوفير بيئة محفزة لأرباب العمل، مشيرة إلى أهمية دمج العمل الاجتماعي والتنموي مع التحول التقني، خصوصاً من خلال مراكز تمكين الشباب في مختلف المحافظات.
سوديبتو موكرجي، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا، أعرب عن فخره بإطلاق المركز، معتبراً إياه إنجازاً واعداً في مسار التعافي الاجتماعي والاقتصادي في سوريا، ومحفزاً لتمكين الشباب.
أما الدكتور عبدالله الدردري، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، فأكد أن "ديجت" سيكون نواة لمراكز مماثلة في دول أخرى، ومكوّناً جوهرياً في مسار الذكاء الاصطناعي في العالم العربي، مشدداً على دعم الأمم المتحدة للحكومة السورية والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتعزيز التكامل في هذا المجال الحيوي.
من جهته، عبّر القائم بأعمال السفارة اليابانية في سوريا، السيد أكيهيرو تسوجي، عن سعادته بدعم بلاده لهذا المشروع، مؤكداً أن تمكين الشباب هو حجر الأساس في بناء مستقبل سوريا. وأشار إلى التزام اليابان الدائم بمساندة السوريين في تعزيز قدراتهم لمواجهة تحديات التعافي المبكر.
أكد مستشار وزارة الاتصالات والتقانة علاء حمزاوي أن الوزارة تعمل على تعزيز ثقافة الابتكار والتحول الرقمي، مشيراً إلى أن "ديجت" لا يمثل مجرد مبنى، بل هو منطلق فعلي لاقتصاد رقمي جديد تقوده الطاقات الشابة.
بدوره، قدّم الدكتور غيث ورقوزق، معاون وزير التعليم العالي، عرضاً حول المشروع، مبيناً أن المركز يعبّر عن رؤية عملية للربط بين الجامعات وسوق العمل، وتطوير مسارات مستدامة تلبي احتياجات المجتمع السوري المتجدّد.
رئيس جامعة دمشق الدكتور محمد أسامة الجبان، وصف المركز بأنه تجسيد عملي لرؤية الجامعة الحديثة متعددة الأبعاد، والتي تدمج بين التعليم، والبحث، والتنمية الاقتصادية، وريادة الأعمال، معتبراً "ديجت" نموذجاً ينسجم مع مفاهيم الجيل الرابع والخامس من الجامعات.
شهد حفل الافتتاح حضوراً واسعاً من ممثلي البعثات الدبلوماسية، ووكالات الأمم المتحدة، وعدد من المسؤولين والخبراء السوريين والدوليين، ما يعكس الاهتمام الدولي بتحفيز التحول الرقمي في سوريا ودعم مسيرة تعافيها.
أعلن مدير الحج السوري، نور أعرج، عن وصول ما يقارب 14 ألف حاج سوري إلى مكة المكرمة حتى الآن، في إطار خطة البعثة السورية التي تهدف إلى استكمال وصول جميع الحجاج البالغ عددهم هذا العام 22,500 حاج، وذلك حتى الثاني من حزيران المقبل.
وأوضح أعرج، في تصريحات لوكالة الأنباء السورية "سانا"، أن قوافل الحجاج توزعت بين مجموعات انطلقت من دمشق، إسطنبول، غازي عنتاب، أربيل، وعدد من دول الخليج، مؤكداً أن جميع الرحلات تسير بسلاسة وأمان، دون تسجيل حوادث تُذكر.
وبيّن أن البعثة حرصت على رفع سوية الخدمات المقدمة للحجاج، عبر تطوير الأداء التنظيمي والطبي والإداري، وتوثيق التنسيق مع شركات النقل والمزودين في السعودية لضمان تجربة مريحة وفعالة، سواء في مقار الإقامة أو في المشاعر المقدسة.
وأشار إلى أن آليات المتابعة الرقمية شهدت تحسيناً هذا العام، عبر استخدام بطاقات شخصية متطورة لكل حاج، وتوزيعهم في أبراج فندقية حديثة تتمتع بخدمات عالية الجودة، مع تفعيل فرق دعم وإرشاد مرافقة طيلة المراحل، موزعة على بعثات إدارية، دينية، صحية، وإعلامية.
وتوجه أعرج بالشكر للمملكة العربية السعودية، قيادةً وشعباً، على تسهيلاتها وتعاونها، مؤكداً أن الحجاج السوريين لم يواجهوا أي تمييز، بل قوبلوا بترحاب كبير، مع الحفاظ على روح الحياد والاحترام لضيوف الرحمن.
وفي رسالة خاصة للحجاج، شدد أعرج على أهمية التحلي بالسلوك الحسن والنوايا الطيبة، والالتزام بالتعليمات الشرعية والتنظيمية، معبراً عن ارتياحه لنجاح المراحل الأولى من البرنامج، ومؤكداً السعي لاستقبال يوم عرفة بأفضل حالة تنظيمية.
