يسعى وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت إلى توسيع نطاق الترحيل إلى سوريا، بحيث لا يقتصر على مرتكبي الجرائم فحسب، بل يشمل أيضاً الشباب السوريين غير الحاصلين على حق الإقامة في ألمانيا، في خطوة تُعدّ تحولاً واضحاً في سياسة الهجرة التي تتبناها الحكومة الألمانية الجديدة.
وأصدر دوبرينت، المنتمي إلى "الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري"، تعليمات رسمية إلى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين لاستئناف دراسة طلبات اللجوء المقدمة من السوريين، بعد أن كانت مجمدة خلال السنوات الماضية بسبب الأوضاع الأمنية في سوريا.
وأوضحت متحدثة باسم وزارة الداخلية الألمانية أن التعليمات الجديدة تتركز على الطلبات المقدمة من شبان قادرين على العمل، مشيرةً إلى أن الوزارة سترفض تلقائياً طلبات اللجوء المقدمة من سوريين قاموا بزيارات إلى بلادهم بعد فرارهم منها، معتبرة أن هذه العودة الطوعية تتنافى مع مبررات اللجوء السياسي.
اتفاق مرتقب مع دمشق
وأكد دوبرينت في تصريحات لصحيفة بيلد الألمانية، أن تنفيذ عمليات الترحيل مرهون باتفاق رسمي مع الحكومة السورية، موضحاً أن برلين تعمل على صياغة هذا الاتفاق خلال الأشهر المقبلة "لجعل عمليات الإعادة ممكنة بدءاً بمرتكبي الجرائم".
وأضاف الوزير: "نريد أن تكون عمليات الترحيل منتظمة ومستندة إلى إطار قانوني واضح، يضمن التعاون بين الجانبين ويمنع إساءة استخدام نظام اللجوء".
وكان دوبرينت قد صرح في سبتمبر الماضي بأنه يسعى لإنجاز الاتفاق مع دمشق قبل نهاية العام الجاري، في إطار سياسة ألمانية جديدة تهدف إلى خفض أعداد اللاجئين غير المستحقين للبقاء، وتقليص الضغط على البلديات ومرافق الخدمات.
تشديد متسلسل في سياسة الهجرة
وتأتي الخطوة ضمن سلسلة إجراءات تتبناها حكومة المستشار فريدريش ميرتس الذي تعهد منذ توليه المنصب في مايو الماضي بتسريع عمليات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين، خاصة من الجنسيات السورية والأفغانية، في محاولة لمواجهة صعود اليمين المتطرف الذي يطالب بسياسات أكثر صرامة في ملف الهجرة.
وفي السياق ذاته، أعلن دوبرينت أمس عن تقدم المباحثات مع حركة طالبان لإعادة ترحيل اللاجئين الأفغان، مشيراً إلى أن الاتفاق المرتقب سيتيح تنظيم رحلات الترحيل بانتظام، سواء عبر طائرات مستأجرة أو رحلات تجارية، لتصبح جزءاً ثابتاً من جدول الرحلات بين برلين وكابول.
ويرى مراقبون أن السياسة الجديدة تمثل تحولاً جوهرياً في الموقف الألماني من اللجوء السوري، إذ كانت برلين من أبرز الدول الرافضة سابقاً لإعادة اللاجئين إلى سوريا بسبب الأوضاع الأمنية والإنسانية، أما اليوم، فتبدو الحكومة الألمانية أكثر ميلاً إلى اعتبار مناطق واسعة من سوريا "آمنة نسبيّاً"، خاصة بعد التقارب الأوروبي مع دمشق وعودة العلاقات الدبلوماسية تدريجياً.
ويحذر ناشطون في المقابل من أن عمليات الترحيل القسرية قد تعرض اللاجئين السوريين للخطر، مؤكدين أن أي اتفاق من هذا النوع يجب أن يراعي المعايير الدولية لحقوق الإنسان ويضمن الحماية القانونية للمُعادين إلى بلادهم.
كشفت مصادر خاصة لشبكة شام أن اعترافات الضابط السابق في النظام البائد سامر أديب عمران، الذي اعتُقل مؤخرًا في محافظة اللاذقية، قادت إلى فتح واحد من أخطر ملفات التعاون الأمني مع أجهزة النظام السابقة في محافظة درعا، وأدت إلى حملة اعتقالات وملاحقات أمنية شملت عشرات الأشخاص من المتورطين في قضايا تجسس واعتقال وقتل خلال سنوات الثورة.
وأكدت مصادر أمنية وميدانية متقاطعة أن التحقيقات مع عمران كشفت عن قوائم تضم أسماء متعاونين محليين وضباطًا سابقين وعناصر أمن وأشخاصًا مدنيين كانوا مرتبطين بشكل مباشر بالأفرع الأمنية التابعة للنظام البائد، ومسؤولين عن تزويدها بمعلومات عن ناشطين وثوار قادت لاحقًا إلى اعتقالهم أو تصفيتهم.
وفقًا للمصادر، بدأت بعد أيام من اعتقال عمران تحركات أمنية مكثفة في مختلف مناطق محافظة درعا، حيث شُنت حملات دهم واعتقال طالت عددًا من الأسماء الواردة في القوائم.
وأشارت المعلومات إلى أن بعض هؤلاء الأشخاص اختفوا من منازلهم خلال الأيام الماضية بعد ملاحظتهم اتساع نطاق الاعتقالات، خشية أن تصل الدوريات الأمنية إليهم، في حين تمكنت الأجهزة المختصة من إلقاء القبض على عدد من المطلوبين بالفعل.
تؤكد المصادر أن القوائم التي أدلى بها الضابط المعتقل تضمنت عشرات الأسماء من بينهم:
• شخصيات دينية ومجتمعية ذات نفوذ محلي.
• نساء كنّ يشاركن في نقل معلومات أو تسهيل عمليات أمنية خلال فترة حكم النظام البائد.
• عناصر أمن ووسطاء محليون تورطوا في حملات اغتيال واعتقال واختفاء قسري بحق ناشطين وثوار من أبناء المحافظة.
وتشير المعطيات إلى أن هذه القوائم أعادت فتح ملفات قديمة لضحايا الاختفاء القسري والتعذيب في سجون النظام السابق، حيث كان عدد من الأسماء الواردة في الاعترافات قد لعب دورًا مباشرًا في الإبلاغ عن الضحايا أو المشاركة في ملاحقتهم.
كما استطلعت شبكة شام آراء عدد من الأهالي في محافظة درعا، وتواصلت مع أسرة أحد المختفين قسرًا، التي روت أنها تفاجأت باعتقال أحد أقاربها مؤخرًا من قبل قوات الأمن الداخلي، لتكتشف لاحقًا أنه كان متورطًا في الإبلاغ عن ابنهم واختفائه منذ سنوات في سجون النظام البائد.
وتشير شهادات مشابهة إلى أن هذه الحالة تكررت أكثر من مرة، إذ فوجئت عائلات عدة بأن بعض المقبوض عليهم كانوا عملاء سابقين للأجهزة الأمنية، وتبيّن أن لهم دورًا مباشرًا في اعتقال العشرات من أبناء درعا خلال حقبة النظام السابق.
بحسب بيان وزارة الداخلية السورية الصادر في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2025، فإن العملية التي أدت إلى اعتقال الضابط السابق سامر أديب عمران نُفذت في محافظة اللاذقية، وجاءت استمرارًا لجهود قيادة الأمن الداخلي للحفاظ على الأمن وملاحقة مرتكبي جرائم الحرب وتحقيق العدالة الانتقالية.
وأوضح البيان أن وحدات الأمن الداخلي، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب، نفذت عملية أمنية محكمة أسفرت عن إلقاء القبض على سامر عمران، وهو من بلدة عين البيضا في ريف اللاذقية الشمالي، وكان يشغل سابقًا منصب رئيس مفرزة الأمن العسكري في محافظة درعا إبان حكم النظام البائد.
