أكدت كل من تركيا وإيطاليا دعمهما لحل سياسي شامل في سوريا يفضي إلى قيام دولة تحترم وحدة أراضيها وتضمن الأمن والحقوق لكافة مكوناتها، مشددتين على ضرورة منع استخدام الأراضي السورية كمصدر تهديد للاستقرار الإقليمي والدولي.
وجاء هذا الموقف في بيان مشترك صدر عقب انعقاد القمة الحكومية الرابعة بين تركيا وإيطاليا في العاصمة روما، بحسب ما أفادت به دائرة الاتصال في الرئاسة التركية.
وأشار البيان إلى أن أنقرة وروما، باعتبارهما حليفين في حلف شمال الأطلسي "الناتو" وشريكين في مجموعة العشرين، ستواصلان تعميق التعاون والتنسيق في القضايا الإقليمية والدولية، والعمل المشترك من أجل تعزيز السلام والاستقرار داخل أوروبا وخارجها.
وفي الشأن السوري، شدد البيان على أهمية وحدة وسيادة الأراضي السورية، وعلى ضرورة التوصل إلى عملية سياسية شاملة، تضمن لكل فرد من أبناء الشعب السوري حقوق المواطنة والأمن والكرامة، في ظل دولة تستوعب جميع مكوناتها.
كما أعرب الجانبان عن حرصهما على مواصلة المشاورات الثنائية المنتظمة على مختلف المستويات لتطوير التعاون المشترك في مختلف المجالات، بما في ذلك القضايا الإنسانية والأمنية.
وكانت وزارة الخارجية الإيطالية قد أعلنت، في وقت سابق من شهر آذار الماضي، دعمها لتشكيل الحكومة السورية الجديدة، وأبدت استعدادها للمساهمة في جهود إعادة الإعمار، ودعم الانتقال السلمي الشامل، بما يضمن تمثيل واحترام جميع المكونات السورية.
وفي هذا السياق، أجرى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني زيارة رسمية إلى روما في 18 آذار/مارس، التقى خلالها وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، ورئيس الاستخبارات فيتوريو ريزي، حيث بحث الجانبان سبل تعزيز العلاقات الثنائية، إضافة إلى مستجدات الملف السوري على الصعيدين السياسي والأمني.
أكد مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام، علي الرفاعي، أن التوتر الأمني الذي شهدته منطقة جرمانا مؤخراً يعود إلى محاولة مجموعات مسلّحة خارجة عن القانون التقدم نحو المدينة ضمن رتل عسكري، ترافقه سيارة مزوّدة برشاش ثقيل.
وأوضح الرفاعي أن الحاجز الأمني في المنطقة اعترض الرتل ومنعه من العبور، الأمر الذي دفع المجموعات إلى فتح النار على عناصر الحاجز، ما أدى إلى اشتباك مسلح أسفر عن إصابة ثلاثة من العناصر الأمنية.
وأضاف أن المسلحين عمدوا بعد ذلك إلى محاصرة الحاجز، مما استدعى تدخلاً عاجلاً من قوات الأمن العام التي نجحت في فك الحصار وتأمين الموقع، وتمت استعادة الاستقرار لاحقاً، وأشار الرفاعي إلى أن قوات الأمن العام تواصل حالياً تعزيز انتشارها في المنطقة، وتتخذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية السكان وضمان استقرار الأوضاع.
وأشار الرفاعي إلى أن المجموعات نفسها شنّت، مساء الأمس، هجوماً مباغتاً على عدد من الحواجز الأمنية في أشرفية صحنايا، مستخدمة أسلحة رشاشة خفيفة وقذائف "آر بي جي"، ما أسفر عن إصابات في صفوف عناصر الأمن.
وبيّن أن قوات الأمن العام استجابت بسرعة وانتشرت في المنطقة لاحتواء الموقف، إلا أن أفراداً من المجموعات المسلحة اعتلوا أسطح الأبنية وقاموا بأعمال قنص استهدفت العناصر المنتشرة، ما أدى إلى استشهاد خمسة من عناصر الأمن العام وإصابة آخرين.
الداخلية: أحداث صحنايا بدأت بهجوم مجموعات خارجة عن القانون على حاجز أمني
وسبق أن أفاد مصدر رسمي في وزارة الداخلية، أن مجموعات مسلّحة خارجة عن القانون نفذت، مساء اليوم، هجوماً استهدف أحد الحواجز الأمنية في منطقة أشرفية صحنايا بريف دمشق، ما أسفر عن إصابة ثلاثة من عناصر الأمن.
وأشار المصدر إلى أن المسلحين انتشروا عقب الهجوم في الأراضي الزراعية المحيطة، وأقدموا على إطلاق النار بشكل عشوائي على السيارات والمارة، ما تسبب بحالة من الذعر في المنطقة، وأكدت الوزارة أن المجموعات ذاتها استهدفت أيضاً سيارة مدنية قادمة من محافظة درعا، ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص كانوا على متنها.
وفي السياق، تواصل قوى الأمن العام ملاحقة العناصر المتورطة في الاعتداء على الحواجز الأمنية واستهداف المدنيين، في إطار الإجراءات الرامية لضبط الأمن وتقديم المتورطين إلى العدالة.
قتلى وجرحى باشتباكات عنيفة وتوترات أمنية متزايدة في "أشرفية صحنايا" بريف دمشق
وكانت شهدت مدينة أشرفية صحنايا بريف دمشق حالة من التوتر الأمني الشديد، مع نشوب مواجهات عنيفة اندلعت بين مجموعات مسلحة محلية تنتمى إلى الطائفة الدرزية، وأخرى من خارج المنطقة، وسط استخدام كثيف للرشاشات الثقيلة.
