وسط تصاعد حملات الفتنة ومحاولات تأجيج الخطاب الطائفي والانقسامي عبر منصات التواصل الاجتماعي، أطلق نشطاء ومواطنون سوريون حملة رقمية واسعة تحت وسم "نحن مع الدولة".
عبّروا فيها عن تمسكهم بوحدة الأراضي السورية ورفضهم لأي مسعى يهدد مؤسسات الدولة أو يشرعن للسلاح خارج إطار الشرعية وذلك ضمن رسائل واضحة في توقيت حساس.
وجاء الوسم في توقيت مع تزايد الخطابات التي تحاول استثمار الأزمات والحوادث الأمنية وغيرها لتغذية الانقسام المجتمعي والتشكيك بدور الدولة ومؤسساتها.
وركزت منشورات الحملة على أن الأمن والأمان حق لكل السوريين، ولا يمكن أن يتحققا إلا في ظل دولة قوية موحدة، ترفض الطائفية وتتصدى للفوضى.
وشهد الوسم تفاعلاً كبيرًا من شخصيات إعلامية وأكاديمية ومواطنين عاديين، دعوا إلى تغليب المصلحة الوطنية على الأجندات الضيقة، مشددين على أن "من يريد مستقبلًا لسوريا، يجب أن يكون شريكًا في بنائها، لا معولًا لهدمها".
وتعكس الحملة الشعبية رفضًا واسعًا لمحاولات استنساخ سيناريوهات الانقسام التي شهدتها دول مجاورة، وتأكيدًا على أن أي مشروع سياسي أو اجتماعي لا يمر عبر مؤسسات الدولة الشرعية، إنما يهدد السلم الأهلي ويشرعن الفوضى.
هذا ويشير متابعون إلى أن ظهور هذا النوع من الحملات العفوية يعبّر عن حاجة السوريين إلى خطاب جامع يتجاوز الانتماءات الضيقة، ويُعيد الاعتبار لفكرة الدولة كحامية للجميع، لا كطرف في صراع.
اللافت في الحملة أن المشاركين لم يكتفوا باللغة العربية، بل استخدموا وسومًا بلغات أجنبية مثل الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والروسية في رسالة للخارج بأن الشعب السوري رغم كل ما عاناه، لا يزال متمسكًا بهويته ووحدته وسيادة قراره.
وفي ظل ما تشهده الساحة السورية من تعقيدات إقليمية ودولية، يرى مراقبون أن هذه الحملة تحمل بعدًا رمزيًا ورسالة مزدوجة للداخل: أن الدولة، رغم كل التحديات، لا تزال الإطار الوحيد القادر على حماية الجميع وتنظيم الحياة العامة.
وكذلك للخارج أن السوريين، مهما تنوعت مشاربهم، يرفضون التدخلات الخارجية ومشاريع التقسيم، ويتمسكون بسيادة بلدهم ووحدة أراضيه في وقت تسعى فيه أطراف عديدة لزرع بذور الشك والانقسام، تعيد هذه الحملة التأكيد على أن السوريين ما زالوا يرون في الدولة مظلتهم الجامعة، ويؤمنون بأن تجاوز المحن لا يكون إلا بالحفاظ على مؤسساتها، ورفض الفوضى والتجزئة مهما كانت العناوين.
ووفقًا لمراقبين هناك أطراف تسعى لتقويض وحدة الدولة من الداخل عبر أدوات محلية تغذيها خطابات الكراهية والانفصال، سيما في مناطق الساحل والجنوب السوري وكذلك شمال شرق سوريا، ما يجعل من إعلاء صوت الدولة الواحدة الرد الأهم في وجه هذه المحاولات.
صرّح المقدم حسام الطحان، مدير مديرية أمن ريف دمشق، أنه تم التوصل إلى اتفاق مع وجهاء مدينة جرمانا عقب الأحداث الدامية التي شهدتها المدينة خلال اليومين الماضيين، يقضي بوقف إطلاق النار وتسليم جثامين الضحايا الذين سقطوا داخل المدينة. وأكد أن الجهات المختصة باشرت فوراً بتنفيذ بنود الاتفاق، في خطوة تهدف إلى تهدئة التوتر وإعادة ضبط الأمن.
وفي بيان رسمي صدر اليوم، أوضح الطحان أن وزارة الداخلية، انطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية، وجهت قوات إدارة الأمن العام للانتشار في محيط مدينتي صحنايا وأشرفية صحنايا، في مهمة تهدف إلى تأمين المنطقة ومنع أي خروقات أو أعمال عدائية قد تهدد أمن المدنيين.
تصعيد خطير في أشرفية صحنايا
وذكر أنه رغم التحركات الساعية إلى استعادة الهدوء، تسللت مجموعات مسلحة خارجة عن القانون، ليلة أمس، إلى الأراضي الزراعية في محيط أشرفية صحنايا، وبدأت باستهداف تحركات مدنية وأمنية، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى في صفوف المدنيين وعناصر الأمن العام.
وقال إنه مع ساعات صباح اليوم، صعّدت هذه المجموعات من اعتداءاتها، حيث هاجمت نقاطاً أمنية ومراكز تمركز لقوات إدارة الأمن العام على أطراف المدينة، الأمر الذي أسفر عن استشهاد أحد عشر عنصراً من القوة الأمنية المكلفة بحفظ الأمن والنظام في المنطقة.
نكث بالعهود وتصعيد مستمر
وبحسب الطحان، فإن عدة أطراف وطنية تدخلت لاحتواء الموقف ووقف إطلاق النار، وتم التوصل إلى تفاهم مؤقت لحقن الدماء. إلا أن المجموعات المسلحة، وكما وصفها بـ"الناقضة للتعهدات"، عادت ونفّذت هجوماً جديداً استهدف نقطة أمنية أخرى، ما تسبب باستشهاد خمسة عناصر إضافيين، ليرتفع عدد الشهداء إلى ستة عشر عنصراً من قوات الأمن العام خلال أقل من 24 ساعة.
تحذير ورسالة حازمة
وشدد مدير أمن ريف دمشق على أن "رجال إدارة الأمن العام يقومون بواجبهم الوطني لحماية أمن الوطن والمواطن"، مضيفاً أن أي اعتداء عليهم هو بمثابة اعتداء مباشر على الاستقرار الوطني ومحاولات ترسيخ السلم الأهلي في البلاد.
وختم الطحان بالتأكيد أن "الأجهزة الأمنية لن تتهاون مع من يهدد أمن البلاد"، مشيراً إلى أن العمل جارٍ لملاحقة كافة العناصر المتورطة في الاعتداءات، واتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بإعادة الأمن والاستقرار إلى كامل المنطقة.
قائد "أحرار جبل العرب": جهات متطرفة تسعى لإشعال فتنة والحكومة مطالبة بحماية المدنيين
وكان حمّل الشيخ سليمان عبد الباقي، قائد فصيل "تجمع أحرار جبل العرب"، مسؤولية التصعيد الخطير في منطقتي جرمانا وصحنايا بريف دمشق إلى جهات متطرفة تسلّلت مؤخراً إلى مؤسسات الدولة، محذّراً من مساعٍ واضحة لإشعال الفتنة في هذه المناطق، في وقت تسعى فيه الحكومة السورية لاحتواء التوتر وتفادي مزيد من التصعيد.
وقال عبد الباقي إن "عناصر متطرفين" التحقوا مؤخراً بصفوف وزارتي الدفاع والداخلية ويقفون وراء الهجمات الأخيرة، مؤكداً أن هذا التصعيد "لا يخدم إلا أعداء الاستقرار"، رغم مبادرات التهدئة المتكررة من مختلف الجهات.
تأتي هذه التصريحات بعد ليلة دامية شهدتها مدينة جرمانا، حيث اندلعت اشتباكات مسلحة فجر الثلاثاء بين قوات الأمن ومجموعة مسلّحة مجهولة، استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وأسفرت عن مقتل 13 شخصاً، بينهم اثنان من عناصر الأمن العام.
ولم تهدأ وتيرة العنف، حيث امتدت المواجهات إلى منطقتي صحنايا وأشرفية صحنايا، حيث استهدفت المجموعة المسلحة عدداً من الحواجز الأمنية ما أدى إلى مقتل 11 عنصراً أمنياً إضافياً، وسط حالة من الذعر في أوساط المدنيين.
ارتفعت أسعار الذهب في سوريا بشكل طفيف خلال تعاملات اليوم الأربعاء 30 نيسان/ أبريل، حيث أن سعر الغرام عيار 21 قيراط وصل لـ 1,085,000 ليرة سورية في دمشق.
