تمكنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة حماة، يوم السبت 21 حزيران 2025، من تفكيك شبكة متورطة في ترويج سماعات لاسلكية تُستخدم لغايات الغش في الامتحانات، وذلك في ظل الإجراءات الأمنية المتخذة لضمان نزاهة العملية الامتحانية.
وقال مصدر في قيادة الشرطة إن العملية جاءت بعد متابعة دقيقة وتحريات مكثفة، وأسفرت عن القبض على عدد من أفراد الشبكة، فيما لا تزال الجهود الأمنية مستمرة لتعقّب بقية المتورطين، وأكد المصدر أن الموقوفين أُحيلوا إلى الجهات القضائية المختصة، حيث ستُتخذ بحقهم الإجراءات القانونية وفقاً للأنظمة المعمول بها.
وتأتي هذه الحادثة في سياق إجراءات أوسع أقرتها الحكومة السورية، حيث كانت وزارتا الاتصالات والتقانة والتربية والتعليم قد قررتا، يوم الأربعاء 18 حزيران، تنفيذ قطع مؤقت للاتصالات الخلوية في المناطق المحيطة بالمراكز الامتحانية خلال فترة الامتحانات العامة، كخيار يهدف إلى منع الغش الإلكتروني وضمان نزاهة الامتحانات.
خطة أمنية شاملة في محافظة حماة لضمان سير الامتحانات
أعلنت قيادة شرطة محافظة حماة عن تنفيذ خطة أمنية متكاملة بالتزامن مع انطلاق امتحانات شهادة التعليم الأساسي لدورة عام 2025، وذلك بهدف تأمين سير العملية الامتحانية وضمان بيئة مستقرة وآمنة للطلاب.
وقال العميد "ماهر مرعي"، معاون قائد الأمن الداخلي في المحافظة، إن وحدات قوى الأمن الداخلي بدأت منذ اليوم الأول بتنفيذ هذه الخطة التي تشمل تأمين مراكز الامتحانات وانتشار عناصر الشرطة وتنظيم حركة المرور لمنع الازدحام أو أي تشويش قد يعيق تركيز الطلاب.
وأوضح العميد "مرعي" أن الخطة تضمنت نشر دوريات ثابتة ومتحركة في محيط المراكز الامتحانية، بالإضافة إلى مرافقة أمنية للطلاب القادمين من الريف إلى المدينة، بالتنسيق مع المجمعات التربوية، مع تقديم التسهيلات اللازمة لضمان وصولهم في الوقت المحدد.
وأشار إلى وجود تنسيق مستمر مع مديرية التربية، بهدف تهيئة الظروف المناسبة لضمان انتظام الامتحانات وسيرها بسلاسة، مؤكداً على أن الجهات الأمنية والتعليمية تعمل بروح الفريق الواحد، للحفاظ على أمن وسلامة الطلاب باعتبارهم مسؤولية وطنية وأملاً في بناء مستقبل البلاد.
وفي ختام تصريحه، تمنى العميد "مرعي"، التوفيق والنجاح لجميع الطلاب، مشيداً بجهودهم وجديّتهم، ومؤكداً على أن الانضباط والالتزام مسؤولية مشتركة في بناء الوطن.
وكانت أعلنت غرفة العمليات الامتحانية في محافظة حماة، المشكّلة برعاية محافظ حماة عبد الرحمن السهيان، عن اعتماد خطة شاملة لتأمين الامتحانات العامة لعام 2025، وذلك بمشاركة جميع المؤسسات الحكومية المعنية لضمان تنظيم دقيق وسير سلس للعملية الامتحانية.
يذكر أن وزارة التربية شددت على ضرورة تطبيق إجراءات صارمة هذا العام لمكافحة الغش وضمان تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب، مؤكدة أن النزاهة والشفافية تمثلان أولوية في هذه الدورة الامتحانية.
التقى وزير العدل الدكتور "مظهر الويس" مستشارة وزير الخارجية لشؤون التعاون الدولي الدكتورة" ربى محيسن"، وتم عقد اجتماع في مقر وزارة العدل في سبيل تعزيز التعاون بين الوزارات وتطوير العلاقات الدولية في المجالات القانونية والقضائية.
وقالت وزارة العدل من خلال منشور عبر صفحتها الرسمية في منصة إكس (تويتر سابقاً): "جرى خلال اللقاء بحث سبل دعم التعاون المشترك بين وزارة العدل ووزارة الخارجية، لا سيما في الملفات المتعلقة بالعلاقات القانونية الدولية، والتنسيق فى ملفات العدالة ضمن المنظمات الدولية".
وأشارت الوزارة إلى أن الاجتماع تناول تفعيل قنوات التواصل مع البعثات الدبلوماسية لتعزيز الدعم الفني والتقني لقطاع العدالة، ودعم وزارة العدل في جهودها ضمن برامج العدالة الانتقالية والإصلاح القضائي.
وتمت مناقشة تسهيل التنسيق مع المنظمات الدولية في سبيل إعادة الإعمار وتأهيل البنية التحتية، ومناقشة آفاق التعاون مع الدول الصديقة في مجالات التدريب القضائي وتبادل الخبرات القانونية إضافة إلى الجانب الخاص بملاحقة المجرمين واسترداد أموال الشعب.
وشدد الطرفان ضرورة التنسيق لإعداد خطة عمل مشتركة تسهم في تعزيز الحضور الدولي للقطاع القضائي السوري، وتُحقق التوافق بين السياسات العدلية والتوجهات الدبلوماسية للدولة.
وزارة العدل تُلغي الدورة الرابعة للمعهد العالي للقضاء: تصفية للحقوق ومحاسبة للتجاوزات
وكانت وزارة العدل السورية، برئاسة الدكتور مظهر الويس، قد أصدرت القرار رقم 964/ل بتاريخ 19 حزيران 2025، القاضي بإلغاء الدورة الرابعة للمعهد العالي للقضاء بشكل نهائي، مع تصفية كافة الحقوق المترتبة للطلاب الملتحقين بها وفق القوانين والأنظمة النافذة.
