حذر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، خلال شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، من أن الوضع في سوريا لا يزال “هشاً وخطيراً للغاية”، مشيراً إلى أن الحكومة الانتقالية في دمشق قد تكون على بعد “أسابيع، وليس عدة أشهر” من الانهيار الكامل والدخول في “حرب أهلية واسعة النطاق، قد تقسم البلاد من جديد”.
وأكد روبيو، اننا اذا تواصلنا مع الحكومة السورية الحالية فإن الأمر قد ينجح، ولكن إذا لم نتواصل فبالتأكيد أن الأمور في سوريا لن تنجح وتتجه للحرب الأهلية، وبهذه الحالة أضاف روبيو "نعتقد أن السلطة الانتقالية، بالنظر إلى التحديات التي تواجهها، على بُعد أسابيع، وليس أشهر، من انهيارٍ محتمل وحربٍ أهليةٍ شاملةٍ قد تقسم البلاد".
وفي سياق حديثه عن طبيعة المرحلة التي أعقبت سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، أشار روبيو إلى أن الشخصيات التي تشكل الحكومة الانتقالية “لم تمرّ جميعها بخلفية نظيفة، وبعضها لديه ماضٍ صعب”، مضيفًا: “لكن إذا لم نتعامل معهم، فإن الفشل كان مضمونًا. أما إذا تفاعلنا، فهناك فرصة أن ينجح الأمر، وربما لا.”
ورأى روبيو أن ما وصفه بـ”الهوية الوطنية السورية” لا تزال قائمة رغم الانقسامات، معتبرًا أن سوريا كانت واحدة من الدول التي عاش فيها العلويون والدروز والمسيحيون والسنّة والشيعة والأكراد جنبًا إلى جنب، “تحت مظلة الهوية السورية، قبل أن يدمّرها الجزار بشار الأسد، حين حوّل السوريين إلى أعداء بعضهم لبعض.”
وخلال جلسة الاستماع التي عُقدت يوم الثلاثاء 20 أيار/مايو، أكد روبيو أن تقييم وزارة الخارجية الأميركية للوضع السوري يشير إلى حالة “هشاشة مقلقة”، في ظل التحديات المعقدة التي تواجهها القيادة الجديدة، موضحًا أن واشنطن ستسمح لدبلوماسييها في تركيا، بمن فيهم السفير الأميركي هناك، بالتواصل مع مسؤولين محليين في سوريا لتحديد طبيعة المساعدات المطلوبة.
وقال روبيو إن خطة الإدارة الأميركية في المرحلة المقبلة تشمل الاستمرار في الانخراط “المدروس” مع سوريا، من خلال تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية وتفادي الانزلاق إلى فراغ أمني. كما أشار إلى إنشاء صندوق جديد بعنوان “فرصة أميركا أولاً” بقيمة 2.9 مليار دولار، بهدف الاستجابة السريعة للأزمات في مناطق مثل سوريا، ودعم جهود الإعادة إلى الوطن، والتصدي لما وصفه بـ”التهديدات الاستراتيجية” من منافسين مثل الصين.
وفي سياق متصل، تطرق عدد من أعضاء اللجنة إلى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، ودور روبيو في ذلك، إلا أن الوزير لم يُبدِ موقفًا حاسمًا خلال الجلسة، واكتفى بالإشارة إلى “هشاشة الحكومة الانتقالية واحتمال تصاعد الصراع مجددًا”، محذرًا من أن أي إخفاق في احتواء الوضع قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.
يأتي هذا التصريح في وقت يتصاعد فيه الجدل داخل الكونغرس بشأن سياسة إدارة ترامب تجاه سوريا، خاصة بعد قرار رفع العقوبات، وعودة بعض الدول الغربية للتعامل مع الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع. وقد قاطع عدد من المتظاهرين جلسة الاستماع هاتفين “أوقفوا الإبادة”، قبل أن يتم إخراجهم من القاعة من قبل الشرطة.
ورغم الانتقادات من بعض الديمقراطيين، أشاد الرئيس ترامب مرارًا بروبيو، واصفًا إياه بـ”رجل المهمات المستحيلة”، ومؤكداً أنه أصبح من أكثر الشخصيات نفوذاً في إدارته، حيث يتولى إلى جانب الخارجية مهام مستشار الأمن القومي، ورئاسة الوكالة الأميركية للتنمية (USAID)، وأيضاً مهام الأرشيف الوطني الأميركي.
منذ انطلاقة الثورة السورية في ربيع عام 2011، تحوّل موقف الاتحاد الأوروبي تدريجيًا من الإدانة السياسية إلى فرض واحدة من أوسع منظومات العقوبات التي عرفها ضد دولة بعينها. استمرت هذه السياسة لسنوات، قبل أن تشهد تحولًا ملحوظًا في أعقاب سقوط النظام السابق بقيادة بشار الأسد، وصعود حكومة انتقالية جديدة في دمشق.
البدايات: عقوبات ضد القمع
بدأت أولى العقوبات الأوروبية في 9 أيار/مايو 2011، كرد مباشر على العنف الذي واجه به نظام الأسد الاحتجاجات الشعبية. شملت الحزمة الأولى حظرًا على تصدير الأسلحة ومعدات مكافحة الشغب، وتجميد أصول مسؤولين متورطين في الانتهاكات، ومنع سفرهم إلى دول الاتحاد. وأكد الاتحاد حينها أن الإجراءات لا تستهدف الشعب السوري، بل "الآلة القمعية".
لاحقًا، وُسّعت قائمة العقوبات في 23 أيار/مايو 2011 لتشمل بشار الأسد نفسه ودائرته الضيقة، في خطوة غير مسبوقة حملت رمزية واضحة بتحميل رأس النظام المسؤولية عن الانتهاكات.
تشديد تدريجي خلال 2011–2012
مع استمرار التصعيد الميداني، صعّد الاتحاد الأوروبي من إجراءاته. في أيلول/سبتمبر 2011، فُرض حظر على استيراد النفط السوري ونقله، بالإضافة إلى حظر التأمين والخدمات المالية المتعلقة به، ما أدى إلى وقف صادرات النفط السورية إلى أوروبا كليًا. كما فُرضت قيود على الاستثمار في المشاريع الحكومية، وأُدرجت شخصيات من عائلة الأسد مثل أسماء الأسد وأنيسة مخلوف وبشرى الأسد ضمن قوائم العقوبات.
بنهاية 2012، كانت اللائحة قد طالت أكثر من 126 شخصية و41 كيانًا سوريًا، وشملت مسؤولين حكوميين وعسكريين وكيانات اقتصادية ومصرفية، مما جعل العقوبات الأوروبية من بين الأكثر شمولًا عالميًا.
تطوير الإطار القانوني (2013–2020)
في عام 2013، أعاد الاتحاد الأوروبي تنظيم العقوبات ضمن قرار موحد (2013/255/CFSP)، وأصبح هذا القرار الإطار المرجعي الأساسي للعقوبات السورية. شملت القائمة المستهدفة علماء أسلحة كيميائية، رجال أعمال، وشركات عقارية مرتبطة بـ"اقتصاد الحرب".
بعد هجوم الغوطة الكيميائي عام 2013، أجرت بروكسل تعديلات تقنية على العقوبات للسماح بتمويل عمليات تدمير الترسانة الكيميائية، دون المساس بإجراءات العزل المفروضة على النظام.
تأثير اقتصادي ملموس
أوقفت العقوبات صادرات النفط السوري بنسبة تجاوزت 90%، وجُمدت أصول المصرف المركزي السوري. كما تم حظر تصدير السلع الكمالية والتقنيات الحساسة التي قد تُستخدم في القمع، مثل أنظمة المراقبة. واستُهدفت شبكة الداعمين الماليين للنظام، كرامي مخلوف ومحمد حمشو وخضر طاهر.
ورغم شمولية الإجراءات، حافظ الاتحاد على استثناءات إنسانية لتأمين الغذاء والدواء والإغاثة، وسمح بتراخيص خاصة للمنظمات الإنسانية.
سياسة التمديد والمراجعة السنوية
منذ 2012، اعتمد الاتحاد الأوروبي سياسة تجديد العقوبات سنويًا، مع مراجعة دورية لقائمة الأفراد والكيانات المستهدفة. ففي أيار/مايو من كل عام، يصدر قرار بتمديد العقوبات 12 شهرًا إضافيًا. وتمت تنحية بعض الأسماء في حالات الوفاة أو تغيّر الظروف.
في عام 2024، بلغ عدد المُدرجين 316 شخصًا و86 كيانًا، بحسب البيان السنوي الصادر عن المجلس الأوروبي.