وبلغ سعر الغرام عيار 21 قيراط 1,085,000 ليرة سورية مرتفعاً بمقدار 5000 ليرة سورية عن سعره المسجل يوم أمس.
ووصل الغرام عيار 18 قيراط إلى 930,000 ليرة سورية بالمقابل ارتفعت أسعار الليرات الذهبية وسط تقلب في أسعارها.
وبلغت الليرة الذهبية عيار 21 قيراط 8,680,000 مليون ليرة سورية والليرة الذهبية عيار 22 قيراط وصل سعرها اليوم إلى 9,060,000 مليون ليرة سورية.
وأما بالنسبة للأونصة الذهبية العالمية فقد سجلت سعراً عالمياً قدره 3284.94 دولار وهو ما يعادل محلياً 38.270.000 مليون ليرة سورية وفقاً لسعر الصرف الرائج.
وبالمقابل كانت أسعار الذهب العالمية قد سجلت تراجعات مستمرة على خلفية تراجع وتيرة التوترات العالمية وتعزيز الدولار من مكاسبه العالمية.
في ظل تقلبات الأسواق وتراجع العملة، يؤكد عضو نقابة الصاغة محمد أمين السيد أن الذهب يبقى الخيار الأوثق لحماية المدّخرات ودعم الاقتصاد الوطني.
وتعافى الاحتياطي السوري تدريجياً من 15 طناً في 2014 إلى 26 طناً في 2024، وتسجل أسعار الذهب أرقاماً قياسية مع اقتراب الأونصة من 3500 دولار والليرة الذهبية تتخطى 40 مليون ليرة.
ويذكر أن المدّخرون يفضلون الذهب على العقارات والسيارات، بينما توقف عدد من الصاغة عن البيع بسبب الإقبال الكبير، وكان أحد الخبير "شفيق عربش" أن الذهب يبقى سيد التحوّط وقت الأزمات، لكن الشراء العشوائي يهدد بالخسائر.
حمّل الشيخ سليمان عبد الباقي، قائد فصيل "تجمع أحرار جبل العرب"، مسؤولية التصعيد الخطير في منطقتي جرمانا وصحنايا بريف دمشق إلى جهات متطرفة تسلّلت مؤخراً إلى مؤسسات الدولة، محذّراً من مساعٍ واضحة لإشعال الفتنة في هذه المناطق، في وقت تسعى فيه الحكومة السورية لاحتواء التوتر وتفادي مزيد من التصعيد.
وقال عبد الباقي إن "عناصر متطرفين" التحقوا مؤخراً بصفوف وزارتي الدفاع والداخلية ويقفون وراء الهجمات الأخيرة، مؤكداً أن هذا التصعيد "لا يخدم إلا أعداء الاستقرار"، رغم مبادرات التهدئة المتكررة من مختلف الجهات.
كرامة الأهالي خط أحمر
وشدد قائد التجمع على أن كرامة المدنيين في السويداء ومحيطها "خط أحمر لن يُسمح بتجاوزه"، مؤكداً في الوقت ذاته التزام "أحرار جبل العرب" بالدفاع عن السكان ضد أي اعتداء أياً كانت الجهة المنفذة. وأضاف أن السويداء لطالما كانت ملاذاً آمناً لأكثر من خمسة ملايين سوري خلال عهد النظام المخلوع، دون أن تشهد أي اعتداء على معتقد أو دين.
وأشار البيان إلى أن التجمع، منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، شارك بفعالية في جهود المصالحة الوطنية، وساهم في إطلاق سراح أكثر من ألف محتجز من مناطق مختلفة تشمل السويداء، وجرمانا، وجبل الشيخ، بالتعاون مع فصائل محلية مثل "حركة رجال الكرامة" و"مضافة الكرامة"، وذلك في إطار مشروع وطني يسعى لبناء دولة سورية موحّدة لجميع أبنائها.
كما لفت عبد الباقي إلى محاولات عديدة جرت مؤخراً للتقريب بين وجهات النظر وتفكيك التوتر، رغم حملات "الطعن والافتراء" التي طالت التجمع من بعض الأطراف، مؤكداً أن كل ما تمّ بذله من جهود هدفه الأوحد هو منع الفتنة والحفاظ على التماسك المجتمعي.
تطورات ميدانية دامية
تأتي هذه التصريحات بعد ليلة دامية شهدتها مدينة جرمانا، حيث اندلعت اشتباكات مسلحة فجر الثلاثاء بين قوات الأمن ومجموعة مسلّحة مجهولة، استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وأسفرت عن مقتل 13 شخصاً، بينهم اثنان من عناصر الأمن العام.
ولم تهدأ وتيرة العنف، حيث امتدت المواجهات إلى منطقتي صحنايا وأشرفية صحنايا، حيث استهدفت المجموعة المسلحة عدداً من الحواجز الأمنية ما أدى إلى مقتل 11 عنصراً أمنياً إضافياً، وسط حالة من الذعر في أوساط المدنيين.
وفي تصريح لتلفزيون سوريا، طالب تامر رفاعة، ممثل المجتمع المحلي في أشرفية صحنايا، الحكومة السورية بالتدخل الفوري لوضع حد للاشتباكات وفرض الأمن في المنطقة، مشيراً إلى أن المهاجمين ينتمون إلى فصائل مجهولة الهوية لم تُعرف بعد انتماءاتهم الحقيقية.
وتبقى هذه التطورات مرشحة لمزيد من التعقيد في حال غياب خطوات حاسمة من الدولة لاحتواء التوتر، وسط دعوات متصاعدة لتحمّل الجهات الرسمية مسؤولياتها في ضبط الأمن ومنع انزلاق البلاد إلى موجة جديدة من الفوضى والعنف الطائفي.
في محافظة السويداء وعلى تخومها، حيث تختلط رائحة البارود مع نسمات ربيع الجنوب، ترتفع سحب دخان عالية مع رائحة الطائفية النتنة التي تكاد تخنق الأرجاء، مع وجود مستنشقين قد ألفوا هذه الرائحة، ويعملون على ترويجها بشكل فج.
طرقات الشوارع تقطّعت، وحواجز مسلّحة ارتجالية نُصبت من دون قانون، فيما سيارات صغيرة تمرّ مسرعة، تحمل رجالًا بملابس مدنية وأسلحة متنوعة، تُطلق النار كما لو أن الأرض قد لفظت نظامها وانقلبت إلى شريعة الغاب.
في هذه الفوضى، لم يكن المشهد صراعًا بسيطًا بين عصابات أو ثأرًا عشائريًا عاديًا، بل بدأت ملامح مشروع أعمق تتشكّل:
مشروع فتنة طائفية يُراد له أن يشطر مجتمع الجنوب السوري بين دروز وسنّة، ليفتح باب الدم على مصراعيه، ويحوّل السويداء إلى ساحة خراب جديدة.
لم تكن النار وحدها هي الخطر، بل كانت الأصابع الخفية التي تلهبها، فمن إيران التي تسعى لإبقاء الجنوب خزانًا لفوضاها، إلى إسرائيل التي تحاول تقديم نفسها كحامية لـ"أقليات"، مرورًا بحكومة دمشق الجديدة، التي فشلت بسياساتها في كسب ثقة السويداء المنقسمة على نفسها.
هكذا، وبين فوهة البندقية وخطاب الكراهية، يجد الجنوب السوري نفسه أمام لحظة حرجة لم يشهد مثيلها منذ أكثر من قرن.
بينما كانت أصوات الفتنة تُشحذ في مجالس السياسة والدين على أطراف الجنوب، انفجرت نتائجها على الأرض في أشد صورها قسوة، في جرمانا وصحنايا، حيث حملت شوارع المدينتين في ريف دمشق رائحة الدم والبارود مجددًا.
في جرمانا، مساء الاثنين 28 نيسان 2025، انفجرت أزمة طائفية على خلفية تسجيل صوتي مسيء للنبي محمد، نُسب إلى أحد مشايخ الطائفة الدرزية. رغم نفي الشيخ المعني لاحقًا، وتأكيده أن التسجيل مفبرك، فإن النيران كانت قد اشتعلت.
تظاهرات غاضبة اجتاحت الشوارع، شعارات طائفية متطرفة علت، وسرعان ما انزلق المشهد إلى اشتباكات مسلحة بالرشاشات والقذائف المحمولة والهاون، والتي قُتل فيها عدد من المدنيين وعدد من الأطراف المتصارعة ، وسط حالة هلع وانهيار تام للثقة بين السكان.
وفي ظل الانفلات، شنّت عناصر مسلحة هجومًا على المدينة، فتفجّرت اشتباكات عنيفة مع القوى الأمنية والمجموعات المحلية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، واضطرت السلطات إلى فرض الطوق الأمني.
