يعاني الشباب السوري، سواءً الذكور أو الإناث، لاستغلال واضح الشكل في سوق العمل من قِبَل أربابه، وذلك نتيجة الظروف الصعبة التي خلَّفتها الحرب في سوريا، المتمثلة بـ الفقر، والنزوح، إلى جانب سوء الوضع المعيشي والاقتصادي، وغيرها من تداعيات النزاع القاسي.
واضطر الشباب إلى تحمل الاستغلال، أمام الواقع المعيشي القاسي خاصة مع ندرة فرص العمل، وانتشار البطالة، إلى جانب فقدان المعيل، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والدوائية. بالإضافة إلى تدهور قيمة العملة السورية وتراجع مستوى الدخل مقارنةً بالاحتياجات اليومية، مما جعلهم يقبلون بأعمال شاقة بأجور زهيدة، دون أي ضمانات لحقوقهم.
تحمُّل الشباب لأعباء إضافية
لم تقتصر معاناة الشباب السوري على توفير احتياجاتهم الشخصية فحسب، بل أصبح الكثيرون منهم مسؤولين عن إعالة أسرهم بالكامل، خاصةً بعد أن تسببت الحرب في تدمير حياة آلاف الأسر وفقدانها لمصادر دخلها الأساسية. فأصبح الشاب أو الشابة، المعيل الوحيد لأسرهم، مما جعلهم فريسة سهلة للاستغلال في سوق العمل.
أشكال الاستغلال وصمت المُستغلين
يواجه الشباب العامل في سوريا العديد من أشكال الاستغلال، منها: ساعات عمل طويلة مقابل أجور زهيدة لا تتناسب مع الجهد المبذول، إلى جانب لتأخير في صرف المستحقات، أو اقتطاع جزء منها دون مبرر منطقي، بالإضافة إلى تكليفهم بمهام إضافية، خارج نطاق عملهم الأساسي دون مقابل. وبعض الحالات عانت من الحرمان من الإجازات أو التعويضات في حالات المرض أو الإصابة. وبالرغم من تلك المعاناة، اضطر معظم الشباب إلى العمل بصمت خوفاً من فقدان مصدر رزقهم.
تختلف ظروف الشباب السوريين العاملين، لكنهم يتشاركون في المعاناة نفسها، ففي سوق العمل تجد الطالب الجامعي الذي يعمل بأقصى طاقته لتأمين نفقات دراسته، وآخر فقد والده وأصبح المسؤول الوحيد عن إخوته، والشابة التي تريد الاعتماد على نفسها دون أن تُحمل عائلتها أعباء نفقاتها في ظل الأوضاع المعيشية القاسية، إلى جانب الأرملة التي أصبحت مضطرة للعمل لتربية أطفالها بعد فقدان زوجها، وغيرها من الحالات الممكنة، وتتنوع المهن بين العمل في المحلات التجارية، المطاعم، الخياطة، والعديد من الأعمال اليومية الشاقة.
يقترح ناشطون حلولاً للحد من استغلال الشباب في سوق العمل، مثل: تفعيل قوانين تحمي حقوق العمال وفرض عقوبات على أرباب العمل المستغلين، وتقديم دعم مالي وتعليمي للشباب لتمكينهم من الحصول على فرص عمل لائقة. إلى جانب التوعية بحقوق العمال من خلال حملات إعلامية وبرامج تدريبية، وأكدوا على ضرورة تشجيع المشاريع الصغيرة التي توفر دخلاً مستقراً للشباب دون استغلال.
يعيش الشباب السوري واقعاً مريراً في سوق العمل، حيث يُستغلون في ظل الظروف الصعبة، مما يهدد مستقبلهم وراحتهم. ولا حل لهذه المعاناة إلا بدعم فرص العمل اللائق وتمكين الشباب من خلال مبادرات تنموية حقيقية. فحماية حقوقهم ليست ترفاً، بل ضرورة لإعادة بناء المجتمع وضمان مستقبل أفضل للجميع.
أفادت مصادر محلية أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي نفّذت مساء أمس الأحد 10 آب/أغسطس عملية مداهمة واسعة في قرية طرنجة بالريف الشمالي لمحافظة القنيطرة، مستخدمة قوة عسكرية تُقدّر بنحو خمسين جنديا وعدة آليات، وسط تحليق مكثف لطيران الاستطلاع في أجواء المنطقة.
وبحسب شهود عيان، شرعت القوات في تفتيش عدد من المنازل، وخلعت الأبواب وحطمت محتويات بعض البيوت، ما أثار حالة من الهلع بين النساء والأطفال. وانتهت العملية باعتقال شاب من أهالي القرية، قبل أن تنسحب القوات إلى قواعدها المحيطة.
