في دراسة معمقة صادرة عن "المجلس الأطلسي"، تناول الباحث غريغوري ووترز، المتخصص في الأرشيف السوري، والباحثة كايلا كونتز من مدرسة كارتر لتحليل الصراعات، شبكة معقدة من التحديات الإعلامية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، وقد ركزت الدراسة على تزايد الطائفية، وهيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، والفراغ المعلوماتي الذي وُصف بـ"الثقب الأسود"، وانعكاس ذلك على استقرار البلاد.
إشكالية الحقيقة في زمن ما بعد الأسد
أكد الباحثان أن السوريين ما زالوا يكافحون، بعد الإطاحة بالديكتاتور بشار الأسد، من أجل الوصول إلى معلومات دقيقة بشأن الوضع الأمني وقرارات السلطة الجديدة، ومع غياب قنوات إعلامية موثوقة، بات معظم السكان يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للأخبار، ما أدى إلى تفشي الشائعات، وتضخيم الخوف، وتغذية الانقسام الطائفي.
وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر فوضوي
تشير الدراسة إلى أن الساحل السوري، الذي يعد مركزاً للطائفة العلوية، غرق خلال الأشهر الماضية في أخبار كاذبة، لا سيما عقب مجازر دامية شهدها الساحل. وقد ساهم ذلك في تبني روايات متضاربة بين الطوائف، زادت من عمق الهوة المجتمعية. وتعتمد هذه الروايات في الغالب على صفحات فيسبوك ومجموعات واتساب، في ظل انعدام قنوات اتصال حكومية فاعلة.
ثلاث سمات أساسية لأزمة الإعلام السوري "هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، من الشائعات المحلية إلى الحملات المضللة العابرة للحدود، استخدام مجموعات واتساب وصفحات فيسبوك كوسائل بديلة للمعلومة، دون القدرة على تنظيم قنوات رسمية، اتساع الخوف الطائفي كنتيجة مباشرة لهذا الفراغ الاتصالي، مما خلق مناخاً من عدم الاستقرار المجتمعي.
فيسبوك.. المشكلة الأكبر
وصفت الدراسة فيسبوك بأنه اللاعب الأهم – والأخطر – في المشهد الإعلامي السوري. فمنذ انطلاق الثورة عام 2011 وحتى الانهيار الأخير للنظام، كانت هذه المنصة مصدراً رئيسياً للأخبار، ولكنها في الوقت ذاته كانت أداة لنشر الكراهية والمعلومات المضللة.
مثال على ذلك: يوم 6 آذار، حيث انتشرت أخبار عن مذبحة استهدفت العلويين. ورغم تباين الروايات، كانت النتيجة واحدة: تراشق طائفي على الإنترنت، وترسخ لمفاهيم إبادة جماعية من طرف، وتزييف للحقائق من طرف آخر. أحد عناصر الأمن في مدينة القدموس وصفها بـ"معركة روايات تهدد السلام المجتمعي".
التحريض العابر للحدود
تؤكد الدراسة أن وسائل الإعلام الأجنبية الداعمة لمحاور إقليمية (مثل إيران، إسرائيل، وحزب الله) لعبت دوراً في تضخيم الأخبار الكاذبة، مثل شائعة عودة ماهر الأسد إلى الساحل، والتي تسببت في احتفالات مسلحة ومخاوف من عودة الحرب. وقد ترافقت هذه الشائعات مع حملة واسعة على وسائل التواصل، توعد فيها علويون بالانتقام من السنة، ما أجج التوتر على الأرض.
ارتباك المعلومات وتراجع الثقة بالحكومة
رغم بعض المحاولات الرسمية، مثل إنشاء صفحات فيسبوك لمحافظات اللاذقية وطرطوس، إلا أن تأثيرها بقي محدوداً مقارنة بصفحات خاصة أكثر تفاعلاً. ومع غياب ثقة الأهالي بالحكومة، لم يُعترف بهذه القنوات كمصادر رسمية.
كما ظهرت مجموعات واتساب يديرها مسؤولون محليون لنقل المعلومات الأمنية، لكنها بقيت محدودة بعدد أعضائها، وغالباً ما طغت عليها أحاديث غير متعلقة بالأمن، أو اقتصرت على الذكور دون النساء.
معضلة الاتصال الرسمي
لا تزال السلطات تعاني من غياب آليات اتصال مزدوجة الاتجاه. فصفحة واحدة تابعة لوزارة الداخلية لا تكفي، ولا توجد وسيلة رسمية للرد على الشائعات أو تقديم بلاغات من المواطنين.
الارتباك حول هوية الدولة الجديدة
واحدة من الإشكاليات الأساسية، بحسب الدراسة، هي أن السوريين ما زالوا يتساءلون: "من يمثل الحكومة؟"، في ظل غياب واضح للرؤية المؤسسية. فحتى القوانين الجديدة مثل حظر التجوال أو تسوية أوضاع الجنود السابقين لا تصل إلى السكان بشكل واضح، ففي مدينة طرطوس، عبّر كاهن من السقيلبية عن قلقه قائلاً: "الناس تسألني من هو مجرم الحرب؟ من الذي سيتم اعتقاله؟"، في إشارة إلى الغموض السائد حول السياسات الجديدة.