وأكد أن البعثة طورت إجراءاتها الداخلية، لا سيما في الجانب الإداري، ما انعكس على تسريع الاستجابة وتحسين الخدمات وتقليل حجم الشكاوى، مشيراً إلى وجود لجان رقابية مستقلة تتابع كافة مراحل التسجيل والتوزيع، مع أرشفة رقمية دقيقة، ونافذة تواصل مباشرة لتلقي الشكاوى والملاحظات.
كما كشف عن العمل على تطوير منصة إلكترونية متكاملة تشمل مراحل الحج من التسجيل إلى العودة، وتقدم خدمات مثل تتبع موقع الحاج وتحميل الوثائق وتوفير المساعدة، مؤكداً أن التكنولوجيا ستكون محوراً أساسياً لإدارة الحج مستقبلاً.
وتحدث أعرج عن دور البعثة في ترسيخ ثقافة النظافة في المشاعر، من خلال مشروع العناية بالخيم في عرفات ومنى، إلى جانب جهود التوعية الصحية التي تقدمها العيادات المنتشرة في الأبراج السكنية.
وفي ختام تصريحاته، أكد أعرج التزام البعثة بتوزيع حصة سوريا بعدالة وشفافية، وفق نظام قرعة علني يتم بثه مباشرة، مشيراً إلى تطلع البعثة لزيادة الحصة في الأعوام المقبلة بما يتناسب مع الإمكانات والاحتياجات المتزايدة.
في دراسة معمقة صادرة عن "المجلس الأطلسي"، تناول الباحث غريغوري ووترز، المتخصص في الأرشيف السوري، والباحثة كايلا كونتز من مدرسة كارتر لتحليل الصراعات، شبكة معقدة من التحديات الإعلامية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، وقد ركزت الدراسة على تزايد الطائفية، وهيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، والفراغ المعلوماتي الذي وُصف بـ"الثقب الأسود"، وانعكاس ذلك على استقرار البلاد.
إشكالية الحقيقة في زمن ما بعد الأسد
أكد الباحثان أن السوريين ما زالوا يكافحون، بعد الإطاحة بالديكتاتور بشار الأسد، من أجل الوصول إلى معلومات دقيقة بشأن الوضع الأمني وقرارات السلطة الجديدة، ومع غياب قنوات إعلامية موثوقة، بات معظم السكان يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للأخبار، ما أدى إلى تفشي الشائعات، وتضخيم الخوف، وتغذية الانقسام الطائفي.
وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر فوضوي
تشير الدراسة إلى أن الساحل السوري، الذي يعد مركزاً للطائفة العلوية، غرق خلال الأشهر الماضية في أخبار كاذبة، لا سيما عقب مجازر دامية شهدها الساحل. وقد ساهم ذلك في تبني روايات متضاربة بين الطوائف، زادت من عمق الهوة المجتمعية. وتعتمد هذه الروايات في الغالب على صفحات فيسبوك ومجموعات واتساب، في ظل انعدام قنوات اتصال حكومية فاعلة.
ثلاث سمات أساسية لأزمة الإعلام السوري "هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، من الشائعات المحلية إلى الحملات المضللة العابرة للحدود، استخدام مجموعات واتساب وصفحات فيسبوك كوسائل بديلة للمعلومة، دون القدرة على تنظيم قنوات رسمية، اتساع الخوف الطائفي كنتيجة مباشرة لهذا الفراغ الاتصالي، مما خلق مناخاً من عدم الاستقرار المجتمعي.
فيسبوك.. المشكلة الأكبر
وصفت الدراسة فيسبوك بأنه اللاعب الأهم – والأخطر – في المشهد الإعلامي السوري. فمنذ انطلاق الثورة عام 2011 وحتى الانهيار الأخير للنظام، كانت هذه المنصة مصدراً رئيسياً للأخبار، ولكنها في الوقت ذاته كانت أداة لنشر الكراهية والمعلومات المضللة.
مثال على ذلك: يوم 6 آذار، حيث انتشرت أخبار عن مذبحة استهدفت العلويين. ورغم تباين الروايات، كانت النتيجة واحدة: تراشق طائفي على الإنترنت، وترسخ لمفاهيم إبادة جماعية من طرف، وتزييف للحقائق من طرف آخر. أحد عناصر الأمن في مدينة القدموس وصفها بـ"معركة روايات تهدد السلام المجتمعي".
التحريض العابر للحدود
تؤكد الدراسة أن وسائل الإعلام الأجنبية الداعمة لمحاور إقليمية (مثل إيران، إسرائيل، وحزب الله) لعبت دوراً في تضخيم الأخبار الكاذبة، مثل شائعة عودة ماهر الأسد إلى الساحل، والتي تسببت في احتفالات مسلحة ومخاوف من عودة الحرب. وقد ترافقت هذه الشائعات مع حملة واسعة على وسائل التواصل، توعد فيها علويون بالانتقام من السنة، ما أجج التوتر على الأرض.
ارتباك المعلومات وتراجع الثقة بالحكومة
رغم بعض المحاولات الرسمية، مثل إنشاء صفحات فيسبوك لمحافظات اللاذقية وطرطوس، إلا أن تأثيرها بقي محدوداً مقارنة بصفحات خاصة أكثر تفاعلاً. ومع غياب ثقة الأهالي بالحكومة، لم يُعترف بهذه القنوات كمصادر رسمية.
