بدأ وفد وزاري سوري رسمي زيارة إلى الولايات المتحدة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من عشرين عاماً، وذلك للمشاركة في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي المنعقدة في العاصمة الأميركية واشنطن، في خطوة تعكس سعي الحكومة السورية الجديدة إلى إنهاء العزلة الدولية واستعادة مكانة البلاد على الساحة الاقتصادية العالمية.
ويضم الوفد كلاً من وزير الخارجية أسعد الشيباني، ووزير المالية محمد يسر برنية، إلى جانب حاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور عبد القادر الحصرية. وتوزع الوفد بين محورين؛ حيث سيتوجه الشيباني إلى نيويورك لعقد لقاءات سياسية، في حين يتولى برنية والحصرية تمثيل سوريا في الاجتماعات المالية بواشنطن، بحسب ما كشفه وزير الاقتصاد والصناعة نضال الشعار، الذي أعلن بدوره عن عزمه زيارة الولايات المتحدة الشهر المقبل لتوسيع آفاق التعاون مع الجالية السورية الأميركية.
وتأتي هذه الزيارة التاريخية بعد الإطاحة بالنظام السابق في ديسمبر 2024، وتُعد مؤشراً على تغير المسار الدبلوماسي السوري، وسعي دمشق للانخراط مجدداً في النظام المالي الدولي بهدف تأمين دعم لإعادة الإعمار وتحسين الأوضاع المعيشية في البلاد.
وفي هذا السياق، أكدت وزارة الخارجية الأميركية إصدار تأشيرات خاصة للوزراء السوريين المشاركين في الاجتماعات، في خطوة اعتُبرت إشارة إيجابية نحو تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، واستجابة لمطالب متزايدة من منظمات ومؤسسات أميركية وسورية في المهجر، والتي عبّرت عن شكرها للإدارة الأميركية على هذه المبادرة.
وكانت الحكومة السورية قد عقدت مؤخراً اجتماعاً موسعاً مع وفد من البنك الدولي، شاركت فيه وزارات رئيسية وحاكم المصرف المركزي، لمناقشة سبل تقليل آثار العقوبات الاقتصادية، وتسهيل التحويلات المالية، وتوجيه الدعم نحو القطاعات الإنتاجية في إطار خطة وطنية للتعافي الاقتصادي.
ووفق بيان رسمي، تم الاتفاق بين الجانبين على إعداد خريطة طريق اقتصادية مشتركة، تُعرض في اجتماع موسّع يُعقد في نيسان الجاري، بهدف إطلاق برامج دعم تستهدف تحقيق الاستقرار النقدي والمالي وتعزيز القدرة الإنتاجية للاقتصاد السوري.
وتُعد هذه التحركات جزءاً من استراتيجية شاملة للحكومة السورية الجديدة تهدف إلى إعادة بناء الثقة الدولية، وجذب الاستثمارات، وتطوير البنية التحتية الاقتصادية بما يحقق انتقالاً فعلياً نحو مرحلة ما بعد الحرب، وفقاً لرؤية تقوم على الانفتاح والتكامل الإقليمي والدولي.
سجّلت أسعار الخضار والفواكه في الأسواق السورية ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأيام الماضية، بعد فترة قصيرة من الاستقرار النسبي، لتزيد من أعباء الأسر التي تكافح لتأمين حاجاتها اليومية في ظل تدني القدرة الشرائية.
ووفق جولة ميدانية على السوق المحلية فقد بلغ سعر كيلو الفليفلة 18 ألف ليرة، والخيار البلدي 20 ألفاً، بينما يباع المستورد منه بـ13 ألفاً. ووصل سعر كيلو البندورة إلى 9 آلاف ليرة، بعد أن كان يُباع بأربعة آلاف فقط قبل أسابيع، في حين ارتفع سعر الباذنجان إلى 8 آلاف ليرة، والتفاح المحلي إلى 20 ألفاً، بينما قفز المستورد منه إلى حدود 50 ألف ليرة.
شح الإنتاج المحلي والصقيع من أبرز الأسباب
نائب رئيس جمعية حماية المستهلك، عبد الرزاق حبزة، أوضح في تصريحه أن عوامل عدّة ساهمت في هذا الارتفاع، أبرزها شح الإنتاج المحلي نتيجة قلّة الأمطار والتقلبات المناخية التي أضرت بالمحاصيل، لا سيما في البيوت البلاستيكية، إلى جانب صعوبة النقل بين المحافظات وتراجع التوريد من بعض المناطق المنتجة مثل الساحل.
كما أشار حبزة إلى أن فتح الحدود مع الأردن أدى إلى دخول كميات كبيرة من الخضار دون تنظيم كافٍ، ما خلق ارتباكًا في سوق العرض والطلب.
وفي ما يخص التفاح، بيّن حبزة أن تراجع الإنتاج سببه ارتفاع تكاليف الإنتاج من أسمدة ومبيدات وتبريد، ما دفع نحو الاعتماد على المستورد، مع تصدير كميات محدودة من المنتج المحلي، خاصة من السويداء وسرغايا.
تفاوت الأسعار... وهمّ المواطنين واحد
وفي جولة على أسواق حمص، عبّر المواطنون عن استيائهم من استمرار موجات الغلاء، رغم الحديث عن انخفاض أسعار بعض المواد الغذائية. فالكثير من المنتجات ما تزال بعيدة عن متناول شريحة واسعة من الناس، حتى في البسطات المنتشرة بالشوارع.
وقالت إحدى السيدات: "توقفت عن الدخول للمحال، حتى النظرة للبضائع أصبحت رفاهية، كل تفكيرنا محصور بكيفية تأمين طعام الأولاد".
المفارقة التي تثير غضب المستهلكين هي تفاوت الأسعار بين محل وآخر، رغم أن السلعة واحدة. فالبطاطا تُباع في محل بـ4000 ليرة، وفي آخر بـ2500، والفاصولياء بين 20 و35 ألف ليرة، وورق العنب الفرنسي بـ45 ألفاً في مكان و30 ألفاً في مكان آخر.
اللحوم حلم بعيد... والألبسة لا تناسب الجيوب
وأضافت سيدات أخريات أن أسعار الألبسة لا تزال مرتفعة رغم العروض وتخفيضات نهاية الموسم، مشيرات إلى أن الجاكيت الذي بدأ الموسم بسعر 375 ألف ليرة، يُباع الآن بـ135 ألفاً، "لكن حتى بهذا السعر لا نستطيع شراؤه".
أما اللحوم، فقد وصفتها سيدة بأنها "أصبحت ذكرى"، إذ وصل سعر كيلو لحم الخاروف إلى 120 ألف ليرة، والعجل إلى ما دون ذلك بقليل، ما جعلها خارج حسابات الأسر.