وأكدت وزارة الداخلية أن التحقيقات أظهرت تورط الموقوف في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين من أبناء محافظة درعا، بما في ذلك عمليات الاغتيال والخطف والابتزاز والإخفاء القسري، وأنه كان يشغل موقعًا قياديًا محوريًا في تنظيم وإدارة هذه العمليات الإجرامية.
وأشار البيان كذلك إلى أن الموقوف أدار شبكات واسعة لتهريب المخدرات وجمع المعلومات والتجسس، وكان متورطًا بشكل مباشر في تصفية النشطاء والثوار وعائلاتهم.
وختمت الوزارة بيانها بالتأكيد على أن المجرم أُحيل إلى القضاء المختص لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقه، مشددة على استمرار الوحدات الأمنية في محافظة اللاذقية في جهودها لملاحقة جميع مرتكبي الجرائم ومحاسبتهم بما يكفل تحقيق العدالة الوطنية.
عبّرت شخصيات اجتماعية ووجهاء من محافظة درعا عن تخوفهم من انعكاسات عشائرية محتملة عقب حملة الاعتقالات الأخيرة، خصوصًا بعد ورود أسماء من عائلات كبيرة ومتشابكة النسب ضمن القوائم التي كشفتها اعترافات الضابط المعتقل سامر عمران.
ودعا العديد من أبناء المحافظة إلى عدم التدخل في عمل القوات الأمنية أو ممارسة ضغوط للإفراج عن الموقوفين الواردة أسماؤهم في تلك القوائم، مؤكدين ضرورة استكمال التحقيقات قبل إصدار الأحكام أو تبرئة أي طرف.
وحذر وجهاء محليون من أن الخطر الحقيقي يكمن في ردود الفعل العشائرية في حال ورد اسم قريب أو أحد أفراد العائلة بين المتهمين، داعين إلى ضبط النفس وتجنّب أي مواجهات داخلية، ومؤكدين أن “من يثبت تورطه لا يمثل عشيرته، ولا يُحاسَب سواه”.
ويرى عدد من النشطاء أن ما يجري في درعا يمثل تحولًا نوعيًا في مسار العدالة الانتقالية، إذ لم تعد الملاحقات تقتصر على الضباط الكبار من النظام البائد، بل امتدت إلى الشبكات المحلية التي كانت الذراع الخفية للأجهزة الأمنية السابقة.
أكد الرئيس أحمد الشرع، أن استقرار سوريا اليوم يشكل فرصة تاريخية للمنطقة والعالم، مشيراً إلى أن التجربة السورية بعد الحرب تمثل نموذجاً للتحول من الألم إلى الأمل، ومن الدمار إلى البناء.
الشرع: شرٌّ خرج من القصر القديم
وفي مقابلة خاصة مع برنامج "60 دقيقة" على قناة CBS الأميركية، كشف الرئيس الشرع أن دخوله الأول إلى القصر الرئاسي الذي كان يشغله الإرهابي الفار بشار الأسد "لم يكن شعوراً مريحاً"، مضيفاً: "شراً كبيراً خرج من هذا القصر ضد الشعب السوري".
وخلال جولة ميدانية مع فريق البرنامج في حي جوبر بدمشق، تحدث الشرع عن الآثار المدمرة للحرب، مشيراً إلى أن كل غرفة مهدمة تحمل قصة عائلة سورية فقدت بيتها أو أحبّاءها، وأن أجيالاً كاملة تعاني من صدمات نفسية عميقة خلفتها سنوات القصف والاعتقال والتهجير.
إعادة الإعمار والاقتصاد
وأوضح الرئيس الشرع أن عملية إعادة إعمار سوريا ستتطلب ما بين 600 و900 مليار دولار، مؤكداً أن هذا الجهد الضخم "لن يكتمل من دون شراكة دولية حقيقية"، ودعا العالم إلى تحمّل مسؤوليته الأخلاقية في دعم الشعب السوري بعد أن تقاعس طيلة 14 عاماً عن إيقاف المأساة.
وقال الشرع: "كل من يعرقل رفع العقوبات عن سوريا هو شريك في الجريمة، لأن هذه العقوبات تطال الإنسان السوري قبل أي مؤسسة".
العلاقة مع روسيا والاعتداءات الإسرائيلية
وحول العلاقة مع روسيا، أوضح الرئيس الشرع أن الدخول في صراع معها حالياً "سيكون مكلفاً ولا يخدم مصلحة سوريا"، مشيراً إلى أن السياسة الخارجية السورية اليوم قائمة على الواقعية والتوازن لا على المواجهة.
وفي حديثه عن الاعتداءات الإسرائيلية، كشف الشرع أن إسرائيل قصفت القصر الرئاسي مرتين، إحداهما بينما كان بالقرب من الموقع، معتبراً أن هذا الفعل "ليس مجرد رسالة بل إعلان حرب"، مؤكداً أن سوريا لا تسعى لخوض حروب جديدة بل لحماية سيادتها واستقرارها.
وردّاً على مزاعم تل أبيب بحماية الدروز، شدد الشرع على أن "هذه قضية داخلية تُحل ضمن القانون السوري، وليس عبر تدخل خارجي".
التفاوض والموقف من الاحتلال
أكد الشرع أن أي مفاوضات مع إسرائيل يجب أن تبدأ بانسحابها الكامل من الأراضي التي احتلتها بعد الثامن من كانون الأول 2024، مشيراً إلى أن سوريا لم تقدم منذ تشكيل الحكومة الجديدة أي استفزاز عسكري أو سياسي تجاه إسرائيل، وأن موقفها "واضح: سلام قائم على العدالة، لا على القوة".
العدالة والمساءلة
وفيما يتعلق بملف المحاسبة، شدد الرئيس الشرع على أن الحكومة السورية ملتزمة بمحاسبة كل من ارتكب جرائم ضد المدنيين، مهما كان انتماؤه، مشيراً إلى أن بلاده "لن تسمح بطي صفحة الجرائم دون عدالة"، وأكد أن الحكومة ستستخدم كل الوسائل القانونية لملاحقة الإرهابي الفار بشار الأسد والمتورطين معه في الجرائم ضد الشعب السوري.
الانتخابات ومجلس الشعب
تحدث الشرع عن التجربة الانتقالية لتشكيل مجلس الشعب، موضحاً أن الانتخابات العامة ستُجرى بعد استكمال إعادة إعمار البنية التحتية وإصدار الوثائق الرسمية للمواطنين، مؤكداً أن سوريا الجديدة ستكون دولة يحق فيها لكل فرد أن يصوّت بحرية تامة.
الشرع بين الماضي والتحول
خصصت القناة الأميركية جزءاً من المقابلة للحديث عن ماضي الرئيس الشرع، وسألته عن صلته السابقة بتنظيمي القاعدة و"داعش"، وردّ الشرع قائلاً: "التنظيم الذي كنت جزءاً منه لم ينفذ أي عمليات خارجية ولم يستهدف سوى النظام المخلوع".
وأوضح أن تلك المرحلة كانت "جزءاً من صراع سياسي داخلي"، وأن كثيراً من الأحداث التي جرى تداولها "تعود إلى فترة كان فيها في السابعة عشرة من عمره"، كما نفى وجود أي توافق سابق مع تنظيم "داعش"، قائلاً: "لو كنت اتفقت معهم لما تركتهم".
رؤية جديدة لسوريا
واختتم الرئيس الشرع حديثه بالتأكيد على أن بلاده دخلت مرحلة جديدة قائمة على بناء دولة القانون والمؤسسات، مضيفاً: "نحن لا نبحث عن تبرير الماضي، بل عن صناعة مستقبلٍ يليق بتضحيات السوريين".
