اعتبر الدكتور في العلوم المصرفية والمالية بجامعة القلمون والخبير الاقتصادي "نهاد حيدر"، أن التغيرات الأخيرة في سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية تقع ضمن حدود "الطبيعي" في ظل هشاشة الواقع الاقتصادي الراهن، موضحاً أن التذبذب بين 9 و11 ألف ليرة يُعد هامشاً مقبولاً.
وقال إن الاقتصادات غير المستقرة، مثل الاقتصاد السوري، تتميز بهوامش أعلى في حركة سعر الصرف، إذ إن هامشاً يتراوح بين 5% و10% يعد طبيعياً، في حين أن الاقتصادات المستقرة لا تتجاوز تقلباتها 1% أو 1.5%، وهو ما يشكل إشارة سلبية لديها، بينما يُعد أمراً اعتيادياً في الحالة السورية.
وأوضح أن مصرف سورية المركزي يتعامل مع هذه التغيرات وفق آلية "المراقبة والتوجيه"، حيث لا يتدخل ما لم يلمس أن التغير ناتج عن عوامل غير اقتصادية أو مضاربة مفتعلة. وذكر أن الأسعار في الأسواق ارتفعت وسطياً 10% خلال الفترة الماضية، رغم أن ارتفاع الدولار الطفيف كان من المفترض أن يرفعها بنسبة لا تتجاوز 5-6%.
ورأى الخبير أن الحديث عن اختراق سعر الصرف حاجز 12 أو 13 ألف ليرة يدخل في إطار المضاربات التجارية، معتبراً أنه "كلام غير مقبول" في ظل المؤشرات الحالية وأشار إلى أن زيادة الكتلة النقدية نتيجة رفع سقف السحب إلى مليون ليرة سورية انعكست على النفقات الأسرية لا على الاستثمارات، وهو ما يفسر محدودية أثرها على سعر الصرف.
وأضاف أن المرحلة المقبلة قد تشهد ضغوطاً مرتبطة بعمليات إعادة الإعمار وتمويل القروض السكنية، إذ يمكن أن يؤدي ضخ السيولة في قطاعات مثل العقارات والسيارات إلى زيادة الطلب على القطع الأجنبي لكنه لفت في الوقت نفسه إلى أن السوق المحلية تتميز حالياً بوفرة السلع وضعف الطلب، ما يحد من ضغوط إضافية على الأسعار.
هذا وختم حديثه بالتشديد على ضرورة ضبط السوق العشوائي المتمثل ببسطات ومحال العملات، مع حصر عمليات الصرف عبر القنوات الرسمية، سواء المصارف أو شركات الصرافة المرخصة، معتبراً أن هذه الإجراءات كفيلة بتقليص المضاربات وحماية سعر الصرف.
أعلن وزير الطاقة المهندس محمد البشير أن التغذية الكهربائية في سوريا ستشهد تحسناً بدءاً من اليوم، حيث تقرر تعديل برنامج التقنين ليصبح ساعتين وصل مقابل أربع ساعات قطع في معظم المحافظات.
وأوضح البشير أن هذا التحسن جاء نتيجة وصول كميات من الغاز الأذربيجاني عبر الأراضي التركية إلى محطات توليد الطاقة، ما أتاح زيادة كمية الكهرباء المنتجة ورفع القدرة التشغيلية لعدد من المحطات التي كانت متوقفة أو تعمل بشكل جزئي خلال الفترة الماضية.
وأشار الوزير إلى أن الانخفاض النسبي في درجات الحرارة خلال الأيام الأخيرة أسهم في تخفيف الضغط على الشبكة الكهربائية، الأمر الذي مكّن الوزارة من إعادة توزيع الأحمال وتحسين برامج التوزيع بما ينعكس مباشرة على المواطنين.
وأكد البشير أن الوزارة تواصل جهودها بالتنسيق مع الجهات المعنية لضمان استقرار المنظومة الكهربائية وتحقيق المزيد من التحسن خلال الفترة المقبلة، داعياً المواطنين إلى ترشيد استهلاك الكهرباء والمساهمة في دعم استقرار الشبكة.
وفي وقت سابق، أعلن وزير الطاقة محمد البشير عن حزمة خطط لتطوير قطاع الطاقة في سوريا، تشمل دراسة إنشاء شركة قابضة كبرى تشرف على توليد الكهرباء ونقلها وتوزيعها، وأخرى لإدارة ملف التعدين والفوسفات، إضافة إلى دراسة إنشاء مصفاة نفط جديدة لتمكين سوريا من التحول إلى دولة مصدّرة للمشتقات النفطية، مشيراً إلى أن تأسيس هذه الشركات سيتم بشكل تدريجي وبما يضمن الاستثمار الأمثل للموارد.
وتأتي هذه التطورات في إطار خطة أوسع لوزارة الطاقة، تضمنت إعادة تأهيل خط الغاز الواصل بين سوريا وتركيا بزمن قياسي وبكوادر وطنية، إلى جانب التحضير لزيارة رسمية إلى العراق لبحث إعادة تأهيل خط النفط الذي يربط كركوك بميناء بانياس، والحصول على منحة من البنك الدولي لإصلاح الشبكة الكهربائية التي تربط سوريا بدول الجوار.
