
إدانات عربية ودولية واسعة لتفجير كنيسة مار إلياس في دمشق
أثار التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة السورية دمشق، يوم الأحد 22 يونيو، موجة إدانات عربية ودولية غير مسبوقة، وسط دعوات واسعة لمحاسبة الجناة وتعزيز حماية دور العبادة في البلاد التي تخطو خطواتها الأولى نحو التعافي من عقد دموي من الحرب والانقسام.
وبحسب الرواية الرسمية، اقتحم انتحاري ينتمي إلى تنظيم داعش الكنيسة أثناء أداء قداس الأحد، حيث أطلق النار على المصلّين قبل أن يفجّر نفسه مستخدمًا حزامًا ناسفًا. وأسفر الهجوم عن مقتل 25 شخصاً وإصابة أكثر من 60 آخرين بجروح متفاوتة، في واحدة من أكثر الهجمات دموية منذ سقوط نظام الأسد.
الرئيس السوري أحمد الشرع قدّم تعازيه لأسر الضحايا، واصفًا التفجير بـ"الجريمة البشعة"، ومؤكدًا أن الحكومة ستعمل ليلًا ونهارًا لضبط المتورطين وتقديمهم للعدالة. كما دعا إلى التكاتف والوحدة في مواجهة الإرهاب، متمنيًا الشفاء العاجل للجرحى، ومعلناً أن سوريا ستظل صامدة أمام كل محاولات زعزعة استقرارها.
وشهد الداخل السوري مواقف رسمية متتابعة، حيث دان وزير الداخلية أنس خطاب الهجوم، وأكد أن التحقيقات جارية. وأعلن المتحدث باسم الوزارة نور الدين البابا أن التنظيم المسؤول هو داعش، وأن الهجوم وقع داخل القاعة الرئيسية أثناء القداس. من جهته، شدد وزير الإعلام حمزة المصطفى على أن العمل يتناقض مع قيم المواطنة والوحدة الوطنية. واعتبر محافظ دمشق ماهر مروان التفجير استهدافًا مباشرًا للمجتمع السوري.
وشاركت وزارات الخارجية، الإعلام، الثقافة، العدل، الطوارئ، السياحة، الرياضة، والإسكان في الإدانة، مؤكدين أن التفجير محاولة لتمزيق النسيج الوطني. كما تعهد معاون وزير الداخلية اللواء عبد القادر طحان بـ"الانتقام من التنظيم الإرهابي"، بينما شدد وزير العدل مظهر الويس على أن العدالة ستطال كل المتورطين.
على صعيد المجتمع المدني، دانت رابطة الصحفيين السوريين التفجير ودعت لتحقيق فوري وشفاف. كما عبّرت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز، وحركة رجال الكرامة، عن تضامنهما مع المسيحيين، مؤكدةً ضرورة مواجهة الإرهاب. واعتبر عضو لجنة السلم الأهلي حسن صوفان أن الهدف من الهجوم هو إحراج الدولة، لكنه أعرب عن ثقته بتجاوز المحنة.
دوليًا، توالت الإدانات العربية والدولية. من الإمارات والسعودية وقطر والعراق والبحرين والكويت وسلطنة عمان واليمن والأردن ولبنان وفلسطين، وصولًا إلى الاتحاد الأوروبي وروسيا وتركيا وفرنسا وأذربيجان وبلجيكا وإيطاليا. كلهم أدانوا الهجوم، وعبّروا عن تضامنهم مع الشعب السوري.
في أنقرة، أدان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الهجوم، مؤكدًا دعم بلاده الكامل لسوريا في حربها على الإرهاب. كما أعرب متحدثو حزب العدالة والتنمية ومستشارو الرئاسة عن مواقف مماثلة. وأكدت الخارجية التركية أن الهجوم يستهدف جهود الاستقرار، متمنية الصبر والسلوان لأسر الضحايا.
