كشفت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير موسع عن تفاصيل غير مسبوقة تتعلق بقضية الصحفي الأميركي أوستن تايس، المختطف في سوريا منذ عام 2012، مسلطة الضوء على الدور المحوري الذي لعبه نظام بشار الأسد في احتجازه، وممارسته سياسة المراوغة التي عطلت كل الجهود الدولية الرامية إلى كشف مصيره أو استعادته.
انطلق أوستن تايس، الجندي السابق في قوات المارينز والصحفي المستقل، إلى سوريا في أيار 2012 عبر الحدود التركية، بدافع توثيق الثورة السورية. وبعد تنقلاته في الشمال بمساعدة المعارضة، واصل طريقه إلى دمشق متخفياً أحياناً بزي نساء محجبات. وفي داريا بريف دمشق عاش مع مقاتلي الجيش الحر واحتفل بعيد ميلاده الأخير قبل أن تنقطع أخباره في 13 آب 2012، بعد آخر إشارة التقطها هاتفه الفضائي.
فبركة الفيديو ومسؤولية الأسد
أكد التقرير أن تايس وقع بيد أجهزة الأسد الأمنية عند حاجز في دمشق، بعد وشاية من سائق أجرة، وسُلّم إلى ضابط المخابرات بسام الحسن، وبحسب منشقين، تم استجوابه في مقر مؤقت قرب مكتب الحسن، فيما دبّر النظام لاحقاً فيديو مفبركاً يظهره معصوب العينين بين رجال ملثمين، في محاولة لإلصاق اختطافه بجماعات متشددة.
وأوضحت الصحيفة أن صحفيين دوليين كشفوا زيف الفيديو سريعاً، وتشير المصادر إلى أن تايس حاول الهروب لفترة وجيزة، لكنه وقع مجدداً في قبضة الأمن عندما دخل بالخطأ إلى حي يقطنه كبار ضباط النظام، بينهم علي مملوك.
ورقة مساومة ووعود كاذبة
منذ البداية، تعامل النظام مع ملف تايس كورقة مساومة، مقدماً وعوداً بالإفراج عبر وسطاء، لكنها لم تتحقق، ورغم نفي دمشق، كان الوسطاء والدبلوماسيون يؤكدون أنه محتجز لدى المخابرات. السفيرة التشيكية في دمشق، إيفا فيليبي، أكدت عام 2012 أنه على قيد الحياة، لكن النظام ظل ينكر، فيما عاشت عائلته بين الأمل والخيبة.
محاولات أميركية متكررة
تحولت القضية إلى ملف معقد عبر أربع إدارات أميركية متعاقبة، من أوباما إلى بايدن. أجريت لقاءات سرية بين مسؤولين أميركيين وأطراف من نظام الأسد في عمان ومسقط ودمشق، كما جرى استخدام وسطاء لبنانيين مقربين من الأسد. حتى إن واشنطن عرضت تسهيلات طبية لأسماء الأسد كحافز، لكن النظام تمسك بإنكاره. ورغم عرض مكافأة 10 ملايين دولار مقابل أي معلومة، لم يُحرز أي تقدم ملموس.
سقوط النظام والصدمة
مع انهيار نظام الأسد في كانون الأول 2024، عاشت عائلة تايس أملاً كبيراً بظهوره بين المعتقلين المفرج عنهم، لكن الآمال تحولت إلى صدمة قاسية مع غياب أي أثر له. وفي نيسان 2025، عاد اسم الضابط بسام الحسن إلى الواجهة حين ادعى أن الأسد أمر بإعدام تايس عام 2013، لكن شهادته اعتُبرت موضع شك، خاصة أنه فر لاحقاً إلى إيران.
مأساة مستمرة
ورغم مرور 13 عاماً، ما تزال عائلة تايس تبحث عنه بلا كلل. والدته ديبرا وزعت منشورات في دمشق في محاولات يائسة للعثور على ابنها، متهمة حكومتها بالتقصير. واليوم، تعمل الحكومة السورية الجديدة مع الجانب الأميركي لمتابعة خيط جديد، استناداً إلى شهادات مقربين من الحسن، أملاً في إنهاء هذه المأساة الطويلة.
عقدت مجموعة التنسيق بين المؤسسات التركية اجتماعها الثامن يوم الجمعة في العاصمة أنقرة، برئاسة نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز، لبحث العلاقات مع سوريا.