وتعزز هذه الخطوات التعاون مع أذربيجان وقطر وتركيا، بعد توقيع مذكرة تفاهم في 12 يوليو الماضي لتوريد الغاز الطبيعي إلى سوريا عبر تركيا، حيث بدأت المرحلة الأولى مطلع الشهر الجاري بتمويل قطري، وتتضمن توريد نحو 3.4 ملايين متر مكعب يومياً لتشغيل محطات التوليد العاملة على الغاز.
قال فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في مقال نشره موقع تلفزيون سوريا بعنوان "خديعة التسطيح الشعبوي لمبدأ تقرير المصير شديد التعقيد"، إن مبدأ تقرير المصير يُعدّ واحداً من أكثر مبادئ القانون الدولي العام تعقيداً وإثارة للجدل، نظراً لما يخلقه من توتر بنيوي مع مبدأي سيادة الدولة وسلامة أراضيها، واللذين يمثلان بدورهما ركائز أساسية لا تقل أهمية عنه.
وأوضح أن هذه الثنائية شكّلت مفارقة مركزية في القانون الدولي، حيث يقتضي الاعتراف بحق الشعوب في اختيار وضعها السياسي، لكن المجتمع الدولي يلتزم في الوقت ذاته بصون استقرار الحدود ومنع تفتيت الدول.
وأشار عبد الغني إلى أن المسار القانوني للمبدأ ظل محكوماً منذ صياغة الرئيس الأميركي وودرو ويلسون له كأطروحة سياسية، قبل تحوله إلى حق قانوني معترف به في ميثاق الأمم المتحدة والصكوك الدولية اللاحقة، بميزان دقيق بين تطلعات الشعوب المشروعة ومتطلبات الاستقرار الدولي، غير أن هذا التوازن أفرز بنية هرمية جعلت ممارسة تقرير المصير مقيدة عملياً لصالح سلامة الإقليم في مواجهة المطالبات الانفصالية، رغم اعتراف القانون الدولي به كحق أساسي.
الإطار القانوني وتطور المفهوم
استعرض عبد الغني الجذور النظرية لمبدأ تقرير المصير، مبيناً أن صياغة ويلسون له كانت امتداداً لمبدأ وارد في إعلان الاستقلال الأميركي، يقوم على أن الحكومات تستمد شرعيتها من رضى المحكومين. ومن هنا، انطلق التصور بأن أي دولة لا يحق لها فرض نظامها السياسي على شعب آخر، وهو ما أسس قاعدة مفهومية تحولت تدريجياً إلى مبدأ معترف به دولياً، ومع إدراجه في ميثاق الأمم المتحدة، بدا المبدأ محاطاً بالغموض نتيجة التوازنات بين القوى الاستعمارية والدول الناشئة، الأمر الذي جعله حقاً مشروطاً في بداياته.
وأضاف أن الاعتراف القانوني تبلور أكثر مع العهدين الدوليين لعام 1966 بشأن الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث أكدا أن لجميع الشعوب حقاً غير مشروط في تقرير المصير، يتيح لها حرية تحديد وضعها السياسي وتنمية أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
لكن إعلان مبادئ القانون الدولي بشأن العلاقات الودية لعام 1970 أعاد التشديد على ضرورة عدم مساس هذا الحق بسلامة أراضي الدول واستقلالها السياسي، وهو ما رسّخ التوتر بين المبدأين وأبقى الممارسة العملية محكومة بتغليب وحدة الدولة على أي نزعات انفصالية.
تمييز بين تقرير المصير الداخلي والخارجي
أوضح عبد الغني أن القانون الدولي طوّر أشكالاً متمايزة لممارسة تقرير المصير بحسب السياقات، حيث يشكل تقرير المصير الخارجي ـ المؤدي إلى قيام دولة مستقلة ـ الشكل الأكثر صعوبة وندرة، بينما برز تقرير المصير الداخلي، القائم على الحكم الذاتي أو الديمقراطية التشاركية داخل الدول، بوصفه الشكل الأكثر قبولاً للتنفيذ. كما ظهرت فئات أخرى مثل تقرير المصير الخاص بالشعوب الأصلية أو تقرير المصير الاقتصادي، لكنها بقيت خاضعة للقيود التي يفرضها مبدأ السلامة الإقليمية.
وأضاف أن فقهاء القانون يرون في التفاعل بين تقرير المصير وسيادة الدولة أحد أكثر تناقضات القانون الدولي تعقيداً، إذ تحظر المادة 2 (4) من ميثاق الأمم المتحدة التهديد بالقوة أو استخدامها ضد وحدة الدول، ما يضع عائقاً أمام أي محاولات انفصال. وأكد أن الاستثناءات المعترف بها تنحصر في حالات الاستعمار أو الاحتلال الأجنبي أو الأنظمة العنصرية، ما يعني أن الغالبية العظمى من الحركات الانفصالية المعاصرة لا تجد سنداً قانونياً كافياً لمطالبها.
