يُعدّ إعمار المنازل أو ترميمها حالياً أحد أبرز التحديات التي تواجه آلاف العائلات السورية، خاصة بعد تحرير البلاد من نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024. فعند عودتهم إلى قراهم ومدنهم التي هُجّروا منها، اكتشفوا أن معظم المنازل مدمرة بالكامل، بينما تحتاج البيوت المتبقية إلى عمليات ترميم مكلفة.
بدأ العديد من العائلات السورية عمليات إعادة البناء والترميم خلال الفترة الماضية، بهدف تأمين مسكن يؤويهم ويوفر الاستقرار بعد عودتهم من رحلة نزوح طويلة استمرت سنوات. ومع ذلك، يقع البعض في أخطاء خلال عمليات البناء والترميم، نتيجة أسباب عدة، أبرزها السعي لتقليل النفقات وتوفير المال، إلى جانب نقص الوعي والخبرة في مجال البناء.
المهندسون يحذرون من استخدام الحديد القديم في البناء
من بين هذه الممارسات الخاطئة استخدام الحديد المستعمل في أعمال البناء بدلاً من الحديد الجديد، وهو أمر يعتبره المهندسون المدنيون وأصحاب الخبرة في مجال البناء غير صحيح. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها احتمال وجود تشققات في الحديد المستعمل، أو تعرضه للصدأ مما يؤدي إلى نقصان قطره. كما أن عملية سحبه أو تنظيفه قد تتسبب في ظهور تشققات دقيقة غير مرئية بالعين المجردة.
أكد المهندسون أن الحديد المستعمل لا يمكن الاعتماد عليه في أي عنصر إنشائي، سواء في الأعمدة أو الصبات، نظراً لمخاطره. وشددوا على ضرورة إجراء اختبارات للتحقق من وجود الصدأ، وفي حال وجوده، يجب إزالته تماماً، مع إجراء فحوصات لقياس مقاومة الحديد. وإلا، فإن استخدامه قد يعرض سلامة المنزل للخطر.
ضرورة الإشراف الهندسي قبل البناء والترميم
يعود سبب لجوء الأهالي إلى استخدام الحديد المستعمل إلى انخفاض تكلفته، حيث يقوم البعض باستخلاصه من المنازل المهدمة، إضافة إلى محدودية قدراتهم المالية التي تحول دون شراء الحديد الجديد. وعلاوة على ذلك، يلجأ البعض إلى ترميم المنازل دون استشارة مهندس أو خبير، مما يعرض سلامة المنزل للخطر.
في 14 أيار/مايو الماضي، لقي الشاب مصطفى الإبراهيم حتفه أثناء ترميم أحد المنازل المدمرة في بلدة الهبيط بريف إدلب الجنوبي، إثر انهيار سقف المبنى عليه. حاول مدنيون إنقاذه قبل وصول فرق الدفاع المدني، التي نقلته إلى مشفى حماة الوطني، لكنه توفي متأثرًا بنزيف حاد. وفي تموز/يوليو الماضي، لقي الشاب أحمد قاسم الرجب مصرعه أثناء ترميم منزله بسبب انهيار سقف المنزل عليه.
الناشطون يحذرون من خطورة الموضوع
هذه الحوادث أثارت موجة من التحذيرات بين الناشطين المدنيين بشأن خطورة إعادة إعمار الأبنية المتضررة دون إشراف هندسي، فأطلقوا تحذيرات، داعين المدنيين إلى تجنّب العمل العشوائي في المباني المتضررة دون تقييم فني مسبق، مشددين على أهمية الاستعانة بمهندسين مختصين لتحديد سلامة الأبنية قبل الشروع بأي عملية ترميم، وذلك لحماية الأرواح وتفادي كوارث مماثلة.
ويُشار إلى أن عدداً كبيراً من قرى وبلدات إدلب، حماة، حلب ومناطق أخرى تعرضت لدمار واسع بسبب سنوات من القصف والمعارك، لا سيما في المناطق التي شهدت معارك ميدانية مباشرة. كما وثقت تقارير إعلامية وحقوقية قيام عناصر من قوات بشار الأسد المجرم في أوقات سابقة بسرقة محتويات الأبنية المدمرة، بل ووصل الأمر إلى تفكيك الأسقف لاستخراج قضبان الحديد لبيعها، كما ظهر في فيديو مسرّب من مدينة سراقب في آب/أغسطس عام 2020.
أعلن مدير عام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية حسن خطيب، أن المؤسسة أنهت تنفيذ المرسوم رقم 103 لعام 2025، القاضي برفع المعاشات التقاعدية بنسبة 200 بالمئة، مؤكداً أن هذه الخطوة تمثل دعماً مباشراً لشريحة واسعة من المتقاعدين.
وأوضح خطيب، في تصريح لوكالة سانا، أن الكتلة الإجمالية لرواتب المتقاعدين بعد تطبيق الزيادة بلغت 423 مليار ليرة سورية، يستفيد منها 475,994 متقاعداً في مختلف المحافظات، مشيراً إلى أن هذه الزيادة ستنعكس إيجاباً على الأوضاع المعيشية للمستفيدين، في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
وشدد مدير المؤسسة على التزام التأمينات الاجتماعية بالوفاء بجميع التزاماتها تجاه المتقاعدين، ومواصلة العمل على تحسين أوضاعهم بما يضمن لهم حياة كريمة.
وكان الرئيس أحمد الشرع قد أصدر في 22 حزيران الماضي المرسوم رقم 103 لعام 2025، الذي نص على منح أصحاب المعاشات التقاعدية المشمولين بقوانين التأمين والمعاشات والتأمينات الاجتماعية النافذة، زيادة قدرها 200 بالمئة من المعاش التقاعدي النافذ بتاريخ صدور المرسوم.
