في شهادة صادمة ومحمّلة بالمشاعر، كشف الصحفي الاستقصائي جمال المليكي، مقدم برنامج "المتحري" على شاشة الجزيرة، عن تفاصيل رحلته الصحفية إلى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، مؤكدًا أن ما رآه على الأرض تجاوز كل تصور، ووثّق بشهادته ما وصف بأنه "أبشع ما ارتُكب من فظائع في تاريخ الدولة الحديثة".
وأطلّ المليكي في حلقة جديدة من بودكاست "مشارق" الذي تبثه شبكة الجزيرة عبر منصتي "أثير" و"الجزيرة 360"، ليسرد وقائع ميدانية حول صناعة الموت الممنهج التي مارستها أجهزة النظام البائد بحق السوريين لعقود، واصفًا الجرائم بأنها ليست فقط موثقة بالأدلة، بل محفورة على جدران البيوت، وفي ملامح من بقي على قيد الحياة.
وأشار المليكي إلى أن القصص في سوريا لا تحتاج من الصحفي إلى البحث عنها، بل هي التي تلاحقه في كل شارع وزاوية، من صور المفقودين التي تغطي جدران المدن إلى نظرات الأطفال في مراكز الرعاية، مؤكّدًا أن الرعب الذي زرعه النظام لا يزال يُخيم على الأمكنة حتى بعد سقوطه، بفعل حجم الجرائم المتراكمة.
وأوضح أن مهمته الاستقصائية لم تكن مجرد بحث عن أدلة، بل كانت مواجهة مباشرة مع تاريخ من الألم الإنساني والانتهاك الممنهج، جعلت من سوريا "أرشيفًا مفتوحًا للفظائع التي لا تغتفر"، مشددًا على أن كثيرًا مما شاهده لن يُمحى من ذاكرته، وأن واجب الصحفي في هذه اللحظة يتجاوز المهنة ليكون صوتًا للعدالة.
ويأتي توثيق هذه الانتهاكات في ظل سعي مؤسسات العدالة الانتقالية في سوريا إلى كشف الحقيقة، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتُكبت، خاصة أن شهادات ميدانية من صحفيين مستقلين مثل المليكي، تعزز من حجم الأدلة المتوفرة عن فظائع القتل والتعذيب والاختفاء القسري الذي مارسه نظام الأسد البائد بحق آلاف المدنيين.
تجدر الإشارة إلى أن برنامج "المتحري" يُعد من أبرز البرامج الاستقصائية في العالم العربي، ويُعنى بكشف خفايا الانتهاكات وملفات الفساد، فيما يواصل الصحفي جمال المليكي العمل على توثيق جرائم الحرب، خاصة في بؤر الصراع، لتبقى الحقيقة حاضرة مهما طال الزمن.
عُقد في العاصمة التركية أنقرة اجتماع رسمي ضم وزير الداخلية التركي وعددًا من ممثلي الجالية السورية، بهدف مناقشة مستجدات أوضاع السوريين في تركيا، وبحث سبل تحسين الوضع القانوني والخدمي للاجئين، بما يشمل إحصائيات دقيقة، وتحديثات إدارية، ومقترحات عملية تقدّم بها رجال أعمال وممثلون عن المجتمع المدني السوري.
وخلال الاجتماع، عرضت وزارة الداخلية التركية بيانات رسمية تُظهر أن عدد السوريين المتبقين في تركيا تحت جميع أنواع الإقامات بلغ نحو 3,953,207 أشخاص، في حين سجّلت الجهات الرسمية عودة 287,862 سوريًا إلى بلادهم خلال الأشهر الستة الماضية.
ووفق الداخلية التركية، بلغ عدد المستفيدين من زيارات العيد، سواء لمرة واحدة أو ثلاث مرات، 33,493 شخصًا. أما فيما يتعلق بأذونات العبور الخاصة، فقد منحت الحكومة التركية خلال الفترة الماضية أكثر من 46 ألف إذن للجمعيات، و869 إذنًا للطلاب السوريين، فيما تجاوز عدد الأذونات الممنوحة لرجال الأعمال 85,759 إذنًا.
وتضمنت المباحثات عرضًا للتحديثات الإدارية الجديدة التي اعتمدتها السلطات التركية، إذ تقرر توسيع معبر تشوبانبِه الحدودي لتعزيز مرونة حركة الدخول والخروج، إلى جانب قرار مهم برفع سقف المبلغ النقدي المسموح بنقله إلى سوريا من 25 ألفًا إلى 400 ألف ليرة تركية، مع الإبقاء على الحد الأقصى للعملات الأجنبية عند 10 آلاف يورو.
كما أعلنت وزارة الداخلية عن تركيب منظومة مراقبة بالكاميرات في كافة النقاط التابعة لإدارة الهجرة، بما يشمل مراكز الخدمات وسيارات الرقابة المنتشرة في الولايات، وذلك لضمان الشفافية ورفع كفاءة الأداء في التعامل مع السوريين.
وفي ما يتعلق بخطط إدارة الهجرة للمرحلة المقبلة، أكدت الحكومة التركية سعيها إلى تسهيل إجراءات الدخول والخروج لحاملي الجنسيتين السورية والتركية، عبر استخدام جوازات السفر فقط دون الحاجة إلى إذن مسبق، كما ستُمنح هذه التسهيلات أيضًا لموظفي الجمعيات.