من موسكو، دانت وزارة الخارجية الروسية الهجوم، مؤكدة دعمها للسلطات السورية، وداعية لتعزيز الوحدة الوطنية. وأعلنت أذربيجان تضامنها الكامل مع سوريا، فيما دعا الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز حماية المدنيين وملاحقة مرتكبي الهجوم. وأعرب السفير الأوروبي ميخائيل أونماخت عن دعمه لحرية الدين والمعتقد في سوريا.
أبدت فرنسا دعمها الكامل للشعب السوري، بينما اعتبر المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك أن التفجير محاولة فاشلة لإجهاض مشروع التسامح، مجددًا دعم بلاده للحكومة السورية.
على مستوى الأمم المتحدة، أعرب فيليبو غراندي، المفوض السامي لشؤون اللاجئين، عن تضامنه العميق، بينما شدد المنسق المقيم آدم عبد المولى على ضرورة تقديم المسؤولين إلى العدالة، كما دان المبعوث الأممي غير بيدرسون الهجوم ودعا لتحقيق شامل.
كما أدان السفير الإيطالي في دمشق ستيفانو رافانيان الهجوم، مؤكدًا أن كرامة الإنسان والحريات الدينية يجب أن تنتصر على العنف. وقدمت وزارة الخارجية البلجيكية تعازيها، ووصفت ما حدث بأنه اعتداء على المصلين خلال القداس.
إقليمياً، عبّر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عن استنكاره، ودعا إلى تعاون إقليمي لمكافحة الإرهاب. كما شددت جامعة الدول العربية على أن التفجير يهدد وحدة المجتمع السوري، وأدان البرلمان العربي الهجوم بأشد العبارات.
من لبنان، دان الرئيس جوزيف عون الهجوم، مطالباً بحماية دور العبادة، فيما أكد رئيس الوزراء نواف سلام تضامن لبنان الكامل مع سوريا. وفي الأردن، شدد الناطق باسم الخارجية سفيان القضاة على دعم بلاده لاستقرار سوريا، ورفضه للإرهاب.
على الصعيد الديني، عبّر البطريرك الماروني بشارة الراعي عن ألمه، داعيًا إلى السلام والمحبة. وصرّح القس جوزيف قصاب أن ما جرى هو جريمة ضد الوطن والإنسانية. ووصفت الرئاسة الروحية للمسلمين الدروز التفجير بالعمل الإجرامي الدنيء، بينما شدد مجلس حكماء المسلمين على أن استهداف دور العبادة يتنافى مع كل القيم والشرائع.
كما أدان المفتي العام للجمهورية العربية السورية أسامة عبد الكريم الرفاعي التفجير وقال "تلقينا ببالغ الحزن خبر الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار الياس، واستنكر هذا العمل الغير المبرر، مححدا موقفه الثابت والرافض للعنف والإرهاب والأعمال الإجرامية مهما كانت الدوافع والأسباب ونشدد على رفضنا التام استهداف دور العبادة وترويع الآمنين.
أما رئيس المكتب الاستشاري للشؤون الدينية عبد الرحيم عطون، فوصف التفجير بأنه محرَّم شرعًا ومجرَّم قانونًا. كما أكد وزير الطوارئ رائد الصالح استمرار الدفاع المدني بالاستجابة، ودعا وزير السياحة مازن الصالحاني إلى الحفاظ على التعايش، فيما شدد وزير الشباب محمد حامض على أن الوحدة الوطنية ستنتصر.
الهجوم على كنيسة مار إلياس، وهو أحد أسوأ الهجمات التي تشهدها العاصمة منذ سنوات، مثّل صدمة كبرى داخل البلاد وخارجها. ومع استمرار التحقيقات، تتواصل الدعوات لتكثيف الجهود المحلية والدولية لحماية المدنيين، وضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي في بلد يتطلع بمرارة إلى مستقبل مستقر وآمن.
وفي السياق أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، عن عملية أمنية نوعية نفذتها الداخلية بالتعاون مع الاستخبارات العامة استهدفت أوكار تنظيم داعـش في دمشق وريفها، بينها وكر العصابة التي اعتدت على كنيسة مار إلياس.