غياب الرقابة... واختلاف الأسعار لعبة التجار
صاحب بقالية في حمص أشار إلى أن الأسعار شهدت بعض الانخفاض مؤخراً، لكنه مؤقت ومرتبط بتقلبات سعر الصرف. وأكد أن "مزاجية التجار" وسعيهم لتحقيق أرباح كبيرة هو ما يتحكم بالسوق، حتى أن العبوة الواحدة تُباع بأسعار مختلفة بين محل وآخر.
وأشار آخر إلى أن المضاربات بين بعض التجار تسهم في عدم استقرار التسعير، رغم مساهمتها أحيانًا في تخفيض بعض الأسعار.
الآمال معلّقة على الإنتاج المحلي
وتوقّع عبد الرزاق حبزة أن تشهد أسعار الخضار والفواكه بعض الانخفاض مع تحسّن الطقس وبدء الإنتاج المحلي، فيما بقيت أسعار الحمضيات مستقرة بفضل التصدير الجيد.
ويذكر أن رغم المحاولات لتحريك السوق، تبقى الأسعار بعيدة عن متناول معظم المواطنين، في ظل رواتب لا تغطي أجور النقل وثمن ربطة الخبز، فيما يبقى المواطن الحلقة الأضعف في معادلة الغلاء المستمر.
أعلن وزير المالية في الحكومة السورية "محمد يسر برنية"، يوم الاثنين 21 نيسان/ أبريل، أن الوزارة باشرت بإعداد مشروع الموازنة التكميلية لعام 2025، وبدأت في الوقت نفسه التحضير لموازنة متطورة للعام 2026.
وذكر أن ذلك بالتعاون مع خبراء من داخل الوزارة وخارجها، بهدف ضمان أعلى درجات الدقة والفاعلية في وضع السياسات المالية، وفق تصريح نُشر عبر قناة الوزارة على "تلغرام".
وأكد الوزير أن موازنة 2026 ستكون مختلفة شكلاً ومضموناً، معتبراً أنها ستشكّل "نقلة نوعية" على صعيد الشفافية وتكامل الرؤية الاقتصادية، مؤكداً أن إعدادها يتم بما ينسجم مع التوجهات العامة التي أعلنها رئيس الجمهورية في خطاب تنصيب الحكومة.
وأشار إلى أن العمل على الموازنتين يتم بالتوازي، بما يلبّي الحاجة إلى التكيّف مع المتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية، مضيفاً أن الموازنة الجديدة ستكون أكثر استجابة لأولويات التنمية وتحسين الأداء المالي العام.
ويوم الأحد، نقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" عن الوزير برنية قوله إن ستعقد اجتماعات مع صندوق النقد والبنك الدوليين بهدف "إعادة إحياء التعاون مع المؤسسات المالية الدولية، وفتح قنوات للدعم الفني، وبناء القدرات".
ووصف برنية الاجتماعات المزمع عقدها بـ"الاجتماعات الفنية"، وتأتي في إطار عدة لقاءات ستجريها سوريا، بما يخدم برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي ومصالح سوريا.
والأسبوع الماضي، أجرى وزير المالية السوري مباحثات مع وفد تقني متخصص في القطاع المالي والنقدي من البنك الدولي، وتضمنت المباحثات سبل تعزيز العلاقات المالية، وتطوير وتحديث مجالات العمل المختلفة في المصارف السورية.
وكانت قدرت وزارة المالية السورية أن الدين الأجنبي للبلاد يتراوح بين 20 و23 مليار دولار، فضلا "مليارات الديون المحلية"، وذكر الوزير في تصريح سابق أنهم ورثوا "دولة متهالكة ذات خزائن فارغة وديون ضخمة"، وأنه لم تكن لدى نظام الأسد "أي سجلات يمكن العودة إليها".
ويذكر أن وزارة المالية في الحكومة السورية الجديدة تؤكد أنها "لا تملك عصا سحرية لحل مشكلات سوريا الاقتصادية"، وتشير إلى أنها ورثت قطاعا عاما 70% منه شركات خاسرة، ما يستوجب بذل جهود كبيرة ومضاعفة لتحسين مستوى المعيشة والاقتصاد السوري المتهالك بفعل نظام الأسد البائد.
كشفت وزارة الاقتصاد والصناعة عن منحها تراخيص صناعية لـ345 منشأة جديدة خلال الربع الأول من العام الجاري 2025، ما من شأنه توفير نحو 4242 فرصة عمل عند دخول هذه المشاريع حيز التشغيل الكامل.
ووفق بيانات الوزارة المنشورة على قناتها الرسمية في "تلغرام"، توزعت المنشآت الجديدة بين 76 منشأة غذائية (887 فرصة عمل)، و111 منشأة كيميائية (911 فرصة)، و94 منشأة نسيجية (2068 فرصة)، إضافة إلى 64 منشأة هندسية وفرت 376 فرصة عمل.
ويرى مراقبون أن هذه الأرقام تعكس توجهاً واضحاً نحو إعادة بناء القطاع الصناعي، لا سيما في ظل الاهتمام المتزايد بقطاعات كالغذاء والنسيج، التي لطالما شكّلت عماد التشغيل والإنتاج المحلي. كما لفتت مصادر اقتصادية إلى أن توسيع منح التراخيص يمثّل "محاولة لتعويض سنوات النزيف الصناعي التي خلّفها حكم النظام البائد"، مؤكدة أن "نجاح هذه الخطوة مرهون بترجمة التراخيص إلى تشغيل فعلي وتوفير مستلزمات الإنتاج من طاقة ومواد أولية".
حراك لعودة صناعيي الخارج وإقلاع المعامل في حلب
في سياق متصل، استقبلت المدينة الصناعية في الشيخ نجار بحلب وفداً من الصناعيين السوريين المقيمين في مصر، ضمن مساعٍ لإعادة تشغيل معاملهم المتوقفة منذ سنوات. وقال الصناعي مؤيد نجار المكلف بغرفة صناعة حلب إن الزيارة تهدف إلى "إعادة ترتيب الأولويات الصناعية وتهيئة البيئة لإقلاع المنشآت في القريب العاجل".
وأشار إلى أن الصناعي كامل صباغ شرباتي بدأ فعلياً في ترميم وتجهيز عدد من معامل النسيج المدمرة، ما يشكّل دفعة قوية لعودة الصناعة في حلب، مع وعود بتأمين فرص عمل لآلاف العمال.
وأكد رئيس غرفة صناعة حلب أن الحكومة تعمل على تسهيل عودة المستثمرين الذين غادروا البلاد، وأن الغرفة جاهزة لدعم كل صناعي يرغب في المساهمة بإحياء الاقتصاد المحلي.