وأكدت مصادر محلية أن الاشتباكات التي اندلعت على أطراف المدينة لا تزال مستمرة، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، ورغم الجهود المبذولة على مستوى الدولة السورية لاحتواء المشهد اتهمت "شبكة السويداء 24"، أن الهجوم على أشرفية صحنايا يبدو منسقاً، على الرغم من مشاركة عناصر من الأمن العام مع المجموعات المحلية في المدينة بالتصدي للهجوم.
في حين نعت "حركة رجال الكرامة – قطاع أشرفية صحنايا" أحد أبرز كوادرها، الشيخ وجدي الحاج علي، الذي قُتل خلال التصدي لما وصفته الحركة بـ"تنظيمات متشددة تحاول التسلل إلى المدينة"، على حد تعبيرها.
ووفقًا لبيان منفصل صادر عن الحركة أيضا أن "أشرفية صحنايا تتعرض لتطويق من كافة المحاور، وإطلاق نار كثيف بالرصاص الحي والقذائف من قبل متطرفين سوريين، وبعضهم من جنسيات أجنبية"، -وفق نص البيان-.
تحركات رسمية وفرض حظر تجوال
ومع تصاعد وتيرة العنف، فرضت قوات الأمن الداخلي حظراً للتجوال في مدينتي صحنايا وأشرفية صحنايا، في محاولة لاحتواء الوضع المتأزم. كما أجرى مسؤول منطقة داريا، الأستاذ جميل مدور، برفقة مسؤول أمني، زيارة إلى مشايخ طائفة الموحدين الدروز ولجنة الأعيان في صحنايا للاطلاع على مجريات الأحداث.
وفي السياق ذاته، وبتوجيه من محافظ ريف دمشق عامر الشيخ، اجتمع الدكتور محمد علي عامر، مسؤول منطقة الغوطة الشرقية، مع ممثلين عن الفعاليات الدينية والاجتماعية في جرمانا، لتأكيد التزام الدولة بحماية الأهالي وضمان الأمن ومحاسبة المتورطين بالاعتداءات.
اجتماع طارئ في جرمانا عقب تصعيد طائفي
يأتي ذلك بعد يوم دموي شهدته مدينة جرمانا في 28 نيسان، حيث قتل سبعة أشخاص على الأقل، بينهم عنصران من قوات الأمن العام، في مواجهات عنيفة اندلعت على خلفية تسريب تسجيل صوتي يتضمن إساءة للنبي محمد ﷺ، ما أثار غضباً شعبياً واسعاً واحتقاناً طائفياً امتد إلى عدة مناطق سورية.
وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، عُقد اجتماع رسمي طارئ ضم وفداً حكومياً ووجهاء من جرمانا، بمشاركة الدكتور محمد علي عامر، والأستاذ أحمد طعمة، مسؤول الشؤون السياسية في المحافظة، وعدد من مشايخ الطائفة وممثلين عن المجتمع الأهلي.
واتفق الحاضرون على حزمة من البنود لاحتواء الأزمة، شملت "إعادة الحقوق وجبر الضرر" لأهالي الضحايا، تقديم تعويضات عادلة، ومحاسبة المتورطين بالهجوم، مع تعهّد حكومي بإحالتهم إلى القضاء المختص.
كما شدد المجتمعون على ضرورة وقف التجييش الإعلامي، وتقديم رواية موضوعية لما جرى، إلى جانب تسهيل حركة المدنيين بين دمشق والسويداء دون تهديدات، مؤكدين أن تنفيذ هذه الإجراءات سيبدأ فوراً تحت إشراف مباشر من الجهات المختصة.
أعلنت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، يوم الثلاثاء، رفع مستوى التأهب الأمني وتعزيز انتشارها في ريف دير الزور شرقي سوريا، وذلك عقب مقتل خمسة من عناصرها وإصابة آخرين في هجومين متتاليين تبناهما تنظيم "داعش" خلال اليومين الماضيين.
وذكرت "قسد" في بيان رسمي أن الهجوم الأول استهدف نقطة عسكرية تابعة لها في بلدة الجزرات، بينما استهدف الهجوم الثاني سيارة عسكرية في بلدة ذيبان، مشيرة إلى أن هذه الاعتداءات تأتي في إطار "تصعيد ممنهج من قبل خلايا التنظيم الإرهابي".
وأكدت القوات الكردية أنها كثّفت من دورياتها العسكرية وشددت إجراءاتها الأمنية لمواجهة ما وصفته بـ"المخططات الإرهابية الرامية لزعزعة الاستقرار في المنطقة"، محذرة من تصاعد نشاط "داعش" في دير الزور وسوريا عموماً، وسعيه لشن هجمات تستهدف القوات الأمنية والإدارية والفعاليات المجتمعية.
في السياق ذاته، أعلنت وكالة "أعماق" التابعة لتنظيم "داعش"، يوم الاثنين، مسؤولية التنظيم عن تنفيذ الهجوم الذي أدى إلى مقتل خمسة من عناصر "قسد"، معتبرة إياه جزءاً من عملياتها المتواصلة في شرق سوريا، لاسيما في ريف دير الزور الغربي، حيث يواصل التنظيم تحركاته انطلاقاً من مناطق نائية وصحراوية.