وذكرت وزارة الخارجية التركية في بيان نشرته عبر منصة "نيكست سوسيال"، أن اللقاء الذي ترأسه يلماز ركّز على العلاقات الثنائية بين أنقرة ودمشق، دون الكشف عن مخرجات محددة أو الخوض في الملفات التي طُرحت للنقاش.
ويأتي هذا الاجتماع بعد أيام من المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع نظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة، حيث أكد الشيباني أن سوريا تمر بمرحلة دقيقة عقب سنوات الحرب التي خلفت دماراً واسعاً ومعاناة لملايين السوريين.
وأشار الشيباني حينها إلى أن التحديات الحالية لا تقل خطورة عن الحرب نفسها، وفي مقدمتها الاعتداءات الإسرائيلية التي تهدد استقرار البلاد والمنطقة، إلى جانب محاولات فرض واقع تقسيمي وإثارة الفوضى.
ولفت الوزير السوري إلى أن حكومته تعمل على إرساء الاستقرار في مختلف المناطق وإطلاق الخدمات رغم الظروف الصعبة، مؤكداً الاستعداد للتعاون مع أي شراكة تحترم وحدة سوريا وسلامة أراضيها. كما أوضح أنه بحث مع الجانب التركي سبل تعزيز التعاون السياسي والتنسيق الأمني، مجدداً الترحيب بعودة المهجرين السوريين تدريجياً إلى مناطقهم، معتبراً أن استقرار سوريا هو استقرار للمنطقة بأكملها.
يستضيف مجلس اللوردات في البرلمان البريطاني، في التاسع من أيلول المقبل، مائدة مستديرة مخصّصة لمناقشة مسارات العدالة والمساءلة في سوريا، بعد مرور تسعة أشهر على سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
الفعالية ينظمها كل من المعهد الحقوقي التابع لجمعية المحامين الدولية، ومشروع "الطائفية والوكلاء وإزالة الطائفية" في جامعة لانكستر، إضافة إلى مركز "السياسات الخارجية"، وستترأس النقاشات البارونة هيلينا كيندي، مديرة المعهد الحقوقي وعضو مجلس اللوردات، التي تُعرف بدفاعها الطويل عن الحريات المدنية وحقوق الإنسان في بريطانيا والعالم.
وستجمع الطاولة المستديرة نخبة من السياسيين والبرلمانيين والخبراء القانونيين والأكاديميين، إلى جانب ممثلين عن المجتمع المدني السوري، ومن أبرز المشاركين "فضل عبد الغني، المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان، وسناء كيخيا، المديرة التنفيذية لبرنامج التنمية القانونية السوري.
أيضاَ "د. ماريا كاسترينو، محاضرة في الأنثروبولوجيا بجامعة برونيل – لندن، وآلان حاجي، مسؤول بناء القضايا في المركز السوري للعدالة والمساءلة، و ماريانا كركوتلي، مؤسسة وعضو مجلس إدارة مبادرة "حقوقيات"، والبروفيسور سايمون مابون، رئيس قسم السياسة الدولية بجامعة لانكستر.
ووفق ما أُعلن، ستتركز الجلسات على تقييم الوضع السوري الراهن، والبحث في آليات العدالة الدولية والمساءلة عن الانتهاكات التي ارتكبها نظام الأسد البائد. ومن بين الأسئلة المحورية المطروحة "كيف يمكن تحقيق العدالة للضحايا والناجين من الجرائم الجسيمة؟، ما الدور الذي يجب أن تضطلع به المملكة المتحدة والمجتمع الدولي لدعم مؤسسات ديمقراطية ناشئة؟، ما هي فرص إحلال السلام وبناء حكم رشيد طويل الأمد في سوريا؟
تأتي هذه الطاولة المستديرة كفرصة لمراجعة المسار السوري في مرحلة ما بعد التحولات السياسية، وتسليط الضوء على العدالة الانتقالية باعتبارها حجر الأساس في بناء مستقبل مستقر، يضمن حقوق الضحايا ويؤسس لدولة القانون.
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ومنظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) بياناً مشتركاً بمناسبة مرور شهر كامل على اختطاف حمزة العمارين، رئيس مركز الدفاع المدني في مدينة إزرع بمحافظة درعا، أثناء قيامه بواجبه الإنساني في السويداء.
وأوضح البيان أن الحادثة وقعت يوم الأربعاء 16 تموز/يوليو 2025، حين اعترضت مجموعة مسلحة محلية سيارة العمل الإنساني التابعة للعمارين والممهورة بشعار الدفاع المدني، في منطقة دوار العمران بمدينة السويداء، بينما كان في طريقه لتنفيذ مهمة إجلاء طارئة لطاقم من الأمم المتحدة. وقد جرى اقتياده إلى جهة مجهولة.