نحو الانفتاح: مرحلة ما بعد الأسد (2023–2025)
مع تسارع الانفراجات الدبلوماسية إقليميًا، وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وبدء مسار سياسي جديد بقيادة الرئيس أحمد الشرع، بدأت بروكسل مراجعة موقفها. وفي شباط/فبراير 2025، قرّر الاتحاد الأوروبي تعليق عقوبات اقتصادية رئيسية، أبرزها:
رفع الحظر على قطاع النفط والطاقة.
السماح باستئناف الرحلات الجوية والنقل البري.
إعادة ربط القطاع المصرفي ببعض البنوك السورية.
تثبيت الإعفاء الإنساني بشكل دائم.
رغم هذه الخطوات، أكد الاتحاد أن العقوبات الشخصية ضد مرتكبي الجرائم ستبقى قائمة، وأن رفع المزيد من العقوبات مرتبط بمدى تقدم العملية السياسية.
خلاصة المشهد
بعد أكثر من عقد من العقوبات، تبدو السياسة الأوروبية في سوريا على مفترق طرق. فبينما يواصل الاتحاد الضغط من أجل إصلاحات شاملة، يفتح في الوقت نفسه الباب أمام شراكات جديدة مع حكومة ترى فيها بروكسل فرصة حقيقية لتحقيق العدالة والانتقال السياسي.
وقّع وزير الخارجية والمغتربين السوري، السيد أسعد حسن الشيباني، ونائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، السيد أيمن الصفدي، مذكرة تفاهم لتأسيس "مجلس التنسيق الأعلى" بين الجمهورية العربية السورية والمملكة الأردنية الهاشمية، وذلك خلال لقاء رسمي في العاصمة دمشق، يأتي تتويجاً لتفاهمات سابقة جرى التوصل إليها خلال زيارة الصفدي إلى دمشق في 17 نيسان 2025.
انطلاق الدورة الأولى للمجلس برئاسة وزيري الخارجية
شهدت دمشق انعقاد الدورة الأولى للمجلس المشترك برئاسة الوزيرين الشيباني والصفدي، وبمشاركة وفود وزارية رفيعة من الجانبين، ضمّت وزراء الاقتصاد والطاقة والنقل من الطرف السوري، ونظراءهم من الجانب الأردني، بينهم وزراء المياه والصناعة والطاقة والنقل.
أكد المجتمعون على متانة العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين، وعلى أهمية البناء عليها في إطار مؤسساتي لتوسيع مجالات التعاون، بما يخدم المصالح الاستراتيجية المشتركة ويساهم في دعم جهود إعادة إعمار سوريا ومواجهة تحديات المرحلة الانتقالية.
خارطة طريق للعمل المشترك في قطاعات المياه والطاقة
خرج الاجتماع بخارطة طريق عملية تتضمن أهدافًا قصيرة ومتوسطة المدى، أبرزها مراجعة اتفاقية استثمار مياه نهر اليرموك الموقّعة عام 1987، بهدف تعديل بنودها لضمان الحقوق المائية العادلة لكلا البلدين، إضافة إلى تفعيل أعمال اللجان الفنية المختصة في قطاع المياه.
في قطاع الطاقة، تم الاتفاق على دراسة مشاريع تزويد سوريا بالغاز الطبيعي عبر الأراضي الأردنية، وربط الشبكات الكهربائية بين البلدين، وتبادل الخبرات في الطاقة المتجددة، مع تحديد تموز المقبل موعداً لاجتماع وزاري يليه لقاءات فنية موسّعة لمتابعة هذه المبادرات.
كما ناقش الطرفان إمكانية استفادة سوريا من ميناء الغاز الطبيعي المُسال الذي سيتم تشغيله في العقبة أواخر عام 2026، إلى جانب مرافق التخزين وأساطيل النقل الأردنية المتوفرة.
تعزيز التعاون التجاري والصناعي وإعادة هيكلة المجالس الاقتصادية
في المجال الاقتصادي، تم الاتفاق على عقد اللجنة الاقتصادية المشتركة في تموز المقبل، بمشاركة قطاع الأعمال من الطرفين، لبحث فرص التكامل الصناعي وتعظيم التجارة البينية. وتشمل الخطط تنظيم منتدى أعمال سوري-أردني، وتفعيل مجلس الأعمال المشترك، مع ترحيب دمشق بزيارة وفد اقتصادي أردني خلال الأسبوع القادم.
وفي خطوة لتعزيز التبادل التجاري، ناقش المجتمعون الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة وتسهيل شحن الترانزيت بين البلدين.
قطاع النقل: خطوات عملية للربط البري والسككي
شهد الاجتماع اتفاقاً على إعادة تفعيل اللجنة الفنية الأردنية السورية للنقل البري، لبحث توحيد الرسوم وتطوير خطط الربط السككي مستقبلاً، إضافة إلى تبادل الخبرات في تنظيم قطاع النقل البري.
واتفق الطرفان على مباشرة الفرق الفنية بإعداد الدراسات الفنية والتقنية لتأهيل خط الربط الكهربائي داخل سوريا، وإعداد الشروط المرجعية اللازمة لدراسات تدعيمه.
زيارات فنية متابعة ومتابعة تنفيذية
اختتمت الدورة الأولى بالتأكيد على أهمية المتابعة الحثيثة للاتفاقات الموقعة، عبر زيارات فنية متبادلة، لضمان تنفيذ القرارات المنبثقة عن مجلس التنسيق الأعلى، وتحقيق نتائج ملموسة على الأرض تترجم رؤية التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
يُشار إلى أن إنشاء المجلس يمثّل نقلة نوعية في العلاقات السورية الأردنية، ويشكّل إطاراً مؤسسياً متقدماً لتطوير التعاون في مرحلة إعادة بناء الدولة السورية.
شهدت العاصمة السورية دمشق تحركاً دبلوماسياً وأمنياً لافتاً، تمثل بلقاء رئيس جهاز الاستخبارات التركي (MIT) إبراهيم قالن بالرئيس السوري أحمد الشرع، بحضور كل من وزير الخارجية أسعد الشيباني، ورئيس جهاز الاستخبارات السوري حسين السلامة.
ملفات أمنية وسيادية على طاولة البحث
وبحسب مصادر مطلعة، ناقش الطرفان العلاقات الثنائية بين أنقرة ودمشق، مع التأكيد المتبادل على أولوية الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية، وضمان سيادتها واستقرارها السياسي.
كما تناولت المباحثات مستقبل "وحدات حماية الشعب" الكردية، وطرح مقترح إدماجها ضمن الإطار الوطني السوري الجديد عبر آليات نزع السلاح، وضمان أمن الحدود، ونقل السيطرة على البوابات الجمركية. وشملت المحادثات كذلك مسألة السجون والمعسكرات التي تضم عناصر من تنظيم "داعش"، والتفاهم على نقل إدارتها بالكامل إلى السلطة السورية.
ووفقاً للمصادر ذاتها، أعربت تركيا عن استعدادها لتقديم كافة أشكال الدعم لإدارة دمشق في إطار المرحلة الانتقالية، بما في ذلك الجوانب الأمنية والخدمية، لضمان الاستقرار في عموم الأراضي السورية.
تطورات إقليمية وعقوبات دولية
كما تطرقت المحادثات إلى التصعيد الإسرائيلي المتكرر، بما في ذلك الخروقات الجوية على الأراضي السورية، وضرورة اتخاذ موقف إقليمي موحد تجاهها. وبحث الجانبان أهمية العمل المشترك لرفع العقوبات المفروضة على سوريا، إضافة إلى دعم عمليات مكافحة الإرهاب، وخصوصاً ضد بقايا تنظيم "داعش"، والتنسيق من أجل تأمين عودة اللاجئين السوريين طوعياً وبشكل آمن.
لقاء ثانٍ على مستوى وزارة الدفاع
وفي سياق متصل، استقبل وزير الدفاع السوري اللواء المهندس مرهف أبو قصرة، وفداً من وزارة الدفاع التركية برئاسة اللواء إلكاي آلتينداغ، المدير العام للدفاع والأمن، يرافقه السفير التركي في دمشق، برهان كور أوغلو.
اللقاء، الذي عقد في مقر وزارة الدفاع، ركز على تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، وتطوير آليات التنسيق في القضايا ذات الطابع الحدودي، والتحديات المشتركة المرتبطة بالأمن الإقليمي، بما يخدم المصالح المتبادلة بين أنقرة ودمشق، ويسهم في ترسيخ الاستقرار في المنطقة.