التناقض بين الحقائق الطائفية
في اللاذقية، أقر بعض السنة بأنهم لم يعرفوا إذا كانت المجازر حقيقية أم لا، بينما قال علويون إن ما حدث إبادة جماعية بحقهم. هذا التضارب لم يقتصر على الإنترنت، بل أصبح جزءاً من الهوية المجتمعية الطائفية، وحوّل محاولات الحوار إلى مشادات حول "الحقائق".
مقترحات لحل الأزمة الإعلامية
توصي الدراسة بعدة خطوات لمعالجة هذا الانهيار الإعلامي "إصدار تقرير رسمي وموثوق من لجنة تحقيق مستقلة حول أحداث 6 آذار، وتوسيع شبكات المجتمع المدني وتدريب صحفيين محليين ليكونوا مصدراً موثوقاً للأخبار، وإنشاء قنوات حكومية للإعلان عن المعلومات الأمنية الهامة، ودعم مالي دولي لمنصات الإعلام المحلي التي تعمل وفق المعايير المهنية"
ترى الدراسة أن إعادة بناء منظومة المعلومات في سوريا لا يمكن أن تتم بين ليلة وضحاها، ولكنها ضرورية لردم الانقسام الطائفي، ومواجهة الخوف، وإرساء قواعد الاستقرار في مرحلة ما بعد الأسد. فبينما لا يمكن فصل البلاد عن وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، إلا أن الحل يبدأ بإعادة الثقة في المعلومات الرسمية، وتوسيع قنوات الحوار، وبناء إعلام حقيقي يخدم الناس لا الطوائف.
أعلن فؤاد عارف، المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء ورئيس رابطة وكالات أنباء البحر الأبيض المتوسط "أمان"، اليوم الأربعاء، عن عودة سوريا وليبيا وموريتانيا إلى عضوية الرابطة، وذلك خلال افتتاح الدورة الثالثة والثلاثين للجمعية العامة للمنظمة، المنعقدة في مدينة مراكش المغربية.
وأوضح عارف، بحسب ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الدورة التي تُعقد تحت شعار "كرة القدم والإعلام في منطقة المتوسط.. بناء جسور تتجاوز الحدود"، تشهد مشاركة قياسية من ممثلي الوكالات الأعضاء، مشيراً إلى أن عودة الدول الثلاث تمثل دفعة مهمة لمسار التعاون الإعلامي في المنطقة.
وأضاف أن شعار الدورة الحالية يعكس توجهاً نحو تعزيز التكامل العملي بين وكالات الأنباء المتوسطية، من خلال توسيع تبادل المحتوى، وتطوير برامج التكوين المشترك، إلى جانب تأسيس شبكات متخصصة بالتحقق من صحة الأخبار ومكافحة المعلومات المضللة.
وتستمر فعاليات الجمعية العامة حتى يوم غد، وتشمل مجموعة من الجلسات الحوارية، وتوقيع اتفاقيات شراكة، إضافة إلى حفل توزيع جوائز "أمان" لأفضل المقالات والصور الصحفية خلال العام.
ورابطة وكالات أنباء البحر الأبيض المتوسط، المعروفة اختصاراً بـ "أمان" (AMAN)، هي منظمة إقليمية تضم وكالات الأنباء الرسمية في دول منطقة البحر الأبيض المتوسط. تأسست في عام 1991، وتُعنى بتعزيز التعاون الإعلامي بين الوكالات الأعضاء في مجالات تبادل الأخبار، وتطوير الكفاءات، ومكافحة الأخبار الكاذبة، وتعزيز الحوار والتفاهم بين شعوب المنطقة.
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مخطط إجرامي دولي خطير، تضمن محاولة تهريب مئات الكيلوغرامات من الكوكايين إلى ميناء سوري، داخل حاوية شحن أُعلن أنها محمّلة بالفواكه، مقابل شحنة أسلحة من ترسانة النظام السوري المخلوع، كانت مخصصة لتسليح واحدة من أخطر المنظمات الإجرامية في أمريكا اللاتينية، في عملية تتخللها عمليات واسعة لغسل الأموال.
وبحسب لائحة اتهام صدرت عن هيئة محلفين كبرى في محكمة فدرالية بولاية فيرجينيا الأميركية، فقد مثل يوم الجمعة الماضي أحد المتهمين الرئيسيين في هذه القضية، أنطوان قسيس، وهو لبناني الجنسية تم تسليمه من كينيا، ليواجه اتهامات تتعلق بـ "narco-terrorism" (الدمج بين الإرهاب وتجارة المخدرات)، والتآمر لتقديم دعم مادي لمنظمة إرهابية أجنبية، هي جيش التحرير الوطني الكولومبي (E.L.N).
وأكدت الصحيفة أن الوثائق الاتهامية تكشف عن شبكة إجرامية معقدة تمتد عبر أربع قارات، وتضم كارتلات مخدرات، وجماعات مسلحة، وأنظمة مارقة، وتُبرز حجم التهديد الدولي الذي تمثّله ترسانة الأسلحة غير المنضبطة التابعة للنظام السابق في سوريا، بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن قسيس، الذي يُعتقد أنه تاجر مخدرات من لبنان، كان على صلة وثيقة بعناصر نافذين داخل النظام السوري السابق، المعروف دوليًا بتحويل سوريا إلى "دولة مخدرات". كما كشفت اللائحة أن قسيس كان جزءاً من شبكة دولية لغسل الأموال تتخذ من لبنان مركزًا لها، وتعاونت مع كارتل "سينالوا" في المكسيك، إضافة إلى جيش التحرير الوطني الكولومبي.