شراكة مع "العمل الدولية" وخطة لتنمية الموارد البشرية
وعلى صعيد السياسات الصناعية طويلة الأمد، عقد اجتماع في مقر غرفة صناعة دمشق وريفها جمع رئيس الغرفة محمد أيمن المولوي مع خوسيه مانويل ميدينا، ممثل منظمة العمل الدولية، بهدف وضع أجندة واضحة لتطوير قطاع الأعمال، وتحسين واقع المهارات والتشغيل في الصناعات السورية، وخصوصاً عبر "مركز تنمية الموارد البشرية والمهنية" في مدينة عدرا الصناعية.
وتناول الاجتماع أيضاً إطلاق مشروع هو الأكبر من نوعه عالمياً في مجال تدريب ريادة الأعمال، حيث يضم أكثر من 15 مليون مشارك، إلى جانب تطوير برامج تستهدف إعادة دمج السوريين العائدين في سوق العمل، ورفع مهاراتهم المهنية.
دعوات لرفع العقوبات وتسهيل التصدير
وأكد الحضور في الاجتماع ضرورة العمل مع المنظمات الدولية لرفع العقوبات الاقتصادية التي تعرقل تعافي الصناعة السورية، والعمل على استقطاب الإعلام الدولي والبعثات الأجنبية لإبراز الواقع الجديد للقطاع الصناعي وخلق بيئة تشجع على الاستثمار والتصدير.
وفد تركي في حلب لتعزيز التعاون
وفي زيارة لافتة، وصل وفد من وزارة الصناعة والتكنولوجيا التركية إلى مدينة الشيخ نجار الصناعية بحلب، برئاسة نائب المدير العام للعلاقات الخارجية حسن حلمي. وناقش الجانبان تطوير البنية التحتية وفتح قنوات للاستثمار الصناعي والتكنولوجي، وسط اهتمام بإحياء المدينة الصناعية كمركز اقتصادي محوري في شمال البلاد.
وتشير قرارات وتصرفات الحكومة السورية المؤقتة التي تم تشكيلها في أعقاب الإطاحة بنظام بشار الأسد في الثامن من الشهر الجاري، إلى أن البلاد تمضي نحو نمط اقتصادي يقوم على الاقتصاد الحر، بعكس النمط السابق الذي كان يقوم على مركزية الدولة واحتكارها لأغلب وسائل الإنتاج والعمل والسيطرة عليهما.
أدان "مرصد بصمة لحقوق الإنسان" المحلي، بشدة ما وصفه بـ"جريمة إعدام ميداني" نفذتها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بحق المواطن المدني عبد الرحمن تايه داوود، البالغ من العمر 75 عاماً، في قرية مجيبرة كوكب بريف الحسكة، مطالباً بفتح تحقيق دولي عاجل ومستقل لكشف المسؤولين عنها.
ووفقاً لتقرير حقوقي صادر عن المرصد، فإن الجريمة وقعت في تمام الساعة الرابعة فجراً يوم الجمعة 18 نيسان/أبريل 2025، إثر اقتحام قوة عسكرية تابعة لـ"قسد" القرية المذكورة وقيامها بمداهمة منزل الضحية، بدعوى البحث عن نجله.
وبحسب أكثر من عشرة شهود عيان استندت إليهم فرق التوثيق الميدانية التابعة للمرصد، فقد حاول داوود الفرار من المنزل خوفاً على حياته، إلا أن أحد عناصر القوة المداهمة لاحقه وأطلق عليه النار من مسافة قريبة بواسطة بندقية رشاشة من طراز "M16"، ما أدى إلى مقتله على الفور. وقد بيّنت الصور الموثقة أن الرصاصة اخترقت مؤخرة الرأس (تحت الأذن اليسرى) وخرجت من منطقة الفك العلوي.
وأشار التقرير إلى أن عناصر القوة اقتحموا المنزل بعنف واعتدوا جسدياً على نساء وأطفال العائلة بالضرب المبرح، قبل أن ينقلوا جثمان الضحية ويبلغوا ذويه بشكل مضلل أنه مصاب بكسور ويتلقى العلاج، ليتضح لاحقاً أنه أُعدم ميدانياً، بعد تسليم جثمانه صباح الأحد 20 نيسان، حيث تم التأكد من بقائه محتجزاً في براد موتى طيلة اليومين التاليين.
وأكد المرصد أن ما جرى يعد "انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وجريمة قتل خارج نطاق القانون"، مشدداً على أن الإعدام الميداني دون محاكمة عادلة يُصنَّف كجريمة حرب تستوجب المساءلة والمحاسبة.
وطالب المرصد الجهات المختصة بفتح تحقيق عاجل وشفاف ومحايد، والعمل على ضمان محاسبة كل من يثبت تورطه في هذه الجريمة، داعياً إلى توفير الحماية للمدنيين القاطنين في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وإنهاء نمط الانتهاكات المتكررة بحق السكان المحليين.
وأشار التقرير إلى أن حالة داوود ليست الأولى من نوعها، حيث تم تسجيل عدد من الحالات المشابهة خلال العام الماضي، ما يعكس اتجاهاً مقلقاً من تصاعد الانتهاكات بحق المدنيين في مناطق الإدارة الذاتية.
استقبلت إدارة نادي الوثبة الرياضي أمام مقرها في مدينة حمص، 70 عائلة حمصية عادت من مخيم "زوغرة" قرب مدينة جرابلس شمال سوريا، وذلك ضمن الدفعة الثانية من مبادرة "قافلة العز" التي أطلقها النادي الأسبوع الماضي لتأمين عودة المهجرين قسرًا إلى مدينتهم.
وجاء الاستقبال وسط أجواء شعبية احتفالية، بمشاركة عدد من أهالي العائدين وحشد من المواطنين، إلى جانب أبناء النادي، حيث علت الأهازيج الحمصية التي أعادت إلى المدينة بعضًا من روحها المفقودة.
وقال رئيس نادي الوثبة، "نجيب الفرا" إن المبادرة تأتي انطلاقًا من الدور الاجتماعي والإنساني للنادي، مضيفًا: "أطلقنا قافلة العز الأولى الأسبوع الماضي ونجحنا في إعادة 30 عائلة، واليوم نحتفل بوصول الدفعة الثانية، ونعمل على متابعة المبادرة لتشمل أكبر عدد ممكن من العائلات".
من جهته، ثمّن منسق القافلة، أسامة الجنيد، مبادرة نادي الوثبة واصفًا إياها بـ"الإنسانية والوطنية"، مشيرًا إلى أن معظم العائلات التي تم تأمين عودتها لا تملك القدرة المادية لتكاليف السفر أو النزوح المعاكس، بعد سنوات من التهجير والمعاناة.