وسيُسمح للمتزوجين السوريين من مواطنين أتراك بالعبور من المعابر البرية باستخدام جوازات السفر ووثائق الزواج دون قيود، كما يجري الإعداد لمنح أولوية مستقبلية في طلبات الفيزا لأولئك الذين عادوا إلى سوريا في وقت سابق. وأكدت الإدارة كذلك أنها تعمل على تسهيل إجراءات الإقامة والفيزا للسوريين المتزوجين من أتراك خلال السنوات الثلاث الأولى التي تسبق مرحلة التقدّم للحصول على الجنسية.
من ناحية قانونية، جرى توضيح أن حاملي بطاقة الحماية المؤقتة غير ملزمين باستخراج إذن عمل في حال التزموا بالعمل ضمن الولاية ذاتها، حيث يمكنهم التقديم على إعفاء رسمي من خلال نظام المواعيد الإلكتروني، مما يسمح لهم بالتسجيل في التأمينات الاجتماعية. كما أُعلن أن الطلاب السوريين الحاملين لبطاقة الحماية المؤقتة يمكنهم زيارة سوريا حتى أربع مرات سنويًا من خلال المعابر المخصصة لذلك.
وفي السياق ذاته، قدّم رجال أعمال سوريون مشاركون في الاجتماع مجموعة من المقترحات إلى الجانب التركي، بعضها عُرض شفهيًا، والبعض الآخر سُلم ضمن ملف رسمي للجهات المختصة.
شملت أبرز المطالب تسريع معالجة ملفات الجنسية العالقة منذ سنوات، ومنح إقامة عائلية للوالدين على غرار ما هو معمول به للزوجة والأبناء، إضافة إلى تسهيل إصدار أذونات السفر الخارجي في الحالات الطارئة.
كما طُرحت مطالب تتعلق بتفعيل استحقاق الحصول على الجنسية للأشخاص الذين دفعوا التأمينات الاجتماعية وأقاموا بشكل نظامي لمدة خمس سنوات دون أن يتمكنوا من الحصول على إقامة عمل بسبب ظروف استثنائية، مع دعوة إلى فتح المجال أمام التحويل من بطاقة الحماية المؤقتة إلى أنواع أخرى من الإقامات بدون الشروط الحالية التي توصف بأنها تعجيزية.
كذلك دعت المقترحات إلى فتح باب التقديم على الجنسية لأصحاب إذن العمل من حاملي بطاقة الحماية المؤقتة بعد خمس سنوات، وتوسيع العمل في المعابر البرية لتكون مفتوحة على مدار الساعة، والسماح باستخدام السيارات الخاصة في التنقل بين سوريا وتركيا.
وفي ختام الاجتماع، جددت وزارة الداخلية التركية تأكيدها بأنه لا يوجد أي قرار أو مخطط لإلغاء بطاقة الحماية المؤقتة، مشددة على أن تقييم أوضاع السوريين مستمر على جميع المستويات، سواء في مجالات التعليم أو الصحة أو الأمن، كما أوضحت أن التنسيق مع الحكومة السورية الانتقالية يجري بشكل حذر ومدروس، ويهدف إلى رسم سياسة مستقبلية واقعية تأخذ بعين الاعتبار التحديات الراهنة والظروف الميدانية.
يعكس الاجتماع توجهًا تركيًا واضحًا نحو إعادة تنظيم العلاقة الإدارية مع السوريين داخل تركيا، وفتح نوافذ تفاهم جديدة قائمة على الشفافية والتسهيل، مع استمرار التقييم الأمني والاقتصادي الذي يهدف إلى ضمان التوازن بين مصالح الدولة التركية وحقوق اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها.
أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، مساء السبت، عن نية الحكومة تخفيض رسوم إصدار جوازات السفر بنسبة تتراوح بين 50 إلى 70 بالمئة، وذلك في إطار التوجّه لإعادة النظر في منظومة الرسوم الحالية التي اعتُبرت على نطاق واسع باهظة وغير متناسبة مع الواقع الاقتصادي للسوريين.
وأكد البابا، خلال مقابلة بثتها قناة الإخبارية السورية، أن تفاصيل التخفيض ستُعلن خلال الأيام القليلة المقبلة، مشيرًا إلى أن المدة الزمنية وصلاحية الجواز ستُدرس من قبل الإدارة المختصة، بما ينسجم مع الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، مضيفًا أن الهدف هو تقديم خدمة ميسّرة بتكاليف منطقية للمواطن.
وكانت المديرية العامة للهجرة والجوازات قد حددت في شباط/فبراير الماضي رسوم الجواز العادي داخل سوريا بمبلغ 312,700 ليرة سورية، والعاجل بـ432,700 ليرة، والفوري بـ2,010,700 ليرة سورية، في حين تصل رسوم الجواز العادي للمقيمين في الخارج إلى 300 دولار، وترتفع إلى 800 دولار للخدمة العاجلة. وتُنجز الجوازات خلال فترات تتراوح بين يومين و45 يومًا، حسب نوع الطلب.
ويُظهر هذا النظام فجوة صارخة بين التكاليف المفروضة ومستوى الدخل المحلي، حيث يتراوح متوسط دخل موظفي القطاع الحكومي بين 580 ألفًا و2.1 مليون ليرة سورية، ما يعني أن الحصول على جواز سفر فوري قد يستهلك كامل راتب موظف حكومي أو أكثر، بينما يُعد الجواز شبه مستحيل للأسر التي تعيش تحت خط الفقر.
"الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تدعو إلى إصلاح جذري
في السياق، انت جدّدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان دعوتها للحكومة الجديدة، بعد سقوط نظام الأسد، إلى إعادة صياغة نظام الرسوم المعتمد، وخفضها إلى حدود تتناسب مع المعايير الدولية، مشيرة إلى أن الحد المعقول لاستخراج جواز السفر العادي ينبغي ألا يتجاوز 50 دولارًا أمريكيًا، مع تحديد 100 دولار كحد أقصى للخدمات العاجلة.
واعتبرت الشبكة أن النظام السابق استغل حاجة السوريين للجوازات بوصفها أداة للتحكم والمعاقبة والإثراء غير المشروع، مشددة على أن التكاليف المرتفعة تمثل انتهاكًا واضحًا لحق أساسي من حقوق الإنسان، وهو حرية التنقل، وتحرم مئات الآلاف من السوريين من لمّ شمل أسرهم أو مغادرة البلاد في ظروف آمنة.
أوضحت الشبكة أن خط الفقر المطلق في سوريا يبلغ 2.54 مليون ليرة، بينما يتجاوز الحد الأدنى لتكلفة المعيشة لأسرة مكوّنة من خمسة أفراد 9.1 مليون ليرة، وقد يصل في بعض الحالات إلى 14.5 مليون ليرة. في ظل هذا الواقع، تُعد رسوم الجوازات عبئًا اقتصاديًا حادًا، خاصة عندما تُقارن بأن جواز السفر السوري يُصنّف عالميًا كأحد أسوأ جوازات السفر من حيث حرية التنقل، ولا يتيح الدخول سوى إلى 28 دولة فقط.
طالبت الشبكة بإجراء إصلاحات شاملة، من بينها "تخفيض رسوم الجواز إلى 50 دولارًا كحد أقصى للعادي، و100 دولار للعاجل، ورفع مدة صلاحية الجواز إلى 10 سنوات للبالغين، و5 سنوات للقاصرين، وإعفاء الفئات الضعيفة من الرسوم، مثل النازحين واللاجئين والطلاب والعائلات تحت خط الفقر، وإطلاق منصة إلكترونية شفافة لحجز المواعيد، وإنهاء ظاهرة السماسرة، وتوحيد أوقات المعالجة والقضاء على التأخيرات المصطنعة التي تجبر المواطن على دفع مبالغ إضافية للحصول على الجواز بسرعة.
يمثّل إعلان وزارة الداخلية بشأن تخفيض رسوم الجوازات خطوة أولى نحو تصحيح تشوهات طالما شكّلت معاناة يومية لملايين السوريين، إلا أن هذا التخفيض المرتقب لن يكتسب جدواه ما لم يترافق مع إصلاح شامل للمنظومة برمتها، يأخذ في الحسبان حقوق الإنسان، والمعايير الدولية، والواقع الاقتصادي المنهك للمواطن السوري داخل البلاد وخارجها.
نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي مساء الإثنين 16 حزيران/يونيو 2025 عملية توغل عسكري مفاجئة داخل قرية الحميدية في ريف محافظة القنيطرة، ترافقت مع هدمٍ ممنهج لما لا يقل عن 15 منزلاً مدنياً، وقد دخلت القوات الإسرائيلية، مدعومة بآليات ثقيلة، دون سابق إنذار، ما أحدث حالة من الذعر والقلق بين الأهالي.
وبحسب ما وثقته الشبكة السورية لحقوق الإنسان، استمر التوغل العسكري حتى فجر اليوم التالي، وأسفر عن تدمير منازل مدنيين بذريعة قربها من قاعدة عسكرية إسرائيلية أُنشئت مؤخرًا ضمن نطاق المنطقة المنزوعة السلاح، وتشير المعلومات الميدانية إلى أن بعض هذه المنازل كانت مأهولة قبل أن يُجبر السكان على مغادرتها قسراً، في ظل التوسع العسكري الإسرائيلي غير المشروع قرب خطوط التماس في الجولان.
تأتي هذه العملية في سياق سلسلة من التوغلات التي تنفذها إسرائيل داخل الأراضي السورية، وتشكل في مجموعها "انتهاكاً صارخاً لسيادة الجمهورية العربية السورية"، وخروجًا واضحًا عن مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، كما تُعد خرقاً لاتفاق فضّ الاشتباك الموقّع بين سوريا وإسرائيل عام 1974، والذي يمنع أي وجود عسكري إسرائيلي داخل مناطق محددة من الجولان.
وبالإضافة إلى خرق السيادة، تمثل عمليات الهدم هذه انتهاكاً للمادتين 49 و147 من اتفاقية جنيف الرابعة، إذ يُحظر تهجير المدنيين قسرًا أو تدمير ممتلكاتهم دون مبرر عسكري واضح ومباشر. كما أن استهداف مناطق سكنية دون وجود تهديد فوري يقوّض مبدأ التناسب والضرورة في استخدام القوة، وهو ما يتنافى مع المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنظم حق الدفاع عن النفس.
وعبّرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن خشيتها من أن تكون هذه العملية جزءاً من سياسة تهدف إلى فرض "واقع أمني وسكاني جديد بالقوة العسكرية"، من خلال التهجير التدريجي والتوسع في النقاط العسكرية داخل الأراضي السورية، وهو ما قد يرقى إلى ممارسات التهجير القسري المحظورة دوليًا، ويشكّل تهديدًا مباشراً للأمن الإنساني والاستقرار المحلي، لا سيما في مناطق تشهد تعافيًا تدريجيًا بعد سقوط نظام الأسد وتسلُّم الحكومة الانتقالية مسؤولية إدارة المنطقة في كانون الأول/ديسمبر 2024.