وتكتسب هذه القضية، بحسب التقرير، أهمية خاصة لأنها تعزز المخاوف من وقوع أسلحة الأسد في أيدي جماعات عابرة للحدود، تمثل تهديداً أمنياً واقتصادياً على مستوى العالم.
شدّد وزير الصحة اللبناني، ركان ناصر الدين، على ضرورة ألا يتخلى المجتمع الدولي عن مسؤولياته الإنسانية تجاه ملف النازحين السوريين في لبنان، محذراً من استمرار الضغوط التي يتعرض لها النظام الصحي اللبناني نتيجة الأعداد الكبيرة للنازحين.
وقال ناصر الدين، في تصريحات صحفية، إن لبنان لم يتوانَ طوال أربعة عشر عاماً عن أداء دوره في هذا الملف، رغم ما مرّ به من أزمات اقتصادية ومالية وأمنية قاسية، مؤكداً أن بلاده لا تزال تتحمّل أعباء كبيرة في ظل استمرار النزوح.
وأشار الوزير إلى أن لبنان شهد، قبل أقل من ثلاثة أشهر، موجة نزوح جديدة من الأراضي السورية، مما أبقى أعداد النازحين عند مستويات مرتفعة جداً تفوق طاقة البلد وقدرة نظامه الصحي على الاستيعاب، لافتاً إلى أن ذلك يتطلب تحركاً دولياً جدياً.
ودعا ناصر الدين مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالتعاون مع القوى الدولية الفاعلة، إلى العمل على ضمان استمرارية تقديم الخدمات الصحية للنازحين، خصوصاً في مراكز الرعاية الأولية التي تشكل عصب النظام الصحي في لبنان.
وأكد أن لا بديل في المرحلة الراهنة عن تأمين التمويل الدولي اللازم لتغطية الحاجات الصحية للنازحين، إلى حين تحقيق عودتهم الآمنة والطوعية إلى سوريا.
وفي السياق ذاته، تناول الرئيس اللبناني، جوزيف عون، خلال لقائه وفداً أميركياً برئاسة السيناتور أنغوس كينغ، ملف النزوح السوري باعتباره من أبرز التحديات الاجتماعية والأمنية التي تواجه لبنان.
واعتبر عون أن بدء رفع العقوبات الأميركية عن سوريا يمثل "خياراً إيجابياً"، مشيراً إلى أن تحسن الاقتصاد السوري قد يسهم في تسريع عودة النازحين إلى بلادهم، وبالتالي التخفيف من الأعباء المتراكمة على لبنان، وختم الرئيس اللبناني بدعوة الأمم المتحدة إلى إعادة توجيه مساعداتها لتُقدَّم داخل سوريا بدلاً من لبنان، بما يعزز جهود العودة ويخفف الضغط عن المجتمعات المضيفة.
أدانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، حادثة مقتل خمسة مدنيين بينهم سيدة بإطلاق نار مباشر من قبل مسلحين ينتمون لعشائر البدو، دون أي مبرر قانوني أو حالة اشتباك، وذلك إثر إطلاق النار عليهم أثناء وجودهم في إحدى الحقول الزراعية في قرية جور الماء بريف اللاذقية، من قبل مسلحين يرجح أنهم ينتمون لعشائر البدو، في يوم الاثنين 26 أيار/مايو 2025.
وتحدثت الشبكة عن مقُتل خمسة مدنيين بينهم سيدة، وإصابة ثلاثة آخرين بينهم طفل بجروح متفاوتة الخطورة، جميعهم من أبناء قرية الكنديسية بريف محافظة اللاذقية، وأوضحت أنّ عناصر مسلحة تقود دراجات نارية دخلت إلى المنطقة، وقامت بإطلاق النار على المدنيين أثناء عملهم على جني محصولهم من القمح.
وبحسب المصادر يعتقد أنّ المسلحين ينتمون لعشائر البدو، حيث هناك خلاف بينهم وبين السكان المحليين، وذلك بسبب رفضهم السماح لهم بادخال قطعان الماشية إلى أراضيهم ورعيها. وقد تطور الخلاف إلى إطلاق نار.
عقب الحادثة توجهت قوى من الأمن الداخلي إلى موقع الحادثة، وبدأت بإجراء تحقيقات ومتابعات أولية للكشف عن الجناة المتورطين وملاحقتهم. وقالت إنها لا تزال تتابع جمع إفادات شهود العيان للتحقق من ملابسات الحادثة وتوثيقها بشكل كامل.
أكدت الشبكة أن مقتل خمسة مدنيين، دون أي مبرر قانوني أو حالة اشتباك، يُعد جريمة قتل خارج نطاق القانون، ويُشكل انتهاكًا جسيمًا للمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تنص على أن الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، ولا يجوز حرمان أي شخص منه تعسفًا.
وأوضحت أن إصابة ثلاثة مدنيين بينهم طفل، نتيجة إطلاق النار من قبل ينتمون لعشائر البدو، تمثل انتهاكًا للمادة 9 من العهد ذاته، والتي تضمن أمن الأفراد وسلامتهم الجسدية، وتُحمّل السلطات واجب منع مثل هذه الاعتداءات ومحاسبة مرتكبيها.