وأكد أن حكومته أنقذت الشعب من "نظام القمع والفساد"، وأن سوريا اليوم تسير بثبات نحو الاستقرار والعدالة والتنمية، مستشهداً بقوله: "استقرار سوريا ليس نهاية الحرب فقط، بل بداية تاريخٍ جديد للمنطقة كلها".
أصدر وزير التعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة السورية القرار رقم 361 تضمن افتتاح كليات وأقسام جديدة، وإيقاف مؤقت للقبول في عدد من الكليات والمعاهد بهدف تنظيم العملية التعليمية ورفع سويتها الأكاديمية، ويعتبر القرار خطوة مهمة في مسار تحديث وتوسيع التعليم العالي في سوريا.
افتتاح كليات وأقسام جديدة في الجامعات الحكومية للعام الدراسي 2025–2026
نص القرار في مادته الأولى على الموافقة على افتتاح عدد من الكليات والأقسام الجديدة في الجامعات الحكومية اعتباراً من العام الدراسي 2025–2026، حيث شملت جامعة حلب وفرع القنيطرة ومناطق إعزاز في الشمال السوري.
وجاء ضمن أبرز ما تضمنته المادة افتتاح قسم اللغة التركية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة حلب، إلى جانب قسم علم النفس في كلية التربية بفرع القنيطرة، وكلية العلوم الصحية في جامعة حلب.
كما تضمن القرار افتتاح كلية الاقتصاد الثانية في إعزاز، وكلية الحقوق الثانية في المنطقة ذاتها، بالإضافة إلى كلية التربية الثانية التي تضم أقسام معلم الصف والإرشاد النفسي والتربية الخاصة، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية الثانية التي تضم اختصاصات اللغة العربية والإنكليزية والتاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع.
إيقاف القبول في بعض الكليات والمعاهد للعام الدراسي 2025–2026
وأشارت المادة الثانية من القرار إلى الموافقة على إيقاف القبول في عدد من الكليات والأقسام التابعة للجامعات الحكومية والخاصة خلال العام الدراسي ذاته، وذلك بهدف تقييم واقعها الأكاديمي والإداري، وضمان التزامها بمعايير الجودة والتعليم الجامعي.
ويشمل هذا الإيقاف كليات جامعة الفرات في فرع الحسكة، وكليات جامعة حمص في تدمر باختصاصاتها العلمية والتربوية، إضافة إلى مدرسة التمريض في جامعة اللاذقية، وعدد من الكليات في الجامعات الخاصة، منها كلية العلاقات الدولية والدبلوماسية في جامعة الشام الخاصة.
وكلية العلوم السياسية في جامعة الشام الخاصة بفروعها في حلب وإعزاز، وكلية آفاق الإلكترونية في جامعة بلاد الشام للعلوم الشرعية، وكلية العلوم السياسية في جامعة باشاك شهير الخاصة، وكلية الإعلام والاتصال في جامعة الرواد الخاصة للعلوم والتقانة، والمعهد التقاني للصحافة والإعلام في جامعة باشاك شهير الخاصة.
افتتاح قسم اللغة التركية بجامعة دمشق
ونصت المادة الثالثة من القرار على الموافقة على افتتاح قسم اللغة التركية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة دمشق بدءاً من العام الدراسي 2025–2026، وذلك في إطار توجه وزارة التعليم العالي نحو إدخال اختصاصات جديدة تواكب الاهتمام المتزايد باللغات الأجنبية التي تشكّل جسور تواصل ثقافي وعلمي واقتصادي مع دول الجوار والمنطقة.
وفي المادة الرابعة، قرر المجلس عدم الموافقة على افتتاح قسم التربية الخاصة في كلية التربية بفرع السويداء، نظراً لعدم توافر المقومات الأكاديمية والبنى التحتية المطلوبة في الوقت الراهن، على أن تتم دراسة الموضوع مجدداً في حال توفر الشروط اللازمة.
ويختتم القرار في مادته الخامسة بتكليف الجهات المعنية في الجامعات الحكومية والخاصة بتنفيذه بدءاً من العام الدراسي الجديد، لضمان تطبيق التعليمات الصادرة ومتابعة الإجراءات الإدارية والفنية اللازمة.
ويأتي القرار رقم /361/ ضمن خطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لإعادة تنظيم التعليم الجامعي في سوريا وفق رؤية توازن بين التوسع الأكاديمي وضبط الجودة، وبما يتناسب مع احتياجات التنمية وسوق العمل. وتعكس بنوده حرص الوزارة على إعادة توزيع الكليات والأقسام بما يخدم مختلف المحافظات.
ويُعتبر القرار خطوة تنظيمية جديدة ضمن سلسلة من الإجراءات التي اتخذها مجلس التعليم العالي مؤخرًا لإعادة هيكلة المؤسسات الجامعية وضمان جودة التعليم، وتوجيه الموارد الأكاديمية والبشرية نحو الاختصاصات الأكثر حاجة في المرحلة المقبلة، بما يسهم في بناء كوادر مؤهلة تدعم عملية التنمية الوطنية في مختلف القطاعات.
تشهد مناطق شمال وشرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” توتراً متصاعداً منذ مطلع الأسبوع، مع تنفيذ حملات دهم واعتقال واسعة طالت عشرات المدنيين، بينهم أطفال، في محافظتي الحسكة ودير الزور.
وأفادت مصادر محلية بأن قوة كبيرة تابعة لـ"قسد" نفّذت فجر يوم الاثنين 13 تشرين الأول/ أكتوبر عملية أمنية واسعة في قرية خربة عمو الواقعة بريف القامشلي، مستخدمة أكثر من أربعين عربة مصفحة حيث أغلقت مداخل القرية بشكل كامل ومنعت الدخول والخروج منها.
وأوضحت المصادر أن العملية أسفرت عن اعتقال ما يزيد على خمسين شاباً من أبناء القرية، وسط حالة من الذعر بين السكان نتيجة المداهمات الليلية واستخدام الطائرات المسيّرة.
كما قامت القوات المهاجمة بكسر الأبواب وتفتيش المنازل ومصادرة ممتلكات خاصة من أموال ومصاغ ذهبية، إضافة إلى مصادرة الأسلحة الفردية التي يحتفظ بها الأهالي لأغراض الحماية الشخصية.
بالتوازي مع ذلك، شهد ريف دير الزور الشرقي سلسلة مداهمات نفذتها "قسد" شملت بلدتي ذيبان والقورية، حيث اعتُقل عدد من الشبان من بينهم محمد مخلف الحنين ونجله عبد العزيز.
وذكرت مصادر محلية لشبكة "الخابور" أن الاعتقالات ترافقت مع اقتحامات عنيفة وممارسات ترهيبية، في وقت نفّذت فيه "قسد" عرضاً عسكرياً في المنطقة ذاتها، في خطوة وُصفت بأنها تهدف إلى فرض الهيمنة وإظهار القوة.
وفي حادثة أثارت غضباً واسعاً بين الأهالي، أقدمت "قسد" على اعتقال الطفل محمد علي مطر البالغ من العمر ثلاثة عشر عاماً من أبناء بلدة القورية بريف دير الزور الشرقي، بعد أن وجّهت إليه تهمة “الانتماء إلى الجيش الوطني السوري وكتيبة القعقاع”.
وأكدت مصادر عائلية أن الطفل لا علاقة له بأي جهة مسلحة، وأن الصورة التي ظهر فيها مرتدياً زياً عسكرياً كانت بدافع التفاخر أمام أصدقائه فقط ورغم ذلك، تم اقتياده إلى أحد المقرات الأمنية، حيث تعرّض للضرب والتعذيب وأُجبر على الإدلاء باعترافات مصوّرة تحت الإكراه، قبل أن تصدر بحقه محكمة تديرها "قسد" حكماً بالسجن لمدة خمس سنوات.