المعايير القانونية ومعضلة الاعتراف
بيّن عبد الغني أن المعايير القانونية التي تحكم تقييم مطالبات تقرير المصير ما تزال موضع خلاف وتطبق بشكل غير متسق، وهو ما يعكس الطابع السياسي لقرارات الاعتراف. فبينما يحظى تقرير المصير الداخلي بقبول أوسع، يبقى تقرير المصير الخارجي مقيداً جداً خارج السياق الاستعماري.
ولفت إلى أن إعلان الاستقلال لعام 1960 أقرّ حقاً غير مشروط للشعوب المستعمَرة في الاستقلال، لكن خارج هذا الإطار لا يُسمح بالانفصال إلا في ظروف نادرة، مع ظهور فكرة "الانفصال العلاجي" في الأدبيات، باعتباره مبرراً محتملاً في حال تعرضت جماعة ما لقمع جسيم وفشلت كل سبل الانتصاف، غير أن هذه النظرية لم تترسخ كقاعدة قانونية مستقرة.
وأشار إلى أن مبدأ "الحيازة القائمة" (uti possidetis juris) الذي ينص على تثبيت الحدود الإدارية الموروثة عند الاستقلال، شكل آلية للحد من تفكك الدول، وقد جرى تطبيقه في أميركا اللاتينية وأفريقيا وفي حالات تفكك الاتحاد السوفيتي ويوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا.
ورغم أنه ساهم في حفظ الحدود القائمة، فقد أثار جدلاً لكون الحدود لم تُرسم أساساً كحدود دولية. كما أن قرارات لجنة بادينتر حول يوغوسلافيا أسهمت في تكريس تفسيرات قانونية متناقضة أحياناً، حيث دعمت هويات قومية ضمن حدود ثابتة، ما زاد من تعقيد المشهد.
وأكد عبد الغني أن رفض معظم مطالبات تقرير المصير يعكس تداخل القانون بالسياسة، حيث يمنح المجتمع الدولي الأولوية لاستقرار الدول على حساب تطلعات الاستقلال، مشيراً إلى أن الدساتير الوطنية بدورها تشكل حاجزاً داخلياً أمام الانفصال، إذ تحظر كثير منها ذلك صراحة، وهو ما يحترمه القانون الدولي.
إشكالية "الشعوب" والنظرية العلاجية
لفت عبد الغني إلى أن غياب تعريف دقيق لمفهوم "الشعوب" المخولة بممارسة تقرير المصير يزيد من صعوبة الاعتراف بالمطالبات، إذ تستغل الدول والمنظمات هذا الغموض للطعن في أهلية جماعات معينة لصفة "الشعب". وأكد أن الحسابات الاقتصادية والأمنية كثيراً ما تطغى على الحجج القانونية، حيث تخشى الدول من سوابق قد تشجع حركات انفصالية مماثلة، وهو ما يجعل الحفاظ على الحدود القائمة أولوية ثابتة.
وتطرق إلى نظرية "الانفصال العلاجي" كإطار محتمل لتبرير الانفصال خارج الاستعمار، لكنه أوضح أنها ما تزال نظرية مثار جدل وغير مقترنة بتطبيق عملي واضح. واستعرض المعايير النظرية التي تضعها بعض الأدبيات، مثل وجود شعب متميز يتعرض لاضطهاد جسيم، مع استحالة تحقيق تقرير المصير الداخلي، وأن يكون الانفصال خياراً أخيراً. لكنه أشار إلى أن الاعتراف الفعلي يبقى رهناً بالاعتبارات الجيوسياسية أكثر من التزامات قانونية.
الخاتمة
خلص فضل عبد الغني إلى أن العلاقة بين حق تقرير المصير وسيادة الدولة في القانون الدولي تكشف عن بنية معقدة تعترف بالمبدأ كحق أساسي، لكنها تفرض قيوداً صارمة على ممارسته لصالح سلامة الإقليم.
وأكد أن القانون الدولي يفضل الحلول الداخلية القائمة على الديمقراطية التشاركية والحكم الذاتي وحماية حقوق الأقليات، بدلاً من تشجيع الانفصال. وأضاف أن تقييد الاعتراف، وارتباط القرارات بالسياسة الدولية، وغياب معايير واضحة، كلها عوامل تجعل من مطالبات تقرير المصير حالات استثنائية نادرة النجاح، وتعكس بوضوح أولوية الحفاظ على استقرار الدول ومنع تفككها على حساب طموحات الاستقلال.
قُتل الشاب محمد جاسم الحميدي تحت التعذيب في سجون "قوات سوريا الديمقراطية – قسد"، بعد ساعات قليلة من اعتقاله على أحد حواجزها بريف تل تمر شمالي الحسكة.
وقالت مصادر محلية إن الحميدي، المنحدر من بلدة مركدة جنوبي الحسكة، اعتُقل عند حاجز أبو راسين إثر مشادة كلامية مع عناصر "قسد"، قبل أن تتلقى عائلته بلاغاً بوفاته داخل المعتقل. وأوضحت أن الضحية كان وحيداً لعائلته ويعمل في الزراعة.
وأكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير صدر مطلع آب الجاري، توثيق 36 حالة احتجاز تعسفي نفذتها "قسد" خلال الشهر الماضي، بينهم 5 أطفال، إضافة إلى مقتل 5 مدنيين بينهم طفلان. وأشار التقرير إلى أن محافظة الرقة سجلت النسبة الأعلى من حالات الاحتجاز، تلتها دير الزور ثم الحسكة.
وبيّن التقرير أن حالات الاحتجاز في مراكز "قسد" تجاوزت بكثير أعداد المفرج عنهم، لافتاً إلى أن الاعتقالات غالباً ما تطال مدنيين بسبب انتقادهم لممارسات "قسد". كما وثق التقرير استمرار تنفيذ عمليات دهم جماعية بذريعة ملاحقة خلايا تنظيم الدولة، لكنها شملت مدنيين لم تكن لهم أي صلة بالتنظيم.
وأشار التقرير إلى أن جزءاً من حالات الاعتقال استهدف مدنيين بهدف سوقهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد، لا سيما في محافظتي دير الزور وحلب. كما شملت حالات أخرى أشخاصاً عبروا عن مواقف ناقدة لسياسات "قسد" أو طالبوا بخدمات أساسية في مناطق سيطرتها.
وسلط التقرير الضوء على أن هذه الممارسات أدت إلى تصاعد القلق بين السكان المحليين، الذين يعيشون بين ضغوط الاعتقال التعسفي ومخاطر غياب المحاسبة، الأمر الذي يعمق شعورهم بانعدام الأمان ويزيد من هشاشة الأوضاع الإنسانية والاجتماعية في شمال شرقي سوريا.
أعلن قتيبة إدلبي، مسؤول الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية السورية، إلغاء الاجتماعات التي كان من المقرر عقدها في باريس بين وفدي الحكومة السورية و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، مؤكداً أن مسار التفاوض بين الطرفين ما يزال قائماً داخل البلاد.
وأوضح إدلبي في مقابلة مع قناة "رووداو" أن الاجتماعات ستتواصل في دمشق وفي مناطق شمال شرقي سوريا، لافتاً إلى أن اللجان التقنية بدأت فعلياً خطوات عملية لمناقشة تفاصيل تنفيذ اتفاق العاشر من آذار، والانتقال إلى المرحلة التنفيذية على الأرض. وقال: "لدينا خطوات ملموسة تجري حالياً سواء في دمشق أو الحسكة أو مناطق أخرى، بما يضمن تفعيل بنود الاتفاق وبدء تطبيقه بشكل تدريجي".
وبيّن أن صيغة دمج "قوات سوريا الديمقراطية" لا تختلف عن آلية دمج بقية الفصائل التي انخرطت في صفوف الجيش السوري، مؤكداً أن عملية الدمج ما تزال جارية، والغاية منها الاستفادة من الخبرات القتالية وفق متطلبات الجيش ومصالح البلاد. وشدد على أن الحكومة ترفض أي نموذج "دولة داخل الدولة"، مشيراً إلى أن الاستقرار في سوريا لن يتحقق إلا بوجود جيش وطني موحد ودولة مركزية واحدة.
وعن سبب رفض دمشق المشاركة في اجتماعات باريس بعد "مؤتمر الحسكة"، أوضح إدلبي أن المؤتمر جرى بصيغة خاطئة، منح منبراً لشخصيات مرتبطة بنظام الأسد وقدّم القضايا في إطار طائفي وعرقي، وهو ما اعتبرته الحكومة خطأً جوهرياً.
وأكد أن التواصل المباشر بين الرئيس أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي، أتاح آفاقاً أوسع لتطبيق اتفاق آذار بعيداً عن أي تدخل خارجي، مضيفاً أن الحوار السوري – السوري يثبت أن الحلول الوطنية أكثر جدوى من أي مفاوضات ترعاها عواصم دولية.
وكانت الحكومة السورية قد أعلنت رسمياً انسحابها من مفاوضات باريس، معتبرة أن مؤتمر الحسكة مثّل "ضربة لجهود التفاوض". ونقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" عن مصدر حكومي قوله إن دمشق لن تجلس مع أي طرف يسعى لإحياء عهد النظام المخلوع بشار الأسد تحت أي غطاء.
ودعا المصدر "قسد" إلى الانخراط الجاد في تنفيذ اتفاق 10 آذار، مطالباً الوسطاء الدوليين بأن تكون دمشق هي الوجهة الوحيدة لأي مفاوضات تخص مستقبل البلاد. كما شدد على أن الدولة تضمن حق المواطنين في الحوار والتجمع السلمي، شرط أن يتم في إطار المشروع الوطني الجامع الذي يحفظ وحدة سوريا أرضاً وشعباً وسيادة.
يواجه العائدون إلى بعض القرى في ريف إدلب الجنوبي مشهداً قاسياً، إذ ما تزال الأنقاض والركام تملأ المكان وتحجب ملامح القرى والبلدات التي هُجرت لسنوات طويلة. هذا الواقع لا يضاعف معاناة من عادوا فقط، بل يمنع الكثير من النازحين من اتخاذ قرار العودة إلى ديارهم.