وقالت إن إطلاق النار العشوائي من قبل جماعة مسلحة غير خاضعة للرقابة الرسمية، في منطقة مدنية، يُعد مؤشرا على عدم قدرة الدولة في أداء التزاماتها بحماية السكان المدنيين، وهو ما يُخالف مبدأ “واجب الحماية” المُلزم للسلطات الفعلية بموجب القانون الدولي.
وذكرت أن ترجيح بأنّ المسلحين ينتمون لعشائر البدو لا يُنقص من مسؤولية الحكومة الانتقالية عن حفظ الأمن. بل إن الفشل في احتواء النزاعات الأهلية أو سلوك الجماعات المحلية المسلحة يُعد قصورًا مباشرًا في فرض سيادة القانون، إذا لم يتم تحديد هوية الجناة وملاحقتهم قضائيًا، فإن ذلك يُعزز نمط الإفلات من العقاب، ويُضعف ثقة المدنيين في العدالة، ويُهيّئ بيئة خطرة لتكرار هذه الجرائم.
وأوضحت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، بفتح تحقيق عاجل، حيادي وشفاف، بإشراف سلطات قضائية مستقلة لكشف ملابسات الجريمة وتحديد هوية الجناة، مع ضمان حماية الشهود وتوثيق الأدلة، وتحميل الحكومة الانتقالية المسؤولية الكاملة عن حماية المرافق العامة والمدنية، بما يشمل نشر نقاط أمنية، وتفعيل أجهزة المراقبة، وتشديد الرقابة على الجماعات المسلحة غير الرسمية.
وطالبت بملاحقة جميع المتورطين جنائيًا، بمن فيهم أي أطراف أو جماعات محلية شاركت في إطلاق النار، وتقديمهم لمحاكمات علنية وعادلة تكفل حقوق الضحايا وذويهم، وتوفير تعويضات مادية ومعنوية لأسرة الضحايا، في إطار جبر الضرر وفق المعايير الدولية، وتعويض جميع الضحايا وأُسر القتلى والمصابين، ماديًا ومعنويًا، وضمان تقديم الرعاية الصحية والنفسية للمتضررين، كجزء من الالتزامات الأساسية للجهة المسيطرة.
أعلن الاتحاد الأوروبي، يوم الأربعاء 28 أيار/مايو 2025، إدراج شخصيتين عسكريتين بارزتين من وزارة الدفاع السورية، على قوائم العقوبات، وذلك على خلفية اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في مناطق متعددة، شملت الساحل السوري، وعفرين، وريف حلب.
وشمل القرار كلاً من "محمد حسين الجاسم (أبو عمشة): القائد السابق لفرقة "السلطان سليمان شاه"، والقائد الحالي لإحدى الفرق التابعة لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، و"سيف بولاد" أبو بكر القائد السابق لفرقة "الحمزة"، ويشغل حالياً منصب قائد في تشكيل عسكري آخر ضمن الوزارة ذاتها.
وأكد البيان الرسمي الصادر عن الاتحاد الأوروبي أن الشخصين باتا خاضعين لعقوبات مشددة، تشمل تجميد جميع الأصول والممتلكات التابعة لهما داخل دول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى منع دخولهما إلى أراضي الدول الأعضاء، مع إمكانية فرض عقوبات اقتصادية إضافية عليهما في المستقبل.
ويأتي هذا الإجراء في إطار تحديث دوري للائحة العقوبات الأوروبية المفروضة على أفراد وكيانات متورطة في النزاع السوري، لا سيما أولئك المتهمين بارتكاب انتهاكات ممنهجة بحق المدنيين، أو التورط في عمليات نهب، وتهجير قسري، واستغلال اقتصادي في مناطق النزاع.
وأكد الاتحاد الأوروبي أن هذه الإجراءات تأتي ضمن التزامه المستمر بمحاسبة المتورطين في الانتهاكات في سوريا، والعمل على دعم مسار العدالة والانتقال السياسي، بما يضمن حماية المدنيين وتعزيز حقوق الإنسان في عموم البلاد.
تمكنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة حمص عن توقيف العميد الطيار راجح خضر ونوس، قائد السرب 767 مروحي في مطار المزة العسكري في عهد نظام الأسد البائد.
وجاء ذلك على خلفية تورطه في تنفيذ مئات الطلعات الجوية بالبراميل المتفجرة، التي استهدفت مناطق سكنية مأهولة في كل من محافظة درعا ومنطقة داريا في ريف دمشق.
وبحسب بيان رسمي صادر عن وزارة الداخلية في السورية، فإن عملية التوقيف جاءت بعد سلسلة من التحقيقات والوثائق التي أثبتت تورط ونوس في تنفيذ عمليات لقصف أحياء سكنية.
وشددت على قيام الطيار باستخدام البراميل المتفجرة، والتي تعتبر من أكثر أدوات القصف تدميراً وعشوائية، وقد أدت إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، بينهم نساء وأطفال، فضلاً عن دمار واسع طال البنية التحتية والمرافق الحيوية.
وأكد البيان أن العميد الموقوف قد أُحيل إلى القضاء المختص، وذلك في إطار الإجراءات القانونية التي تتخذها الدولة ضد المتورطين في جرائم جسيمة تمس حياة المدنيين وأمن المجتمع.
ويُنتظر أن تبدأ قريباً إجراءات المحاكمة أمام الجهات القضائية، في واحدة من أبرز القضايا التي تطال ضباطاً برتب عليا شاركوا في العمليات العسكرية خلال سنوات حرب النظام البائد ضد الشعب السوري.
