مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٢٢ فبراير ٢٠١٦
هل نحن مجرد أحجار شطرنج على الرقعة الأمريكية؟

يجب ألا يظن أحد للحظة واحدة أن الربيع العربي كان مجرد مؤامرة. حتى لو أراده البعض مؤامرة، فقد كان هناك ألف سبب وسبب لاندلاع الثورات، بغض النظر عمن حرض عليها، أو استغلها لمآربه الخاصة. ليست المشكلة أبدا في الشعوب التي عانت لعقود وعقود من الديكتاتورية والظلم والطغيان والفساد.

لقد كانت الثورات مشروعة مائة بالمائة. وكما قلنا في مقال سابق، ليست المشكلة في الجوهرة إذا سرقها اللصوص. وكذلك الأمر بالنسبة للثورات، فلا يمكن أن نحمل الشعوب وزر تبعاتها الكارثية، فقط لأن بعض القوى الدولية حرفتها عن مسارها، واستغلتها لتنفيذ مشاريع شيطانية على حساب الشعوب وثوراتها.

ليس هناك أدنى شك بأن الثورات خرجت شعبية، لكن ضباع العالم حولوها، كما نرى الآن، إلى مخططات استعمارية جديدة، تماما كما حدث مع الثورة العربية الكبرى عام 1916، حيث خرج العرب مطالبين بالاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية، لكنهم سرعان ما اكتشفوا أن الهدف لم يكن تحقيق الاستقلال للعرب في دول وطنية حرة مستقلة، بل كانت الغاية منه تقاسم النفوذ بين قوى استعمارية أخرى كالفرنسيين والإنجليز. وفعلاً انتهت الثورة العربية الكبرى إلى تقسيم المنطقة العربية إلى دول ودويلات بموجب اتفاقية سايكس-بيكو سيئة الصيت.

وبما أن الاتفاقية التقسيمية ستنتهي صلاحيتها بعد سنتين تقريباً، بحيث تبلغ مئة عام من العمر، فيبدو أن التاريخ يعيد نفسه. وكل ما يجري الآن في الشرق الأوسط يسير باتجاه رسم خرائط جديدة وإعادة توزيع ديمغرافي لا تخطئه عين، وخاصة في سوريا والعراق واليمن. ولا نعتقد أبداً أن الخطة الجهنمية الاستعمارية الجديدة ستنحصر فقط في سوريا والعراق واليمن وباقي بلدان الربيع العربي، بل على الأرجح أنها ستشمل العديد من بلدان المنطقة التي لم تحصل فيها ثورات.

كل شيء يسير حسب خطة مرسومة على ما يبدو. ويمكننا القول إن خارطة الصراعات الجديدة في المنطقة بين إيران والسعودية مثلاً هي جزء لا يتجزأ من مشروع الشرق الأوسط الجديد. وحدث ولا حرج عن الاحتكاك التركي الروسي، فهو ليس أبداً بسبب إسقاط تركيا لطائرة حربية روسية، بل إن إسقاط الطائرة هو رأس جبل الجليد، الذي يكون عشره فوق الماء وتسعة أعشاره مخفية تحت الماء. ومع مرور الوقت سنرى بقية أجزاء اللعبة الروسية الأمريكية الغربية مع تركيا تتكشف شيئاً فشيئاً.

صحيح أن إيران قضت على ثورتها الخضراء عام 2009، لكن إيران عادت وتورطت في ثورات الآخرين لتصبح جزءاً منها. في اليمن تدخلت لصالح الحوثيين ضد الشعب اليمني، وفي العراق تناصر الشيعة ضد السنة، وفي سوريا تقاتل إلى جانب النظام ضد غالبية الشعب السوري من السنة.
إن دخول إيران على خط الثورات ليس مجرد رغبة إيرانية لتحقيق إمبراطورية فارس الكبرى الجديدة. وحتى لو كان هدف إيران من خلال تمددها في المنطقة تحقيق الحلم الإمبراطوري الجديد، فإن اللعب الإيراني قد لا يكون سوى جزء من المخطط الأمريكي الأكبر. بعبارة أخرى لا نستبعد أبداً أن تكون إيران، كالسعودية، مجرد ورقة في اللعبة الأمريكية الكبرى لإقامة مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي وعدتنا به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة غوندوليزا رايس. وقد بشرتنا رايس وقتها بالفوضى الخلاقة التي ستعيد تشكيل الشرق الأوسط ليصبح، حسب وصفها، "الشرق الأوسط الجديد".

هل تلعب إيران لحسابها فقط، أم أن أمريكا تستخدمها كمخلب قط، وتورطها من حيث لا تدري لتحقيق المشروع الأمريكي الشرق أوسطي الجديد؟ هناك من يتحدث عن توريط أمريكي لروسيا، وهي أكبر وأهم من إيران. وهناك من يرى في تسهيل الغزو الروسي لسوريا محاولة أمريكية ليس فقط لإجهاض الحلم الروسي الإمبراطوري الجديد، بل للمساعدة في إعادة رسم الشرق الأوسط بدعم روسي.

بعبارة أخرى، فإن التحرش الروسي بتركيا، والدور الروسي في سوريا على صعيد إعادة رسم الخارطة السورية قد يكون جزءاً من المخطط الأمريكي الاستعماري الجديد. مغفل من يعتقد أن أمريكا تركت أهم منطقة استراتيجية في العالم لروسيا وإيران، خاصة وأن المنطقة مازالت المصدر الأول للنفط في العالم، ناهيك عن أنها المنطقة التي تعيش فيها الولاية الأمريكية الواحدة والخمسون، ألا وهي إسرائيل.

واضح تماما أنه قد لا يسلم من المخطط الأمريكي الاستعماري الجديد حتى أقرب حلفاء أمريكا في المنطقة. ألا يمكن أن يكون التدخل السعودي في اليمن ولاحقا في سوريا إلا جزءاً من لعبة التوريط والاستنزاف وإعادة الهيكلة الأمريكية؟ اليوم بدأ الإعلام الأمريكي يتحدث علانية عن تفكيك السعودية، وإعادة تشكيلها.

لاحظوا أيضا أن أمريكا تركت النظام السوري منذ خمس سنوات يفعل ما يشاء في سوريا والمنطقة، لا بل إن ما يحدث في سوريا بدأ يضعضع أوضاع البلدان المجاورة كلها، خاصة تركيا.

هل دفع ملايين اللاجئين السوريين باتجاه تركيا مجرد نتيجة طبيعية للحرب، أم هدف ديمغرافي مدروس؟ هل صعود نجم الأكراد على الحدود التركية أمر عابر؟ ألم يصل الأمر بأردوغان قبل أيام إلى اتهام أمريكا بالتآمر مع الفصائل الإرهابية الكردية ضد تركيا؟ هل التنسيق الكردي السوري مجرد لعبة مخابراتية سورية، أم، على ما يبدو، مطلوب أمريكياً لتنفيذ المخطط الموضوع؟ هل ينشط بشار الأسد لصالح نظامه، أم لصالح المشروع الأمريكي؟ لقد ذهب البعض إلى وصف الرئيس السوري بقائد الفوضى الخلاقة، لأنه نجح حتى الآن بتنفيذ تهديده الشهير بعد ستة أشهر على الثورة بإحداث زلزال في المنطقة... هل كانت أمريكا لتسمح لبشار الأسد بإحداث زلزال في المنطقة، لو لم يكن الزلزال جزءاً من الفوضى الهلاكة ومشروع الشرق الأوسط الكبير؟

ألا يمكن القول إن كل دول الشرق الأوسط القديم، بما فيها تركيا وإيران مجرد أحجار على رقعة الشطرنج الأمريكية، وأن اللعبة تسير على قدم وساق لتنفيذ المشروع الأمريكي؟

صدق اللورد الإنجليزي الشهير كيرزون عام 1923 عندما قال: "العالم رقعة شطرنج كبرى نلعب عليها أجمل الألعاب".

اقرأ المزيد
٢٢ فبراير ٢٠١٦
قرار وقف إطلاق النار أم قرار بإنهاء "المعارضة"

الجائل في تفاصيل وحيثيات القرار الأمريكي – الروسي المبارك والمعمد من الرئيس الروسي ونظيره الأمريكي باراك أوباما، يوقن أن القرار فيه الحسم النهائي بأن لا تهديم لنظام الأسد ولا لأي طرف وقف بجانبه، في حين هناك تحطيم للثورة السورية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وما استثناء "الجماعات الإرهابية" إلا السكين المسنون والجاهز للقضاء على كل رافض أو ممتعض من الضرب الذي سيتلقاه في المستقبل.

البنود السردية والحاسمة اتجاه الثوار بكافة تسمياتهم لا تسمح بأي حركة تحضيرية في حال فشلت الهدنة، فلا سماح بالتسليح ولا التحضير، بل ستكون معرضة للضرب بيد من فولاذ من حيث لا تحتسب، فمصطلح "الجماعات الإرهابية" الذي لم ترى النور قائمته سيكون في السيف المنهي وبشكل تدريجي، وفق دراماتيكية فصيل حتى لا يبقى أحد، بكل ما للكلمة من معنى.

وغياب أي إشارة لجميع المليشيات الطائفية والعرقية والقومية، الذين يزيد عددهم عن خمسين، هو دليل أن كل من وقف إلى جانب الأسد نال نصيبه من الحماية الدولية وبقرارات مباركة من أكبر دولتين.

وعمد نص القرار على تسمية قوات الأسد ونظامه بـ "حكومة الجمهورية العربية السورية" الأمر الذي يعطيها كامل الشرعية، فيما تم الاكتفاء بذكر المعارضة المسلحة بمصطلح يشعرك بأنك تتعامل مع "حفنة" وفق وصف أوباما للثوار الذين هزموا قوات الأسد ومن ثم إيران، ولكنه جزم بخسارتهم أمام ثاني أكبر قوة في العالم ألا وهي روسيا.

ولكن هناك من يقول إن الاتفاق بصيغته الحالية، وهو سيفشل لا محال وفقهم، هو بمثابة نهاية الفرصة التي منحت لروسيا للتحكم بالملف، وما هو إلا دليل ادنة دولي على أن روسيا عجزت عن الحل ولذلك عليها لا تنحي جانباً وترك الملف لمن هو قادر على ذلك، وإن كان هذا الرأي غير دقيق ولكن فيه من الواقعية ما يمنحه صك القبول سيما حجم التنازلات التي قدمها العالم أجمع ورضخ لها.

اليوم مع الإعلان الروسي الأمريكي عن الاتفاق والاستعداد للتنفيذ وتجهيز أسلحة الهجوم على مخالف له، نجد أن بشار الأسد يمارس حياته الطبيعية ويصدر مرسوم بتحديد انتخابات مجلس الشعب في آذار القادم، الشهر الذي ستكون خلاله مفاوضات السلام تدور في أروقة سويسرا، في خطوة ليست بغريبة من نظام فيه من الغباء والخبث، بحيث تثق تماماً أن ما سيتكون في جنيف ما هو إلا عبارة عن لعبة إضاعة الوقت ريثما يتم التحضير للإجهاز على ما تبقى من المعارضة التي سيتم تصفيتها رويداً رويداً بسيف "الجماعات الإرهابية".

ولا شك أن الاختبار الأول سيكون ظهر الجمعة القادم بين من سيعلن تمرده (وهو محق) على الهدنة ليكون على رأس قائمة الإزالة، وبين من سيلتزم (وهو محق أيضاً)، ليكون على القائمة التالية، ولا مناص إلا باتفاق واحد على ما يبدو، و هو الاستمرار في القتال في ظل عالم أجمع على الإنهاء.

اقرأ المزيد
٢١ فبراير ٢٠١٦
سوريا بين مسرحين

«والله شي بيجنن.. صرنا نبارك لبعض عاللجوء.. وصرنا نفرح إذا واحد منا لاقى سقف يآويه هو وعيلتو.. صرنا نفرح إذا ولد قام من تحت الأنقاض ولسه في روح.. ولك صرنا نحلم نشوف جثث ولادنا وندفنها بقبر..».
لخصت الفنانة يارا صبري، في هذه المونودراما، قصة الإنسان السوري اليوم. كانت تمثل في مسرحية «تحت السما»، دور السورية المقاتلة، المتحصنة خلف أكياس الرمل، وذلك على مسرح دبي الاجتماعي، الذي اكتظ بالجمهور، بخلاف ما توقعته، بأن عددًا قليلاً من الناس يرغب في حضور المسرح السياسي، وهو يشاهدها كل ليلة منذ خمس سنوات تلعب على شاشات التلفزيون.
السوريون أهل فن وثقافة، وهي جزء من حياتهم أينما رحلوا وحلوا. بعد الحرب، نقلوا معهم مجتمعهم كتّابًا وممثلين وفنانين ورسامين. كانت المسرحية عملاً مؤثرًا، على خشبة مسرح دبي، وخلال العرض، يمكن أن تسمع شهيق بعض المشاهدات والمشاهدين، حيث نكأت المسرحية جراح الجميع. الجالس بجواري فقد أكثر من 16 من أفراد عائلته، وكذلك خسر معظم الحضور أعزاءً عليهم، تقريبًا كل الشعب السوري شريك في المأساة.
في مسرحية «تحت السما»، التي كتبتها فاديا دلّا وأخرجها ماهر صليبي، لم نرَ «داعش»، ولم نسمع عن حرب طوائف، تقول الجالسة بجواري، هذه كانت سوريا، للجميع قبل أن يمزقها النظام، ويقرر هدمها، وتهجير أهلها. فقد حاول النظام، ونجح في تصوير مواجهته مع غالبية الشعب السوري على أنها حروب إرهاب، وصراع تم تصديره إلى سوريا من الخارج كمشروع ديني. لكن حكاية الثورة السورية، مثل الليبية واليمنية، حكاية شعوب لم تعد تتحمل العيش تحت حكم أنظمة عسكرية أمنية شرسة، حيث تتذكر وتذكرنا الممثلة على المسرح كيف أن الناس تفرح حتى عندما تحصل على الخبز غير المعفن في سوريا ما قبل الثورة، وكيف أشغل النظام الناس بالبحث عن قوتهم كل يوم بيومه، وكيف كان يسومهم العذاب، لهذا انتفض السوريون ليس عن حقد ديني أو آيديولوجي.
هل يعرف الناس حجم المأساة التي ارتكبت بحق ملايين السوريين؟ في النص الموجع والمرح معًا، في كوميديا سوداء التي كتبتها فاديا، تختلط المشاعر. تلتقط تليفونها، تصور نفسها مرات في أوضاع مختلفة تمسك بالبندقية، «بلكي حدا يشوف هالصورة وبيحطللي لايك لايك لاااايك (على الفيسبوك). تعقبها لحظة صمت وهي تتذكر. والنَّاس اللي عم بيغرقوا بالبحر.. كيف بدهن يشوفوا كم لايك عم يحطوا لهم على صورهم؟!».
ولا شك أن حجم التعاطف العربي والعالمي مع السوريين هائل جدًا لكنه لا يترجم على الأرض بسبب المواقف الانتهازية الرسمية للحكومات، وهكذا نرى الفارق بين التعاطف الشعبي واللامبالاة الدولية التي جعلت سوريا أعظم مأساة عرفناها بعد الحرب العالمية الثانية.
ورغم حياة الشتات، وتعدد المنافي، وضخامة عدد اللاجئين، لن يمكن دفن القضية السورية طالما أن هناك رفضًا مستمرًا للوضع الخاطئ القائم، ولهذا السبب فشلت الحرب في فرض الوضع الذي يريده النظام. وكلما نسأل ونقول هل يستطيع السوريون الصمود، نجد أنهم بمثل هذه الروح، وهذا الإصرار قادرون على تجاوز محنتهم، ومهما نجح نظام بشار الأسد في تهجير من تبقى من الشعب السوري فإنه لن ينجح في زرع اليأس في صدورهم.

اقرأ المزيد
٢١ فبراير ٢٠١٦
هل يسلّمون بالأسد والبغدادي رابحين وحيدين؟

ليس سهلاً على الرئيس رجب طيب أردوغان تنفيذ تهديداته. رسم خطاً أحمر حول أعزاز. ويخشى أن يكون مصير هذا الخط كمثيله الذي رسمه من قبل الرئيس باراك أوباما للنظام السوري. أو يخشى أن يضيع في طيات تهديدات وتحذيرات كثيرة أطلقها الرئيس التركي نفسه منذ اندلاع الأزمة في سورية. لقد لوح، وأركان حزبه، منذ سنوات بأنه لن يسمح بتكرار مأساة حماة. لكن سورية شهدت ولا تزال تشهد عشرات المآسي. لا تملك أنقرة خيارات مفتوحة. صحيح أنها بإسقاطها الطائرة الروسية أيقظت حقيقة غابت عن ذهن الرئيس فلاديمير بوتين، وهي أنه ليس مطلق اليدين، وأن تدخله ليس بلا ثمن. لكن هذه الحادثة أججت الصراع مع روسيا. وقدمت إليها ذرائع لنهج سياسة تطويق تركيا من البحرين الأسود والمتوسط، ومعاقبتها على استضافة أجزاء من «الدرع الصاروخية» لحلف شمال الأطلسي. ولم يعد أمام أردوغان سوى اللجوء إلى القوة، تنفيذاً لما قاله رئيس حكومته أحمد داود أوغلو عندما حذر برد «حازم للغاية» على الكرملين... وإلا تحول إلى نمر من ورق!

ضاقت الخيارات أمام تركيا لأنها لا ترغب في أن تكون ما كانته باكستان وانخراطها في المستنقع الأفغاني. لا تريد أن تقع في فخ استدراجها إلى الساحة السورية، ما دام أنها لا تملك تصوراً لمآلات هذا التدخل. ولأن عضويتها في حلف شمال الأطلسي لا تسمح لها بالتفرد في مثل هذا القرار. لذلك تضاربت مواقفها من التدخل البري. فهي تدرك أنها تحتاج إلى ضوء أخضر من حلف «الناتو» ومن واشنطن، وكلاهما لا يملك سوى دعوتها وموسكو إلى الحوار. وواضح أن الرئيس باراك أوباما لا يريد مواجهة مع روسيا، مثلما لا يرغب في أي نزاع مع إيران. لا يبقى أمام الرئيس أردوغان المحظور عليه أيضاً مد المعارضة بصواريخ أرض جو وعتاد فعال يمكن أن يعيد شيئاً من التوازن ميدانياً، سوى تصعيد قصفه مناطق «وحدات حماية الشعب» الكردية. والدفع بمزيد من المقاتلين إلى الشمال السوري لوقف اندفاعة الكرد. ومواصلة التلويح بتدخل بري مع حلفائه العرب. والتهديد بإقفال مطار انجرليك أمام طائرات التحالف الدولي. وتسهيل عبور آلاف النازحين إلى أوروبا براً وبحراً لتعميق أزمتها، وتهديد أمنها واستقرارها وأركان وحدتها.

الواقع أن ما يفاقم الاستعصاء في الأزمة أن الرئيسين بوتين وأردوغان يتصارعان في معركة مصيرية. سيد الكرملين اندفع إلى سورية ساحةً لإعادة توكيد دور روسيا قوة دولية نداً لأميركا لا غنى عنها في إدارة شؤون العالم. وبوابةً إلى حضور فاعل في الشرق الأوسط في التسويات السياسية ومشاريع الطاقة. إذ لا يغيب عن ذهنه طموح تركيا واستراتيجيتها لاستقبال أنابيب الغاز والنفط من آسيا الوسطى وإيران والعراق وقطر إلى أوروبا. وفي سعيه إلى فك الحصار الاقتصادي الغربي، توقع أن يثمر تدخله تحت شعار محاربة الإرهاب حواراً مع أوروبا المذعورة من «داعش» وجيش اللاجئين. توقع إبرام صفقة شاملة. راهن على إسقاط العقوبات والسكوت على ضمه القرم. ولكن لا أوروبا ولا الولايات المتحدة أبدت أي استعداد لمثل هذه الصفقة. لذلك ليس أمام موسكو في هذه المرحلة سوى مواصلة خيار الحسم العسكري لكسر الفصائل المعارضة بما يسهل عليها فرض الحل السياسي الذي ترتأيه. ولا أمل في هدنة قريبة قبل أن تضمن إقفال الحدود مع تركيا. وقبل أن تضمن مستقبل «سورية المفيدة» إذا كانت الصفقة الشاملة بعيدة المنال. ولا بأس في أن تترك أمر قتال «الدولة الإسلامية» للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. فالثابت أن سيد الكرملين يدرك تبعات مواصلة الحرب على أوضاعه الاقتصادية وعلى علاقاته بالعالم العربي والإسلامي عموماً. ويدرك أيضاً أن الجيش السوري لا يملك قوات وقدرات تسمح له بالمحافظة على المواقع التي استردها في الفترة الأخيرة بمساعدة حلفائه الخارجيين. لذلك انتقد سفيره إلى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين تصريحات الرئيس بشار الأسد بأنه يريد استعادة السيطرة على الأراضي السورية كاملة.

في المقابل، لا يملك الرئيس أردوغان سوى خيار وحيد هو تأكيد قدرة بلاده على حماية أمنها القومي ومصالحها. لا يمكنه المجازفة بخسارة حضورها في سورية. بذل الكثير في السنوات الماضية ليشرع بوابات حدودها الجنوبية مدخلاً إلى بلاد الشام ودول المنطقة حتى شبه الجزيرة وأبعد منها. جهد لتقديم تركيا إلى أوروبا قوة لا يستهان بها في الشرق الأوسط لعلها تسهل فتح أبوابها أمام انضمامها إلى الاتحاد. ولا يمكنه من جهة أخرى أن يتهاون حيال تقدم الكرد وتوسيع مناطق إدارتهم الذاتية في سورية ورسم حدود «الإقليم الكردي»، معولين على دعم روسي وأميركي. يستحيل عليه القبول بقيام كيان كردي على حدوده الجنوبية وتحويله ساحة صراع إضافية مع حزب العمال الكردستاني. فضلاً عن أن مثل هذا الكيان سيعزز شعور الكرد في ديار بكر بوجوب بناء كيان مماثل لما في العراق وسورية. الأمر الذي يعد تهديداً مصيرياً لوحدة تركيا.

في ضوء هذا الاستعصاء، لا يبدو أن وقف النار أو اعتماد هدنة أمر قريب المنال. فكيف الحديث عن مفاوضات لإرساء تسوية سياسية لا يريدها أحد في المدى المنظور! لن تستكين تركيا في الدفاع عن أمنها ودورها في سورية. وهو ما يشكل مصدر قلق وإزعاج لروسيا وإيران اللتين لا ترغبان في مزيد من المشاركين في رسم صورة بلاد الشام. يبقى أن المهم في هذا الصراع المتصاعد بين موسكو وأنقرة أنه يشغل الجميع عن محاربة «الدولة الإسلامية». فلا روسيا مستعدة للذهاب أبعد من ضمان مصالحها في الساحل السوري. ولا إيران قادرة على خوض معركة حاسمة مع «دولة أبي بكر البغدادي»، لا في العراق ولا في سورية. أما «وحدات حماية الشعب» التي أفادت وتفيد من توسيع مناطق إدارتها الذاتية ورسم حدود «الإقليم الكردي»، معولة على الدعم الروسي والأميركي، فلن تكون أكثر حماسة من «البيشمركة» في خوض قتال مكلف لتحرير أراض «لا تعنيها» بالنيابة عن الآخرين، عرباً وغير عرب. وأنقرة تصب جل اهتمامها على مواجهة هذا التوسع. لم تعد إطاحة الرئيس بشار الأسد في سلم أولوياتها، مرحلياً على الأقل. والمملكة العربية السعودية التي تدرك خطورة خسارة بلاد الشام بعد العراق لمصلحة إيران، تلوح بتدخل بري لمحاربة الإرهاب، ولكن في إطار التحالف الدولي... لعلها تحرج إدارة الرئيس أوباما لتعديل مواقفها من الأحداث.

الخيارات القليلة التي تضيق أمام خصوم النظام السوري لا تقابلها خيارات مفتوحة أمام دمشق وحلفائها في الداخل والخارج. يستحيل على النظام الذي لم يبق منه شيء أن يستعيد حكم البلاد والعباد. القرار في يد روسيا وإيران. وما يهمهما أولاً وأخيراً الحفاظ على مصالحهما أياً كان مصير البلاد ووحدتها. لم يعد صالحاً الحديث عن موقع النظام في خريطة الصراع الدائر في سورية وعليها. حتى القوات النظامية المنتشية بالانتصارات الأخيرة يدرك كبار قادتها أن لا قدرة لهم، بل لا عديد في قواتهم، للإمساك بالمناطق المستعادة. فضلاً عما تعانيه هذه المناطق من أوضاع اقتصادية تزداد سوءاً ليستفحل دور «الشبيحة» والفلتان الأمني. أما رهان موسكو على دفع مزيد من اللاجئين إلى أوروبا لإرغامها على الجلوس إلى الطاولة فسلاح ذو حدين. هو سلاح بيد تركيا أيضاً. إن هجرات جديدة نتيجة الحرب الطاحنة في محيط حلب وإدلب ستهدد بالتأكيد أمن القارة العجوز ووحدتها. فهل تسمح واشنطن بمثل هذه الفوضى التي ستعم الجناح الآخر والأساس في «الناتو»؟ هل ستضمن عدم انتقال عناصر إرهابية إلى دول الاتحاد مع موجات النازحين؟ وهل سيظل الرأي العام يشيح بنظره إذا عادت مراكب الموت تلفظ الفارين من جحيم الحرب على الشواطئ هنا وهناك؟

لا شك في أن تركيا والعرب الآخرين ليسوا وحدهم من يدفع ثمن هذا الانكفاء الأميركي. أوروبا بدأت تدفع مثل هذا الثمن. وقد تتفاقم أزمتها إذا واصلت روسيا اندفاعها نحو الحدود التركية، وأحكمت حصارها لمدينة حلب وما ستخلفه من أزمة إنسانية وهجرة واسعة. لذلك نادت المستشارة الألمانية بقيام منطقة حظر جوي، على غرار ما تطالب به أنقرة. حتى اللعبة السياسية في الداخل الأميركي بات خيار إدارة أوباما الصامت الساكت يقلقها. إذ لا يمكن تحاشي تبعات الأزمة السورية في قلب أوروبا. وإفراغ سورية من أهلها ودفعهم نحو مصير مجهول في البحر أو إلى أحضان العواصم الغربية سيولّدان أزمة أخلاقية وسياسية ضاغطة على خيارات الحكومات الأوروبية وعلى واشنطن أيضاً. لن يكون مثل هذا التطور سلاحاً بيد بوتين. إنه سلاح سيكون له من حديه نصيب... فضلاً عما يعنيه المزيد من التدخل الإقليمي والدولي في سورية، وما يخلفه من عوائق وعقبات أمام سياسة موسكو. جميع اللاعبين سيجدون أن لا مفر من تغيير قواعد اللعبة مجدداً، وإلا بقي الأسد والبغدادي الرابحين الوحيدين! فهل هذا هدف المتصارعين على سورية؟

اقرأ المزيد
٢١ فبراير ٢٠١٦
إيران نظرة من الداخل ( ٣- ٤) .. ٣٨ عاماً من الخناق والاستبداد تجعل الانفجار قادم لامحال

جزأين قد يكونا معقدين ، مملين نسبياً و لكنهما واجبي الحضور في طرح ما يأتي ، و من الممكن أن تكون رحلة الجزء الثالث تتشابه مع سابقتيها ، و لكني مضطر لولوجها ، فهي الشيء الوحيد من الداخل .

صديقنا الداخل إلى إيران في تسعينيات القرن الماضي ، واصل ظنه أن ايران هي "المسجد" الإسلامي الكبير ، و كيف لا ، و هي تضع كلمة "الله" في وسط علمها ، و لا تذكر اسمها قبل ديباجة "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" .

وفق الصديق فإيران عبارة عن كتلة بشرية و دينية و إيدلوجية في غاية التعقيد ، ففي إيران فرس و أفغان و باكستانيون ، عرب و أتراك و كرد ، أذريون و طاجيك ، قوميات متضاربة تمتلك عمقاً إقليميا مع المحيط ، و لكن في بعضهم الغالب خاضعون للسيطرة "الشيعية" و لـ"ولاية الفقيه" ، الولاية التي يخضع لها وفق إحصائيات إيران أكثر من ٩٠ ٪ من الشعب المتواجد في الأرض الإيرانية ، وما تبقى عبارة عن أقليات هامشية من سنّة و مسيحيين ، يهود و عبّاد نار "ذراتشت" ، و بهائيون و زيديون و الكثير الكثير من المذاهب و الأديان التي لاوجود لها أي صولة أو جولة ، فهم أقليات مندثرة تحت أقدام "الولي الفقيه" ، و كذلك القلة "المزعجة" من عرب و كرد ، و القلة "المقرفة " الأفغان و الترك و الأذريون "، فلا مكان لهم في جيش أو سلطة  أو حتى وظيفة فالسقف قد يكونوا معلمين في مدارس نائية ، وفي الغالب ينشطون في رعي المواشي أو فلاحين في البساتين و الأراضي الزراعية التي تغص بها إيران ، و التي يمكن وصفها بأنها بلاد الفصول الأربعة لتموضع أراضيها من بحر قزوين إلى الخليج العربي .

هذه الكتل لم تكن لتحكم لولا النظام الحديدي المسلط على الرقاب ، الأجهزة المتنوعة والمنتشرة في كل مكان ، حرس ثوي ، بسيج ، أمر بالمعروف و نهي عن المنكر ، جيش ، شرطة ، مخابرات بكل الأصناف و فئات الشعب ، فكل شيء تحت الرقابة .

في إيران و في تسعينيات القرن الماضي ، لا يمكن أن تجري مكالمة إلا من خلال مكان يدعى "مخابرات" ، ويعني بالفارسية الاتصالات ، و كل اتصال محدد بثلاث دقائق يقطع و تعاود من جديد إذا ما أردت الاسترسال في حديثك الذي يوجد الكثير من الآذان تتنصت و تفك شيفراته ، و لا يمكن خارج هذا المكان أن تجري مكالمة فأعداء "الإسلام" متربصون بدولة الإسلام التي تدعى "إيران".

تقسم موارد إيران الوافرة من ذهب و نفط و غاز و يورانيوم و ... و.... ، وسجاد عجمي و كافيار و .... ، إلى خمسة أخماس ، أولها لـ"الولي الفقيه" و ثانيها للإمام "رضا" ، ثامن الأئمة في مسيرة الشيعة من ١٢ آخرهم المهدي الغائب والذي له مقام في مدينة "مشهد" ، وخمس آخر للمستضعفين في الأرض جرحى ومعوقي الحرب الإيرانية في الثمانينيات ، و ما تبقى يكون للسبعين مليوناً أو الثمانين كما هو الحال اليوم .

في أواخر التسعينيات بدأت القلاقل تظهر في إيران ، و بدأ الجيل الجديد الذي لم يشاهد الشاه أو يعرفه ، بالتمرد على "الولاية" باطناً ، و على أسلوب الحكم ظاهراً ، و خرجت ما تعرف بثورة جامعات طهران ، التي وئدت بسرعة و بإيغال كبير في الدم ، وبات مطلوبا استنساخ شكل جديد من النظام ، و إطلاق "الإصلاحيين" في مواجهة "المحافظين" فجاء علي خاتمي ، ببشاشته ليهدأ من روع "رفسنجاني" و تسلطه ، ولكن الأمر سيان بالنسبة للطرفين ، وفي النهاية سيجلسون بين يدي "الولي الفقيه" و يحاولون أن يعملوا وفق ما تصدره أنفاسه من أوامر .

فكرة الإصلاحيين و المحافظين ، فكرة كانت جيدة لفترة من الزمن ، لامتصاص فورة جيل الثمانينيات ، الذي تلاه جيل التسعينيات الذي تزود جزء منه بالمعرفة ، و جزء آخر لازال ينهل العلم التقني ، و يلفظ الديني ، هذا اللفظ الذي يخيف إيران عموماً و "الولي الفقيه" على وجه الخصوص.

خميني الذي لم يمض إلا ثمان سنوات في حكم إيران ، و جميعها كانت في حرب مع العراق ، لم يستطع جعل إيران كما يشتهي أو كما خُطط لها ، وكان لابد من بديل متمكن و متفرد في ذلك ، و بالفعل تم إنهاء جميع علماء "مجلس تشخيص مصلحة النظام" ، من خلال تفجير قيل أن "إرهابيا" استهدف اجتماعهم لتحديد البديل عن خميني ، و لم ينج منه إلا "خامنئي" الذي كان مريضاً في المشفى و رفسنجاني الذي كان يعوده ، لتنتهي قصة المراجع الـ ٥٧ الذين قتلوا ، و يخلدون باسم نوع من علب السجائر "بنج و هافت" ، وهي نوع من السجائر الصغيرة إيرانية المنشأ ، رديئة الطعم ، و لكنها رخيصة ، و مخصصة لعامة الشعب ، وقد تكون الغاية منها هي مواصلة زرع الفكر "الفارسي الشيعي" في قالب تأليه "المعمم" حتى في دخان السجائر.

وبالمناسبة "مجلس تشخيص مصلحة النظام " هو الحاكم و الآمر بكل شيء و طبعا تحت إمرة الولي الفقيه ، ويمكن تقريبه لواقعنا بالقيادة القطرية لحزب البعث الحاكمة في سوريا تحت إمرة الأمين العام حافظ الأسد و من بعده بشار الأسد ، و دورها الفعال و الحاسم في كل شيء و ما الحكومة و رئيسها ووزرائها و كافة مفاصل الدولة إلا منفذين لقرارات القطرية ، التي هي بالأساس لا تملك شيئا بدون توجيهات "القائد الملهم" الذي فوّض أجهزته الأمنية بالبت بكل شيء ، وهم بدورهم تابعين لأناس آخرين ضمن "الكهنوت" العلوي.

في طهران العاصمة يوجد كل شيء ماء و جبال ، شوارع واسعة ، ميترو أنفاق ، طرق مخصصة لوسائل النقل ، مدينة ضخمة و مرعبة و الأهم ملوثة بشكل لا يمكن السير دون شيء على أنفك ينظف الهواء الداخل لرئتيك .

في تلك الـ "طهران" يوجد مناطق متنوعة ، جنوبية ملأى باللاجئين الأفغان و العراقيين و موبوءة بالمخدرات ، بشكل أن السائر فيها سيستمع كثيراً لكلمة "دارو ... دارو" ، وتعني الكلمة حرفيا "دواء" و مصطلحياً "المخدرات" ، ففي إيران المخدرات هي الأكثر شيوعاً و انتشاراً ، والأكثر استخداماً و من الجميع وقلما الاستثناء له مكان ، في الجامعات و المدارس و العمل و حتى المنازل .

ففي جنوب طهران يوجد الفقر و الجهل ، و تنتشر "البيكان" ، وهو نوع سيارات تصنعه إيران ، والأهم أن التشدد و المحافظين يملكون اليد الطولى ، فالتشادور ( اللباس الإسلامي وفق المنظور الإيراني – كامل السواد يغطي كامل الجسد و فضفاض لحد اتساعه لعدة نساء) طاغي ، و رائحة العرق تزكم الأنوف ، و الشعر الظاهر على النساء اللاتي يملكن شارب كما الرجال .

وفي شمال طهران حيث مقرات السفارات ، وعُلية القوم من التجار و الأثرياء و كذلك المتنفذين في القرارات و رجالات الدين الشكليين و المافيات الفعلين ، هناك تغيب "البايكان" حتى تظن أن إيران لا تصنعها ، و يغيب معها التشادور لتظهر القمصان القصيرة حتى الركبة و الحجاب المعقود على العنق الظاهر و خصلات الشعر تهرب منه ، دون أن تجد من مالكته حرج أو سعي للإخفاء ، فهو شكل مفروض و غير مرغوب .

و ما يجمع طهران شمالها و جنوبها ، هو "الفجور" ، فشعب يملك من الرغبة بالمتعة الكثير ، ففي صلب مذهبهم زواج المتعة لتيسير العملية ، وقيل أن رفسنجاني لو بقي فترة حكم إضافية ، لجعل مكاتب زواج المتعة كالمكاتب العقارية منتشرة في كل حي و في كل نقطة ، و قد يكون هناك عروض على مرتاديها .

الاختلاف بين الطهرانين ( الشمال و الجنوب) هو الاختلاف الحاصل تماماً في إيران ، بين إيران الثورة ١٩٧٩ و ٢٠١٦ ، فالأوائل محافظون بالشكل مليئ بالفساد و المخدرات ، و التاليين متفلتين من كل شيء ، والأهم يرفضون وجود المحافظين .

هذا الخلاف هو ما يجعل إيران على أبواب صراع تتوقعه هي أكثر من الجميع ، مع انفكاك العقوبات عليها من قبل الغرب بموجب الاتفاق النووي .، وهو ما سيكون موضوع الجزء القادم .

........

اقرأ المزيد
٢٠ فبراير ٢٠١٦
دعوه يشنق نفسه في سوريا

بعد إعلان مؤتمر الأمن في ميونيخ عن الاتفاق على «وقف الأعمال العدائية» في سوريا، واصلت المقاتلات الروسية قصفها العنيف عند تخوم مدينة حلب وصولا إلى مشارف مدينة أعزاز، في ما بدا أنها محاولة لإقفال الشمال التركي بالنار قبل العودة المقررة إلى جنيف في 25 فبراير (شباط) الحالي.

تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومن بعده بشار الأسد بأنه «لا وقف للنار قبل القضاء على المجموعات الإرهابية»، لا تعني بالضرورة «داعش» و«النصرة»؛ بل كل أطياف المعارضة السورية، التي سبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن وضعها كلها في سلة الإرهاب.

لكن ما يجري على الأرض من محيط حلب إلى مداخل أعزاز، يعكس توجها قد يفضي في النهاية إلى قيام منطقة حكم ذاتي كردية مترامية في شمال سوريا، لأن أعزاز تشكّل مفصلا حيويا بين شرق نهر الفرات وغربه، وهي حلقة وصل ضرورية واستراتيجية بين كوباني والجزيرة شرقا ومناطق عفرين على التخوم الغربية لمنطقة حلب، وعلى هذه الخلفية الحساسة والدقيقة تثور الهواجس التركية من أن تتحول السيطرة الكردية على منطقة أعزاز مفتاحا للتلاعب بالخريطة السورية، ثم بالخريطة العراقية، فالتركية!

وهكذا دخلت المدفعية التركية عمليا ميدان القصف المدفعي هناك، في وقت ارتفع فيه الحديث عن تفعيل «التحالف الإسلامي ضد الإرهاب» الذي أعلنته المملكة العربية السعودية في 25 من الشهر الماضي، الذي يضم 25 دولة بينها السعودية ودول الخليج وتركيا ومصر والأردن والسودان وباكستان.. وغيرها، ومهماته «محاربة الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره أيّا تكن تسميته ومذهبه».

دي ميستورا الذي وصل الثلاثاء إلى دمشق في محاولة لاستنقاذ مؤتمر جنيف الذي يفترض أن يعقد يوم الخميس المقبل، يدرك تماما أن أحابيل النظام في الحديث عن الموافقة على إدخال المساعدات الإنسانية، لن تعني شيئا مغايرا لأكاذيب الماضي، خصوصا عندما يكرر الأسد ما أعلنه لافروف من أن المفاوضات لا تعني وقف النار ضد الإرهابيين.

المعنى العملي لكل هذا أن المساعدات الإنسانية ستصل إلى مؤيدي النظام، وأن مؤتمر جنيف في محطته الجديدة، إذا عقد، سيراكم الفشل بسبب عدم التزام الروس والنظام السوري والإيرانيين وجماعاتهم، بإعلان وقف الأعمال العدائية، فعلى العكس تضاعفت وحشية القصف وحدته إلى درجة لم توفّر المدارس والمستشفيات، ولهذا لم تتردد الأمم المتحدة بداية الأسبوع في إصدار بيان يدين بقوة إطلاق صواريخ قتلت نحو خمسين مدنيا بينهم أطفال، وأوقعت عددا من الجرحى في خمس مستشفيات ومؤسسات طبية، بينها على الأقل واحدة تتلقى دعما من منظمة «أطباء بلا حدود»، إضافة إلى مدرستين في حلب وإدلب!

طبعا لا معنى لبيانات التنديد هذه، ولو كانت وزارة الخارجية الأمريكية كانت أكثر حدة من بان كي مون في إدانة هذا القصف وفي توجيه الاتهام إلى «وحشية نظام الأسد، وإلى عدم رغبة موسكو في المساعدة على وقفه، وهو ما يثير استياء واشنطن الشديد»!

استياء واشنطن؟

لكن باراك أوباما لا يبدو مستاء، حتى بعدما رد النظام السوري على إدانة قصف المستشفيات بالقول إن منظمة «أطباء بلا حدود» هي فرع للاستخبارات الفرنسية، وإنها هي التي تتحمل المسؤولية، وحتى بعدما قال بشار الجعفري في الأمم المتحدة إن «التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة هو الذي قصف المستشفيات»!

باراك أوباما ليس مجرد محلل أو مراقب ليبلغنا رغم كل هذا أن «تدخّل روسيا في سوريا هو دليل ضعف الحكومة السورية، وأنه سيكون من الكياسة (الكياسة هكذا بالحرف) أن يساعد الرئيس فلاديمير بوتين في عملية انتقال سياسي في سوريا»، ولم يتوانَ في إسداء النصح لبوتين: «إنكم ترسلون جيشكم بينما الحصان الذي تدعمونه غير فعّال، صحيح ربما حققتم تقدما مبدئيا على الأرض، لكن ثلاثة أرباع سوريا خارج السيطرة»!

لا معنى للحديث عن استياء أمريكي، فقبل 24 ساعة من قصف المستشفيات والمدارس كان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يعلن أنه تحدث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف هاتفيً، ووعده بضرورة مناقشة وقف النار، لكن المواقف الأمريكية حيال التطورات الفاجعة في سوريا بدت منذ البداية تشي بأنه كأن أوباما قرر ترك الروس يغرقون في الوحول السورية، وما سترتبه عليهم تاليا من الأثقال والمتاعب مع عالم سني يترامى إلى داخل حدود روسيا!

أضف إلى ذلك، أن حسابات أوباما منذ الدخول العسكري الروسي إلى سوريا في الماضي، باتت تنطوي على كثير من الخبث، كما يشرح تقرير دبلوماسي غربي مهم يرى أن أوباما يجلس متفرجا على:

انخراط بوتين المتزايد في سوريا بما سيُنهك وضع روسيا الاقتصادي، المتهالك أصلا بسبب العقوبات وتدني أسعار النفط.

المراهنة الواضحة على عدم قدرة بوتين والأسد على استعادة السيطرة على كل سوريا، إلا إذا قرر الدخول بعيون مفتوحة في أفغانستان سورية خاسرة حتما.

مواجهة الهزيمة أو الذهاب إلى استحقاق لا مفر منه، وهو إقامة دولة الساحل العلوية، التي تشكّل جائزة ترضية له، وهنا عليه أن يتحمل مسؤولية مباشرة عن التقسيم، الذي تريده أمريكا، وتصفق له إسرائيل، ولا يضير إيران، ويناسب الأسد الذي لا يريد خسارة كل شيء.

السير نحو اشتباك حتمي بينه وبين شركائه الإيرانيين الذين يقاتلون في سوريا قبله ويعدونها ولاية إيرانية تخضع لإرادتهم، ولن يقبلوا ضرّة روسية مضاربة تنغّص عليهم حتى في العراق.

الوقوع في حال من العداء من العالم السني المترامي، فأنت لا تستطيع محالفة الشيعة والعلويين ومحاربة المعارضة السورية، المدعومة إقليميا بذريعة الادعاء أنها كلها من الإرهابيين الذين لا تقصفهم كما تقصف المعارضة!

إذا لماذا تتورط أمريكا في سوريا عشية الانتخابات الرئاسية، فدعوا بوتين يشنق نفسه بحبال الأسد!
عطفا على هذا التقرير، من الضروري أن نتذكّر تصريحات التهويل التي أدلى بها رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف في ميونيخ تارة عن الانزلاق إلى «الحرب الباردة»، وأخرى عن أن التدخل البري في سوريا قد يتسبب في وقوع «حرب عالمية»!

هكذا بالحرف «حرب عالمية» وذلك لمجرد بدء عملية «رعد الشمال» وهي أكبر مناورات في تاريخ المنطقة، يقوم بها «التحالف الإسلامي ضد الإرهاب» في منطقة «حفر الباطن» السعودية، ورافقتها أحاديث وتحليلات عن إمكان التدخل عبر تركيا لضرب «داعش» في الرقة داخل سوريا، رغم الحرص السعودي والتركي على التوضيح أن أي عملية يجب أن تتم بالتنسيق مع الحلفاء الأمريكيين.

لكن أوباما يستلقي مراقبا سياسة الاشتباك على طريقة الجودو.. ينفذها ببراعة متعهّد التدمير والتقتيل وربما التقسيم.. الرفيق فلاديمير بوتين.

اقرأ المزيد
٢٠ فبراير ٢٠١٦
إيران نظرة من الداخل (٢ - ٤ ) .. "الولي الفقيه" فكرة التأليه و الحكم المطلق

لا شك أن الدخول في إيران سواء كدولة بمؤسساتها و هيآتها ،و يحتاج لبعض التعريج على التاريخ الذي بتراكمه ، نرى إيران الحالية ، ومن الممكن أن نستطلع المستقبل ، وهذا ما دأبت عليه في الجزء الأول .

بعد بدء تمترس الشكل الشيعي في إيران ، باتت بحاجة لاستخدام الأدوات حولها لتكون دولة قوية ، و هذا غير ممكن في إطار العزلة الكيفية التي اتخذتها لتأسيس الإمبراطورية "الفارسية الشيعية" ، فبدأت عبر شاهاتها الانتقال للعب دور "كلب المنطقة" ، و لكنه يخدم مقابل الحصول على الثأر التاريخي ، و جاهز لوضع كل إمكانياته الهائلة ( الطبيعية – الجغرافية – البشرية ....) بغية تدمير الطرف الآخر (العرب) ، و هذا الدور الأبرز الذي كان لمرحلة ما ، سرعان ما تحول إلى هدف ثانوي مع تمرد الشاهات على هذا الطريق و السعي وراء ملذات الحياة و بزخها .

الانحراف الشاهي ، دفع بالأمور للبحث عن بديل صالح و جاهز لأن يلعب الدور المطلوب منه في المنطقة ، التي تعتبر الكنز الأبرز للعالم بأسره ( نفط و غاز و سوق و الأهم توسط الكرة الأرضية و كذلك فيها بعثت الأديان وإليها ستبقى الأنظار معلقة) ، فكان تحضير روح الله بن مصطفي الموسوي ، الذي أُحسن صنعه ، تنقيله بين البلدان المحيطة بإيران تركيا فالعراق ، و أخيراً حط الرحال في فرنسا في مرحلة التحضير النهائي ، والتي منها إلى إيران عاد كرجل "الله" على الأرض ، و نسي اسمه و نسبه لأبيه ، بات "خميني" نسبة لخمين إحدى المدن وسط إيران .

في إيران و ضمن المذهب الشيعي ، هناك تدرجات للمرجعية ، من شيخ لأخوند لحجة الإسلام وصولاً لآية الله التي تملك درجتين إحداهما صغرى و الأخرى كبرى ، ولا يهم كثيراً الغوص في كل رتبة دينية و ما تؤهل حاملها من صلاحيات ، فهي أشبه لتنظيم إداري مقيت في مؤسسة لا رأي فيها لأحد إلا "للولي الفقيه" الحاكم الآمر ، الناهي ، البات بكل شيء يتحرك أو ينزل من السماء ، بدءاً من أول صرخة لطفل حتى الزفير الأخير من جسد كهل ، وقد يصل إلى البت في أمور الآخرة ، و التوقع المستقبلي ، فأنت في نظام إلهه موجود ، و ينبض بالحياة ، روحه تنتقل من ولي لآخر بكل يسر و سهولة .

يعمّق الفرس الشيعة من سلطات الولي الفقيه أكثر فأكثر ، و ينسجون حوله الأساطير و الإعجاز ، و من الممكن أن يكون أفضل من بعض الأنبياء ، و قد تعلو مرتبته الملائكة ، ومن الممكن أحياناً أن يخرج معجزات بمدد من المانح "المغيب" لتلك الصلاحيات ، ألا وهو "المهدي" الذي لايعرف عنه شيء ، اللهم غيبته الأولى والتي تعرف بـ"الصغرى" منذ ٢٦٠ هجري و انتهت ٣٢٩ هجري بموت آخر سفير له ، ليدخل بعدها منذ ذلك الحين بالغيبة الكبرى التي قُرر أن يكون "المعممين" مندوبين عنه بانتظار علامات الساعة و اقتحام القدس و تطهيرها بـ"جيش محمد".

ثمان سنوات من الحرب الضروس مع العراق ، فيما يعرف بحرب الخليج الأولى ، أنهكت الطرفين ، وجعلت إيران تغوص في غياهب العقوبات أكثر وهي تلملم جراح قرابة مليوني مصاب و يقاربهم من القتلى ، و لكن كان ذراعها في العالم ظاهراً ، الأسد الأب ، الذي لم يرفض الحرب فقط ، و إنما أمد ايران بالمساعدات ، تارة لوجستية و تارة مخابراتياً ، فحافظ الأسد لديه هدفين ، الأول مذهبي كونه يتفق مع الشيعة على "علي كرم الله وجهه" ، و رغبة في إنهاء صدام حسين شريك "البعثية" و المنافس على الزعامة فيه .

انتهى الجزء الثاني ... للحديث بقية.......

اقرأ المزيد
١٩ فبراير ٢٠١٦
لماذا التدخل البري في سورية؟

لم يتوقف وزير الخارجية السعودي عادل جبير، منذ أشهر، عن تكرار ما بات لازمة في الموقف السعودي من الشأن السوري: لا مستقبل للأسد في سورية المستقبل، والرياض مع أي حلّ ديبلوماسي يضمن رحيله، فإن لم يرحلْ بالحوار فالخيار العسكري جاهز لإجباره على ذلك.

ما بين الموقف السعودي والموقف الأميركي مشتركٌ لفظي قد لا يعبّر بالضرورة عن استراتيجية مشتركة. تمعن واشنطن في النأي بنفسها عن أي تدخل عسكري أميركي مباشر في الصراع السوري، على رغم الانخراط الكامل والمباشر الذي تمارسه روسيا في الميدان السوري. فيما تعتبر السعودية أن المعركة السورية جزءٌ لا يتجزأ من المعركة اليمنية في ردّها للتقدم الإيراني في المنطقة، وفي دفاعها عن أمن المملكة الإستراتيجي، بما يفسّر حيويتها في كل محاور الصراع السوري ومواكبتها لتطوراته.

في انسجام الأوبامية مع نفسها في الشأن السوري، تبدو الديبلوماسية الأميركية تعمل في خدمة الورشة الروسية في سورية. تراجعت واشنطن عن «جنيف» لمصلحة «فيينا» الذي انتج القرار الأممي 2254 المناسب لرؤى موسكو. تولّت الضغوط الأميركية سوق «معارضة الرياض» نحو المفاوضات، فيما تبرّع وزير الخارجية الأميركي، لمصلحة موسكو، بإنذار المعارضة وتهديدها ووعدها بأشهر صعبة إذا ما عاندت مسار المفاوضات في جنيف. لم تعاند الرياض «تواطؤ» الجباريْن، بل واكبته بحنكة وصبر وأناة، وهي مدركة أن لا نجاح للمفاوضات وأن لا طائل من تعطيل ما لا أمل في إنعاشه.

يخاطب الرئيس السوري العالم في مقابلته الأخيرة متأثراً بالإنجازات التي حققها نظامه براً تحت الغطاء الروسي جواً. لكن العارفين في شأن سورية يدركون أن منجزات النظام عرضية موقتة لا يمكن التأسيس عليها، طالما أنها معتمدة على تفوّق جوي سببه الأساسي غضّ طرف دولي وإقليمي يتيح له التفوّق. فالخبراء العسكريون مجمعون على التزام كافة دول المنطقة، حتى الآن، بالمحظورات الأميركية التي تمنع تزويد قوى المعارضة السورية بصواريخ مضادة للطائرات (لا سيما تلك من طراز ستينغر الشهير)، وأن احتمالات اختراق المحظور واردة في أية لحظة، بما قد يجرّد الغطاء الجوي الروسي من تفوّقه.

يبدو الإعلان السعودي التركي عن خطط التدخل البري تجاوزاً لرتابة في تشكيلة القوى الفاعلة في سورية وعلامة من علامات تجاوز المحظورات. يرسل البلدان ما يفيد بأنهما قد يصبحان بحلٍّ من التفاهمات الأميركية-الروسية، وأنهما بصدد تشييد تفاهمات إقليمية ستكون رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه في ما يُرسم لسورية. تتصرف الرياض وأنقرة بمهنية عالية المستوى لا تحتمل تأويلاً ولا تشوهها انفعالية هواة. يأتي خطاب الدولتين متوائماً مع الجهد الدولي المعلن لمحاربة «داعش»، بحيث تكتمل الاستعدادات للتدخل البري، ويمهد لها بـ «رعد الشمال»، على أن لا تنتقل إلى حقبة الفعل إلا وفق خطط التحالف الدولي، أي بقيادة الولايات المتحدة. وبالانتقال مما هو تهويل نظري إلى ما هو سلوك عملي تنتقل طائرات سعودية (وخليحية) إلى قاعدة أنجرليك التركية، فيما تنهال نيران تركية على مواقع كردية شمال سورية، بما يشكّل انذاراً تركياً جدياً بالتحرك الميداني لمنع العبث بالخرائط على حدودها الجنوبية.

تنشر «الغارديان» البريطانية مقالاً يحذّر من خطر فلاديمير بوتين على الاتحاد الأوروبي. تعتبر الجريدة اللندنية التي تعبّر عن رأي نخب أوروبية، أن طوفان اللاجئين الذي تسببه الحملة الروسية في سورية هدفه إغراق البلدان الأوروبية بما يدفعها للتفكك ويجعل خروجها من أقسى الأزمات منذ الحرب العالمية الثانية أمراً عسيراً. قبل مقال «الغارديان» كان جون كيري قد عبّر عن قلق بلاده من أزمة المهاجرين كخطر شبه «وجودي» على أوروبا، بما يعكس توجساً حقيقياً من سياسات الكرملين وتداعياتها على العالم الغربي. في تلك البيئة تطلّ أعراض حرب باردة مع موسكو، على ما يجعل من تركيا حاجةً ملحة لا يمكن تجاهلها في قلب الحلف الأطلسي.

ضمن ذلك المنظور يأتي الكلام عن التدخل البري، ليس بصفته تمرداً إقليمياً على الزمن الروسي في المنطقة فقط، بل بما يوفّره من أوراق ضغط جديدة تملكها واشنطن وأوروبا في مقاربة موسكو، سواء لعبت، في الشكل، دوراً توفيقياً أو مباركاً لمسعى الرياض وأنقرة (أوباما دعم استعداد الرياض للتدخل البري ودعا الدول الأخرى لذلك).

اللافت أن موسكو (مدفيديف) التي تنذر باندلاع حرب عالمية ثالثة جراء الميول التدخلية الشائعة، تعتبر أن الأمر سيكون خطيراً في ما لو جرى من دون التنسيق معها. على أن الحراك السعودي لم يوح لحظة أن الاستعداد للتدخل البري يأتي معادياً لروسيا، لا بل استمر التواصل الديبلوماسي بين البلدين وأعلن الكرملين عن زيارة سيقوم بها الملك سلمان إلى موسكو منتصف الشهر المقبل. وشكّلت زيارة ملك البحرين حمد بن عيسى إلى موسكو، وما أدلى به من تصريحات هناك، ما يفصح عن توافق في رؤى روسيا والمحصلة الخليجية، أو امكانية التوصل إلى تفاهمات في شأن سورية. وقد يجوز اعتبار أن السيف «الدمشقي» الذي أهداه الملك البحريني لسيّد الكرملين مؤشر إلى احتمالات ذلك.

واللافت أيضاً أن مسألة التدخل البري على ما أعلنت الرياض باتت أمراً واقعاً في الحسابات الإيرانية. تفصح تهديدات طهران عن احتمالاته من جهة، وتفصح دعوة وزير الخارجية الإيراني في ميونيخ للتعاون مع «الأشقاء» في السعودية لحلّ المسألة السورية عن ميول لمجاراته. يبقى أن التدخل البري قد بدأ فعلاً منذ الإعلان عنه، بحيث بات عملة للصرف في سوق التبادل السياسي والديبلوماسي.

اقرأ المزيد
١٩ فبراير ٢٠١٦
ماذا بعد قتل الشعب السوري وتهجيره؟!

اختلف الحاضرون لمؤتمر ميونيخ بشأن وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه كيري ولافروف. فقد كان هناك من قال - وفي طليعتهم الأوروبيون - إنه خطوةٌ في الطريق الصحيح، وهو يُحدث انفراجات في الملفّ الإنساني، وقد يمهِّدُ لمؤتمر «جنيف 3» الذي يمكن أن يحقّق شيئًا أو أشياء في مجال الحلّ السياسي. وبالطبع فإنّ الأتراك ما قبضوا شيئًا من ذلك، وظلُّوا يستغيثون بالأوروبيين ويهددونهم بأنّ ملف الهجرة شديد الخطورة عليهم وعلى الأوروبيين. قالوا لهم إن ما بين ستمائة ألف ومليون ونصف المليون سوري خلال أسبوعين يمكن أن يتجمعوا على الحدود التركية مع سوريا إن استمر القصف الروسي على حلب وريفها الشرقي. وبعد الأتراك تصاعدت شكاوى المعارضة السورية السياسية من الروس أولاً ومن الأميركيين ثانيًا. لكنْ في حين كانت تركيا تمتلك التهديد بانفجار ملفّ اللجوء في وجهها ووجه أوروبا والعالم، ما كان عند المعارضة السورية ما تُهدِّد به غير عدم حضور مؤتمر «جنيف 3»!
اثنان فقط من المعلِّقين على نتائج ميونيخ قالا منذ البداية إنّ الاتفاق لا شيء، أو أنه استسلامٌ من جانب الأميركيين للروس؛ الأول هو الزعيم اللبناني وليد جنبلاط، الذي شبّه اتفاق ميونيخ بشأن سوريا عام 2016 باتفاق تشمبرلين عام 1938 مع هتلر الذي كان يتجه لابتلاع تشيكوسلوفاكيا وبولندا. وقتها ذهب إلى هتلر بميونيخ رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشمبرلين واتفق معه ضمنًا على تجنب الحرب الشاملة إذا اكتفى بابتلاع تشيكوسلوفاكيا والتوقف عند هذا الحد. وبالطبع تنبه هتلر إلى أن الأوروبيين الكبار (بريطانيا وفرنسا) لا يريدون الحرب لأنهم ما استعدُّوا لها، أو لأنهم يخشون جبروت الجيش الألماني، فزاد حرصه على دفعهم إلى الحرب لإنزال الهزيمة بهم، وفرض السيطرة على القارة الأوروبية. ولذلك فقد أجرى اتفاقًا مع ستالين لتقسيم بولندا بينهما، وهجم على الدولتين معًا: تشيكوسلوفاكيا، وغرب بولندا.. فاضطر الفرنسيون والبريطانيون لإعلان الحرب على ألمانيا عام 1939.
أما الرجل الثاني الذي تشاءم باتفاق ميونيخ، فهو السيناتور الأميركي الجمهوري جون ماكين، وهو جنرالٌ في الأصل من أيام حرب فيتنام. ماكين خشي من وراء عدم إنفاذ الاتفاق خلال أسبوع أو أقلّ أن تسقط هيبة الولايات المتحدة، وهيبة حلف الأطلسي. ووجهة نظره أنّ بوتين يريد إذلال تركيا، وإسقاط الاتحاد الأوروبي إضافةً للأطلسي، فتعود سياسة القطبين السابقة في الحرب الباردة ولا شيء غير ذلك. وفي وكْد بوتين أن سياسات أوباما انسحابية تمامًا، ولذلك فإنّ الحصول على تنازلات في الشرق الأوسط سهل، وهو يقول إنه يريد الوصول إلى تنسيق مع الولايات المتحدة ضد الإرهاب من موقعه على الأرض السورية وليس من روسيا الاتحادية، بل وهو يرجو أن تتخلَّى الولايات المتحدة عن أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا بسببها، فينفرد بالأوروبيين الضعفاء من دون الولايات المتحدة، وقوة الأطلسي.
انتهى مؤتمر ميونيخ يوم الجمعة في 2/12. وباستثناء محادثة قيل إنها تمت بين أوباما وبوتين يوم الأحد في 2/14، ما ظهر بوتين في الإعلام، وترك التصريح لرئيس الوزراء ميدفيديف ووزير الخارجية لافروف والجنرالات في الخدمة أو متقاعدين. وهؤلاء يصرّحون منذ 2/12 أنهم سيظلون يكافحون الإرهاب في شمال سوريا، ويريدون الاستيلاء على حلب، وسدَّ الحدود مع تركيا ومع الأردن. وقد أضاف ميدفيديف وأحد الجنرالات أنّ الحرب البرية التي تقول بها السعودية ضد «داعش»، تعني حربًا عالمية! وخلال ذلك ركّز أوباما في حديثه مع بوتين على وقف القصف، بينما ركّز بوتين على ضرورة التعاون العسكري بين روسيا وأميركا ضد الإرهاب!
والمشكلة أنّ التنسيق غير ممكن لأنّ الأهداف متعارضة. فالجنرالات الأميركيون والأطلسيون يقولون إنّ الروس لا يقصفون غير المعارضة، ولا يكادون يتعرضون لـ«داعش». بيد أنّ الأميركيين شديدو الضعف في مقاربتهم للأزمة السورية منذ ثلاث سنوات وأكثر. ولذا لا يخشى الروس منهم شيئًا إنْ لم ينفذوا ما اتفقوا معهم عليه. بل والأكثر من ذلك أن القوات الكردية التي يدعمها الأميركيون (وزارهم جنرال أميركي قبل عشرة أيام) تتحرك الآن خارج المناطق الكردية التي سيطرت عليها من «داعش» بغطاء جوي روسي للسيطرة على مساحات شاسعة من الأرض على الحدود التركية مع سوريا، ليس فيها «داعش»، وليس فيها كردي واحد. وهذا فضلا عن مشاركة الروس والإيرانيين (الذين حشدوا قوات ضخمة) وقوات النظام في القتال بداخل حلب ضد المدنيين زيادةً في دفعهم باتجاه الحدود التركية! وقد اكتفى الأميركيون والفرنسيون بنهي الأتراك عن قصف القوات الكردية المتقدمة من داخل حدودهم، لكنهم ما طلبوا من الأكراد التوقف عن مهاجمة المناطق في غرب الفرات إلى جانب الميليشيات الإيرانية والنظامية!
إلى أين من هنا؟ السعودية والإمارات قالتا بالتدخل البري بقوات عربية ضد «داعش». لكنهم اشترطوا أن يكون ذلك تحت المظلة الجوية لقوات التحالف. والأميركيون يتفاوضون منذ أكثر من أسبوع في التفاصيل التي عرضها عليهم في اجتماع الأطلسي ولي ولي العهد السعودي. والروس عارضوا وهددوا على لسان ميدفيديف رئيس وزراء روسيا بأنّ التدخل البري يعني الحرب الشاملة. وهم يوجِّهون هذا الكلام إلى أميركا بالطبع، ويعرفون بالتجربة أنّ أوباما لا يهدّد حتى، بل عوَّدهم على التراجُع في كل مكان. وهم يعتقدون أنه خلال أسبوعين أو ثلاثة على الأكثر فإنّ جبهات الثوار ستنهار في كل مكان، وسيتجمع مليون أو أكثر على الحدود التركية، وتنعزل إدلب وأرياف حماه وحمص. أما في الجنوب فقد انكسر ظهر الثوار بأخذ مدينة الشيخ مسكين، التي يقود قوات النظام والميليشيات فيها ضابط روسي. وعندها ستقول الولايات المتحدة لحلفائها والمستغيثين بها إنه لا فائدة من التدخل في سوريا، ولننسِّق مع روسيا ضد «داعش»! ولن يكون الأوروبيون بعيدين عن قبول ذلك، خوفًا من موجات الهجرة واللجوء عبر تركيا. وقد سمعتُ يوم الاثنين 2/15 المستشارة الألمانية تدعو إلى ملاذٍ آمِنٍ للاجئين في الشمال السوري، وهي التي كانت تنذر إردوغان قبل أربعة أشهر - بدفعٍ من الروس - أنّ الملاذ الآمِنَ غير ممكن، خوفًا من تصادم الطيرانين الروسي والأميركي!
لا يستطيع العرب والمسلمون الصمت على تدمير سوريا وتهجير شعبها من جانب روسيا وإيران والميليشيات التابعة لهما. ولذا، ومضيًا مع المبادرة السعودية، لا بد من دعوة الجامعة العربية، ومجلس التعاون الإسلامي، بعد مجلس الأمن، إلى اجتماعاتٍ عاجلةٍ تبحث الغزو الروسي والإيراني والكردي، وتدعو لدخول قوات سلامٍ عربية وإسلامية لإيقاف الدمار الذي حلَّ بالإنسان والعمران في سوريا العربية. وهذا أمرٌ كان ينبغي أن يحدث قبل سنتين على الأقل. ويا للعرب!

اقرأ المزيد
١٩ فبراير ٢٠١٦
إيران نظرة من الداخل (١ - ٤ ) ... كيف بدأت "الفارسية الشيعية"

إيران الشاه و إيران الولي الفقيه ... و إيران اليوم بين الصراع الجيوسياسي و الصراع الداخلي ، إضافة لخلط أوراق إقليمية بيدها و عقلها أو كأداة لما هو أكبر منه ، يجعل من قراءة المشهد الإيراني معقداً كتعقيدات السياسية و الحرب التي تدور في فلك رقعة جغرافية بدأت بها البشرية ، و يبدو أنها ستشهد نهايتها أو على الأقل أقسى مرحلها عنفاً و دموية ، و لن تنتهي إلا بوجود طرف واحد ، طرفٌ منتصر بشكل تام على حساب إبادة الطرف الآخر بشكل تام أيضاً.

في القرن الماضي عندما كان القرار لذلك الفتى التوجه لإيران ، كان في رأسه أنه سيذهب إلى مسجد كبير ، و يقتصر تواجده هناك على الدين و التحضير للآخرة ، فلا مكان في ذلك البلد البعيد عن سوريا ، و المغيب عن العالم بأسره لقرابة عشرين عاماً ، إلا رؤيتين الأولى "راعية المقاومة" و الثانية لأنه إسلامي ( وفق الرواية التي نقلت إليه و للسوريين أجمع).

الطائرة ملأى ، لا مكان فيها للسافرات ، فالمضيفات المحجبات يوزعن التشادو ( اللباس الإسلامي وفق المنظور الإيراني – كامل السواد يغطي كامل الجسد و فضفاض لحد اتساعه لعدة نساء) ، من نافذة تلك الطائرة كانت النظرات باتجاه ذلك الجامع الكبير (وفق المخيلة) ، النور الشاسع لعاصمة كبيرة كـ"طهران" ، و بين المشهدين هنا شغف لكسر السواد و الظلام المحيط بهذه الرقعة ، التي تحولت لأسطورة ، تضخمت بفعل ذراعها في دمشق الذي جعل منه المارد الذي يخيف الأعداء ، سيما أن أحداث التهديدات التركية لسوريا بشأن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان ، ماكنت لتنتهي لولا تهديدات الوحش الإيراني ، الذي يحظى بالحب "البعثي" و طبعا لرعايا البعث أياً كانت انتماءاتهم السياسية أو الإيدلوجية ، و لكنهم بالنهاية بعثيون فهم "حزبيون حزبيون و من مولدهم بعثيون".

إيران تمتلك مساحة شاسعة لا يمكن التجوال فيها أو إدارك أطرافها ، ملايين البشر المتناثرين في كافة الأرجاء ، و"طهران" عبارة عن إيران مصغرة ، يمكن أن تكتشف غالبية إيران من خلال امتزاجك بها .

من الجيد أن تجد عندما تدخل إيران أحرفاً عربية ، و لكنها مرسومة بشكل ما تجعلك تخلط بينها و بين الكتابة الشيطانية ، فهي عربية الشكل غريبة الرسم و غير مفهومة المعنى .

وهذا الامتهان اللغوي ، أول ما يثيرك اتجاه هذه البلد ، المريب فعلاً و حقاً ، سيما مع الولوج إليها أكثر فأكثر ، و الدخول في حناياها التاريخية ، لتجد نفسك أمام كتلة من التناقضات غير معروفة الآلية التي مزجتها ، و لكنها قائمة على نار مشتعلة كما كان سكانها من الأزل "عباداً للنار" ، تشهد هدوءا متصاعد القوة .

اختار اسماعيل الصفوي ، شاه إيران المذهب الشيعي ، كمذهب "شكلاً" و لكنه دين بالفعل ، لكي ينسلخ عن العرب ، يعزز الفارسية في إمبراطورية انهارت أركانها ، على يد العرب المسلمين ، الذين كانوا بالنسبة للفرس عبارة عن ( آكلي الجراد) ، وفق رؤيتهم .

الصفويون وجدوا في الشيعة الخلاص ، فهم لم يتمكنوا من استخدام الإسماعلية كونها دين غير "دعوي" و كذلك الدرزية المنطوية على ذاتها ، و كان من الصعب التوجه لدين آخر بعيد عن عباءة الإسلام ، فإيران وقتها لازالت مسلمة و على نهج "السنّة" ، فهم بحاجة لأحد شُعب الإسلام للتمسك بها ، و لكن بشروط تجعلها شبه خاصة ، و تؤمن لهم السلطة المطلقة ، و كذلك العداء المطلق و الدموي مع العرب ، فوجدوا ببقايا الشيعة المندثرة من هذا و ذاك ، بدؤوا بالنفخ في رمادها ليوقدوا نار "الفارسية" بغطاء الدين .

الصفويون نجحوا بتأسيس مدارس لتخريج "العمائم" للتعمية على أبصار السنة بالدعوة ، و في حال الفشل كان السيف حاضراً لقطع رأس كل من يرفض إدخال هذا الفكر .

رُسمت "الشيعة الصفوية" بشكل مدروس ، و يحقق المآرب ، تأليه الأشخاص باعتبارهم مندوبي" المهدي" المختبئ بانتظار علائم الساعة ، و بالتالي مندوبي الله على الأرض ، اختلاق الثأر لدماء أشخاص لا يمكن الشك بهم و بمظلوميتهم "الحسين" على رأسهم ، إضافة لنظام مالي معين يجعل مقدرات البلاد تعود للحاكم بشكل طوعي تحت سيف "الله" .

عشرات السنين و الخطة تسير وفق ماهو مدروس ، والسيف و اللسان يسيران سوية، إن فشل الأخير يسرع الأول للإتمام ، و لم ينج في ذلك من تلك الألسن و السيوف إلا قلة ، بقوا بعيدين عن الحياة في غياهب الجبال و المناطق الخالية من سبل العيش و إمكانية الرخاء .

 التتمة قادمة ...

 

اقرأ المزيد
١٩ فبراير ٢٠١٦
توحدهم البيانات والمعارك و تفرقهم الأسماء .. #اتحدوا_أو_انصرفوا

أرقب بيانات الشجب أو التنديد أو حتى الاحتجاج و كذلك التوعد ، لاجد أكثر من ٣٠ تشكيل عسكري موقعين عليه بصيغة تشي للاتفاق الفكري الكبير بينهم و التوحد في الهدف و الوسيلة ، و لكن هذا الاتفاق لايعني أن الاسماء العديدة و الكثير ة تصل لمسمى واحد ، تنصهر أجساد مقاتلينهم مع بعض في ذات المكان و تجتمع الدماء في ذات الأرض ، و يختلف القادة على الرئاسة و القيادة و تتوه الآراء الهامشية لتبتعد عن اللب .


في مسيرة الثورة السورية الطويلة و التي تم مواجهتها بأعتى الأسلحة الدموية و أقذر التكتيكات السياسية ، افتقدنا لروح الاتفاق و التوحد الذي دفعنا ثمنه غالياً ، هذا الغلاء لا يقدر بثمن ملموس فكل ملموس معوض ، في حين تم الدفع بأثمان لاتعوض .


اليوم حركة التوحد الخجولة الملفوفة بأفكار الانتقام من هذا أو ذلك ، أو الدخول في صراعات جانبية تشغلنا عم الأهداف المركزية ، و حتى الأهداف المركزية باتت مثال خلاف ، و البوصلة ضاعت بين الجميع ، و لكن الصراع على الزعامة وحده الذي بقي حاضراً و مسيطراً ، يكاد يكون الهاجس الأهم حتى من الانتصار على النظام وايلام مسانديه و افشال مخططات الموت التي تستهدف الجميع .


لامكان اليوم للعيدان المنفردة أو الجهود المشتتة و نحن نشهد حالة من الخسارات الكبيرة على مختلف الجبهات ، و نسقط في ذات المطب الذي نحن فيه منذ سنوات ، وننتظر أن يهاجمنا النظام و مسانديه لنصده بأسلحتنا البسيطة ، أي في كل ماخسارناه كانت المعركة ليست باختيارنا أو بتحديد مننا و إنما بتحديد العدو في المكان والزمان المناسبان له ، من ريف حلب الشمالي إلى الجنوبي و الساحل و الجنوب ، لم نختر المعركة على الأقل زمانياً بل كنا منتظرين أن يطلقها العدو .


السؤال الذي يطرح بشكل متواصل من قبل الشعب المكلوم : مالذي يمنع من التوحد أو على الاتفاق على الانداماج الوقتي ؟
سؤال قد يبدو ساذجاً و لكن الاجابة عليه في غاية التعقيد ، سيما مع وجود عدد من الرؤوس التي ملئتها حب السلطة و السطوة ، واكتفت بالقدر الذي حصلت عليه من توحد أو صهد الجهود في مرحلة ما و لم يعد يعنيها شيء آخر .


اليوم لم يعد خافياً ما يخطط و ما يحدث و أين تتجه الأمور ، و رغم ذلك الجميع يصم الآذان و يواصل سعيه في تكبير الأنا الخاصة به ، و يدعو من منطق متعال بأن "لدينا جاهزية للتوحد .. فمن يرغب فليأتي" ومستعد أن يحارب بأقسى مايملك ليواجه تشكيل اعتدى أو فكر الاقتراب من عرينه ، عرين لايملك فيه الحق بالأصل .


لابأس فليحافظ كل منهم على بضع الطلقات التي يملك ، وليحضر نفسه للدفاع عن منطقته ، لاداعٍ للتفكير في تغير وجهة المعركة أو ضرب العدو في مكان من اختياركم أو على الأقل بتوقيتكم .

ولكن يبدو أن شعار ما أتينا إلا نصرة للدين و المظلومين كذلك الشعار الذي رددناه لخمسين عاماً و ذبحنا به خلالها و لازلنا نذبح و لكن بتغير بعض المصطلحات .

هذا الحال لايشمل القطاع المسلح ، و إنما يشمل كل شيء حتي الشيوخ يختلفون و يتقاذفون و حتى السياسيين و المعنيين بالشأن الانساني و الاعلاميين ، ويبدو أن الحل الوحيد أن يرحل الجميع فالرحيل هو الأقرب من التوحد في ظل الشرذمة التي لايمكن لدين أو عقل أو وضع أن يجد تفسيراً لها.

اقرأ المزيد
١٨ فبراير ٢٠١٦
موسكو للعرب: إيران أول حلفائنا

سينعقد المنتدى العربي – الروسي على المستوى الوزاري في موسكو الأسبوع المقبل، في خضّم المعركة على سورية، وسط ارتفاع وتيرة التوتر الروسي – التركي وتضارب الحديث عن قوات برية سعودية وخليجية جاهزة لدخول الساحة السورية. وزير الخارجية الروسي سيكون واضحاً تماماً في رسم الأطر الاستراتيجية للسياسة الروسية في الشرق الأوسط وسيصرّ على جدول أعمال قد لا يرتأي الوزراء العرب أنه يتناسق مع الأولويات العربية.

فسيرغي لافروف لن يلطّف خطابه السياسي لمجرد أنه يستضيف المنتدى، ذلك لأن الخطوط العريضة للسياسة الروسية نحو منطقة الشرق الأوسط، كما وضعها الرئيس فلاديمير بوتين، غير قابلة للأخذ والعطاء من وجهة نظر موسكو. فإذا كان في ذهن الوزراء العرب إحداث تغيير جذري في السياسات الروسية، فسيجدون أمامهم حائظ الممانعة وربما الاستنكار لأن الأمر يتعلق بالمصالح القومية الروسية. المزاج الروسي يتّسم هذه الأيام بالعناد والتصلّب، انما في الديبلوماسية الروسية من يعتقد أن هناك مداخل لتليين العلاقات مع الدول الخليجية بالرغم من تصدّع العلاقات في شأن سورية. ويرى هؤلاء أن بناء علاقات مميزة مع مصر استثمار ضروري للديبلوماسية الروسية وبات جزءاً من أهدافها في الشرق الأوسط. وفي ذهنها أيضاً تركيا. وتصر على مركزية الفوز في معركة حلب مهما كان الثمن. وتستخف بما يسمى «التحالف الدولي» ضد «داعش» في سورية وتكاد تتشدَّق بما تصفه «باللافاعلية». وتنبّه كل من يريد أن يفهمها ويفهم سياستها لمنطقة الشرق الأوسط إلى أن علاقاتها مع إيران لن يشوبها ضرر مهما قيل ومهما حدث.

أمام هذا الوضوح، بمَ يذهب وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي إلى موسكو؟ وهل هناك من أجندة عربية واحدة في المنتدى العربي – الروسي، أم أن الوزراء العرب سيحملون خلافاتهم الى العاصمة الروسية ويغادرونها بلا أي انجاز؟ لعله من المفيد قبيل المنتدى أن يوفق الوزراء العرب بإدراك ما يجول في ذهن الديبلوماسية الروسية أمنياً واستراتيجياً.

سورية تشكل نقطة خلاف أساسية، عسكرياً بالذات، في ضوء الإصرار الروسي على حسم معركة حلب لمصلحتها ولمصلحة النظام في دمشق. فوفق المصادر الروسية الوثيقة الاطلاع، لا توقف عن الغارات ولا تردد في أية إجراءات عسكرية برية بالشراكة مع النظام وحلفائه من ميليشيات، الى حين تأمين الفوز بحلب وقطع الطريق على التواصل مع تركيا. هذه الاستراتيجية عسكرية لا تراجع عنها تحت أي ظرف كان، بل ان موسكو ازدادت تمسكاً بها نتيجة رفع تركيا التوقعات بهجوم بري، ما لبثت أن خفضتها بعد أيام.

موسكو ترى أن قطع التواصل بين سورية وتركيا يقطع الإمدادات التي تتهم أنقرة بأنها تمدّها الى التنظيمات الإرهابية التي تتعدى «داعش» و «جبهة النصرة» وفق المفهوم والتعريف الروسيين. وترى أن إعادة سيطرة النظام السوري على حلب ترفع معنوياته وتمكّنه من خوض بقية المعركة الروسية ضد التنظيمات الإسلامية التي تصنّفها ارهابية. إذاً، حلب محطة حيوية في الاستراتيجية الروسية ولن تتوقف عن قصفها، لا من أجل «عملية فيينا» السياسية التي ولّدتها روسيا، ولا خوفاً من ردود الفعل الأوروبية أو الأميركية.

التباين واضح بين ردود الفعل الأوروبية الأكثر حدة من الأميركية، أقلّه لأن أوروبا تخشى على نفسها من السياسة الروسية وإفرازاتها بتدفق اللاجئين إليها.

الديبلوماسية الروسية تشير الى ما تسميه بالتوافق الروسي – الأميركي على «خطة طريق» في سورية، تغض النظر عن علاقات «الحرب الباردة» بين البلدين في أكثر من محطة، بما فيها الشرق الأوسط.

«عملية فيينا» للبرنامج السياسي والزمني لوقف النار والانتخابات تشكل جزءاً من خريطة الطريق كما تراها موسكو. أما عندما يتعلق الأمر بالحرب على «داعش» و «النصرة» وغيرها، فإن لدى الديبلوماسية الروسية مآخذ وأجندا مختلفة.

فأولاً، إن المعركة على تعريف من هو إرهابي ومَن هو معارضة سورية مسلحة ليست سوى مسألة ألفاظ. وجهة النظر الروسية الحقيقية هي أن النظام القائم في دمشق برئاسة بشار الأسد هو النظام الشرعي وأن المعارضة المسلحة ليست شرعية لأنها تتحدى النظام الشرعي. وبالتالي، مَن هو إرهابي ومَن هو معارضة ليس سوى جزء من المطاطية الديبلوماسية الضرورية، وليس أمراً جدّياً. ليس جدّياً لأن موسكو ترى كيف تتعامل واشنطن مع المعارضة السورية المسلحة التي تشكك فيها تارة، وتعد بتسليحها تارة، تتشبث بها يوماً وتتملص منها في اليوم التالي.

ثانياً، تنظر الديبلوماسية الروسية الى التعهدات الأميركية بسحق «داعش» في سورية بأنها خالية من الجدية والفاعلية لأن تحقيق ذلك، في اعتقاد موسكو، ليس ممكناً سوى عبر النظام في دمشق وحلفائه على الأرض. وبالتالي، إن الخلاف بين المفهوم الأميركي والمفهوم الروسي لمتطلبات سحق «داعش» مختلفان جذرياً – أحدهما يراه ممكناً عبر التخلص من بشار الأسد لأنه يمثل عقبة أمام الحشد السنّي الضروري لسحق «داعش»، والآخر يراه ممكناً فقط عبر بشار الأسد والميليشيات الداعمة له بغطاء القصف الجوي الروسي.

لهذا السبب لا ترحب موسكو بالقوات العربية البرية حتى ولو أتت لسحق «داعش» في الساحة السورية، تحت لواء القيادة الأميركية للتحالف الدولي. إنها متمسكة حتى النهاية بنظام الأسد ولن تقبل بدخول قوات عربية الى سورية في حرب ضد «داعش» لأنها تخشى على مصير الأسد. موسكو لا تأبه باتهامها بأنها تقصف المعارضة وليس «داعش». لا تأبه بالانطباع بأنها لا ترحب بالمعونة العربية في الحرب على «الإرهاب السنّي» المتمثّل في «داعش» وغيره خوفاً من أن يؤدي ذلك الى إسقاط النظام أو إضعاف الأسد.

هناك رأيان حول الانخراط العربي الميداني في سورية، السعودي والإماراتي والمتعدد الجنسية العربية والإسلامية: رأي يقول ان لا مناص من توفير القوات البرية العربية – الإسلامية لتكون «الأقدام على الأرض» التي لن تتقدم بها الولايات المتحدة، وإلا، فإن روسيا وإيران والنظام في دمشق سيربحون المعركة على سورية كلياً وستنقرض المعارضة السورية. الرأي الآخر يقول، ان هذا فخ توريط لا ضرورة للسعودية أو الإمارات أو غيرها أن تقع فيه لأن واشنطن ستورّط وتهجر في منتصف الطريق، كعادتها، ولأنه فات الأوان على أي تغيير في المعادلة السورية بعدما تدخلت روسيا ميدانياً وقررت حسم الموازين العسكرية لمصلحة النظام.

ثم هناك العنصر التركي والعنصر الكردي. واشنطن تؤيد الأكراد وتسلحهم في العراق بصفتهم «الأقدام على الأرض» للتحالف ضد «داعش»، تتعاطف مع الطموحات الكردية انما ليس لدرجة إنشاء دولة كردية مستقلة تجمع كرد العراق وسورية وإيران وتركيا... أقله ليس الآن. وأنقرة تعتبر تحقيق هذا الحلم خطّاً أحمر لأنه يقضم أجزاء كبيرة من تركيا، والرئيس رجب طيب أردوغان عازم على مواجهة التنظيمات الكردية السورية إذ يعتبر بعضها إرهابياً والآخر حليفاً لنظام الأسد في سورية. وروسيا سعيدة بمساهمات الكرد العسكرية لمصلحة النظام في دمشق ولمصلحة استراتيجيتها في سورية، وهي تراهن على أن واشنطن ستضغط على أنقرة لتخفف حدة تهديداتها بالتدخل البري في سورية ملاحقة للأكراد. تراهن على أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) لن ينجرّ ولن يتورط بالرغم من أن تركيا عضو فيه وهناك التزامات بموجب ميثاقه. تراهن على الفتور الأميركي في انتقاد سياساتها في سورية كعامل مؤثر في تخفيف وطأة تصاعد الاحتجاج الأوروبي ضد الدور الروسي والقصف الروسي وسياسات التهجير الى أوروبا والتي يعتقد البعض أن موسكو تتعمدها قصداً وليست مجرد إفرازات طبيعية للعمليات العسكرية.

في كل هذا، تنظر الديبلوماسية الروسية الى الخريطة ذات العلاقة بتركيا في سورية بنظارات العداء المتبادل بين بوتين وأردوغان اللذين يوصفان بالقيصر والسلطان. كما ينظر كل منهما الى نفسه والى طموحاته الشخصية والقومية. انما هناك، بالتأكيد، عناصر تتعدى طبيعة الرجلين وتدخل في خانة التوجهات الأيديولوجية والدينية لكل منهما، إذ يرى بوتين أن صعود الإسلام السياسي السنّي بالذات يشكل خطراً على روسيا، وهو يجد في أردوغان محطة توليد للإسلام السياسي معتدلاً كان أو في غاية التطرف. أما أردوغان، فإنه تصوّر نفسه سلطان الإسلام السياسي لإعادة بسط النفوذ العثماني في كامل المنطقة العربية. استثمر غالياً في سورية وتصرّف بعنجهية، فساهم جذرياً بما آلت اليه الأوضاع من كارثة على سورية وأصبح اليوم في مواجهة مع عنجهية التدخل العسكري الروسي والذي هو عنصر حاسم أيضاً في المأساة السورية.

الفارق أن روسيا تعتبر نفسها منتصرة في المعركة السورية وتعتمد الخطوط الحمر لإنذار تركيا وتحذيرها من المواجهة معها في الأراضي السورية. أما تركيا فإنها تبدو متعثرة واعتباطية وخاسرة أمام روسيا في سورية. تركيا تبدو أيضاً خاسرة في مصر التي جعلت منها أولى محطات توليد صعود الإسلام السياسي الى السلطة عبر «الإخوان المسلمين». فلقد لاقى مشروع «الإخوان المسلمين» حتفه بأسرع مما كان متوقعاً وحل مكانهم في مصر حكم معادٍ كلياً لأحلام أردوغان بإحياء العثمانية. فتلقى فلاديمير بوتين هذه الخسارة ليجعل من مصر موقعاً حيوياً في الاستراتيجية الروسية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

مصر، وفق المصادر الديبلوماسية الروسية نفسها، تشكل حالياً إحدى أهم الركائز في السياسة الخارجية الروسية تلي في مراتب الأهمية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، انما تسبق الدول الخليجية العربية.

فموسكو تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية مركزية لها في إطار التحالفات الإقليمية – الدولية، ووفق الديبلوماسية الروسية إن العلاقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية علاقة استراتيجية بعيدة المدى. نقطة على السطر. أي، بغض النظر عما إذا تحكّم الملالي المعتدلون بإيران أو الملالي المتشددون و»الحرس الثوري»، فموسكو تعتبر طهران أهم علاقة ثنائية لها في كامل الشرق الأوسط، أعجب ذلك عرب الخليج أو أغضبهم، تعايشوا معه أو عارضوه.

ما في ذهن الديبلوماسية الروسية يشمل – الى جانب الأولوية الحاسمة لطهران يليها علاقة استراتيجية مع مصر – تطوير الحوار مع السعودية والإمارات ودول خليجية أخرى على أساس مفهومين أساسيين هما: أولاً، إن العلاقة الروسية – الإيرانية ثابتة واستراتيجية وتحالفية، انما ذلك لا يمنع من إقامة علاقات قابلة للتطوير بين روسيا والدول الخليجية العربية بغض النظر عن اختلافاتهم في شأن سورية. ثانياً، إن العلاقة الأميركية – الخليجية الآخذة في التراجع وانعدام الثقة تمثل نافذة على علاقات نوعية جديدة بين موسكو ودول خليجية.

بكلام آخر، إن في ذهن الديبلوماسية الروسية إحداث نقلة في العلاقات عبر بوابة تسليح الدول الخليجية. فموسكو تجد فائدة مشتركة في سوق السلاح، إذ انها قاعدة اقتصادية واستراتيجية لها وتشكل، من وجهة نظرها، وسيلة للدول الخليجية المستاءة من واشنطن لتقول لها أن لديها خياراً آخر.

إضافة الى ذلك، إن ما يريده الرئيس فلاديمير بوتين لروسيا يتعدى الفوز بسورية والذي هو بحد ذاته ذو منافع استراتيجية واقتصادية وسياسية له، ولعلاقاته التحالفية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولتعهده بالقضاء على الإرهاب السنّي بعيداً عن المدن الروسية. ما يريده بوتين هو تثبيت روسيا في خريطة الشرق الأوسط لاسيما أن الفرصة سانحة اليوم مع انحسار الاهتمام الأميركي بالمنطقة في عهد الرئيس باراك أوباما. فالديبلوماسية الروسية، كما يراها الرئيس بوتين، تنظر الى واشنطن باستمرار من منظور الحرب الباردة بغض النظر إن كانت العلاقات معها اليوم علاقات شراكة فعلية في سورية.

الديبلوماسية الروسية لا ترى في سياساتها أية مغامرة أو أي إحراج، مهما تعاظمت الكلفة الإنسانية في سورية أو تزايد الكلام عن تورط في مستنقع أو في استنزاف في معركة طويلة الأمد مع «داعش» و «القاعدة» وأمثالهما. أكثر ما ستقدمه لدول مجلس التعاون الخليجي هو غض النظر عما يحدث في اليمن بلا تدخل مباشر لمصلحة الموقف الإيراني هناك. أما سورية، فإن الخطوط العسكرية والسياسية واضحة وستبلغها الديبلوماسية الروسية الى الديبلوماسية العربية في المنتدى في موسكو. فعسى أن يتوجه الوزراء العرب الى اللقاء بالوضوح والصراحة، بغض النظر إن كان خيارهم المواجهة الجدية أو التأقلم مع ما فرضته روسيا عبر تدخلها عسكرياً في الساحة السورية كأمر واقع استراتيجي أهدافه بعيدة المدى بأولويات إيرانية.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٢٠ أغسطس ٢٠٢٥
المفاوضات السورية – الإسرائيلية: أداة لاحتواء التصعيد لا بوابة للتطبيع
فريق العمل
● مقالات رأي
١٣ أغسطس ٢٠٢٥
ازدواجية الصراخ والصمت: استهداف مسجد السويداء لم يُغضب منتقدي مشهد الإعدام في المستشفى
أحمد ابازيد
● مقالات رأي
٣١ يوليو ٢٠٢٥
تغير موازين القوى في سوريا: ما بعد الأسد وبداية مرحلة السيادة الوطنية
ربيع الشاطر
● مقالات رأي
١٨ يوليو ٢٠٢٥
دعوة لتصحيح مسار الانتقال السياسي في سوريا عبر تعزيز الجبهة الداخلية
فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
٣٠ يونيو ٢٠٢٥
أبناء بلا وطن: متى تعترف سوريا بحق الأم في نقل الجنسية..؟
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
محاسبة مجرمي سوريا ودرس من فرانكفورت
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
استهداف دور العبادة في الحرب السورية: الأثر العميق في الذاكرة والوجدان
سيرين المصطفى