وكانت "قسد" قد نشرت بياناً يوم الثلاثاء عبر مركزها الإعلامي، كشفت فيه عن مقتل خمسة من مقاتليها في حوادث متفرقة تعود للعام الماضي، دون تحديد ملابسات تلك الوقائع.
انتقادات أميركية لدور "قسد" ودعوات للتعاون مع دمشق
في خضم تصاعد التوترات الأمنية، دعا السفير الأميركي السابق في دمشق، روبرت فورد، إدارة بلاده إلى إعادة النظر في سياستها تجاه سوريا، مشيراً إلى أن الاعتماد على "قسد" في مواجهة "داعش" لم يعد مجدياً، ومشدداً على ضرورة التعاون مع الحكومة السورية الجديدة التي خلفت النظام البائد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
وفي مقال نشره في مجلة "فورين أفيرز"، رأى فورد أن استمرار وجود "داعش" رغم مرور ست سنوات على سقوط معقله الأخير في الباغوز، يُظهر محدودية فعالية "قسد"، متّهماً إياها بارتكاب تجاوزات في حق المدنيين العرب، من بينها القتل خارج نطاق القانون والاعتقالات التعسفية.
وأشار فورد إلى أن تحفيز الحكومة السورية على فرض الاستقرار عبر تخفيف العقوبات الأميركية، قد يمثل خطوة واقعية في سبيل القضاء على التنظيم بشكل نهائي، داعياً إلى فتح قناة حوار مباشر بين واشنطن ودمشق لمناقشة الخطوات المستقبلية في هذا الملف.
مرحلة ما بعد سقوط النظام وتنامي الفراغ الأمني
وفي السياق ذاته، خصّصت صحيفة "الشرق الأوسط" تقريراً موسعاً حول تحركات "داعش" في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، مسلّطة الضوء على قدرة التنظيم على استغلال الفراغ الأمني والتوترات الاجتماعية التي تشهدها البلاد، لا سيما في المناطق الشرقية ذات الطبيعة المعقدة والمتداخلة ديمغرافياً.
وتشير التقارير إلى أن التحديات الأمنية في شمال وشرق سوريا آخذة في التصاعد، وسط دعوات محلية ودولية لإعادة تقييم خارطة التحالفات ومصادر التمويل، وإعادة النظر في أدوات المواجهة على الأرض، في ظل تغيّرات المشهد السياسي والميداني بعد انتهاء عهد النظام السابق.
أفاد مصدر رسمي في وزارة الداخلية، أن مجموعات مسلّحة خارجة عن القانون نفذت، مساء اليوم، هجوماً استهدف أحد الحواجز الأمنية في منطقة أشرفية صحنايا بريف دمشق، ما أسفر عن إصابة ثلاثة من عناصر الأمن.
وأشار المصدر إلى أن المسلحين انتشروا عقب الهجوم في الأراضي الزراعية المحيطة، وأقدموا على إطلاق النار بشكل عشوائي على السيارات والمارة، ما تسبب بحالة من الذعر في المنطقة، وأكدت الوزارة أن المجموعات ذاتها استهدفت أيضاً سيارة مدنية قادمة من محافظة درعا، ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص كانوا على متنها.
وفي السياق، تواصل قوى الأمن العام ملاحقة العناصر المتورطة في الاعتداء على الحواجز الأمنية واستهداف المدنيين، في إطار الإجراءات الرامية لضبط الأمن وتقديم المتورطين إلى العدالة.
قتلى وجرحى باشتباكات عنيفة وتوترات أمنية متزايدة في "أشرفية صحنايا" بريف دمشق
وكانت شهدت مدينة أشرفية صحنايا بريف دمشق حالة من التوتر الأمني الشديد، مع نشوب مواجهات عنيفة اندلعت بين مجموعات مسلحة محلية تنتمى إلى الطائفة الدرزية، وأخرى من خارج المنطقة، وسط استخدام كثيف للرشاشات الثقيلة.
وأكدت مصادر محلية أن الاشتباكات التي اندلعت على أطراف المدينة لا تزال مستمرة، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، ورغم الجهود المبذولة على مستوى الدولة السورية لاحتواء المشهد اتهمت "شبكة السويداء 24"، أن الهجوم على أشرفية صحنايا يبدو منسقاً، على الرغم من مشاركة عناصر من الأمن العام مع المجموعات المحلية في المدينة بالتصدي للهجوم.
في حين نعت "حركة رجال الكرامة – قطاع أشرفية صحنايا" أحد أبرز كوادرها، الشيخ وجدي الحاج علي، الذي قُتل خلال التصدي لما وصفته الحركة بـ"تنظيمات متشددة تحاول التسلل إلى المدينة"، على حد تعبيرها.
ووفقًا لبيان منفصل صادر عن الحركة أيضا أن "أشرفية صحنايا تتعرض لتطويق من كافة المحاور، وإطلاق نار كثيف بالرصاص الحي والقذائف من قبل متطرفين سوريين، وبعضهم من جنسيات أجنبية"، -وفق نص البيان-.
تحركات رسمية وفرض حظر تجوال
ومع تصاعد وتيرة العنف، فرضت قوات الأمن الداخلي حظراً للتجوال في مدينتي صحنايا وأشرفية صحنايا، في محاولة لاحتواء الوضع المتأزم. كما أجرى مسؤول منطقة داريا، الأستاذ جميل مدور، برفقة مسؤول أمني، زيارة إلى مشايخ طائفة الموحدين الدروز ولجنة الأعيان في صحنايا للاطلاع على مجريات الأحداث.