تواظب ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية" عبر ماكينتها الإعلامية، على مهاجمة "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، بسبب التقارير الحقوقية والحصائل التي تُصدرها الشبكة الحقوقية، والتي ترصد حالة حقوق الإنسان والانتهاكات في عموم المناطق السورية بما فيها مناطق سيطرة "قسد" المسيطرة على مناطق شمال شرقي سوريا.
تحاول "قسد" التعتيم على الانتهاكات الجسمية التي ترتكبها بحق المدنيين في مناطق سيطرتها، من عمليات قتل واعتقال وخطف للأطفال، ومصادرة للأملاك وتقييد للحريات، في تفضح وتكشف التقارير الحقوقية والتوثيقات لتلك الانتهاكات التي ترصدها الجهات الحقوقية، حجم الغطرسة التي تمارسا "قسد" في مناطق سيطرتها، حتى عقب سقوط نظام بشار الأسد.
وقال "فضل عبد الغني" مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إن "قوات سوريا الديمقراطية" أصدرت ست بيانات تهاجم فيها الشبكة منذ تأسيسها، لافتاً إلى أن "قسد" ارتكبت آلاف الانتهاكات بحق الشعب السوري بمختلف مكوناته.
وذكر "عبد الغني" في منشور على صفحته على "فيسبوك" أن الشبكة وثقت هذه الانتهاكات بشكل منهجي، وأصدرت مئات الأخبار والتقارير والبيانات التي تدينها، ولديها قاعدة بيانات متكاملة توثق هذه الجرائم.
ولفت إلى أن "قسد" تُعد من أكثر الجهات التي هاجمت الشبكة بشكل مباشر، عبر بيانات رسمية تطعن في مصداقيتنا، في محاولة لإنكار أو تبرير الانتهاكات التي رصدتها. حتى الآن، كما أصدرت ست بيانات كاملة ضد الشبكة، دون توقف، حتى بعد سقوط نظام الأسد.
ولفت الحقوقي السوري إلى أنه رغم كل ذلك، لم ترد الشبكة على أي من تلك البيانات أو الحملات، لأنها لا تستحق الرد، وقال: "نحن لم نرد حتى على عشرات الحملات التي شنتها ضدنا روسيا، واكتفينا بالرد مرة واحدة فقط على وكالة الأنباء الروسية، ولم نرد على نظام الأسد نفسه، ولا على إيران".
وأكد "عبد الغني" أن هذه سياسة الشبكة: "لا نرد على حملات التشهير أو الاتهامات الغوغائية، بل نواصل عملنا ونتبع بروتوكولات التوثيق وسط بحر من التحديات اللوجستية التي تواجهنا".
وسبق أن هاجم المركز الإعلامي لميليشيا "قوّات سوريا الديمقراطية"، في بيان له، "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، بعد نشر الأخيرة خبراً حول مقتل ثلاثة مدنيين (رجل وزوجته وأحد أبنائهم)، برصاص عناصر "قسد"، قرب منزلهم في قرية القشلة الواقعة على مدخل سد تشرين جنوب شرقي مدينة منبج بريف حلب الشرقي.
وتُصدر "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" بشكل دوري، تقارير توثق الانتهاكات من عمليات قتل واعتقال واستهداف للمرافق المدينة، وسلسلة طويلة من الانتهاكات، تشمل كل القوى المسيطرة في سوريا دون استثناء، وعرفت الشبكة منذ انطلاقتها بدقة المعلوات والتقارير التي تصدر عنها، والتي تستند إليها المنظمات الدولية ووزارات الخارجية الغربية، وتعتبر الشبكة مصدر رئيسي لتوثيق الانتهاكات في سوريا.
و"الشبكة السورية لحقوق الإنسان SNHR"، منظمة حقوقية، مستقلة، ترصد وتوثق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، وتحشد الطاقات والجهود في إطار الحدِّ منها، والمساهمة في حفظ حقوق الضحايا، وفضح مرتكبي الانتهاكات تمهيداً لمحاسبتهم، وتوعية المجتمع السوري بحقوقه المدنية والسياسية، وتعزيز أوضاع حقوق الإنسان، ودفع عجلة العدالة الانتقالية، ودعم التغيير الديمقراطي، وتحقيق العدالة والسلام في سوريا، وحفظ سردية الأحداث وتأريخها.
تأسَّست "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في حزيران 2011، نتيجة للازدياد الممنهج في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا؛ بمبادرة من الأستاذ "فضل عبد الغني" الذي يشغل حالياً منصب المدير التنفيذي.
وتعمل "الشبكة السورية"، على رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا بشكل مستمر منذ عام 2011، وأنشأت قواعد بيانات لأرشفة حوادث الانتهاكات وتصنيفها، وتطورها بشكل مستمر، يُراعي مستجدات الأحداث وسياقها في سوريا، وتُسجِّل ضمن قواعد البيانات أكبر قدر من المعلومات عن أنماط متعددة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وفق منهجية عمل طورِّت بما يلائم طبيعة النزاع المسلح غير الدولي في سوريا والمعايير والإعلانات والعهود والمواثيق العالمية لحقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة.
تعكس "الشبكة السورية" ما توثقه ضمن قواعد البيانات عبر المواد التي تصدرها بشكل مستمر، من تقارير حقوقية متنوعة، منها ما هو دوري (يومي/ شهري/ سنوي) عن حالة حقوق الإنسان في سوريا، ومنها ما هو إحصائي أو مواضيعي يتناول بالبحث والإحصاء والتحليل موضوعاً عن نمط أو أكثر من انتهاكات حقوق الإنسان، كما تُصدر عبر موقعها الرسمي رسوماً بيانية وخرائط تفاعلية تتناول إحصائيات معينة، أو تحليلاً لواقع انتهاك أو أكثر من الانتهاكات التي تُمارسَ على الأرض السورية، إضافة إلى عدد من الأخبار اليومية عن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
وتُشارك الشبكة البيانات التي وثقتها ضمن قاعدة بياناتها مع الجهات الدولية المختصة بمراقبة حالة حقوق الإنسان في سوريا، وقد اعتمدت عدة وكالات في الأمم المتحدة على بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان وكانت مصدراً أساسياً لها عن الانتهاكات التي وقعت في سوريا، كالمفوضية السامية لحقوق الإنسان (OHCHR)، ولجنة التحقيق الدولية المستقلة (UN-COI)، والآلية الدولية المحايدة والمستقلة (UN-IIIM).
كذلك "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UN-OCHA)، وآلية الرصد والإبلاغ عن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في حالات النزاع المسلح بقيادة اليونيسف (UNICEF)، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW)، والفريق العامل المعني بالاختفاء القسري التابع للأمم المتحدة (WGEID)، وعدد من المقررين الخواص المعيّنين من قبل مجلس حقوق الإنسان (UNHRC)".
إضافة لذلك مكتب حقوق الإنسان والديمقراطية في الخارجية الأمريكية، وعدد من مكاتب حقوق الإنسان في وزارات الخارجية للدول التي تُصدر تقارير عن حالة حقوق الإنسان في سوريا، كذلك مع المنظمات الحقوقية الدولية والمراكز البحثية والجامعات والمؤسسات الإعلامية التي تصدر أبحاثاً وتقارير وتحقيقات عن حالة حقوق الإنسان في سوريا.
وكانت "وقعت الشبكة السورية"، نحو 27 اتفاقاً ومذكرة تفاهم لمشاركة البيانات الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا مع العديد من الجهات والمؤسسات الدولية والإقليمية العاملة في مجال حقوق الإنسان أو الفاعلة في القضية السورية، ومنها: المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان (OHCHR)، الآلية المستقلة والمحايدة (IIIM)، آلية الرصد والإبلاغ في اليونيسف المعنية برصد وتوثيق الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال في سياق النزاع المسلح، حكومة الولايات المتحدة الأمريكية.
أيضا مع "مؤسسة هاينريش بول الألمانية (Heinrich Böll)، مركز مواقع وأحداث الصراعات المسلحة (ACLED)، فريق التحقيق وتحديد مسؤولية الهجمات IIT في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية OPCW، المرصد الأورو-متوسطي لحقوق الإنسان (Euro-Med)، أطباء من أجل حقوق الإنسان (PHR)، المعهد العالمي للسياسات العامة (GPPI)، مؤسسة قاعدة بيانات أمن عمال الإغاثة (AWSD)، مجموعة تحليل بيانات حقوق الإنسان (HRDAG)، الأورو-متوسطية للحقوق، مدرسة باريس للاقتصاد (PSE)، صحيفة نيويورك تايمز، مجموعة أكسفورد للأبحاث (ORG)، منصة الحلول الدائمة (DSP)".