اضطر عدد كبير من الأهالي إلى نصب خيامهم أو إعادة استخدام الكرفانات التي لجؤوا إليها خلال النزوح، فوق أنقاض منازلهم المدمرة، بعدما عجزوا عن إعادة الإعمار نتيجة أوضاعهم المعيشية الصعبة. بات من المألوف اليوم رؤية عائلات تعيش في خيام أو كرفانات أو داخل منازل مدمرة جزئياً، متحملة الأعباء النفسية والأمنية لهذا الوضع.
أوضح بعض السكان أن ضعف الإمكانات المادية وغياب المعيل أو فقدان الأبناء والأقارب القادرين على المساعدة حالت دون الشروع في إعادة البناء. كما أن سنوات الحرب والنزوح قضت على الموارد التي كانوا يملكونها، ما جعل إعادة ترميم منازلهم شبه مستحيلة. ووسط غياب الدعم المالي واللوجستي، يجدون أنفسهم عالقين في ظروف لا تتيح لهم سوى العيش في مأوى مؤقت.
خلال جولة ميدانية في بعض القرى، ظهرت معاناة الأهالي بوضوح، إذ اشتكى كثيرون من الحرارة المرتفعة داخل الخيام في فصل الصيف، حيث يصبح النوم والاستراحة أمراً بالغ الصعوبة، وتزداد المخاوف من الإصابة بضربة شمس أو أمراض أخرى. أما في الشتاء، فتتحول الخيام إلى مأوى هشّ أمام البرد القارس والأمطار.
إلى جانب المشقة المعيشية، تحدث الأهالي عن آثار نفسية عميقة، أبرزها فقدان الشعور بالأمان والاستقرار، والخوف على الأطفال وكبار السن من الأمراض. كما عبّروا عن شعورهم بعدم السيطرة على تفاصيل حياتهم اليومية وسط هذا الواقع الهش. ومع ذلك، يتمسكون بالبقاء في قراهم، معتبرين أن العودة إلى أرضهم أفضل من البقاء بعيدين عنها مرة أخرى.
تضاف إلى هذه المعاناة مشاكل أخرى مرتبطة بانعدام الخدمات الأساسية، إذ تغيب المراكز الصحية عن المنطقة، بينما تبقى مياه الشرب سلعة يشترونها بثمن، في حين لا تتوفر الكهرباء نهائياً. ويؤكد العائدون أن وجود الأنقاض والركام يزيد من صعوبة الحياة اليومية ويجعل العودة الحقيقية إلى بيوتهم حلماً بعيد المنال.
رغم كل ذلك، يواصل أهالي ريف إدلب الجنوبي تمسكهم بأرضهم وحقهم في الحياة الكريمة، متحدين الظروف القاسية بالصبر والإصرار، على أمل أن يأتي اليوم الذي يزيلون فيه الأنقاض ويعيدون بناء بيوتهم ليستعيدوا شعورهم المفقود بالاستقرار.
أعلنت نقابة أطباء الأسنان في سوريا، يوم الأحد 17 آب، عن رفع الرواتب التقاعدية للأطباء المتقاعدين بنسبة 50%، على أن يبدأ تطبيق القرار اعتباراً من مطلع أيلول المقبل.
وأوضحت النقابة أن نحو 1300 متقاعد من الأطباء وورثتهم سيستفيدون من هذه الزيادة، مذكّرة بزيادة سابقة بلغت 100% على الرواتب التقاعدية كانت قد أقرتها في بداية العام 2025.
وبيّنت الإحصاءات أن إجمالي المبالغ المصروفة كرواتب تقاعدية خلال عام 2024 بلغ حوالي مليار ونصف ليرة سورية، فيما وصل إجمالي ما صُرف خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2025 إلى نحو مليار و700 مليون ليرة سورية. ومع الزيادة الجديدة، توقعت النقابة أن ترتفع الرواتب التقاعدية المصروفة مع نهاية العام إلى حدود مليارين و500 مليون ليرة سورية.
كما أشارت النقابة إلى أنها صرفت نحو مليار و240 مليون ليرة سورية كتعويضات نهاية خدمة لـ 62 طبيباً تقدّموا بطلبات تقاعد خلال النصف الأول من العام الجاري.
وأكدت النقابة أن هذه الخطوة تأتي في إطار تخفيف الأعباء المعيشية عن الأطباء المتقاعدين وورثتهم، وتوفير دعم إضافي لهم في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
تداول ناشطون تسجيلاً مصوراً من بلدة الحجيرة بريف دمشق، يوثق وقوع مشادة كلامية بين مجموعة من عناصر الأمن الداخلي وأحد المدنيين خلال مهمة أمنية، قبل أن يتطور الموقف إلى عراك بالأيدي وسط تجمع للأهالي، بينهم نساء.
وبحسب ما ورد، فإن الحادثة وقعت أثناء عمليات تفتيش في البلدة، حيث وُصف ما جرى بأنه تجاوز من عناصر الأمن بحق المدنيين، نظراً لأن مهمة التفتيش الأمنية يُفترض أن تُنفذ دون تعريض الأهالي للاعتداء أو الإهانة.