يُعدّ راجح ونوس أحد أبرز الطيارين في سلاح الجو السوري خلال العقد الأخير، وقد شغل مناصب قيادية في السرب 767 التابع للمروحيات الهجومية.
وكان العميد الطيار أحد المسؤولين عن إدارة طلعات القصف الجوي في الجنوب السوري، خاصة خلال العمليات العسكرية في محافظة درعا ومدينة داريا.
وأفاد مصدر في وزارة الداخلية في الحكومة السورية، يوم الاثنين 12 أيار/ مايو، بأنّ الجهات الأمنية ألقت القبض على ثلاثة من كبار الطيارين الذين خدموا في عهد النظام البائد.
وذكر المصدر الرسمي أن الضباط هم اللواء "فايز حسين الإبراهيم، والعميد خالد محمد العلي، والعميد عبد الجبار محمد حلبية"، وذلك خلال عملية أمنية نُفذت في ريف دمشق.
وشغل اللواء "الإبراهيم"، منصب قائد مطار ضمير العسكري، هو طيار سابق لدى نظام الأسد البائد علاوة عن كونه عضوًا باللجنة المركزية فرع ريف دمشق ممثلًا عن ما يسمى بـ"حزب البعث العربي الاشتراكي"، المحلول.
وتدرج اللواء المجرم في مناصبه العسكرية وسبق له العمل في العديد من المناصب في عهد نظام الأسد، وكان أبرزها منصبه كقائدًا لمطار ضمير العسكري، ما يجعله يواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة بحق الشعب السوري.
هذا ويُعد توقيف هؤلاء الضباط البارزين خطوة لافتة، تأتي في سياق تحرك منظم لاستكمال ملاحقة فلول النظام البائد خاصة وأن المعتقلين شغلوا مناصب حساسة في سلاح الجو الذي يعد من أبرز أدوات الإبادة بيد نظام الأسد البائد.
وأعلنت وزارة الداخلية في الحكومة السورية عن تنفيذ سلسلة عمليات أمنية دقيقة أسفرت عن توقيف عدد من كبار الضباط والمسؤولين السابقين في أجهزة النظام الأمني البائد، ممن يواجهون تهماً تتعلق بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين.
هذا وأكدت وزارة الداخلية ووزارة الدفاع أن هذه العمليات تأتي في إطار حملة أمنية منظمة تستهدف تفكيك شبكات النظام البائد، وملاحقة المتورطين في قضايا قتل وانتهاكات أمنية، في مسعى لاستعادة الاستقرار ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق السوريين.
تستعد الحكومة السورية يوم غدا الخميس لتوقيع اتفاق استثماري واسع النطاق مع أربع شركات عربية ودولية، بهدف توسيع شبكة الكهرباء في البلاد بإضافة 5000 ميغاواط من الطاقة، ما قد يؤدي إلى مضاعفة الإنتاج الكهربائي الحالي في سوريا التي تعاني منذ سنوات من أزمة طاقة خانقة.
ويُتوقع أن يُوقَّع الاتفاق تحت اسم “مبادرة إنعاش الطاقة السورية” في قصر الرئاسة بدمشق، بحسب دعوة رسمية وجهتها شركة “UCC Holding” القطرية لوسائل الإعلام. وستتولى الشركة القطرية تنفيذ المشروع من خلال ذراعها الاستثماري “UCC Concession Investments”، بالتعاون مع شركتي “Kalyon GES Enerji Yatirimlari” و”Cengiz Enerji” التركيتين، إضافة إلى شركة “Power International USA” الأميركية.
وتشير التقديرات إلى أن الكهرباء الحكومية في سوريا لا تتوفر حاليًا سوى ساعتين إلى ثلاث ساعات يوميًا في معظم المناطق، وهو ما انعكس على حياة السكان وشلّ قطاعات واسعة من الاقتصاد المحلي. وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد تعهد منذ توليه المنصب نهاية 2024 بتأمين حلول عاجلة ومستدامة لأزمة الطاقة، كأولوية في جهود إعادة الإعمار.
سيشمل المشروع الجديد تطوير محطات توربينات غازية ومحطات طاقة شمسية في مواقع متفرقة داخل سوريا، ضمن خطة تستهدف ليس فقط زيادة الإنتاج، بل أيضًا تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود المستورد.
وتُعد هذه المبادرة أول مشروع طاقة بهذا الحجم يُطلق بعد سقوط النظام السابق، الذي كان يعتمد بشكل شبه كامل على إمدادات النفط من إيران، والتي توقفت منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي، بعد الإطاحة ببشار الأسد على يد تحالف من قوى المعارضة وتنظيم “هيئة تحرير الشام”.
يقود المشروع الملياردير السوري-القطري معتز الخياط، رئيس مجلس إدارة شركة UCC القطرية، إلى جانب شقيقه رامز الخياط الذي يشغل منصب الرئيس التنفيذي. وتمتلك الشركة تاريخًا في تنفيذ مشاريع كبرى في قطر وتركيا، وتعمل في مجالات البناء والطاقة والخدمات اللوجستية.
وحتى مساء الأربعاء، لم تصدر الشركة القطرية بيانًا توضيحيًا حول تفاصيل التمويل أو آلية التشغيل، فيما اكتفى المصدر الإعلامي بالتأكيد على أن المشروع سيوقّع رسميًا في دمشق بحضور رفيع المستوى.