وأضاف البيان أن اتصالاً هاتفياً جرى بعد أقل من أربعٍ وعشرين ساعة، حيث رد شخص مجهول على هاتف العمارين وأكد أنه ما يزال على قيد الحياة، قبل أن ينقطع الاتصال نهائياً، ومنذ ذلك الحين لم ترد أي معلومات مؤكدة حول مكان احتجازه أو أوضاعه الصحية.
وأكدت المنظمتان أن استمرار اختطاف العمارين يشكّل جريمة حرمان من الحرية وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويحرم المجتمع المحلي من أحد أبرز العاملين في إنقاذ الأرواح. كما شدد البيان على أن الجريمة ألقت بظلالها الثقيلة على عائلته وزملائه، ووجهت ضربة مؤلمة لجهود العمل الإنساني في المنطقة.
وطالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان والدفاع المدني السوري بالإفراج الفوري وغير المشروط عن حمزة العمارين، والكشف عن مصيره وضمان سلامته الجسدية والنفسية، إلى جانب محاسبة جميع المتورطين في عملية الاختطاف.
وأشار البيان إلى أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، بل تأتي ضمن سلسلة من الانتهاكات التي طالت عدداً من العاملين الإنسانيين في السويداء، وهو ما يشكل تهديداً مباشراً لاستمرار العمل الإنساني هناك. واعتبرت المنظمتان أن الصمت حيال هذه الجرائم يبعث برسالة خطيرة تُشرعن استهداف المنظمات الإنسانية وتطبع مع الانتهاكات.
وختم البيان بالتأكيد على أن حماية العاملين الإنسانيين مسؤولية وطنية وأخلاقية، داعياً جميع الأطراف المسيطرة على الأرض إلى التحرك العاجل للإفراج عن حمزة العمارين وسائر المختطفين من العاملين في المجال الإنساني، وضمان عدم تكرار هذه الجرائم التي تقوّض الثقة بقدرة المجتمع على حماية من نذروا حياتهم لخدمة المدنيين.
شهدت بلدة غرانيج بريف دير الزور الشرقي حملة عسكرية واسعة نفذتها ميليشيا "قسد"، أسفرت عن اعتقال 30 مدنياً من أبناء البلدة، إلى جانب حرق منزل القيادي السابق في مجلس هجين العسكري "أبو الحارث الشعيطي".
وأفادت مصادر محلية بأنه لم يتم تسجيل أي إعدامات ميدانية خلال العملية، فيما انسحبت القوات المهاجمة مع ساعات الفجر، مكتفيةً بنشر حواجز على جميع مداخل البلدة، الأمر الذي أدى إلى منع حركة الدخول والخروج بشكل كامل.
وعلى الرغم من إعادة فتح عدد من المحلات التجارية داخل البلدة، إلا أن قسد منعت دخول سيارات الخضار والمواد الغذائية، ما ينذر بزيادة الضغوط المعيشية على السكان.
وكانت كشفت مصادر إعلامية في المنطقة الشرقية عن حصار مشدد واقتحام واسع نفذته قوات سوريا الديمقراطية "قسد" على بلدة غرانيج بريف دير الزور الشرقي، فجر السبت 16 آب/ أغسطس وسط حالة من استنفار عسكري غير مسبوق وتعزيزات ضخمة وصلت إلى المنطقة.
وجاء هذا التحرك والتطورات الميدانية بعد قيام مجهولين باختطاف 4 عناصر من "قسد"، من المركز الصحي لبلدة غرانيج أثناء تواجدهم فيه، وفي وقت لاحق علقت "قسد" في بيان رسمي على التطورات وقالت إنها "سترد بقسوة على أي اعتداء يستهدف عناصرها أو سكان المنطقة، معلنة فتح تحقيق موسع في الحادثة".
بالمقابل شددت مصادر محلية على أن العناصر الأربعة أُفرج عنهم قبل بدء العملية العسكرية، وهو ما أثار شكوكاً حول الرواية الرسمية واعتبر مؤشراً على أن ما جرى في "غرانيج" أقرب إلى حملة انتقامية استهدفت الأهالي أكثر مما استهدفت الخاطفين.
