في خطوة وُصفت بأنها الأكثر جرأة في تاريخ المؤسسات الثقافية السورية، أصدر رئيس اتحاد الكتّاب العرب الدكتور أحمد جاسم الحسين، يوم الأحد 12 تشرين الأول/أكتوبر 2025، قراراً يقضي بفصل مجموعة من الأعضاء البارزين المرتبطين بالنظام البائد، من بينهم رفعت الأسد، بثينة شعبان، بشار الجعفري، وخالد العبود.
فصل جماعي غير مسبوق
وشمل القرار أيضاً كلاً من: علي الشعيبي، خالد الحلبوني، طالب إبراهيم، خليل جواد، نهلة السوسو، رجاء شاهين، حسن أحمد حسن، سعد مخلوف، وحسن م. يوسف. وبيّن الاتحاد في بيانٍ رسمي أن قرار الفصل استند إلى مخالفات جسيمة لشرعة حقوق الإنسان التي أقرتها الأمم المتحدة، وإلى خروقات واضحة للنظام الداخلي للاتحاد.
وأكد أن بعض الأعضاء المفصولين "انخرطوا في حملات إنكار للجرائم التي ارتكبها النظام السابق، لا سيما جرائم القصف الكيميائي والمجازر الواسعة بحق المدنيين، أو مارسوا التحريض العلني على القتل والعنف ضد السوريين".
خطوة لإعادة الاعتبار للمؤسسة الثقافية
وقال رئيس الاتحاد، الدكتور أحمد جاسم الحسين، إن هذا القرار يمثل بداية مسار تصحيحي لاستعادة الدور الأخلاقي والثقافي لاتحاد الكتّاب العرب، بعد عقودٍ من التسييس والهيمنة التي فرضها النظام البائد على المؤسسات الثقافية.
وأضاف أن الاتحاد يسعى إلى إعادة بناء بيئته الفكرية على أسسٍ إنسانية، مؤكداً أن "من يبرر الجريمة لا يمكن أن يكون جزءاً من مؤسسة ثقافية وطنية".
مراجعة شاملة وإعادة الاعتبار للمظلومين
وكشف الحسين أن الأيام المقبلة ستشهد إعادة النظر في ملفات عدد من الكتّاب والمفكرين الذين جرى فصلهم سابقاً لأسباب سياسية أو فكرية، مشيراً إلى نية الاتحاد إعادة عضويتهم وتكريمهم رسمياً في حفل خاص تقديراً لمواقفهم المبدئية ودفاعهم عن حرية التعبير.
وأوضح أن اللجنة القانونية في الاتحاد أنهت بالفعل المرحلة الأولى من مراجعة الملفات القديمة تمهيداً لإغلاق صفحة التهميش والإقصاء الثقافي التي سادت خلال الحقبة الماضية.
لحظة مفصلية في المشهد الثقافي السوري
يُنظر إلى هذا القرار على أنه نقطة تحول في المشهد الثقافي السوري، إذ يُنهي عملياً حقبة طويلة من خضوع اتحاد الكتّاب العرب لتوجيهات النظام السابق، الذي استخدمه كأداة للدعاية السياسية وتبرير الانتهاكات.
ويرى مثقفون أن الخطوة تمثل تطهيراً رمزياً للذاكرة الثقافية، واعترافاً متأخراً بدور الكلمة في مواجهة القمع والفساد، مؤكدين أن استقلال المؤسسات الثقافية هو ركيزة أساسية لبناء سوريا الجديدة القائمة على العدالة والحرية الفكرية.
شهدت الليرة السورية اليوم الأحد 12 تشرين الأول 2025 حالة من الاستقرار النسبي في قيمتها أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الرئيسية، حيث حافظت على نفس المستويات المسجلة مؤخرا دون تغير كبير في مختلف المحافظات السورية.
وفي التفاصيل بلغ سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي في دمشق 11,330 ليرة للشراء و11,380 ليرة للمبيع، بينما سجلت مقابل اليورو 13,168 ليرة للشراء و13,231 ليرة للمبيع.
وتكرر المشهد ذاته في محافظتي حلب وإدلب، إذ استقرت الأسعار على نفس المستويات دون أي تباين يذكر، ما يعكس حالة من الهدوء النسبي في سوق الصرف، وربما تدخلات محدودة من قبل المصرف المركزي لضبط تقلبات السوق والحفاظ على ثبات نسبي في سعر الصرف رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
وأما في سوق الذهب المحلية، فقد استقر السعر كذلك على حاله دون أي تغيير عن اليوم السابق، حيث حددت نقابة الصاغة سعر غرام الذهب عيار 21 قيراطاً بمليون وثلاثمئة ألف ليرة سورية للمبيع ومليون ومئتين وخمسة وسبعين ألفاً للشراء، فيما بلغ سعر غرام الذهب عيار 18 قيراطاً مليوناً ومئة وخمسة عشر ألفاً للمبيع ومليوناً وخمسة وتسعين ألفاً للشراء.
ويعكس هذا الاستقرار في أسعار الذهب ارتباط السوق المحلية بالتحركات المحدودة في أسعار الصرف أكثر من ارتباطها بالتقلبات العالمية، خصوصاً في ظل صعوبة التداول الخارجي وضعف الطلب الداخلي على الذهب كملاذ آمن.
ويمكن تفسير هذا الثبات في أسعار الصرف والذهب بمجموعة من العوامل، أبرزها التراجع النسبي في الطلب على العملات الأجنبية نتيجة ضعف الحركة التجارية والاستيراد، إضافةً إلى استمرار المصرف المركزي بسياسة إدارة العرض النقدي بحذر للحفاظ على نوع من التوازن في السوق.
كما ساهمت القيود المفروضة على عمليات تحويل الأموال وتداول العملات الأجنبية في الحد من المضاربات التي كانت تشهدها السوق سابقاً وفي المجمل، يعكس استقرار الليرة السورية والذهب اليوم حالة من الهدوء النسبي في الأسواق.