وعبّر العائدون عن مشاعر مختلطة من الفرح والحنين والحزن، إذ قال "عبد الرحيم البقاعي"، أحد سكان حي الوعر، والذي أُخرج قسرًا من المدينة قبل سبع سنوات: "لا توجد كلمات تصف ما أشعر به.. عدت إلى الأرض التي كبرت فيها، وبين الناس الذين أُجبرت على مغادرتهم ذات يوم".
أما الصيدلاني "خالد أبو زيد"، فأشار إلى أن لحظة الوصول إلى حمص "لا تنسى"، داعيًا إلى تسريع عملية إعادة بقية العائلات العالقة في مخيم زوغرة، والتي تعاني أوضاعًا إنسانية صعبة.
هذا وتسلّط هذه المبادرة الضوء على استمرار معاناة المهجرين السوريين في المخيمات، وضرورة تكثيف الجهود لتأمين عودتهم الكريمة، بعيدًا عن الاستخدام السياسي لقضيتهم أو إبقائهم رهائن للظروف الأمنية والاقتصادية.
كشفت مصادر إعلاميّة عن ظهور "خالد عبد الرحمن قسوم"، المدير السابق لمكتب "المقاومة الشعبية" في مدينة حماة وسط سوريا، ضمن عودة مثيرة للجدل ما أدى إلى تجدد مطالب بإبعاد مسؤولي النظام البائد وشبيحته ومحاسبتهم.
ووفقًا لـ"زمان الوصل" عودة قسوم أحد أبرز الوجوه المرتبطة بميليشيا "المقاومة السورية" يأتي في سياق ظهور عدة شخصيات ممن تورطوا في جرائم طائفية موثقة.
وجاء ذلك وسط تحركات لافتة لعناصر وقيادات سابقة في ميليشيات موالية للنظام السوري ومرتبطة بانتهاكات جسيمة بحق المدنيين.
ويُعد قسوم من المقربين لمعراج أورال، المعروف بلقب "جزار بانياس"، واسمه الحقيقي علي كيالي، المسؤول المباشر عن مجازر الساحل السوري عام 2013، وعلى رأسها مجزرتا "البيضا" و"رأس النبع" في بانياس.
وقد لعب قسوم دورًا محوريًا في ربط ميليشيا "المقاومة السورية" ببنية النظام الأمنية، خاصة في ريف حماة الغربي وريف إدلب الجنوبي، حيث نُسبت للميليشيا عمليات تصفية وتهجير طائفي.
وبحسب مصادر فإن قسوم عاد إلى مدينة حماة مستفيدًا من تسهيلات أمنية واضحة، ما يثير القلق حول نوايا النظام البائد في إعادة تفعيل أدواته القمعية القديمة عبر واجهات جديدة.
ويأتي هذا التطور في ظل استمرار ما تصفه منظمات حقوقية بـ"سياسة الإفلات من العقاب"، حيث يعمد النظام السوري إلى إعادة تدوير المتورطين بالانتهاكات، عبر منحهم أدوارًا جديدة، سواء أمنية أو إدارية، بدلًا من محاسبتهم، رغم توفر أدلة موثقة ضدهم.
وتفتح عودة قسوم إلى حماة تفتح الباب مجددًا للتساؤل حول جدية أي تسوية سياسية مستقبلية تغض الطرف عن محاسبة المتورطين في الجرائم، وتؤكد على الحاجة الملحة لمسار عدالة انتقالية حقيقية، تضع حدًا لاستمرار الانتهاكات وتمنع إعادة إنتاج أدوات القمع.
وفي سياق متصل كشفت مصادر إعلاميّة عن عودة المدعو "جمال طرابلسي"، أحد أبرز المتهمين بارتكاب جرائم حرب بحق الشعب السوري ومدير مكتب مليشيا المقاومة السورية إلى مدينة حلب بعد فراره واختفاءه عن المشهد لأشهر بعد تحرير سوريا.
ويشتهر بعلاقته الوثيقة بمعراج أورال، المعروف بـ"جزار بانياس" أو "علي كيالي"، زعيم ميليشيا "المقاومة السورية"، وهي الذراع الطائفية التي ارتكبت مجازر مروّعة بحق المدنيين في بانياس وحي البيضا، إضافة إلى مناطق متفرقة في الساحل السوري.
وكان "طرابلسي" يشغل منصب مدير مكتب هذه الميليشيا في حلب، ويُعد من أبرز مساعدي أورال على الأرض، قبل أن يختفي عن الأنظار عقب سيطرة فصائل المعارضة على حماة، حيث كان منخرطًا في القتال هناك.
وتعرض "طرابلسي" في عام 2017 لمحاولة اغتيال، ما دفعه للتواري عن الأنظار لفترة طويلة، ووفق المعلومات التي حصلت عليها "زمان الوصل"، فقد قام مؤخرًا بجولة تنقل خلالها بين إدلب وحماة، قبل أن يستقر مجددًا في حلب.
طرح نشطاء في الحراك الثوري السوري، اسم "علي كيالي" المعروف باسم "جزار بانياس" الأمين العام لميليشيا "الجبهة الشعبية لتحرير لواء إسكندرون"، على قائمة الأسماء المتورطة بالدم السوري في عهد نظام الأسد، متسائلين عن مصير الإرهابي ومكان فراره أو اختبائه بعد سيطرة الحكومة الانتقالية الجديدة على البلاد.
وفي وقت تتواصل الحملات الأمنية لملاحقة فلول النظام السوري الساقط في مناطق الساحل السوري، يغيب عن المشهد مصير "أورال" المتورط في دماء السوريين، والمعروف لولائه المطلق لنظام الأسد، وقيادته لميليشيات طائفية أغرقت في دماء السوريين، وسط مطالبات بمحاسبته إسوة بجميع القتلة والمتورطين بمأساة السوريين طيلة عقود.
ركان آخر حديث عن "أورال" في أيلول ٢٠٢٠، بعد أن أقرّت ما يُسمى بـ"الجبهة الشعبية لتحرير لواء إسكندرون"، تعرض متزعمها المجرم "علي كيالي" لمحاولة اغتيال حيث تحدثت عن هجوم شنه من وصفتهم بـ "الإرهابيين"، دون الكشف عن إصابة أو مقتل الإرهابي "كيالي"، إثر العملية.
وقالت حينها إن الهجوم نُفذ مساء الأحد، 6 أيلول 2020، على طريق "البسيط"، خلال توجه "جزار بانياس"، إلى منطقة "كسب" بريف اللاذقية الشمالي، برفقة عناصر له، وتحدثت حينها عن تبادل كثيف لإطلاق النار ما بين من وصفتها بـ "القوة المعتدية الإرهابية" ومرافقة الإرهابي، دون أن توضح مصيره، والذي بقي مجهولاً منذ ذلك الوقت.