منذ شهر آذار/مارس الماضي، بدأت قطر بتزويد محطة التوليد الرئيسية في دمشق بالغاز الطبيعي بشكل مؤقت، كحل إسعافي قبل إطلاق مشاريع البنية التحتية الجديدة.
وتأتي هذه المبادرة القطرية بالتزامن مع رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن قطاعات الطاقة في سوريا، ما يفتح الباب أمام موجة استثمارات جديدة من دول الخليج وأوروبا، وسط اهتمام متزايد بإعادة بناء البنية التحتية السورية، خاصة في مجالات الكهرباء والمياه والنقل.
وفق تقديرات الأمم المتحدة، تحتاج سوريا إلى مليارات الدولارات لإصلاح البنية التحتية الكهربائية التي تضررت جراء الحرب خلال السنوات الـ14 الماضية. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 70٪ من محطات التوليد والتحويل إما دُمّرت بالكامل أو خرجت عن الخدمة.
في هذا السياق، يُنظر إلى “مبادرة إنعاش الطاقة” بوصفها خطوة أولى لعودة الاستثمارات الكبيرة إلى السوق السورية، بدعم سياسي واضح من قطر وتركيا والولايات المتحدة، في ظل تراجع النفوذ الإيراني واستبعاد موسكو من المشهد الاقتصادي الجديد في البلاد.
نشرت ما يسمى بـ"وحدات حماية المرأة – YPJ" التابعة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، بيانًا قدّمت فيه مقاتلة تُدعى "روكن طرطوس" بوصفها من "فتيات الساحل السوري"، مشيرة إلى انتمائها للطائفة العلوية وتطوّعها ضمن الوحدات المسلحة التابعة للإدارة الذاتية.
وفُسر البيان أنه اعترافًا صريحًا بتجنيد مقاتلات من الطائفة العلوية ضمن صفوف ميليشيات "قسد" واعتراف ضمني بتجنيد طائفي من خارج الحاضنة الكردية كما حمل البيان بُعدًا لافتًا من الناحية السياسية، ومليء بالرسائل والمغالطات والإيديولوجية.
وعمدت "قسد" عبر تسويق شخصية علويّة كرمز ضمن صفوف وحدات حماية المرأة ويُعدّ هذا الطرح بمثابة إقرار ضمني بتوسيع عمليات التجنيد الطائفي الموجه، وهو ما يخالف الرواية التقليدية لـ"قسد" عن كونها قوة تمثل الهويات المحلية لمناطق شمال شرقي سوريا.
ووفق ما ورد في البيان، زعمت "روكن طرطوس" أنها نزحت إلى "غرب كردستان" – وفق التوصيف المستخدم في إعلام الإدارة الذاتية – هربًا من ما وصفته بـ"مجازر هيئة تحرير الشام" في الساحل السوري، متهمة الحكومة السورية الجديدة بتبنّي "عقلية طائفية وتعصبية".
لكنّ مصادر ميدانية شككت بصحة هذه الرواية، مشيرة إلى أن الفتاة ذاتها كانت محور معلومات متداولة مؤخرًا تتحدث عن اختطافها، قبل أن يتبيّن لاحقًا أنها وصلت إلى مناطق سيطرة "قسد" وانضمت طوعًا إلى صفوف وحدات حماية المرأة.
اعتمد البيان على تسويق فكر عبد الله أوجلان (المعروف بـ"القائد آبو") كمنقذ لأبناء الساحل السوري، ودعت "روكن طرطوس" علنًا أهالي منطقتها إلى "التعرّف على أفكاره" واعتبار "حريته الجسدية حرية للبشرية جمعاء"، في خطاب أيديولوجي مشحون لا يخلو من شخصنة الصراع وتسييس معاناة النساء بطريقة موجهة.
هذا وشاركت المقاتلة في عمليات عسكرية لقسد في دير الزور، واعتبرتها "ردًا حاسمًا على الهجمات الإرهابية على مجتمعها"، في إشارة مبطّنة إلى أن دورها كمقاتلة يحمل طابعًا انتقاميًا طائفيًا مؤطرًا بإيديولوجيا “الأمة الديمقراطية”، وهو ما يُثير تساؤلات حول دوافع قسد من استخدام هذه السرديات لإضفاء مشروعية شعبية على حملاتها العسكرية.
بعد سنواتٍ من اللجوء والنزوح، تتقاطع حكايات السوريين في مشاهد مفعمة بالألم والحنين، لكنها لا تخلو من النبل والضوء، في قرية تعارة الصغيرة بريف السويداء، تكتب عائلة أبو محمد واحدة من هذه الحكايات، وهي تتهيأ للرحيل عائدةً إلى موطنها في ريف حماة، بعد 12 عاماً من الإقامة بين أناس لم يكونوا مجرد جيران، بل صاروا أهلاً وأحباء.
"لجأنا لتعارة في أصعب أيامنا، من خوف وتشرد، فاحتضنتنا بكل محبة وكرم"، بهذه الكلمات بدأ الزوجان أبو محمد وأم محمد رسالتهما التي نشراها في مجموعة محلية، مودعين القرية التي احتضنتهم طيلة سنوات المحنة، تحدّثا عن كيف لم يشعروا يوماً بالغربة، وكيف وُلد أطفالهم هناك وكبروا بين إخوة وأخوات، وتعلموا في مدارس القرية على أيدي معلمين كانوا أكثر من مجرد مربّين، بل كانوا سندًا ودعمًا حقيقيًا.