عقدت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات في سوريا اجتماعاً تشاورياً برئاسة الوزير "عبد السلام هيكل"، مع وفد من السيدات الرائدات في قطاعات متعددة، لبحث سبل تمكين المرأة السورية في قطاع تقانة المعلومات وتعزيز دورها في التنمية الرقمية.
ووفق بيان رسمي للوزارة شارك في اللقاء 26 سيدة من مجالات متنوعة، شملت ريادة الأعمال، والتعليم الجامعي، والتقنيات الحديثة، والإدارة التنفيذية في شركات القطاع الخاص.
وتناول النقاش أبرز التحديات التي تعيق تطور مشاركة النساء في المجالات التقنية، وسبل دعم الكفاءات النسائية الشابة وتمكينها من الوصول إلى مواقع صنع القرار.
وأكدت المشاركات أهمية تطوير بيئة العمل داخل المؤسسات التقنية، وتبسيط إجراءات تأسيس الشركات الناشئة، وتعزيز دور الحاضنات والمسرّعات في دعم المشاريع الطلابية والريادية. كما جرى التشديد على ربط التعليم الجامعي بسوق العمل عبر مشاريع تطبيقية ومناهج تواكب متطلبات العصر الرقمي.
أوضح الوزير عبد السلام هيكل أن الوزارة تضع تمكين المرأة ضمن أولوياتها الاستراتيجية، قائلاً: “نحن لا نتحدث عن تمكين رمزي، بل عن مشاركة فاعلة للنساء في صياغة مستقبل الاقتصاد الرقمي في سورية.
وذكر أن القطاع التقني بأمسّ الحاجة إلى طاقاتهن الإبداعية وريادتهن في الإدارة والتنفيذ، ودورنا هو تهيئة البيئة التشريعية والتنظيمية التي تضمن فرصاً متكافئة وتفتح لهن أبواب الإسهام في بناء المستقبل”.
وشهد اللقاء الإعلان عن تأسيس مجموعة عمل خاصة بتمكين المرأة في قطاع تقانة المعلومات، تتولى التنسيق مع المجموعات الوطنية ذات الصلة، واقتراح البرامج والمبادرات التي تستجيب لاحتياجات النساء العاملات في القطاع، وتعمل على تبادل الخبرات وتعزيز التواصل بين المؤسسات الأكاديمية والاقتصادية.
وفي هذا السياق، أوضح "أحمد سفيان بيرم"، مستشار الابتكار وريادة الأعمال في الوزارة، أن المجموعة الجديدة “تشكل منصة وطنية للتشبيك وبناء القدرات، تتيح للنساء السوريات المشاركة في صياغة مستقبل التقانة في البلاد”، مؤكداً أن الخطوة تأتي استكمالاً للمبادرات السابقة التي أطلقتها الوزارة لتعزيز ثقافة الابتكار وريادة الأعمال.
قدمت المشاركات مجموعة من المقترحات العملية، تضمنت توفير برامج تدريب وتمويل موجّهة للنساء، وإطلاق منصات دعم للمشاريع النسائية، إلى جانب تعزيز الشراكات مع المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص، لتوسيع فرص النساء في العمل والريادة التقنية.
كما تم الاتفاق على إعداد خارطة طريق مشتركة بين الوزارة والجهات المشاركة، تتضمن إجراءات تنفيذية واضحة لدعم الشركات الناشئة النسائية وربطها بفرص التمويل المحلية والدولية.
ويأتي هذا الاجتماع في سياق الأجندة الوطنية لريادة الأعمال التي تعمل عليها الوزارة، والتي تهدف إلى تعزيز التنمية الرقمية المستدامة، وتمكين الشباب والنساء من المشاركة في بناء اقتصاد وطني قائم على المعرفة والتقانة.
وبحسب بيان الوزارة، فإن العمل سيستمر خلال المرحلة المقبلة لتطوير مبادرات نوعية تستهدف رفع كفاءة النساء في المجالات التقنية، وخلق فرص عمل جديدة لهن، بما يسهم في بناء اقتصاد رقمي متوازن يكرّس العدالة والمساواة في الفرص.
نشرت مجلة تايم الأمريكية، أمس السبت 11 تشرين الأول/أكتوبر 2025، تقريرًا للكاتب حسن حسن، تناول فيه الأوضاع السياسية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وذلك تحت عنوان “كيف يمكن لسوريا أن تصنع سلامًا دائمًا”.
وقال الكاتب إنه التقى الرئيس السوري أحمد الشرع مع مجموعة صغيرة من الصحفيين والباحثين في قصر الشعب بدمشق، مشيرًا إلى أن اللقاء استمر أكثر من ساعتين وتناول قضايا تتعلق بإعادة الإعمار والعلاقات الإقليمية ومستقبل الشمال الشرقي السوري.
وقال حسن إن الرئيس الشرع كشف خلال اللقاء أن تركيا كانت تخطط لشن عملية عسكرية لطرد القوات الكردية من الشمال الشرقي السوري عقب سقوط الأسد في ديسمبر الماضي، موضحًا أنه أوقف العملية واقترح تحقيق أهداف أنقرة عبر الحوار، تجنّبًا لاندلاع تمرد طويل الأمد في تلك المنطقة الحساسة.
ونقل الكاتب عن مساعدي الشرع قولهم إن الرئيس يتعامل مع الملف الكردي بشعور مزدوج من “الخطر والفرصة”، معتبرًا أن إعادة دمج الأكراد في مؤسسات الدولة يمكن أن يشكّل توازنًا داخليًا أمام التيارات الإسلامية المتشددة المعارضة لنهجه، معتبرين أن السيطرة القسرية على المناطق الكردية، حتى لو كانت سريعة، قد تؤدي إلى تمرد طويل الأمد، وأن الرئيس قاوم الضغوط من بعض مؤيديه الذين طالبوه بانتصار سريع.
وأشار حسن إلى أن اتفاقًا أُبرم في مارس/آذار الماضي بين دمشق و”قوات سوريا الديمقراطية” بوساطة أمريكية، يقضي بدمج القوات الكردية ضمن بنية الدولة قبل نهاية العام، لكنه تعثّر لاحقًا بسبب الخلافات حول الصلاحيات الثقافية والإدارية وموقع الأكراد في الدستور الجديد.