ويأتي القرار استناداً إلى توصيات اللجنة الفقهية الخاصة بالمعهد، وتقرير اللجنة الفنية المعنية، وقرار مجلس القضاء الأعلى رقم 163 الصادر بتاريخ 16 حزيران 2025، وذلك ضمن خطة إصلاح شاملة لإعادة ضبط البنية القضائية، وضمان عدالة المسارات التدريبية.
وفي بيان سابق، أوضحت الوزارة أن إلغاء الدورة جاء على خلفية نتائج لجنة تفتيشية تولت مراجعة معايير القبول في المعهد، وتقييم مدى التزام لجان الاختبار بمبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص. وقد كشفت اللجنة عن وجود تدخلات غير نزيهة ومخالفات واضحة شابت إجراءات القبول، وأدت إلى حرمان العديد من المستحقين من فرصة المنافسة العادلة، مقابل تمرير بعض الأسماء بطرق غير قانونية.
وأكدت وزارة العدل أن هذه التجاوزات تعكس ممارسات موروثة من النظام البائد، ولا يمكن التساهل معها في ظل المرحلة الجديدة التي تتطلب التزاماً كاملاً بمعايير العدالة والمهنية.
وشددت الوزارة على أن القرار يأتي في إطار عملية إعادة هيكلة شاملة للمؤسسة القضائية في سوريا، وتعزيز الثقة بالمعهد العالي للقضاء كمؤسسة تدريبية مستقلة ونزيهة، قادرة على تأهيل قضاة المستقبل وفق معايير الكفاءة والمساواة وسيادة القانون.
ما تزال آلاف العائلات السورية تعيش في دوامة انتظار مؤلم، دون أن تعرف مصير أبنائها الذين غيّبتهم قوات النظام البائد في السجون والمعتقلات، وسط صمت مستمر منذ سنوات. وعلى الرغم من تغيّر المشهد السياسي وسقوط المجرم بشار الأسد، لا يزال ملف المعتقلين والمختفين قسراً طي الغموض، ما يدفع الأهالي لمواصلة المطالبة بكشف الحقيقة وإنهاء حالة الغياب القسري.
وفي حي ركن الدين وسط العاصمة دمشق، نظّم عدد من أهالي المعتقلين والمفقودين قسرياً وقفة احتجاجية رفعوا خلالها صور أبنائهم، موجّهين نداءاتهم إلى الحكومة السورية الجديدة، مطالبين بوضع حد للانتظار القاتل والكشف عن مصير أحبّائهم.
امتلأت الساحة بعشرات الصور التي علقها الأهالي لأبنائهم الغائبين، في مشهد يختزل سنوات من الألم. ورفعت لافتات كُتبت باللغتين العربية والإنجليزية تناشد الجهات الرسمية بالتحرك الجاد لإنهاء المأساة. وقد بدت ملامح الحزن والانكسار على وجوه المشاركين، لا سيما الأمهات اللواتي احتضنّ صور أبنائهن وسط دموع وآهات لا تنقطع.
في مشهد مؤثر، ردد الحضور هتافات تضامنية من بينها: "أم الشهيد نحن ولادك"، تعبيرًا عن وحدة الوجع السوري، فيما عبّرت الأمهات عن ألمهن في لقاءات مصوّرة، مؤكدات أن الصبر طال، وأن مطلبهن إنساني بحت: معرفة الحقيقة فقط.
صحيفة "زمان الوصل" نقلت شهادات حيّة من موقع الوقفة، من بينها شهادة فدوى شعبو، التي قالت وهي ترفع صورة ابنها المعتقل منذ عام 2014:
"نحن نقف هنا حتى نعرف مصير أولادنا. لدينا أمل أنهم ما زالوا أحياء، لكننا لا نعلم أين. ابني اعتُقل ووُضع في فرع أمني، وليس في سجن، ومنذ ذلك اليوم لا نعرف شيئًا عنه".
وفي شهادة أخرى، قال محي الدين أبو أسعد: "أخي عمران مصطفى أبو أسعد استشهد، ونريد أن نعرف أين دُفن، من الذي قتله؟ أقل ما نطلبه هو معرفة مكان قبور أحبّائنا."
كما قالت فتحية، والدة الشهيد أحمد سامو، إنها جاءت للمشاركة كي تطالب بكشف مصير المعتقلين والمختفين قسرياً: "أين أبناؤنا؟ ماذا حصل لهم؟ نريد إجابات."
من جهتها، تحدثت هيلين عكو، معتقلة سابقة، مؤكدة أن تنظيم الحراك في ركن الدين جاء للمطالبة بالعدالة ومساءلة من تسبب بهذه المآسي. وقالت:
"أريد عظام أخي فقط، كي أزوره. منذ 13 سنة وأنا أنتظره. أريد هويته، ملابسه، أي شيء يدلّني عليه."
في خلفية الوقفة، حضرت عشرات القصص الأخرى التي لا تُروى فقط في ركن الدين، بل في كل أنحاء سوريا. عائلات لا تطلب شيئًا سوى الحقيقة؛ لا تعويض يعوّض، ولا عزاء يكفي، بل مطلب بسيط مؤلم: معرفة مصير الأبناء ومحاسبة المسؤولين عن تغييبهم.
في كل يوم يخرج صوت جديد من قلب الوجع، من بيت ينتظر، ومن أم ما زالت تُعدّ الأيام… من أجل أن تعرف فقط: هل لا يزال ابنها حيًا؟ وإن لم يكن، فأين مرقده؟
انطلقت صباح يوم السبت 21 حزيران/ يونيو، في مختلف المحافظات السورية امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والإعدادية الشرعية، والثانوية المهنية لدورة عام 2025، وسط إجراءات أمنية مشددة وتدابير لوجستية تهدف إلى ضمان سير العملية الامتحانية بأمان ونزاهة.
وأعلنت وزارة الاتصالات عن قطع خدمات الاتصالات والإنترنت يومياً من الساعة 6:00 صباحاً وحتى الساعة 10:00 صباحاً، تزامناً مع مواعيد الامتحانات، في خطوة تهدف إلى منع أي محاولات غش إلكتروني أو تسريب للأسئلة.