و"الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، عضو في التحالف الدولي لمبدأ مسؤولية الحماية (ICR2P)، والتحالف الدولي لمواقع الضمير، والتحالف الدولي للذخائر العنقودية (CMC)، والحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية (ICBL)، وشبكة كل الضحايا الدولية (ECW)، وعضو مؤسس في التحالف العالمي بشأن الحرب والنزاعات والصحة.
وتدعم الشبكة، جهود مناصرة ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا من خلال اللقاءات الثنائية أو الجماعية مع صناع القرار والسياسيين الدوليين، ووكالات ولجان الأمم المتحدة، والمنظمات والجهات الدولية العاملة في الشأن الحقوقي، ومع المدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم.
كما تشارك الشبكة في تنظيم فعاليات مناصرة لحشد الطاقات والجهود في إطار الحدِّ من انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، ودفع عجلة العدالة الانتقالية، ودعم التغيير الديمقراطي، وتحقيق العدالة والسلام في سوريا. إضافة إلى مشاركتها في تقديم تدريبات لـنشطاء حقوق الإنسان في سوريا وفي دول أخرى، وتدريبات عن القانون الدولي الإنساني للمكاتب السياسية لفصائل في المعارضة المسلحة.
سلط موقع "الجزيرة نت" في تقرير موسع، الضوء على "عائلة شاليش" التي حافظت على حضور فاعل في بنية السلطة السورية طوال 5 عقود، مستفيدة من صلات النسب الوثيقة التي جمعتها بآل الأسد، حيث ارتبط النفوذ السياسي والأمني للعائلة بشكل وثيق بزواج مؤسسها سلمان شاليش من حسيبة علي سليمان الأسد شقيقة حافظ الأسد، الأمر الذي رسّخ مكانتها ضمن النواة الصلبة للنظام.
وفق التقرير، تعود أصول عائلة شاليش إلى مدينة القرداحة، مسقط رأس عائلة الأسد في محافظة اللاذقية، ومن بين أفراد هذه العائلة، تميز كل من اللواء ذو الهمة شاليش وأخيه اللواء رياض شاليش اللذين لعبا دورا كبيرا في ظل سلطة خالهما حافظ الأسد وابن خالهما بشار، بظهورهما البارز في مؤسسات النظام، ويأتي بعدهما أبناء أخويهما عيسى وحكمت.
ذو الهمة مؤسس المافيا العائلية
وُلد زهير سلمان شاليش، المعروف باسم "ذو الهمة شاليش"، في بلدة القرداحة عام 1956، وقد شكّلت عائلة شاليش من خلال نفوذ ذو الهمة أحد أركان شبكة السلطة والنفوذ، موازية في التأثير لعائلة مخلوف التي ارتبط صعودها بموقعها كأخوال لبشار الأسد.
برز ذو الهمة شاليش في المشهد الأمني والسياسي السوري بعد تعيينه مسؤولا عن الحراسة الخاصة لخاله حافظ الأسد، خلفا للعميد الفلسطيني خالد الحسين الذي أُعفي من منصبه في أعقاب وفاة باسل الأسد عام 1994 في حادث سيارة غامض، وفقا للرواية الرسمية آنذاك.
استمر شاليش في أداء مهامه الأمنية حتى بعد انتقال السلطة إلى بشار الأسد، وظل في موقعه حتى إقالته في عام 2019، مما أنهى عقودا من ارتباطه المباشر بأعلى مستويات السلطة، وإلى جانب دوره الأمني، ، حيث أسس شركة "سيس إنترناشونال" التي تنشط في مجالي البناء واستيراد السيارات، وقد راكم ثروة كبيرة من خلال الدخول في مشاريع بنى تحتية كبرى ومقاولات عامة، غالبا ما كانت بتمويل خارجي من دول عربية وأجنبية.
وكانت شركاته تلعب دورا محوريا في تنفيذ مشاريع الطرق وشركات النفط، لا سيما في شمال وشرق البلاد، حيث هيمن ذو الهمة بالتعاون مع بعض رجال الأعمال الآخرين على أكبر المناقصات والعقود في قطاعي الطرق والنفط، وهيمنتهما كانت شبه مطلقة في هذا المجال خلال سنوات حكم بشار الأسد الأولى.
وبحسب اللجنة السورية لحقوق الإنسان، في تتبعها لمسيرة شاليش، فقد وسّع نفوذه في قطاع تجارة السيارات ليشمل عددا كبيرا من معارض السيارات ومكاتب الوكالات المنتشرة على أطراف العاصمة دمشق، لا سيما على الطريق الدولي المؤدي إلى حمص، وفي محيط مدينة حرستا بريف دمشق.
هذه الشبكة التجارية التي ضمت مئات الموظفين كانت تعمل تحت إشرافه المباشر، وكان غالبها يتكون من أفراد من عائلته والموالين له من العلويين، مما يعكس نمطا من التوظيف القائم على الولاء العائلي والطائفي.
الانحياز للنفوذ الإيراني
ومع اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، برز ذو الهمة شاليش كأحد الفاعلين الرئيسيين في عمليات القمع التي استهدفت الحراك الشعبي، ففي 24 يونيو/حزيران من العام نفسه أدرج الاتحاد الأوروبي اسمه ضمن قائمة العقوبات.
وتبعته الولايات المتحدة لاحقا؛ متهمة إياه بالضلوع المباشر في القمع الدموي للمتظاهرين، فضلاً عن دوره البارز في تمويل وتنظيم مليشيات "الشبيحة" التي لعبت دورا محوريا في عمليات الترهيب والقتل.
ولكن في أعقاب التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا عام 2015 إلى جانب نظام بشار الأسد، اتضحت ملامح انقسام داخل النخبة الأمنية المقربة منه، حيث برز ميل ذو الهمة شاليش نحو التحالف مع الجانب الإيراني، وهو التوجه الذي شاركه فيه ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع وقائد الفرقة الرابعة.
غير أن هذا الانحياز لم يمر دون تبعات، إذ بدأت روسيا في أواخر يونيو/حزيران 2019، بحسب تقارير، بالتضييق على شاليش، في سياق فتح ملفات تتعلق بشبهات فساد وتهريب.
وأشارت مصادر إعلامية مقربة من النظام آنذاك إلى أن تلك الملفات شملت تهريب العملة الصعبة، والاتجار غير المشروع بالآثار، وبيع أسلحة للفصائل المسلحة في مناطق مثل الغوطة الشرقية وريف اللاذقية، في فترة كان فيها توازن النفوذ بين موسكو وطهران موضع تنازع داخل بنية النظام.
وبحسب ما ذكر مصدر وصف بأنه مقرب من روسيا للصحافة المحلية، فإن شاليش تورط في مطلع ذلك العام بتهريب عميل يتبع لجهاز استخباراتي -لم يُذكر اسمه- بالتنسيق مع مسؤولين إيرانيين، بعدما علم بنية روسيا توقيفه.
مرحلة التراجع والعزل
وأفاد المصدر ذاته بأن وحدات روسية، بالتعاون مع المكتب الأمني في القصر الجمهوري، أقدمت على توقيف عدد من المقربين من شاليش والعاملين تحت إدارته داخل دمشق واللاذقية، وتم تحويلهم إلى أحد فروع المخابرات السورية للتحقيق، مما اعتُبر مؤشرا على بداية تقليص دوره الأمني والمالي، وتوجيه رسالة صارمة من موسكو بشأن حدود تحالفات دمشق الإقليمية.
شملت التحقيقات ملفات فساد واسعة النطاق، من بينها شبهات تحيط بمشروع "ماروتا سيتي" في دمشق، الذي أشرف عليه رياض شقيق ذو الهمة شاليش، عبر مؤسسة الإسكان العسكري التي رأسها والتي تحولت فعليا إلى ذراع اقتصادية لعائلة شاليش خلال العقود الماضية.
وعلى خلفية هذه التطورات، صدر قرار من رأس النظام بعزل ذو الهمة شاليش من مناصبه الأمنية، وتردد في حينه أنه وُضع تحت الإقامة الجبرية في منزله الكائن بحي المالكي في دمشق، ومنذ منتصف عام 2020 غاب ذو الهمة بصورة تامة عن الساحة، مما أثار سلسلة من التكهنات حول مصيره.
ولكن في 14 مايو/أيار 2022 أُعلن عن وفاة ذو الهمة شاليش في مستشفى الرازي بالعاصمة دمشق، وشُيّع في اليوم التالي في مسقط رأسه ببلدة القرداحة بريف اللاذقية، وسط ترجيحات من بعض المتابعين للشأن السوري وقتها بأنه قد تمت تصفيته طمعا في ثروته المالية التي قدرت بمليار دولار.