أعلنت الجهات الرسمية في محافظة السويداء عن دخول قوافل إغاثية بشكل يومي تضم عشرات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية والغذائية والطبية، وذلك ضمن جهود الحكومة السورية بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري ومنظمات أهلية لتأمين احتياجات السكان في المحافظة، وتفنيد الادعاءات المتكررة حول “حصار مزعوم” تروّج له ميليشيات محلية وإعلاميون معارضون.
ودخلت يوم أمس قافلة مساعدات مؤلفة من 40 شاحنة إلى السويداء، لتوزيعها على أهالي المحافظة والمهجرين، كما خلت أيضا شاحنتين محملتين بـ70 طناً من مادة الطحين، إضافةً إلى سيارات كبيرة محملة بالخضروات إلى داخل السويداء.
وتضمنت قافلة اليوم 8 آب/أغسطس (27 شاحنة) بينها (19 للهلال الأحمر) و(8 شاحنات تجارية)، واشتملت على:
(875 سلة غذائية) – (875 كيس رز) – (875 كيس عدس) – (15 طن زبدة الفستق الوقائية)
(875 سلة غذائية إضافية) – (875 كيس رز) – (875 كيس عدس) – (14.5 طن زبدة فستق وقائية)
(197 كرتونة فوطات) – (197 كرتونة بطانيات)
(3474 سلة نظافة شخصية للنساء) بإشراف (جمعية نور 2124) و(جمعية تنظيم الأسرة 1350)
(1905 كيس طحين وزن 15 كغ) من (الفرن الآلي في صلخد)
(1905 كيس طحين وزن 15 كغ) من (الفرن الآلي في شهبا)
(1903 كيس طحين وزن 15 كغ) من (الفرن الآلي في السويداء)
(400 كغ زبدة الفستق العلاجية)
(16 شاحنة طحين) بكمية تقريبية (17.5 طن لكل شاحنة)
(31373 ليتر مازوت)
أما تفاصيل قافلة المساعدات التي دخلت في تاريخ 6 آب 2025، فقد شملت القافلة (46 شاحنة) بينها (21 للهلال الأحمر) و(25 شاحنة تجارية)، وحملت المواد التالية:
(250 بطانية صوف) – (1511 عبوة شامبو أطفال) – (140 معجون أسنان) – (1600 فرشاة أسنان)
(9000 عبوة مياه) – (6000 عبوة عصير) – (2260 سلة غذائية)
(2500 عبوة فوط نسائية) – (60 سلة غذائية مخصصة لمشفى العناية) – (140 سلة نظافة)
(2 برّادات لحفظ مشتقات الحليب)
(9 شاحنات حليب أطفال) بواقع (350 عبوة لكل شاحنة)
(2 شاحنة تمر) بكمية (3380 كغ لكل شاحنة)
(6 شاحنات سلال غذائية) بواقع (540–594 سلة لكل شاحنة)
(3 شاحنات طحين) تحتوي كل منها على (1905 كيس وزن 15 كغ)
(2 شاحنة زبدة فستق)
8 شاحنات تحمل سلال غذائية إضافية سيتم توزيعها في مستودع البراد التابع للهلال الأحمر في السويداء.
(شاحنة مواد تنظيف طبية) لمشفى العناية
مواد تموينية متنوعة
في المقابل، يستمر خطاب ميليشيا الهجري في تضليل المدنيين داخل السويداء عبر ترويج رواية “الحصار” وادعاء أن الدولة تمنع دخول المساعدات الإنسانية، وهي رواية تلقى رواجًا في أوساط بعض الأهالي نتيجة سياسات الترهيب وتغييب الوعي، إلى جانب سيطرة الميليشيا على موارد الإعلام المحلي. إلا أن الواقع على الأرض يُكذّب هذه المزاعم بشكل قاطع، حيث يتم رصد دخول المساعدات الإغاثية بشكل يومي ومنتظم عبر معبر بصرى الشام الإنساني، بتنسيق مباشر بين الجهات الرسمية والهلال الأحمر العربي السوري.
ورغم هذا التدفق المنتظم، يتفاجأ كثير من الأهالي بعدم حصولهم على أي من تلك المواد، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول مصيرها. وبحسب شهادات من داخل المحافظة، تقوم ميليشيا الهجري بالاستيلاء على المساعدات فور دخولها، وتخزين جزء كبير منها في مستودعات مغلقة، أو عرضها للبيع لاحقًا بأسعار باهظة، ما يحرم آلاف العائلات المحتاجة من حقوقها، ويخدم هدفًا سياسيًا خطيرًا يتمثّل في تثبيت سردية “الحرمان والتهميش” لتعزيز القطيعة مع الدولة .
ويبقى السؤال الملحّ: إذا كانت المساعدات تدخل بشكل منتظم، فأين تذهب؟ ولماذا لا تصل إلى مستحقيها؟ ولماذا تصرّ ميليشيا الهجري على إخفاء هذه الحقيقة؟ هذه الأسئلة أصبحت حاضرة بقوة في الشارع المحلي، وتدفع نحو مراجعة شاملة للخطاب المضلّل الذي يمارسه أمراء الحرب على حساب معاناة المدنيين.
ويأتي وصول هذه القوافل بشكل منتظم في الوقت الذي يروّج فيه بعض الإعلاميين، أبرزهم ماهر شرف الدين، لمزاعم تتحدث عن حصار مفروض على السويداء ومنع دخول المساعدات، وهو ما تدحضه سيارات المساعدات التي تدخل يوميا إلى السويداء والتي توثقها وسائل الإعلام السورية والدولية المختلفة وكذلك المنظمات الدولية.