وأوضح حسن أن المحادثات تعرّضت لـ”الضربة الأخطر” في يوليو/تموز بعد أحداث السويداء، عندما رفض قائد “قسد” مظلوم عبدي المشاركة في محادثات باريس، قائلًا لمقرّبيه إنه لا يريد ربط اسمه بـ”نظام قد ينهار”.
وكشف الكاتب أن إسرائيل والإمارات أبلغتا أطرافًا كردية ودرزية بأن الرئيس الشرع قد لا يصمد في السلطة بعد نهاية العام الجاري أو منتصف 2026، ما زاد من تردّد بعض القوى المحلية في المضي بالمفاوضات. كما نقل عن مصادر في دمشق أن إسرائيل نقلت الرسالة ذاتها مباشرة إلى تلك الفصائل خلال الصيف.
وأضاف التقرير أن الأخطاء التي ارتكبتها القوات الحكومية في السويداء واللاذقية، ولا سيما مقتل عدد من المدنيين والعلويين في آذار/مارس، قد يدفع المجتمع الدولي إلى تغيير موقفه من الرئيس الجديد.
وذكر حسن أن زخم المحادثات استؤنف بعد الزيارة التاريخية للرئيس الشرع إلى الولايات المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي، وحديثه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ظل مؤشرات عن احتمال وجود اتفاقية أمنية بين سوريا وإسرائيل.
وأشار الكاتب إلى أن “قوات سوريا الديمقراطية” أظهرت مؤخرًا جدية في استئناف الحوار مع دمشق، في تحول عن خطابها السابق بعد أحداث السويداء.
وختم حسن مقاله بالقول إن مسار السلام في سوريا يقف اليوم على مفترق طرق:
فإما أن تُترجم تفاهمات دمشق مع الأكراد إلى نموذج لامركزي جديد يضمن الشراكة الوطنية، أو أن يؤدي التراخي في تنفيذها إلى عودة العنف والتفكك، مؤكدًا أن “التسوية الناقصة تبقى أفضل من حرب جديدة لا يريدها أحد”.
تُعد محافظة إدلب واحدة من أغنى المناطق السورية بالتراث الإنساني، إذ تختزن في جبالها وسهولها ما يقارب ثلث المواقع الأثرية في البلاد، ممتدةً على مساحة زمنية تبدأ من الألفية الخامسة قبل الميلاد، وتروي قصة تعاقب حضاراتٍ متعددة: الآرامية، واليونانية، والرومانية، والآشورية، والبيزنطية، والإسلامية، هذه الكثافة التاريخية جعلت إدلب أشبه بمتحف مفتوح تحت السماء، قبل أن تُصبح لاحقاً ميداناً للدمار والتنقيب العشوائي.
مواقع أثرية تروي التاريخ
تضم إدلب عشرات القرى والمواقع الأثرية ذات القيمة العالمية، من أبرزها جبل الزاوية، والبارة، وسرجيلا، وبشيلا، ومجليلا، وبعودا، ودير سنبل، وعين لاروز، وفركيا، وبليون، وشنشراح، وتل مرديخ الذي يحتضن آثار مدينة “إيبلا” العريقة، هذه المواقع كانت قبل الحرب مقصداً للباحثين والسياح والبعثات العلمية الأوروبية، وميداناً للبحوث التاريخية التي وثّقت بدايات الكتابة والإدارة في المشرق القديم.
الحرب ومحو الذاكرة
غير أنّ سنوات الحرب دمّرت قسماً كبيراً من هذا التراث، إذ تحولت المدن المنسية والمناطق الأثرية إلى أهداف مباشرة للقصف، وتعرضت متاحف كبرى مثل متحف معرة النعمان ومتحف إدلب لدمارٍ واسع وسرقة محتوياتٍ نادرة.
وبحسب باحثين في علم الآثار، فإن نظام الأسد البائد استخدم القصف العشوائي سلاحاً لمحو الذاكرة السورية الجماعية، في محاولة لطمس رموز الهوية الوطنية التي تمثلها هذه المواقع.
التنقيب غير القانوني.. وجه آخر للدمار
مع غياب الدولة وتراجع المؤسسات الرسمية، شهدت إدلب خلال السنوات الماضية موجة واسعة من التنقيب غير القانوني، نفذها البعض بدافع الفقر واليأس، أملاً في العثور على قطع أثرية تُباع لتأمين لقمة العيش. هذه الظاهرة سرعان ما تحولت إلى تجارة منظمة، تديرها شبكات تهريب تعمل على تصدير القطع المكتشفة إلى الخارج عبر طرق غير شرعية.
يقول أحد العاملين في هذا المجال إن “التنقيب أصبح وسيلة للهروب من الفقر أكثر منه بحثاً عن الثراء”، موضحاً أن المنقبين يستخدمون أجهزة كشف المعادن والعصي النحاسية لتحديد المواقع، ثم يبدأون الحفر ليلاً بعيداً عن الأنظار. غير أن أغلبهم – كما يضيف – ينتهي بهم الأمر بخسارة المال والصحة دون العثور على شيء ذي قيمة، إذ تلتهم عمليات البحث جهدهم في مقابل وعود سراب.
بين الحاجة والجريمة
هذه الأنشطة العشوائية، رغم أنها نابعة في جزءٍ منها من الظروف الاقتصادية القاسية، تمثل تهديداً مباشراً لذاكرة سوريا التاريخية، إذ تتسبب في تدمير الطبقات الأثرية وتفكيك السياق العلمي للقطع المكتشفة، مما يجعل استعادتها أو دراستها لاحقاً أمراً شبه مستحيل.
ويشير خبراء إلى أن الخطر لا يكمن فقط في ضياع الآثار المادية، بل أيضاً في فقدان الهوية الثقافية التي توحد السوريين عبر التاريخ، محذرين من أن استمرار التنقيب غير الشرعي سيحوّل إدلب من مهدٍ للحضارة إلى ساحة فراغٍ تاريخي.