وفي بيان رسمي، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي إن “قوات من اللواء 226، بقيادة الفرقة 210، أنهت خلال الليلة الماضية عملية لاعتقال تاجر أسلحة في جنوب سوريا”، مضيفاً أنّ الاعتقال تم “بناءً على مؤشرات استخبارية ومتابعة مسبقة”، وأن القوات “ضبطت وسائل قتالية عُثر عليها في المنطقة”.
وزعم أدرعي استمرار انتشار قوات الفرقة 210 في جنوب سوريا “لمنع تموضع عناصر إرهابية في المنطقة، وحماية سكان دولة إسرائيل ولا سيما في منطقة الجولان”، على حد قوله.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة السورية على عملية الاقتحام والإعتقال، فيما تؤكد مصادر محلية أنّ المعتقل مدني من أبناء القرية، وأن العملية شملت أعمال نهب لممتلكات خاصة.
تأتي هذه المداهمة في سياق تصعيد متواصل لتحركات الاحتلال في محيط القنيطرة منذ سقوط نظام الاسد، وسط توتر أمني متزايد على امتداد خط وقف إطلاق النار في الجولان المحتل
أفاد نشطاء في الحكومة السورية أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) نقلت الإعلامية "آية أحمد الحميدي"، إلى سجن التعمير في الرقة، وهو مركز احتجاز مخصص لعناصر تنظيم "داعش"، وذلك بعد عرضها على محكمة الإرهاب في المدينة دون حضور محامٍ أو أي من ذويها.
وجرى اعتقال "الحميدي"، قبل نحو شهر ونصف دون توجيه تهم رسمية، وتشير تقارير محلية إلى تعرضها للتعذيب، وإلى جانب نشاطها الإعلامي فإن المعتقلة موظفة في المركز الثقافي التابع للمجلس المدني وصاحبة نشاطات ثقافية وفنية، بينها المشاركة في مسلسل بدوي بعنوان "ثأر الدم".
وتزامن ذلك مع حملة اعتقالات أخرى في الرقة طالت عدة فتيات عرف منهن شقيقة آية الحميدي"، "إيلاف أحمد الحميدي"، المنتسبة لقوات الأمن الداخلي (الأسايش) وهبة أحمد كوسا، مراسلة قناة "اليوم" الموالية لـ"قسد".
وفي وقت سابق اعتقلت قوات الأمن الداخلي الصحفي رامان عبد السلام حسو، معدّ البرامج في قناة "كردستان 24" ومن أبناء بلدة عامودا، بعد استدعائه إلى أحد المراكز الأمنية وذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن الاعتقال تم دون مذكرة قانونية أو تهم رسمية، مع مصادرة هاتفه ومنعه من التواصل مع عائلته ومحاميه، ما يثير مخاوف من تعرضه للتعذيب أو الإخفاء القسري، مطالبة بالإفراج الفوري عنه أو تقديمه لمحاكمة مدنية عادلة.
كما كشفت مصادر محلية أن مكتب العلاقات الأمنية في مدينة الطبقة غرب الرقة استدعى عدداً من المواطنين لوضعهم صورة "الهوية البصرية السورية الجديدة" على حساباتهم في مواقع التواصل، حيث جرى التحقيق معهم وتفتيش هواتفهم، وانتهت بعض الحالات بالاعتقال. وأوضحت المصادر أن التعرف على هؤلاء تم عبر مخبرين ومتابعة مجموعات "الكومينات" على تطبيق واتساب، المستخدمة لتسجيل طلبات الخبز والغاز، ما أثار مخاوف من اتساع رقعة المراقبة على الخصوصية الرقمية.
وكانت كثّفت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" حملات الاعتقال خلال الأسابيع الماضية في مناطق سيطرتها شمال وشرق سوريا، مستهدفة صحفيين وموظفين وناشطين مدنيين، في ظل تصاعد التوتر مع السكان المحليين واتهامات بانتهاك الحريات.
دعت وزارة العدل في الحكومة السورية يوم الأحد 10 آب/ أغسطس، المواطنين الذين تعرضوا للظلم أو الابتزاز نتيجة أعمال قضاة محكمة قضايا الإرهاب المنحلة، إلى التوجه لتقديم شكاويهم.
وحددت طريقة تقديم الشكاوى عبر ديوان محكمة النقض في دمشق، أو الحضور شخصياً خلال أوقات الدوام الرسمي، مصطحبين ما لديهم من معلومات أو أدلة، أو للتقدم بطلب الاستماع إليهم كشهود للحق العام أمام قاضي التحقيق في محكمة النقض في المزة بدمشق.