وتقدَّم للامتحانات هذا العام أكثر من 398 ألف طالب وطالبة، موزعين على 2216 مركزاً امتحانياً في مختلف المحافظات.
خطة أمنية في إدلب لضمان سلامة الامتحانات
في محافظة إدلب، قال العقيد "ماهر محمد هلال"، معاون قائد الأمن الداخلي، إن مديريات الأمن الداخلي بدأت بتنفيذ خطة أمنية شاملة بالتنسيق مع وزارة الداخلية وبتوجيه من قيادة الأمن الداخلي في المحافظة.
وأشار إلى أن الخطة تشمل تأمين عملية نقل الأسئلة من مديرية الامتحانات إلى المجمعات التربوية الفرعية ومن ثم إلى المراكز الامتحانية، إضافة إلى مرافقة أوراق الإجابة بعد انتهاء كل امتحان.
وأضاف العقيد "هلال" أنه تم اتخاذ إجراءات ميدانية لحماية جميع المراكز، إلى جانب نشر عناصر شرطة المرور لتنظيم حركة السير ومنع الازدحام والضوضاء أمام المراكز، بهدف توفير أجواء هادئة ومريحة للطلاب.
وأكد التنسيق مع مختلف المؤسسات الخدمية لتقديم الدعم اللازم، كلٌ وفق اختصاصه، بما يضمن حُسن سير العملية الامتحانية وانضباطها، وختم بالقول: "نتمنى لأبنائنا الطلبة النجاح والتوفيق، ونؤكد التزامنا الكامل بتوفير بيئة آمنة ومستقرة تساعدهم على أداء امتحاناتهم بكل طمأنينة."
72 ألف طالب في حلب والامتحانات تسير بهدوء
وفي حلب، أعلنت مديرية التربية أن أكثر من 72 ألف طالب وطالبة يشاركون في امتحانات التعليم الأساسي والإعدادية الشرعية، موزعين على 314 مركزاً امتحانياً.
وأكدت المديرية أن الامتحانات انطلقت في أجواء هادئة ومنظمة، وسط متابعة ميدانية مستمرة لضمان حسن سير العملية الامتحانية في المحافظة.
يُذكر أن وزارة التربية شددت على ضرورة تطبيق إجراءات صارمة هذا العام لمكافحة الغش وضمان تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب، مؤكدة أن النزاهة والشفافية تمثلان أولوية في هذه الدورة الامتحانية.
جدّد منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا، آدم عبد المولى، التزام المنظمة الدولية بدعم الشعب السوري في مسار التعافي، مشيراً إلى أن الأمل بات ممكناً لملايين اللاجئين السوريين في العودة وإعادة بناء حياتهم، إذا ما توافرت مقومات العيش الكريم.
وفي رسالة نشرها عبر منصة "إكس" بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، قال عبد المولى إن تحقيق عودة مستدامة للاجئين السوريين يتطلب توفير سبل عيش فعّالة، وبنية تحتية ملائمة، وخدمات أساسية تضمن لهم حياة كريمة، مشيراً إلى أن سوريا تقف اليوم عند مفترق طرق حاسم في ظل المرحلة الجديدة التي تشهدها البلاد.
وأوضح المسؤول الأممي أن استمرار النزاع ترك أكثر من 16.5 مليون شخص في حاجة ماسة للمساعدة، داعياً إلى استجابة إنسانية عاجلة وشاملة. وأضاف: "الأعمال العدائية يجب أن تتوقف فوراً"، في إشارة إلى ضرورة توفير بيئة مستقرة تتيح وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين دون عوائق، مشدداً على أن الفرق الأممية تبذل جهوداً مكثفة في هذا الإطار.
وفي سياق متصل، كشف عبد المولى عن تقدمه بطلب رسمي للحكومة السورية من أجل زيارة المناطق الساحلية لمتابعة الوضع الإنساني عن قرب، مؤكداً أنه لا يزال بانتظار الرد، ومشيراً إلى استمرار المتابعة الدقيقة لتطورات الأوضاع في مختلف المحافظات.
وبخصوص محافظة السويداء، أكد عبد المولى أن الوضع فيها لا يزال مستقراً بشكل عام، باستثناء ما وصفه بـ"الاختراق الإسرائيلي في الجنوب"، نافياً في الوقت ذاته تسجيل أي حركة نزوح واسعة النطاق من المنطقة.
وفيما يخص الفئات الأكثر هشاشة، أشار منسق الأمم المتحدة إلى تحسن ملحوظ في قدرة النساء على الوصول إلى الخدمات والموارد في معظم المناطق السورية، معتبراً أن ذلك يشكّل مؤشراً إيجابياً يعكس تطوراً في الوضع الإنساني مقارنة بالسنوات الماضية.
وفي السياق ذاته، وجّه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، دعوة عاجلة إلى المجتمع الدولي من أجل توسيع نطاق المساعدات الإنسانية لسوريا، محذراً من خطورة تقليص التمويل أو إهمال معالجة العقوبات والقيود الأخرى المفروضة على البلاد.
وفي رسالة مصورة خلال مؤتمر بروكسل السنوي التاسع، الذي عُقد تحت عنوان "الوقوف مع سوريا: تلبية الاحتياجات من أجل انتقال ناجح"، شدد غوتيريش على أن سوريا تمر بلحظة حاسمة، تُمكّن السوريين من تحقيق تطلعاتهم نحو مستقبل سلمي وشامل، غير أن الطريق ما زال محفوفاً بالتحديات.
ولفت الأمين العام إلى حجم الخسائر الاقتصادية الضخمة التي تكبدتها البلاد، مشيراً إلى أن الحرب كلّفت سوريا ما يقرب من 800 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً، عدا عن التدمير الواسع للبنية التحتية الحيوية.
وأكد غوتيريش أن ملايين السوريين، سواء داخل البلاد أو في دول اللجوء، ما زالوا في حاجة ماسة إلى الدعم الإنساني، بمن فيهم آلاف العائدين منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، وخمسة ملايين لاجئ ما زالوا يقيمون في دول الجوار.