لكن قصة هذه العائلة ليست استثناء، السويداء، بكل قراها وأهلها، كانت عبر سنوات الأزمة السورية ملاذاً لعشرات الآلاف من الأسر النازحة، وقدّمت نموذجاً فريداً في التضامن والتعايش. وفي خضم ضيق العيش وتقلّب الأحوال، بقيت القلوب واسعة، والأبواب مفتوحة.
ومن تعارة، ننتقل إلى شمال إدلب، حيث عاشت أم علي في مخيم تابع لقرية كفر لوسين. لم تكن الجدران المهترئة للمخيم قادرة على حجب الدفء الذي وجدته في جاراتها المنحدرات من مناطق مختلفة من سوريا، واجتمعن خلال النزوح في ذلك المخيم.
تتحدث أم علي بألم عن فراقهن بعد عودتها إلى موطنها في دمشق بعد تحريرها من المجرم بشار الأسد: "كنّ مثل أخواتي، وعندما أنجبت ابنتي، لم أحتج لطلب المساعدة، فكنّ سبّاقات، اعتنين بي وبابنتي وبالمنزل". مشاعر إنسانية سامية، ولحظات من التآخي تبقى محفورة في القلب، مهما باعدت بينهن الطرقات لاحقاً.
وفي لقطة أخرى مؤثرة، انتشر على مواقع التواصل مشهد لطفلة تودّع أصدقاءها في أحد مدارس الأردن، حيث عاشت عائلتها لفترة من النزوح. العناق، والدموع، والابتسامات التي تحاول التماسك، كلها تلخص ما اختبره كثير من الأطفال السوريين: علاقات صادقة وذكريات لا تُنسى، تنشأ في أحلك الظروف، لكنها تزهر بحب الناس لبعضهم البعض.
لقد كانت سنوات النزوح برغم قسوتها فرصة تعرف خلالها السوريون على وجوه جديدة، فكانت تلك اللقاءات أحياناً بداية لصداقة عميقة، وتشارك حقيقي في الفرح والحزن، في الخبز والماء، وفي الأمل والألم. اليوم، ومع كل عودة، لا يعود النازح وحده. بل يعود محملاً بالحب، بذكريات البيوت التي فتحت له، والأيدي التي امتدت لتعينه، والقلوب التي أحبته بصدق. يعود وهو يدرك أن الغربة لا تُقاس بالمكان، بل بغياب الإنسان، وأن الوطن يمكن أن يكون حيث تجد من يحتضنك دون مقابل.
في الحروب، يموت الناس مرتين، مرة حين تُزهق أرواحهم، ومرة حين تُنسى حكاياتهم، لكن في سوريا، تحوّلت ذاكرة الأمهات إلى قلوب نابضة لا تنسى، تسرد وجعها دون توقف، وتُبقي صور الغائبين حيّة مهما مرّ الزمن.
على شاشة تلفزيون سوريا، ظهرت سيدة حمصية تسقط أرضًا باكية، تصرخ وتردد: "ريحتهم هون بالمجزرة" كانت تقف أمام صور أقاربها الذين استشهدوا في مجزرة الحولة، وكأن الذاكرة فجّرت الألم الدفين في لحظة.
حاول الناس أن يرفعوها عن الأرض، لكنّ قدميها لم تحمل جسدها، ووجدانها كان قد غاص في دمائهم، في لحظة تجسّد فيها ألم الأمهات السوريات، اللواتي لا يُسلّين أنفسهن بالأمل بل يعشن على بقاياه.
في بلدة حاس، تعيش أمٌّ مفجوعة على رحيل ابنتها منذ ما يقارب التسع سنوات، الطفلة كانت تلميذة عادية، تملأ البيت حياةً وضحكاً، حتى جاءت مجزرة الأقلام وسرقتها من حضن أمها، ورغم السنوات، ما زالت الأم تنظر إلى صورتها في الهاتف وتبكي، وكأن فقدانها حدث قبل ساعات، تقول: "لو أنها حية اليوم لكانت صديقتي. كانت ستساعدني في البيت، تسمع همّي وتضحك لي، لكنها رحلت، وتركتني وحيدة حتى من نفسي."
زوجة أخرى أمضت أكثر من عشر سنوات تنتظر عودة زوجها الذي اختفى بعد اعتقاله. لم تيأس، صنعت من الحياة روتيناً يلهيها عن التفكير، لكنها كانت تعود في نهاية كل يوم إلى مقعده الخالي، وسريره الدافئ الذي لم يعد. وأخيراً، حين جاءها الخبر بأنه قُتل منذ زمن، شعرت أن صمت الانتظار كان أرحم من صدق النهاية.
أما في كفرسجنة، جلست أم مسنّة تنتظر ابنها 13 عاماً. اعتُقل على طريق لبنان ولم يُعرف عنه شيء. دفعت أموالاً طائلة، ووقعت ضحية للسمسرة والخداع، وكلما سمعَت بخبر عن المعتقلين تجدد أملها، كانت تبكي كل ليلة حتى أُصيب بصرها بالضعف، وذات يوم، رحلت قبل أن يتحقق حلمها. وبعد شهر على وفاتها، ظهر اسمه في قائمة الموتى. كأن قلبها كان يعلم، فغادر قبل أن يرى الحقيقة.
