في مواجهة نبات يبتلع الماء… مديرية زراعة حماة تراهن على حشرة لا تُرى
في مواجهة نبات يبتلع الماء… مديرية زراعة حماة تراهن على حشرة لا تُرى
● أخبار سورية ٢٥ يونيو ٢٠٢٥

في مواجهة نبات يبتلع الماء… مديرية زراعة حماة تراهن على حشرة لا تُرى

يعمل فريق متخصص داخل بيت زجاجي محكم، مزوّد بظروف بيئية دقيقة من حيث الحرارة والإضاءة والرطوبة، على تربية حشرة تُعد من الأعداء الحيويين لنبتة زهرة النيل، تمهيداً لإطلاقها في الطبيعة بهدف كبح جماح هذه النبتة الغازية التي باتت تهدد موارد المياه والنظام البيئي في البلاد.

الحشرة المستخدمة في هذه المكافحة هي سوسة زهرة النيل، وقد أثبتت فعاليتها كوسيلة بيولوجية مستدامة في تقليص الكتلة الحيوية لهذا النبات الذي يُصنّف من أخطر الأنواع الغازية المائية، حيث اجتاح مساحات شاسعة من المسطحات المائية السورية، لا سيما في نهر العاصي بمدينة حماة، وسد محردة، ومجرى النهر في منطقة الغاب، متسبباً بأضرار بيئية واقتصادية كبيرة.

وأوضح المهندس شادي سليمان، رئيس شعبة المكافحة الحيوية في مديرية الزراعة بحماة، أن سوسة زهرة النيل يتم تربيتها ضمن بيئة خاضعة لرقابة صارمة لضمان جاهزيتها للإطلاق ضمن خطة مكافحة حيوية طويلة الأمد، تهدف إلى الحد من انتشار هذه النبتة التي تُعد من أخطر الآفات المائية المعروفة.

وأشار سليمان إلى أن النبات الغازي يستهلك كميات كبيرة من المياه، ما يؤدي إلى خسائر مباشرة في مخزون السدود، كما يتسبب باضطرابات في النظام البيئي، منها انخفاض نسبة الأوكسجين في المياه، وتراجع أعداد الأسماك بسبب انحسار المناطق الملائمة لتكاثرها.

وللتعامل مع هذا الخطر المتفاقم، وضعت مديرية زراعة حماة خطة إدارة متكاملة تتألف من شقين رئيسيين:
 1. المكافحة الحيوية: عبر إطلاق سوسة زهرة النيل، التي تتغذى على الأوراق والساق، ما يضعف بنية النبات تدريجياً ويمهد للمرحلة التالية.
 2. المكافحة الميكانيكية: باستخدام معدات متخصصة مثل الحصادات المائية أو ما يُعرف بـ”البواكر”، لإزالة ما تبقى من الكتلة النباتية من المسطحات المائية.

وأكدت المديرية أن هذا النهج البيئي يُعد أكثر أماناً واستدامة مقارنة بالحلول الكيميائية، ويساهم في استعادة التوازن البيئي والحفاظ على الموارد المائية والثروة السمكية في المناطق المتأثرة.

من جهتها، أوضحت المهندسة ظلال عفارة، المشرفة على الأحواض، أن عملية جمع سوسة زهرة النيل تتم بشكل يومي، حيث توضع الحشرات في مطربانات زجاجية يُكتب عليها تاريخ الجمع، وتُزوّد بأوراق نباتية خضراء لتغذيتها حتى موعد الإطلاق.

وأضافت أن هذه الأوعية تُحفظ داخل برادات خاصة بدرجة حرارة تقارب 10 درجات مئوية، لضمان بقاء الحشرات في حالة مناسبة إلى حين إطلاقها في سد محردة.

وبعد الإطلاق، تبدأ الحشرة في مهاجمة النبات تدريجياً، بدءاً من اصفرار الأوراق، ثم انتقال الأثر إلى الساق، وأخيراً إلى الجذور، ما يؤدي إلى تدهور الكتلة الحيوية للنبتة بشكل كامل.

وفي وقت تتزايد فيه التحديات البيئية وتتراجع الموارد الطبيعية، ينبثق الأمل من داخل مختبر صغير، حيث تُربّى حشرة لا يتجاوز حجمها بضعة ميليمترات، لكنها تحمل حلاً بيئياً واعداً.

إنها معركة علمية هادئة تخوضها العقول السورية بإصرار، من أجل حماية مياه الوطن ومستقبل أجياله.

الكاتب: مهند المحمد
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