وفي تموز يوليو 2019 تعرض "معراج أورال"، المعروف بـ "جزار بانياس"، لإصابات بالغة في محاولة لاغتياله، بتفجير عبوة ناسفة قرب سيارته، وهو في طريق عودته من منطقة جبل التركمان، في ريف اللاذقية الشمالي، الأمر الذي أكدته الميليشيات التي يتزعمها " اتهمت فيه من سمتهم "عملاء" الداخل، بالقيام بالعملية، حسب وصفها.
وبالعودة إلى معلومات عودة ذراع جزار بانياس استنكر ناشطون ذلك وسط مطالب بتحقيق العدالة ومحاسبة المجرمين التابعين للنظام البائد وخلال الأيام الأخيرة، وجه ناشطون انتقادات حادة إلى الإدارة السورية الجديدة بسبب السماح لعدد من الشخصيات الاقتصادية المرتبطة بالنظام المخلوع بالعودة إلى المشهد لا سيما الواجهات الاقتصادية المعروفة.
هذا وأثارت بعض التعيينات بغطاء الانتخابات سخط وامتعاض لدى السوريين لا سيما الفعاليات التجارية، والصناعيين الأحرار، حيث تم إعادة تدوير شخصيات تشبيحية وموالون للنظام المخلوع وإعطائهم فرصة غير مستحقة لتسلق المؤسسات الحكومية بدلاً من محاسبتهم، حيث أنهم ضالعين بالتحريض والتجييش على قتل السوريين، والفساد على كافة الأصعدة.
أعلن اتحاد الصحفيين السوريين أن عدد طلبات الانتساب وفق الآلية الجديدة تجاوز حتى الآن 1400 طلب إلكتروني، إلى جانب عشرات الطلبات الورقية التي جرى استقبالها في مراكز الاتحاد، بحسب ما أفاد محمود أبو راس، عضو المكتب التنفيذي المؤقت وأمين شؤون القيد والقبول والشؤون المهنية.
وأوضح أبو راس، في تصريح لوكالة "سانا"، أن الاتحاد أتاح تعبئة الاستمارة ورقياً في المركز الرئيسي بدمشق وفرع السويداء، استجابةً لشكاوى عدد من الصحفيين الذين واجهوا صعوبات تقنية حالت دون إتمام عملية التسجيل الإلكتروني.
وأشار إلى أنه يمكن النظر في تعميم آلية التسجيل الورقي في بقية المحافظات في حال اقتضت الحاجة، مضيفاً أن باب التقديم سيبقى مفتوحاً حتى نهاية الشهر الجاري، مع إمكانية تمديده بقرار من المكتب التنفيذي، لضمان منح جميع الصحفيين السوريين الفرصة الكاملة للانتساب.
وبحسب الآلية المعتمدة، يقوم الصحفي غير المنتسب بتعبئة الاستمارة إلكترونياً أو ورقياً، لتقوم لجنة مختصة بمراجعة المعلومات وتقييم مدى استيفائها لشروط الأهلية، يلي ذلك إجراء اختبارين كتابي وشفوي لمن يتم قبول طلبه مبدئياً، تمهيداً لحصوله على العضوية.
وكان أعلن اتحاد الصحفيين السوريين مجموعة إجراءات جديدة ضمن حزمة إصلاحات نوعية تهدف إلى تعزيز مهنية العمل الصحفي وضمان حقوق العاملين في القطاع الإعلامي في سوريا.
وذكرت مصادر رسمية أن الإصلاحات المعلنة تتعلق بوضع شروط انتساب جديدة تُحدد معايير دقيقة للعضوية، وتقسيم الرسوم وفق طبيعة العمل الحكومي أو الخاص، وربط الترقيات بالخبرة والمؤهلات الأكاديمية.
وذكر الاتحاد أن الإجراءات الجديدة الخاصة بانضمام الأعضاء تأتي بهدف تنظيم العمل الصحفي ورفع سقف المهنية مع ضمان حقوق العاملين في القطاع الإعلامي بمختلف تفرعاته.
وأضاف أنه تم تقسيم رسوم العضوية السنوية إلى درجتين رئيسيتين، الأولى للعاملين في القطاع العام "الحكومي" بواقع 50 ألف ليرة سورية، والثانية للقطاع الخاص، والتي تشمل نوعين هما، العاملون بعقود عمل ثابتة برسم سنوي قدره 250 ألف ليرة سورية.
والعاملون بشكل مستقل (فريلانسر) برسم 150 ألف ليرة سورية وأكد أن هذه الهيكلية تهدف إلى مراعاة الفروق بين طبيعة العمل في القطاعين الحكومي والخاص، وأوضح أن الاتحاد حدد شروطاً مهنية وأكاديمية للانتساب.
وتشمل هذه الشروط التحقق من صحة الشهادات التعليمية والمهنية، وتقديم وثائق تثبت سنوات الخبرة في المجال الصحفي، أو خطاب توصية من المؤسسة الإعلامية التابع لها الصحفي، كما اشترط الالتزام بأخلاقيات المهنة خلال السنوات السابقة.
مع استثناء من يعملون في إنتاج محتوى سوشيال ميديا غير المنضبط بمعايير الصحافة التقليدية وإلى جانب تقديم الوثائق أشار إلى إنه سيتم إجراء اختبارين (شفهي وكتابي) للصحفيين بعد القبول الأولي لطلبهم، لقياس مدى التزامهم بمعايير المهنة وقدراتهم العملية، كما ستُستخدم روابط العمل المقدمة كأحد الأدلة الرئيسية على مصداقية الخبرة والالتزام الأخلاقي.
ولفت إلى أنه يجري العمل لمنح العضوية الكاملة الأساسي للصحفيين ذوي الخبرة التي تزيد على خمس سنوات، مع اشتراط الحصول على شهادة جامعية، ما يمنحهم حق الترشح لهيئات الاتحاد، في حين يحصل من لديه ثلاث سنوات خبرة على صفة المشارك التي تمنحه الحقوق العامة باستثناء الترشح للانتخابات الداخلية.
واعتبر أن هناك تحديات كبيرة تواجه الإصلاحات الجديدة، أبرزها إعادة تنظيم ملفات الأعضاء الحاليين، واستعادة ممتلكات الاتحاد المهملة، وإصلاح العلاقات الداخلية والخارجية مع الجهات المحلية والعربية والدولية وأكد أن العمل جارٍ على معالجة هذه الملفات بخطوات عملية.
وكان أعلن اتحاد الصحفيين السوريين عن الشروط الجديدة للانتساب إليه، حيث فتح باب الانتساب مشيرا إلى أن التقديم متاح إلكترونياً، أو ورقياً ضمن المكتب الرئيسي للاتحاد في دمشق.