أطلقت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" نداءً إنسانياً من العاصمة البريطانية لندن، بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، الذي يصادف العشرين من حزيران/يونيو من كل عام، دعت فيه إلى تحرك عاجل من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين من سوريا، وتوفير الحماية والمساعدات اللازمة لهم.
وسلط البيان الضوء على الكارثة الإنسانية التي لحقت بهؤلاء اللاجئين، موضحاً أن الحرب التي اندلعت في سوريا عام 2011 أدّت إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في البلاد، ليجدوا أنفسهم في دوامة جديدة من النزوح المتكرر، بعدما لجأوا أصلاً إلى سوريا هرباً من نكبة عام 1948.
وأوضح البيان أن شريحة واسعة من هؤلاء اللاجئين تعرضت لنزوح داخلي متكرر بسبب التصعيد العسكري والدمار الواسع في العديد من المدن السورية، في حين اضطُرّ كثيرون إلى الهرب نحو دول الجوار أو أوروبا، وسط ظروف قانونية وإنسانية معقدة تتصدرها مشكلة انعدام الجنسية، وصعوبات الحصول على وثائق، بالإضافة إلى ضعف كبير في توفير الخدمات والمساعدات الأساسية.
كما أشار البيان إلى ما وصفه بـ"أزمة الإعمار المنسية"، في إشارة إلى المخيمات الفلسطينية التي دُمرت خلال سنوات الحرب ولا تزال حتى اليوم محرومة من مشاريع الترميم أو إعادة التأهيل، وهو ما فاقم معاناة الآلاف من العائلات التي تعيش في ظل أوضاع سكنية وخدمية متدهورة.
وفي ختام البيان، طالبت المجموعة بضمان سلامة اللاجئين الفلسطينيين من سوريا وحمايتهم قانونياً، وفق أحكام القانون الدولي، وتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية لتشمل تأمين المأوى والغذاء والرعاية الصحية والتعليم، وتمويل عمليات إعادة إعمار المخيمات المدمّرة، بما يساهم في خلق بيئة مناسبة للعيش الكريم، والاعتراف بالوضع القانوني المعقّد لهؤلاء اللاجئين، والعمل على تسويته بما يحفظ حقوقهم المدنية والإنسانية.
وأكدت مجموعة العمل أن اللاجئين الفلسطينيين من سوريا ليسوا مجرد أرقام في إحصاءات النزوح، بل هم أناس يحملون قصص معاناة مؤلمة، تستوجب استجابة إنسانية عادلة وشاملة، تحفظ كرامتهم وتضمن لهم مستقبلاً آمناً ومستقراً.
وجّه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، دعوة ملحة إلى المجتمع الدولي لتحويل التضامن مع اللاجئين من شعارات إلى التزامات حقيقية، داعيًا إلى تعزيز الدعم الإنساني والتنموي للفئات الأكثر تضررًا، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، الذي يصادف في 20 حزيران من كل عام.
وفي رسالة رسمية نُشرت عبر موقع أخبار الأمم المتحدة، قال غوتيريش: "نُكرم اليوم ملايين اللاجئين الذين أُجبروا على الفرار من الحروب والاضطهاد والكوارث. لكل منهم قصة مؤلمة، وكثيرون يواجهون جدرانًا مغلقة وموجات متصاعدة من كراهية الأجانب".
وأضاف أن من الضروري ضمان حق اللاجئين في رسم مستقبلهم، وتوسيع نطاق الحماية والحلول الدائمة كإعادة التوطين، مشددًا على أهمية توفير التعليم والعمل والمساواة في الحقوق.
وأكد الأمين العام أن اللاجئين رغم معاناتهم ما زالوا يبرهنون على شجاعة وصمود كبيرين، وأنهم قادرون، متى أتيحت لهم الفرصة، على الإسهام الفاعل في بناء المجتمعات، اقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا، وختم غوتيريش بالقول: "قد لا نختار أن نكون لاجئين، لكننا نختار كيف نعاملهم. فليكن التضامن خيارنا، ولتكن الإنسانية بوصلتنا".
تقرير حقوقي سوري: العودة تحتاج ما هو أكثر من سقوط النظام
وفي السياق ذاته، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، والذي تناول واقع اللاجئين والنازحين السوريين بعد سقوط نظام الأسد، والتحديات المتبقية التي تعيق عودتهم رغم التحولات السياسية الكبرى التي تشهدها البلاد.
وحمل التقرير رؤية متكاملة نحو "خطة وطنية مدعومة دولياً" لتحقيق العودة الطوعية، الآمنة والكريمة، مؤكدًا أن هذه العودة لا يمكن أن تتحقق دون التزام وطني ودولي مشترك، ونهج شامل يقوم على العدالة والمساءلة والمشاركة.
دعت الشبكة الحكومة السورية الانتقالية إلى تبني سياسة شفافة تضمن العدالة وعدم التمييز، وتيسير استخراج الوثائق الرسمية، ووضع خطط إنعاش محلية، وإطلاق مبادرات لسكن مؤقت وتمكين اقتصادي، وتشكيل قوى مدنية منضبطة لضبط الأمن، وضمان تمثيل النساء والناجين من الانتهاكات.
وطالبت الأمم المتحدة ووكالاتها بإنشاء آليات رقابة مستقلة لتوثيق ظروف العودة والانتهاكات، وتقديم الدعم الفني لهيئة العدالة الانتقالية، وتمويل برامج الإدماج والدعم النفسي، وضمان الحماية للفئات الهشة، خصوصًا الأطفال والنساء.
أما الدول المضيفة، فطالبتها الشبكة باحترام مبدأ "عدم الإعادة القسرية"، وتوفير بيئة قانونية وخدمات أساسية، وتسهيل إصدار الوثائق، وتقديم المساعدة في نقاط العبور خلال عمليات العودة الجماعية.