رياض إمبراطور الإسكان العسكري
يأتي رياض شاليش الذي بلغ رُتبة لواء تاليا من حيث المكانة والأهمية في عائلة شاليش، وكان يُعد من أبرز الشخصيات المرتبطة بمؤسسات النفوذ الاقتصادي والعسكري وشبكات الفساد داخل بنية النظام السوري.
فقد برز دوره في أواخر سبعينيات القرن الماضي عندما اختاره رفعت الأسد، شقيق حافظ، لتولي إدارة مؤسسة إسكان سرايا الدفاع، التي أُنشئت خصيصًا لتأمين مشاريع البناء الخاصة بتشكيلات سرايا الدفاع، حيث تولّى شاليش هذا المنصب برتبة عقيد، في وقت كانت فيه سرايا الدفاع تتمتع باستقلال مالي شبه كامل، وكانت موازنتها تضاهي موازنة الدولة السورية حينها.
وفي تلك الفترة، ومع تصاعد نفوذ رفعت الأسد لا سيما بعد عام 1982، كانت سرايا الدفاع تُمارس هيمنة ميدانية على العديد من الموارد العامة والخاصة، وتُتهم بشكل واسع بالاستيلاء على آليات ومعدات مملوكة للدولة والمواطنين، وهو ما أتاح لقياداتها -ومن بينهم رياض شاليش- فرصا كبيرة لتوسيع نفوذهم الاقتصادي.
وقد نُسب لشاليش الإشراف على عدد من المشاريع الكبرى في محيط العاصمة دمشق، من بينها مشروع السومرية السكني، إلى جانب عمليات استحواذ على أراضٍ استُخدمت لاحقا لبناء تجمعات سكنية، من بينها منطقة المزة 86، التي تحوّلت مع الزمن إلى واحدة من أبرز معاقل القوات الموالية للنظام، وشهدت توطينا منظما لأبناء الطائفة العلوية بدعم مباشر من شاليش عبر توفير مواد البناء الأساسية.
من الإسكان إلى نفوذ اقتصادي أوسع
ولكن في منتصف عام 1984، وعلى خلفية الصراع الذي نشب بين حافظ الأسد وشقيقه رفعت، عُزل رياض شاليش من موقعه في مؤسسة إسكان سرايا الدفاع، التي كان قد ترأسها بعد ترقيته إلى رتبة عميد، وقد أُوكلت إدارة المؤسسة آنذاك إلى ضابط آخر كان محسوبا على الدائرة الأمنية المقربة من حافظ الأسد، ومع هذا التغيير أعيدت هيكلة المؤسسة وأُطلق عليها اسم "الوحدة 481" ضمن خطة إعادة ضبط مؤسسات رفعت السابقة.
وظل رياض شاليش بعيدا عن دائرة الفعل لعدة سنوات، حيث أُلحق بمؤسسة الإسكان العسكري التي كان يقودها اللواء خليل بهلول، دون أن يُسند إليه دور تنفيذي فعلي، غير أن نفوذه عاد إلى الواجهة لاحقا، إذ تولى شاليش إدارة المؤسسة بعد بهلول، ليبدأ مرحلة جديدة من التمدد الاقتصادي والإداري داخل مؤسسات الدولة.
ونفذت أو أشرفت مؤسسة الإنشاءات العسكرية، تحت إدارة شاليش، على بناء العديد من المشاريع العمرانية الكبرى، بما في ذلك ضاحية حرستا السكنية في دمشق وضاحية الوليد في حمص، وفي فترة لاحقة انتقل رياض شاليش إلى مدينة حمص حيث أسّس بالاشتراك مع شقيقه ذو الهمة شاليش شركة اتصالات خاصة، وانخرطا معا على الفوز بعقود المناقصات الحكومية، مما مكنهما من جمع ثروات ضخمة.
ووفق تقرير لصحيفة اقتصاد المحلية، استغل الشقيقان موقعهما للتلاعب بملفات التوريد والمشاريع الحكومية، ونهب مؤسسات اقتصادية مركزية مثل "مؤسسة عمران" المختصة بتوزيع مواد البناء، ومعامل الإسمنت الحكومية، كما شاركا في الاستيلاء على الحديد الذي تصادره الجمارك، مما رسّخ حضورهما كفاعلين اقتصاديين مهيمنين على مفاصل الاقتصاد العام في مرحلة ما قبل الثورة السورية.
وبعد وفاة أخيه الأكبر والأكثر نفوذا ذو الهمة عام 2022، أصبح رياض الشخصية الرئيسية في العائلة، مستفيدا من صلة القرابة مع بشار الأسد ونفوذه الاقتصادي، حيث قُدرت ثروته بأكثر من مليار دولار، مع سيطرته على منشآت في حمص واللاذقية، ولكن مع سقوط النظام تواترت أنباء تفيد بأنه مع كثير من أفراد عائلته هربوا إلى لبنان.
فراس وآصف عيسى شاليش
فراس عيسى شاليش من الجيل الجديد لآل شاليش فقد وُلد عام 1976. وفقا للمعلومات الشحيحة عنه، شارك عمه ذو الهمة في تأسيس شركة اتصالات في حمص عام 1998، حيث أدارت الشركة مركزا خاصا للاتصالات الخارجية، وسيطرت على عشرات الآلاف من الخطوط الهاتفية، مما أتاح لها جني ملايين الدولارات، ووفقًا لاتهامات متداولة، تسبب ذلك في أضرار بالخزينة العامة السورية.
تذكر قاعدة بيانات "أوبن سانكشنز"، وهي منصة دولية لتوثيق العقوبات والشخصيات المرتبطة بالفساد، أنه بعد دخول شبكة الهاتف الخلوي إلى وسط سوريا، فقد نشب خلاف بين فراس شاليش ورامي مخلوف الذي سيطر على شبكة الهاتف المحمول في البلاد، واتخذ بشار الأسد موقفا مؤيدا لابن خاله رامي، مما دفع فراس للهروب إلى قبرص، ومن هناك استثمر الأموال التي اتُّهم بسرقتها في العديد من المشاريع حسب ما أشارت إليه تقارير غير رسمية.
أما آصف عيسى شاليش، أخو فراس، فقد ولد عام 1959، وبرز اسم آصف في عام 2005 عندما أدرجته وزارة الخزانة الأميركية ضمن قائمة العقوبات إلى جانب عمه ذو الهمة، بتهمة انتهاك العقوبات المفروضة على العراق، حيث اتهمت واشنطن شركة "سيس إنترناشونال"، التي كان يديرها آصف شاليش بشراء سلع ذات صلة بأنشطة الدفاع لصالح النظام العراقي السابق، في انتهاك للعقوبات الدولية المفروضة آنذاك.
وقد اعتُبرت شركة "سيس إنترناشونال" واجهة اقتصادية لعائلة شاليش حيث نشطت في مجالي البناء واستيراد السيارات، وبحسب تقارير إعلامية فقد استُخدمت الشركة كأداة لتجاوز العقوبات الدولية، من خلال إصدار شهادات مستخدم نهائي مزيفة للموردين الأجانب، مما سمح بتمرير المعدات إلى العراق عبر سوريا.
وبالإضافة إلى ذلك، ورد اسم آصف شاليش في تقارير تتعلق بتهريب النفط العراقي إلى سوريا، وهي أنشطة كانت جزءا من شبكة أوسع من العمليات التي اعتبرتها واشنطن غير قانونية، وهذه الأنشطة ساهمت في تعزيز النفوذ الاقتصادي لعائلة شاليش داخل سوريا، خاصة في ظل العلاقة القوية التي ربطتها بعائلة الأسد في العقد الأول من هذا القرن.
ولا تتوفر معلومات مفصلة عن الدور الحالي لآصف شاليش، ويبدو أنه يفضل البقاء بعيدا عن الأضواء، خاصة بعد وفاة عمه ذو الهمة شاليش في عام 2022، ثم بعد خلع بشار الأسد وسقوط نظامه في ديسمبر/كانون الأول 2024.
علي معلا وصخر شاليش
في السابع من أغسطس/آب 2019 نعَت الصحف الموالية لنظام الأسد علي معلا عيسى شاليش حين سقط قتيلا في أحد المعارك التي دارت في ريف حماة.
وبحسب بيان النعي فقد كان علي معلا يبلغ من العمر 60 عامًا، ودُفن في اليوم التالي في القرداحة، ولم تتضح رُتبته العسكرية، الأمر الذي يستنتج منه أنه كان أحد زعماء تنظيمات الشبيحة التي شارك في تأسيسها وإنشائها عمّه ذو الهمة شاليش منذ بداية الثورة السورية.