وفي السياق ذاته، وبتوجيه من محافظ ريف دمشق عامر الشيخ، اجتمع الدكتور محمد علي عامر، مسؤول منطقة الغوطة الشرقية، مع ممثلين عن الفعاليات الدينية والاجتماعية في جرمانا، لتأكيد التزام الدولة بحماية الأهالي وضمان الأمن ومحاسبة المتورطين بالاعتداءات.
اجتماع طارئ في جرمانا عقب تصعيد طائفي
يأتي ذلك بعد يوم دموي شهدته مدينة جرمانا في 28 نيسان، حيث قتل سبعة أشخاص على الأقل، بينهم عنصران من قوات الأمن العام، في مواجهات عنيفة اندلعت على خلفية تسريب تسجيل صوتي يتضمن إساءة للنبي محمد ﷺ، ما أثار غضباً شعبياً واسعاً واحتقاناً طائفياً امتد إلى عدة مناطق سورية.
وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، عُقد اجتماع رسمي طارئ ضم وفداً حكومياً ووجهاء من جرمانا، بمشاركة الدكتور محمد علي عامر، والأستاذ أحمد طعمة، مسؤول الشؤون السياسية في المحافظة، وعدد من مشايخ الطائفة وممثلين عن المجتمع الأهلي.
واتفق الحاضرون على حزمة من البنود لاحتواء الأزمة، شملت "إعادة الحقوق وجبر الضرر" لأهالي الضحايا، تقديم تعويضات عادلة، ومحاسبة المتورطين بالهجوم، مع تعهّد حكومي بإحالتهم إلى القضاء المختص.
كما شدد المجتمعون على ضرورة وقف التجييش الإعلامي، وتقديم رواية موضوعية لما جرى، إلى جانب تسهيل حركة المدنيين بين دمشق والسويداء دون تهديدات، مؤكدين أن تنفيذ هذه الإجراءات سيبدأ فوراً تحت إشراف مباشر من الجهات المختصة.
عقد وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، اجتماعاً موسعاً مع محافظي مختلف المحافظات، لمناقشة آليات دعم وتعزيز السلم الأهلي على مستوى البلاد، وذلك بناءً على توجيهات مباشرة من الرئيس أحمد الشرع.
وأوضح الوزير خطاب، خلال الاجتماع الذي نقلت تفاصيله وكالة الأنباء السورية "سانا"، أن ترسيخ السلم الأهلي يشكل حجر الأساس في تحقيق استقرار المجتمع، ويُعد ضرورة ملحّة لدعم جهود البناء والتنمية في المرحلة المقبلة.
ويأتي الاجتماع في سياق متابعة الإجراءات المتصلة بإعلان الرئاسة السورية، في التاسع من الشهر الماضي، عن تشكيل لجنة عليا للسلم الأهلي، في خطوة وُصفت بأنها تأتي انسجاماً مع مقتضيات المصلحة الوطنية العليا، وسعياً نحو تحقيق تماسك مجتمعي بين مختلف مكونات الشعب السوري.
وبحسب بيان الرئاسة، تضطلع اللجنة الجديدة بعدد من المهام المحورية، من أبرزها التواصل المباشر مع المواطنين في الساحل السوري للاستماع إلى مطالبهم وتقديم الدعم اللازم لتعزيز أمنهم واستقرارهم، بالإضافة إلى العمل على تعزيز الوحدة الوطنية في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد.
وقد شملت تشكيلة اللجنة العليا للسلم الأهلي شخصيات بارزة أُوكلت إليها مهام المتابعة والتنفيذ، وهم أنس عيروط، وحسن صوفان، وخالد الأحمد، حيث كُلّفوا بالإشراف على وضع آليات العمل وتطبيق الإجراءات المقررة لضمان تحقيق أهداف اللجنة.
وتتصاعد أصوات السوريين الغاضبين من محاولات التسامح غير المشروطة مع الشبيحة وأتباع نظام بشار الأسد، المتورطين في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق الشعب طوال سنوات الحرب. ويطالب ناشطون وذوو ضحايا ومكونات ثورية، الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، بتطبيق العدالة الانتقالية ومحاسبة كل من تورّط في جرائم الحرب، وإقصائهم من مؤسسات الدولة والحياة السياسية.
وصل وزير الثقافة القطري، عبد الرحمن بن حمد آل ثاني، اليوم الثلاثاء، إلى العاصمة السورية دمشق، في زيارة رسمية تهدف إلى توطيد العلاقات الثقافية بين البلدين وفتح آفاق جديدة للتعاون في المجالات الفنية والتراثية والمعرفية.
وكان في استقبال الوزير القطري نظيره السوري محمد ياسين صالح، الذي عبّر عن ترحيبه بهذه الزيارة التي وصفها بأنها "محطة مفصلية في مسار العلاقات الثقافية العربية-العربية"، مضيفاً أن سوريا الجديدة منفتحة على محيطها العربي والإقليمي، وتسعى إلى استعادة دورها الحضاري الطبيعي.
وأوضحت وزارة الثقافة السورية أن زيارة آل ثاني تأتي في إطار تعزيز الشراكات الثقافية المستقبلية، مشيرة إلى أن الجانبين سيناقشان خلال الزيارة برامج عمل مشتركة تشمل التبادل الثقافي، وتنظيم فعاليات ومعارض فنية، وتفعيل اتفاقيات التعاون الثقافي الموقعة سابقاً.