وأوضحت الوزارة أن قاضي التحقيق المكلّف من قبل الهيئة العامة لمحكمة النقض، والمختصة بالنظر في القضايا الجزائية، بدأ تحقيقاته مع القضاة السابقين في المحكمة المذكورة حول الممارسات التي جرت خلال فترة عملهم.
وأكدت الوزارة أن هذا الإجراء يأتي استناداً إلى بلاغ نشره قاضي التحقيق، يتيح لكل متضرر أو من تعرض لأي شكل من أشكال الظلم أو الابتزاز، التقدم بشكوى رسمية أو تقديم إفادة أمام القضاء، بما يسهم في كشف الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
وفي قرار منفصل، أصدرت الوزارة التعميم رقم /9/ لضمان سلامة الإجراءات القضائية، وشددت على ضرورة الالتزام بالقانون في استلام وتوثيق وتسليم الأمانات الجرمية ضمن المستودعات المختصة، حفاظاً على الأدلة ومنع العبث بها أو ضياعها.
في أعقاب تصاعد الحراك الشعبي السوري في عام 2011، سارع نظام بشار الأسد إلى تعديل أدواته القمعية، مُبدّلاً الأسماء ومُحافظاً على الوظيفة. فجاء تأسيس "محكمة قضايا الإرهاب" عام 2012 كأداة جديدة بلبوس قانوني، استُخدمت بفعالية خلال أكثر من عقد لسحق المعارضة وملاحقة النشطاء وتصفية خصوم النظام، تحت مظلة "مكافحة الإرهاب".
ووثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أن المحكمة كانت الأداة الرئيسة لملاحقة عشرات آلاف السوريين، بما فيهم طلاب جامعات، إعلاميون، أطباء، عاملون في منظمات إغاثية، وحتى قُصّر. كما استُخدمت المحكمة لإصدار أحكام بالإعدام والسجن المؤبد بناء على تقارير أمنية أو نشاط إعلامي، وسط تجاهل تام لقواعد المحاكمة العادلة.
لم تكتف المحكمة بحرمان المواطنين من حرياتهم، بل تجاوزت ذلك إلى مصادرة ممتلكاتهم. فبموجب المرسوم رقم 63 لعام 2012، أُعطيت المحكمة صلاحية الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لأي شخص تُوجه له تهمة الإرهاب، حتى وإن كانت غيابية.
في شباط/فبراير 2025، وبعد انهيار نظام الأسد، أصدرت وزارة العدل السورية قراراً بإحالة 87 قاضياً من محكمة الإرهاب إلى التحقيق، لفتح ملفات التجاوزات التي ارتكبوها بحق المعتقلين. وقد بدأت بالفعل عمليات جمع شهادات ناجين وتدقيق الملفات القانونية، تمهيداً لمحاكمات قضاة ثبت تورطهم بأحكام تعسفية وبالفساد القضائي.
وأثبتت محكمة قضايا الإرهاب أنها لم تكن يوماً مؤسسة عدلية، بل سيفاً بيد النظام لتصفية خصومه. واليوم، بعد سقوط هذا النظام، تُطرح الأسئلة الملحة حول مصير هذه المحكمة، وضرورة تفكيكها، ومحاسبة كل من أسهم في أعمالها، سواء كانوا قضاة أو محققين أو موظفين قضائيين.
في المقابل، يؤكد حقوقيون أن بناء قضاء سوري جديد لا يمكن أن يتم دون الكشف الكامل عن الجرائم التي ارتُكبت تحت عباءة "العدالة"، ووضع إطار قانوني يضمن استقلال القضاء ويحمي حقوق الإنسان، ويعيد الاعتبار لمفهوم الدولة القانونية بعد سنوات من التلاعب به باسم مكافحة الإرهاب.
أعرب المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، مايكل ميتشل، عن قلق بلاده البالغ إزاء تصاعد العنف في محافظة السويداء، بما في ذلك استخدام القوة ضد المدنيين الذين مارسوا حقهم في التعبير السلمي.
وأوضح ميتشل، في تصريحات صحافية لصحيفة الشرق الأوسط، أن واشنطن تتابع بقلق الاشتباكات الأخيرة بين القوات الحكومية وبعض الفصائل المحلية، مشدداً على أن الحكومة السورية تتحمل مسؤولية حماية المدنيين وضمان حقوقهم، مع ضرورة محاسبة المتورطين في تجاوزات القانون، وتجنب أي تصعيد إضافي.