وتعكس هذه القوافل المتعاقبة التزام الحكومة السورية برئاسة أحمد الشرع بإيصال الدعم والمساعدات لمحافظة السويداء، كما تفضح محاولات بعض الأطراف توظيف الكذب الإعلامي لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية على حساب معاناة المدنيين.
واستمرار دخول المساعدات وبشكل يومي يؤكد زيف رواية “الحصار” ويظهر حجم التهويل الذي تمارسه ميليشيات الهجري وأبواقها الإعلامية.
مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف بشكل قاسٍ، يعاني الأهالي في مخيمات شمال غربي سوريا من صعوبة تأمين المياه الباردة، خاصة في ظل انعدام الكهرباء في العديد منها، وعدم توفر ثلاجات تعمل. لذلك، يلجأ معظمهم إلى شراء قوالب البوظ (الثلج) كحل أساسي للحصول على الماء البارد، حيث تُعد هذه القوالب الوسيلة الوحيدة المتاحة لتخفيف حرارة الجو في ظلّ غياب البدائل.
العشرات من النازحين يفتقرون حالياً إلى وجود ثلاجات كهربائية أو معدات لتشغيلها، بسبب عدم توافر الكهرباء، وعجزهم عن تركيب أنظمة طاقة شمسية تؤمن الحلّ البديل، نظراً لكونها باهظة التكلفة مقارنة بأوضاعهم الاقتصادية والمعيشية المتردية، والفقر الذي لازمتهم خلال سنوات النزوح والحرب.
ويشار إلى أن أغلب أولئك النازحين كانوا يمتلكون ثلاجات وأجهزة كهربائية في منازلهم قبل النزوح، إلا أنهم اضطروا إلى مغادرة قراهم فجأة دون أن يتمكنوا من نقل ممتلكاتهم، لأنهم لم يتوقعوا أن النظام البائد سوف يسيطر على مناطقهم، لتعرض تلك الأجهزة للتعفيش من قبل قوات الأسد المخلوع الذي استباح ممتلكات المدنيين ومنازلهم.
انقطاع الكهرباء وغياب الثلاجات جعلا قوالب البوظ ضرورة يومية لآلاف الأسر لتوفير المياه الباردة في ظلّ حرارة الصيف الشديدة، تتفاوت أسعار الثلج حسب حجمه، الذي يختلف بدوره وفقاً لعدد أفراد الأسرة واحتياجاتهم.
قوالب الثلج ليست متاحة للجميع بسهولة لأسباب عدة، منها، وفقاً لأشخاص تحدثنا إليهم، أن بعض الأسر محدودة الدخل أو بلا دخل ثابت، مما يجعلها غير قادرة على شرائها بانتظام، فتضطر لتخصيص أموالها لاحتياجات أكثر إلحاحاً مثل الطعام والدواء.
تعاني الأسر الفقيرة من صعوبة الحصول على الثلج بسبب نقص الموارد المالية. إضافة إلى ذلك، يواجه سكان المخيمات النائية تحدياً آخر يتمثل في ندرة وصول بائعي الثلج إلى مناطقهم، مما يجعل الحصول عليه أمراً شبه مستحيل.
وعندما ترتفع درجات الحرارة بشكل كبير، يزداد الطلب على البوظ، مما يؤدي إلى ارتفاع سعره بشكل ملحوظ. وفي مثل هذه الأوقات، يصبح الحصول على قوالب الثلج صعباً بالنسبة للكثيرين، حيث تزداد المنافسة على الكميات المتوفرة، ويحصل نوع من الازدحام، ليبقى بعض الأهالي - خاصة الأكثر فقراً - عاجزين عن تأمين حاجتهم منه، مما يضاعف معاناتهم في مواجهة حر الصيف الشديد دون أي وسيلة لتخفيفه.
وسط حر الصيف وانعدام الكهرباء، يعتمد نازحو شمال غربي سوريا على الثلج لتأمين المياه الباردة، لكن الفقر وصعوبة الوصول إليه يفاقمان معاناتهم. هناك حاجة ملحة لحلول مستدامة لتخفيف هذا الحرمان.
عقدت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مؤتمرًا في مدينة الحسكة، اليوم الجمعة، تحت عنوان "كونفرانس وحدة موقف مكونات شمال شرقي سوريا"، بمشاركة أكثر من 400 شخص، بينهم شخصيات من فلول نظام الأسد، وأشخاص خارجون عن القانون، وعدد من الوجهاء الموالين لها، بهدف توحيد الموقف والرؤية تجاه الحكومة السورية، والتشديد على اعتماد نظام حكم لا مركزي في البلاد.
وجاء المؤتمر بعد أسابيع من التحضيرات التي شملت لقاءات مكثفة جمعت مسؤولي "قسد" مع فعاليات اجتماعية وشيوخ ووجهاء العشائر الكردية والعربية، خصوصًا في محافظتي دير الزور والرقة، حيث تم التركيز على تعزيز التأييد الشعبي لمطلب اللامركزية وربطه بجميع مكونات المنطقة.
ويُعد المؤتمر جزءًا من تحركات أوسع لطرح مشروع "الإدارة الذاتية" باعتباره خيارًا يعبر عن إرادة سكان شمال شرقي سوريا وتطلعات مكوناتها العرقية والدينية وفق زعمها، مع السعي إلى تحويل هذه المطالب إلى موقف موحد يتم عرضه على طاولة الحوار مع دمشق باسم جميع الأطياف المحلية.