حماية التراث.. مسؤولية وطنية مشتركة
يرى المختصون في علم الآثار أن إنقاذ تراث إدلب يحتاج إلى وعيٍ مجتمعي وتعاون رسمي ومدني، من خلال توثيق المواقع المتضررة، وتدريب الأهالي على حمايتها، وفرض رقابة قانونية فعالة على أنشطة التنقيب، كما يدعون إلى دعم برامج إعادة تأهيل المتاحف، وتشجيع التعليم الثقافي في المدارس، حتى لا تبقى ذاكرة البلاد رهينة الخراب والنهب.
إدلب اليوم تقف على مفترق طريقين: إما أن تستعيد دورها كمتحفٍ حيٍّ للإنسانية، وإما أن تُدفن معالمها تحت ركام الفقر والفوضى، فحماية تاريخها واجب وطني وأخلاقي يعكس قدرة السوريين على صون هويتهم المشتركة بعد سنواتٍ من الحرب والضياع.
أصدرت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري القرار رقم 68 المتضمن القوائم الأولية لأعضاء الهيئات الناخبة في الدائرتين الانتخابيتين بتل أبيض في ريف الرقة ورأس العين في ريف الحسكة، في خطوة جديدة ضمن مسار استكمال العملية الانتخابية في المناطق التي تأجل فيها الاقتراع لأسباب لوجستية وأمنية.
وأوضحت اللجنة عبر قناتها الرسمية في تلغرام أنه يحق لكل ذي مصلحة تقديم الطعون على القرار خلال ثلاثة أيام اعتباراً من 12 تشرين الأول أمام لجنة الطعون الخاصة في مركز عدلية تل أبيض، مؤكدة أن هذه الإجراءات تهدف إلى ضمان النزاهة والشفافية في استكمال قوائم الهيئات الناخبة.
كما قررت اللجنة تمديد فترة تقديم الطعون على القرار رقم (60) الصادر في 28 أيلول الماضي، والمتعلق بالقوائم الأولية نفسها، لمدة ثلاثة أيام بدءاً من التاريخ ذاته، ما يمنح الناخبين فرصة إضافية لتصويب الملاحظات وتدقيق الأسماء قبل اعتمادها بشكل نهائي.
استكمال العملية الانتخابية في المناطق المؤجلة
وكانت انتخابات مجلس الشعب قد جرت في معظم الدوائر الانتخابية السورية يوم الأحد 5 تشرين الأول، بينما تأجل الاقتراع في بعض مناطق محافظتي الرقة والحسكة، تحديداً في تل أبيض ورأس العين، بسبب ظروف خاصة تتعلق بالتحضيرات اللوجستية وضمان سلامة العملية الانتخابية.
وأكدت اللجنة أن مقاعد الدوائر المؤجلة ستبقى شاغرة إلى حين إجراء الانتخابات في موعد جديد يُعلن لاحقاً، إلى جانب دوائر محافظة السويداء التي أُرجئت الانتخابات فيها أيضاً لحين توافر الظروف المناسبة.
تجربة انتخابية جديدة بعد التحول السياسي
وفي سياق متصل، تناول الدكتور نوار نجمة، المتحدث باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، في مقالة نشرها على منصة "إكس"، تفاصيل التجربة الانتخابية الأولى في سوريا بعد التحول السياسي، واصفاً إياها بأنها تجربة فريدة لا تشبه الانتخابات التقليدية، بل تمثل اختباراً حقيقياً لبناء وعي وطني جديد يتجاوز ثقافة الماضي.
وقال نجمة إن وضع النظام الانتخابي المؤقت شكّل تحدياً معقداً بين الرغبة في إشراك المواطنين ومراعاة الواقع الديموغرافي والسياسي الذي لا يسمح بإجراء انتخابات مباشرة على النمط التقليدي، مضيفاً أن الهدف كان تجنب عودة رموز النظام السابق إلى المشهد عبر المال السياسي أو العصبيات المحلية.
وأشار إلى أن اللجنة واجهت صعوبات في تحقيق التوازن بين الرأي الشعبي والاعتبارات الوطنية، وأن المشاركة الشعبية تجلت في الرقابة الواسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولجان الطعون، ما منح العملية طابعاً رقابياً غير مسبوق.
البرلمان.. مرآة للمجتمع وتحديات التغيير
وبيّن نجمة أن صناديق الاقتراع كشفت بوضوح "أمراض المجتمع السوري" من طائفية ومناطقية وعشائرية، إلى جانب ضعف مشاركة المرأة، وهي ظواهر وصفها بأنها من إرث النظام البائد الذي يحتاج إلى وقت لتجاوزه، مؤكداً أن الانتقال السياسي لا يمكن أن يتحقق دون انتقال ثقافي واجتماعي موازٍ.
وأضاف أن البرلمان الجديد يضم شخصيات ثورية وكفاءات وطنية، لكنه يواجه غياب الأحزاب السياسية المنظمة، ما يجعل النقاشات البرلمانية أكثر فردية وأقل انسجاماً، داعياً إلى تطوير ثقافة برلمانية جديدة قائمة على العمل الجماعي والتشريع المؤسساتي.
نحو ثقافة بناء وطن
وختم نوار نجمة بالقول إن التجربة الانتخابية الحالية تمثل خطوة أولى نحو برلمان أكثر تمثيلاً وعدالة، مشدداً على ضرورة الانتقال من شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" إلى شعار "الشعب يريد بناء الوطن"، باعتباره التعبير الأصدق عن روح المرحلة الجديدة التي تمر بها البلاد.
يُذكر أن انتخابات مجلس الشعب شهدت تنافس 1578 مرشحاً في خمسين دائرة انتخابية على 140 مقعداً من أصل 210، حيث يُنتخب ثلثا الأعضاء عبر الاقتراع المباشر، فيما يعيّن الرئيس أحمد الشرع الثلث المتبقي وفقاً للإعلان الدستوري.
وأكدت اللجنة العليا أن عملية الفرز جرت بإشراف قضائي مباشر وبحضور وسائل الإعلام، وأن النتائج النهائية ستُعلن خلال مؤتمر صحفي تعقده اللجنة المركزية في الأيام المقبلة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تمثل "تحولاً حقيقياً نحو مؤسسات شرعية أكثر تمثيلاً وشفافية في سوريا الجديدة".