وأكد ميتشل التزام الولايات المتحدة بشراكتها مع قوات سوريا الديمقراطية في جهود مكافحة تنظيم داعش، داعياً جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتفادي أي مواجهات من شأنها تقويض الاستقرار في شمال شرقي سوريا.
وأشار المتحدث الأميركي إلى أن الأولوية بالنسبة لبلاده هي الحفاظ على الاستقرار ومنع تدهور الأوضاع الأمنية، محذراً من أن استمرار التوتر قد ينعكس سلباً على جهود مكافحة الإرهاب وحماية المدنيين.
أعلن عضو الكونغرس الأمريكي السوري الأصل، ابرهيم حمادة (عن الدائرة الثامنة في أريزونا)، عن قيامه بزيارة تاريخية إلى دمشق استمرت ست ساعات، قادماً مباشرة من القدس، في أول انتقال مباشر لمسؤول أمريكي بين المدينتين منذ زيارة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر عام 1974.
والتقى النائب حمادة خلال الزيارة بالرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد حسن الشيباني، لبحث عدد من القضايا أبرزها إعادة جثمان الناشطة الإنسانية الأمريكية كايلا مولر إلى عائلتها في أريزونا، وإنشاء ممر إنساني آمن لإيصال المساعدات الطبية والإنسانية إلى محافظة السويداء.
وإضافة حمادة إلى بحث آفاق تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل وانضمام دمشق إلى “اتفاقيات أبراهام”، وتعزيز السلام من خلال القوة، والدعوة إلى سوريا تتطلع إلى المستقبل لا إلى الماضي.
كما التقى حمادة وزير المالية محمد يسر برنية، حيث ناقشا العلاقات الاقتصادية والمالية بين البلدين والإصلاحات الجارية في القطاع المالي السوري، وسبل تطوير التعاون الاقتصادي المستقبلي.
وخلال مباحثاته، شدد النائب الأمريكي، وهو ضابط سابق في استخبارات الاحتياط بالجيش الأمريكي وعضو لجنة القوات المسلحة في الكونغرس، على ضرورة أن توفر الحكومة السورية الأمن والسلام لجميع مواطنيها، بمن فيهم المسيحيون والدروز والأكراد والعلويون وسائر المكونات، مؤكداً أن هذا النهج هو الطريق الوحيد نحو بناء سوريا موحدة تعكس تنوعها العرقي والديني.
وأعرب حمادة عن دعمه لقرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب برفع بعض العقوبات عن سوريا لمساعدة شعبها وحكومتها الجديدة في إعادة الإعمار، مع التأكيد على أهمية دور الكونغرس في متابعة التزامات دمشق تجاه واشنطن.
وأكد النائب انخراطه وفريقه في جهود مشتركة بين الوكالات لمعرفة ما يجري – وما لا يجري – على الأرض في سوريا وسط هذا الصراع القائم، وأعرب عن امتنانه ودعمه لقيادة السفير والمبعوث الخاص توم باراك القوية في بلاد الشام.
وتأتي هذه الزيارة في إطار جولة إقليمية لحمادة شملت إسرائيل، حيث التقى رئيس الوزراء وعدداً من الوزراء وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز موفق طريف الذي دعى صراحة لتدخل اسرائيل لدعم الخارجين عن القانون في السويداء وقصف دمشق واستهداف القوات الحكومية، قبل أن ينتقل إلى دمشق في هذه الخطوة الدبلوماسية غير المسبوقة منذ نصف قرن.
أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، أن واشنطن تعمل بالتنسيق مع شركائها الإقليميين والدوليين من أجل الوصول إلى مستقبل يحقق السلام والأمن للشعب السوري، وذلك في سياق تعليقه على اللقاء الأردني–السوري–الأميركي المرتقب في العاصمة الأردنية عمّان، لبحث تطورات الملف السوري.
وكتب باراك على منصة "إكس" الأحد: "إنّ هذا الالتزام يؤكد تصميمنا الجماعي على التحرك نحو مستقبل يمكن لسوريا وجميع شعبها أن يعيشوا فيه بسلام وأمن وازدهار".
ومن المقرر أن تستضيف عمّان، بعد غد الثلاثاء، اجتماعاً ثلاثياً يضم وزيري الخارجية الأردني أيمن الصفدي والسوري أسعد الشيباني، إلى جانب المبعوث الأميركي الخاص وممثلين عن المؤسسات المعنية في الدول الثلاث، استكمالاً لمباحثات 19 تموز 2025، التي ركزت على تثبيت وقف إطلاق النار في السويداء وبحث سبل حل أزمتها وتعزيز الاستقرار وإعادة الإعمار.