وفي التفاصيل فرضت "قسد" طوقاً أمنياً على غرانيج وأغلقت مداخلها، فيما قطعت شبكات الإنترنت وضيقت على الاتصالات في بلدات وقرى الشعيطات، في خطوة عزلت السكان عن العالم الخارجي. ومع الساعات الأولى من فجر السبت بدأت عمليات المداهمة في أحياء المحاريج والصالح العلي الملاصق للنهر، حيث ترافقت الاقتحامات مع اعتداءات بالضرب على مدنيين وترويع للنساء والأطفال.
كما أن بعض المنازل أُحرقت فيما اعتُقل عدد من الشبان بشكل عشوائي وسط حالة من الفوضى والهلع فيما وصلت تعزيزات إضافية من مدينة الشدادي بريف الحسكة، كما وصل رتل عسكري ضخم المنطقة الممتدة من المعامل حتى الكسرة بريف دير الزور الغربي واتسعت المداهمات لتشمل أحياء شيبان والغناش والمعدان، حيث سُجلت عمليات تكسير للأبواب والممتلكات واعتقالات واسعة.
وتحدثت تقارير محلية عن مشاركة قوات الكريلا التابعة لحزب العمال الكردستاني إلى جانب "قسد" في المداهمات داخل غرانيج، الأمر الذي أثار غضباً إضافياً في أوساط الأهالي، ميدانيًا ايضا، تعرضت نقاط "قسد" في بلدة الطيانة لهجمات مسلحة بالرشاشات وقذائف RPG استهدفت محطة المياه وحاجزاً في حي الفرج، بينما هاجم مجهولون مقراً للأسايش في بلدة الكرامة شرق الرقة.
وأكد ناشطون تواصل عمليات التفتيش والمداهمة حتى ساعات متأخرة من الليل، حيث توسعت رقعتها وازدادت معها الاعتقالات التي طالت العشرات من السكان، وسط شهادات عن تكرار مشاهد الرعب التي عاشها أبناء الشعيطات إبان سيطرة داعش قبل سنوات وأكد الأهالي أن هناك حصار خانق يفرض عليهم، حيث مُنع الدخول والخروج من البلدة، فيما خيم الذعر على العائلات وخصوصاً النساء والأطفال وكبار السن.
إلى ذلك، أعلن أبناء العشائر في المنطقة استعدادهم للتحرك ضد قسد لفك الحصار عن غرانيج، ووجهوا نداءات عاجلة للناشطين ووسائل الإعلام لتوثيق الانتهاكات ونقل معاناة الأهالي واعتبر السكان أن صمت التحالف الدولي بمثابة ضوء أخضر لهذه الانتهاكات، مطالبين بتدخل عاجل يوقف الحملة ويمنع تكرار ما وصفوه بمأساة جديدة.
ويذكر أن الأحداث الأخيرة -وفق مراقبين- لم تكن استثناء، إذ دأبت "قسد" خلال الفترة الماضية على تنفيذ حملات مشابهة تحت ذريعة ملاحقة خلايا داعش، لكنها غالباً ما تحولت إلى ممارسات عقابية ضد السكان، شملت اعتقالات تعسفية، ترويع للمدنيين، حرق منازل ومصادرة ممتلكات، إضافة إلى فرض حصار خانق على بلدات كاملة.
أعلنت "عشائر الجزيرة والفرات وعامة عشائر سوريا"، يوم الجمعة 15 آب/ أغسطس، تبرؤها من المؤتمر الذي عقد في محافظة الحسكة قبل أسبوع تحت شعار "وحدة موقف المكونات"، معتبرة أن المشاركين فيه "ارتضوا أن يكونوا أداة بيد مشروع انفصالي لا يمثل إلا أصحابه".
وكان المؤتمر قد دعا إلى إنشاء دولة لا مركزية ووضع دستور يضمن التعددية العرقية والدينية والثقافية، بحضور شخصيات أبرزها إلهام أحمد عن "قسد"، والزعيم الديني الكردي مرشد معشوق الخزنوي، إلى جانب مشاركة الشيخ حكمت الهجري عبر تسجيل مصوّر.
وفي بيانها، شددت العشائر على أن من زعموا تمثيلها "لا يمثلون إلا أنفسهم"، مؤكدة أن القبائل العربية "قدمت دماء أبنائها دفاعاً عن وحدة الأرض السورية ولن تقبل المساس بها". كما حمّل البيان "قسد" مسؤولية تهجير العرب وتجنيد القاصرين وارتكاب انتهاكات واسعة شملت تقييد الحريات ونهب الثروات واعتقال النشطاء.