وأثارت المشاهد المتداولة ردود فعل واسعة، إذ دعا ناشطون وزارة الداخلية السورية إلى محاسبة العناصر المتورطين بالحادثة وفتح تحقيق يضمن عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات، مؤكدين أن حفظ الأمن يجب أن يقترن باحترام كرامة المواطنين.
وفي وقت سابق أثار مقطع مصور التقطته إحدى كاميرات المراقبة في مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي موجة واسعة من الاستياء والغضب في الأوساط الشعبية، عقب توثيقه لحظة اعتداء عدد من عناصر الشرطة على رجل مدني وسط الشارع، في حادثة رافقت عملية اعتقال شقيقه على خلفية دعوى قضائية عائلية.
وظهر الفيديو، الذي انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، قيام عناصر من الشرطة التابعة لمخفر سرمدا بضرب المواطن "محمود أحمد سليم" بشكل مبرح أمام المارة، ما أدى إلى فقدانه الوعي وسقوطه أرضًا، قبل أن يغادر عناصر الدورية المكان دون تقديم أي إسعاف للمعتدى عليه، ما أثار موجة انتقادات حادة في الشارع المحلي، وُصفت الواقعة بأنها "انتهاك واضح لحقوق الإنسان واستخدام مفرط للقوة".
وفي وقت سابق أكد وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، توقيف رئيس دورية والعناصر المرافقين له، على خلفية مداهمة منزل الشاب عبدالقادر ثلجي في منطقة المزة في العاصمة السورية دمشق.
وقال الوزير، خطاب، في منشور عبر منصة “إكس” اليوم، 31 من تموز، إنه يتابع موضوع الشاب ثلجي بشكل شخصي، مشيرًا إلى إصدار أوامر بتوقيف رئيس الدورية والعناصر المرافقة على ذمة التحقيق، وقدّم خطاب اعتذارًا رسميًا لعائلته، مؤكدًا محاسبة أي تجاوز وفق القانون.
وكانت أعلنت وزارة الداخلية السورية عن توقيف عدد من عناصر عسكرية اعتدوا على مدنيين في مدينة دمشق، وذلك بعد انتشار مقطع فيديو يوثق الحادثة على وسائل التواصل الاجتماعي. وأكدت الوزارة إحالة الموقوفين إلى القضاء.
كشفت مصادر مقربة من "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) و"مجلس سوريا الديمقراطية" والإدارة الذاتية، أنهم يحضرون لعقد مؤتمر تشاوري في مدينة الرقة شمال شرقي سوريا، بمشاركة أطراف سياسية ومكونات اجتماعية متعددة من داخل المنطقة وخارجها.
وأوضح منظمو المؤتمر أن التحضيرات شملت مشاورات مع قوى اجتماعية وتيارات سياسية لا تقتصر على شمال شرق سوريا، وإنما تمتد إلى مناطق أخرى، مؤكدين أن الهدف يتمثل في التوصل إلى مبادئ دستورية جديدة غير مدرجة في الإعلان الدستوري المؤقت، تمهيداً لعرضها على الحكومة السورية الجديدة للتفاوض بشأنها.
وبيّنت قسد ومسد أن هذا المؤتمر يندرج ضمن سعيهما لتقديم نفسيهما كمشروع سياسي "جامع ومرن"، قادر على استيعاب التنوع الأيديولوجي والاجتماعي والديني في سوريا، وذلك بعد مؤتمر الحسكة الذي انعقد في الثامن من آب الجاري تحت عنوان "وحدة موقف المكونات"، والذي دعا إلى دولة لا مركزية ودستور يضمن التعددية العرقية والدينية والثقافية.
وكانت أعلنت "عشائر الجزيرة والفرات" ومعها غالبية العشائر السورية في 15 آب/أغسطس، رفضها لمؤتمر الحسكة وما صدر عنه، معتبرة أن المشاركين فيه "ارتضوا أن يكونوا أداة لمشروع انفصالي لا يمثل إلا أصحابه". وأكدت العشائر أن من تحدث باسمها "لا يمثلون إلا أنفسهم"، مشددة على أن القبائل العربية "قدمت دماء أبنائها دفاعاً عن وحدة الأرض السورية ولن تقبل المساس بها".
واتهم البيان "قسد" بالمسؤولية عن تهجير العرب وتجنيد القاصرين وارتكاب انتهاكات واسعة طالت الحريات والثروات واعتقال النشطاء، مؤكداً أن العشائر تقف خلف الدولة السورية "على أسس الكرامة والمساواة والمواطنة الكاملة التي يضمنها الإعلان الدستوري"، وداعياً المشاركين في المؤتمر إلى التراجع الفوري عن "هذه الفعلة المشينة".
من جهته، كان رأى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن "مؤتمر الحسكة" يمثّل خرقاً للاتفاق الموقع مع قسد في 10 آذار/مارس الماضي، موضحاً خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة أن المؤتمر "لا يعكس إرادة الشعب السوري ولا الغالبية العظمى من النخب العشائرية والدينية وحتى الكردية".