وشملت الدعوات الرسمية للمؤتمر شيوخ ووجهاء العشائر، وممثلي أحزاب سياسية، ونقابات، واتحادات، ومنظمات مجتمع مدني، إلى جانب شخصيات ثقافية وصحفية مستقلة، وأوضح عضو اللجنة التحضيرية جوان ملا إبراهيم، أن الهدف هو تعزيز وحدة موقف مكونات الإقليم، وإرسال رسالة واضحة للأطراف السورية والمجتمع الدولي بأن هذه المكونات تمتلك إرادة واحدة وموقفًا موحدًا لبناء دولة سورية تعددية لا مركزية تضمن المساواة في الحقوق والواجبات.
وبحسب مصادر نقلها تلفزيون سوريا، فإن البيان الختامي سيتضمن مطالب سياسية واجتماعية أبرزها الدعوة إلى إطلاق حوار وطني شامل قائم على وحدة الأراضي السورية، وتعديل الوثيقة الدستورية بما يضمن مشاركة فعلية لجميع الأطياف، مع التشديد على تطبيق العدالة الانتقالية، وإجراء مصالحة مجتمعية، وإعادة بناء الثقة بين المكونات، واعتماد صيغة حكم لا مركزي كمدخل لحل الأزمة السورية.
كما نقل التلفزيون عن مصدر عشائري أن "قسد" دفعت خلال الأشهر الماضية عدداً من وجهاء العشائر العربية في الرقة ودير الزور إلى تبني مشروع "الإدارة الذاتية" وتقديمه كخيار محلي، بغض النظر عن مستقبل وجود "قسد" في هذه المناطق.
وأوضح المصدر أن قائد "قسد" مظلوم عبدي وعددًا من مسؤوليها عقدوا اجتماعات مع وجهاء العشائر وممثلي المجالس المحلية لبحث منح السكان صلاحيات أوسع لإدارة مناطقهم بعيدًا عن سلطة الحكومة المركزية في دمشق، مؤكدين نية "قسد" الانسحاب من بعض المناطق مستقبلًا، وضرورة وجود إدارة محلية شرعية قادرة على تلبية تطلعات السكان وضمان الاستقرار والتنمية.
انطلقت فعاليات مؤتمر SYNC 25 II في فندق البوابات السبع (الشيراتون سابقًا) بالعاصمة السورية دمشق، صباح يوم الجمعة، تحت شعار "هيا نقود التكنولوجيا"، بمشاركة نخبة من الخبراء وصنّاع القرار في قطاعي الاتصالات والتقانة، إضافة إلى ممثلين عن الشركات الناشئة والمستثمرين المحليين والدوليين.
وفي كلمة الافتتاح، أكد وزير الاتصالات والتقانة الدكتور عبد السلام هيكل أن الحكومة السورية تعمل على إطلاق المشغل الثالث للاتصالات قبل نهاية العام الجاري، في خطوة تهدف إلى تعزيز المنافسة وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وأعلن عن حزمة من المبادرات التقنية الجديدة تشمل إطلاق شبكة الحاضنات السورية لدعم الابتكار وريادة الأعمال، وتأسيس شبكة الملائكيين السوريين لتمويل المشاريع الناشئة، والعمل على تنفيذ أول عملية استحواذ رقمي في السوق المحلي، إلى جانب البدء بإصلاح ثانويات المعلوماتية لتأهيل جيل جديد من الكفاءات التقنية.
ودعا هيكل في كلمته إلى الثقة والصبر، موضحًا أن البلاد تمر بمرحلة انتقالية اقتصادية واجتماعية تُعد من الأصعب في تاريخها، وأضاف: "نحن خارجون من تجربة لا يمكن الوثوق بها بالحكومة، وندير أحد أصعب الانتقالات الاقتصادية والاجتماعية في التاريخ. هذا الجهد والصبر له نتيجة تستحق."
وأشار إلى أن غياب الإدارة لا يعني غياب الأدوات، مؤكدًا أن الإرادة والنية موجودتان، فيما يجري العمل على توفير السيولة والخبرة والقدرة على جذب الكفاءات، لافتًا إلى أن الإصرار على التنفيذ قادر على تعويض هذا النقص.
واختتم الوزير حديثه بدعوة إلى النقد البنّاء والشراكة الفاعلة، معتبرًا أن التغيير يتطلب الجرأة، وأن الفرصة التاريخية التي تمر بها البلاد تستدعي من الجميع أن يكونوا على قدر المسؤولية.
وكان أجرى وزير الاتصالات وتقانة المعلومات "عبد السلام هيكل" زيارة ميدانية إلى الهيئة العامة للاستشعار عن بعد، حيث ترأس اجتماعاً مع لجنة تسيير الأعمال لمناقشة أوضاع الهيئة الحالية.
وجه ماهر شرف الدين، في منشور نشره على صفحته الشخصية في “فيسبوك” يوم الخميس 7 آب/ أغسطس، نداءً علنياً للشيخ حمود الحناوي، أحد شيوخ عقل طائفة الموحدين الدروز في السويداء، طالباً منه الخروج “بالصوت والصورة” لتوجيه اتهامات مباشرة للجيش السوري والأمن العام.
وقال شرف الدين في منشوره مخاطباً الحناوي: “الجبل يناديك يا سماحة الشيخ، يا حفيد البطل أبي علي الحناوي، وليس مثلك من يخذل نداءه”، مستخدمًا لغة حادة ومشحونة عاطفياً.
واتهم شرف الدين الحناوي بأنه كان السبب بما حصل في قريته بعدما طالبهم بعدم مقاومة الجيش والأمن العام، حيث قال "اشرح للعالم ما الذي فعله دواعش الجيش و"الأمن العام" بقريتك وأقاربك وجيرانِك على الرغم من أنك قد وثقتَ بهم وبوعودهم، وطالبتَ الشبان في قريتك (سهوة بلاطة) بعدم مقاومتهم!"