ورغم جسامة الانتهاك، لم تصدر حتى الآن إدانات دولية واسعة، باستثناء تحذيرات أولية من جهات حقوقية. وتطالب الشبكة الجهات الدولية بتحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، والتحرك العاجل لوقف هذه الاعتداءات ومنع تكرارها.
ودعت الشبكة السورية مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إصدار إدانة رسمية للتوغلات الإسرائيلية باعتبارها أعمالًا عدوانية ضد دولة عضو، والضغط لوقفها فورًا، ونناشدة قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (UNDOF)** لفتح تحقيق عاجل في الحادثة، وإحالة نتائج التحقيق إلى مجلس الأمن.
وطالبت المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق أولي في الهجمات الإسرائيلية على الممتلكات المدنية في الجولان، وما قد يُصنّف كجريمة تهجير قسري، ودعم المتضررين ماديًا وقانونيًا، وتوثيق الانتهاكات ضمن آليات المحاسبة الدولية، خصوصًا لدى الآلية الدولية المحايدة والمستقلة (IIIM).
وشددت الشبكة على ضرورة توسيع الوجود الحقوقي والإنساني في محافظة القنيطرة، من خلال نشر فرق مراقبة وتوفير دعم نفسي وخدمات قانونية للسكان المتضررين، كما دعت إسرائيل لاحترام التزاماتها الدولية بموجب اتفاقيات جنيف، وضمان وقف استخدام القوة المفرطة في المناطق المدنية.
وأكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن عملية التوغل في قرية الحميدية تمثل سابقة خطيرة وانتهاكًا مركبًا يجمع بين الإخلال بالاتفاقيات الدولية، وتدمير ممتلكات مدنية، وإرغام السكان على مغادرة منازلهم تحت الضغط العسكري، وطالبت الجهات الدولية المعنية بإجراء عاجل، يُعيد الاعتبار للحقوق السيادية للدولة السورية، ويضع حدًا للتغوّل الإسرائيلي في المناطق الحدودية.
في خطوة مفاجئة تحمل أبعادًا استراتيجية خطيرة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فجر الأحد تنفيذ ضربات جوية دقيقة استهدفت ثلاث منشآت نووية رئيسية داخل إيران، شملت مواقع فوردو ونطنز وأصفهان، في ما وصفه بـ"العملية العسكرية الناجحة" التي نفذتها قاذفات "بي-2" الأميركية بعد انطلاقها من قواعد في الولايات المتحدة عبر المحيط الهادئ.
وأكد ترامب في بيان رسمي أن قنابل خارقة للتحصينات دمرت منشأة فوردو بشكل كامل، معلنًا صراحة أن "فوردو انتهت"، ومشيرًا إلى أن جميع الطائرات الأميركية المنفذة للضربة غادرت الأجواء الإيرانية دون أن تُصاب، ما اعتبره دليلاً على "تفوق الجيش الأميركي الذي لا مثيل له في العالم"، على حد تعبيره.
ودعا الرئيس الأميركي إيران إلى وقف ما وصفها بـ"الحرب"، معتبراً أن اللحظة التي تمر بها المنطقة "تاريخية" بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل والعالم بأسره، محذرًا من أن بلاده مستعدة لتوجيه ضربات جديدة في حال استمر التصعيد من الجانب الإيراني، وأضاف: "إما السلام الآن، أو مواجهة مأساة كبيرة".
أهداف استراتيجية ورسائل مزدوجة
وفي خطاب ألقاه من البيت الأبيض لاحقًا، أوضح ترامب أن الهجوم استهدف تدمير قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم، مؤكدًا أن المنشآت الثلاث خرجت كليًا عن الخدمة، وأن الضربات حققت نجاحًا عسكريًا باهرًا، وأضاف: "ما زال لدينا الكثير من الأهداف... والكرة الآن في ملعب إيران".
وأوضح أن وزارة الدفاع الأميركية ستعقد مؤتمرًا صحفيًا لتقديم تفاصيل العملية، ملمحًا إلى أن الرسالة الأهم من الهجوم هي فرض شروط أميركية جديدة لأي حوار مستقبلي مع طهران.
تفاصيل الضربة وتقارير استخباراتية
ووفقًا لتقارير إعلامية أميركية، استخدمت الولايات المتحدة في هجومها قنابل ضخمة خارقة للتحصينات، بلغ وزن بعضها 30 ألف رطل، حيث ألقتها قاذفات "بي-2" على مدخل منشأة فوردو. كما شاركت صواريخ توماهوك في استهداف المواقع الأخرى.
مصادر استخباراتية نقلت عن "نيويورك تايمز" أن إسرائيل كانت قد دمرت جزءًا كبيرًا من منشأتي نطنز وأصفهان بنسبة 75% في ضربات سابقة، وأن العملية الأميركية جاءت استكمالًا لما بدأته تل أبيب، بعد أن قُدّر أن الهجوم الإسرائيلي أعاق البرنامج النووي الإيراني لمدة لا تزيد عن ستة أشهر.
وأشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى أن نحو 30 طناً من المتفجرات أُلقيت على فوردو وحدها، في حين قدرت أوساط أمنية في تل أبيب أن الضرر الذي لحق بالبنية النووية الإيرانية كبير وربما يصعب ترميمه في المدى القريب.