من جانبها، نقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" عن الوزير صالح تأكيده على أن "الروابط الثقافية بين سوريا وقطر تضرب جذورها في التاريخ المشترك، وتشكل أرضية صلبة لتعزيز العمل الثقافي المشترك بما يخدم الهوية العربية ويثري التنوع الثقافي في المنطقة".
تأتي هذه الزيارة بعد يومين من زيارة وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي، أحمد فكاك البدراني، إلى دمشق، حيث سلّم الرئيس السوري أحمد الشرع دعوة رسمية لحضور القمة العربية المقبلة في بغداد، كما عقد اجتماعاً مع الوزير صالح لبحث ملفات التعاون الثقافي بين العراق وسوريا.
وأكد الوزيران العراقي والسوري خلال لقائهما على وحدة الإرث الحضاري بين البلدين، وأهمية العمل المشترك في حفظ التراث، وتبادل الخبرات، وتفعيل المبادرات الثقافية العابرة للحدود.
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد اجتمع في وقت سابق من الشهر الجاري مع وزير الثقافة وعدد من كوادر الوزارة، حيث ناقش معهم دور المؤسسة الثقافية في ترسيخ الهوية السورية، والتعريف بإرثها العريق، إلى جانب استعراض الخطط التطويرية والمشاريع المستقبلية لتعزيز الحضور الثقافي السوري إقليمياً ودولياً.
تعيش مدينة أشرفية صحنايا بريف دمشق حالة من التوتر الأمني الشديد، مع نشوب مواجهات عنيفة اندلعت بين مجموعات مسلحة محلية تنتمى إلى الطائفة الدرزية، وأخرى من خارج المنطقة، وسط استخدام كثيف للرشاشات الثقيلة.
وأكدت مصادر محلية أن الاشتباكات التي اندلعت على أطراف المدينة لا تزال مستمرة، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، ورغم الجهود المبذولة على مستوى الدولة السورية لاحتواء المشهد اتهمت "شبكة السويداء 24"، أن الهجوم على أشرفية صحنايا يبدو منسقاً، على الرغم من مشاركة عناصر من الأمن العام مع المجموعات المحلية في المدينة بالتصدي للهجوم.
في حين نعت "حركة رجال الكرامة – قطاع أشرفية صحنايا" أحد أبرز كوادرها، الشيخ وجدي الحاج علي، الذي قُتل خلال التصدي لما وصفته الحركة بـ"تنظيمات متشددة تحاول التسلل إلى المدينة"، على حد تعبيرها.
ووفقًا لبيان منفصل صادر عن الحركة أيضا أن "أشرفية صحنايا تتعرض لتطويق من كافة المحاور، وإطلاق نار كثيف بالرصاص الحي والقذائف من قبل متطرفين سوريين، وبعضهم من جنسيات أجنبية"، -وفق نص البيان-.
تحركات رسمية وفرض حظر تجوال
ومع تصاعد وتيرة العنف، فرضت قوات الأمن الداخلي حظراً للتجوال في مدينتي صحنايا وأشرفية صحنايا، في محاولة لاحتواء الوضع المتأزم. كما أجرى مسؤول منطقة داريا، الأستاذ جميل مدور، برفقة مسؤول أمني، زيارة إلى مشايخ طائفة الموحدين الدروز ولجنة الأعيان في صحنايا للاطلاع على مجريات الأحداث.
وفي السياق ذاته، وبتوجيه من محافظ ريف دمشق عامر الشيخ، اجتمع الدكتور محمد علي عامر، مسؤول منطقة الغوطة الشرقية، مع ممثلين عن الفعاليات الدينية والاجتماعية في جرمانا، لتأكيد التزام الدولة بحماية الأهالي وضمان الأمن ومحاسبة المتورطين بالاعتداءات.
اجتماع طارئ في جرمانا عقب تصعيد طائفي
يأتي ذلك بعد يوم دموي شهدته مدينة جرمانا في 28 نيسان، حيث قتل سبعة أشخاص على الأقل، بينهم عنصران من قوات الأمن العام، في مواجهات عنيفة اندلعت على خلفية تسريب تسجيل صوتي يتضمن إساءة للنبي محمد ﷺ، ما أثار غضباً شعبياً واسعاً واحتقاناً طائفياً امتد إلى عدة مناطق سورية.
وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، عُقد اجتماع رسمي طارئ ضم وفداً حكومياً ووجهاء من جرمانا، بمشاركة الدكتور محمد علي عامر، والأستاذ أحمد طعمة، مسؤول الشؤون السياسية في المحافظة، وعدد من مشايخ الطائفة وممثلين عن المجتمع الأهلي.
واتفق الحاضرون على حزمة من البنود لاحتواء الأزمة، شملت "إعادة الحقوق وجبر الضرر" لأهالي الضحايا، تقديم تعويضات عادلة، ومحاسبة المتورطين بالهجوم، مع تعهّد حكومي بإحالتهم إلى القضاء المختص.
كما شدد المجتمعون على ضرورة وقف التجييش الإعلامي، وتقديم رواية موضوعية لما جرى، إلى جانب تسهيل حركة المدنيين بين دمشق والسويداء دون تهديدات، مؤكدين أن تنفيذ هذه الإجراءات سيبدأ فوراً تحت إشراف مباشر من الجهات المختصة.
أكد رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم الجسيمة في سوريا، روبرت بيتي، أن تحقيق العدالة في سوريا لم يعد مجرد شعار بعيد المنال، بل بات "فرصة واقعية"، مشيداً بالتدابير التي اتخذتها الحكومة السورية المؤقتة لحماية الأدلة وتنظيم الوصول إلى المواقع ذات الصلة بالتحقيقات.