تحركات إقليمية واتصالات مكثفة
وكانت أفادت صحيفة "القدس العربي" بأن باراك يجري اتصالات مكثفة بالتنسيق مع الصفدي وعدد من وزراء الخارجية العرب ووزير الخارجية التركي، للتحضير لاجتماع بين الحكومة السورية ووجهاء من محافظة السويداء.
وبحسب مصادر أميركية وسورية، يحظى الاجتماع المقرر نهاية الأسبوع المقبل بدعم إقليمي ودولي واسع، مع مساعٍ لإقناع الشيخ حكمت الهجري بالمشاركة، إلى جانب وجهاء من أبرز العائلات المحلية وقادة فصائل مؤثرة، فيما لم يتضح إن كانت الدعوات ستشمل سليمان عبد الباقي أو ليث البلعوس.
بيان الهجري وإشادة مثيرة للجدل
في 9 آب/أغسطس، أصدر الشيخ حكمت سلمان الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في السويداء، بياناً اتهم فيه الحكومة السورية بارتكاب ما وصفه بـ"إبادة ممنهجة" بحق أهالي المحافظة، داعياً إلى تدخل دولي عاجل وفتح تحقيقات أممية.
وأثار البيان جدلاً واسعاً بسبب إشادته العلنية بدور الولايات المتحدة وإسرائيل والإدارة الذاتية ودول خليجية في الملف، حيث وجّه الشكر للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب "لموقفه الواضح في دعم الأقليات ورفض الاستبداد"، ولـ"حكومة وشعب إسرائيل لتدخلهم الإنساني"، إضافة إلى امتنانه لعدد من الدول الخليجية والإدارة الذاتية في شمال وشرق الفرات.
ويرى مراقبون أن الخطاب الأخير للهجري يعكس تبنّياً كاملاً لرؤية قوى وجهات خارجية، بينها إسرائيل، لطالما سعت إلى توظيف ملف السويداء سياسياً وأمنياً، ما يضعه في موقع متقاطع مع أجندات خارجية مناوئة للدولة السورية.
كما تضمّن البيان دعوة إلى "انسحاب كافة المجموعات المسلحة إلى خارج الحدود الإدارية للسويداء"، في صيغة فسرت على أنها مطالبة بخروج القوات الحكومية، تمهيداً لترسيخ نفوذ قواته المدعومة من إسرائيل في المنطقة.
مخاطر التصعيد وتدخلات الجنوب السوري
يشير البيان الأخير للهجري إلى إصراره على خيار المواجهة مع دمشق عبر المطالبة بتدخل دولي مباشر، ما يفتح الباب أمام مزيد من التدخلات الخارجية في الجنوب السوري، في وقت تؤكد فيه الحكومة السورية أنها تعمل على إعادة الأمن والاستقرار للمحافظة.
أطلقت منظمة Humanitarian Tracker بالتعاون مع مؤسسة "تيما" للتنمية، منصة Global Action Mosaic، المعروفة بـ"مشروع الموزاييك للعمل العالمي"، بهدف دعم وتعزيز تحقيق أهداف التنمية المستدامة في سوريا، وذلك بحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي، في مقر مركز الابتكار الرقمي "ديجت" بحي كفرسوسة في دمشق.
تهدف المنصة إلى توظيف المشاركة الجماهيرية وتقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام، من خلال تمكين المواطنين من الإبلاغ عن الأزمات الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان باستخدام التكنولوجيا، ودمج التقارير الواردة من الأفراد الميدانيين مع تقنيات التعلم الآلي واستخراج البيانات للتحليل والتحقق من مصادر متعددة، وتتبع وقياس التقدم في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
كما توفر المنصة خريطة حية للوقائع وتتيح بياناتها للمنظمات الدولية والصحفيين والهيئات الحكومية مثل الأمم المتحدة والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية الأمريكية.
رؤية تقنية وإنسانية
أوضح الوزير مروان الحلبي أن المنصة تعكس تكامل البعد الإنساني مع الحداثة التقنية، عبر الاستفادة من البيانات المنتجة من قبل المواطنين والأدوات الرقمية الشاملة، مؤكداً أهميتها في استثمار الطاقات البحثية والفكرية بمجالات الذكاء الاصطناعي لخدمة الصحة النفسية في بيئات ما بعد النزاع، والتعليم الرقمي، والتطوير المهني.