تنسيق مسبق وتحفظات داخلية
وفي السياق ذاته، أفادت شبكة "أكسيوس" بأن واشنطن أبلغت إسرائيل مسبقًا بنيّتها تنفيذ الضربة، بينما نقلت "NBC" أن رئيسي مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين تم إبلاغهما بالعملية قبل تنفيذها، في حين لم يتم إطلاع كبار الديمقراطيين في لجان الاستخبارات، ما أثار تحفظات سياسية داخلية بشأن آلية اتخاذ القرار.
ونقلت "سي إن إن" عن مصادر مقربة من البيت الأبيض أن الرئيس ترامب يأمل أن تمهّد هذه الضربات لعودة إيران إلى طاولة المفاوضات، بينما أكدت "سي بي إس" أن واشنطن تواصلت دبلوماسيًا مع طهران لإبلاغها بأن الضربة مكتملة الأهداف ولا تتضمن نوايا لتغيير النظام.
ردود إيرانية وتحذيرات
من الجانب الإيراني، أعلن مستشار رئيس البرلمان أن المنشآت النووية الثلاث تم إخلاؤها منذ فترة طويلة، في محاولة للتقليل من أهمية الضربة، بينما ذكرت محافظة أصفهان أن الهجوم طال منشأتي نطنز وأصفهان، تزامنًا مع تصدي الدفاعات الجوية لأهداف معادية.
بدورها، أكدت وكالة "إيرنا" الرسمية أن المواقع المستهدفة لا تحتوي على مواد نووية حساسة، فيما توعّد معلق رسمي في التلفزيون الإيراني بأن كل الأميركيين – عسكريين ومدنيين – أصبحوا الآن "أهدافًا مشروعة" في المنطقة.
رسائل متعددة ومخاطر متصاعدة
تأتي هذه الضربات في ظل تصعيد غير مسبوق بين واشنطن وطهران، قد يعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط، ويضع المنطقة على حافة مواجهة شاملة ما لم تُترجم الرسائل العسكرية إلى مسارات تفاوضية واقعية. وبينما يسوّق ترامب العملية بوصفها إنجازًا دفاعيًا، يرى مراقبون أنها قد تفتح باباً لتصعيد غير قابل للضبط، خاصة إذا قررت إيران الرد بشكل مباشر أو عبر حلفائها الإقليميين.
الضربة الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد المنشآت النووية الإيرانية قد تمثل لحظة مفصلية في مسار الصراع الأميركي الإيراني. وبين دعوة ترامب للسلام وتهديده بالمزيد، تقف المنطقة أمام معادلة جديدة عنوانها: "إما طاولة التفاوض، أو حرب باردة قابلة للاشتعال في أي لحظة".
انطلقت يوم أمس أعمال مؤتمر الشباب الأول في محافظة دير الزور، بمشاركة أكثر من مئة شاب وشابة، تحت عنوان "الشباب نهضة وبناء"، وذلك في قاعة المؤتمرات بمجمّع صحارى، بتنظيم من مديرية الشؤون السياسية في المحافظة.
وأكد محافظ دير الزور، غسان السيد أحمد، في كلمة افتتاحية، أهمية هذا المؤتمر كمنصة للاستماع إلى آراء وطروحات الشباب السوري، والاستفادة من قدراتهم في عملية البناء الوطني، مشيرًا إلى أن العديد من الدول التي عانت من الحروب جعلت من الشباب محورًا أساسياً في إعادة الإعمار.
ونوّه المحافظ بدور الشباب السوري الذين أثبتوا حضورهم وتميّزهم في مجالات التعليم والثقافة، سواء داخل سوريا أو في بلدان المهجر، مشددًا على أن هذا الجيل الذي شارك في الثورة وأسهم في النصر على النظام البائد، هو ذاته الذي يتحمّل اليوم مسؤولية بناء سوريا المستقبل.
من جانبه، أوضح مدير الشؤون السياسية في المحافظة، أحمد الهجر، في تصريح لوكالة "سانا"، أن المؤتمر يمثل محطة أولى ضمن سلسلة من اللقاءات المزمع عقدها بهدف تحفيز الشباب وإشراكهم في صناعة القرار، وفي جهود التعافي الوطني وإعادة الإعمار.
وأشار الهجر إلى أن برنامج المؤتمر تضمن حلقات عمل تناولت محاور متعددة، منها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وتطوير المهارات، بمشاركة شباب متخصصين في كل مجال، ضمن بيئة حوارية تهدف لتبادل الرؤى وصياغة مبادرات عملية.
وبيّن أن الدعوة للمشاركة شملت شبابًا وشابات من أبناء محافظة دير الزور، سواء المقيمين داخلها أو في تركيا، ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و40 عامًا، وضمّت شريحة واسعة من الأطباء والمهندسين والطلاب والنشطاء والأدباء والمثقفين والحقوقيين.
وقدّم المشاركون خلال جلسات المؤتمر رؤىً ومقترحات حول أولويات المرحلة المقبلة، ركزت على سبل إعادة الإعمار بعد ما خلّفه النظام البائد من دمار وفساد، مؤكدين أهمية الاستثمار في التعليم، ودعم التمكين الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، إلى جانب الاستفادة من خبرات السوريين في الخارج، وإشراكهم في عملية البناء والتنمية الوطنية.
عقدت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب اجتماعًا موسعًا اليوم في محافظة القنيطرة، ضم عددًا من الشخصيات الرسمية والفعاليات الأهلية ووجهاء وأعيان المحافظة، وذلك بحضور المحافظ أحمد الدالاتي، ضمن إطار التحضيرات الجارية للاستحقاق الانتخابي المرتقب.