وجاء ذلك في كلمة ألقاها بيتي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال تقديم التقرير السنوي للآلية، الذي تضمن تحديثاً مفصلاً حول التقدم المحرز في دعم التحقيقات والملاحقات القضائية المرتبطة بالانتهاكات التي ارتكبت في سوريا منذ مارس/آذار 2011.
وأشار بيتي إلى أن "سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي شكّل لحظة مفصلية في تاريخ البلاد، أنهت أكثر من 13 عاماً من الصراع، ونحو نصف قرن من الحكم الاستبدادي"، لافتاً إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة وصف هذا الحدث بأنه "شعلة أمل ينبغي عدم إطفائها".
وأكد المسؤول الأممي أن الآلية الدولية تمكنت، بعد ثماني سنوات على تأسيسها، من إجراء أول زيارة رسمية إلى سوريا في ديسمبر الماضي، حيث بدأ الفريق ما وصفه بـ"حوار بنّاء" مع السلطات السورية، شاكراً تعاونها في تأمين الوثائق وحمايتها.
وأوضح بيتي أن الآلية تمكنت خلال العام 2024 من تنفيذ 154 نشاطاً لجمع البيانات، مما وسّع أرشيفها إلى 280 تيرابايت من الوثائق الرقمية، تشمل أدلة محورية بشأن الانتهاكات. كما عثرت خلال زيارتها إلى سوريا على "كميات ضخمة من الوثائق الهامة، بما فيها النسخ الأصلية من ملفات قيصر، التي توثق عمليات تعذيب ممنهج على نطاق صناعي داخل مراكز الاحتجاز"، بحسب وصفه.
وبيّن بيتي أن الآلية "دعمت بشكل مباشر نجاح ملاحقات قضائية متعددة في 16 ولاية قضائية حول العالم"، مشيراً إلى أنها تلقت 466 طلب مساعدة تتعلق بـ321 تحقيقاً منفصلاً، وأثمرت بعض هذه التحقيقات عن مذكرات توقيف دولية، من بينها مذكرة بحق بشار الأسد وشقيقه ماهر، إلى جانب ثمانية من كبار مسؤولي النظام السابق، وذلك في إطار تحقيقات فرنسية شاملة بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ورغم هذا التقدم، حذّر بيتي من وجود فجوة تمويلية تهدد استمرارية عمل الآلية، موضحاً أن الميزانية لم تُحدَّث منذ عام 2020 رغم تضاعف حجم العمل، وأن العجز في موازنة 2025 يقدّر بـ7.5 ملايين دولار، ما اضطر الآلية إلى إلغاء 18 وظيفة خلال هذا العام وتأخير العديد من التحقيقات. ودعا الدول الأعضاء إلى تقديم دعم مالي متعدد السنوات لضمان استمرارية العمل وتحقيق العدالة.
وشدد بيتي على أهمية "نهج الآلية القائم على الضحايا والناجين"، مؤكداً أن كل وثيقة وشهادة تمثل قصة إنسانية تستحق أن تُسمع، مضيفاً: "العدالة ليست تقنية، بل مسار يحمل وجع الناس، وطموحهم للكرامة".
وختم بيتي بالإشارة إلى أن "العدالة الانتقالية في سوريا يجب أن تكون شاملة، بقيادة السوريين أنفسهم، تعكس تطلعاتهم وتحدد معاني العدالة وفق رؤيتهم الوطنية والمحلية والدولية"، مشدداً على أن "المساءلة وحدها لا تكفي، بل يجب أن تكون جزءاً من استجابة شاملة للتحديات السياسية والإنسانية التي لا تزال تعصف بالبلاد".
جدد مجلس الوزراء السعودي، خلال جلسته الأسبوعية التي ترأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التأكيد على التزام المملكة بمواصلة جهودها الهادفة إلى تسريع تعافي الاقتصاد السوري، في ظل التحولات الجارية بعد انتهاء مرحلة النظام السابق.
وأوضح وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري، في بيان عقب الجلسة، أن المجلس ناقش مجمل المشاركات السعودية في المحافل الإقليمية والدولية، مبرزًا دور المملكة في دعم التعاون الجماعي لمعالجة التحديات العالمية، وترسيخ الاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم.
وأكد مجلس الوزراء على ضرورة أن تبادر المؤسسات المالية الإقليمية والدولية إلى استئناف أنشطتها داخل سوريا وتوسيع نطاق عملها، دعمًا لتطلعات الشعب السوري نحو مستقبل مزدهر يقوم على الكرامة والتنمية الشاملة.
وكانت وزارتا المالية في المملكة العربية السعودية ودولة قطر قد أعلنتا مؤخرًا عن تسوية المتأخرات المالية المترتبة على سوريا لصالح مجموعة البنك الدولي، والتي تُقدّر بنحو 15 مليون دولار، في خطوة تهدف إلى تفعيل عمل البنك داخل سوريا بعد توقف دام أكثر من 14 عامًا.
ومن المنتظر أن تسهم هذه المبادرة في تمكين سوريا من الاستفادة من مخصصات مالية جديدة لدعم قطاعاتها الحيوية، إلى جانب تقديم دعم فني يُسهم في إعادة بناء مؤسسات الدولة، وتنمية الكوادر، وصياغة السياسات الاقتصادية، بما يعزز مسار التنمية المستدامة في البلاد.