وفيما يخص المجتمع الدولي والدول المانحة، شددت الشبكة على ضرورة ربط جهود الإعمار بإطار حقوقي عادل، وتمويل مبادرات المصالحة، وإزالة العراقيل السياسية والاقتصادية التي لا تزال تعيق العودة الفعلية.
في اليوم العالمي للاجئين، تؤكد الأمم المتحدة والشبكة السورية لحقوق الإنسان أن عودة اللاجئين السوريين لا يمكن أن تُختزل في إسقاط النظام، بل هي عملية معقدة تستوجب إعادة بناء الثقة، واستعادة الحقوق، وتحقيق العدالة. وبينما تُشكّل المرحلة الحالية فرصة تاريخية، فإن نجاحها يعتمد على مدى التزام الأطراف السورية والدولية بتحقيق بيئة آمنة تضمن كرامة اللاجئين وتلبي تطلعاتهم الإنسانية والمدنية.
أثار إعلان نادي الوحدة الرياضي، بتاريخ 19 حزيران/يونيو، عودة لاعب كرة السلة التركي كمال جنبلاط إلى صفوفه، عاصفة من الاستياء في الأوساط السورية، بعد وصفه بـ"نجم الحادية عشرة"، نظراً إلى سجلّه الحافل بالتحريض ضد اللاجئين السوريين ودعمه العلني لنظام الأسد المخلوع، ما دفع وزارة الرياضة والشباب إلى التدخل الفوري.
وبعد تصاعد موجة الغضب الشعبي، أصدرت الوزارة في 20 حزيران/يونيو بياناً أكدت فيه فتح تحقيق رسمي بحق كل من كمال جنبلاط، واللاعب علاء النائب، على خلفية ما وصفته بـ"مواقف وانتماءات مناهضة لتضحيات الشعب السوري"، مشددة على أن دماء الشهداء ومعاناة المهجرين تمثل خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه. وأوضحت أن التحقيق يجري بالتنسيق مع الجهات المختصة، تمهيداً لاتخاذ قرارات نهائية مبنية على نتائج موثقة، وأعلنت تجميد عضوية اللاعبين مؤقتاً.
من هو كمال جنبلاط؟
كمال جنبلاط، أو كمال جانبولات (Kemal Canbolat)، لاعب كرة سلة تركي حاصل على الجنسية السورية منذ عام 2020، بحكم أصوله المنحدرة من منطقة لواء إسكندرون. انضم إلى منتخب سوريا لكرة السلة في عهد النظام البائد ولعب ضمن صفوف نادي الوحدة لمدة عام ونصف تقريباً، قبل أن يعود إلى تركيا.
سجل تحريضي ضد السوريين
عرف جنبلاط بمواقفه المعادية للاجئين السوريين، ودعواته المتكررة لترحيلهم من تركيا، حيث استخدم منصات إعلامية وحساباته على وسائل التواصل للترويج لفكرة أن سوريا أصبحت "آمنة"، داعياً اللاجئين إلى العودة، رغم تأكيد المنظمات الدولية على استمرار المخاطر في البلاد.
كما انتقد الحكومة التركية لما وصفه بـ"تقديم امتيازات للسوريين"، واتهم اللاجئين بـ"استنزاف موارد الدولة"، مطالباً بوقف المساعدات وإغلاق برامج الدعم المقدم من الاتحاد الأوروبي والهلال الأحمر التركي.
مواقف داعمة لنظام الأسد والمصالحة
خلال مقابلات إعلامية أبرزها مع قناة Odatv التركية في ديسمبر 2024، تحدث جنبلاط عن دعمه للمصالحة مع نظام الأسد، واعتبر أن "وقت السلام قد حان"، كما وصف الإطاحة بالأسد بأنها "فخ إسرائيلي" لا تمثل انتفاضة شعبية، مهاجماً المعارضة السورية ومشككاً بشرعيتها.
وأبدى جنبلاط اعتراضه على طبيعة السلطة الجديدة في دمشق، قائلاً إنها "ليست بيئة مناسبة لبناء دولة حديثة أو نظام رياضي متطور"، مشيراً إلى "تطرف فكري وديني" يحول دون تطوير الحياة الاجتماعية، على حد تعبيره.
دعوات لترحيل اللاجئين السوريين
واصل جنبلاط تحريضه ضد اللاجئين حتى بعد سقوط نظام الأسد، حيث دعا إلى استخدام أدوات ضغط لمنع السوريين من البقاء في تركيا، ومنها "وضع ختم أحمر على جوازاتهم لمنعهم من العودة مجدداً"، معتبراً أن تقديم حياة كريمة للعائدين "ليس من مسؤولية تركيا"، بل من مسؤولية الحكومة السورية.
دعم سياسي مثير للجدل
وفي سياق آخر، أعلن جنبلاط دعمه السياسي لزعيم حزب النصر التركي اليميني المتطرف، أوميت أوزداغ، المعروف بعدائه الصريح للاجئين السوريين. وبعد اعتقال أوزداغ بقرار قضائي في إسطنبول يوم 20 كانون الثاني/يناير 2025 بتهمة "التحريض على الكراهية"، عبر جنبلاط عن تضامنه معه ورفضه لقرار المحكمة، معتبراً أن "فرح السوريين باعتقاله هو سبب كافٍ للوقوف إلى جانبه".
تأتي هذه التطورات في سياق نهج جديد تتبعه وزارة الرياضة والشباب في سوريا، يهدف إلى تطهير المؤسسات الرياضية من الشخصيات المرتبطة بالنظام السابق أو ذات الخلفيات العنصرية والمسيئة لتضحيات السوريين، خاصة بعد سقوط نظام الأسد، حيث أكدت الوزارة أن الانخراط في الرياضة السورية يجب أن يعكس القيم الوطنية والالتزام الأخلاقي، وليس أن يكون منصة لتبييض صورة المسيئين.