وفي أشرفية صحنايا، فجر اليوم الأربعاء، قالت مصادر في الأمن العام السوري إن مجموعات خارجة عن القانون من داخل المنطقة نفسها هاجمت حاجزًا أمنيًا، ما أدى إلى إصابة ثلاثة عناصر من الأمن، قبل أن تنتشر تلك المجموعات في الأراضي الزراعية وتفتح النار على السيارات والمارة.
ووفق المصدر نفسه، فقد استهدفت إحدى هذه المجموعات سيارة قادمة من درعا، ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص، في هجوم وُصف بأنه منعطف خطير في مسار الفوضى التي تعيشها المنطقة.
وكانت مصادر محلية قد تحدثت في البداية عن أن الاشتباكات ناتجة عن هجوم خارجي على البلدة، وهو ما نفته الإخبارية السورية التي نقلت الرواية الرسمية، مؤكدة أن المجموعات المهاجمة خرجت من داخل أشرفية صحنايا نفسها، وليس من خارجها.
كل ذلك يجري وسط مشهد يزداد تعقيدًا، فالأطراف المتقاتلة تُعلن الدفاع عن الكرامة والمجتمع، وأيضًا عن الدين والمقدسات، لكن المدنيين هم من يدفع الثمن دائمًا، والخطابات الطائفية تُطلق كالرصاص، لكنها لا تصيب إلا جسد التعايش نفسه.
والخطر الأكبر ليس في عدد الضحايا، بل في التحول التدريجي لعقلية الحرب الداخلية، التي بدأت تجد لنفسها مساحات شرعية ومبررات في عقول الغاضبين، وهامشًا مفتوحًا من التسليح والخطاب العنيف، يهدد بجعل كل حادث فردي فتنة شاملة، وكل صوت شاذ عنوانًا للانتقام الجماعي.
وفي اجتماع طارئ عُقد بعد التصعيد، شارك ممثلو الحكومة وشخصيات أهلية ودينية، وخرجوا ببنود تهدئة، منها:
• ضمان حركة المرور بين دمشق والسويداء.
• تعويض المتضررين.
• التوقف عن التجييش الإعلامي.
لكن ذلك لم يكن أكثر من محاولة إسعاف أولية في جبهة تنزف؛ إذ أظهرت هذه التطورات الأخيرة، بشكل لا لبس فيه، أن خطاب الطائفية حين يُروّج، لا يبقى على الورق، بل يترجم في ساحات معارك محلية، ضحاياها أبرياء لا علاقة لهم بالمتحدثين ولا بالمُفتنين.
والمفارقة أن الفوضى نفسها باتت تُستخدم مبررًا لمزيد من القتل: فمن قُتلوا على يد العصابات، يُبرَّر الانتقام منهم بسبب فتنة مزعومة، ومن هاجموا المدن، يُصوَّرون كمدافعين عن المقدسات، بينما الضحية النهائية دائمًا هي السلم الأهلي.
اللافت أن قريتي الثعلة والدور في ريف السويداء شهدتا في التوقيت نفسه أصوات إطلاق نار كثيف وتحليق طائرات مسيرة تابعة للجيش الإسرائيلي، ما يوحي بوجود مخطط منسق لزعزعة الأمن في خط الجنوب – ريف دمشق – السويداء في لحظة واحدة.
وأعلنت إسرائيل، اليوم الأربعاء، أنها نفذت هجمات ضد مجموعات قالت إنها كانت تعمل على مهاجمة الدروز جنوبي العاصمة السورية دمشق.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "الجيش نفذ ضربة تحذيرية ضد متطرفين حاولوا الاعتداء على الدروز في صحنايا جنوب دمشق".
كما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن وزير الدفاع يسرائيل كاتس قوله: "هاجمنا مجموعة متطرفة كانت تعمل على مهاجمة الدروز في جنوب دمشق"، وأضافت الإذاعة في بيان: "إسرائيل تؤكد التزامها العميق بحماية الدروز في سوريا".
كما لفت إلى أن "إسرائيل وجّهت تحذيرًا شديدًا للنظام السوري وطالبته بمنع الاعتداءات على الدروز". من جانبه، قال وزير الطاقة الإسرائيلي وعضو المجلس الأمني المصغر إيلي كوهين: "لن نقف مكتوفي الأيدي إزاء من يحاول المساس بالدروز في سوريا".
لم يكن يوم الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024 يومًا عابرًا في تاريخ سوريا؛ فمع انهيار نظام بشار الأسد وسقوط العاصمة دمشق بيد قوى المعارضة، تنفّست معظم المناطق الصعداء، اعتقادًا أن صفحةً داميةً قد طُويت.
لكن في جبل العرب، في السويداء، بدأت تظهر ملامح مختلفة تمامًا؛ فهناك تشكيلات جديدة بدأت تتكوّن، وانقسامات واضحة بين فصائل السويداء، وصراعات بين شيوخ العقل الذين يحكمون الطائفة الدرزية.
ومع ولادة حكومة جديدة برئاسة أحمد الشرع، سرعان ما انكشفت الهوة العميقة بين دمشق والسويداء، حيث وجدت حكومة الشرع نفسها تحاور أكثر من جهة وفصيل، كلٌّ له أجندة وتوجهات مختلفة عن الآخر، وبعضها أصلاً رفض التحاور مع دمشق، مثل المجلس العسكري الذي تشكّل بعد سقوط الأسد.
"لا وفاق ولا توافق مع حكومة متطرفة بكل معنى الكلمة"، هكذا لخص الزعيم الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، موقفه من الحكومة الجديدة.
في لقاء مصور مع فعاليات اجتماعية، أعلن الشيخ الهجري أن هذه الحكومة "مطلوبة للعدالة الدولية"، محذرًا أبناء طائفته من الانجرار وراء "بيع الكرامة والتاريخ" بالالتحاق بها.
لم تكن مجرد كلمات غاضبة؛ بل كانت بيان قطيعة كاملة مع دمشق الجديدة، وهو ما أظهرته تصرفات الهجري اللاحقة وقطيعته الكاملة مع مسؤولي دمشق وعدم لقائه أيًّا منهم. وهو ما يراه كثيرون استقواءً بإسرائيل، التي أكدت أنها ستحمي الطائفة الدرزية من حكومة دمشق.
تصريحات الهجري، بحسب مراقبين ونشطاء، تتسم بشكل عام بالفوقية، وأنه المتحكم الوحيد بالسويداء، منصبًا نفسه الحاكم الرسمي في المحافظة، مهددًا الكثير من الفصائل والجهات المدنية من التعامل مع دمشق من دون موافقته وعلمه، مؤكدًا أن الكلمة الأخيرة هي له، وذلك حسب تسريبات صوتية عديدة لقيادات عسكرية تابعة له توضح ذلك.
لطالما شكّل بدو السويداء جزءًا من النسيج الاجتماعي للجنوب السوري؛ فهم جماعات عربية سنية تعايشوا لعقود مع جيرانهم الدروز، تشاركوا كل شيء، وارتبطوا بعلاقات مصاهرة وانصهار وقرابة كبيرة.
غير أن الانهيار الأمني الذي أعقب سقوط نظام الأسد لم يترك أحدًا في مأمن من فوضى السلاح والانفلات، خاصة مع توجّه جميع الأطراف لحمل السلاح لحماية مناطقها، واستغلال العصابات الإجرامية وضعاف النفوس والطائفيين لذلك.
وفي هذا الفراغ القاتل، برزت عصابات إجرامية، اتخذت من المناطق الحدودية الشرقية ملاذًا، تعمل في تهريب المخدرات والسلاح والخطف والقتل؛ عصابات لم تميّز بين ضحية وأخرى، ولم تكتفِ بالإضرار بجيرانهم الدروز، بل امتدت جرائمهم أيضًا إلى أبناء عشائرهم من المدنيين البدو أنفسهم.
وعلى الطرف الآخر، عملت فصائل من الطائفة الدرزية على شيطنة البدو جميعهم، وسلكت السلوك ذاته بالخطف والقتل.
ورغم أن هذه العصابات تمثل شريحة محدودة خارجة عن القانون، فإن بعض الأصوات المتطرفة داخل المجتمعين الدرزي والبدوي، وجدت في هذه الفوضى ذريعةً لإعادة رسم الصراع بصيغة طائفية.
"السنة يهاجموننا والبدو يهددون كياننا"، " الدروز يقتلوننا ويحاصروننا"... ترددت مثل هذه العبارات في المجالس، ممهدةً لتحويل المواجهة مع عصابات محدودة إلى مشروع شيطنة جماعي، يستهدف آلاف المدنيين الأبرياء لمجرد انتمائهم المذهبي أو العشائري.