أكد وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية، محمد بن عبد العزيز الخليفي، أن دولة قطر متمسكة بدعمها الثابت للشعب السوري، مشيراً إلى أن الدوحة ظلت لأكثر من 14 عاماً مناصرة لمطالبه في وجه النظام السابق، مجدداً إيمان بلاده بمستقبل مشرق ينتظر السوريين بعد نجاح ثورتهم.
وجاءت تصريحات الخليفي خلال مشاركته في جلسة ضمن فعاليات منتدى الأمن العالمي، المنعقد حالياً في العاصمة القطرية الدوحة، حيث شدد على أن الموقف القطري من سوريا كان ولا يزال مبدئياً، وأوضح: "كنا من الدول القليلة التي التزمت بموقفها السياسي، ووقفنا إلى جانب السوريين ضد نظام وحشي، واليوم نحن نؤمن بفرص حقيقية أمام السوريين للتعافي والازدهار".
وكشف الخليفي عن وجود تواصل مباشر بين الحكومة القطرية والحكومة السورية الجديدة، مشيراً إلى أن الدوحة تواصل الدفع نحو تنمية مستدامة في البلاد، وقال: "نعمل على تشجيع السوريين على البناء وإعادة الإعمار، وبدأنا فعلياً بعدد من المشاريع ذات الطابع التنموي".
دعم ملموس عبر مشاريع ومبادرات اقتصادية
وتحدث الخليفي عن أبرز المبادرات القطرية الأخيرة في سوريا، ومنها المساهمة في دعم خط إمداد الكهرباء عبر الأردن، مؤكداً: "نعلن اليوم دعمنا لهذا المشروع الحيوي، وقبل يومين فقط أطلقنا مبادرة مشتركة مع المملكة العربية السعودية لتسوية ديون سوريا المستحقة لصالح البنك الدولي".
وتُقدَّر المتأخرات المالية السورية للبنك الدولي بنحو 15 مليون دولار، وفق ما أعلنته وكالتا الأنباء القطرية والسعودية، وتأتي هذه المبادرة بهدف تمكين البنك من استئناف أنشطته داخل سوريا بعد انقطاع دام أكثر من 14 عاماً، في خطوة وصفت بأنها بداية فعلية لعودة الدعم الدولي التنموي إلى البلاد.
وأوضح الخليفي أن تسوية الديون "ستفتح الباب أمام سوريا للاستفادة من مخصصات مالية جديدة، كما ستسهم في دعم قطاعات حيوية وإعادة تأهيل مؤسسات الدولة، إضافة إلى تقديم الدعم الفني اللازم لتطوير السياسات العامة وبناء القدرات الوطنية".
دعوة لتوسيع الجهود الدولية
وفي السياق نفسه، دعت قطر والسعودية المؤسسات المالية الدولية والإقليمية إلى التحرك سريعاً لاستئناف أنشطتها داخل سوريا، وأكدتا أن تعزيز التنمية هو الطريق الأمثل لاستقرار المنطقة.
وشدد البيان المشترك للدولتين الخليجيتين على "أهمية تضافر الجهود لدعم تطلعات الشعب السوري نحو مستقبل كريم ومزدهر"، معتبرتين أن نجاح التجربة السورية في إعادة بناء الدولة سيشكل ركيزة أساسية لأمن واستقرار الشرق الأوسط برمته.
وسبق أن أعلنت المملكة العربية السعودية ودولة قطر عزمهما تسوية المتأخرات المالية المستحقة على سوريا لصالح البنك الدولي، والتي تقدر بنحو 15 مليون دولار، وفق ما نشرته وكالتا الأنباء السعودية والقطرية، في خطوة تهدف إلى تفعيل نشاط البنك الدولي داخل سوريا بعد انقطاع دام أكثر من 14 عاماً.
وأوضحت الدولتان الخليجيتان في بيان مشترك أن هذه المبادرة "ستمكّن من استئناف دعم ونشاط مجموعة البنك الدولي في سوريا"، مضيفة أن هذا التطور "سيفتح الباب أمام حصول سوريا على مخصصات مالية في المستقبل القريب لدعم القطاعات الحيوية، إلى جانب تقديم الدعم الفني اللازم لإعادة بناء المؤسسات وتنمية القدرات وصناعة وإصلاح السياسات لدفع عجلة التنمية".
عقد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، يوم الثلاثاء، أول اجتماع له مع مسؤولين كبار من وزارة الخارجية الأميركية على الأراضي الأميركية، وذلك في إطار تحركات دبلوماسية تهدف للحصول على خارطة طريق واضحة من واشنطن لتخفيف العقوبات المفروضة على دمشق بشكل دائم، وفق ما أفادت به مصادر مطلعة.
ويأتي هذا اللقاء بعد رد رسمي قدمته دمشق في وقت سابق من الشهر الجاري على قائمة شروط طرحتها الإدارة الأميركية، تمهيداً لاحتمال تخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا.
ورغم عدم الكشف عن أسماء المسؤولين الأميركيين الذين التقى بهم الشيباني، إلا أن مصادر رجّحت أن من بينهم دوروثي شيا، القائمة بأعمال السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة.
وفي السياق ذاته، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، وجود "بعض ممثلي السلطات السورية المؤقتة" في نيويورك للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة، لكنها امتنعت عن التصريح بشأن أي لقاءات مرتقبة مع مسؤولين أميركيين، مشددة على أن "الولايات المتحدة لا تنوي حالياً تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا".