وفي محافظة الرقة، داهمت قوة تابعة لـ"قسد" منزل الشاب "إبراهيم العشوي" في بلدة كبش غربي شمالي الرقة، بهدف اعتقاله، وأطلقت النار عليه أثناء المداهمة ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة نُقل على إثرها إلى مشافي مدينة حلب.
هذا وتشير معلومات إلى أن "العشوي"، كان قد عمل سابقاً في المجال الإعلامي ضمن الإدارة الذاتية قبل أن يترك عمله قبل عام تقريباً، وقد حاولت القوات اعتقاله في أكثر من مناسبة دون أن تنجح.
وترتكب قوات "قسد" منذ سنوات انتهاكات واسعة ضمن مناطق سيطرتها في دير الزور والرقة والحسكة، تشمل الاعتقالات التعسفية، الإخفاء القسري، والتعذيب داخل السجون، ومنع المحاكمات العلنية وتُتهم القوات كذلك بفرض إجراءات أمنية مشددة، مثل المداهمات العشوائية وحظر التجوال الليلي، ما يفاقم حالة التوتر والاحتقان العشائري في المنطقة، خصوصاً مع استمرار سقوط ضحايا من المدنيين خلال العمليات الأمنية والدوريات العسكرية.
أعرب وزير الدفاع السوري اللواء مرهف أبو قصرة، عن شكره العميق لوزير الدفاع التركي يشار غولر، على ما وصفه بـ"حفاوة الاستقبال وجهوده الملموسة في دعم مساعي بناء الجيش العربي السوري"، مؤكداً أن اللقاء الذي جمع الجانبين في أنقرة يمثل محطة مهمة لتعزيز التعاون بين البلدين.
وقال أبو قصرة في منشور على منصة "إكس": "أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى أخي معالي وزير الدفاع التركي السيد يشار غولر على حفاوة الاستقبال وجهوده الملموسة في دعم مساعي بناء الجيش العربي السوري، كما أتقدم بالشكر إلى رئيس الاستخبارات التركية السيد إبراهيم قالن، وإلى معالي وزير الخارجية التركي السيد هاكان فيدان، على مشاركتهم الفاعلة وجهودهم المخلصة في دعم مسارات التعاون والتفاهم المشترك".
وأضاف وزير الدفاع السوري أن اللقاء الذي عُقد اليوم الأحد في العاصمة التركية أنقرة شكّل محطة جديدة لتعزيز التعاون والتنسيق بين الجيشين السوري والتركي، مؤكداً أن هذا المسار يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، ويسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة.
من جانبه، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أن الاجتماع بين الوفدين السوري والتركي شكّل "منعطفاً مهماً في مسار التعاون الأمني والعسكري بين البلدين"، موضحاً في منشور على منصة "إكس" أن تركيا تواصل اتصالاتها مع سوريا على مختلف المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، وأن الجانبين متفقان على "تعزيز التنسيق والتعاون الوثيق لحماية مكتسبات سوريا وتعزيز استقرارها".
وأشار فيدان إلى أن الاجتماعات التي جمعت وزيري الخارجية والدفاع ورئيسي جهازي الاستخبارات في البلدين أتاحت نقاشاً معمقاً حول الأبعاد الاستراتيجية للعلاقات الثنائية، لافتاً إلى أن الطرفين بحثا الخطوات المشتركة لضمان الأمن الكامل لسوريا والحفاظ على وحدة أراضيها ضمن رؤية شاملة ومفصلة.
وأكد الوزير التركي أن "الإدارة السورية الجديدة تمتلك العزيمة والتصميم لتجاوز التحديات الراهنة"، مشدداً على أن **أمن سوريا لا يمكن فصله عن أمن تركيا، وأن أنقرة ستواصل تقديم جميع أشكال الدعم الممكن لتعزيز الاستقرار الإقليمي ومكافحة التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن البلدين.
وكان وفد حكومي سوري رفيع المستوى قد وصل إلى العاصمة التركية برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني، وضم كلاً من وزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة حسين السلامة، في زيارة رسمية لبحث ملفات التعاون الأمني والعسكري بين البلدين.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن المباحثات تركزت على قضايا مكافحة الإرهاب وضبط الحدود وتعزيز الاستقرار والتعاون الميداني والتدريب المشترك، فيما شارك من الجانب التركي وزيرا الخارجية هاكان فيدان والدفاع يشار غولر، إضافة إلى رئيس الاستخبارات إبراهيم قالن.
عادت الجمهورية العربية السورية، بعد غياب دام أربعة عشر عاماً، إلى المشاركة في أعمال لجنة المفاوضات التجارية لنظام الأفضليات التجارية التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، وذلك في الاجتماع الذي عُقد في العاصمة التركية أنقرة بمشاركة وفود من مختلف الدول الأعضاء في المنظمة.
ويمثّل هذا الحدث خطوة مهمة نحو استئناف الدور السوري الفاعل في المنظمات الاقتصادية الإقليمية، واستعادة مكانتها ضمن المنظومة الاقتصادية للدول الإسلامية.
ومثّل سوريا في هذا الاجتماع الأستاذ سامر شنات، المكلّف من قبل وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور نضال الشعار، حيث ألقى كلمةً نقل فيها شكر وتقدير الجمهورية العربية السورية للأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي على دعوتها الكريمة لعودة سوريا إلى هذه اللجنة المهمة، بعد أن تم تجميد عضويتها لمدة أربعة عشر عاماً نتيجة الظروف السياسية السابقة التي مرت بها البلاد.
وأكد في كلمته على أهمية التعاون التجاري والاقتصادي بين الدول الأعضاء، مشيراً إلى أن نظام الأفضليات التجارية يمثل إطاراً حيوياً لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين دول منظمة التعاون الإسلامي، من خلال تخفيض التعريفات الجمركية وتسهيل انسياب السلع والخدمات فيما بينها.
كما شدد على ضرورة تفعيل آليات تبادل الخبرات والمعلومات في المجالات الاقتصادية والتجارية، والعمل على تعزيز الشراكات الاستثمارية بما يسهم في دعم التنمية المستدامة وتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول المنظمة، وصولاً إلى تحقيق مصالح الشعوب الإسلامية في النمو والازدهار.
وأوضح أن عودة سوريا إلى المشاركة في هذه اللجنة تأتي في إطار السياسة الاقتصادية الجديدة التي تتبناها الحكومة السورية، والرامية إلى توسيع التعاون الإقليمي والدولي، والانفتاح على الأسواق الإسلامية والعربية، بما يساهم في تعزيز الإنتاج الوطني وزيادة الصادرات السورية إلى الدول الأعضاء في المنظمة.
كما عبّر عن تطلع سوريا إلى مرحلة جديدة من التعاون البنّاء مع الدول الإسلامية الشقيقة، تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مؤكداً استعداد وزارة الاقتصاد والصناعة للعمل مع مختلف الجهات المعنية في منظمة التعاون الإسلامي لتنفيذ برامج ومشاريع مشتركة تخدم التنمية الاقتصادية والتكامل التجاري بين الدول الأعضاء.
واختُتم الاجتماع بالتأكيد على أهمية استمرار الحوار والتنسيق بين الدول الأعضاء، وتفعيل الأدوات المتاحة في نظام الأفضليات التجارية، بما يُسهم في تحقيق الأهداف الاقتصادية لمنظمة التعاون الإسلامي ودعم الاقتصادات الوطنية للدول المشاركة.