وأكد شيوخ العشائر أنهم مصطفون خلف الدولة السورية "على أسس الكرامة والمساواة والمواطنة الكاملة التي يضمنها الإعلان الدستوري"، داعين المشاركين في المؤتمر إلى التراجع الفوري عن "هذه الفعلة المشينة".
وكان اعتبر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن "مؤتمر الحسكة" يمثّل خرقاً للاتفاق الموقع في 10 آذار/مارس الماضي مع "قسد"، موضحاً في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة، أن المؤتمر "لا يمثل الشعب السوري ولا الغالبية العظمى من النخب العشائرية والدينية وحتى الكردية".
في العديد من المناطق السورية، لاسيما الريفية، لم يعد أمراً مستغرباً رؤية صغارٍ تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والخامسة عشرة وهم يقودون الدراجات النارية، لقد تحوّل هذا المشهد إلى ظاهرة مألوفة، يتعايش معها المجتمع كواقع يومي، رغم ما تنطوي عليه من مخاطر أمنية وتجاوزات قانونية وسلوكية.
الدوافع الاجتماعية والعملية
يسارع كثير من الأهالي في المناطق الريفية إلى تعليم أبنائهم قيادة الدراجات النارية في أعمار مبكرة، وذلك لاعتبارات عملية واجتماعية عدة، يأتي في مقدمتها رغبة الوالدين في غرس قيم المسؤولية والاعتماد على الذات لدى أبنائهم، إدراكاً منهم أن إتقان هذه المهارة سيمكن الطفل من المشاركة الفاعلة في تحمل أعباء الأسرة، خاصة في المجتمعات الريفية التي تتسم ظروفها الحياتية بالصعوبة والتحدي.
إضافة إلى ذلك، كي يساعد الطفل أسرته في المهام اليومية بسبب نقص المواصلات أو صعوبة التنقل، فيُكلف بمهام مثل شراء المستلزمات أو نقل أفراد الأسرة، مما يجعل الدراجة النارية ضرورة حيوية.
وتزداد المشكلة عندما تفتقد الأسر للمعيل، فيتحمل الابن الأكبر مسؤولية إدارة المنزل، فتتحول الدراجة إلى وسيلة للبقاء وقضاء الحاجات، رغم مخاطرها على هؤلاء الصغار غير المؤهلين.
في الوقت ذاته، تحوّلت قيادة الأطفال للدراجات النارية إلى عادة اجتماعية مقبولة في بعض المناطق، حيث صار الآباء يقدمون الدراجات كهدايا لأبنائهم مكافأة على التفوق أو حسن السلوك. هذا القبول المجتمعي ساهم في انتشار الظاهرة وتعميم فكرة أنها أمر طبيعي، رغم ما تحمله من مخاطر على هؤلاء الصغار غير المؤهلين للتعامل مع الطرقات.
المخاطر الجسدية والسلوكية لقيادة الصغار
رغم وجود بعض المبررات، فإن قيادة الأطفال للدراجات النارية تنطوي على مخاطر جسيمة، يأتي في مقدمتها الحوادث المرورية، خاصةً مع نقص خبرة الطفل بالقيادة وطبيعة الطرقات في المكان أو ميوله للتهور، مما قد يؤدي إلى حوادث مأساوية تهدد حياته وحياة الآخرين.
كما أن قيادة الدراجة في سن مبكرة قد تعرّض الطفل لتأثيرات سلبية، خصوصاً عند مصاحبة رفاق أكبر سناً أو غير منضبطين، مما قد يدفع به إلى تبني سلوكيات خاطئة مثل ارتكاب المخالفات خلال القيادة أو الاستهتار بقوانين المرور.
ضرورة تعزيز التوعية
يدعو ناشطون إلى تنفيذ حملات توعوية مكثفة تستهدف الأسر عبر المدارس والمراكز المجتمعية، مع تفعيل الرقابة الأسرية والمجتمعية، والتشديد على ضرورة توفير بدائل آمنة مثل وسائل النقل الجماعي والمشاريع الخدمية التي تضمن تنقل آمن للأطفال، خاصة في المناطق التي تفتقر لوسائل المواصلات الآمنة، وذلك للحد من المخاطر الجسيمة التي تترتب على هذه الظاهرة.
على الرغم من انتشار ظاهرة قيادة الأطفال للدراجات النارية في بعض المناطق لأسباب اجتماعية واقتصادية، إلا أن مخاطرها الجسيمة تظل قائمةً تهدد حياتهم وحياة الآخرين. مما يستدعي تحركاً عاجلاً لتعزيز الوعي الأسري والمجتمعي، وتبني حلول عملية تحمي الأطفال من هذه الممارسات الخطرة، وتضمن سلامتهم وسلامة المجتمع.