تخضع مشاركة كمال جنبلاط في نادي الوحدة الآن لمراجعة دقيقة من قبل الجهات المختصة، وسط مطالب شعبية بعدم السماح لمن يسيء للشعب السوري أو يروّج لأجندات مناهضة لقيم الثورة، بتمثيل الرياضة الوطنية. ومن المتوقع أن تُصدر الوزارة قرارات حاسمة خلال الأيام المقبلة بشأن اللاعبين محل الجدل، بما ينسجم مع مبادئ العدالة والكرامة التي يسعى السوريون لترسيخها في مرحلة إعادة بناء الدولة.
أكدت تانيا إيفانز، مديرة مكتب لجنة الإنقاذ الدولية (IRC) في سوريا، أن البلاد تشهد اليوم فرصة تاريخية لدعم تعافي شعبها، في ظل انفتاح ملحوظ من قبل السلطات السورية الجديدة على الحوار مع المنظمات الإنسانية الدولية، مشيرة إلى أهمية هذه المرحلة في إعادة بناء ما دمرته الحرب.
وفي تصريحات خاصة لموقع "عربي21"، نوّهت إيفانز بنتائج الاجتماع الأول الذي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بالمدير التنفيذي للجنة الإنقاذ، ديفيد ميليباند، في دمشق، واصفة اللقاء بأنه انعكاس لتحول إيجابي في العلاقة مع المنظمات الدولية، وتأكيد على إدراك السلطات لحجم الكارثة الإنسانية، وضرورة النهوض بالبنية التحتية والخدمات العامة التي تضررت خلال السنوات الماضية.
ودعت إيفانز المجتمع الدولي إلى رفع حجم التمويل الإنساني المخصص لسوريا، وترك السياسات التي تقوم على "الضغط بموارد أقل"، معتبرة أن هذه المرحلة تستدعي استجابة نوعية وعاجلة قائمة على المبادئ الإنسانية، بعيداً عن أي تسييس أو شروط سياسية، وقالت: "نلمس استعداداً سياسياً لدى الحكومة السورية، وعلينا ترجمته إلى أثر واقعي ملموس يشعر به المواطنون".
وفي ما يخص العقوبات الدولية، رأت إيفانز أن تخفيفها ساهم في فتح الباب أمام بعض الاستثمارات الخاصة، إلا أن انعكاس هذه التحركات على حياة المدنيين ما زال محدوداً. وأضافت: "رغم الترحيب بأي جهود لدعم التعافي الاقتصادي، إلا أن العراقيل الإجرائية لا تزال تعيق عمل المنظمات الإنسانية وتحدّ من فاعليتها".
وشددت على أن لجنة الإنقاذ الدولية حريصة على توسيع نطاق عملها في مختلف أنحاء سوريا، لا سيما في المناطق التي كانت سابقاً خارج نطاق الوصول، مشيدة بتعاون الحكومة السورية في تسهيل هذا التوسع، وضمان إيصال المساعدات إلى كل المحتاجين. وأكدت التزام اللجنة بتقديم استجابة إنسانية مبنية على الاحتياجات الفعلية ووفقاً للمبادئ الدولية للعمل الإنساني.
ويأتي ذلك عقب استقبال الرئيس السوري أحمد الشرع لرئيس لجنة الإنقاذ الدولية، ديفيد ميليباند، والوفد المرافق له في قصر الشعب بدمشق بتاريخ 26 أيار الماضي، حيث جرى بحث سبل تعزيز التعاون وتوسيع مهام اللجنة داخل سوريا.
وتُعد لجنة الإنقاذ الدولية منظمة دولية غير حكومية رائدة في مجال الإغاثة والتنمية، بدأت عملها في سوريا عام 2012، إلا أنها واجهت قيوداً صارمة من قبل نظام الأسد البائد، الذي منعها من العمل في المناطق الخاضعة لسيطرته، قبل أن تشهد في المرحلة الراهنة انفتاحاً على دورها الإنساني.
أصدرت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" اليوم تقريرها السنوي بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، والذي يرصد واقع عودة اللاجئين والنازحين السوريين بعد سقوط نظام بشار الأسد، ويقيّم التحديات المتبقية التي لا تزال تعيق عودتهم رغم التحولات السياسية الجذرية التي شهدتها البلاد. كما يقدم التقرير رؤية شاملة لتهيئة بيئة تسمح بعودة طوعية وآمنة وكريمة، تُبنى على أسس العدالة، والمساءلة، والشراكة الوطنية، والدولية.
أكد التقرير أنَّ سقوط النظام السابق في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، أنهى أبرز العوائق السياسية والأمنية التي حالت دون عودة السوريين لعقدٍ من الزمن. ومع ذلك، لا تزال العودة تواجه عراقيل بنيوية عميقة تتطلب معالجة جادة على مختلف المستويات، بما في ذلك القانوني، الإداري، الخدمي، الأمني، والاقتصادي.
وتُسهم الشَّبكة، في هذا الإطار، بالتعاون مع عدد من مكاتب الهجرة في دول اللجوء، ومنظمات دولية ومحلية، في إعداد تقارير وتحليلات حول سوريا كدولة منشأ للنزوح، وتقييم مدى توفر شروط العودة وفق المعايير الدولية.
إرث التهجير: أرقام كارثية ومؤشرات محدودة على العودة
وفق التقرير، فإنه حتى نهاية عام 2024، كان أكثر من 6.8 ملايين لاجئ سوري قد فروا إلى الخارج، وبلغ عدد النازحين داخلياً أكثر من6.9 ملايين شخص، يعيش معظمهم في ظروف لا ترقى إلى الحد الأدنى من الحماية أو الخدمات الأساسية، وتسببت هذه الأرقام غير المسبوقة في إنهاك قدرات الاستجابة الإنسانية، وأحدثت آثاراً عميقة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية لملايين السوريين.
وأوضح أنه منذ سقوط النظام وحتى منتصف عام 2025، تم تسجيل عودة نحو 500 ألف لاجئ و1.2 مليون نازح داخلي، وفق مصادر رسمية من الدول المضيفة وإدارات المعابر الحدودية ومفوضية اللاجئين. ومع أنَّ هذه الأرقام تحمل بوادر أمل إلا أنَّ هذه الأرقام لا تمثّل سوى جزء محدود من الحجم الإجمالي للمهجّرين، وتُبرز استمرار العقبات البنيوية أمام تحقق العودة الشاملة.