انطلقت في العاصمة المصرية القاهرة يوم أمس الأحد، أعمال الدورة الـ103 لمجلس إدارة منظمة العمل العربية، بمشاركة وفد سوري رسمي، وبحضور المدير العام للمنظمة فايز علي المطيري وممثلي أطراف الإنتاج الثلاثة من الدول الأعضاء، لمناقشة أبرز القضايا العمالية والتنموية في العالم العربي.
ويبحث الاجتماع، الذي يستمر يومين، جملة من البنود الرئيسية، من بينها تقرير أوضاع عمال وشعب فلسطين في الأراضي العربية المحتلة، والمسائل التنظيمية والإدارية والمالية، إضافة إلى خطط المنظمة للعامين القادمين، ومناقشة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه العمال العرب وسبل مواجهتها.
سوريا تؤكد التزامها بالتعاون العربي
وخلال مداخلته، أكد ممثل سوريا ورئيس الاتحاد العام لنقابات العمال فواز الأحمد – عضو مجلس إدارة منظمة العمل العربية للفترة (2025 – 2027) – أن بلاده تدعم كل الجهود الهادفة إلى تعزيز وحدة الصف العربي وتكامل الأدوار النقابية بين الدول الأعضاء، مشدداً على أهمية العمل المشترك لمواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.
وأشار الأحمد إلى أن سوريا تؤمن بأن التضامن النقابي العربي يشكل ركيزة أساسية لتعزيز العدالة الاجتماعية وضمان العمل اللائق في العالم العربي، مؤكداً حرص بلاده على المساهمة الفاعلة في تنفيذ القرارات الصادرة عن المنظمة، بما يخدم مصالح العمال ويدعم مسار التنمية في مختلف الدول العربية.
إشادة بالدور العربي في تمكين العمال
ونوّه الأحمد بالدور الكبير الذي تضطلع به منظمة العمل العربية في دعم أطراف الإنتاج الثلاثة (الحكومات، أصحاب الأعمال، العمال)، مشيداً بالمبادرات الرامية إلى تطوير التدريب المهني وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء، لرفع كفاءة العمال العرب وتحسين بيئة العمل. وأكد أن سوريا تعمل على تعزيز التعاون مع المنظمة لتفعيل برامج تمكين العمال وتأهيلهم للمساهمة في إعادة الإعمار والتنمية.
إعادة انتخاب مصر لرئاسة المجلس
وفي الجلسة الافتتاحية، أعاد المجلس انتخاب جمهورية مصر العربية ممثلة بوزير العمل محمد جبران رئيساً لمجلس إدارة المنظمة بالإجماع، كما تم انتخاب الشيخ راشد بن عامر المصلحي من سلطنة عُمان ممثلاً لأصحاب الأعمال، والمهندس ناصر الجريد من المملكة العربية السعودية ممثلاً للعمال نائبين للرئيس.
دعم مطلق لعمال وشعب فلسطين
وأكد المجلس في ختام اجتماعاته التزامه الثابت بالدفاع عن حقوق عمال وشعب فلسطين والأراضي العربية المحتلة في جنوب لبنان والجولان السوري المحتل، داعياً إلى حشد الجهود الإقليمية والدولية لدعم خطط الإغاثة والإنعاش الاقتصادي في تلك المناطق.
وفي بيان خاص أصدره المجلس لدعم الشعب الفلسطيني، رحّب بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وبدء عودة آلاف النازحين، مثمناً الجهود الدولية والإقليمية التي سعت إلى تيسير دخول المساعدات الإنسانية. كما طالب بإلزام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتعويض الشعب الفلسطيني عن الأضرار التي سببتها اعتداءاتها وتقديم المسؤولين عنها للمحاكم الدولية بوصفها جرائم حرب.
دعوة لتعزيز الدعم العربي لفلسطين
ودعا المجلس الحكومات العربية وأطراف الإنتاج الثلاثة إلى تكثيف الدعم المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني، من خلال المساهمة في الصندوق الفلسطيني للتشغيل ودعم برامج التدريب والتشغيل كثيف العمالة، بهدف التخفيف من آثار الحصار الاقتصادي المفروض على فلسطين.
كما جدد المجلس رفضه لاقتحامات قوات الاحتلال والمتطرفين للمسجد الأقصى والمقدسات الدينية، مؤكداً أن هذه الاعتداءات تمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية واستفزازاً لمشاعر المسلمين والمسيحيين في العالم.
ويُنتظر أن تختتم الدورة أعمالها غداً الأحد بإقرار التوصيات الختامية، التي ستشمل خططاً تنفيذية لتعزيز التعاون العربي في مجال العمل والتنمية، وتفعيل آليات الحوار الاجتماعي بما يحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية في المنطقة.
أعلنت إدارة المسجد الأموي في دمشق عن بدء تنفيذ خطة شاملة للحفاظ على الطابع التاريخي والأثري للمسجد، وذلك عقب انتشار صور على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت إحدى مآذنه وقد نُقش عليها اسم الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد، ما أثار جدلاً واسعاً بين السوريين.
وقالت الإدارة في بيان رسمي إن فرق الترميم باشرت العمل على إزالة أي تعديات أو إضافات غير أصلية تُشوّه المعالم التاريخية للمسجد أو تُخلّ بمكانته الدينية والرمزية، مشددة على أن هدف الحملة هو إعادة المئذنة وسائر أجزاء المسجد إلى حالتها المعمارية الأصيلة التي تعود إلى عصور إسلامية متعاقبة.
وأكدت إدارة المسجد أن جميع أعمال الصيانة والترميم ستُنفذ وفق المعايير الأثرية المعتمدة، وتحت إشراف خبراء مختصين من المديرية العامة للآثار والمتاحف، لضمان الحفاظ على القيمة التاريخية للموقع، الذي يُعد من أقدم وأهم المساجد في العالم الإسلامي.
