في عيد الأضحى… فرحة تعمّ السوريين، وحسرة تسكن قلوب أمهات المختفين قسراً
في عيد الأضحى… فرحة تعمّ السوريين، وحسرة تسكن قلوب أمهات المختفين قسراً
● أخبار سورية ٧ يونيو ٢٠٢٥

في عيد الأضحى… فرحة تعمّ السوريين، وحسرة تسكن قلوب أمهات المختفين قسراً

حلَّ عيد الأضحى، وغمرت البهجة قلوب السوريين في معظم المدن والبلدات. البيوت تُزيَّن، والمآدب تُعدّ، والناس يتبادلون الزيارات والتهاني. في الشوارع، تركض ضحكات الأطفال، وتفوح رائحة الكعك والمعمول والقهوة العربية. الحياة تبدو وكأنها استعادت نبضها، خاصة بعد سقوط الطاغية وعودة النازحين إلى ديارهم بعزة وكرامة.

لكن خلف هذا المشهد المضيء، يختبئ مشهد آخر لا يراه الكثيرون. في زاوية بيت صامت، تجلس أمّ فقدت ابنها منذ سنوات في غياهب الاعتقال أو في ظلمة الاختفاء القسري. لا تعرف إن كان حيّاً يُرزق، أم أن جسده ضاع في العتمة. في كل عيد، كانت تتلقى المعايدات مرفقةً برجاء: "لعله يكون حاضراً في العيد القادم". لكن الأعياد مرّت... ولم يعد.

منذ أن اختطفت قوات الأسد الأبناء وزجَّ بهم في السجون، صارت الأمهات يعشن على قيد انتظار قاتل. كل عيد يمرّ عليهن يسرق عاماً من أعمارهن، ويزيد من وجع لا يزول. تحوّل العيد من موعد للفرح ولمّ الشمل، إلى محطة ثابتة للغصة والأسى.

عشرات الآلاف غدوا ضحايا للاختفاء القسري، بلا توثيق رسمي، ولا معلومات واضحة عن مصيرهم. ومع غياب آليات فعّالة للمحاسبة أو الكشف عن الحقيقة، ظلّ الأهالي أسرى الأمل واليأس، والإشاعات والوعود الكاذبة.

كثير من الأمهات قضين سنواتٍ يتتبّعن أخبار كل معتقل خرج، لعلّ أحدهم قد رأى أو سمع أو يعرف. كثيراً ما عدن بخيبة، لكن دون أن يُطفئ ذلك جذوة الأمل. أخريات وقعن ضحايا لسماسرة استغلوا وجعهن، فدفعن أثماناً باهظة من المال والانتظار والخيبة، بحثًا عن خيط من الحقيقة... ولم يجدن شيئاً.

اليوم، لم تعد أمانيهنّ معقّدة. لم يعدن يطلبن معجزة. صارت رغباتهن بسيطة موجعة: قبر يضعن عليه وردة، أو اسم في سجلّ، أو حتى اعتراف رسمي بأن أبناءهن قد مضوا، لينتهي هذا الانتظار الطويل، ويبدأ الحزن المُعلن. وفيما يحتفل السوريون بعيد الأضحى، بقلوبٍ مرحة وموائد عامرة، تبقى أمهات المختفين قسراً في عزلةٍ ثقيلة. يصنعن العيد من الدعاء، ويروين ذاكرة الغياب بصبرٍ لا يعرف النهاية.

الكاتب: سيرين المصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