في قصة أخرى، كانت هناك أمٌّ تجهز لخطبة ابنها. اشترت له ملابسه الجديدة والمصاغ، وجهزت البيت لاستقبال الخطيبة. أسبوعٌ فقط فصلها عن الفرح، لكن المعركة سبقتها، واستُشهد ابنها في أحد الاشتباكات. وبينما كانت ترتّب الزينة في البيت، دخل الجيران وهم يحملون جسده. لم تحتمل، وسقطت تبكي بحرقة: "كنت أعد له ليلة العمر، فدخل عليّ ممدداً في كفنه."
وفي لحظة توثق واحدة من أفظع مآسي الحرب، ظهر زوجان مسنّان من داريا على شاشة قناة الجزيرة، يرويان كيف فقدا عشرة من أبنائهما دفعة واحدة. كانت الأم تتحدث عن ابنها "أحمد" الذي لم يُكمل أسبوعين من زواجه، حين تم قتله أمام عينيها. صوتها الحزين خلال اللقاء كان أبلغ من كل تقارير العالم عن المأساة السورية.
في الحرب، لا تموت الصور، بل تعيش أكثر من أصحابها، تسكن هواتف الأمهات، جدران البيوت، تفاصيل الأحاديث، وهمسات الليل. الأمهات السوريات لا يُطفئن شموع أولادهنّ، لأن النار ما زالت مشتعلة في قلوبهن. هذه ليست مجرد قصص، بل شواهد حيّة على أن الفقد لا يُقاس بالزمن، وأن ذاكرة الأمهات، أقوى من النسيان... وأصدق من أي رواية رسمية.
تواصل مؤسسة مياه حمص جهودها في تأمين بدائل لمياه الشرب، في ظل الانخفاض المستمر في منسوب مياه نبع عين التنور، المصدر الرئيسي للمدينة.
وأعلنت المؤسسة بدء أعمال إعادة تأهيل آبار دحيريج في منطقة القصير، حيث تم تشغيل 8 من أصل 9 آبار ضمن الموقع.
وفي سياق الخطط الهادفة لتعويض النقص، وضعت المؤسسة مخططًا لحفر آبار جديدة في عدة مناطق بمحافظة حمص. وتشير البيانات إلى وجود 51 بئرًا قيد التجهيز، تم الانتهاء من تجهيز 12 منها حتى الآن.
كما خصص محافظ حمص، الدكتور عبد الرحمن الأعمى، جزءًا من موازنة المحافظة لإعادة تأهيل مجموعة إضافية من الآبار، ضمن خطة دعم محلية لتأمين مصادر المياه وتحسين كفاءة الضخ.
من جانبه، كشف معاون مدير مؤسسة المياه، المهندس عمر شمسيني، عن دراسة مشروع استراتيجي لتغذية محافظتي حمص وحماة بالمياه من أعالي نهر العاصي.
لكنّه أشار إلى أن التكلفة المقدّرة للمشروع، والتي تصل إلى نحو 20 مليون دولار، قد تعيق تنفيذه في الوقت القريب.
في المقابل، تشهد منطقة عين التنور انخفاضًا حادًا في منسوب المياه نتيجة نقص الهطولات المطرية هذا العام، ما دفع المؤسسة إلى تطبيق نظام تقنين "يوم بيوم" في ضخ المياه، ومن المرجح استمرار هذا النظام لعدة أشهر قادمة.
رغم تسارع عمليات التأهيل والدعم المحلي، ما تزال محافظة حمص بحاجة إلى حلول استراتيجية بعيدة المدى، تُقلل من الاعتماد الموسمي على مصادر مائية غير مستقرة.
ويبدو أن تجاوز العوائق المالية أمام المشاريع الكبرى سيكون مفتاحًا لتحقيق استقرار مائي حقيقي في المحافظة، وكان تناول اجتماع رسمي في المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي بمدينة حمص، الواقع المائي في محافظتي حمص وحماة، وسبل إيجاد الحلول المستدامة لمعالجة انخفاض الوارد المائي.
وفي وقت سابق أوضح مدير عام مؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي، الأستاذ "عبد الهادي عودة"، أنّ الواقع المائي في منطقة عين التنور شهد انخفاضاً ملحوظاً في منسوب المياه، الأمر الذي انعكس سلباً على كميات الضخ المتوفرة.
فيما بيّن أنّ المياه وصلت اليوم بكميات محدودة لبعض المناطق وتوقفت عن مناطق أخرى، مشيراً إلى أنّ ضخ كميات أكبر من المياه متوقع أن يبدأ ظهر الغد، لتعويض النقص الحاصل في التوزيع.
وأشار أنّ الضخ سيشمل عدداً من أحياء مدينة حمص تدريجياً، مبيّناً سبب التراجع في الواردات المائية عائد إلى الظروف المناخية الراهنة وقلة الأمطار، ما أثّر بشكل مباشر على غزارة مياه عين التنور.
من جهة أخرى أكّد أن المؤسسة تدرس تعديل برامج الضخ بما يتلاءم مع المتغيرات الحالية، لضمان توزيع أكثر عدالة وكفاءة للمياه المتوفرة.
وكان تناول اجتماع رسمي عقد في المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي بمدينة حمص، الواقع المائي في محافظتي حمص وحماة، وسبل إيجاد الحلول المستدامة لمعالجة انخفاض الوارد المائي.