التحديات أمام العودة: واقع معقّد
تُبرز التقارير الميدانية للشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ اللاجئين والنازحين العائدين يواجهون بيئة غير مهيّأة، تعاني من "صعوبات قانونية وإدارية في استعادة الملكيات بسبب فقدان الوثائق أو تعدد المرجعيات، ورسوم مرتفعة لوثائق السفر تحول دون قدرة اللاجئين على إتمام إجراءات العودة، وعبء مالي ذاتي بالكامل على العائدين في ظل غياب برامج دعم، ودمار واسع في البنية التحتية والمساكن والخدمات الأساسية.
أيضاً وجود مخلفات الأسلحة من الذخائر غير المنفجرة والألغام والتي تسببت بمقتل ما لا يقل عن 220 مدنياً، بينهم 41 طفلاً و10 سيدات (أنثى بالغة)، في مناطق العودة، مما يهدد حياة السكان، وتباطؤ مسارات العدالة الانتقالية، رغم تأسيس هيئة رسمية من قبل الحكومة الانتقالية، وتفاوت في قدرة المناطق على استيعاب العائدين نتيجة غياب التخطيط أو الاستقرار المحلي.
كذلك اضطرابات أمنية محلية واشتباكات ناتجة عن جماعات غير منضبطة أو تشكيلات سابقة، ووضع اقتصادي هش، يتسم بارتفاع الفقر، ضعف الخدمات، وتدهور قطاعات التعليم والصحة، وقصور التمويل الدولي، حيث لم تتجاوز التعهدات 12 % من الحاجات المعلنة لخطة دعم العائدين لعام 2025.
رؤية الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان: نحو خطة وطنية مدعومة دولياً
تؤكد الشَّبكة بأنَّ تحقيق العودة الطوعية الآمنة والكريمة يتطلب نهجاً وطنياً شاملاً وشراكة حقيقية مع المجتمع الدولي، ويقوم على المبادئ التالية أولها "تهيئة بيئة قانونية وآمنة عبر استقلال القضاء، ومعالجة ملف الملكيات والوثائق، وإعادة تأهيل البنى التحتية والخدمات الأساسية في مناطق العودة، وتفعيل هيئة العدالة الانتقالية بدور فعّال ومستقل، وضمان إشراك الضحايا والمجتمع المدني، وضبط التهديدات الأمنية وتفكيك الجماعات الخارجة عن القانون، وإطلاق برامج اقتصادية داعمة للعائدين، وتوفير سبل العيش المستدام، وضمان تمثيل اللاجئين والنازحين في رسم السياسات الوطنية ذات الصلة، وتعزيز الرقابة الدولية على برامج العودة بالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة.
توصيات إلى الأطراف المعنية
وقدمت الشبكة سلسلة من التوصيات أولها للحكومة السورية الانتقالية، بوضع سياسة وطنية لعودة اللاجئين والنازحين تضمن الشفافية والعدالة وعدم التمييز، ومعالجة القضايا العقارية والوثائق الرسمية وتسهيل الحصول عليها، وإطلاق برامج دعم مالي وسكن مؤقت وربطها بخطط إنعاش محلية، وتعزيز الأمن عبر قوى مدنية منضبطة، وضبط السلاح غير النظامي، وضمان مشاركة النساء والناجين/ات من الانتهاكات في صنع القرار، وإدارة شفافة للتمويل الدولي بالتعاون مع رقابة مستقلة.
وطالبت الشبكة الأمم المتحدة ووكالاتها، بإنشاء آلية رقابة مستقلة لمتابعة ظروف العودة وتوثيق الانتهاكات، ودعم هيئة العدالة الانتقالية فنياً وتقنياً، وتوثيق ملفات الإخفاء القسري، وتمويل برامج إعادة الإدماج والدعم النفسي والتمكين الاقتصادي، وإشراك المنظمات السورية المستقلة في الرصد والمتابعة، ووضع خطط حماية خاصة للفئات الهشة.
أما الدول المضيفة، فطالبتها باحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية، وتوفير بيئة قانونية وخدمات أساسية للاجئين، وتسهيل إصدار الوثائق الرسمية بالتنسيق مع البعثات السورية، ودعم التوعية بحقوق اللاجئين وظروف العودة، وتقديم المساعدة في نقاط العبور خلال العودة الجماعية.
وإلى الدول المانحة والمجتمع الدولي، طالبتها الشبكة بدعم جهود الحكومة الانتقالية في إعادة الإعمار ضمن إطار حقوقي، وربط التمويل بمبادئ العدالة دون فرض وصاية سياسية، وإزالة العراقيل الدولية التي تعيق العودة، ومنها بعض العقوبات أو القيود الإقليمية، وتمويل مشاريع مصالحة مجتمعية وبناء سلام محلي.
في هذا اليوم العالمي للاجئين، تؤكد الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ العودة ليست ممكنة بمجرد سقوط النظام، بل تتطلب معالجة متكاملة لإرث من التهجير والانتهاكات، وهي مسؤولية جماعية لا يمكن تحقيقها دون إرادة سياسية وطنية، ودعم دولي حقيقي، والتزام أخلاقي بكرامة وحقوق اللاجئين السوريين.
يُعد اليُتم من أبرز الظواهر التي تفشّت بشكل واسع بين الأطفال السوريين خلال سنوات الحرب التي اندلعت عقب الثورة السورية في آذار/مارس عام 2011. آلاف الأطفال فقدوا آباءهم نتيجة المعارك، القصف، أو الاختفاء القسري، ووجدوا أنفسهم في مواجهة الحياة دون سند، ليشكل غياب الأب جرحاً لا يلتئم بسهولة، خاصة عندما يكون الطفل في مرحلة عمرية حساسة تتطلب وجود العائلة حوله لتوفير الأمان النفسي والدعم المعنوي والمادي.