وأكد أن جميع الصحفيين الذين انتسبوا للاتحاد قبل الثامن من كانون الأول من العام الماضي، وتم تسجيل قيودهم في جداول الاتحاد مطالبون حالياً بتعبئة الاستمارة الإلكترونية، أو الورقية من أجل التحقق من بياناتهم، حيث إن التسجيل متاح للذين لم يسجلوا قبل تاريخ التحرير.
وكان أصدر رئيس مجلس الوزراء في الحكومة السورية الانتقالية قراراً يتضمن حل المؤتمر العام لاتحاد الصحفيين وتشكيل مكتب مؤقت مؤلف من عدد من الصحفيين والإعلاميين المعروفين في الثورة السورية.
ونشر "اتحاد الصحفيين في سوريا"، بيان رسمي بهذا الشأن يظهر تشكيل مكتب مؤقت برئاسة "محمود الشحود"، وعضوية كلا من "إسماعيل الرج، محمود أبو رأس، ميلاد فضل، ماجد عبد النور، علي الأمين، براء عثمان".
وفي وقت سابق أعلن الاتحاد متابعة أوضاع الإعلاميين الذين تم منحهم إجازات مأجورة أو تم اتخاذ أي قرار بشأنهم، في وقت أشارت مصادر إعلاميّة إلى أن حل المؤتمر العام لاتحاد الصحفيين خطوة إيجابية سيما مع اعتماد صحفيين من أبناء الثورة المشهود لهم.
أعلن الفاتيكان، صباح اليوم الاثنين، في بيان مصوّر، وفاة البابا فرنسيس، الزعيم الروحي للكنيسة الكاثوليكية، عن عمر ناهز 88 عاماً، لينهي بذلك حبراً بابوياً استمر 12 عاماً، تخللته أزمات صحية متعددة، ومواقف أثارت جدلاً واسعاً، خصوصاً في ملفات السلم العالمي والعدالة الاجتماعية.
ويعد البابا فرنسيس، أول بابا من أميركا اللاتينية، وقد عُرف طيلة فترة بابويته بنبرته الإنسانية المشرّعة على قضايا العالم، لا سيما تلك المرتبطة بالحروب واللاجئين والفقراء، معتبراً أن الكنيسة يجب أن تكون إلى جانب الشعوب المنكوبة، وليست معزولة عن آلامها.
مواقف ثابتة تجاه سوريا... ودعوات متكررة لإنهاء معاناة شعبها
ترك البابا فرنسيس بصمة لافتة في مواقفه المتكررة تجاه سوريا، حيث دعا مراراً إلى إيقاف القتال، ورفع العقوبات، وإعادة الأمل لشعب دمّرته الحرب. ففي 9 فبراير 2024، وجه دعوة صريحة للمجتمع الدولي للعمل على إيجاد "حلول جديدة في سوريا"، مناشداً الأطراف المعنية بضرورة الانخراط في "حوار بنّاء وجاد" يفضي إلى إنهاء معاناة المدنيين، وخاصة المتأثرين بالعقوبات الاقتصادية.
وأكد في حينه أن الشعب السوري يعيش حالة من "عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي"، تفاقمت بعد الزلزال المدمر، وعبّر عن تضامنه مع ملايين اللاجئين السوريين المنتشرين في دول الجوار كلبنان والأردن.
صلوات من أجل "سوريا المعذبة"
في مناسبات متعددة، حث البابا فرنسيس العالم على عدم نسيان "الآلام السورية"، مشيراً إلى أن الصراع في هذا البلد لا يزال من أكثر الكوارث الإنسانية تعقيداً في العصر الحديث. وفي مارس 2021، ومع حلول الذكرى العاشرة لانطلاقة الحراك الثوري السوري، أطلق البابا نداءً عاطفياً قال فيه: "أجدد ندائي لأطراف النزاع... لعلّ بصيص أمل يفتح للسكان المنهكين".
وفي خطابه أمام المؤمنين في ساحة القديس بطرس، وصف المأساة السورية بأنها "عنف لا يُطاق"، وذكّر بالملايين من الضحايا، والمفقودين، واللاجئين، معتبراً أن سوريا تعيش في "معاناة هائلة ولا سيما للفئات الأضعف: النساء، الأطفال، والمسنين".
"قرقعة السلاح" في سوريا... موقف لا يُنسى
في رسالة عيد الفصح لعام 2021، هاجم البابا سباقات التسلح واستمرار النزاعات، منتقداً بشدة صمت العالم تجاه ما يحدث في سوريا واليمن وليبيا. وقال بوضوح: "عسى أن يضع المسيح، سلامنا، حداً لقرقعة السلاح في سوريا الحبيبة التي دمرتها الحرب، حيث يعيش الملايين في ظروف غير إنسانية".
كما دعا إلى تقاسم اللقاحات مع الدول الفقيرة، ووقف استخدام المجاعات والعقوبات كأدوات ضغط على الشعوب، في سياق صريح يدعو لتغليب القيم الإنسانية على السياسات المتوحشة.
إرث بابوي ورسالة باقية
رحل البابا فرنسيس، تاركاً خلفه إرثاً من الرسائل الروحية والإنسانية، لطالما جسد فيها موقف الكنيسة إلى جانب الفقراء والمقهورين، وخصوصاً الشعب السوري، الذي نال حصة كبيرة من اهتمامه وصلواته ومبادراته الأخلاقية والدبلوماسية، وبرحيله، تطوى صفحة حبر أعاد تشكيل صورة الفاتيكان بوجه أكثر اقتراباً من معاناة الشعوب، وأكثر دعوة للسلام العادل، في عالم أنهكته الحروب والانقسامات.
عبّر أهالي بلدة قلعة الحصن في ريف حمص الغربي، عن استنكارهم الشديد لقرار الإفراج عن زياد إلياس مسوح، أحد العناصر البارزين في ميليشيا "نسور الزوبعة" التابعة للحزب السوري القومي الاجتماعي، والمتهم بارتكاب انتهاكات جسيمة خلال سنوات الحرب.
وجاء في بيان وقّعه عدد من الوجهاء والشخصيات الاجتماعية والنشطاء المحليين، أن "القرار يُعد تجاوزاً خطيراً لمبادئ العدالة وتجاهلاً لمعاناة الضحايا وذويهم، كما يمثل تهديداً مباشراً للسلم المجتمعي ومسار العدالة الانتقالية الذي تسعى الدولة السورية الجديدة لترسيخه".
وحمّل البيان، زياد مسوح المسؤولية عن جرائم متعددة تتعلق بعمليات اعتقال تعسفي وخطف مدنيين، وتعذيب ممنهج، وتصفية ميدانية خارج نطاق القانون، إضافة إلى مشاركته في اقتحام بلدات وقرى في ريف حمص الغربي وتدمير ممتلكات خاصة وعامة، خلال قيادته الميدانية إلى جانب بشر اليازجي، القائد السابق لميليشيا الدفاع الوطني.