ويبدو أن شرف الدين يعمل على إحراج الشيخ الحناوي، حيث قال له "لقد قتلوا العديد من أقاربك وجيرانك، وأحرقوا البيوت في قريتك، بل إنهم -كما علمنا- هدّدوك وهدّدوا ابنك، مع أنك كنتَ من أركان الاتفاق معهم!!!!"
والنص الذي كتبه ماهر شرف الدين كان يحوي الكثير من علامات التعجب الواضحة، والتي يظهر فيها عدم احترام للشيخ الحناوي واستغراب من مواقفه التي كانت داعمة للدولة السورية ورافضة للتدخل الاسرائيلي.
ووصف شرف الدين عناصر من الجيش السوري و”الأمن العام” بـ”دواعش وهمج مغول”، متّهماً إياهم بارتكاب عمليات قتل وحرق وتهديد بحق أقارب وجيران الشيخ الحناوي، رغم أن الأخير كان – بحسب شرف الدين – من الموقعين على اتفاق التهدئة مع الدولة وطالب الشبان بعدم المقاومة.
وتبدو دعوة شرف الدين للحناوي لتدمير أكذوبة "عصابة الهجري"، محاولة واضحة لإظهاره أن هناك توافق كامل في المحافظة، وأن السويداء واحدة إلى جانب تيار الهجري فقط، ومحاولة لمنع أي رواية قد تنسب ما يجري للهيمنة الفردية للهجري.”
ويرى محللون أن منشور ماهر شرف الدين يؤكد بشكل جلي وجود صراع علني بين المرجعيات الدينية، ويكشف عن قطيعة واضحة بينه وبين الشيخ الحناوي، في ظل غياب أي تواصل مباشر، وأن نشر شرف الدين لمنشوره على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي وليس التواصل المباشر يظهر أن هناك عدم توافق واضح، وايضا هي محاولة منه لخلق رأي عام في السويداء لتخوين الحناوي لاحقا في حال لم يخرج على الإعلام ويروي رواية الهجري المزورة للأحداث.
ويأتي منشور شرف الدين في سياق تصاعد التوترات في السويداء، ويُقرأ على نطاق واسع كرسالة سياسية مكتوبة بلسان الشيخ حكمت الهجري، في ظل قناعة راسخة لدى العديد من المراقبين بأن ماهر شرف الدين يلعب دور الذراع الإعلامية للهجري، ويعبّر عن مواقفه بشكل رسمي.
يرى مراقبون أن هذه الرسالة ليست مجرد انتقاد، بل تمثّل تحريضًا مباشرًا على الانقسام داخل المرجعية الدينية الدرزية، وتكشف حجم الصراع بين شيوخ العقل، الذي لم يعد مقتصرًا على الخلافات الصامتة، بل خرج إلى العلن وبات يُخاض بالمنشورات والأسلحة.
لغة شرف الدين في المنشور حمّالة لرسائل متعدّدة: فهي تستدر العاطفة، وتستخدم الترهيب الرمزي، وتُحمّل الحناوي مسؤولية أخلاقية مباشرة لجره عنوة إلى جانب تيار الهجري، ما يعني أيضا محاولة استدراجه لمربع المواجهة مع الدولة، أو تحييده بالكامل من مشهد الزعامة عبر تخوينه.
وتُظهر هذه التطورات أن الصراع داخل السويداء لم يعد بين الهجري والدولة فحسب، بل بات بين مرجعية الهجري والمرجعيات الدينية الأخرى لحمود الحناوي ويوسف جربوع.
ويرى متابعون أن الشيخ الهجري، عبر أذرعه الإعلامية كماهر شرف الدين، يسعى لإقصاء الحناوي والجربوع، وتكريس مرجعيته كسلطة دينية وحيدة، مستندًا إلى تحالفات مع فلول النظام السابق وفصائل موالية له.
وقّعت الحكومة السورية مذكرة تفاهم استراتيجية مع تحالف دولي يضم خمس شركات، تقوده شركة "أورباكون" القابضة القطرية، لتطوير وتوسيع مطار دمشق الدولي، في أكبر استثمار في البنية التحتية تشهده البلاد منذ عقود، وبقيمة تتجاوز 4 مليارات دولار أميركي.
وذكرت صحيفة "بلومبرغ"، أن الاتفاق يتضمن تمويلاً بقيمة 250 مليون دولار لشراء ما يصل إلى عشر طائرات "إيرباص" A320 لصالح شركة الطيران السورية، بهدف تحديث أسطولها وتعزيز قدرتها التنافسية.
جزء من خطة أوسع لإعادة الإعمار
يأتي هذا المشروع ضمن حزمة12 مشروعاً استراتيجياً أعلنت عنها الحكومة السورية بقيمة إجمالية تصل إلى 14 مليار دولار، تشمل مجالات الطاقة، وإعادة الإعمار، والبنية التحتية، بالشراكة مع دول إقليمية مثل الإمارات والسعودية وقطر، في إطار مساعي استعادة موقع سوريا كمحور اقتصادي وتجاري إقليمي.
تفاصيل المشروع
حضر توقيع الاتفاق في دمشق وفود رسمية ودبلوماسية، وشارك فيه إلى جانب "أورباكون" القطرية كل من "أسيتس إنفستمنتس" الأميركية، وشركتي "جنغيز" و"كاليون" للإنشاءات التركيتين، وشركة "تاف" التركية المشغلة للمطارات.