أعلن وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني، يعرب القضاة، خلال زيارة رسمية إلى دمشق، عن اتفاق بلاده مع الحكومة السورية على تسريع تنفيذ مخرجات اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة، التي انعقدت في عمّان الشهر الماضي، وتفعيل أطر التعاون الاقتصادي الثنائي.
جاء ذلك خلال لقاء القضاة بوزير الاقتصاد والصناعة السوري، محمد الشعار، حيث ناقش الجانبان آليات متابعة ما تم الاتفاق عليه سابقاً، خاصة في مجالات النقل، الزراعة، الجمارك، المواصفات والمقاييس، الغذاء والدواء، والمدن الصناعية.
وشدد الطرفان على أهمية استكمال خطوات التكامل الاقتصادي في ضوء نتائج الاجتماع الأول للمجلس التنسيقي الأعلى بين البلدين.
وأكد القضاة استعداد الأردن لتسخير إمكانياته في دعم جهود إعادة الإعمار في سوريا، وفتح الأسواق الأردنية أمام الصادرات السورية، معتبراً أن المملكة ستكون بوابة لمشاريع الإعمار الإقليمية في سوريا.
كما أجرى الوزير الأردني جولة ميدانية في معبر نصيب الحدودي السوري، برفقة رئيس الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية، قتيبة بدوي، حيث تم الاطلاع على الإجراءات المتبعة لتسهيل حركة الشاحنات والمسافرين، وتعزيز انسيابية التبادل التجاري.
وشملت الجولة كذلك المنطقة الحرة السورية الأردنية المشتركة، حيث عُقد اجتماع للجمعية العمومية للشركة، تم خلاله بحث تطوير الخدمات اللوجستية، وتحديث الأنظمة الرقمية، ورفع كفاءة البنية التحتية، بهدف تعزيز موقع المنطقة كمركز اقتصادي يخدم البلدين.
وأكد الجانبان في ختام الزيارة عزمهما على مواصلة العمل المشترك لتذليل العقبات أمام التعاون الاقتصادي، وتوسيع مجالات الشراكة بما يسهم في تنشيط حركة التجارة البينية، ودعم الاقتصاد الوطني في سوريا والأردن على حد سواء.
كشفت وزارة الإدارة المحلية والبيئة في الحكومة السورية أن عام 2025 شهد اختفاء 20 ألف هكتار من الغابات السورية بفعل الحرائق، أي ما يعادل مساحة 28 ألف ملعب كرة قدم، في واحدة من أخطر الكوارث البيئية التي ضربت البلاد خلال السنوات الأخيرة.
ووفقًا للتقديرات الرسمية نتج عن الحرائق أضراراً مباشرة بأكثر من 60 قرية، وأجبرت نحو 1,200 شخص على الإخلاء القسري من منازلهم، بينما فقدت آلاف العائلات مصادر رزقها الأساسية في المزارع والمداجن والمناحل.
وفق البيانات الصادرة عن الوزارة، انهارت موائل 45 نوعاً من الطيور و180 نوعاً نباتياً، كما اختفى أكثر من 50 نوعاً من الحيوانات البرية، كان أبرزها الوشق والدب البني السوري، ما يشكل ضربة قوية للتنوع الحيوي الذي تميزت به غابات سوريا لعقود.
وأطلقت الحرائق نحو 837 ألف طن من انبعاثات الكربون في الجو، في حين فقدت الغابات قدرتها الطبيعية على امتصاص حوالي 28 ألف طن سنوياً من الغازات المسببة للاحتباس الحراري وضاعف هذا التحول الخطير من حدة أزمة التغير المناخي في سوريا والمنطقة، ويزيد من مخاطر موجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
هذا وتشير تقدرات وزارة الإدارة المحلية والبيئة في سوريا أن الكارثة أدت إلى ارتفاع معدلات الوفيات بنسبة 17% مقارنة بما قبل 2011، نتيجة تفاقم الأمراض التنفسية والمشاكل الصحية المرتبطة بتلوث الهواء.
وتجدر الإشارة إلى أن الحرائق في سوريا تحولت إلى أزمة بيئية مركّبة، لم تقتصر على تدمير الغطاء النباتي بل طالت حياة الناس وصحتهم واقتصادهم، وتقدر الحكومة السورية أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عنها بنحو 1.4 تريليون دولار، في وقت تشير البيانات إلى أن سوريا فقدت حوالي 20.4% من غاباتها منذ عام 2012.