سلط "فضل عبد الغني" مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في مقال نشرها موقع "تلفزيون سوريا" بعنوان "منظومة الاحتجاز والتعذيب لدى نظام الأسد بالتقرير الموسع للآلية الدولية المحايدة"، الضوء على التقرير الموسَّع (نحو 300 صفحة) الذي أعدّته الآلية عن منظومة الاحتجاز والتعذيب لدى نظام الأسد، الذي ساهمت الشبكة بكمّ كبير من الوثائق والبيانات الداعمة.
وقال عبد الغني إن رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة روبرت بيتي الذي أجرى زيارة إلى مكتب الشبكة السورية لحقوق الإنسان وقدّم نسخة ورقية من الترجمة العربية، لافتاً إلى أن صدور النسخة الإنجليزية في كانون الأول/ديسمبر 2024 تزامن مع سقوط النظام، فحال ذلك دون نيله التغطية والنقاش اللذين يستحقهما رغم أهميته والجهود الكبيرة المبذولة فيه.
حصيلة مفزعة للاختفاء القسري وضحايا التعذيب
صدرت أخيرًا النسخة العربية من تقرير الآلية الدولية المحايدة والمستقلة المتناول لجهاز الاحتجاز الحكومي السوري، استنادًا إلى 501 مقابلة وتحليل بنيوي لـ 128 مركز احتجاز في مختلف أنحاء البلاد.
تكشف النتائج كيف جرى تحويل بنية الاحتجاز السورية من منظومة عدالة جنائية إلى آلية متطورة للعنف السياسي. ويحلّل التقرير دلالات هذه النتائج على فهم قمع الدولة، وأحكام القانون الدولي، وبنية الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان في النزاعات المعاصرة.
وقد تضمّن التقرير إحصاءات الشبكة السورية لحقوق الإنسان ضمن الفترة التي يشملها، أي قبل تحديثها عقب سقوط الأسد. فقد وثّقت الشبكة منذ عام 2011 اعتقالَ النظام وإطلاقَ سراح ما يقارب 1.2 مليون مواطن، فيما بقي ما لا يقلّ عن 135,253 شخصًا، بينهم 3,691 طفلًا و8,473 امرأة، رهن الاعتقال و/أو الاختفاء القسري حتى آذار/مارس 2023؛ كما وثّقت الشبكة 15,038 حالة وفاة تحت التعذيب على يد قوات النظام بين آذار/مارس 2011 وآذار/مارس 2023، بينهم 190 طفلًا و94 امرأة، مع التأكيد دائمًا أنّ هذه الأرقام تمثّل الحدّ الأدنى الممكن توثيقه.
من العدالة الجنائية إلى القمع السياسي
وفق عبد الغني، يمثّل نظام الاحتجاز الأسدي انحرافًا جوهريًا عن مقاصد السلطة العامة؛ فما كان يفترض أن يكون أداة لإنفاذ القانون والإجراءات القضائية أُعيد تشكيله عمدًا ليغدو أداة للضبط السياسي.
وتكشف أنماط الاعتقال والنقل والاستجواب وممارسات الاحتجاز في مرافق نظام الأسد عن استراتيجية متماسكة: استخدام الاحتجاز لا لمقاضاة الجرائم وفق معايير قانونية، بل لقمع المعارضة عبر عنفٍ ممنهج. ويتجلّى هذا التحوّل من خلال الاتساق التشغيلي بين المراكز، واستمرارية الممارسات عبر الزمن، والتنسيق البيروقراطي بين الأجهزة.
يعمل النظام على مبدأ الفرز السياسي لا على أساس العدالة الفردية؛ حيث يُصنَّف المواطنون تحت مسمّيات فضفاضة من قبيل «معارض» أو «إرهابي»، ثم يُخضعون لاستراتيجيات احتجاز مصمَّمة لانتزاع الاعترافات، وجمع المعلومات الاستخبارية، وفرض إرهاب الدولة، وهكذا يغدو جهاز الاحتجاز الناقلَ الرئيسي الذي تمارس عبره الدولة السورية إيقاع الألم، وانتزاع الامتثال، وتوسيع نطاق قدرتها على العنف ليشمل شريحة أوسع من المجتمع.
ويوفّر إطار قانون الإرهاب الصادر عام 2012 ومنظومته القضائية المتخصّصة الغطاء القانوني لهذا الجهاز القمعي؛ تُطمِس هذه البُنى عمدًا الحدود بين حوكمة الطوارئ ومكافحة الإرهاب، لتُنشئ ولاية شبه استثنائية تُدار بالإكراه.
وتؤدي صلاحيات النيابة العامة في تمديد الحبس الاحتياطي بدواعٍ أمنية إلى أجل غير مسمّى، إلى جانب المحاكم الميدانية العسكرية المعفاة من القواعد الإجرائية المعتادة، والقبول الروتيني بالاعترافات المُنتزعة تحت الإكراه، مجتمعةً إلى خلق بيئة قانونية يُصبح فيها العنف مشروعًا إجرائيًا.
هذا ليس مجرّد إخفاق في استقلال القضاء أو انهيارٍ لسيادة القانون، بل هو تشييدٌ واعٍ لعالَم قانوني موازٍ تُستبدل فيه الضمانات الإجرائية على نحوٍ منهجي، تعمل محاكم مكافحة الإرهاب والمحاكم العسكرية كأحزمة ناقلة للاضطهاد السياسي، تُوفّر غطاءً من الشرعية الشكليّة لعنفٍ دولتي منظّم. حقوق الدفاع قائمةٌ اسميًا فحسب؛ ولا تُفضي مزاعم التعذيب إلى تحقيقات جادّة؛ ويُصدّق القضاة الاعترافات المنتزعة في ظروفٍ تنتهك كل مبادئ الشهادة الطوعية.
يتّبع الضرر داخل مراكز الاحتجاز السورية أنماطًا متوقّعة تكشف تصميمًا متعمّدًا لا وحشيةً عشوائية.
التنسيق المؤسسي كسياسة دولة
تنبع فاعلية منظومة الاحتجاز السورية كأداة للقمع من تكاملها المؤسسي. فالأجهزة الأمنية، ووزارة الداخلية، والسلطات القضائية المتعدّدة، والميليشيات الموالية للحكومة تعمل كوحدةٍ منسّقة لا كمؤسساتٍ مستقلّة. ويتجلّى هذا التنسيق عبر توجيهاتٍ مركزية، وقوائم “مطلوبين” مشتركة موزّعة على الحواجز، وحملات اعتقال متزامنة تجوب المجتمعات المستهدَفة.
تكشف الأدلة الوثائقية عن اجتماعاتٍ وتعاميم صادرة عن هيئات تنسيق مركزية تُوجّه العمليات بين الأجهزة؛ تُقسّم هذه التعليمات القطاعات، وتُعيد ترتيب أولويات الاعتقال، وتضمن ممارسات موحّدة على امتداد شبكة الاحتجاز.
وتُرسّخ وزارة الداخلية الجانب المدني للجهاز عبر تشغيل السجون ونقاط التفتيش والتعاون السلس مع فروع المخابرات. وبهذا التزامن المؤسسي تُغلق الحلقة بين الاعتقال الميداني والحبس الاحتياطي والاستجواب ثم الإجراءات القضائية، بما يُنشئ دائرةً مكتملة من عنف الدولة.
وتبرز عمليات النقل بين المرافق هذا التنسيق بصورةٍ أوضح؛ إذ يُرحّل المحتجزون مصحوبين بتفويضاتٍ وملخّصات استجواب تُمكّن من استجواباتٍ متسلسلة وإكراهٍ متكرّر في مواقع متعددة. ولا يُعدّ كلّ نقلٍ ضرورةً إدارية، بل فرصةً لتجديد العنف؛ إذ تستخلص جهاتٌ مختلفة معلوماتٍ إضافية، وتحدّد أهدافًا جديدة، وتُفاقم الصدمة الواقعة على المحتجزين.