وجرى اللقاء في المركز الثقافي العربي بمدينة القنيطرة، حيث تناول المجتمعون آليات تعزيز الشفافية والنزاهة في العملية الانتخابية، إلى جانب التأكيد على أهمية المشاركة الواسعة والفعالة في هذا الاستحقاق الدستوري، بما يعكس إرادة أبناء المحافظة ويعزز الدور الوطني لجميع الأطراف المشاركة.
وخلال اللقاء، طرح عدد من الوجهاء والأعيان آرائهم وتطلعاتهم حيال الانتخابات المقبلة، معربين عن أملهم بأن يضطلع مجلس الشعب القادم، في ظل الحكومة الجديدة، بدور فاعل كممثل حقيقي للمواطنين، ينقل همومهم ويسعى لتحقيق مصالحهم ومصالح الوطن على حد سواء.
ويأتي هذا الاجتماع استكمالًا لسلسلة اللقاءات التي تجريها اللجنة العليا في مختلف المحافظات، حيث كانت قد عقدت اجتماعًا مماثلًا قبل يومين مع فعاليات اجتماعية واقتصادية ودينية في محافظة ريف دمشق، ناقشت فيه نظام الانتخابات، وبرنامجها الزمني، ومعايير الترشح، وآلية توزيع المقاعد على المحافظات والمناطق.
تجدر الإشارة إلى أن اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب شُكّلت بموجب مرسوم رئاسي، وتتولى الإشراف على تشكيل الهيئات الفرعية الناخبة، التي تختص بانتخاب ثلثي أعضاء المجلس، في خطوة تهدف إلى تنظيم العملية الانتخابية وضمان نزاهتها في المرحلة المقبلة.
أصدر وزير المالية السوري، الدكتور محمد يسر برنية، تعميماً جديداً يقضي باستئناف منح براءات الذمة المالية الخاصة بعمليات نقل الملكية العقارية، وذلك اعتباراً من 30 حزيران الجاري، في خطوة تهدف إلى تنشيط حركة السوق العقارية وتسهيل الإجراءات أمام المواطنين.
وأوضح الوزير برنية، في منشور عبر منصة "لينكد إن"، أن هذا الإجراء يأتي لتمكين مديريات المصالح العقارية من استئناف خدمات تسجيل عمليات نقل الملكية، واصفاً القرار بأنه خطوة طال انتظارها، ومن شأنها تحريك العجلة الاقتصادية وتيسير حركة الأعمال.
وأشار وزير المالية إلى أن معاودة منح براءات الذمة ستترافق مع إجراءات جديدة تهدف إلى تبسيط المعاملات وتخفيف الأعباء عن المواطنين، مؤكداً أن الوزارة تعمل على توفير بيئة خدمية أكثر فاعلية وسلاسة.
كما توجّه الوزير برنية بالشكر إلى وزارات الداخلية والإدارة المحلية والبيئة، والعاملين في وزارة المالية وهيئة الضرائب والرسوم ومديرية المصالح العقارية، مثنياً على تعاونهم في إنجاز التحضيرات اللازمة لتطبيق القرار.
وفي ختام بيانه، قدّم وزير المالية اعتذاره للمواطنين عن التأخير الذي رافق عملية التحضير لإعادة تفعيل منح براءات الذمة المالية، مؤكداً حرص الوزارة على تسريع وتيرة الخدمات وتقديم الأفضل في المرحلة المقبلة.
قرار وزير المالية السوري بإعادة منح براءات الذمة المالية لأغراض نقل الملكيات العقارية بدءًا من 30 حزيران، يعني عمليًا استئناف عمليات تسجيل ونقل ملكية العقارات بشكل رسمي وقانوني في السجلات العقارية، بعد توقف دام فترة، على الأرجح لأسباب تنظيمية أو فنية متعلقة بالتحصيل الضريبي أو إعادة هيكلة إجراءات الدولة.
شارك وزير الخارجية السوري، الدكتور أسعد الشيباني، في أعمال الدورة الحادية والخمسين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، التي عُقدت في مدينة إسطنبول التركية يومي 21 و22 حزيران 2025، تحت شعار "التعاون الإسلامي في عالم متغيّر".
وجاءت مشاركة سوريا بعد استعادة مقعدها في المنظمة، عقب تعليق دام أكثر من 13 عامًا منذ عام 2012، حيث شكّلت هذه العودة الرسمية محطة مهمة في سياق تعزيز الحضور الدبلوماسي السوري إقليميًا، وتأكيد انفتاح دمشق على المحافل الدولية.
لقاءات دبلوماسية رفيعة
وعلى هامش أعمال الدورة، عقد الوزير الشيباني سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من نظرائه في الدول الأعضاء، ركّزت على دفع العلاقات الثنائية وتوسيع التعاون المشترك.
فقد التقى بنائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، حيث بحث الطرفان سبل تفعيل العلاقات بين البلدين، وناقشا أولويات المرحلة المقبلة في ضوء التطورات الإقليمية، لاسيما الملف السوري ومسار عودته إلى المنظمات الإقليمية والدولية.
كما التقى الشيباني بوزير خارجية أذربيجان جيحون بيراموف، وناقش معه ملفات التعاون الثنائي، خصوصًا في مجالات الدعم الإنساني، والإعمار، وإمكانية تعزيز التبادل السياسي والاقتصادي، إلى جانب التنسيق داخل منظمة التعاون الإسلامي لدعم رفع العقوبات المفروضة على سوريا.