جرائم موثقة ومطالب بالمحاسبة
وسلط البيان الضوء على عدد من الجرائم المرتكبة في قلعة الحصن ومحيطها، أبرزها (مجزرة قلعة الحصن (2014) التي سقط خلالها عشرات المدنيين، بعضهم قضى حرقاً أو تحت الأنقاض، إثر قصف مكثف خلال اقتحام البلدة، واستهداف المستشفى الميداني، حيث قصف أدى إلى مقتل كوادر طبية ومدنيين، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني، كذلك حملات تصفية ميدانية من عمليات إعدام استهدفت مدنيين وعناصر من المعارضة، وأفضت لاحقاً إلى اكتشاف مقابر جماعية موثقة.
ودعا أهالي البلدة وزارة العدل والجهات القضائية المختصة إلى اتخاذ إجراءات قانونية عاجلة وشفافة بحق زياد مسوح وكافة المتورطين في هذه الجرائم، بما يتماشى مع المادة 48 من الإعلان الدستوري الصادر في 13 آذار 2025، والتي تنص على التزام الدولة بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة.
دعوة إلى محاكمات علنية ورفض لأي تسوية
وطالب البيان بإصدار قوائم اتهام رسمية بحق المتورطين، وتقديمهم إلى محاكمات علنية تضمن حقوق الضحايا، وتحول دون عودتهم إلى الحياة العامة تحت أي صفة، وأشار الموقعون إلى أن الإفراج عن مسوح، رغم ما يواجهه من اتهامات خطيرة، "يطرح تساؤلات جدية حول مصداقية العدالة في المرحلة الانتقالية"، مؤكدين في الوقت نفسه تلقيهم تطمينات من الجهات الأمنية المختصة بأن "ما ارتُكب من جرائم لن يمرّ دون حساب".
واختتم البيان بالتشديد على أن "أبناء قلعة الحصن يقفون بثقة خلف مؤسسات الدولة، ويتمسكون بسيادة القانون، ويرفضون أي تهاون بحق من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء"، مشيرين إلى أن العدالة "لن تكتمل إلا حين يُحاسب جميع المجرمين، ويُحفظ حق الضحايا، ويُصان مستقبل سوريا بالعدل والشفافية".
ماضي دموي في الحصن وتلكلخ
يُعتبر زياد مسوح أحد الأعضاء البارزين في "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، وذراعاً تنفيذية للقيادي المدعو "اليازجي"، حيث شارك في عمليات عسكرية ضد مدنيين في مناطق الحصن وتلكلخ والزارة خلال السنوات الممتدة بين 2013 و2024. ويُتهم بالمشاركة في جرائم موثقة، أبرزها اختطاف أكثر من 20 فتاة من محيط قلعة الحصن، ما تزال مصائرهن مجهولة.
مقابر جماعية وآثار دامغة
تشير تقارير حقوقية إلى استمرار فرق تطوعية في توثيق جرائم تلك المرحلة، بينها العثور على مقابر جماعية في المنطقة يُعتقد أن مسوح وفصيله مسؤولون عنها. أحدث تلك الاكتشافات تمثل في العثور على 25 هيكلًا عظميًا داخل خزان ماء مهجور ببلدة الحصن.
غياب المحاسبة واستمرار الإفلات
وبحسب ما أورده موقع "زمان الوصل"، فإن "الحزب القومي السوري الاجتماعي" لا يزال يعقد اجتماعات دورية في منفذياته المنتشرة بوادي النصارى، وعلى رأسها منفذية تلكلخ، دون صدور أي قرار بحل ميليشيا "نسور الزوبعة" أو التحقيق في انتهاكاتها. في المقابل، تواصل قيادات بارزة في هذه الميليشيا، أمثال جورج سليم، حياتها بين المدنيين دون مساءلة.
محاولات تغطية طائفية على الجرائم
قوبل الإفراج عن مسوح بمحاولة تبرير من أطراف حزبية ووجهاء محليين، ادعوا أن مسوح "دافع عن حق المسيحيين"، في توظيف واضح للخطاب الطائفي لتبرير الجرائم. هذا الطرح قوبل برفض قاطع من عائلات الضحايا التي شددت على أن الجرائم لا تُغتفر تحت أي ذريعة دينية أو سياسية.
بيانات دعم مقابل صمت عن الدماء
رغم الأدلة المتزايدة على تورط مسوح في عمليات تصفية واختطاف وقتل، صدرت بيانات دعم له من شخصيات محسوبة على الحزب القومي وحزب البعث المنحل، طالبت بالإفراج عنه تحت ذرائع سياسية وطائفية.
إفراج يثير الشكوك حول العدالة الانتقالية
أُطلق سراح زياد مسوح دون تحقيق أو محاكمة، في خطوة أثارت استياء واسعاً بين أهالي الضحايا والناشطين الحقوقيين الذين رأوا في توقيفه – رغم قصر مدته – بارقة أمل نادرة في سياق العدالة الانتقالية. واعتبروا أن الإفراج السريع عنه يشير إلى استمرار الحصانة السياسية والعسكرية التي يتمتع بها مرتكبو جرائم الحرب.
الملف لم يُغلق رغم الضغوط
يشدد ناشطون محليون على أن قضية مسوح لن تُطوى، إذ لا تزال الأدلة قائمة من فيديوهات وصور وشهادات حية، مؤكدين أن العدالة في "سوريا الجديدة" يجب أن تطال كل من تورط في سفك الدماء، بعيدًا عن الاعتبارات الطائفية أو الولاءات الحزبية.
أعلنت مؤسسة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، عن تنفيذ سلسلة من الأنشطة الخدمية الحيوية في ريفي حلب وإدلب، ضمن إطار برنامج "تعزيز المرونة المجتمعية"، وذلك بالتعاون مع المجالس المحلية وبدعم من الاتحاد الأوروبي، بهدف تسريع وتيرة التعافي وإعادة تأهيل البنية التحتية في المناطق المتضررة، لا سيما بعد الزلزال المدمر في 6 شباط 2023.
إدارة الأنقاض وإعادة استخدامها في تأهيل الطرقات
أوضحت المؤسسة أن الأنقاض الناتجة عن الزلزال تمثل أحد أبرز التحديات أمام تعافي المناطق، سواء من حيث الخطر المباشر للمباني المهددة بالانهيار، أو من حيث أثرها الصحي والبيئي، حيث تتحول الركامات المهجورة إلى بؤر للأمراض وتكاثر الحشرات.
وعملت الفرق الهندسية للخوذ البيضاء على استثمار هذه الأنقاض من خلال إعادة تدويرها واستخدامها في مشاريع إعادة تأهيل الطرق، إذ تُستخدم كطبقة أساسية لتحسين الوصول إلى المرافق الحيوية كالمراكز الصحية والمدارس، مما يسهم في تعزيز الاستقرار والخدمات الأساسية.