هكذا، بدلاً من أن تبقى المواجهة مع عصابات تخريب واشخاص مرضى بالطائفية، بدأت ملامح خطر أكبر تتبلور:
خطر انزلاق الجنوب إلى حرب أهلية مفتوحة، يذكيها خطاب الكراهية، ويجد من يغذيه من خلف الحدود: إيران وإسرائيل.
لم تعد الأسئلة في السويداء والجنوب السوري عمومًا اليوم تدور حول من بدأ إطلاق النار، أو من أطلق أول إساءة؛ بل باتت أكبر وأخطر:
هل ما يجري هو مجرد فوضى عابرة، أم أننا أمام مشروع تفكيك ممنهج؟
هل تملك القوى المحلية زمام قرارها، أم باتت رهينة رسائل إقليمية تُكتب بحبر الطائرات المسيّرة وتصريحات العواصم المتربصة؟.
السويداء تقف اليوم أمام مفترق طرق حاد: إما الانجراف نحو نموذج الحرب الأهلية اللبنانية بكل أدواتها الطائفية، التي تنتهي بتقاسم الموت لا السلطة؛ وإما صياغة مشروع وطني، تُعيد فيه السويداء تعريف نفسها لا كقلعة مغلقة، ولا كمظلة طائفية، بل كجزء حيّ وواعٍ من مستقبل سوري يبحث عن ذاته.
لكن الشرط الأول لأي حل يبدأ من كسر احتكار الصوت الواحد داخل كل طائفة؛ فلا الهجري يمثل كل الدروز، ولا الرئيس السوري أحمد الشرع يمثل السنة وحدهم، ولا الشعارات الدينية تمنح أحدًا تفويضًا بالقتل.
الطريق لا يزال مفتوحًا، لكنه يضيق سريعًا؛ والفتنة لا تحتاج أكثر من رصاصة واحدة خاطئة، أو فتوى واحدة مسمومة، لتشتعل على الجميع.
وفي هذا الجنوب المضطرب والمجنون، تبدو الحاجة اليوم ماسة إلى صوت العقل أكثر من أي وقت مضى.
تسلّم وفد من منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) حزمة من المساعدات اللوجستية المتقدمة، مقدّمة من مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية التابعة لقوة الأمن الداخلي "لخويا"، وذلك في مقر "لخويا" بمنطقة الدحيل في العاصمة القطرية الدوحة.
تمت مراسم التسليم يوم الثلاثاء 29 نيسان/أبريل، بحضور وزير الطوارئ والكوارث في الجمهورية العربية السورية، السيد رائد الصالح، ومساعد قائد "لخويا" للعمليات الأمنية العميد الركن نواف ماجد العلي، إلى جانب القائم بالأعمال في السفارة السورية بالدوحة الدكتور بلال تركية، ورئيس منظمة الدفاع المدني السوري السيد منير مصطفى.
وشملت المساعدات اللوجستية تسليم مجموعة متكاملة من المعدات والآليات المتخصصة، ضمّت سيارات إطفاء بمواصفات مختلفة، وخزانات مياه متنقلة، ومركبات إنقاذ للمناطق المرتفعة، إلى جانب مضخات مياه، وآليات لنقل الأفراد. كما اشتملت الحزمة على معدات متطورة تُستخدم في عمليات الإنقاذ والإجلاء ونقل المصابين، إضافة إلى أدوات خاصة بالقص والتثبيت، تُستخدم أثناء عمليات البحث والإنقاذ في المواقع المنهارة.
وتندرج هذه المساعدات ضمن اتفاقية الشراكة الموقعة بين منظمة الدفاع المدني السوري ومجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية في 20 كانون الثاني/يناير 2025، والتي تهدف إلى تطوير قدرات فرق الدفاع المدني السوري من حيث التجهيز والتدريب والتأهيل، وتعزيز استعداداتها للتعامل مع الكوارث في مختلف البيئات، بما في ذلك تأسيس فرق إنقاذ واستجابة دولية عالية الكفاءة.
وفي إطار هذه الاتفاقية، أشرفت مجموعة "لخويا" على تنفيذ برنامج تدريبي مكثف خُصص للدفعة الأولى من مدربي الدفاع المدني السوري، امتدّ على مدى شهر كامل، وانتهى في 19 آذار/مارس 2025. ركّز البرنامج على تنمية مهارات المشاركين في مجال البحث والإنقاذ العمراني ضمن بيئات عالية التعقيد، بما ينسجم مع توسّع نطاق عمل المنظمة، وضرورة تكيّفها مع المتغيرات الميدانية والتحديات المتجددة في المناطق المتأثرة بالكوارث.
ويمثّل هذا التعاون خطوة مهمة في دعم جهود الخوذ البيضاء، وترسيخ الشراكة بين المؤسسات السورية والقطرية، في سبيل بناء قدرات فعّالة لمواجهة الكوارث، وتعزيز الاستجابة الإنسانية في سوريا.
أعلن الدكتور "سامي الخيمي"، مستشار وزير الاقتصاد والصناعة في سوريا، عن خطة إصلاحية جريئة تهدف إلى تحديث مؤسسات الدولة وتعزيز كفاءتها، بما يتجاوز آثار الفوضى الاقتصادية والمحسوبية التي تراكمت عبر سنوات من الأزمات.
وأكد أن الخطة تنطلق من مبدأ أن سوريا دولة لكل مواطنيها دون استثناء، وتسعى إلى تحقيق تنمية متوازنة تُعيد توحيد البلاد وتدفع بعجلة النمو.
وتقوم الرؤية الإصلاحية على تجاوز المفاهيم التقليدية للطبقات الاجتماعية، وتأسيس مجتمع قائم على المعرفة، يتعامل مع محيطه الإقليمي بعقلانية، ويعتمد على الكفاءات الوطنية لتحقيق التنمية والازدهار.
تحفيز الاستثمار وإدخال الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري
الخطة، وفقاً للخيمي، تتضمن إصلاحاً عميقاً في هيكلية المؤسسات العامة، من خلال تقييم أداء المعامل والمرافق ورصد مكامن الخلل والفساد، إلى جانب إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي لرفع كفاءة العمل الإداري، وتعزيز القدرة على اتخاذ القرارات الفعالة.
كما يجري العمل على تسهيل الإجراءات الحكومية عبر تطبيق نظام "النافذة الواحدة"، وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص عبر نماذج استثمار مرنة، تتيح استغلال المشاريع المتعثرة دون التفريط بملكية الدولة.
أجور مرنة وصناعات محلية وتوجه للتصدير
على الصعيد الوطني، تشمل الخطة مراجعة شاملة لنظام الرواتب في القطاع العام، بحيث يُربط الأجر بالإنتاجية والكفاءة، في محاولة لخلق بيئة عمل أكثر عدالة وتحفيزاً.
كما تهدف إلى دعم الصناعات المحلية، وفتح آفاق جديدة لتصدير المنتجات السورية عالية الجودة، بما يسهم في تنشيط العجلة الاقتصادية داخلياً وخارجياً.
واحدة من أبرز محاور الخطة تتعلق بالتفاوض مع الجهات الدولية لاستعادة الأموال السورية المجمدة أو المنهوبة في الخارج، بالتوازي مع خطوات لإشراك القطاع الخاص في تطوير خدمات البنية التحتية الأساسية كالكهرباء والمياه والاتصالات.
كما يجري العمل على إنشاء مناطق اقتصادية خاصة عند الحدود، تخلو من الوجود العسكري وتخضع فقط لإشراف الشرطة المحلية، بهدف تحويلها إلى منصات استقرار وتنمية اقتصادية وتجارية.
وشدد على أن نجاح الخطة يتطلب إرادة سياسية ودعماً شعبياً واسعاً، معتبراً أن بناء الثقة بين الدولة والمواطن هو الأساس لتحقيق أي تحول اقتصادي حقيقي، ورغم صعوبة المهمة، إلا أن الخطة تفتح المجال أمام مقاربة جديدة لإعادة بناء الاقتصاد السوري على أسس مؤسساتية أكثر متانة وواقعية.
رصدت شبكة "شام" الإخبارية خلال الساعات الماضية موجة واسعة من المنشورات التحريضية التي اجتاحت مواقع التواصل، مصدرها مجموعة من الصفحات العامة والحسابات الشخصية المعروفة بتأييدها التاريخي لميليشيات الأسد البائد و"قسد".
ويتضح للمتابع بما لا يدع مجال للشك أن هذه الجهات الإعلامية تسعى بكل قوتها إلى تأجيج التوتر في منطقتي صحنايا وجرمانا بريف دمشق عبر روايات كاذبة، وتحريض طائفي مكشوف، يهدف لتأليب المكونات السورية على بعضها وتشويه الحقائق.