وشملت لقاءاته أيضًا نظيره الأفغاني أمير خان متقي، في لقاء تناول قضايا التعاون المشترك والعلاقات بين البلدين في المرحلة القادمة.
تصريحات تؤكد على أولوية العدالة والتضامن الإسلامي
وخلال مداخلاته وتصريحاته، شدد وزير الخارجية السوري على أهمية رفع العقوبات الأحادية المفروضة على سوريا، واصفًا إياها بأنها تمثل عقبة أمام جهود التنمية والاستقرار.
كما أكد الشيباني أن سوريا تتطلع إلى شراكة فاعلة داخل منظمة التعاون الإسلامي، بما يعزز من حضورها في العالم الإسلامي ويدفع نحو معالجة القضايا الإنسانية والتنموية.
وأشاد الشيباني بجهود الدول الإسلامية في دعم سوريا، مؤكدًا أن البلاد تتجه بخطى ثابتة نحو التعافي والانخراط مجددًا في المنظومة الدولية، مع الحرص على حماية السيادة الوطنية وتحقيق الاستقرار الدائم.
وفي كلمته خلال افتتاح الدورة، رحّب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بمشاركة سوريا، معتبرًا عودتها إلى المنظمة خطوة بالغة الأهمية في سياق استعادة التضامن الإقليمي، وتأكيدًا على وحدة العالم الإسلامي في مواجهة التحديات المشتركة.
جاءت هذه المشاركة لتؤكد عودة سوريا إلى المحافل الدولية بعد عزلة طويلة، ولترسّخ مساعيها لاستعادة مكانتها ضمن المنظمات الإقليمية، لا سيما في ظل تصاعد الاهتمام العربي والإسلامي بدعم استقرارها وإعادة إعمارها، وسط تنامي التحديات التي تواجه المنطقة، وفي مقدمتها التصعيد الإسرائيلي والتوتر الإيراني.
مثّلت مشاركة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في الدورة الـ51 لمجلس وزراء خارجية التعاون الإسلامي محطة دبلوماسية بارزة، عكست حجم التقدم الذي أحرزته دمشق في مسار عودتها إلى الساحة الإقليمية. كما عكست اللقاءات التي عقدها اهتمامًا واسعًا من قبل الدول الأعضاء بتعزيز التنسيق مع سوريا في الملفات السياسية والاقتصادية، ومساندتها في مواجهة العقوبات والتحديات الراهنة.
شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على ضرورة تجنيب سوريا والعراق تداعيات الصراع المتصاعد بين إيران وإسرائيل، مؤكدًا أهمية خفض التوتر في المنطقة وتغليب الحلول الدبلوماسية.
وجاءت تصريحات أردوغان خلال لقائه مع رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، عقب ختام الاجتماع الحادي والخمسين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، وفق بيان صادر عن دائرة الاتصال في الرئاسة التركية ونقلته وكالة الأناضول.
وقال الرئيس التركي إن على سوريا والعراق أن تبقيا خارج نطاق هذا النزاع، داعيًا إلى بذل جهود إقليمية مكثفة لتهدئة الأوضاع وفتح المجال أمام تسويات سلمية، ومشددًا على استمرار دول المنطقة في دفع مسارات الحل السياسي.
ووفق البيان، تناول اللقاء بين الجانبين أيضًا العلاقات الثنائية بين تركيا وقطر، إضافة إلى أبرز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وفي كلمته التي ألقاها أمام وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، عبّر أردوغان عن سعادته بمشاركة سوريا في هذه الدورة، مؤكدًا ترحيبه بعودتها إلى المنظمة وفتح صفحة جديدة معها، معتبرًا أن ذلك يشكل خطوة إيجابية نحو اندماجها مجددًا في المجتمع الدولي.
وقال أردوغان: "نحن متفائلون بأن يحقق الشعب السوري نجاحات ملموسة بعد معاناة طويلة عاشها في ظل أزمات وتحديات صعبة"، داعيًا إلى دعم المسار السياسي الذي يحفظ وحدة الأراضي السورية ويضمن استقرارها الدائم.
كما حذر الرئيس التركي من تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا ولبنان ودول الجوار، معتبرًا أنها تهدف إلى تغذية الفوضى في الإقليم، وقد تجر المنطقة نحو انفجار واسع النطاق.
وفي ختام كلمته، دعا أردوغان إلى تعزيز التضامن والتعاون بين الدول الإسلامية لمواجهة الأزمات والتحديات، مشيرًا إلى أن منظمة التعاون الإسلامي تضم 57 دولة تملك قدرات وإمكانات هائلة، وإذا توحدت فستتحول إلى قوة مؤثرة على الساحة الدولية.
أعلنت محافظة حلب تسلمها إدارة الوحدات الإدارية في ريفي حلب الشمالي والشرقي، في خطوة تهدف إلى توحيد البنية الإدارية وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للسكان.
وجاءت هذه الخطوة بموجب اتفاق أُبرم مع الجانب التركي، أنهى دور المستشارين الأتراك في تلك المناطق، وأتاح دمج الوحدات الإدارية في مدن إعزاز والراعي والباب وجرابلس ضمن هيكلية محافظة حلب، بما يعكس تطور العلاقات بين دمشق وأنقرة.