من جهته، انخرط صخر حكمت شاليش مثل عمّيه ذو الهمة ورياض في الجيش السوري، حتى بلغ رتبة عقيد في عام 2015. ولم يلعب حكمت، أبو صخر، مثل أخويه أي أدوار نافذة في سوريا، ولكن ابنه صخر سار على درب أعمامه في النشاط العسكري.
رغم أن المعلومات المتاحة عنه محدودة، فإن ارتباطه بالعائلة التي لعبت دورا محوريا في النظام السوري يشير إلى مكانته داخل الدوائر العسكرية والأمنية، ولكن في عام 2015 ترددت أنباء عن مقتله في اشتباكات عسكرية دون تأكيد رسمي.
المصدر: الجزيرة نت على الرابط هنــا
في إطار ما يبدو أنه توجه إداري جديد لمعالجة واحدة من أكثر الملفات العقارية حساسية، أعلنت الأمانة العامة لمحافظة حماة يوم الاثنين، الموافق 19 أيار/مايو الجاري، عن بدء استقبال الشكاوى والطلبات المتعلقة بالعقارات التي جرى الاستيلاء عليها في فترات سابقة دون سند قانوني واضح، وكذلك العقارات التي صودرت بموجب قرارات صادرة عن "محكمة الإرهاب" أو جهات قضائية مماثلة، والتي تم تسجيلها لاحقاً باسم "الجمهورية العربية السورية".
مهلة قانونية واضحة ومحددات للمُراجعين
يشمل القرار العقارات التي جرى الاستيلاء عليها بشكل عرفي في ظل النظام السابق، سواء أكانت مسجلة رسمياً أو غير مسجلة باسم الدولة، بالإضافة إلى العقارات المصادرة استناداً إلى أحكام قضائية ذات طابع سياسي أو أمني.
وقد حددت محافظة حماة مهلة ثلاثين يوماً لتقديم الطلبات، تبدأ من تاريخ صدور التعميم، ما يعني أن آخر موعد لتقديم الشكاوى سيكون في الثامن عشر من حزيران/يونيو القادم. كما أكدت المحافظة أن تقديم الطلب ممكن من قبل مالك العقار الأصلي، أو وكيله القانوني، أو أحد الورثة الشرعيين في حال وفاة المالك.
الوثائق المطلوبة لضمان حقوق المُقدّمين
يتطلب تقديم الطلب إحضار صورة عن البطاقة الشخصية، إلى جانب وثيقة تثبت ملكية العقار، على أن تكون عبارة عن بيان قيد عقاري حديث لا يتجاوز تاريخه ثلاثة أيام من تاريخ استخراجه من الجهة المختصة، ويجب أن يتضمن هذا البيان كافة المالكين والإشارات الموضوعة على العقار. أما في حال كان مقدم الطلب أحد الورثة، فيلزم إحضار وثيقة حصر إرث مصدقة أصولاً، وفي حال تعدد الورثة أو المالكين يجب إرفاق تفويض قانوني باسم من يمثلهم أمام المحافظة.
استقبال المعاملات في مبنى المحافظة
ستُستقبل الطلبات في مبنى محافظة حماة خلال أوقات الدوام الرسمي، ضمن إجراءات إدارية مباشرة تهدف إلى فتح هذا الملف المغلق منذ سنوات، وإعادة الحقوق إلى أصحابها بما ينسجم مع توجه قانوني يضع ملف الملكيات تحت الضوء من جديد، بعد عقود من التجاوزات التي تمت في سياقات سياسية وأمنية معقّدة.
مرسوم رئاسي يعزز التوجه
في تطور مواكب لهذا الإجراء الإداري، أصدر رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع مرسوماً يقضي بإلغاء جميع قرارات الحجز الاحتياطي التي تم اتخاذها خلال الفترة من عام 2012 وحتى 2024. ويهدف المرسوم إلى إعادة الحقوق إلى أصحابها ورفع الظلم عن المواطنين ورجال الأعمال الذين طالتهم إجراءات الحجز، والتي حُرِم بموجبها نحو 91 ألف مواطن من ممتلكاتهم وأصولهم.
في تصريحات نقلتها الإخبارية السورية، أشار وزير المالية محمد يسر برنية إلى أن معظم قرارات الحجز الملغاة استندت إلى توجيهات من أجهزة أمنية، ولم تكن مبنية على إجراءات قانونية سليمة أو أحكام قضائية صحيحة، حيث استُخدمت هذه القرارات أداة لمعاقبة المواطنين بسبب مواقفهم السياسية، خصوصاً الداعمة للثورة السورية.
وأضاف أن هذه الخطوة تعكس إرادة الدولة في تصحيح تلك السياسات، وتنشيط الحياة الاقتصادية، مؤكداً أن الوزارة تنسق حالياً مع وزارتي العدل والداخلية لضمان تنفيذ المرسوم بفعالية.
وسلّط تقرير نشره موقع "العربي الجديد" الضوء على ملامح أمل متجدد في سوريا، يتمثل ببدء عملية استعادة الممتلكات التي صادرتها السلطات السابقة خلال سنوات الصراع، وذلك في أعقاب انهيار النظام السابق.
وأشار التقرير إلى إعادة جامعة اليرموك الخاصة في محافظة درعا إلى مالكها، بعد أن استولى عليها النظام في عام 2011 بسبب دعمه العلني للثورة. هذا المثال جاء بمثابة إشارة أولى إلى بدء موجة جديدة من عمليات إعادة الحقوق، خصوصاً تلك التي سُلبت بقرارات سياسية أو أمنية.
الدولة تعيد العقارات المصادرة في دمشق
وتتوالى الخطوات التي تتخذها الدولة السورية الجديدة في هذا الاتجاه، حيث بدأت فعلياً عملية إعادة البيوت والممتلكات المصادرة إلى أصحابها، بعد التحقق من وثائق ملكيتها. ومن بين أبرز العقارات التي أُعيدت خلال الفترة الأخيرة، مباني تعود لقيادتي حزب البعث في دمشق، بالإضافة إلى عدد من المنازل الواقعة في أحياء معروفة مثل المزة، وزقاق الجن، والمالكي، فضلاً عن قصر الروضة الجمهوري نفسه.
كما تم استرداد ممتلكات لعائلات سورية بارزة كانت قد استُهدفت بمصادرات سياسية، بينها عائلات الحافظ وكيال وغيبة، ما يشير إلى أن إعادة الحقوق لا تقتصر على الأفراد بل تشمل أيضاً رموزاً من التاريخ السياسي والاقتصادي للبلاد.
ورغم التوجه الرسمي الواضح نحو تسوية ملف المصادرات، لا تزال بعض التحديات قائمة أمام المواطنين المتضررين، خاصة مع استمرار إغلاق بعض مكاتب السجل العقاري وصعوبة الوصول إلى الوثائق الرسمية. فعلى سبيل المثال، لا يزال وزير الثقافة السابق رياض نعسان آغا، إلى جانب آخرين، يواجهون صعوبات في استرداد ممتلكاتهم المصادرة، رغم استعداد الحكومة، وفق تصريحاتها، لإعادة جميع الأملاك بمجرد إثبات الملكية. إلا أن الإجراءات الفعلية على الأرض ما تزال تعاني من البطء والتعقيد، ما يفرض الحاجة إلى مزيد من الإصلاح الإداري لضمان سرعة التنفيذ.
تشير مصادر قانونية مطلعة إلى أن الإدارة الحالية في دمشق بصدد استكمال خارطة إجراءات تهدف إلى إنصاف السوريين الذين تمت مصادرة ممتلكاتهم لأسباب سياسية أو نتيجة لاتهامات تعسفية طالتهم في سنوات الحرب. ويُتوقع أن يستفيد من هذه الإجراءات عدد كبير من السياسيين ورجال الأعمال الذين وُجّهت إليهم اتهامات تتعلق بتمويل الإرهاب أو التآمر على الدولة، وهي اتهامات ثبت لاحقاً أن كثيراً منها لم يكن مبنياً على أدلة قانونية واضحة.
من المعروف أن النظام السابق اعتمد بشكل رئيسي على قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 الصادر عام 2012 لتنفيذ إجراءات الحجز والمصادرة. وقد أدى هذا القانون إلى تحويل الحجز الاحتياطي، الذي يُفترض أن يكون إجراءً احترازياً لحماية المال العام، إلى أداة ابتزاز استخدمتها أجهزة أمنية لمعاقبة المعارضين، من خلال فرض إتاوات على أصحاب الأملاك أو بيع الممتلكات المصادرة دون أي مسوّغ قانوني فعلي. وقد طال هذا السلوك الآلاف من الشخصيات العامة، بمن فيهم فنانون وإعلاميون ورجال أعمال، ما جعل من استرداد الحقوق اليوم مطلباً جماعياً وضرورة وطنية ملحّة في سياق العدالة الانتقالية وإعادة بناء الثقة بالمؤسسات.