وليست هذه الحملة الإعلامية السامة جديدة، فقد سبق أن استخدمت ذات الشبكات نفس الأسلوب خلال أحداث اللاذقية وجبلة وطرطوس، حين سعت إلى تشويه صورة الدولة السورية الجديدة، وتحويل أي حدث أمني إلى مادة طائفية، مستخدمة خطاب الكراهية لتغذية الانقسام وخلق بيئة عدائية تجاه مشروع التحرر الوطني.
في قلب هذه الحملة، برز عدد من المحرضين الذين يملكون سجلًا تشبيحيًا حافلًا في الدفاع عن نظام الأسد والتحريض ضد أي مشروع وطني، مثل "علي الأعور"، استخدم صفحته كساحة لبث الفتنة، متبنيًا روايات كاذبة تماما مثل تلك التي كان يروجها عندما كان إعلامي لدى نظام الأسد البائد.
وكذلك أمجد بدران، المعروف بتاريخه الطويل في ترويج روايات الأجهزة الأمنية، يواصل العزف على وتر الطائفية والتجييش، إلى جانب وضاح عبد ربه، الذي لطالما لعب دور المتحدث باسم النظام بوجه إعلامي، عاد إلى التحريض المكشوف متبنيًا سرديات مغلوطة حول ما يجري في دمشق.
وكذلك "سامر يوسف"، صاحب السجل الإعلامي المليء بالتحريض والاصطفاف إلى جانب آلة القمع، يحاول اليوم عبر صفحته تصوير ما يحدث كأنه استهداف لـ"أقليات" في البلاد.
صفحة "جبال العلويين" بدورها روّجت لمزاعم عن "اشتباكات وحرب شوارع داخل صحنايا"، مستخدمة مصطلحات عسكرية لتصوير المنطقة كساحة حرب، مدّعية أن "رجال بني معروف يستدرجون الفصائل الطائفية" ويتم الإجهاز عليهم بقذائف B7 وB10، في تحريض سافر.
أما صفحة "أحفاد بني هاشم"، فذهبت نحو مزيد من التصعيد بادعائها أن "أرتالًا من الفصائل الإرهابية قدمت من إدلب ودير الزور لمحاربة الفصائل الدرزية في جرمانا وصحنايا"، في مسعى لإظهار أن الدولة السورية الجديدة تخوض معركة ضد مكوّن بعينه.
كما نشطت صفحات تحمل اسم "روج آفا" في ضخ خطاب انفصالي، يحرّض ضد الدولة السورية، ويعادي القومية العربية، ويطرح مشاريع تقسيمية مبنية على الكراهية العرقية والطائفية، متجاهلة كل ما قدمه الشعب السوري من تضحيات في سبيل وحدة الأرض والشعب.
ما يجري هو جزء من حرب إعلامية موازية، تقودها بقايا النظام وأذرع "قسد"، هدفها ضرب السلم الأهلي، وزرع الشكوك، وإعادة عقارب الزمن إلى الوراء، لكن الوعي الشعبي، والتجارب الطويلة في مواجهة التضليل، كفيلة بإفشال هذه المحاولات كما أُفشلت من قبل.
بدوره أكد مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام، "علي الرفاعي"، أن التوتر الأمني الذي شهدته منطقة جرمانا مؤخراً يعود إلى محاولة مجموعات مسلّحة خارجة عن القانون التقدم نحو المدينة ضمن رتل عسكري، ترافقه سيارة مزوّدة برشاش ثقيل.
وأوضح "الرفاعي" أن الحاجز الأمني في المنطقة اعترض الرتل ومنعه من العبور، الأمر الذي دفع المجموعات إلى فتح النار على عناصر الحاجز، ما أدى إلى اشتباك مسلح أسفر عن إصابة ثلاثة من العناصر الأمنية.
وأضاف أن المسلحين عمدوا بعد ذلك إلى محاصرة الحاجز، مما استدعى تدخلاً عاجلاً من قوات الأمن العام التي نجحت في فك الحصار وتأمين الموقع، وتمت استعادة الاستقرار لاحقاً، وأشار الرفاعي إلى أن قوات الأمن العام تواصل حالياً تعزيز انتشارها في المنطقة، وتتخذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية السكان وضمان استقرار الأوضاع.
وأشار إلى أن المجموعات نفسها شنّت، مساء الأمس، هجوماً مباغتاً على عدد من الحواجز الأمنية في أشرفية صحنايا، مستخدمة أسلحة رشاشة خفيفة وقذائف "آر بي جي"، ما أسفر عن إصابات في صفوف عناصر الأمن.
وبيّن أن قوات الأمن العام استجابت بسرعة وانتشرت في المنطقة لاحتواء الموقف، إلا أن أفراداً من المجموعات المسلحة اعتلوا أسطح الأبنية وقاموا بأعمال قنص استهدفت العناصر المنتشرة، ما أدى إلى استشهاد خمسة من عناصر الأمن العام وإصابة آخرين.
هذا وسبق أن أفاد مصدر رسمي في وزارة الداخلية، أن مجموعات مسلّحة خارجة عن القانون نفذت هجوماً استهدف أحد الحواجز الأمنية في منطقة أشرفية صحنايا بريف دمشق، ما أسفر عن إصابة ثلاثة من عناصر الأمن.
أوضح مدير المكتب الهندسي بمديرية صحة حمص، المهندس خالد صطوف، أن مشفى حمص الكبير يقتصر حالياً على تقديم خدمات تركيب وصيانة الأطراف الصناعية، بالإضافة إلى الطبابة الشرعية التي تشمل مخابر للطب الشرعي.
وأكد صطوف أن المشفى لا يجري أي عمليات جراحية أو فحوصات طبية أخرى في الوقت الحالي.
مشروع مشفى حمص الكبير: البناء على الهيكل بحاجة إلى إكساء
وأضاف أن الكتلة الرئيسية لمشفى حمص الكبير، التي تستوعب 600 سرير، موجودة على الهيكل ولم يتم التعاقد مع أي جهة لتنفيذ أعمال الإكساء، مما حال دون دخولها للخدمة.
كما أشار إلى أن أعمال بناء كتلة الطب النووي تسير وفق عقد لإنشاء واجهات البناء مع الشركة العامة للبناء والتعمير، بينما الكتلة التعليمية لا تزال على الهيكل ولم يبدأ تنفيذ دورات تدريبية فيها بعد.
الكلية الإسعافية في مشفى حمص الكبير: خطوات نحو الإكساء والتجهيز الطبي
وفيما يتعلق بمشروع الكلية الإسعافية، أكد صطوف أن العمل على إتمام الإكساء مستمر حالياً بدعم من منظمة UNPOS، بينما سيتم استكمال توريد المعدات الطبية من قبل منظمة الصحة العالمية بعد إتمام هذه المرحلة.
وأضاف أن المشروع يسير وفق الجدول الزمني المحدد، ومن المتوقع دخوله للخدمة خلال العام الجاري، نظراً لأهميته الكبيرة في المنطقة الوسطى.
يذكر أن مشفى حمص الكبير في حي الوعر يتكون من ست كتل تشمل المشفى الرئيسي، الطب الشرعي، الطب النووي، الأطراف الصناعية، الكلية الإسعافية، إضافة إلى الكتلة التعليمية.
كشفت منصة "إيكاد"، المختصة بتحقيقات "استخبارات المصادر المفتوحة"، عن تفاصيل شبكة منظمة تنشط على مستوى سياسي وإعلامي واجتماعي بين سوريا وإسرائيل، تقود حملة ممنهجة لدعم مشروع انفصال محافظة السويداء جنوبي سوريا، مع تدخل مباشر من شخصيات درزية محلية وجهات إسرائيلية بارزة.
خلال متابعة استمرت لأشهر، قام فريق التحقيق برصد وتفكيك شبكة واسعة تضم شخصيات درزية من السويداء وسوريين مقيمين في أوروبا وإسرائيل، تنشط في ترويج الانفصال والدعوة لتدخل إسرائيلي سياسي واقتصادي وعسكري في جنوب سوريا.
التحقيق بيّن أن بنية هذه الشبكة تعتمد على ثلاثة محاور رئيسية:
1. المحور الاقتصادي: ويشمل نشر إعلانات توظيف موجّهة للدروز السوريين للعمل في إسرائيل، بدعم من شخصيات درزية تشارك في مبادرات مجتمعية مشبوهة.
2. المحور الإعلامي: ويتمثل في صفحات إعلامية ولجان ظاهرها مدني ولكنها تدفع بسرديات تدعو للانفصال وتروج للتطبيع.
3. المحور السياسي: ويقوده شخصيات إسرائيلية تروج علناً لضرورة دعم انفصال السويداء.