كما دعت الإدارة السوريين والعرب والمسلمين إلى المساهمة في حماية هذا المعلم الفريد، مشيرةً إلى أن الجامع الأموي ليس مجرد مكان عبادة، بل إرث حضاري يمثل هوية دمشق وتاريخها الممتد منذ أكثر من 1300 عام، ويجب أن يبقى منارة دينية وثقافية للأجيال القادمة.
ويُذكر أن الجامع الأموي في دمشق يُعد أحد أبرز رموز العمارة الإسلامية في العالم، وقد شهد على مر العصور عمليات ترميم وصيانة متكررة للحفاظ على زخارفه الفريدة ومآذنه الثلاث التي تروي تاريخ المدينة العريق.
أطلق وزير الصحة في الحكومة السورية الدكتور "مصعب العلي"، من مركز داريا الصحي بريف دمشق حملة تعزيز اللقاح الروتيني، التي تهدف إلى متابعة الأطفال المتسربين من برنامج التلقيح الروتيني وتقديم خدمة لقاح الحصبة.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية نقلا عن وزير الصحة أن الحملة تستمر حتى الـ23 من تشرين الأول الجاري، وتستهدف الأطفال من عمر يوم حتى خمس سنوات في مختلف المحافظات.
وكانت وزارة الصحة قد أعلنت في وقت سابق عن انطلاق حملة التلقيح ضد الأمراض الخطيرة للأطفال خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 23 تشرين الأول، وذلك في إطار الجهود الوطنية المستمرة لحماية الأطفال وتعزيز مناعتهم ضد الأمراض السارية.
وشهدت عدة محافظات سورية نشاطات طبية متنوعة هدفت إلى تعزيز الرعاية الصحية وتقديم خدمات متخصصة للمواطنين. وشملت هذه النشاطات استقبال وفود طبية دولية، إجراء عمليات جراحية نوعية، تقديم استشارات طبية، تنظيم حملات مجانية متعددة التخصصات.
وذلك بالإضافة إلى افتتاح مراكز علاجية جديدة وتفقد واقع الخدمات الطبية في المستشفيات والمناطق الريفية، بما يعكس حرص وزارة الصحة على رفع مستوى الخدمات وتحسين جودة الرعاية المقدمة للمرضى في مختلف المحافظات.
وفي التفاصيل استقبل مستشفى حمص الجامعي وفداً طبياً بريطانياً من منظمة Action for Humanity ضم نخبة من أطباء جراحة العظام المتخصصين في جراحة اليد، وتبديل المفاصل، وتشوهات الأطفال، والضياعات العظمية.
وخلال الزيارة، أُجريت عمليات جراحية بمشاركة الأطباء المقيمين بالمستشفى، وقدم الوفد محاضرات علمية قيّمة أغنت المعرفة الطبية، كما تم فحص عدد من المرضى وتقديم الاستشارات المتخصصة وأعربت إدارة المستشفى عن شكرها للوفد على جهوده، مؤكدة حرصها على تبادل الخبرات الطبية والارتقاء بخدمة المرضى.
وفي إطار حملة “تعافى – أطباء من العالم إلى سوريا”، انطلقت فعالياتها يوم أمس برعاية وزارة الصحة ومديرية صحة طرطوس، وبالتعاون مع منظمة Action for Humanity، بمشاركة فريق طبي يضم 42 طبيباً من مختلف الاختصاصات.
وقد شهد اليوم الأول إجراء عمليات نوعية في مستشفى الأطفال بطرطوس شملت فتق حجابي أمامي بالتنظير، واستئصال مرارة بالتنظير، وفتق إربي مزدوج بالتنظير، مع تقديم استشارات طبية مجانية للمرضى، على أن تنتقل الحملة إلى عدد من المحافظات السورية لتقديم خدمات مشابهة.
إلى ذلك افتتح وزير الصحة الدكتور مصعب العلي ومحافظ درعا أنور طه الزعبي مركز معالجة أمراض الدم والأورام السرطانية في مدينة درعا ضمن حملة “أبشري حوران”، ليضيف المركز قيمة نوعية للقطاع الصحي بتقديم علاج متخصص لستة أنواع من الأورام.
وفي سياق تعزيز الرعاية الصحية، قام الوزير بجولة تفقدية إلى مستشفى الرحمة في مدينة دركوش بريف إدلب الغربي، للاطلاع على واقع العمل والخدمات المقدمة للمرضى، وتحديد احتياجات الكوادر الطبية لضمان استمرارية العمل وتحسين الأداء.
كما قام الدكتور محمد وجيه جمعة مدير صحة حلب، يرافقه الدكتور بركات اليوسف معاون محافظ حلب للشؤون الصحية، بزيارة ميدانية إلى عدد من المناطق الريفية في محافظة حلب للاطلاع المباشر على واقع الخدمات الطبية، والوقوف على احتياجات هذه المناطق لتحسين مستوى الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين.
وكان أكد وزير الصحة في الحكومة السورية يوم الأحد 24 آب/ أغسطس، الدكتور "مصعب العلي"، أن جوهر عمل الوزارة يتمثل في وضع الإنسان في المقام الأول، باعتباره القيمة العليا والغاية الأساسية لكل مشروع صحي يُطلق في سوريا.
وقال خلال حفل إطلاق حزمة من المشاريع النوعية في قطاع الصحة، بالتعاون مع منظمة "الأمين الإنسانية"، إن الوزارة تضع نصب أعينها خدمة المواطن باحترام وكرامة، وتعمل على دعم الأطباء والممرضين والصيادلة والفنيين والطلاب، إضافة إلى توفير بيئة صحية آمنة للزوار في جميع المنشآت.
واستعرض الوزير أبرز إنجازات الوزارة خلال الفترة الماضية، حيث تم ترميم أكثر من 40 مركزاً صحياً و13 مشفى، إلى جانب افتتاح 12 مركزاً صحياً جديداً، وتزويد المنشآت بـ 188 جهازاً طبياً، إضافة إلى تجهيز محطات أوكسجين وأنظمة طاقة شمسية.