ويهدف المشروع إلى تحويل مطار دمشق الدولي إلى مركز إقليمي متكامل قادر على استيعاب 31 مليون مسافر سنوياً عند اكتمال جميع مراحله، وفق نظام البناء والتشغيل والنقل (BOT)، وسينفذ على خمس مراحل تبدأ برفع الطاقة الاستيعابية إلى 6 ملايين مسافر في السنة الأولى، ثم إلى 16 مليوناً في المرحلة الثانية، وصولاً إلى الطاقة القصوى.
سيتضمن المطار ما يصل إلى 32 بوابة مزودة بجسور عبور حديثة، ومنظومة متكاملة لخدمات الملاحة الجوية، وسوقاً حرة متطورة تضم مطاعم عالمية ومقاهي راقية، إضافة إلى تطوير الطريق الرئيسي المؤدي إلى المطار بطول 50 كيلومتراً.
تحديث أسطول “السورية للطيران”
يشمل الاتفاق تمويل شراء عشر طائرات "إيرباص" A320 لدعم أسطول شركة "السورية للطيران"، الذي يضم حالياً 12 طائرة بينها طرازات "A320" و"A340" معظمها خارج الخدمة. وأوضحت "أورباكون" أن هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز قدرة الناقل الوطني ورفع معايير السلامة والموثوقية، خاصة إذا رُفعت العقوبات التي تحظر استيراد قطع الغيار الأصلية.
شراكة استراتيجية وانعكاسات اقتصادية
رئيس مجلس إدارة "أورباكون" القطرية، محمد معتز الخياط، أكد لموقع ذا ناشيونال أن المشروع يمثل شراكة استراتيجية لإعادة بناء أحد أهم المرافق الحيوية في سوريا، ويجسد التزام قطر بدعم التعافي الاقتصادي السوري.
ووصف الرئيس التنفيذي للشركة، رامز الخياط، المشروع بأنه "جسر استراتيجي" لربط سوريا بالعالم وتحفيز الاستثمارات في مختلف القطاعات.
من جانبه، اعتبر رئيس مجلس إدارة شركة "تاف" التركية، ساني شنر، أن المشروع سيكون بوابة لإعادة دمج الاقتصاد السوري في حركة التجارة والاستثمار العالمية، فيما شدد نائب رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي، كمال العوضي، على أن تطوير البنية التحتية للمطارات وخدمات الملاحة الجوية، مع تسهيل منح التأشيرات، يمكن أن يحقق نمواً سريعاً للقطاع بمجرد رفع العقوبات.
وأشار مدير شركة "BAA & Partners" للاستشارات، لينوس باور، إلى أن رفع العقوبات سيسمح لشركات الطيران السورية بشراء قطع غيار أصلية لأول مرة منذ سنوات، ما سيحسن السلامة والاعتمادية ويفتح المجال لصفقات شراء طائرات جديدة من أكبر المصنعين الدوليين.
في مرحلة دقيقة تمرّ بها سوريا بعد سقوط نظام الأسد البائد، تبرز الحاجة الملحة إلى إعادة بناء المجتمع، ليس فقط على المستوى العمراني أو السياسي، بل من الداخل، من خلال وعي أفراده وسلوكهم، خاصة في ظل الانتشار الواسع لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت تلعب دوراً محورياً في تشكيل الرأي العام وتوجيه السلوك الفردي والجماعي.
السوشيال ميديا… سلاح ذو حدين
تحولت مواقع التواصل من منصات ترفيه وتعارف إلى ساحات لصنع الرأي وبث المعلومات، سواء كانت صحيحة أو مضللة. وبينما كانت وسيلة مهمة لكسر التعتيم الإعلامي خلال سنوات الثورة، أصبحت في كثير من الأحيان أداةً لنشر الإشاعات، وبث خطاب الكراهية، والتحريض بين المكونات المجتمعية.
أمثلة عديدة تُظهر كيف يمكن لمنشور غير مسؤول أن يُشعل فتنة، أو لمعلومة غير دقيقة أن تثير الذعر، أو تكون فكرة خاطئة عن مجموعة ما أو قضية ما. في مجتمع ما بعد الحرب، حيث الجراح لم تندمل بعد، يصبح التعامل غير الواعي مع هذه المنصات خطراً داهماً على الأمن والاستقرار الاجتماعي.
غياب الوعي الرقمي
تُظهر التجربة السورية خلال السنوات الأخيرة كيف أن غياب الوعي الرقمي قد يؤدي إلى نتائج كارثية. من تداول معلومات مضللة عن وقائع ميدانية، إلى تشويه صورة الأفراد، مروراً بتضخيم الوقائع أو تسييسها بما يخدم أجندات معينة. في كل ذلك، كان المواطن العادي هو الضحية، إما نفسياً أو اجتماعياً أو حتى جسدياً.
المجتمع الجديد بحاجة لعقول مسؤولة
بناء مجتمع آمن وسليم في سوريا الجديدة يتطلب تغييراً في الثقافة الرقمية. لا يكفي أن يُمنح الناس حق التعبير، بل يجب أن يرافقه وعي بالمسؤولية، وفهم لحدود الحرية، ومعرفة بخطورة نشر الكذب أو التحريض.
هنا يبرز دور التعليم والإعلام والمجتمع المدني في غرس مفاهيم الوعي الرقمي، وتعليم مهارات التحقق من الأخبار، وثقافة احترام الرأي الآخر، وتجنّب التنمر الإلكتروني أو التهديد.
دور الإعلام والنخب
المسؤولية لا تقع فقط على الأفراد، بل أيضاً على المؤسسات الإعلامية والنخب الثقافية، التي يجب أن تقود خطابا عقلانيا يخفف من التوتر ويعزز قيم الحوار. المجتمع الذي خرج من تحت ركام الحرب بحاجة إلى خطاب يبني لا يهدم، يهدّئ لا يؤجج، ويُرشد لا يضلل.