طرف الخيط في هذا التحقيق بدأ بإعلان توظيف إسرائيلي نُشر على حساب يُدعى "يامال شيفسكي"، وُجه خصيصاً لدروز سوريا، قبل أن يتم حذفه لاحقاً. رغم حذفه، فإن تداوله بين صفحات درزية سورية وعدد من الشخصيات أثار ريبة الفريق ودفعه لتتبع المروجين له، وكشف ملامح الشبكة.
أحد أبرز الفاعلين في هذا المسار كان شخص يُدعى "مشعل الشعار"، الذي أسّس صفحة "الحركة الشبابية الخدمية" بتاريخ 4 مارس 2025، قبل أيام من أول دعوة رسمية إسرائيلية لتوظيف الدروز السوريين. تحليل حساب "مشعل" قاد إلى ربطه بشبكة من النشطاء أبرزهم "أبو كنان ملا"، الذي ينشط ضد الحكومة السورية، ويدعو للانفصال ويروج للرواية الإسرائيلية.
ضمن شبكة المتفاعلين، برز اسم "طاهر غزالي"، الذي يُرجح أنه غادر سوريا عام 2017 إلى هولندا، وظهر لاحقاً داخل إسرائيل بمقام النبي شعيب بصحبة شخصيات درزية إسرائيلية مثل الشيخ "أبو يوسف القضماني".
أيضاً، رُصد اسم "فؤاد مراد"، وهو ناشط درزي مقيم في هولندا، يدير عدة حسابات تروّج لدعم إسرائيل والانفصال، وظهر اسمه مرتبطاً بالسياسي الإسرائيلي الدرزي "أيوب كارا".
شخصية أخرى ذات حضور بارز هي "حمزة معروف"، ناشط درزي متطرف ومعادٍ للإسلام، يدير صفحة "Druze Pressz"، ويشارك بفعالية في الترويج للانفصال والتطبيع. إلى جانبه، يبرز "شادي أبو عمار"، الذي يدير صفحات مثل "وحيد" و"الحركة الشبابية الدرزية".
التحقيق أشار أيضاً إلى شخصية "معضاد خير"، الذي روّج لنفسه كخبير في الأمن السيبراني، وأسس صفحة "الدرع السيبراني الدرزي" التي وصل عدد متابعيها بسرعة إلى أكثر من 100 ألف. وقد عُيّن بحسب ما نُشر مستشاراً للوزير الإسرائيلي "أيوب كارا".
من خلال أدوات تحليل رقمية متقدمة، توصّل الفريق إلى أن جميع هذه الحسابات والصفحات تشكل شبكة مترابطة تعمل بشكل متزامن وتحت إدارة واحدة على الأرجح، لترويج روايات الانفصال، مستفيدة من التدهور الاقتصادي في السويداء.
في الشق الاقتصادي، كانت صفحة "الناقد" التي يديرها "مشعل الشعار" أبرز منصات الترويج لإعلانات التوظيف، مستخدمة الأزمة الاقتصادية كأداة جذب.
في الشق الإعلامي، تم رصد حسابات مثل "أبو كنان ملا"، و"أحمد الأسطورة"، و"Freier Druzen" و"جابر جبر"، وقد لاحظ التحقيق أن هذه الحسابات غيّرت صورها الشخصية بشكل متزامن إلى صور مؤيدة لإسرائيل، ما يعزز فرضية التنسيق المشترك.
كما ضم المحور الإعلامي صفحات معروفة مثل "وحيد"، "Druze Pressz"، "الحركة الشبابية الدرزية"، "السويداء الحرة"، و"هنا صلخد"، وجميعها تبنت نفس الرسائل وسرديات الدفاع عن الانفصال.
الشق السياسي كان الأكثر حساسية، إذ قادته شخصيات إسرائيلية بارزة من بينها "أيوب كارا" الذي أعلن في فبراير 2024 دعمه لتوظيف الدروز السوريين في إسرائيل، بدلًا من عمال الضفة، مبرراً ذلك بحاجة إسرائيل إلى الأيدي العاملة والوضع الاقتصادي الصعب في السويداء.
وتقاطع كارا مع عدد من شخصيات الشبكة، منهم "معضاد خير" و"فؤاد مراد"، ما يعزز موقعه كعرّاب سياسي للحملة.
أما الشخصية الثانية البارزة فكانت "أبو شعيب عزام"، الذي يصف نفسه بأنه درزي من السويداء يقيم في إسرائيل، وسخر من رموز إسلامية ودافع عن الشيخ "الهجري". كما برزت شخصيات أخرى مثل "مندي الصفدي" مدير مركز الصفدي للدبلوماسية الدولية، الذي دعا إسرائيل لاستغلال ما وصفه بـ"التوتر مع الدروز"، وشخصية "ناجي حلبي" التي روّجت للزيارة الدرزية الأخيرة إلى إسرائيل.
خلاصة التحقيق:
- إعلان التوظيف الإسرائيلي لم يكن مبادرة فردية، بل جزء من حملة تنفذها شبكة منظمة تسعى لتغيير واقع الجنوب السوري سياسيًا.
- الشبكة تضم صفحات سورية وشخصيات إسرائيلية، وتعمل عبر ثلاث محاور منسقة: اقتصادي، إعلامي، وسياسي.
- تتبنّى الشبكة سردية انفصالية، وتعمل على تضخيم مشكلات السويداء لدفعها باتجاه الارتماء في الحضن الإسرائيلي.
هذا التحقيق هو الجزء الأول من سلسلة موسعة، ستتضمن في الجزء الثاني كشفاً عن المجلس العسكري الذي يجري الترويج له في السويداء، وطبيعة ارتباطه بجهات إسرائيلية.
وأشارت المنصة إلى أن ما تم كشفه حتى الآن يؤشر إلى مشروع سياسي ممنهج، يحاول إعادة تشكيل هوية الجنوب السوري، ويستثمر حالة الفوضى، عبر تنسيق عابر للحدود بين أطراف محلية وخارجية.
قالت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان"، إنها وثَّقت تصاعداً في وتيرة عمليات العنف والقتل خارج نطاق القانون في مدينة حمص، بلغ ذروته خلال الفترة الممتدة من 23 حتى 28 نيسان/أبريل 2025، مطالبة الحكومة الانتقالية اتخاذ إجراءات عاجلة لمحاسبة المتورطين وضمان حماية المدنيين.
وسجَّلت الشَّبكة مقتل ما لا يقل عن 20 مدنياً، بينهم سيدة واحدة، وذلك في حوادث متفرقة ومتتالية داخل المدينة، عُثر على معظمهم مقتولين بالرصاص، في ظروف تُشير بوضوح إلى تورّط مجموعات مسلحة تعمل خارج إطار القانون.
وتُبيِّن التحقيقات الأولية أنَّ عمليات القتل تركَّزت في أحياء وادي الذهب، وكرم الزيتون، والنزهة، وكرم اللوز، وهي مناطق تقطنها غالبية من الطائفة العلوية. وتنوَّعت أنماط هذه العمليات بين استهداف أفراد كانوا ينتمون سابقاً إلى نظام بشار الأسد، بعضهم سبق له أن خضع لاتفاقيات تسوية، بالإضافة إلى حوادث قتل عشوائية يُشتبه في كونها بدوافع انتقامية وطائفية، الأمر الذي يعكس ارتفاعاً مقلقاً في حدة التوترات الاجتماعية وعدم الاستقرار في هذه المناطق من المدينة.
وتُشير المعطيات المتوافرة وتسلسل الأحداث الميدانية إلى أنَّ موجة التصعيد بدأت مباشرة بعد دخول دوريات تابعة لإدارة الأمن العام في وزارة الداخلية، يوم الأربعاء 23 نيسان/أبريل، إلى قرية "ريان" في ريف حمص الشرقي، بهدف إقامة مقرات ونقاط تمركز دائمة فيها. وقد قوبل هذا التحرك بمعارضة فورية من مجموعات مسلحة محلية تنتمي إلى قبيلة الفواعرة، ما أجبر القوات الحكومية على الانسحاب من المنطقة.
وفي أعقاب هذا الانسحاب، شهدت مدينة حمص تصاعداً ملحوظاً في أعمال العنف المسلح، والتي تجلَّت في هجمات استهدفت الأحياء المذكورة سابقاً. وتُشير شهادات من السكان المحليين وشهود العيان إلى أنَّ هذه الهجمات اتخذت طابعاً انتقامياً، وسعت لخلق حالة من الارتباك الأمني وزعزعة ثقة الأهالي بقدرة الأجهزة الأمنية على تحقيق الاستقرار، خصوصاً أنَّها وقعت بعد ساعات قليلة من التوتر الذي شهدته منطقة ريف حمص الشرقي.