توافد مئات الأشخاص إلى ساحة الكرامة والساحات الرئيسية في بلدات وقرى محافظة السويداء، يوم السبت 16 آب/ أغسطس حيث رفع المشاركون شعارات مشبوهة موحدة تطالب بما سموه "حق تقرير المصير والاستقلال".
وبينما يؤكد المنظمون أن الحراك يأتي تعبيراً عن "وحدة الموقف الشعبي"، لفتت مصادر ميدانية إلى أن بعض الشعارات المرفوعة تحمل طابعاً مشبوهاً يدعم عزل السويداء عن سوريا ويعزز الانقسام الداخلي.
وشوهد خلال التجمع الذي حصل في المحافظة انتشار ورفع أعلام خاصة بالطائفة الدرزية وأخرى إسرائيلية، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً حول طبيعة الجهات الداعمة لهذا الحراك الذي يحمل نوايا انفصالية وفق مراقبين.
بالتوازي، استبق ما يعرف بـ "حزب اللواء السوري"، الذي أُسس قبل سنوات في فرنسا بدعم إسرائيلي، المظاهرات بإعلان عمله على تشكيل "إدارة ذاتية" في المنطقة بذريعة مواجهة حركة حماس و"الإرهاب"، اللافت أن المظاهرات جاءت في يوم السبت، وهو ما أضاف بُعداً رمزياً لمشهد الاحتجاجات الحالية.
وكشفت منصة "إيكاد"، المختصة بتحقيقات "استخبارات المصادر المفتوحة"، بوقت سابق عن تفاصيل شبكة منظمة تنشط على مستوى سياسي وإعلامي واجتماعي بين سوريا وإسرائيل، تقود حملة ممنهجة لدعم مشروع انفصال محافظة السويداء جنوبي سوريا، مع تدخل مباشر من شخصيات درزية محلية وجهات إسرائيلية بارزة.
خلال متابعة استمرت لأشهر، قام فريق التحقيق برصد وتفكيك شبكة واسعة تضم شخصيات درزية من السويداء وسوريين مقيمين في أوروبا وإسرائيل، تنشط في ترويج الانفصال والدعوة لتدخل إسرائيلي سياسي واقتصادي وعسكري في جنوب سوريا.
وخلص التحقق إلى أن إعلان التوظيف الإسرائيلي لم يكن مبادرة فردية، بل جزء من حملة تنفذها شبكة منظمة تسعى لتغيير واقع الجنوب السوري سياسيًا والشبكة تضم صفحات سورية وشخصيات إسرائيلية.
وتعمل عبر ثلاث محاور منسقة: اقتصادي، إعلامي، وسياسي وتبنّت الشبكة سردية انفصالية، وتعمل على تضخيم مشكلات السويداء لدفعها باتجاه الارتماء في الحضن الإسرائيلي ويعد هذا التحقيق هو الجزء الأول من سلسلة موسعة، ستتضمن في الجزء الثاني كشفاً عن المجلس العسكري الذي يجري الترويج له في السويداء، وطبيعة ارتباطه بجهات إسرائيلية.
هذا وأشارت المنصة إلى أن ما تم كشفه حتى الآن يؤشر إلى مشروع سياسي ممنهج، يحاول إعادة تشكيل هوية الجنوب السوري، ويستثمر حالة الفوضى، عبر تنسيق عابر للحدود بين أطراف محلية وخارجية.
أكّد محافظ السويداء الدكتور مصطفى البكور، في تصريح رسمي أمس الجمعة، على أهمية السعي الجاد لإصلاح ذات البين وتعزيز السلم الأهلي بين مكونات المجتمع في المحافظة، وعلى رأسها العشائر والدروز، مشددًا على ضرورة الحفاظ على وحدة الصف وصون النسيج الوطني من كل مظاهر الخلاف والفرقة.
وأشاد البكور بالمبادرات الحكيمة التي تهدف إلى تحقيق الصلح، وتمد جسور الحوار، وتقدّم المصلحة العامة على المصالح الضيقة، مثمنًا الدور البارز الذي يقوم به الوجهاء والعقلاء في تقريب وجهات النظر وتجاوز الخلافات.