بعد سقوط نظام الأسد، أُتيحت لآلاف النازحين السوريين، سواء في الداخل أو الخارج، فرصة العودة إلى موطنهم بعد سنوات طويلة من النزوح والغربة، وسط مرحلة جديدة طالما انتظروها. ومع عودة الحياة تدريجياً إلى مسارها الطبيعي، شرع كثير من العائدين في استعادة تفاصيل حياتهم اليومية، وعلى رأسها متابعة تعليم أبنائهم.
إلا أن الطلاب السوريين العائدين من دول المهجر، لا سيما من تركيا وأوروبا، يواجهون تحديات كبيرة في الاندماج ضمن المنظومة التعليمية المحلية، وأبرزها ضعف إتقان اللغة العربية. فقد قضى العديد منهم سنوات دراستهم في مدارس لا تعتمد العربية لغة أساسية، ما أحدث فجوة لغوية أثرت مباشرة على مستواهم الأكاديمي وأعاقت قدرتهم على التفاعل مع المناهج السورية.
أهمية اللغة العربية في نظام التعليم السوري
تُعتبر اللغة العربية مادة أساسية في النظام التعليمي السوري، إذ تشكّل العمود الفقري لفهم باقي المواد الدراسية وتعزيز التحصيل الأكاديمي. وتشمل هذه المادة مهارات القراءة والكتابة والقواعد النحوية والبلاغة، ما يجعل إتقانها ضرورياً للنجاح الدراسي. كما أنّ لها وزناً كبيراً في تقييم الطلاب، سواء في شهادة التعليم الأساسي أو الثانوية العامة، ما يجعلها مفتاحًا للتميز الأكاديمي وبناء قاعدة صلبة لمستقبل الطالب التعليمي.
جهود فردية
وبحسب عدد من الأمهات اللواتي تحدثنا إليهن، فقد بذلن جهوداً كبيرة خلال سنوات النزوح لدعم أبنائهن في تعلم اللغة العربية. فبعضهن قام بتعليم أطفالهن بأنفسهن، مستعينةً بالمعرفة التي يمتلكنها، فيما لجأت أخريات إلى الاستفادة من قنوات اليوتيوب والمنصات التعليمية الإلكترونية التي تقدم دروسًا في اللغة العربية، لتعويض الفجوة اللغوية الناتجة عن سنوات الدراسة خارج المدارس العربية.
استراتيجيات الأهالي بعد العودة لمواجهة ضعف اللغة العربية
بعد العودة إلى الوطن وبدء الالتحاق الفعلي بالمدارس، واجه الطلاب العائدون تحدياً كبيراً يتمثل في ضعفهم في مادة اللغة العربية. لمواجهة هذه المشكلة، لجأ بعض الأهالي إلى التعاقد مع مدرسين لتقديم دروس خصوصية لأبنائهم، وكانت هذه الخطوة غالباً حكراً على العائلات الميسورة.
في المقابل، اعتمد بعض الأهالي على تسجيل أبنائهم في دورات ومعاهد تعليمية خاصة، فيما فضّل آخرون المدارس أو البرامج التي تقدّم أنشطة تعليمية مجانية، سعياً لتعزيز مهارات أبنائهم اللغوية رغم محدودية الإمكانيات المالية.
"مبادرة جذوري"
هناك مبادرات عديدة انطلقت لدعم الطلاب العائدين، ومن أبرزها مبادرة "جزوري"، التي تهدف إلى تعزيز مهارات اللغة العربية لدى الطلاب السوريين العائدين من دول الاغتراب. وفي تصريح خاص لشبكة شام، أوضحت سوسن السعيد، المديرة التنفيذية لمنظمة "بارقة أمل"، أن البرنامج شمل ٢٢٠ طالباً تتراوح أعمارهم بين ٦ و١٨ عاماً، تم توزيعهم على ١٠ صفوف في ٣ مدارس، بعد إجراء تقييم مبدئي لكل طالب لتحديد مستواه وإلحاقه بالبرنامج المناسب له.
وتشير السعيد إلى أن المشروع يهدف إلى سد الفجوة اللغوية الناتجة عن سنوات الدراسة في مدارس غير عربية، وتقليل انعزال الطلاب عن زملائهم ومحيطهم الاجتماعي، وتخفيف الضغط النفسي والمالي عن الأهالي، حيث يُقدّم البرنامج مجاناً، بما في ذلك الكتب والمواد التعليمية.
واجه الطلاب العائدون تحديات كبيرة بسبب ضعفهم في مادة اللغة العربية، وقد دفع هذا الواقع الأهالي للتحرك بشكل عاجل لسد الفجوة اللغوية، خاصة أن اللغة العربية تعد حجر الأساس في النظام التعليمي السوري. ولضمان تحصيل علمي متكامل وتمكين أبنائهم من الاندماج في بيئتهم المدرسية الجديدة، لجأ الأهالي إلى تنظيم دورات تعليمية ودروس خصوصية، بما يعزز مستوى الطلاب ويوازي ما يحققه أقرانهم في الداخل.
أكد تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الأميركية للكاتب إيفار يانسن أن الطريق نحو عودة آمنة للاجئين السوريين بعد سقوط نظام بشار الأسد ما زال مليئاً بالعقبات، موضحاً أن الحكومة السورية الجديدة بحاجة إلى خطة شاملة مدعومة بتمويل دولي ورقابة فعالة وإسناد سياسي واسع كي تحقق النجاح المطلوب.