أعلنت وسائل إعلاميّة رسمية عن شحن 2000 طن من القمح من مرفأ اللاذقية إلى صوامع كفربهم في محافظة حماة وسط سوريا عقب إعادة تفعيل النقل السككي بين اللاذقية وحماة لنقل الحبوب.
وجاء ذلك في خطوة استراتيجية تعزز دور التكامل بين المؤسسات الحكومية، وتعيد الحياة لقطاع السكك الحديدية في سوريا بعد طول انقطاع.
وقالت جريدة "الفداء" الحكومية في محافظة حماة، إن هذه العملية هي الأولى من نوعها منذ سقوط النظام البائد، ما يمثل نقطة تحول في إعادة تفعيل النقل السككي كوسيلة رئيسة في دعم سلاسل الإمداد الغذائي.
يهدف هذا التعاون إلى تقليل التكاليف المادية والزمنية، وتخفيف الضغط عن النقل البري، مع ضمان انسيابية حركة الحبوب نحو مراكز التخزين والمعالجة.
كما تسهم الخطوة بالتنسيق بين المؤسسة العامة للخطوط الحديدية والمؤسسة السورية للحبوب، في تعزيز الأمن الغذائي من خلال الاعتماد على وسيلة نقل أكثر أمانًا وكفاءة.
وفي وقت سابق كشف مدير المؤسسة العامة للحبوب في سوريا، حسن عثمان، عن إبرام عقد لاستيراد 100 ألف طن من القمح، في طريقها إلى البلاد، إضافة إلى 100 ألف طن أخرى لا تزال قيد التعاقد.
وأوضح أن هذه الخطوة تأتي في ظل موجة جفاف تؤثر على البلاد هذا العام، مما يجعل موسم القمح الحالي الأسوأ منذ عدة سنوات، مرجعاً تراجع الإنتاج إلى السياسات الفاسدة للنظام المخلوع التي أدت إلى الاعتماد المتزايد على الاستيراد لضمان الأمن الغذائي.
وأشار إلى أن تقديرات وزارة الزراعة تؤكد أن الكميات المتاحة من القمح تكفي لبضعة أشهر فقط، في ظل تدهور الأوضاع الزراعية، وأكد أن الخيارات المطروحة للاستيراد تشمل القمح الروماني والروسي والأوكراني، على أن يتم تحديد الأسعار بالتنسيق بين وزارات الزراعة والاقتصاد واتحاد الفلاحين والمؤسسة العامة للحبوب، وبالتوجيه من الحكومة.
وكانت وصلت باخرتان محمّلتان بأكثر من 50 ألف طن من مادة القمح، إلى مرفأي طرطوس و اللاذقية، ضمن سلسلة تعاقدات أبرمتها المؤسسة السورية لتجارة وتصنيع الحبوب مع شركات خاصة لتأمين احتياجات البلاد من القمح.
وقال مدير التجارة الداخلية في محافظتي اللاذقية وطرطوس "عبد الوهاب السفر"، إن الكميات المستوردة سيتم شحنها مباشرة إلى مطاحن المحافظات، وفق خطة توزيع مدروسة تعتمد على حجم الاحتياج الفعلي لكل محافظة، بما يضمن استمرارية توفير مادة الطحين اللازمة لإنتاج الخبز، وفق وكالة "سانا".
وأوضح أن هذه الشحنات تأتي في ظل تراجع الكميات المنتجة محلياً، نتيجة الجفاف الذي أثر سلباً على موسم القمح، وحال دون تحقيق مخزون استراتيجي كاف في المرحلة الحالية.
وتؤكد المؤسسة السورية للحبوب أنها مستمرة في تنفيذ تعاقدات إضافية لتغطية الطلب، وضمان استقرار صناعة رغيف الخبز في سوريا، مرجحاً وصول مزيد من السفن تباعاً خلال الفترة المقبلة.
داهمت قوات أمنية تابعة لميليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي "ب ي د" منزل الناشط المدني أحمد حمزة السطم في حي المشلب بمدينة الرقة، واعتقلته برفقة عدد من أفراد أسرته، واقتادتهم إلى جهة مجهولة، دون توجيه أي اتهامات رسمية أو تقديم مبررات قانونية لهذا الاعتقال، وفق ما أفادت به مصادر محلية.
ويُعتبر السطم من أبرز الوجوه المدنية الناشطة في مدينة الرقة، وله مواقف معلنة في دعم وحدة البلاد ومناهضة السياسات الانفصالية، ما جعله هدفاً متكرراً للمضايقات الأمنية من قبل سلطات الأمر الواقع في المنطقة وفق موقع "الخابور".
وتأتي هذه الحادثة في إطار تصاعد ملحوظ في وتيرة الانتهاكات بحق المدنيين في مناطق سيطرة "ب ي د"، لا سيما في الرقة والحسكة وريف دير الزور، حيث تتكرر حملات الاعتقال التي تطال نشطاء مدنيين وشخصيات اجتماعية تعارض سياسات التفرّد والهيمنة.
وأعرب ناشطون سوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن تضامنهم مع السطم، مطالبين بالكشف عن مصيره ومصير أفراد عائلته، محذّرين من استمرار ما وصفوه بـ"التعسف الأمني" الذي تمارسه "ب ي د" بحق الأصوات الحرة والرافضة لمشروعها الانفصالي.
كما دعا حقوقيون إلى تدخل المنظمات الدولية لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيطرة "ب ي د"، وضمان وقف الاعتقالات التعسفية والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين والمدنيين.
استقبل وزير الخارجية والمغتربين السوري، السيد أسعد الشيباني، اليوم الثلاثاء في قصر تشرين بدمشق، وفداً أردنيًّا رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الأردني الدكتور أيمن الصفدي، في زيارة وصفت بالتاريخية، شهدت الإعلان عن تشكيل مجلس تنسيقي أعلى بين سوريا والأردن، في خطوة تهدف إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية وتعزيز التعاون في مختلف المجالات.
ويضم الوفد وزراء من قطاعات المياه والطاقة والصناعة والنقل، إلى جانب أمناء عامين وممثلي مؤسسات حكومية، في إطار تفعيل مجلس التنسيق الأعلى الذي أُعلن عنه مؤخرًا، والذي سيتولى إدارة الملفات الاقتصادية والتنموية بشكل منتظم بين الطرفين.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك، أعلن الوزير الشيباني توقيع اتفاقية لإحداث مجلس تنسيقي أعلى بين البلدين، مشيرًا إلى أن هذا التقدم يأتي بعد “تتويج الجهود الدبلوماسية برفع العقوبات الأوروبية بعد أيام من رفع العقوبات الأمريكية”، مضيفًا أن “رفع العقوبات سينعكس إيجابًا على سوريا والمنطقة”، وأن “الاعتداءات الإسرائيلية لا تهدد سوريا فقط بل جميع المنطقة، وتمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي”.
وقال الشيباني إن الأردن “كان حريصًا أكثر منا على إطلاق التنسيق الاقتصادي منذ اليوم الأول بعد التحرير”، مؤكدًا أن مجالات التعاون تشمل “النقل والطاقة وكل المجالات”.
من جانبه، أكد الوزير الصفدي أن زيارته تأتي بتوجيه مباشر من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، لبناء علاقات تكاملية مع سوريا، معتبرًا أن هذا اليوم يمثل “إنجازًا مهمًا” في مسار العلاقات، حيث تم الاتفاق على خارطة طريق للتعاون تشمل “الطاقة، النقل، المياه، الصحة”.
وأضاف الصفدي أن “ما يهدد أمن سوريا يهدد أمن الأردن”، مؤكدًا أن “استقرار سوريا ركيزة لاستقرار المنطقة”، واصفًا الشعب السوري بأنه “قادر ومنجز، وإذا أُعطي الفرصة، سيحقق قصة نجاح جديدة”.
وحول الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، قال الصفدي إن “ما يجري في الجنوب السوري هو اعتداء على الأردن أيضًا”، ودعا إسرائيل إلى “احترام سيادة سوريا وإنهاء احتلالها للأرض السورية”، فيما ثمّن الشيباني الموقف الأردني الرافض لهذه التدخلات.
ووصف الشيباني اللقاء بأنه “نقطة تاريخية في مستقبل العلاقة بين البلدين”، فيما شدد الصفدي على أن “سوريا بوابة الأردن إلى أوروبا، والأردن بوابة سوريا إلى الخليج والعالم العربي”.