وأشار إلى أن السلم الأهلي ليس خيارًا، بل ضرورة وطنية وأخلاقية تشكّل حجر الأساس لأي مشروع تنموي أو إصلاحي، داعيًا جميع الأطراف إلى تغليب لغة العقل والانفتاح على مبادرات المصالحة، والتفاعل الإيجابي مع جهود الإصلاح بعيدًا عن التوتر والانقسام.
وختم المحافظ تصريحه بدعوة جميع أبناء السويداء إلى المساهمة في ترسيخ ثقافة التسامح وبناء جسور الثقة، بما يُثبت للعالم قدرة السوريين على التلاقي والتصافي والتعاون في سبيل خير الوطن والمواطن.
بعد اندلاع الثورة السورية وما رافقها من قصف منهجي نفذته قوات النظام السابق، تدهورت البنية التحتية في العديد من المناطق السورية، وكان قطاع الكهرباء من أكثر القطاعات تأثراً، مما تسبب في معاناة شديدة للسكان.
مع الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي في بعض المناطق وانعدامه التام في أخرى، بدأ الأهالي بالبحث عن حلول بديلة، فظهرت المولدات الخاصة العاملة بالمازوت، مع خيار الاشتراك بـ"الأمبيرات" مقابل رسوم شهرية. لاحقاً، ازداد الإقبال على الطاقة الشمسية كبديل أكثر استدامة وأماناً.
مكونات منظومة الطاقة الشمسية وآلية عملها
تعتمد منظومة الطاقة الشمسية على مكونات رئيسية لتوليد الكهرباء، وهي الألواح الشمسية التي تلتقط أشعة الشمس وتحولها إلى طاقة كهربائية، وجهاز الشاحن (الشارج) الذي ينظم تدفق الطاقة إلى البطاريات.
وتخزن البطاريات الطاقة للاستخدام لاحقاً، بينما يحول الإنفيرتر التيار المخزن إلى تيار مناسب لتشغيل الأجهزة المنزلية. تتوقف كفاءة المنظومة على جودة الألواح وسعة البطاريات، وتختلف أنواع البطاريات وعدد الألواح حسب القدرة المالية للأهالي.
فوائد الطاقة الشمسية للسوريين
أتاحت الطاقة الشمسية للسوريين فوائد ملموسة، حيث وفرت الإنارة ليلاً وتشغيل أجهزة أساسية مثل شواحن الهواتف، المراوح، الثلاجات الصغيرة، وبعض الغسالات، حسب حجم المنظومة. كما مكنت الأهالي من التحكم الكامل باستخدام الكهرباء دون التقيد بجداول تقنين أو انقطاعات مفاجئة. وأتاح تصميمها المرن نقلها بسهولة إلى أماكن أخرى، مما ساعد النازحين خلال تنقلاتهم المتكررة.
سلبيات وتحديات الطاقة الشمسية في سوريا
وعلى الرغم من الفوائد العديدة للطاقة الشمسية، إلا أنها تواجه تحديات وسلبيات عدة. تتمثل أبرز هذه التحديات في ارتفاع تكلفة مكونات المنظومة، التي تظل باهظة مقارنة بدخل معظم الأهالي، خاصة في ظل الحرب والنزوح اللذين أديا إلى استنزاف الموارد المالية للسكان.
أيضاَ مشكلة أخرى تكمن في تفاوت جودة المكونات المتوفرة في السوق، حيث تكون بعض الأنظمة رديئة الصنع، مما يجعلها عرضة للأعطال أو غير كفؤة، خاصة خلال الشتاء أو في الأيام الملبدة بالغيوم حيث تقل كفاءة الألواح الشمسية.
كما يحذر خبراء الطاقة من مخاطر البطاريات، خاصة الرخيصة أو مجهولة المصدر، التي قد تنفجر أو تتسبب بحرائق إذا أسيء استخدامها. الشحن الزائد أو التخزين في أماكن سيئة التهوية قد يؤدي إلى حوادث خطرة، وقد سُجلت حالات مماثلة ألحقت أضراراً بالعائلات.
إضافة إلى ذلك، يشكل التخلص العشوائي من البطاريات المستهلكة خطراً بيئياً خطيراً، حيث تتسرب مواد سامة مثل الرصاص والحمض إلى التربة والمياه الجوفية، مما يهدد البيئة على المدى الطويل.خاتمة
وبات الطاقة الشمسية في سوريا ضرورة فرضتها ظروف الحرب القاسية، ورغم تكاليفها المرتفعة وتحديات تأمينها، إلا أنها باتت مصدر أمل للعديد من العائلات السورية، تمكنهم من مواصلة حياتهم اليومية بأقل الإمكانيات.