واعتبر أن المبادرة تبرز دور محو الأمية الرقمية وتوظيف البيانات وتعزيز التعاون بين القطاعات كجسور لتمكين الشباب والنساء وتسريع مسار التنمية المستدامة، وترسيخ مكانة دمشق كمنارة إقليمية للابتكار الاجتماعي المعتمد على التكنولوجيا.
منصة ذات أثر اجتماعي عالمي
من جانبها، بيّنت هند الحناوي، المديرة التنفيذية في منظمة *Humanitarian Tracker*، أن المنظمة، وهي مؤسسة غير ربحية مقرها مدينة سياتل الأمريكية، أطلقت هذه المنصة قبل 14 عاماً لتكون مشروعها الرئيسي في مجال توظيف المشاركة الجماهيرية والذكاء الاصطناعي لتحقيق أثر اجتماعي إيجابي، مشيرة إلى أن المشروع يمكّن المجتمعات من عرض مبادرات تحوّلية تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة وما يتجاوزها.
تمكين الشباب والفئات الهشة
بدورها، أكدت ريما عبسي، نائبة رئيس مجلس أمناء مؤسسة "تيما" للتنمية، أن المؤسسة تُعنى بتفعيل دور الشباب وتحفيزهم، لا سيما الفئات الضعيفة والمهمشة أو المعرّضة للخطر، من خلال تبني أفضل الممارسات الدولية، والاستثمار في إنتاج الأدلة وتعزيز الابتكار، وتشجيع حركة التغيير.
شهد حفل الإطلاق حضور معاون وزير التعليم العالي للشؤون العلمية والبحث العلمي الدكتور غيث ورقوزق، ورئيس جامعة دمشق الدكتور مصطفى صائم الدهر، إلى جانب ممثلين عن وزارتي الخارجية والمغتربين والشؤون الاجتماعية والعمل، وسفراء عدد من الدول، وممثلي منظمات دولية وخبراء وباحثين.
رغم سقوط نظام الأسد وتحرير العديد من القرى والمدن، لا تزال آلاف العائلات السورية تقيم في مخيمات مؤقتة أو في منازل مسقوفة بعوازل بلاستيكية لا تقي من حرّ ولا برد. وفي ظل موجة الحر الشديدة التي تضرب سوريا حالياً، تزداد معاناة الجميع، ولكنّ النساء الحوامل يعشن مأساة مضاعفة تجمع بين التحديات الصحية والجسدية والنفسية.
حمل في قلب المعاناة
تعيش آلاف النسوة في المخيمات التي تكون أغلبها تفتقر للتهوية والنظافة، ويغيب عنها وسائل التبريد، تحاول النساء الحوامل التأقلم مع موجة حرّ خانقة. فأغلب الخيام متلاصقة، لا يوجد مجال للخصوصية فيها، ما يمنع كثيراً من النساء من ارتداء الملابس المريحة، أو التمدد والاسترخاء دون أن يشعرن بالضغط أو الحرج، في وقت هنّ فيه بأمسّ الحاجة للراحة والدعم.
المخاطر الصحية
وبحسب مصادر طبية فإن النساء الحوامل يُعتبرن من الفئات الأكثر تأثراً بارتفاع درجات الحرارة، خاصة في البيئات غير المجهزة كالمخيمات أو البيوت ذات الأسقف المعدنية أو العوازل. ومن أبرز الآثار الصحية التي قد يعانين منها: خطر الجفاف، خاصة أن الحوامل بحاجة إلى كميات أكبر من السوائل، وارتفاع الحرارة يزيد من التعرق، مما يعرضهن لخطر الجفاف، وهو ما يؤثر على تدفق الدم للجنين.
إضافة إلى ذلك تؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى إمكانية تعرض الحوامل للإصابة بضربة شمس مما يؤثر على صحتها وصحة الجنين، إلى جانب المعاناة من اضطراب النوم وزيادة التوتر، مما يؤثر على راحة الحوامل، وينعكس سلباً على صحتهن النفسية.
الأثر النفسي للضغط المتواصل
الحرارة المرتفعة، وقلة النوم بسبب واجبات الاسرة، والانزعاج الدائم من ظروف المخيم، وضرورة الانتباه إلى الأطفال كي لا يتأثروا بموجة الحرّ كلها عوامل تترك آثاراً نفسية سيئة على الحوامل. فكثير منهن يعانين من نوبات قلق وشعور دائم بالإنهاك والتعب، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على صحة الجنين.