تأتي هذه الزيارة في أعقاب سلسلة تحولات إقليمية ودولية لصالح الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، من بينها رفع العقوبات الأميركية، وتوجه الاتحاد الأوروبي نحو خطوة مماثلة. وتشير هذه التحركات إلى انفتاح سياسي واقتصادي واسع النطاق قد يعيد رسم خريطة العلاقات الإقليمية في مرحلة ما بعد الأسد.
هل ترغب بإضافة ملحق تحليلي عن دلالات هذه الزيارة أو التركيز على ملف التعاون الاقتصادي؟
أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، "نور الدين البابا"، أن الوزارة تدرك حجم الصعوبات التي يواجهها المواطنون نتيجة تأخر انطلاق عمل إدارة المباحث الجنائية، مشددًا على أن صبر السوريين محل تقدير عالٍ من قبل الوزارة.
وأوضح أن هذا التأخر يعود إلى جملة من الأسباب المرتبطة بظروف ما بعد سقوط النظام البائد فقد تعرّضت مقرات الإدارة لعمليات تخريب ممنهجة، وصفها بـ"إغراق المركب"، في محاولة لإدخال البلاد في حالة من الفوضى
كما طالت المباني أعمال عبث وتدمير إضافية في لحظات التحرير الأولى، ما فاقم من التحديات اللوجستية والفنية اللازمة لإعادة تأهيلها.
وأشار إلى أن أعمال الترميم والصيانة ليست بالأمر الذي يُنجز سريعًا، فهي تتطلب وقتًا وموارد كبيرة، كما تواجه الوزارة تحديات فنية تتعلق بقواعد البيانات الجنائية.
حيث تعمل الفرق المختصة على إعادة برمجتها وربطها مع باقي المحافظات بنظام موحد، هذا إلى جانب عقبات لوجستية في شبكات الاتصال ونقل البيانات، وخاصة ما يتعلق بالبنية التحتية للألياف الضوئية.
وأضاف أن الجهود مستمرة لمعالجة المدخلات الجنائية وتوحيدها على مستوى الجمهورية، من إذاعات بحث ومذكرات قضائية وخلاصات أحكام، ضمن قاعدة بيانات موحدة.
وأشار أيضًا إلى أن بعض المحافظات لم تُفعّل فيها بعد كامل إدارات الدولة، مما أعاق توفير خدمة "غير محكوم" في تلك المناطق، وخلق ضغطًا متزايدًا على المراكز التي تعمل حاليًا، ما أدى إلى زيادة التكاليف والوقت والجهد على المواطنين.
وشدد في ختام حديثه بالتأكيد على أن الوزارة تبذل جهودًا كبيرة لتجاوز هذه العقبات، وأن تحسّن الخدمات وتفعيل العمل بشكل كامل سيكون قريبًا، بما يتناسب مع تطلعات المواطنين وحقهم بخدمات أمنية فاعلة ومنظمة.
وفور سقوط النظام البائد، فتحت وزارة الداخلية باب الانتساب إلى الشرطة، في خطة تطويرية شاملة تهدف إلى دعم قطاع الشرطة وتأهيل كوادر جديدة لمواكبة المتطلبات الأمنية المتزايدة.
ومن المقرر أن يتم توزيع العناصر الجديدة على مختلف المراكز الشرطية بشكل فوري حيث سيشمل عملهم الشرطة المدنية، وشرطة المرور، ووحدات الأمن العام.
وسيتم إرسال دفعة جديدة كل أسبوعين بعد الخضوع لدورات تدريبية مكثفة، وتدريبات أولية على ضبط الأمن، على أن يخضعوا لاحقاً لدورات أخرى مكثفة وفقاً لمتطلبات العمل الميداني.
هذا وسجَّل الأداء الأمني لوزارة الداخلية السورية خلال الأشهر الأخيرة تحسناً ملحوظاً في ملاحقة الجرائم الجنائية، مع مواصلة حملات ملاحقة لفلول النظام السابق، وعصابات الإجرام وتجارة المخدرات، وتخريج دفعات جديدة من الشرطة.
دعا ناشطون من أبناء مدينة الرقة إلى تنفيذ إضراب عام يوم الخميس، 23 أيار/ مايو، احتجاجًا على العبث الخطير الذي تمارسه ميليشيا "قسد"، عبر الاستمرار في حفر الأنفاق تحت الأحياء السكنية داخل المدينة.
واعتبر القائمون على الدعوة من نشطاء وحقوقيين ومدنيين أن أعمال الحفر الممنهجة تشكل تهديدًا مباشرًا لأمن المدنيين وسلامتهم، وتُعد استهتارًا صارخًا بحقوق السكان، فضلًا عن مساهمتها في فرض واقع عسكري بالقوة وتغيير جغرافية المدينة ومستقبلها.
وأكد البيان، الذي حمل عنوان "نداء إلى أحرار الرقة وثوارها"، أن الإضراب يمثل صرخة جماعية في وجه السياسات التي تُكرّس الترهيب وتقوّض البنية المجتمعية، داعيًا كل من يحمل في قلبه حبًا للمدينة إلى الوقوف بكرامة رفضًا لحفر الأنفاق وطمر الرقة تحت الأرض.
كما طالب القائمون على الحملة النشطاء الإعلاميين وصفحات المجتمع المدني بالمشاركة الفاعلة في دعم الإضراب ونشر الرسالة على أوسع نطاق، محذرين من خطورة تحويل الرقة إلى "ساحة مغلقة تحت الأرض".
ويعيش أهالي مدينة الرقة حالة من القلق والخوف الدائمين، وسط تزايد حالات الانهيار الأرضي الناتجة عن استمرار قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في حفر أنفاق تحت الأحياء السكنية، ضمن مشروع يُوصف بأنه ممنهج وغير معلن الأهداف.
ففي 26 آذار الماضي، انهار طريق في شارع الوادي إثر مرور شاحنة ثقيلة، ليكتشف السكان وجود نفق في الموقع، ما أثار موجة غضب شعبية ومناشدات عاجلة لوقف الحفر، قوبلت بصمت وتجاهل من الجهات المسؤولة.
أنفاق بلا هوية وأهداف مقلقة
يؤكد "سلامة الفيصل"، أحد سكان المدينة، أن المشروع غير مرتبط بالخدمات كما يُروّج، بل يحمل طابعًا عسكريًا سريًا، وذلك في حديثه لموقع "العربي الجديد" يوم الاثنين 19 أيار/ مايو.
ويضيف: "نعرف أن الحفر يقوده شخص يُدعى إسماعيل الأحمد، بمساعدة شقيقه، وقد شُقّت مرافق كاملة تحت الأرض، ويُخشى من استخدامها كمستودعات أسلحة أو حتى كسجون سرية".
هذه المخاوف تعززها شهادات محلية عن وجود سجن تحت مبنى الرقابة والتفتيش في مركز المدينة، يُزج فيه مدنيون دون علم أهاليهم، وسط غياب تام لأي رقابة حقوقية.
أحياء مهددة بالانهيار
تتسارع وتيرة الحفر في مناطق حيوية كدوار النعيم، والمشفى الوطني، والفردوس، والجميلي، ما يزيد من احتمالية حدوث انهيارات أرضية، خصوصًا في المناطق ذات التربة غير المستقرة. وقد شهدت المدينة مؤخرًا انهيارًا أرضيًا قرب جامع الجراكسة، ما أعاد إشعال المخاوف بين الأهالي.
ووفق مصادر محلية، أنشأت "قسد" أكثر من 20 نفقًا في مناطق مختلفة من المدينة، بعضها قريب جدًا من سطح الأرض، في تجاهل خطير لمخاطر التربة وهشاشة البنية التحتية.
ورثة "داعش" في استراتيجية الأنفاق
يرى مراقبون أن قسد تعتمد تكتيكًا مشابهًا لتنظيم "داعش"، الذي أنشأ شبكة أنفاق معقدة خلال فترة سيطرته. ويقول فارس ذخيرة: "نشهد اليوم تكرارًا لنفس النهج، لكن تحت اسم مختلف"، مضيفًا أن الحفر يتم في وضح النهار ضمن مناطق مسوّرة، وبمعدات ثقيلة.
الاستهتار بحياة المدنيين
يصف "عمر الحاج"، أحد أبناء المدينة، المشهد بـ"الاستهتار الصارخ بأرواح الناس"، متسائلًا عن مبرر حفر الأنفاق في مدينة تحتاج لخدمات أساسية، وليس لتوسيع الممرات تحت الأرض.
وكانت حملة "الرقة تذبح بصمت" قد وثّقت استمرار الحفر في حي الجميلي، رغم تضرر مبانيه سابقًا خلال الحرب على "داعش"، محذّرة من كارثة وشيكة إن استمرت الأعمال دون رقابة أو محاسبة.