
في لحظة مشبعة بالألم والمعاناة.. أم سورية تكتشف صورة ابنها وسط صور المعتقلين
كم هو شعور قاسي يسيطر على الأم لحظة رؤيتها لصورة ابنها وهو قيد الاعتقال والاختفاء القسري، إذ غدا سقف أحلامها في الحياة، بأن تصل إلى معلومة مؤكدة تكشف لها مصيره المجهول، بعد سنوات طويلة ملأها الانتظار والخوف والقلق عليه.
آلاف الأمهات في سوريا يعشن مرارة الانتظار الطويل وسط البحث عن أولادهن الذين غابوا بسبب حملات الاعتقال التي نفذتها قوات نظام المخلوع بشار الأسد وحلفائه بعد اندلاع الثورة السورية في شهر آذار/مارس عام 2011، ليعاقب الشعب على المطالبة بإسقاطه.
سحر حمشو، واحدة من تلك الأمهات، في يوم غير متوقع أخفت قوات النظام ابنها غسان سعيد عقل، وانقطعت أخباره كلياً وبعد سنوات من الانتظار، تعرّفت على ابنها في صور معتقلي "الدفاع الوطني" التي نشرتها مؤخراً صحيفة "زمان الوصل".
وكانت صورته موجودة بين صور معتقلين مجهولي المصير في سجون ميليشيا "الدفاع الوطني" بدمشق، وبحسب ما ذكرت الصحيفة فإن عائلة المختفي قسرياً أفادت بأن "غسان" اعتُقل في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2013، عند حاجز "الكابلات" التابع للدفاع الوطني في منطقة السبينة بريف دمشق، ثم انقطعت أخباره كّلياً منذ تلك الأثناء.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصورة التي وردت في ملف "ضحايا الدفاع الوطني" أظهرت ملامح الشاب بوضوح، ما جعل والدته تؤكد بأنه ابنها، وصار لصاحبها الآن اسم يمكن تتبعه في ملفات أخرى.
ويأتي هذا الكشف كجزء من سلسلة وثائق تنشرها "زمان الوصل" بهدف تسليط الضوء على الانتهاكات المرتكبة داخل مراكز احتجاز تابعة لميليشيا الدفاع الوطني، التي كانت تعمل سابقا تحت إشراف مباشر من أجهزة مخابرات النظام البائد
منذ سقوط النظام البائد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، لا تزال آلاف العائلات في سوريا تواصل البحث عن أبنائها المغيّبين منذ سنوات، مصرّة على معرفة مصيرهم، ومطالبة الحكومة والجهات المعنية بوضع حدّ لمعاناتهم وإيجاد حل جذري لقضيتهم التي طال أمدها وتعقّدت تفاصيلها
تطالب تلك العائلات بوضع حدّ لسنوات الانتظار القاسية، ويتساءلون: إن كان أبناؤهم أحياء، فأين هم؟ وإن كانوا قد توفوا، فكيف قُتلوا؟ وأين دُفنوا؟ ومن المسؤول عن إيذائهم؟ وفي كل وقفة احتجاجية نظّمها الأهالي للمطالبة بكشف مصير أبنائهم، أكدوا رفضهم التام لمسامحة الجناة، وأصرّوا على ضرورة محاسبتهم، كي لا يُظلم أبنائهم مرتين، المرة الأولى في السجون، والثانية بعد معرفة المسؤول عن مأساتهم.