أهمية العناية بالحامل
تؤكد طبيبات نسائيات أن العناية بالمرأة الحامل ليست رفاهية، بل ضرورة لحماية جيل كامل قادم. فالتغذية السليمة، والراحة النفسية، والرعاية الطبية، كلها تلعب دوراً في نمو الجنين بشكل صحي وآمن. وفي بيئة المخيمات، تصبح هذه الرعاية حاجة ملحّة لا تحتمل التأجيل.
الاحتياجات والحلول الممكنة
تشير ناشطات إلى أن الحوامل في المخيمات بظلّ ارتفاع درجات الحرارة، بحاجة إلى: توفير أدوات تبريد بديلة أو بسيطة (مراوح، ألواح طاقة) في ظل هذه الموجة الحارة. وبشكل عام يحتجن إلى دعم صحي نفسي وميداني منتظم، توفير مستلزمات غذائية وطبية مناسبة لفترة الحمل.
وسط حرّ الصيف القاسي وظروف المخيمات الصعبة في الشمال السوري، تعاني الحوامل من تحديات صحية ونفسية كبيرة. توفير الرعاية الطبية، الدعم النفسي، والمستلزمات الأساسية ضرورة ملحة لضمان سلامتهن وسلامة أجنتهن، وهو خطوة أساسية لحماية جيل المستقبل.
أعرب مجلس الأمن الدولي عن قلقه البالغ إزاء تصاعد أعمال العنف في محافظة السويداء منذ 12 تموز، داعياً جميع الأطراف إلى الالتزام الفوري بوقف إطلاق النار وضمان حماية المدنيين.
وأدان المجلس بشدة الهجمات التي استهدفت المدنيين وأدت إلى نزوح نحو 192 ألف شخص، مطالباً بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن.
شدد المجلس على ضرورة توفير الحماية لجميع السوريين دون تمييز على أساس الانتماء العرقي أو الديني، مؤكداً أن تحقيق السلام يمر عبر ضمان الأمان والمساءلة القضائية لجميع مرتكبي أعمال العنف. كما رحب بإعلان السلطات المؤقتة في سوريا إدانتها للعنف والتزامها بإجراء تحقيقات شفافة وشاملة.
جدد مجلس الأمن احترامه لسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها، ورفض أي تدخل سلبي قد يؤثر على مسار الانتقال السياسي أو الأمني أو الاقتصادي، داعياً جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أعمال من شأنها زعزعة الاستقرار.
شدد المجلس على أهمية الالتزام باتفاق فض الاشتباك الموقع مع إسرائيل عام 1974، ودور قوة الأمم المتحدة في مراقبة تنفيذه، بما يضمن الاستقرار على خطوط التماس.
أعرب المجلس عن قلقه من استمرار التهديدات الإرهابية، ولا سيما من قبل المقاتلين الأجانب، داعياً إلى مكافحة جميع أشكال الإرهاب. كما أكد ضرورة المضي قدماً في عملية سياسية شاملة يقودها السوريون، بهدف حماية حقوق الجميع، استناداً إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254، مع استمرار دعم الأمم المتحدة والمبعوث الخاص لتنفيذ هذا المسار.
وفي وقت سابق، أكد مدير وحدة الإعلام والتواصل في منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، عمر المالكي، أن قافلة إغاثية تابعة للمنظمة تعرضت، يوم أمس، لإطلاق نار مباشر أثناء تنفيذ مهامها الإنسانية في المنطقة الجنوبية، دون وقوع إصابات بين أفراد الفريق.
وتؤكد مشاهد دخول القوافل بشكل يومي التزام الحكومة السورية، برئاسة أحمد الشرع، بإيصال الدعم إلى السويداء، وتكشف في الوقت نفسه حجم التضليل الذي تمارسه ميليشيا الهجري وأبواقها الإعلامية لتحقيق مكاسب سياسية على حساب معاناة المدنيين.
وجه المواطنون السوريون الحاصلون على الجنسية التركية والمقيمون في دولة قطر نداءً عاجلاً إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، ووزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد الرحمن تركو، طالبوا فيه بإصدار قانون أو قرار استثنائي يتيح لأطفالهم التسجيل والدراسة في المدرسة السورية في قطر.
وأوضحوا أنهم دخلوا إلى قطر بجوازات سفر تركية ويحملون إقامات قطرية تُثبت جنسيتهم التركية، ما دفع إدارة المدرسة السورية لاعتبارهم أتراكاً ورفض تسجيل أبنائهم، في وقت أغلقت فيه المدرسة التركية أبوابها أمامهم منذ عامين لعدم توفر شواغر.
وأكدوا أن مستقبل أبنائهم التعليمي مهدد مع اقتراب العام الدراسي الجديد، ودعوا إلى تدخل عاجل يضمن التحاقهم بالمدرسة السورية، حفاظاً على حقهم في التعليم وتعزيز ارتباطهم بهويتهم السورية.
وختموا مناشدتهم بالتعبير عن شكرهم وتقديرهم، مؤكدين أنهم أبناؤكم السوريون – حملة الجنسية التركية – المقيمون في دولة قطر.
في لحظة طال انتظارها، امتلأت وجوه الطلاب الناجحين في شهادة التعليم الأساسي (الصف التاسع) بالفرح والفخر، لكن خلف تلك الابتسامات، بقيت قلوب كثيرة تنبض بالحزن بصمت، وعيون تترقب حضوراً لن يأتي.
بينما احتفل الأهل والأحبة بنجاح أبنائهم، جلس بعض الطلاب في صمت، يتمنون لو كان آباؤهم، الذين فقدوهم بسبب الحرب، إلى جانبهم، يشاركونهم فرحة النجاح التي طالما حلموا بها، يفخرون بهم أمام المهنئين، ويثنون على جهودهم طوال العام الدراسي، إلا أن الموت والفقد حال بينهم وبين أمنيتهم.
تُعدُّ فرحة النجاح من أجمل الأشياء التي ينالها الطالب بعد شهور من التعب والدراسة والاجتهاد والانتظار، وهذه الشعور ذاق طعمه 49 بالمئة من الطلاب في سوريا مؤخراً بعد صدور نتائج التاسع لهذا العام، إلا فرحة النجاح كانت ناقصة لدى البعض وخاصة من فقدوا ٱبائهم نتيجة الحرب وظروفها.
عاش بعض أولئك الطلاب مشهداً منقوصاً، في لحظة إعلان النتائج، في حالة اختلطت فيها فرحة النجاح بغصّة الفقد. فبينما يعلو التصفيق وتنهال التهاني، يتسلّل إلى قلب الناجح شعور بالوحدة والحرمان، لأن من كان يجب أن يكون أول من يحتضنه ويبارك له... غائب.
غياب الأب الشهيد أو المعتقل في هذه اللحظة بالذات يفتح جرحاً عميقاً، ويجعل الفرح مشوباً بالحزن، جعلت البعض من الناجحين يشعرون بأنهم حُرموا من أبسط حقوقهم العاطفية، من كلمة "أنا فخور بك"، من نظرة رضا، من حضن يُنسيه تعب الدراسة وسهر الليالي.
منهم من بكى سراً لا فرحاً، بل شوقاً لمن كان يتمنى أن يراه في هذا اليوم. هذا الأثر النفسي لا يُرى بالعين، لكنه يُحفر عميقاً في الوجدان، ويبقى طويلاً كذكرى ممزوجة بالألم والحنين. هناك من تمنت أن ترى الفرحة بعيون والدها، وأن يمدحها بين أفراد العائلة والأقارب، مثنياً على جهودها وتعبها طوال العام. كانت تنتظر تلك اللحظة التي يربّت فيها على كتفها بفخر. لكن غيابه ترك في قلبها فراغاً لا تملأه التهاني، وجعل فرحتها خافتة.
وهناك من تمنى أن يكون والده أول شخص يسمع نبأ نجاحه، ويهرع إليه ليحتضنه، ويقدّم له هدية طالما حلم بها، ويعامله بافتخار وتقدير أمام الأقارب والجيران والمعارف، كما كان يتخيّله دائماً في أحلامه الصغيرة. وتمنّى أن يسمع كلمات الثناء من فمه، وأن يراه يرفع رأسه به أمام الآخرين.
أكد الطلاب الذين تحدثنا معهم أن غياب الأب كان من أبرز العقبات التي واجهتهم في مسيرتهم التعليمية، إذ حرمهم من وجود السند والداعم الأول، وأفقدهم القدرة على تأمين بعض الاحتياجات الأساسية التي كان يمكن أن تسهّل طريقهم نحو النجاح. ومع ذلك، لم يكونوا على هامش المشهد، بل قاوموا تلك الظروف بإصرار، واستمدّوا قوتهم من حبّهم العميق لآبائهم الغائبين.
فرحة النجاح لهؤلاء الطلاب كانت مختلفة، لأنها وُلدت من قلب المعاناة والفقد. رغم الغياب والألم، تجاوزوا التحديات وأثبتوا أن إرادة أبناء الشهداء والمعتقلين لا تنكسر، وأنهم مستمرون في تحقيق أحلام آبائهم وبناء مستقبل يُليق بتضحياتهم.