تقرير: التنافس التركي الإسرائيلي في سوريا يتجاوز الأمن إلى سباق الغاز والهيمنة الإقليمية
تقرير: التنافس التركي الإسرائيلي في سوريا يتجاوز الأمن إلى سباق الغاز والهيمنة الإقليمية
● أخبار سورية ١٠ يونيو ٢٠٢٥

تقرير: التنافس التركي الإسرائيلي في سوريا يتجاوز الأمن إلى سباق الغاز والهيمنة الإقليمية

سلّط موقع "الجزيرة نت" الضوء على التنافس المتصاعد بين تركيا وإسرائيل على الساحة السورية، مؤكدًا أن هذا الصراع لا يقتصر على الاعتبارات الأمنية التقليدية، بل يتعداه إلى صراع استراتيجي متعدد الأبعاد، في صلبه سباق على النفوذ الاقتصادي، وخصوصًا في ملف الغاز الطبيعي، الذي بات يشكل أحد أهم محركات السياسة في شرق المتوسط.

وبحسب التقرير، فإن التحولات الإقليمية التي أعقبت هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعادت ترتيب أولويات القوى الفاعلة، وفتحت آفاقًا جديدة أمام مشاريع الغاز في المنطقة، لكنها في المقابل أفرزت تحديات جديدة أعادت خلط الأوراق في ما يتعلق بخريطة السيطرة على ثروات شرق المتوسط وممرات الإمداد نحو أوروبا.

في هذا السياق، تبرز سوريا كلاعب محتمل في المعادلة الغازية، ليس فقط لما تحتويه من احتياطي مثبت ومحتمل، بل أيضًا لموقعها الجغرافي المحوري الذي يؤهلها لتكون نقطة تقاطع لمشاريع الغاز العابرة نحو تركيا ثم أوروبا، وهو ما يضعها في قلب التنافس الإقليمي.

إسرائيل: الغاز بوابة النفوذ
منذ اكتشاف حقول الغاز الكبرى مثل "تمار" و"ليفياثان" و"كاريش"، تسعى إسرائيل لترسيخ نفسها كمصدر رئيسي للطاقة نحو أوروبا، ما يمنحها نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا يتجاوز العائدات المالية المباشرة. وتروج تل أبيب لإمكانية إنتاج سنوي يصل إلى 40 مليار متر مكعب من الغاز، وتعتبر ذلك مشروعًا استراتيجيًا لتعزيز مكانتها في ميزان القوى الإقليمي.

لكن الطموحات الإسرائيلية تواجه تحديًا متناميًا يتمثل في النفوذ التركي المحتمل في سوريا. فتركيا، وفق تقديرات خبراء في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، قد تتحول عبر سوريا إلى عقدة مركزية لخطوط إمداد الغاز الخليجي إلى أوروبا، بما يهدد بتقويض طموحات إسرائيل.

 تركيا: سوريا بوابة التحول إلى عقدة طاقة
ترى أنقرة في استقرار سوريا بعد سقوط نظام الأسد فرصة نادرة لإعادة هندسة حضورها الإقليمي عبر مشاريع الغاز. ويدرك صانعو القرار الأتراك أن أي بنية تحتية غازية تمر عبر سوريا ستمنح بلادهم نفوذًا اقتصادياً وإستراتيجياً بالغ التأثير في المعادلات الأوروبية.

وفي هذا الإطار، يُعاد طرح مشروع أنبوب الغاز القطري، الذي عرقلته دمشق سابقاً، كمبادرة يمكن إحياؤها بين أنقرة والدوحة، بحيث يمر عبر السعودية والأردن وسوريا وتركيا إلى أوروبا. ويقدّر المشروع بقرابة 10 مليارات دولار، وهو ما يضعه في منافسة مباشرة مع خطط إسرائيلية تقودها بالشراكة مع قبرص واليونان.

مخاوف إسرائيلية من التهميش
لا تقتصر المخاوف الإسرائيلية على الاقتصاد، بل تشمل الأبعاد الجيوسياسية للنفوذ التركي في سوريا. فأنقرة قادرة على التأثير في ملفات إقليمية حساسة، منها ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، والتحكم في معادلات السياسة اللبنانية، استنادًا إلى دور دمشق التقليدي في هذا المجال.

وترى إسرائيل أن تفعيل النفوذ التركي عبر الأراضي السورية، لا سيما في ملف الغاز، قد يعرقل مساعيها لبسط السيطرة على حقول متنازع عليها، ويقلل من قدرتها على فرض نفسها كمورد طاقة رئيسي للأسواق الأوروبية.

التصعيد بدل التعاون
رغم حاجتهما للاستقرار من أجل إنجاح مشاريع الطاقة، إلا أن تقاطع المصالح وتضارب الطموحات بين تركيا وإسرائيل ينذران بتصعيد طويل الأمد، حيث من غير المرجح أن تثمر تفاهمات غازية مستقرة بين الطرفين في ظل حجم التناقضات.

ومن المرجح أن تتحول مشاريع الغاز إلى أدوات للضغط والمساومة المتبادلة، في وقت تسعى فيه إسرائيل إلى إقناع الأوروبيين بمحوريتها الطاقية، بينما تعمل تركيا على تعزيز نفوذها في سوريا وترسيخ شرعيتها كممر لا يمكن تجاوزه في أي مشروع إقليمي للطاقة.

المشهد المقبل: مواجهة ناعمة أو انفجار مكتوم
في ظل هذا التداخل المركب بين الاقتصاد والسياسة والأمن، يُرجّح أن تستمر أنقرة في تعزيز وجودها الميداني في سوريا، بالتوازي مع سعيها لتحويل مشروع أنبوب الغاز القطري إلى واقع، بينما تعمل على دعم استقرار الحكومة السورية الجديدة والتصدي لأي مشاريع تقسيمية.

وفي المقابل، ستكثف إسرائيل تحالفاتها ضمن منتدى غاز شرق المتوسط، وتضغط باتجاه تقليص النفوذ التركي، ما يبقي الصراع بين القوتين مفتوحًا، حتى إشعار آخر، على ساحات تتعدى حدود سوريا لتصل إلى عمق المتوسط ومضامين الأمن القومي الأوروبي ذاته.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