وأشار التقرير إلى أن ملف توقيت استقبال ملايين السوريين النازحين يتصدر الخطاب السياسي في أوروبا، حيث بدأت عدة دول أوروبية، بعد تشكيل الحكومة الانتقالية برئاسة أحمد الشرع، بتعليق طلبات اللجوء والنظر في ترحيل اللاجئين نتيجة الضغوط الداخلية. ومع وجود أكثر من 14 مليون سوري نازح حول العالم، بينهم 6 ملايين في دول الجوار وأوروبا، تزداد الحاجة لإيجاد حلول عاجلة.
وقال يانسن إن نحو نصف مليون سوري عادوا بالفعل إلى بلادهم، لكنهم واجهوا واقعاً صعباً يتمثل في استمرار العنف المتقطع وضعف الأمن ودمار البنية التحتية وانهيار الخدمات، مما أعاق اندماجهم وأثار الشكوك حول جدوى العودة الجماعية.
كما حذّر من خطورة الوضع الصحي في البلاد نتيجة نقص الأطباء والمعدات وارتفاع إصابات الألغام ومخلفات الحرب، وهو ما قد يفاقم الأزمة إذا حصلت عودة كبيرة في وقت قصير.
ورغم وعود الحكومة بإجراء انتخابات وضمان حماية الأقليات ورفع بعض العقوبات الأميركية والأوروبية، يطرح التقرير السؤال الجوهري: هل سوريا جاهزة بالفعل؟ ويرى أن النسيج الاجتماعي والسياسي لا يزال هشاً، وأن أي عودة متسرعة قد تتسبب في نزوح جديد إذا اندلعت اضطرابات جديدة.
وحدد الكاتب أربعة أعمدة أساسية لا بد من تحققها قبل أي عودة واسعة، وهي: ترسيخ الأمن وضمان حماية الأقليات، إعادة بناء الخدمات الصحية والمرافق العامة، معالجة أزمة الألغام، وضمان حقوق الملكية للمهجّرين.
أما على الصعيد الدولي، فيوضح يانسن أن الدعم الخارجي عنصر محوري، حيث بدأت دول خليجية بتقديم مساعدات، فيما خصص الاتحاد الأوروبي 2.5 مليار يورو لبرامج الاستقرار، إلا أن حجم التمويل يبقى دون المطلوب. ودعا إلى توجيه الموارد نحو مشاريع المصالحة والأمن المجتمعي وإعادة الدمج، مشدداً على ضرورة إنشاء لجنة دولية مستقلة لمعالجة نزاعات الملكية على غرار تجربة البوسنة والهرسك.
وخلص التقرير إلى أن عودة اللاجئين السوريين ستظل مرهونة بمسار طويل ومعقد، يتطلب الصبر والدعم الدولي والمصالحة المجتمعية والسياسية، مؤكداً أن تحقيق الأعمدة الأربعة يمثل شرطاً أساسياً قبل الحديث عن عودة آمنة ومستدامة.
انطلقت مساء أمس من مطار دمشق الدولي أولى رحلات الخطوط الجوية السورية إلى مطار معتيقة في العاصمة الليبية طرابلس، في خطوة تؤكد رغبة الجانبين السوري والليبي في تعزيز التعاون بمجال النقل الجوي وتسهيل حركة المسافرين بين البلدين.
وأوضح مدير الخطوط الجوية السورية الكابتن سامح عرابي في تصريح لوكالة "سانا" أن الرحلات الحالية تُعد "عارضة" وليست منتظمة، حيث لم تُحدد لها أيام ثابتة بعد، مشيراً إلى أنها مرتبطة بحجم الطلب والحمولات المتاحة.
وبيّن عرابي أن العمل جارٍ لاستكمال الموافقات الأمنية والبروتوكولات الخاصة لتسيير رحلات إلى مدينة بنغازي، مؤكداً أن إطلاق رحلات منتظمة سيكون قريباً عقب زيارة وفد من الطيران المدني الليبي لمطاري دمشق وحلب واستكمال الإجراءات اللازمة.
وذكرت الخطوط الجوية السورية عبر منصتها على "تلغرام" أن الرحلة وصلت إلى مطار معتيقة فجر اليوم، وكان في استقبالها مدير المطار إبراهيم فركاش، إلى جانب وفد من وزارة الخارجية والمغتربين السورية برئاسة معاون الوزير محمد الجفال.
وأضافت أن الرحلة أقلّت في عودتها إلى دمشق عدداً من الركاب السوريين الذين عبّروا عن ارتياحهم لإعادة افتتاح هذا الخط الجوي وتلبية مطالبهم بربط البلدين عبر رحلات مباشرة.
يشار إلى أن الخطوط الجوية السورية كانت قد دشنت في السابع من الشهر الماضي أولى رحلاتها من مطار حلب الدولي إلى مطار دبي، ضمن خطتها لتوسيع شبكة وجهاتها وتعزيز حضورها في الأسواق العربية والدولية.