ويتّبع الضرر داخل مراكز الاحتجاز السورية أنماطًا متوقّعة تكشف تصميمًا متعمّدًا لا وحشيةً عشوائية. يبلغ الاكتظاظ حدودًا تعوق التنفّس؛ ويقود الحرمان من الغذاء والماء الأجساد إلى أقصاها البيولوجي؛ وتنهار شروط النظافة إلى حدّ توطّن الأمراض؛ وتُحجب الرعاية الطبية على نحوٍ منهجي حتى في الحالات المهدِّدة للحياة. ليست هذه الظروف نتاج نقص مواردٍ أو ضرورات حرب، بل أدواتٍ مُعدّلة لإنتاج المعاناة.
وتظهر أساليب التعذيب الجسدي والنفسي في المرافق المختلفة متطورةً وموحّدة؛ تُنتقى بناءً على قدرتها على كسر المقاومة مع ترك أدنى أثرٍ ظاهري، أو على العكس لإحداث أذًى مرئيٍّ أقصى بوصفه رسالة ردع. ويُحيل اتّساق هذه الممارسات عبر المكان والزمان إلى التدريب والإشراف وضبط الجودة، وهي سمات سياساتٍ مؤسسية لا تجاوزاتٍ فردية.
كما تكشف ممارسات الاستجواب غايتها الحقيقية من خلال أساليبها وأهدافها: فهي لا تركز على إثبات وقائع جرائم محدّدة بقدر ما تستهدف انتزاع اعترافات بتهمٍ مُعدّة سلفًا، وتحديد أهداف إضافية للاعتقال، وكسر إرادات المعارضين المُفترضين. وغالبًا ما تخلو
المعلومات المطلوبة من قيمةٍ تحقيقية؛ إذ تُستعمل جلسات الاستجواب لتوريط آخرين، ونسج شبكاتٍ من الشك، وتوليد مادة خام لمزيدٍ من الاضطهاد.
ويبرز الموت في الحجز نتيجةً متوقّعة لتصميم هذه المنظومة؛ فمزيج التجويع، والأمراض غير المعالَجة، والإهمال الطبي، والعنف المباشر يُنتج وفيّاتٍ واسعة النطاق. ومع ذلك، لا ينهي الموت سيطرة الدولة؛ إذ تنخرط المستشفيات العسكرية في الإخفاء وتزوير شهادات الوفاة والتخلّص من الرفات بطرائق تحرم العائلات من الحقيقة وتُموّه ملابسات الوفاة. ويجسّد هذا العنف الإداري، المحو البيروقراطي لوقائع الموت، تأكيدًا أخيرًا لسلطة الدولة على الأحياء والأموات معًا.
ويتجاوز حجم الوفيات داخل مراكز الاحتجاز المأساة الفردية إلى عنفٍ ديموغرافي؛ إذ تفقد مجتمعاتٌ بأكملها أعدادًا كبيرة من البالغين، فتتكوّن فراغاتٌ اجتماعية ممتدّة عبر الأجيال. إنّ منهجية هذه الوفيات وقابليتها للتوقّع في ظلّ شروط الاحتجاز، إلى جانب جهود الدولة لإخفائها، تُشكّل قرائنَ متضافرة لا على الإهمال، بل على القصد، أي القبول المدروس بالموت الجماعي كأداةٍ للسيطرة السياسية.
وتستحق مشاركة المؤسسات الطبية في هذه المنظومة إدانةً خاصة؛ فقد تحوّلت المستشفيات العسكرية، التي يُفترض أن تكون مراكز علاج، إلى عقدٍ محورية في جهاز الإخفاء، تُنتِج وثائق مزوّرة وتُسهّل اختفاء الجثامين. أما المتخصصون الطبيون، المكلَّفون أخلاقيًا بصون سلامة المرضى، فيشاركون في التعذيب عبر الحرمان الانتقائي من العلاج وإضفاء طابعٍ طبيّ على العنف.
يتجاوز هذا التواطؤ حدود الإخفاقات الأخلاقية الفردية إلى فسادٍ مؤسسيّ ممنهج؛ إذ ينسّق مديرو المستشفيات مع الأجهزة الأمنية، وتُزوَّر السجلات الطبية بصورةٍ روتينية، وتعمل البنية التحتية الصحية برمّتها داخل منظومة الاحتجاز وفق مقتضياتٍ سياسية لا علاجية.
الآثار القانونية الدولية
يتحدّى نظام الاحتجاز الأسدي الافتراضات الأساسية بشأن سيادة الدولة وحدود سلطتها على مواطنيها. إن تحويل البنية التحتية للعدالة الجنائية إلى أداة قمعية ينتهك أحكامًا عدة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، كما يمتد ليطال الإطار الكامل للحكم الشرعي بموجب القانون الدولي. وحين ينفصل الاحتجاز عن أي غرضٍ قضائي حقيقي ويغدو آليةً للعنف فحسب، يفقد صفته كممارسةٍ مشروعةٍ لسلطة الدولة.
وترقى الطبيعة المنهجية لهذه الانتهاكات، بما في ذلك تنسيقها بين الأجهزة، واستمراريتها الزمنية، واتساع نطاقها الجغرافي، إلى معايير الجرائم ضد الإنسانية.
يعمل نظام الاحتجاز كهجومٍ واسع النطاق ومنهجيٍّ على السكان المدنيين، مع توافر العلم والنية كما تشي بهما البنية البيروقراطية وتوثيق السياسات؛ فكل اعتقالٍ ونقلٍ وجلسة استجواب ووفاةٍ مُخفاة ليست وقائع معزولة، بل حلقاتٌ متكاملة في حملة اضطهادٍ ممنهجة.
وقد تغذت منظومة الاحتجاز الأسدية على إفلاتٍ شامل من العقاب على جميع المستويات. فالحُرّاس الذين يمارسون التعذيب لم يواجهوا أية ملاحقةً قضائية؛ والمسؤولون الذين يُدبّرون عمليات نقل المحتجزين لمزيدٍ من الانتهاكات يعملون داخل بيروقراطيات روتينية؛
والقضاة الذين يُصدّقون الاعترافات المنتزعة تحت الإكراه يمضون في مساراتهم المهنية؛ والأطباء الذين يزوّرون شهادات الوفاة يزاولون أعمالهم دون مساءلة. ليس هذا الإفلات عرضيًا، بل ضرورةٌ وظيفية؛ إذ إن تعطيل المساءلة يحوّل العنف إلى حالةٍ قابلةٍ للاستدامة. وعليه، ينبغي أن تركز آليات العدالة الدولية على القيادة العليا، وأيضا على شبكة المشاركة بأكملها.
ينبغي أن تدفع الأدلة المستقاة من مراكز الاحتجاز السورية نحو إعادة نظرٍ جذرية في كيفية تصوّر القانون الدولي للعنف الممنهج القائم على الاحتجاز وكيفية الاستجابة له.
خاتمة
يمثّل نظام الاعتقال الأسدي نموذجًا صارخًا لكيفية تسليح الأنظمة الاستبدادية لمؤسسات الدولة ضدّ مجتمعاتها. فإعادة توظيف البنية التحتية للعدالة الجنائية كآلةٍ للعنف السياسي ليست فشلًا في عمل الدولة، بل تصميمًا واعيًا لها، أي اختيارًا مُتعمدًا للحكم بالإرهاب بدلًا من الشرعية. إن تعقيد هذه المنظومة وتنسيقها البيروقراطي واستمراريتها عبر الزمن تكشف علاقةً جوهرية تُقيمها الحكومة مع مواطنيها: لا كسلطةٍ ذات سيادةٍ تحمي شعبها، بل كقوةٍ قمعيةٍ تتصرّف بوصفها سلطة احتلال على مجتمعٍ مُخضَع.