كما ظهرت مجموعات واتساب يديرها مسؤولون محليون لنقل المعلومات الأمنية، لكنها بقيت محدودة بعدد أعضائها، وغالباً ما طغت عليها أحاديث غير متعلقة بالأمن، أو اقتصرت على الذكور دون النساء.
معضلة الاتصال الرسمي
لا تزال السلطات تعاني من غياب آليات اتصال مزدوجة الاتجاه. فصفحة واحدة تابعة لوزارة الداخلية لا تكفي، ولا توجد وسيلة رسمية للرد على الشائعات أو تقديم بلاغات من المواطنين.
الارتباك حول هوية الدولة الجديدة
واحدة من الإشكاليات الأساسية، بحسب الدراسة، هي أن السوريين ما زالوا يتساءلون: "من يمثل الحكومة؟"، في ظل غياب واضح للرؤية المؤسسية. فحتى القوانين الجديدة مثل حظر التجوال أو تسوية أوضاع الجنود السابقين لا تصل إلى السكان بشكل واضح، ففي مدينة طرطوس، عبّر كاهن من السقيلبية عن قلقه قائلاً: "الناس تسألني من هو مجرم الحرب؟ من الذي سيتم اعتقاله؟"، في إشارة إلى الغموض السائد حول السياسات الجديدة.
التناقض بين الحقائق الطائفية
في اللاذقية، أقر بعض السنة بأنهم لم يعرفوا إذا كانت المجازر حقيقية أم لا، بينما قال علويون إن ما حدث إبادة جماعية بحقهم. هذا التضارب لم يقتصر على الإنترنت، بل أصبح جزءاً من الهوية المجتمعية الطائفية، وحوّل محاولات الحوار إلى مشادات حول "الحقائق".
مقترحات لحل الأزمة الإعلامية
توصي الدراسة بعدة خطوات لمعالجة هذا الانهيار الإعلامي "إصدار تقرير رسمي وموثوق من لجنة تحقيق مستقلة حول أحداث 6 آذار، وتوسيع شبكات المجتمع المدني وتدريب صحفيين محليين ليكونوا مصدراً موثوقاً للأخبار، وإنشاء قنوات حكومية للإعلان عن المعلومات الأمنية الهامة، ودعم مالي دولي لمنصات الإعلام المحلي التي تعمل وفق المعايير المهنية"
ترى الدراسة أن إعادة بناء منظومة المعلومات في سوريا لا يمكن أن تتم بين ليلة وضحاها، ولكنها ضرورية لردم الانقسام الطائفي، ومواجهة الخوف، وإرساء قواعد الاستقرار في مرحلة ما بعد الأسد. فبينما لا يمكن فصل البلاد عن وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، إلا أن الحل يبدأ بإعادة الثقة في المعلومات الرسمية، وتوسيع قنوات الحوار، وبناء إعلام حقيقي يخدم الناس لا الطوائف.
أعلن فؤاد عارف، المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء ورئيس رابطة وكالات أنباء البحر الأبيض المتوسط "أمان"، اليوم الأربعاء، عن عودة سوريا وليبيا وموريتانيا إلى عضوية الرابطة، وذلك خلال افتتاح الدورة الثالثة والثلاثين للجمعية العامة للمنظمة، المنعقدة في مدينة مراكش المغربية.
وأوضح عارف، بحسب ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الدورة التي تُعقد تحت شعار "كرة القدم والإعلام في منطقة المتوسط.. بناء جسور تتجاوز الحدود"، تشهد مشاركة قياسية من ممثلي الوكالات الأعضاء، مشيراً إلى أن عودة الدول الثلاث تمثل دفعة مهمة لمسار التعاون الإعلامي في المنطقة.
وأضاف أن شعار الدورة الحالية يعكس توجهاً نحو تعزيز التكامل العملي بين وكالات الأنباء المتوسطية، من خلال توسيع تبادل المحتوى، وتطوير برامج التكوين المشترك، إلى جانب تأسيس شبكات متخصصة بالتحقق من صحة الأخبار ومكافحة المعلومات المضللة.
وتستمر فعاليات الجمعية العامة حتى يوم غد، وتشمل مجموعة من الجلسات الحوارية، وتوقيع اتفاقيات شراكة، إضافة إلى حفل توزيع جوائز "أمان" لأفضل المقالات والصور الصحفية خلال العام.
ورابطة وكالات أنباء البحر الأبيض المتوسط، المعروفة اختصاراً بـ "أمان" (AMAN)، هي منظمة إقليمية تضم وكالات الأنباء الرسمية في دول منطقة البحر الأبيض المتوسط. تأسست في عام 1991، وتُعنى بتعزيز التعاون الإعلامي بين الوكالات الأعضاء في مجالات تبادل الأخبار، وتطوير الكفاءات، ومكافحة الأخبار الكاذبة، وتعزيز الحوار والتفاهم بين شعوب المنطقة.