عاش أولئك الأطفال أوضاعاً قاسية، تجاوزت في كثير من الأحيان حدود الاحتمال، حيث تجلى التأثير النفسي لليتم في أوجه مختلفة، أبرزها شعور الفقد الدائم والاحتياج العاطفي لحنان الأب. وتظهر هذه المشاعر بقوة في المواقف اليومية الاعتيادية، مثل وجود مشكلة مدرسية أو صحية، إذ يشعر الطفل وقتها بالحاجة المُلِحّة لوجود الأب بجانبه، ما يُعمّق من شعوره بالوحدة.
يشتد الألم عندما يرى الطفل أقرانه برفقة آبائهم، سواء في المدرسة أو في نزهة عائلية أو حتى عند شراء لعبة جديدة. تلك المشاهد التي قد تكون عادية في نظر البعض، تتحول إلى مصدر حزن وغيرة دفينين لدى اليتيم، لأنها تذكره دوماً بما ينقصه، لا سيما إن كان يعيش ظروفاً مادية ومعيشية صعبة.
وقد توصلنا، من خلال قصص وشهادات ميدانية، إلى أن كثيراُ من الأطفال يُسقطون معاناتهم اليومية على غياب الأب، فيرددون عبارات مثل: "لو كان أبي هنا لما حصل هذا"، أو "لو كان أبي معي، لحماني أو ساعدني". هذه العبارات البسيطة تُخفي وراءها حجم الألم النفسي والحرمان العاطفي الذي يعايشه الطفل.
وزادت بعض الحالات سوءاً، حين تزوجت الأم بعد فقدان الزوج، مما أدى إلى ابتعاد الطفل عنها، وفقدانه بذلك لآخر مظاهر الحنان والاحتواء الأسري. بعض الأطفال واجهوا واقعاً صعباًَ بالعيش مع زوج الأم، وتعرضوا لسوء المعاملة أو حتى التعنيف، رغم أن هذه ليست القاعدة العامة، إذ تختلف التجارب بين حالة وأخرى.
أما البعض الآخر، فقد انتقل للعيش مع أقارب من العمومة أو الخؤولة، وهناك أيضاً كانت الحكايات متباينة. من بينهم من وجد معاملة حسنة، لكن آخرين تعرضوا للعنف والإهمال، كما في حالة الطفل الذي ضُرب مؤخراًبوحشية من قبل عمه في ريف حماة، وهي الحادثة التي هزّت الرأي العام بعد انتشار فيديو يوثق ما تعرض له عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
إن هذه الظروف مجتمعة، النفسية منها والاجتماعية، تترك آثاراً عميقة في وجدان الطفل اليتيم، وقد تُشكل ملامح شخصيته المستقبلية. وعليه، فإن رعاية هؤلاء الأطفال ليست مجرد مسؤولية إنسانية، بل واجب أخلاقي يستدعي تدخلاً من الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية والاجتماعية، لتأمين بيئة حاضنة تضمن لهم حقوقهم، وتخفف من تبعات الفقد والحرمان.
وصلت إلى محافظة إدلب شمال غربي سوريا شحنة طبية جديدة مموّلة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بهدف دعم المرافق الصحية التي تقدّم خدماتها للفئات الأشد ضعفاً في المنطقة.
وتضمنت الشحنة، التي سُلّمت عبر منظمة الصحة العالمية، أكثر من 70 صنفاً من المستلزمات الطبية الأساسية، منها أدوات جراحية، قساطر وريدية، أدوية للأمراض المزمنة، إضافة إلى مستلزمات خاصة برعاية الأمومة، وبلغ وزن الشحنة نحو 20 طناً نُقلت على متن ثلاث شاحنات.
ومن المتوقع أن تسهم هذه الشحنة في تنفيذ ما يزيد عن 450 ألف دورة علاجية، بما يغطي الاحتياجات الصحية لنحو 150 ألف شخص. وتندرج ضمن شراكة مستمرة بين مركز الملك سلمان ومنظمة الصحة العالمية، سبق أن شملت دعماً مالياً في تشرين الأول الماضي بقيمة 4.75 ملايين دولار، بهدف تمويل خدمات صحية منقذة للحياة في شمال غربي سوريا.
ويشمل هذا الدعم أكثر من 50 مرفقاً صحياً، تتوزع بين مراكز رعاية أولية ومستشفيات عامة، بالإضافة إلى مراكز متخصصة لعلاج أمراض مثل الفشل الكلوي والسل. كما يغطي المشروع أيضاً رواتب الكوادر الصحية والإدارية، ونفقات تشغيل أساسية، إلى جانب دعم عمليات الترصد الوبائي واكتشاف الأوبئة واحتوائها.
وأوضح مركز الملك سلمان أن عملية توزيع الإمدادات تتم بناء على تقييمات دقيقة للاحتياجات، وسيتم إيصالها إلى 45 مرفقاً صحياً في المناطق الأكثر تضرراً. وصرّحت روزا كريستاني، مسؤولة الطوارئ في مكتب منظمة الصحة العالمية بمدينة غازي عنتاب، أن "نحو 80% من سكان شمال غربي سوريا يعتمدون على المساعدات الصحية، وكل شحنة تُحدث فرقاً كبيراً في إبقاء المرافق عاملة وتزويد الطواقم بالموارد الضرورية".
وأكد عبد الله صالح المعلم، مدير إدارة المساعدات الصحية والبيئية في مركز الملك سلمان، أن المشروع يعكس التزام المملكة بتحسين الأوضاع الصحية والبيئية في المناطق المحتاجة، مضيفاً أن المركز يسعى لإحداث تأثير إنساني مستدام.
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الصحة السورية تسلّمها شحنة لقاحات مكوّنة من 25 ألف جرعة ضد السحايا رباعي التكافؤ، مقدّمة من مركز الملك سلمان عبر معبر نصيب، لتطعيم الحجاج السوريين استعداداً لموسم الحج.
ويأتي هذا التعاون الصحي بين الرياض ودمشق ضمن خطوات متسارعة لتعزيز البعد الإنساني في العلاقات الثنائية، في ظل المرحلة الانتقالية التي تشهدها سوريا.