لا يمكن بناء سوريا الجديدة على أنقاض الكراهية والخوف، ولا يمكن للسوشيال ميديا أن تكون ساحة حرية ما لم تُضبط بوعي ومسؤولية. الطريق إلى الاستقرار يبدأ من الوعي، ومن منصات رقمية تعكس نضجاً وصدقاً ورغبة حقيقية في صنع مستقبل أفضل.
بحث وزير الصحة السوري الدكتور مصعب العلي، مع وفد من لجنة الشؤون القانونية في الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية برئاسة مدير الشؤون القانونية القاضي فراس شاوردي، القوانين والمراسيم الناظمة لعمل القطاع الصحي والتي تستدعي التعديل أو الإلغاء.
وناقش الاجتماع، الذي عُقد اليوم في مبنى وزارة الصحة، مراجعة مراسيم إحداث بنوك الدم والمؤسسة السورية الدوائية، إضافة إلى القوانين المنظمة لعمل المشافي الخاصة وأنظمتها، بما ينسجم مع الإعلان الدستوري واستراتيجية تشجيع الاستثمار في القطاع الصحي.
وشدد الوزير العلي على ضرورة تحديد أهداف واضحة للتشريعات، بما يضمن بناء قطاع صحي خالٍ من الفساد، قائم على الشفافية والنزاهة، ويمتاز بالكفاءة العالية، وحضر الاجتماع معاونا وزير الصحة الدكتور حسين الخطيب والدكتور عبدو محلي، إلى جانب عدد من المديرين والمعنيين من الجانبين.
من جهته، أكد وفد لجنة الشؤون القانونية أهمية التعاون الوثيق مع الوزارة لوضع رؤية قانونية متكاملة، وتشكيل فرق عمل مشتركة لضمان تحديث التشريعات القديمة وتطويرها، مشيدين بالتسهيلات التي تقدمها الوزارة لإنجاز مهام اللجنة بما يساهم في النهوض بالقطاع الصحي.
وسبق أن عقدت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، برئاسة الأستاذ قتيبة بدوي، جلسة عمل رسمية في مقرها بدمشق مع وزير الصحة الدكتور مصعب العلي والوفد المرافق له، جرى خلالها بحث آليات التعاون المشترك في تنظيم دخول المستلزمات الطبية والأدوية وتعزيز إجراءات الرقابة على المواد الدوائية المستوردة.
وناقش الجانبان موضوع الإعفاءات الجمركية للأجهزة والمساعدات الطبية المرسلة من الخارج، وسبل تسهيل دخول العاملين في القطاع الطبي عبر جميع المنافذ الحدودية، إلى جانب بحث تطوير منظومة الرقابة الدوائية، حيث تم الاتفاق على إصدار قرار مشترك لضبط إدخال المواد الأولية الداخلة في صناعة الأدوية، وتعزيز التنسيق لضمان سلامة وجودة المنتجات الدوائية المستوردة.
لم تنتهِ معاناة السوريين بانتهاء المعارك. فمخلفات الحرب من ألغام وذخائر غير منفجرة ما تزال قابعة في المناطق التي شهدت قتالاً عنيفاً، تحول دون عودة الحياة إلى طبيعتها. فما بين الفترة والأُخرى، يسقط ضحايا جدد بين قتلى وجرحى، بعضهم من الأطفال الذين تعثروا بألغامٍ لم يميزوا خطرها، أو من العائدين إلى منازلهم ليجدوا أن أرضهم لم تعد آمنة.
ليست الألغام مجرد بقايا حرب انتهت، بل أصبحت سلاحاً بطيئاً يقتل ويشوه، ويطيل أمد المعاناة حتى بعد صمت البنادق. ففي القرى والمدن المحررة، تتحول فرحة العودة إلى مأساة عندما تنفجر ذخيرةٌ مدفونة تحت الأنقاض، أو تُمزق لغمٌ عائلاً جسدَ فلاحٍ كان يحاول إحياء أرضه. هذه ليست أزمة مؤقتة، بل إرثٌ ثقيل سيبقى لفترة طويلة، ما لم تُبذل جهودٌ حقيقية لتنظيف الأرض ومساعدة الضحايا.
مؤخراً نقلت مؤسسة الدفاع المدني حادثة لاقت فيها سيدة وطفلها حتفهما، وأُصيب رجل وطفلان آخران بجروح متفاوتة، وجميعهم من عائلة واحدة، إثر انفجار لغم أرضي من مخلفات قوات نظام الأسد البائد، أثناء مرورهم بسيارتهم في منطقة سكيك قرب خان الشيح بريف دمشق الغربي، وأسعف المدنيون في المنطقة الجرحى، بينما نقلت فرق الدفاع المدني السوري جثماني السيدة وطفلها إلى مشفى المواساة في مدينة دمشق.
وأكدَّت الخوذ البيضاء، أن الألغام ومخلفات الحرب تُشكّل تهديداً خطيراً لحياة المدنيين في سوريا، وتعيق سبل العيش وعودة المهجرين إلى منازلهم، كموت مؤجل زرعه نظام الأسد البائد، بتأثير يمتد لسنوات، ويطال الأبرياء في كل لحظة.
كما قُتل طفل أثناء رعيه للأغنام في قرية أم رجيم بريف إدلب الشرقي، صباح يوم الأربعاء الفائت 6 آب/ أغسطس الجاري، إثر انفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب، فيما انتشلت فرق الطوارئ في الدفاع المدني السوري جثمان الطفل وسلمته لذويه.