ولممارسي القانون الدولي والسياسة، تُقدِّم هذه المنظومة دروسًا بالغة الأهمية حول الارتباط بين التصميم المؤسسي والعنف الممنهج. فعندما توفّر الأطر القانونية غطاءً للتعذيب، وتُسهّل الإجراءات البيروقراطية الإخفاء، وتشارك المؤسسات الطبية في التستّر، تتراكم الفظائع الفردية لتتحوّل إلى عنفٍ هيكلي.
وينبغي أن تدفع الأدلة المستقاة من مراكز الاحتجاز السورية نحو إعادة نظرٍ جذرية في كيفية تصوّر القانون الدولي للعنف الممنهج القائم على الاحتجاز وكيفية الاستجابة له. فالأطر الراهنة، المُصمَّمة أساسًا للتعامل مع الحرب التقليدية والإبادة الجماعية، تُعاني في استيعاب فظاعة دولةٍ تُحوّل منظومتها الاحتجازية برمّتها إلى أداةٍ للاضطهاد السياسي. وكما تُظهر الحالة السورية بجلاء، حين يصبح الاحتجاز سلاحًا في الحرب، تنهار الحدود التقليدية بين المقاتلين والمدنيين، وبين ساحة المعركة والسجن، وبين الحرب والحكم، لنبلغ واقعًا موحّدًا من إرهاب دولةٍ ممنهج.
نظم عدد من معلمي الشمال السوري، يوم الأحد الماضي 12 تشرين الأول/أكتوبر، وقفة احتجاجية أمام مديرية التربية في حي الجميلية وسط مدينة حلب، جددوا خلالها مطالبهم السابقة بالتثبيت الوظيفي وصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة.
مطالب المعلمين المحتجين
ورفع المحتجون اللافتات، وطالبوا بالإسراع في إجراءات تثبيتهم وتجهيز ملفات خاصة لكل معلم، وإعادة زملائهم المفصولين إلى العمل، إلى جانب تسهيل النقل الخارجي، مع تحقيق المساواة في الرواتب مع باقي المحافظات، وصرف أجور المراقبة، والعمل على دمج فعلي لمديريات التربية في الشمال السوري.
وأكد المعلمون المشاركون في الوقفة، القادمون من بلدات ومدن الريف الشمالي لحلب، أنهم يعانون من انعدام الاستقرار المعيشي بسبب غياب الرواتب وعدم تثبيتهم الوظيفي.
معاناة وظروف قاسية
وشدد المحتجون على أنهم قدّموا تضحيات كبيرة في سبيل الثورة، واستمروا في أداء مهنتهم رغم ما واجهوه من ظروف قاسية، شملت القصف والنزوح وضعف الأجور وغيابها وغيرها من التحديات، مؤكدين أن مطالبهم ليست سوى حقٍّ أساسي من حقوقهم بعد سنوات طويلة من المعاناة.
التظاهرة الثانية
يُذكر أن هذه التظاهرة هي الثانية من نوعها، إذ سبق أن نُظِّمت وقفة احتجاجية مماثلة في ساحة سعد الله الجابري وسط مدينة حلب، شارك فيها معلمو ريف حلب الشمالي للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة، والتثبيت الوظيفي، وإتاحة النقل.
نقابة المعلمين السوريين تدعو للاحتجاج
وكانت نقابة المعلمين السوريين الأحرار في شمال سوريا قد دعت، في بيان رسمي صدر يوم الجمعة الماضي 10 تشرين الأول/أكتوبر، إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مديرية التربية في حلب.
وجاءت هذه الدعوة، وفق ما ورد في البيان، احتجاجاً على عدم تنفيذ مطالب المعلمين رغم مرور عشرة أشهر على تحرير المناطق من سيطرة النظام البائد، حيث ما يزال المعلمون يعانون من غياب التثبيت الوظيفي، وعدم عودة المفصولين، وغياب النقل الخارجي.
مدير التربية والتعليم في حلب يوضح
من جانبه، أوضح أنس قاسم، مدير التربية والتعليم في حلب، عبر الصفحة الرسمية للمديرية، أن الرواتب تُصرف بانتظام لجميع المعلمين، مشيراً إلى أن العمل جارٍ على دمج ملفات العاملين ضمن مديرية التربية في حلب.
وأضاف قاسم أن المديرية استقبلت طلبات النقل الخارجي من المعلمين الراغبين في العودة إلى محافظاتهم، وأن هذه الطلبات قيد الدراسة ليُنقل أصحابها وفق الأصول، داعياً الكوادر التعليمية إلى عدم الانجرار وراء الشائعات، ومتابعة الأخبار من المنصات الرسمية لوزارة التربية ومديرية التربية والتعليم في حلب.
وتأتي هذه الوقفات الاحتجاجية في ظلّ استمرار المعلمين بالمطالبة بحقوقهم الأساسية، بما في ذلك التثبيت الوظيفي وصرف المستحقات المالية، فيما تؤكد الجهات الرسمية أنها تتابع الملفات بعناية وتعالج طلبات النقل وفق الأصول، سعياً لضمان حقوق الكوادر التعليمية وتحسين أوضاعهم المعيشية.
تشهد العديد من المدن السورية تفاقماً لظاهرة إشغال الأرصفة، التي تحولت من فضاءات مخصصة إشغال الأرصفة في سوريا: تحديات البسطات وتأثيرها على حركة المرور وسلامة المواطنين
يشكو الأهالي في بعض المناطق السورية من ظاهرة تحول الأرصفة، المخصصة لتنقل المارة، إلى مساحات تجارية صغيرة. حيث يقوم الباعة بوضع بسطاتهم وبضائعهم المتنوعة، ويعرضونها للبيع مع توجيه النداءات لجذب الزبائن، ما يؤدي إلى ازدحام شديد ويعطل حركة المرور والمارة على حد سواء.
وقوع حوادث مرورية
وبحسب مدنيين قابلناهم، أدى إشغال الأرصفة من قبل البسطات والأكشاك إلى تداعيات خطيرة على السلامة العامة والتنظيم المروري. فقد تسببت هذه الظاهرة في وقوع حوادث مرورية متكررة، وأوجدت حالة من الازدحام في الشوارع، ما أثر بشكل مباشر على حركة المركبات والمواطنين.
استغلال الأرصفة من قبل أصحاب المحلات
أوضح المدنيون أن بعض أصحاب المحلات يضعون بضائعهم خارج المحلات، مستغلين مساحات من الأرصفة لوضع صناديق وكراسي وأغراض أخرى، مما دفع الكثير من المواطنين إلى تفادي المشي عليها لتجنب الاصطدام بتلك البضائع، الأمر الذي أزعج المارة وزاد من الفوضى المرورية في الشوارع.
حملات البلديات وفعالية الحلول المؤقتة
أكد الأهالي أن الحملات التي نفذتها البلديات في مناطق مختلفة من سوريا لإزالة الإشغالات من الأرصفة والشوارع لم تحقق نتائج دائمة، إذ لم تدم إلا لفترة قصيرة قبل أن تعود الأرصفة والشوارع إلى وضعها السابق.
ويشير المواطنون إلى أن هذه المشكلة أثر سلباً على حياتهم اليومية، وزاد من شعورهم بالإحباط بسبب غياب حلول فعّالة تمنع إقامة البسطات على الأرصفة بشكل دائم.
التأثيرات السلبية على سائقي سيارات الأجرة
تتجلى آثار ظاهرة إشغال الأرصفة بشكل واضح على سائقي سيارات الأجرة، إذ يشيرون إلى أن ازدحام البسطات والأكشاك يعوق تنقلهم المستمر بين الشوارع، ويجعلهم أكثر عرضة للتأخير والحوادث.