وتستهدف عمليات إعادة التدوير مناطق: عفرين (حلب)، إدلب المدينة، أريحا، وجسر الشغور (إدلب). وقد بدأت الأنشطة مطلع نيسان 2025 ومن المقرر استمرارها حتى تموز من العام ذاته.
تم خلال شهر نيسان فقط:
- ترحيل أكثر من 2000 متر مكعب من الأنقاض في جسر الشغور.
- ترحيل أكثر من 1800 متر مكعب في مدينة أريحا.
وتدير الخوذ البيضاء وحدة متخصصة لإدارة الأنقاض مزودة بالآليات والخبرات الفنية المطلوبة لتقديم خدمات فعالة بالتنسيق مع المجتمع المحلي.
تأهيل البنية التحتية: الطرقات وشبكات المياه والصرف الصحي
إلى جانب معالجة الأنقاض، تمضي المؤسسة في تنفيذ مشاريع خدمية متكاملة تشمل: إعادة تأهيل الطرق، بما في ذلك تركيب بلاط الأنترلوك ضمن الأحياء الرئيسة، وتأهيل شبكات مياه الشرب والصرف الصحي**، للحد من تفشي الأمراض وتحسين الصحة العامة.
وتشمل هذه المشاريع المناطق التالية: في محافظة حلب: الأتارب، إعزاز، عفرين، اخترين، صوران، ومحافظة إدلب: إدلب المدينة، أريحا، حارم، جسر الشغور.
ومن المخطط تنفيذ أكثر من 3 كم من شبكات الصرف الصحي، وحوالي 500 متر طولي من شبكات مياه الشرب، تركيب بلاط أنترلوك بمساحة تفوق 12 ألف متر مربع.
مشاريع إزالة الأنقاض في مدينة حلب
في مدينة حلب، تنفذ الخوذ البيضاء مشروعاً لإزالة الأنقاض من أحياء الشعار، قاضي عسكر، وكرم حومد، بالتنسيق مع مجلس المدينة ومديرية الخدمات. كما يجري التحضير للمرحلة الثانية من المشروع التي ستشمل 16 حياً جديداً، ومن المتوقع أن تنطلق منتصف أيار الجاري، وفق تقارير لجنة السلامة العامة.
من الاستجابة الطارئة إلى التخطيط طويل الأمد
تؤكد المؤسسة أن هذه الأنشطة تأتي في إطار الانتقال من مرحلة الاستجابة الطارئة إلى مرحلة التنمية المستدامة، عبر مشاريع تستهدف البنية التحتية والخدمات الحيوية التي تعزز الاستقرار المجتمعي.
خلال الربع الأول من عام 2025، نفذت فرق الدفاع المدني السوري 3955 خدمة ميدانية، شملت 620 مجتمعاً و55 مخيماً. ومن أبرز الأعمال 1647 عملية لفتح الطرقات وإزالة الأنقاض، وخدمات في قطاع المياه والإصحاح، وأنشطة لوجستية لدعم التعافي المجتمعي.
التزام بمعايير العمل الإنساني
أعادت "الخوذ البيضاء" التأكيد على التزامها بالعمل بشفافية وعدالة ضمن المعايير المحلية والدولية، مع ضمان عدم التسبب بأي ضرر مباشر أو غير مباشر، وبما يصون كرامة الأفراد والجماعات في المجتمعات المستهدفة.
وتبقى الأنشطة الخدمية في ريفي إدلب وحلب نموذجاً لجهود التعافي وإعادة البناء، بعد سنوات من الدمار الناجم عن الحرب والكوارث الطبيعية، بما يعكس قدرة المجتمعات المحلية على النهوض من جديد بدعم المؤسسات الإنسانية.
قال حاكم مصرف سوريا المركزي، "عبد القادر حصرية"، إن مشاركة دمشق في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، المنعقدة في واشنطن، تشكّل محطة مفصلية في جهود البلاد لإعادة بناء اقتصادها المتضرر من الحرب.
وأوضح حصرية، في منشور عبر حسابه على "لينكد إن"، أن هذه المشاركة لا تمثّل مجرد خطوة على صعيد الدبلوماسية الاقتصادية، بل تؤسس لبداية تحول اقتصادي تأمل سوريا في تحقيقه خلال المرحلة المقبلة، بعد سنوات من العزلة والانهيار المالي.
ويشارك حصرية في الاجتماعات إلى جانب وزير المالية يسر برنية، في وقت تسعى فيه سوريا، وفق تعبيره، إلى الانتقال من حالة "الهشاشة الإنسانية" إلى "اقتصاد في طور النمو"، تمهيداً للتحول إلى "سوق ناشئة".
وأكد حاكم المصرف المركزي أن التعافي الحقيقي يتطلب تبني حوكمة مالية رشيدة، واستقطاب استثمارات مسؤولة، إلى جانب تعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية.
وأشار إلى أن المؤسسات المالية السورية تشهد حالياً عمليات إصلاح واسعة، تهدف إلى تحقيق الشفافية، والامتثال للمعايير المالية العالمية، ودعم مسار التنمية المستدامة.
ودعا المؤسسات التنموية والمالية، إضافة إلى القطاع الخاص، للمساهمة الفاعلة في عملية إعادة الإعمار، مؤكداً أن الدعم المستهدف سيساعد في بناء اقتصاد متين، يتيح الفرصة لجميع السوريين للمشاركة في صنع مستقبلهم الاقتصادي.
وكان غادر وزير المالية السوري، "محمد يسر برنية"، متوجهاً إلى العاصمة الأميركية واشنطن، للمشاركة في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ أكثر من عقدين، وتُجسد مؤشرات على بداية انفتاح سوري على المحافل الاقتصادية الدولية.
ورافق الوزير في زيارته حاكم مصرف سوريا المركزي، الدكتور "عبد القادر الحصرية"، ضمن وفد رسمي يمثل سوريا في الاجتماعات الدولية التي تنعقد بمشاركة واسعة من مسؤولي المالية والاقتصاد حول العالم.
وأكد الوزير برنية في تصريح قبيل مغادرته: "نتجه إلى واشنطن ونحن نحمل جدولاً مكثفاً من الاجتماعات واللقاءات الثنائية، وأضاف نتطلع من خلالها إلى ربط سوريا مجدداً بالنظام المالي الدولي والمجتمع الدولي، ونرجو أن تدعم هذه الاجتماعات جهودنا في إعادة إعمار سوريا".
وتسعى دمشق من خلال هذه المشاركة إلى إعادة تثبيت حضورها في المؤسسات المالية الدولية، واستكشاف فرص التعاون مع شركاء اقتصاديين محتملين في سياق سعيها لإعادة الإعمار وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي.