بصورة واحدة: متطوع في الدفاع المدني السوري يُطفئ النيران ويُشعل الأمل
بصورة واحدة: متطوع في الدفاع المدني السوري يُطفئ النيران ويُشعل الأمل
● أخبار سورية ١٠ يوليو ٢٠٢٥

بصورة واحدة: متطوع في الدفاع المدني السوري يُطفئ النيران ويُشعل الأمل

لاقت صورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً واسعاً، يظهر فيها أحد متطوعي الدفاع المدني نائماً وهو يمسك بكتاب بين يديه. وبحسب ما قيل، فإن الشاب كان يشارك في جهود إخماد الحرائق المندلعة في ريف اللاذقية إلى جانب فرق الإطفاء الأخرى، واستغلَ فترة استراحة قصيرة لقراءة كتابه استعداداً لامتحاناته، لكن التعب غلبه فاستسلم للنوم.

لامست تلك الصورة قلوب المتابعين، وانتشرت على نطاق واسع في المنصات، لما حملته من رمزية عميقة ومعانٍ مؤثرة، أبرزها صمود الشباب السوري في وجه الكوارث والتحديات، وإصراره على متابعة تعليمهم وأداء واجباتهم الإنسانية رغم قسوة الظروف، وتمسّكهم بالأمل والحلم حتى في أحلك اللحظات.

يدرك معظم من شاهدوا الصورة حجم المأساة التي خلّفتها كارثة الحرائق في ريف اللاذقية، سواء على الصعيد المادي أو النفسي أو المعنوي. وكان رجال الإطفاء في مواجهة مباشرة مع تداعياتها القاسية، من درجات الحرارة المرتفعة، ونقص الأوكسجين، والإرهاق الشديد، إلى جانب ما فرضته التضاريس والطرق الوعرة من صعوبات إضافية، فضلًا عن المخاطر المباشرة التي تهدد حياتهم خلال أداء مهامهم.

ومع ذلك، نرى شاباً يواجه الموت، وفي الوقت نفسه يستغل لحظات استراحته ليتابع دراسته. هذه الصورة، رغم رمزيتها اللافتة، ليست استثناءً في سوريا. فعلى مدار 14 عاماً من الحرب، سُجلت عشرات المواقف الملهمة لشبان لم يتخلوا عن أحلامهم، بل واصلوا تعليمهم في خضمّ الخطر.

ففي بدايات الثورة السورية، كان معظم المتظاهرين من فئة الشباب، ومن بينهم طلاب جامعات لم يترددوا في الجمع بين تحصيلهم العلمي والمشاركة في الحراك الشعبي. كانوا يرفعون اللافتات ويتظاهرون في الشوارع وفي حرم الجامعات، مطالبين بالحرية والعدالة والكرامة. بعضهم تعرّض للاعتقال، وبعضهم الآخر نجا من قبضة نظام الأسد.

ومع تصاعد الأوضاع في سوريا وتشكّل الفصائل العسكرية التي بدأت تقاتل لتحرير الأراضي من قبضة النظام، انضم آلاف الشباب السوريين المؤمنين بقضية وطنهم إلى صفوفها. ومن بينهم طلاب جامعيون حاولوا، رغم صعوبة الظروف، التوفيق بين دراستهم وواجبهم في الدفاع عن بلدهم.

عشرات الشباب كانوا يرابطون على الجبهات، وفي الوقت ذاته يدرسون ويقدّمون امتحاناتهم، متحدّين كل الظروف. كما شاركوا في معارك حاسمة ضد قوات النظام البائد وحلفائه، ومضى بعضهم في طريق النضال حتى النهاية، فيما ارتقى آخرون شهداء قبل أن يعيشوا لحظة النصر أو يفرحوا بيوم تخرجهم.

وبدلاً من أن يحضر الشباب الشهداء حفل تخرجهم، حضره أهاليهم نيابةً عنهم. كما حدث مع إحدى الأمهات التي استُشهد ابنها قبل أن ينال شهادته، لكنها أصرّت على حضور حفل تخرجه في جامعة حلب الحرّة، حاملةً صورته بين يديها، بينما علت أصوات الحاضرين بالهتاف المؤثر: "أم الشهيد... نحنا ولادك".

من قلب الأزمات، من الحرائق والحرب والقصف والنزوح والتشرد، ومن بين كل الظروف القاسية التي عصفت بسوريا، رسم الشباب السوري صورة مشرّفة للصمود والإصرار. وأثبتوا أن طريق العلم والعمل والدفاع عن الوطن يمكن أن يسيروا فيه رغم كل الألم، وأن الأمل يمكن أن يولد حتى من بين الرماد.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