وتزامنت هذه التطورات مع استمرار العمليات الأمنية التي تقودها القوات الحكومية لملاحقة مطلوبين متهمين بالانتماء للنظام السابق والتورط في انتهاكات حقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه، لوحظ ظهور مجموعات مسلحة لم نتمكن حتى اللحظة من تحديد هويتها، تتحرك خارج نطاق الدولة، وتنفّذ عمليات قتل استهدفت على وجه الخصوص أفراداً من الطائفة العلوية، ما يُرجَّح أنَّه يدخل في إطار تصفية حسابات تتعلق بفترة حكم النظام السابق.
وتُثير هذه الظاهرة مخاوف جدية من توسع دائرة العنف الانتقامي، كما تشير طبيعة هذه الحوادث وتوقيتها إلى استمرار التوتر الأمني والاجتماعي في المدينة، في ظل وجود أطراف مسلحة متعددة، وغياب لسلطة أمنية مركزية قادرة على ضبط الوضع، ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها مدينة حمص في المرحلة الانتقالية.
كما رافقت هذه الأحداث موجة نزوح جزئي من بعض الأحياء المتضررة، وتراجع ملحوظ في النشاط الاقتصادي والتجاري، إلى جانب تفاقم شعور السكان بالخوف وانعدام الأمن، وهو ما يُهدد مباشرةً مقومات الاستقرار المجتمعي والسلم الأهلي في المدينة.
ورأت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في هذا التصعيد مؤشراً خطيراً على تدهور الأوضاع الأمنية، واستمرار أنماط من الجريمة المنظمة والانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين، وسط غياب شبه تام لآليات فعّالة للمحاسبة والعدالة، وضعف التنسيق بين الأجهزة الأمنية والعسكرية الرسمية.
الاستنتاجات القانونية
القتل خارج نطاق القانون انتهاك جسيم للحق في الحياة:
يمثل القتل دون سند قانوني أو خارج إطار الإجراءات القضائية العادلة انتهاكاً صريحاً للمادة (6) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي تُعدّ سوريا طرفاً ملزماً به. وتُشدّد هذه المادة على ضمان الحق في الحياة بوصفه حقاً أساسياً لا يجوز المساس به أو تعليقه تحت أي ظرف، بما في ذلك حالات الطوارئ العامة.
تتحمل الدولة مسؤولية حماية الأفراد ومنع الانتهاكات:
تتعاظم مسؤولية السلطات في مرحلة ما بعد النزاع في ترسيخ سيادة القانون، ومنع أي كيانات غير رسمية من ممارسة العنف أو التعدّي على الحقوق الأساسية للأفراد. إنَّ عدم الاستجابة الفعالة أو التباطؤ في التحقيق والمساءلة عن هذه الجرائم يشكّل إخلالاً بالتزامات الدولة، ويكرّس ثقافة الإفلات من العقاب، مما يُهدّد استقرار المرحلة الانتقالية ويعمّق من الانقسامات الاجتماعية، ويُعيق بشكل جوهري جهود المصالحة المجتمعية وبناء الثقة بين المواطنين والدولة.
غياب آليات المساءلة يعمّق الآثار السلبية للانتهاكات الحقوقية:
إنَّ استمرار جرائم القتل خارج نطاق القانون دون إجراء تحقيقات شفافة ومساءلة فعّالة لا يمس حقوق الأفراد المتضررين فحسب، بل يقوّض أيضاً ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، ويعرقل جهود العدالة الانتقالية القائمة على أسس كشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عنها وجبر الضرر.
السلوكيات الانتقامية أو الاستهداف الجماعي قد تشير إلى دوافع تمييزية:
إنَّ تكرار حوادث استهداف أفراد ينتمون إلى خلفيات معينة على أسس طائفية أو سياسية، يشير إلى وجود دوافع تمييزية من شأنها أن تؤجج التوتر والعنف المجتمعي، الأمر الذي يستدعي تدخلاً فورياً من السلطات المعنية لضمان المساواة وحماية الفئات المستضعفة أو المعرضة للخطر.
حماية الحق في الحياة شرطٌ رئيس لإعادة بناء الدولة بعد النزاع:
لا يمكن ضمان تحقيق العدالة وتعزيز السلم الأهلي دون توفير حماية حقيقية وفعّالة لحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحق في الحياة. وإنّ اتخاذ خطوات عملية لمنع هذه الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها يُعدّ ضرورة أولية لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، وتأسيس نظام قانوني وقضائي يحظى بالشرعية والمصداقية لدى المواطنين.
ضرورة معالجة الانتهاكات تعزيزاً لمسار العدالة الانتقالية:
تُبرز الأحداث الراهنة حجم التحديات الكبيرة التي تواجه مسار العدالة الانتقالية في سوريا، خصوصاً فيما يتعلّق بالمحاسبة ومنع الإفلات من العقاب. إنَّ مواجهة هذه الانتهاكات بشكل فعّال من خلال تفعيل الآليات القضائية والإدارية المتاحة، تُشكّل خطوةً محورية لتعزيز مصداقية المؤسسات الحكومية، وترسيخ استقرار المرحلة الانتقالية، وتوفير البيئة الملائمة لتحقيق المصالحة المجتمعية واستعادة الثقة بين الدولة ومواطنيها.
وطالبت الشبكة "الحكومة السورية الانتقالية" بمواصلة التحقيقات المحايدة والشفافة في حوادث القتل خارج نطاق القانون في مدينة حمص، والإعلان بشكل دوري عن نتائج هذه التحقيقات للرأي العام، لتعزيز الشفافية وبناء الثقة المجتمعية.
وشددت على ضرورة تكثيف الجهود لضبط المجموعات المسلحة غير المنضبطة، واتخاذ تدابير وقائية فعّالة للحد من تكرار مثل هذه الحوادث، ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات، وذلك ضمن إطار احترام القانون وحقوق الإنسان، وتعزيز برامج إصلاح القطاع الأمني والعسكري وفقاً لمعايير الحكم الرشيد، من خلال رفع قدرات الأجهزة الأمنية، وتفعيل أنظمة رقابة داخلية صارمة لضمان الانضباط والمساءلة.
وأكدت على ضرورة تعزيز الوجود الأمني المنضبط في الأحياء الأكثر تضرّراً، بشكل يضمن أمن المدنيين، ويخفّض مستويات التوتر الاجتماعي، مع ضمان حيادية ومهنية الأجهزة الأمنية، وتمكين النيابة العامة المدنية من الإشراف على جميع العمليات الأمنية في المناطق السكنية، لضمان قانونية هذه الإجراءات واحترام حقوق الإنسان الأساسية للمواطنين.
وطالبت بإنشاء قنوات آمنة ومحمية تُمكّن المواطنين من الإبلاغ عن الانتهاكات دون خوف، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي للمتضررين، كجزء من استراتيجية شاملة لجبر الضرر وتحقيق العدالة، ودعم مبادرات الحوار المحلي والمجتمعي لتعزيز التماسك الاجتماعي ورأب الصدع في المناطق التي عانت من النزاعات أو التي شهدت توترات طائفية.
في السياق، وجهت الشبكة خطابها إلى المجتمع الدولي والبعثات واللجان الأممية المعنية، مطالبة بدعم وتعزيز الجهود الوطنية في مجالات المساءلة وحماية حقوق الإنسان، من خلال تقديم المساعدة التقنية والخبرات اللازمة لتعزيز قدرات المؤسسات الوطنية في مجالات التحقيق وتوثيق الانتهاكات والاستجابة لحوادث العنف.
كذلك تقوية التعاون مع المؤسسات الانتقالية في سوريا لدعم جهود العدالة الانتقالية، وضمان تكامل العمل على كشف الحقائق وإنصاف الضحايا، بما يراعي السيادة الوطنية ويتوافق مع تطلعات المجتمع السوري نحو تحقيق العدالة والاستقرار، ومساندة المبادرات المحلية الرامية لتعزيز السلم الأهلي والاستقرار، خصوصاً في المناطق التي شهدت توترات أمنية ملحوظة، بما يسهم في الحد من دوائر الانتقام والعنف.
وشددت على أهمية الاستثمار في برامج بناء السلام المجتمعي وحماية المدنيين، وتوفير الدعم للمنظمات المدنية التي تعمل في مجال الرصد والتوثيق، وتوسيع وعي المجتمعات المحلية حول مبادئ العدالة وحقوق الإنسان.
وإلى منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، طالبتها بمواصلة التوثيق الدقيق والمستقل للانتهاكات، بما يشمل جمع الشهادات والأدلة، بهدف المساهمة في بناء ملفات قضائية مستقبلية، مع التركيز على السياقات المحلية الخاصة بكل حالة.
كذلك تنظيم حملات توعية مجتمعية للتصدي لخطاب الكراهية، والتأكيد على مبادئ عدم التمييز، وتعزيز قيم العدالة والمواطنة والتعايش السلمي بين مختلف الفئات الاجتماعية، وإنشاء منصات لتقديم الدعم النفسي والقانوني والمجتمعي للضحايا وذويهم، وضمان وصولهم الفعّال إلى آليات العدالة الانتقالية، وتعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية المختصة بالعدالة الانتقالية بهدف بناء قدرات الكوادر المحلية في مجالات الرصد والتوثيق والدفاع القانوني.
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، أن الجيش الإسرائيلي نفّذ عملية عسكرية "تحذيرية" في سوريا استهدفت مجموعة مسلحة، قال إنها كانت تستعد لتنفيذ هجوم ضد أبناء الطائفة الدرزية في بلدة "الساخنة" بمحافظة دمشق.
وأوضح البيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء ووزارة الدفاع، اليوم الأربعاء، أن العملية جاءت "لحماية المدنيين الدروز"، وأنها "رسالة واضحة إلى النظام السوري" تطالبه بمنع أي اعتداء محتمل على أبناء الطائفة.
وأكد نتنياهو وكاتس أن "إسرائيل ملتزمة بأمن الطائفة الدرزية، ومصممة على منع أي تهديد يستهدفها، سواء داخل حدود إسرائيل أو في دول الجوار".
مسؤول العلاقات بوزارة الإعلام يوضح خلفية الاشتباكات في "جرمانا وصحنايا" بريف دمشق
أكد مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام، علي الرفاعي، أن التوتر الأمني الذي شهدته منطقة جرمانا مؤخراً يعود إلى محاولة مجموعات مسلّحة خارجة عن القانون التقدم نحو المدينة ضمن رتل عسكري، ترافقه سيارة مزوّدة برشاش ثقيل.
وأوضح الرفاعي أن الحاجز الأمني في المنطقة اعترض الرتل ومنعه من العبور، الأمر الذي دفع المجموعات إلى فتح النار على عناصر الحاجز، ما أدى إلى اشتباك مسلح أسفر عن إصابة ثلاثة من العناصر الأمنية.
وأضاف أن المسلحين عمدوا بعد ذلك إلى محاصرة الحاجز، مما استدعى تدخلاً عاجلاً من قوات الأمن العام التي نجحت في فك الحصار وتأمين الموقع، وتمت استعادة الاستقرار لاحقاً، وأشار الرفاعي إلى أن قوات الأمن العام تواصل حالياً تعزيز انتشارها في المنطقة، وتتخذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية السكان وضمان استقرار الأوضاع.
وأشار الرفاعي إلى أن المجموعات نفسها شنّت، مساء الأمس، هجوماً مباغتاً على عدد من الحواجز الأمنية في أشرفية صحنايا، مستخدمة أسلحة رشاشة خفيفة وقذائف "آر بي جي"، ما أسفر عن إصابات في صفوف عناصر الأمن.
وبيّن أن قوات الأمن العام استجابت بسرعة وانتشرت في المنطقة لاحتواء الموقف، إلا أن أفراداً من المجموعات المسلحة اعتلوا أسطح الأبنية وقاموا بأعمال قنص استهدفت العناصر المنتشرة، ما أدى إلى استشهاد خمسة من عناصر الأمن العام وإصابة آخرين.
الداخلية: أحداث صحنايا بدأت بهجوم مجموعات خارجة عن القانون على حاجز أمني
وسبق أن أفاد مصدر رسمي في وزارة الداخلية، أن مجموعات مسلّحة خارجة عن القانون نفذت، مساء اليوم، هجوماً استهدف أحد الحواجز الأمنية في منطقة أشرفية صحنايا بريف دمشق، ما أسفر عن إصابة ثلاثة من عناصر الأمن.
وأشار المصدر إلى أن المسلحين انتشروا عقب الهجوم في الأراضي الزراعية المحيطة، وأقدموا على إطلاق النار بشكل عشوائي على السيارات والمارة، ما تسبب بحالة من الذعر في المنطقة، وأكدت الوزارة أن المجموعات ذاتها استهدفت أيضاً سيارة مدنية قادمة من محافظة درعا، ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص كانوا على متنها.
وفي السياق، تواصل قوى الأمن العام ملاحقة العناصر المتورطة في الاعتداء على الحواجز الأمنية واستهداف المدنيين، في إطار الإجراءات الرامية لضبط الأمن وتقديم المتورطين إلى العدالة.
قتلى وجرحى باشتباكات عنيفة وتوترات أمنية متزايدة في "أشرفية صحنايا" بريف دمشق
وكانت شهدت مدينة أشرفية صحنايا بريف دمشق حالة من التوتر الأمني الشديد، مع نشوب مواجهات عنيفة اندلعت بين مجموعات مسلحة محلية تنتمى إلى الطائفة الدرزية، وأخرى من خارج المنطقة، وسط استخدام كثيف للرشاشات الثقيلة.
وأكدت مصادر محلية أن الاشتباكات التي اندلعت على أطراف المدينة لا تزال مستمرة، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، ورغم الجهود المبذولة على مستوى الدولة السورية لاحتواء المشهد اتهمت "شبكة السويداء 24"، أن الهجوم على أشرفية صحنايا يبدو منسقاً، على الرغم من مشاركة عناصر من الأمن العام مع المجموعات المحلية في المدينة بالتصدي للهجوم.
في حين نعت "حركة رجال الكرامة – قطاع أشرفية صحنايا" أحد أبرز كوادرها، الشيخ وجدي الحاج علي، الذي قُتل خلال التصدي لما وصفته الحركة بـ"تنظيمات متشددة تحاول التسلل إلى المدينة"، على حد تعبيرها.
ووفقًا لبيان منفصل صادر عن الحركة أيضا أن "أشرفية صحنايا تتعرض لتطويق من كافة المحاور، وإطلاق نار كثيف بالرصاص الحي والقذائف من قبل متطرفين سوريين، وبعضهم من جنسيات أجنبية"، -وفق نص البيان-.
تحركات رسمية وفرض حظر تجوال
ومع تصاعد وتيرة العنف، فرضت قوات الأمن الداخلي حظراً للتجوال في مدينتي صحنايا وأشرفية صحنايا، في محاولة لاحتواء الوضع المتأزم. كما أجرى مسؤول منطقة داريا، الأستاذ جميل مدور، برفقة مسؤول أمني، زيارة إلى مشايخ طائفة الموحدين الدروز ولجنة الأعيان في صحنايا للاطلاع على مجريات الأحداث.
وفي السياق ذاته، وبتوجيه من محافظ ريف دمشق عامر الشيخ، اجتمع الدكتور محمد علي عامر، مسؤول منطقة الغوطة الشرقية، مع ممثلين عن الفعاليات الدينية والاجتماعية في جرمانا، لتأكيد التزام الدولة بحماية الأهالي وضمان الأمن ومحاسبة المتورطين بالاعتداءات.
اجتماع طارئ في جرمانا عقب تصعيد طائفي
يأتي ذلك بعد يوم دموي شهدته مدينة جرمانا في 28 نيسان، حيث قتل سبعة أشخاص على الأقل، بينهم عنصران من قوات الأمن العام، في مواجهات عنيفة اندلعت على خلفية تسريب تسجيل صوتي يتضمن إساءة للنبي محمد ﷺ، ما أثار غضباً شعبياً واسعاً واحتقاناً طائفياً امتد إلى عدة مناطق سورية.
وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، عُقد اجتماع رسمي طارئ ضم وفداً حكومياً ووجهاء من جرمانا، بمشاركة الدكتور محمد علي عامر، والأستاذ أحمد طعمة، مسؤول الشؤون السياسية في المحافظة، وعدد من مشايخ الطائفة وممثلين عن المجتمع الأهلي.
واتفق الحاضرون على حزمة من البنود لاحتواء الأزمة، شملت "إعادة الحقوق وجبر الضرر" لأهالي الضحايا، تقديم تعويضات عادلة، ومحاسبة المتورطين بالهجوم، مع تعهّد حكومي بإحالتهم إلى القضاء المختص.
كما شدد المجتمعون على ضرورة وقف التجييش الإعلامي، وتقديم رواية موضوعية لما جرى، إلى جانب تسهيل حركة المدنيين بين دمشق والسويداء دون تهديدات، مؤكدين أن تنفيذ هذه الإجراءات سيبدأ فوراً تحت إشراف مباشر من الجهات المختصة.