وأكد السائقون أن هذه الفوضى تضطرهم أحياناً إلى التمهل أو التوقف فجأة لتجنب الاصطدام بالمشاة الذين يضطرون للسير على أطراف الطرقات بسبب ضيق المساحات المخصصة لهم، ما يزيد من صعوبة عملهم ويضع حياة الجميع في خطر.
ظروف الباعة ودوافع عملهم على الأرصفة
في المقابل، يشير عدد من الباعة إلى أن أغلبهم أشخاص لا يملكون وسيلة عمل أخرى، ويعملون في هذه المهنة لتأمين دخلهم. يبيعون بضائعهم على الأرصفة لتوفير مصاريف تشغيل المحلات مثل الكهرباء والمياه، ودفع إيجار المحل، بالإضافة إلى الحدّ الأدنى من رأس المال الذي يملكونه. د
حلول فعالة
خلاصة القول، تعد ظاهرة إشغال الأرصفة من مقبل البسطات تحدياً مستمراً يتطلب حلولاً أكثر فعالية، منها كما يقترح مراقبون تنظيم الأسواق من قبل الدولة، وإنشاء مناطق مخصصة للباعة المتجولين، إلى جانب تعزيز الرقابة المدنية، وتصميم تطبيقات على الهواتف الذكية لتسهيل التبليغ عن الإشغالات.
استقبل مرفأ اللاذقية الباخرة العملاقة "NAVEGANTES" التابعة لشركة CMA CGM العالمية، في خطوة وُصفت بأنها نقلة نوعية في حركة المرافئ السورية، وترسيخ لمكانتها كمركز لوجستي رئيسي على الساحل الشرقي للبحر المتوسط.
وذكرت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية عبر قناتها الرسمية أن السفينة تُعد من أكبر البواخر التي ترسو في الميناء، إذ يبلغ طولها نحو 222 متراً، ما يعكس جاهزية المرافئ السورية لاستقبال السفن الضخمة وفق أعلى المعايير الفنية واللوجستية، وتحمل الباخرة شحنة متنوعة من البضائع والسلع الأساسية المخصصة **لدعم احتياجات السوق المحلية وتحريك النشاط التجاري في البلاد**.
وقالت الهيئة إن هذا التطور يأتي ضمن الجهود الحكومية المستمرة لتعزيز موقع المرافئ السورية كمنافذ بحرية استراتيجية تسهم في إنعاش الاقتصاد الوطني، وتوسيع آفاق التبادل التجاري مع مختلف دول العالم، بعد سنوات من التراجع الذي فرضته الحرب والعقوبات.
وفي سياق متصل، استقبل مرفأ طرطوس باخرتين محملتين بنحو 70 ألف طن من مادة القمح لصالح المؤسسة السورية للحبوب، في خطوة تؤكد استمرار برنامج دعم الأمن الغذائي الوطني وتأمين الاحتياجات الاستراتيجية من القمح لضمان استمرارية إنتاج الخبز في الأسواق.
دعم الأمن الغذائي واستقرار السوق
وأوضح مازن علوش، مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، أن الباخرتين تحملان شحنتين مخصصتين بالكامل للمؤسسة السورية للحبوب، بواقع 45 ألف طن في الأولى و25 ألف طن في الثانية، مبيناً أن هذه الدفعة الجديدة تأتي ضمن برنامج توريد متواصل يهدف إلى دعم المخزون الاستراتيجي الوطني من القمح وتلبية احتياجات المخابز العامة والخاصة في مختلف المحافظات.
وأكد علوش أن الهيئة تواصل عملها بالتنسيق مع الجهات الحكومية لضمان تدفق المواد الأساسية عبر المرافئ والمنافذ الحدودية، مشدداً على أن هذه الجهود تعكس التزام الحكومة بالحفاظ على استقرار السوق المحلية وضمان توفر المواد الغذائية الأساسية، بما ينعكس إيجاباً على الوضع المعيشي للمواطنين.
خطط للتنويع والاستدامة
وأشار علوش إلى أن الخطط الحكومية الحالية تركز على تنويع مصادر الاستيراد وتعزيز قدرات النقل والتخزين، لضمان استدامة إمدادات القمح في ظل الاضطرابات العالمية في سلاسل الإمداد وأسعار الحبوب، مضيفاً أن الهيئة تعمل على تحديث آليات التفريغ والنقل لتسريع وصول الشحنات إلى المراكز التخزينية والمطاحن.
وتشير بيانات الهيئة إلى أنها تمكنت منذ سقوط النظام البائد من استقبال نحو 400 ألف طن من القمح عبر المرافئ السورية، في مؤشر واضح على تحسن أداء القطاع البحري ودوره الحيوي في تأمين احتياجات البلاد من المواد الأساسية، وفي مقدمتها القمح الذي يشكل الركيزة الأولى للأمن الغذائي واستقرار الأسعار في قطاع الخبز.
طرطوس واللاذقية.. محور الإمداد الوطني
ويُعدّ مرفأ طرطوس أحد أهم نقاط الاستيراد في البلاد، حيث يشهد منذ مطلع العام الجاري نشاطاً متزايداً في حركة السفن القادمة بالمواد الغذائية والإنشائية الأساسية، بفضل تنسيق حكومي يهدف إلى ضمان انسيابية التوريد وتخفيف أي اختناقات قد تواجه سلاسل الإمداد الداخلية.
ويأتي وصول الباخرة “NAVEGANTES” وشحنات القمح الجديدة ليؤكد استمرار تنفيذ البرنامج الحكومي لتأمين المواد الاستراتيجية، وسط ظروف اقتصادية معقدة تتطلب إدارة دقيقة وتنسيقاً فعالاً بين مؤسسات الدولة، لتأمين استقرار السوق المحلية ودعم صمود الاقتصاد الوطني في مرحلة التعافي.
أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أن اللقاء الذي عُقد اليوم في العاصمة أنقرة مع الوفد السوري رفيع المستوى شكّل منعطفاً مهماً في مسار التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، مشيراً إلى أن المحادثات تناولت “تقييماً شاملاً للعلاقات الثنائية وخطط التعاون الاستراتيجي المقبلة”.
وأوضح فيدان، في منشور على منصة "إكس"، أن تركيا تواصل اتصالاتها مع سوريا على مختلف المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، مشدداً على أن الجانبين متفقان على "تعزيز التنسيق والتعاون الوثيق لحماية مكتسبات سوريا وتعزيز استقرارها".
وأضاف الوزير التركي أن الاجتماعات التي جمعت وزيري الخارجية والدفاع ورئيسي جهازي الاستخبارات في البلدين أتاحت نقاشاً معمقاً حول الأبعاد الاستراتيجية للعلاقات الثنائية، لافتاً إلى أن الطرفين بحثا الخطوات المشتركة لضمان الأمن الكامل لسوريا مع الحفاظ على وحدة أراضيها، ضمن رؤية شاملة ومفصلة.
وأشار فيدان إلى أن “الإدارة السورية الجديدة تمتلك العزيمة والتصميم لتجاوز التحديات الراهنة”، مؤكداً أن أمن سوريا لا يمكن فصله عن أمن تركيا، وأن أنقرة ستواصل تقديم جميع أشكال الدعم الممكن لتعزيز الاستقرار الإقليمي، ومكافحة التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن البلدين.
وكان وفد حكومي سوري رفيع المستوى قد وصل إلى العاصمة التركية برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني، وضم كلاً من وزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة حسين السلامة، في زيارة رسمية لبحث ملفات التعاون الأمني والعسكري بين البلدين.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن المباحثات ركزت على قضايا مكافحة الإرهاب وضبط الحدود وتعزيز الاستقرار والتعاون الميداني والتدريب المشترك، فيما شارك من الجانب التركي وزيرا الخارجية هاكان فيدان والدفاع يشار غولر، إضافة إلى رئيس الاستخبارات إبراهيم قالن.