وأشارت المحافظة في بيانها إلى أن الاتفاق جاء عقب عقد اجتماعين موسعين، خُصصا لوضع خطة لدمج البلديات والوحدات الإدارية، وتقييم المنشآت والمعدات الحالية، إلى جانب إعداد خارطة تنظيمية جديدة تُعنى بتوزيع الكوادر وتحديد الاحتياجات الخدمية.
كما أصدرت الحكومة السورية قرارًا بإنهاء مهام المستشارين المحليين السابقين، واعتماد آليات موحدة للإدارة، بما يضمن انتقالًا سلسًا في الهيكلية، مع توفير الدعم الفني والإداري المطلوب خلال المرحلة الانتقالية.
وكشف مسؤول في محافظة حلب -في حديث خاص لموقع الجزيرة نت مفضلاً عدم الكشف عن اسمه– أن تعدد أنماط الإدارة في المناطق المحررة سابقًا، وخصوصًا بين ريف حلب ومحافظة إدلب، تسبب بمعاناة كبيرة للسكان، سواء خلال التنقل أو في الحصول على الوثائق الرسمية.
وأوضح أن عملية الدمج الإداري جاءت استجابة لمطالب شعبية، بهدف توحيد الوثائق مثل شهادات الميلاد والزواج والمناهج الدراسية، بما يسهم في تبسيط الإجراءات للمواطنين، ويعزز شعورهم بالانتماء إلى الدولة.
والمنسق التركي في شمال سوريا هو مسؤول تركي (عادة ضابط أو موظف رفيع من وزارة الداخلية التركية) مكلف بالإشراف والتنسيق بين الحكومة التركية والجهات المحلية في المناطق التي تسيطر عليها فصائل الجيش الوطني السوري والقوات التركية، منها مناطق عفرين، إعزاز، الباب، جرابلس، والراعي.
ويُعرف أحيانًا باسم "الوالي التركي" أو "المنسق الأمني والإداري"، وغالبًا ما يكون مرتبطًا بولايتي غازي عنتاب أو هاتاي التركيتين المجاورتين للحدود السورية، ويتولى المنسق التركي الإشراف على عمل المجالس المحلية والبلديات، بما يشمل دعم الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والبلديات والنقل، بالتنسيق مع المؤسسات التركية.
ويشرف على توجيه الدعم المالي والفني من المؤسسات التركية (مثل الهلال الأحمر، إدارة الطوارئ التركية "أفاد"، وزارة التعليم والصحة التركية) إلى المجالس المحلية والمؤسسات المدنية السورية، ويتعاون مع القوات العسكرية والأمنية المحلية (الشرطة العسكرية، الشرطة المدنية) التي درّبتها تركيا، لضمان الاستقرار ومكافحة خلايا تنظيم الدولة أو وحدات حماية الشعب الكردية.
أصدر وزير الثقافة السوري، محمد ياسين صالح، قراراً بتكليف الفنان السوري العالمي جهاد عبدو بمنصب المدير العام للمؤسسة العامة للسينما، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تعكس التحول العميق في المشهد الثقافي السوري بعد سقوط نظام الأسد، وتعكس رغبة الوزارة في ضخ دماء جديدة في القطاع السينمائي، تستند إلى الكفاءة والتجربة والانتماء لقيم الثورة والحرية.
وجاء في بيان الوزارة أن التكليف يأتي ضمن استراتيجية متكاملة تهدف إلى إعادة هيكلة مؤسسات الدولة الثقافية على أسس مهنية ووطنية، ورفدها بكفاءات تجمع بين الخبرة المحلية والتجربة العالمية، بما يمكّن من إنتاج سينما تعبّر عن تطلعات السوريين، وتوثّق نضالهم وذاكرتهم الجمعية.
ويُعد جهاد عبدو من أبرز الفنانين السوريين الذين عارضوا نظام الأسد علناً منذ انطلاق الثورة السورية في مارس/آذار 2011، ما دفعه لاحقاً إلى مغادرة البلاد بعد تعرضه للمضايقات الأمنية، واستقر في الولايات المتحدة حيث واصل مسيرته الفنية بنجاح، وشارك في أعمال سينمائية عالمية منها أفلام من إنتاج هوليوود مثل "ملكة الصحراء" إلى جانب نيكول كيدمان، و"روز ووتر" من إخراج جون ستيوارت.
في أكثر من مناسبة، عبّر عبدو عن مواقفه المناهضة للديكتاتورية، ورفضه تبرير الجرائم التي ارتكبها النظام بحق المدنيين، وقال في تصريحات سابقة إن "الفن لا يمكن أن يكون تابعاً للجلاد، وإن السينما الحقيقية يجب أن تنحاز للإنسان وكرامته"، معتبراً أن موقفه من النظام لم يكن خياراً سياسياً بقدر ما هو موقف أخلاقي وإنساني.
ويؤمل أن يُسهم تكليف عبدو بإدارة مؤسسة السينما في إطلاق ورشة جديدة لإنتاج أفلام توثق معاناة السوريين خلال سنوات القمع والحرب، وتعزز دور السينما في بناء الوعي والذاكرة، لا سيما أن المؤسسة كانت لسنوات أداة بيد النظام لترويج دعايته وتلميع صورته.
ويعتبر هذا التعيين بمثابة رد اعتبار لرموز الثقافة المنفية والمعارضة التي جرى تهميشها في العقود الماضية، ويدشّن مرحلة جديدة من إعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس الانتماء لقيم الثورة، والابتعاد عن التبعية السياسية والإيديولوجية.