وشدد على أن الهدف لم يكن مجرد تسجيل أرقام، بل ضمان أن يجد الإنسان في كل قرية ومدينة باباً مفتوحاً للأمل والعلاج، وبحسب الوزير، فإن المشاريع الجديدة ستسهم في تعزيز التشخيص والعلاج، وتطوير الرعاية التوفيرية، ودعم التحول الرقمي والتكنولوجي، وتأهيل الكوادر الطبية وفق أحدث المعايير.
وختم بقوله: "نؤمن أن سوريا ليست مجرد جغرافيا، بل هي إنسانها، أبناؤها وبناتها، أطباؤها وطلابها، عمالها ومبدعوها، هم المستقبل الحقيقي، ولذلك سنبقى نعمل بوصية واحدة: الإنسان كغاية، والإنسان كوسيلة، والإنسان كطريق إلى المستقبل".
يشتكي الأهالي في عدة مناطق سورية من تصرفات سائقي الدراجات النارية، الذين يرتكبون مخالفات خطرة مثل الانطلاق بسرعة متهورة أو القيام بما يُعرف محليًا بـ“التشبيب”، أي رفع مقدمة الدراجة أثناء القيادة للتباهي.
وتُعدّ عادة “التشبيب” من أكثر الممارسات التي تثير غضب السكان، إذ يمارسها بعض الشباب للفت الأنظار، لكنها في المقابل تشكّل خطراً كبيراً عليهم وعلى المارة، وقد تسببت في العديد من الحوادث المؤسفة خلال السنوات الأخيرة.
التشبيب يعرض طفلة للخطر
مؤخرًا، انتشر مقطع مصوَّر من أحد المناطق السورية يظهر سائق دراجة نارية يرفع مقدمة دراجته أثناء القيادة، قبل أن يفقد السيطرة ويصطدم بطفلة صغيرة كانت تمرّ في الطريق.
وبحسب شهود عيان، أصيبت الطفلة بإصابات بالغة نُقلت على إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج. وقد أثار الحادث موجة غضب واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث طالب المستخدمون بتشديد الرقابة على سائقي الدراجات النارية، ومحاسبة المتهورين، وإيقاف مثل هذه المخالفات الخطرة.
الاستعراض على حساب الأرواح
يعود سبب قيام سائقي الدراجات النارية بهذه الحركات إلى الرغبة في لفت الأنظار والتفرد بالتميز، فالبعض يتبع مبدأ “خالف تُعرف”، إذ يدركون خطورة المخالفات، لكنهم يتعمدون ارتكابها لكسب الانتباه، فيما يجد آخرون متعة شخصية في هذه الاستعراضات الخطرة.
حوادث مرورية خطيرة
في المقابل، يؤدي “التشبيب” في كثير من الأحيان إلى حوادث مأساوية، قد تودي بحياة سائقي الدراجات النارية أو تتسبب بإصابات بالغة لهم، وربما يتضرر المارة المدنيون أيضاً، ما يزيد من حجم المعاناة على مستوى الأفراد والمجتمع.
وإذا أسفر حادث عن وفاة مدني، يواجه السائق عقوبات قانونية صارمة، بالإضافة إلى نزاعات عائلية مع أقارب الضحية، ما يضاعف المشكلات الاجتماعية. وحتى في حال نجاة الضحية مع إصابات، قد يُرفع ضد السائق دعاوى قانونية، ويُطالب بتكاليف العلاج أو التعويض، مما يثقل كاهله بأعباء مالية كبيرة.
اقتراحات لمكافحة المخالفات
يرى خبراء أن معالجة ظاهرة المخالفات التي يرتكبها بعض سائقي الدراجات النارية تتطلب استراتيجيات شاملة، تبدأ بحملات توعية مكثفة تبيّن مخاطر القيادة المتهورة وآثارها السلبية على السائق والمجتمع على حدّ سواء.
كما يُوصى بسن قوانين صارمة لمحاسبة المخالفين، إلى جانب تشديد الرقابة على تنفيذها، فيما يبرز دور الأهل في توجيه أبنائهم وتعزيز شعورهم بالمسؤولية تجاه السلامة العامة، بما يسهم في بناء ثقافة مرورية أكثر أماناً.
حملات ميدانية لضبط الدراجات النارية المخالفة
سبق أن نفذت شرطة المرور في سوريا حملات ميدانية في عدة مناطق، مثل درعا وحماة وسرمدا، لضبط الدراجات النارية المخالفة، في إطار جهودها للحد من التصرفات المتهورة التي يقوم بها بعض السائقين وتشكل خطراً على المارة.
وتهدف هذه الحملات إلى ردع المخالفين وتعزيز السلامة المرورية في الشوارع والمناطق السكنية، لا سيما مع تزايد الشكاوى حول الحوادث الناتجة عن القيادة العشوائية أو الاستعراض بالدراجات النارية.
تُعد ظاهرة ارتكاب المخالفات أثناء قيادة الدراجات النارية من التحديات السلبية التي تستوجب حلولاً جذرية للحدّ من تأثيراتها الضارة على الأفراد والمجتمع. وتتطلب تعاوناً مشتركاً بين الأهالي والجهات المعنية لتعزيز التوعية، وتطبيق قوانين صارمة، وبناء ثقافة مرورية تحافظ على السلامة العامة في سوريا.
كشفت مصادر إعلامية لبنانية عن مقتل القيادي السابق في مليشيات نظام الأسد البائد "حازم إبراهيم كبول" إثر غارات إسرائيلية طالت منطقة المصيلح – النجارية في جنوب لبنان فجر يوم السبت 11 تشرين الأول/ أكتوبر.
وفي التفاصيل استهدفت طائرات حربية إسرائيلية معارض للجرافات والحفارات ومواقع في محيط أوتوستراد المصيلح ووفقًا لمصادر لبنانية، أسفرت الضربات عن مقتل شخص من الجنسية السورية، وإصابة سبعة أشخاص آخرين، من بينهم ستة لبنانيين وسورية واحدة.
وأكد البيان الصادر عن مركز عمليات طوارئ الصحة في لبنان، فقد أكد أن الهجوم أسفر عن مقتل السوري "حازم كبول"، المقيم في عين قنيا – حاصبيا، في وقت تحدثت مواقع إعلامية لبنانية عن عمل القتيل بالخضار.