وأضافت بروس أن واشنطن لا تزال تقيّم سياستها تجاه دمشق "بشكل حذر"، مشيرة إلى أن "الحكم على السلطات السورية سيتم استناداً إلى أفعالها على الأرض".
من جهتها، أكدت مصادر قريبة من الوفد السوري أن دمشق تسعى لرؤية جدول زمني واضح وخارطة طريق عملية من واشنطن، تُمهّد لرفع دائم للعقوبات، لا سيما مع الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد منذ سنوات الحرب والعقوبات المتلاحقة من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وكانت الولايات المتحدة قد سلمت الحكومة السورية، الشهر الماضي، قائمة تضم ثمانية مطالب رئيسية، من بينها تفكيك ما تبقى من مخزونات الأسلحة الكيميائية، ومنع تولّي أي أجانب مناصب قيادية في الحكومة السورية الجديدة.
لقاءات دبلوماسية موسعة في نيويورك
بموازاة هذه التطورات، التقى وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني نظيره البرتغالي نونو سامبايو، وكذلك الوزير الفرنسي جان نويل بارو، وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وتركزت اللقاءات على تعزيز العلاقات الثنائية ومناقشة سبل التعاون الإقليمي والدولي.
خطاب أمام مجلس الأمن
وكان الشيباني قد ألقى كلمة أمام مجلس الأمن خلال زيارته، أكد فيها التزام دمشق بالعدالة الانتقالية ورفض كل أشكال التدخل الأجنبي والتقسيم، مطالباً المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته إزاء الانتهاكات الإسرائيلية في سوريا، والدفع نحو وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، مع ضمان دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وأكد الوزير أن استمرار العقوبات الغربية يمثل عقبة جدية أمام عمل الحكومة الجديدة، ويُقوّض الجهود الرامية إلى منع النزاعات المستقبلية، مجدداً مناشدة الأمم المتحدة لدعم مطالب سوريا في رفع العقوبات الاقتصادية "دون تأخير".
شهد المركز الثقافي في مدينة درعا، اليوم الثلاثاء، عرض الفيلم الوثائقي "الشرارة"، الذي يُوثق البدايات الأولى للثورة السورية، بحضور عشرات الوجهاء وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، في مشهد أعاد للأذهان لحظات مفصلية من تاريخ البلاد الحديث.
رواية بصرية توثق البداية
يسرد الفيلم أبرز المحطات التي شهدتها محافظة درعا في الأيام الأولى للثورة، مستعرضاً مشاهد حصرية لسقوط أول تمثال لحافظ الأسد في مدينة داعل، ومقتل أول شابين برصاص قوات النظام. كما يُسلط الضوء على قضية اعتقال الأطفال في درعا، التي شكّلت شرارة الغضب الشعبي في 18 مارس/آذار 2011.
المخرج محمد المسالمة، المقيم في ألمانيا، أوضح في تصريح لموقع الجزيرة نت، أن العمل هو ثمرة جهد دام سنوات، وشارك فيه عدد من النشطاء والإعلاميين من داخل درعا وخارجها، بهدف حفظ سردية الثورة بصرياً. وأشار إلى أن الفيلم يستند إلى أرشيف نادر يُعرض للمرة الأولى، ويُجسد لحظة انفجار الغضب الشعبي قبل 14 عاماً.
أول عرض في درعا بعد سقوط الأسد
ويُعد "الشرارة" أول فيلم وثائقي يُعرض في مدينة درعا منذ سقوط نظام بشار الأسد، بحسب ما أكده المسالمة، الذي عبّر عن مشاعر متضاربة من الفرح لعرض الفيلم والحزن لعدم تمكنه من حضور العرض بسبب بُعد المسافة. وأكد أن العمل جارٍ حالياً على نسخة مطوّلة سيتم عرضها في دمشق، وفي الجامعات والمدارس السورية لاحقاً.
وأضاف المسالمة: "وقوفي على المسرح في سوريا هو حلم مؤجل، لكني مؤمن أن هذا الفيلم ليس مجرد عمل فني، بل وثيقة تحفظ الذاكرة الوطنية وتنقلها للأجيال القادمة".
وثيقة من رحم الميدان
المصور محمود المسالمة، أحد المشاركين في إنتاج الفيلم، أوضح في حديثه للجزيرة نت أن "الشرارة" جمع بين نشطاء عايشوا لحظة انطلاق الثورة وأشخاص احتفظوا بأرشيفها على مدى سنوات. وأضاف أن مقاطع الفيديو التي التُقطت خلال تلك الفترة تم تنسيقها لتقديم سرد بصري صادق وموثوق يعكس حجم التضحيات التي قدمها أبناء درعا.
ودعا المصوّر جميع العاملين في المجال الإعلامي إلى إنتاج مزيد من الوثائقيات المشابهة، مؤكداً أن هذه الأعمال ستكون "المرجع الثابت لسرد الحقيقة، والرد على محاولات طمسها".
تفاعل واسع ومرحلة جديدة
لاقى العرض تفاعلاً كبيراً من الحضور، الذين اعتبروا الفيلم وثيقة حيّة تسلط الضوء على لحظة فارقة من تاريخ سوريا. ويأتي عرضه في وقتٍ تشهد فيه درعا مرحلة جديدة من العمل المدني وحرية التعبير، بعد سنوات من التعتيم والتضييق.
"الشرارة" لم يكن مجرد عرض سينمائي، بل محطة مؤثرة في استرجاع ذاكرة الثورة، ونداء بصرخة الحق الذي انطلق من درعا، ليظل حياً في وجدان السوريين.