وقال حميد قطيني، مسؤول إعلامي في الدفاع المدني السوري، في تصريح خاص لشبكة شام، إن من بداية العام الحالي 2025 حتى يوم 20 تموز، استجابت فرق الدفاع المدني السوري لـ 105 انفجارات لمخلفات الحرب والألغام وذخائر، تسببت هذه الانفجارات بمقتل 102 مدنياً بينهم 22 طفلاً و 27 امرأة، وإصابة 185 مدنياً بينهم 66 طفلاً و 26 امرأة بجروح منها بليغة.
تظل الألغام ومخلفات الحرب خطراً خفياً يتربص بالسوريين في كل مكان - بين أنقاض المنازل المدمرة، وفي الحقول التي يعملون بها، وحتى قرب المدارس التي يلجأ إليها أطفالهم. لا تأخذ هذه المخلفات شكل الألغام التقليدية فحسب، بل تتوارى أيضاً في صورة قذائف لم تنفجر، وصواريخ عالقة بين الركام، وعبوات ناسفة تعجّ بها الأرض. أي خطوة عابرة أو لمسة طائشة قد تحوّل لحظة عادية إلى مأساة.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد دعت الحكومة السورية لتشكيل هيئة ومركز وطني لإدارة شؤون الألغام بقيادة مدنية، مشددة على ضرورة توفير الدعم المالي اللازم لعمليات نزع الألغام، إلى جانب تقديم مساعدات عاجلة ومنصفة للمتضررين.
يؤكد الخبراء المحليون على ضرورة تبني استراتيجية شاملة للحد من مخاطر الألغام، تبدأ بتكثيف حملات التوعية المجتمعية وإدراج مفاهيم السلامة في المناهج التعليمية، مروراً بتطوير قدرات فرق الإزالة عبر تزويدها بتقنيات متقدمة، وصولاً إلى إخلاء المستودعات العسكرية من المناطق السكنية وتأسيس أنظمة للإبلاغ الفوري عن أي أجسام مشبوهة، مما يشكل حلقة متكاملة للوقاية والمواجهة.
مخلفات الحرب في سوريا ليست مجرد بقايا صراع انتهى، بل تحوّلت إلى أزمة مستمرة تهدد حياة المدنيين وتعيق إعادة الإعمار. رغم الجهود المحلية، تبقى الموارد غير كافية لمواجهة حجم الكارثة. الحل يحتاج إلى استجابة عاجلة تشمل التمويل الكافي، ونقل الخبرات، وتعزيز التوعية، لأن كل يوم تمرّ فيه الألغام دون إزالة يعني المزيد من الضحايا الذين كان يمكن إنقاذهم.
جدّد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، تأكيد وقوف بلاده إلى جانب سوريا ودعم تطلعات شعبها وإرادته المشروعة، مشيراً إلى أن زيارته الحالية إلى دمشق هي الثالثة خلال الأشهر التسعة التي أعقبت سقوط نظام بشار الأسد، وأنه يلمس في كل مرة تقدماً واضحاً في مختلف القطاعات.
وأوضح فيدان، في منشور على منصة "إكس"، أن اجتماعه مع الرئيس السوري أحمد الشرع تناول ملفات التجارة والاستثمار والنقل والطاقة، إلى جانب تقييم الخطوات الثنائية والإقليمية الممكنة لدعم عملية إعادة إعمار سوريا، مشدداً على أن النقاشات ركزت بشكل خاص على القضايا الأمنية والتهديدات الداخلية والخارجية التي تواجه سيادة البلاد ووحدتها.
وأكد الوزير التركي أن الشعب السوري أمام فرصة تاريخية لبناء مستقبل أفضل، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة السورية لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار، لافتاً إلى أن المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة والدول الأوروبية، يقدم دعماً في هذا المسار، في حين تواصل إسرائيل اتباع سياسات تهدد استقرار المنطقة، داعياً إلى تحرك دولي جاد لوقف اعتداءاتها على الأراضي السورية.
وفي العاصمة دمشق، استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع، بحضور وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني، الوزير هاكان فيدان والوفد المرافق له، حيث جرى بحث آخر التطورات الإقليمية والدولية، وسبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات.
ووفق ما أوردته وكالة "الأناضول" ومصادر دبلوماسية تركية، استعرض اللقاء التقدم الذي تحقق في العلاقات السورية التركية خلال الأشهر الثمانية الماضية، مع التركيز على إعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد، وفتح مسارات تنموية في ظل المرحلة السياسية الجديدة التي تشهدها البلاد.
كما شدد الجانبان على ضرورة تنسيق الجهود الأمنية لمكافحة التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها "داعش" و"بي كي كي/ واي بي جي"، مع التأكيد على أن الحفاظ على وحدة الأراضي السورية يمثل أولوية قصوى لاستقرار المنطقة، إلى جانب بحث المخاوف الأمنية التركية في شمال شرق سوريا وسبل معالجتها.
وتطرقت المباحثات أيضاً إلى الممارسات الإسرائيلية في المنطقة، والتي تراها أنقرة تهديداً مباشراً لاستقرار سوريا والإقليم، وسط اتفاق على أن الفرص المتاحة للتعاون بين البلدين واسعة وتتطلب تفعيلها بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز أمن سوريا واستقرارها.
يذكر أن فيدان كان قد صرّح في مقابلة مع قناة "NTV" التركية، في 25 تموز، أن "قسد" مطالبة بالتوصل إلى اتفاق مع الحكومة المركزية في دمشق دون تأخير، وبشكل طوعي، مؤكداً رفض استمرار وجود التشكيلات المسلحة تحت أي ذريعة، ومشدداً على أن أنقرة تتوقع من تنظيم YPG إلقاء السلاح، معتبراً أن وجود تركيا كشاهد في هذا المسار ضروري لضمان الأمن.