وحسب حسابات إعلامية على وسائل التواصل، يُنتسب إلى "حازم كبول"، أنه كان ضمن قادة ميليشيا فوج الجولان التابعة لما يُعرف بـ " الدفاع الوطني" في سوريا، وتورّط في ممارسات قمعية وأعمال نهب وتسليم معارضين في بلدته خان أرنبة بريف القنيطرة.
وتشير معلومات مدعومة بصور حول نشاط "كبول" العسكري أنه وبعد حل تلك الميليشيا عام 2018، بات مرتبطًا بشكل مباشر بـ 'حزب الله اللبناني" ووفق مصادر فإن القتيل كان يُعدّ اليد اليمنى لمؤسس الميليشيا "مجد حيمود"، وأنه كان يتولى مهام أمنية وعسكرية في منطقتي خان أرنبة وريف القنيطرة، شملت تسيير دوريات ومراقبة تسليم مُعتقلين.
يُذكر أن الغارات التي نفّذتها إسرائيل تجاوزت 10 ضربة جوية، شملت استهداف معارض للجرافات والحفارات تقع على الطريق الدولي في المصيلح، ما أدى إلى تدمير واسع لآليات ضخمة بينها جرافات كبيرة وصغيرة.
وحول الهجوم أعلن الجيش أن الغارات استهدفت بنى تحتية إرهابية تابعة لحزب الله في جنوب لبنان، تشمل آليات هندسية تُستخدم في إعادة بناء القدرات العسكرية أو البنية الأساسية، واصفًا النشاط بأنه انتهاك للتفاهمات الموقعة.
كشفت صحيفة "واشنطن تايمز" أن المحادثات بين سوريا وإسرائيل، التي حققت تقدماً كبيراً نحو اتفاق يُعرف إعلامياً باسم "خارطة طريق السويداء"، تعثرت في مراحلها النهائية بسبب خلافات داخلية وطلب إسرائيلي مثير للجدل، ما حال دون الإعلان الرسمي عنها خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي.
وذكرت الصحيفة، في تقرير أعده فون كوكاين، أن الاتفاق الذي جرى التفاوض عليه بوساطة أميركية كان يهدف إلى إقامة منطقة عازلة جنوبي سوريا، والعودة إلى خطوط فضّ الاشتباك لعام 1974، وضمان حماية موسّعة للطائفة الدرزية في الجنوب السوري، مشيرة إلى أن هذه البنود كانت قد حظيت بقبول مبدئي من الجانبين قبل أن يتعطل المسار.
غير أن المطالبة الإسرائيلية بفتح "ممر إنساني" يصل إلى محافظة السويداء، التي تسكنها غالبية درزية، كانت الشرارة التي أفشلت الإعلان عن الاتفاق، إذ أثارت تلك الفكرة انقساماً داخلياً في كل من تل أبيب ودمشق، وفق الصحيفة.
وأضافت أن إسرائيل ربطت طلبها هذا بـ"مخاوف داخلية" تتعلق بجمهور الدروز في أراضيها، البالغ عددهم نحو 100 ألف مواطن، حيث تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى طمأنتهم من خلال التزامها العلني بحماية أبناء طائفتهم في سوريا، وهو ما اعتبرته دوائر سياسية سورية محاولة مكشوفة لـ"تسييس الملف الإنساني" وتحويله إلى ورقة ضغط.
ويرى خبراء استراتيجيون، بحسب الصحيفة، أن الممر المقترح غير قابل للتطبيق عملياً لمروره عبر محافظة درعا ذات الغالبية السنية، مما يجعله عرضة لهجمات محتملة من جماعات مسلحة معارضة لأي وجود إسرائيلي في الجنوب السوري.
وفي هذا الإطار، اعتبر الباحث أحمد الشراوي أن المطلب الإسرائيلي أقرب إلى مناورة سياسية داخلية منه إلى خطوة واقعية، مشيراً إلى أن تل أبيب تسعى إلى توظيف الملف الدرزي لكسب دعم سياسي داخلي أكثر من سعيها إلى حماية ميدانية حقيقية.
الشكوك الإسرائيلية والتغير السوري
وبحسب الصحيفة، أبدت حكومة الرئيس أحمد الشرع رغبة جدية في إتمام الاتفاق، غير أن ماضيه كقيادي سابق في جبهة النصرة ما زال يثير تحفظات لدى الجانب الإسرائيلي الذي يشكك في تخليه الكامل عن خلفيته الجهادية.
في المقابل، تشهد الساحة السورية تحولاً واضحاً في المزاج الشعبي بعد سقوط نظام المخلوع بشار الأسد، إذ زادت الكراهية تجاه إسرائيل على خلفية عدوانها على غزة واستمرار احتلالها للجولان، رغم أن أولويات السوريين كانت سابقاً موجهة ضد النفوذ الإيراني، وفق استطلاعات حديثة نقلتها الصحيفة.
موقف دمشق والكرة في ملعب تل أبيب
وترى واشنطن تايمز أن دمشق تتبع نهجاً براغماتياً وتسعى إلى استثمار المفاوضات لتحقيق الاستقرار السياسي وإعادة رسم موقعها الإقليمي، حتى في ظل اعتراضات داخلية على أي تطبيع مع إسرائيل قبل استعادة الجولان المحتل.
ونقلت الصحيفة عن تشارلز ليستر، مدير مبادرة سوريا في معهد الشرق الأوسط، قوله إن سوريا وافقت فعلاً على خطوط الاتفاق وقدمت تنازلات كبيرة كانت تُعد سابقاً مرفوضة، لكنها ما زالت ترفض الاعتراف الرسمي بإسرائيل بسبب استمرار الاحتلال.
وفي ختام التقرير، أكدت الصحيفة أن الكرة الآن في ملعب إسرائيل، فإما أن تمضي في المسار الدبلوماسي وتوقّع الاتفاق، أو تواصل سياستها التقليدية في إضعاف سوريا وإدامة حالة الفوضى فيها، في وقتٍ تتزايد فيه الضغوط الأميركية على تل أبيب للقبول بخارطة الطريق وفتح صفحة جديدة في الجنوب السوري.