
لبنان يضع خطة مرحلية لإعادة اللاجئين السوريين ويأمل بعودة مئات الآلاف قبل أيلول
أعلن نائب رئيس الحكومة اللبنانية ورئيس اللجنة الوزارية المكلفة بملف اللاجئين السوريين، طارق متري، أن اللجنة أنجزت خطة جديدة متعددة المراحل لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وستُعرض قريباً على مجلس الوزراء للمصادقة عليها تمهيداً للبدء بتنفيذها.
وأوضح متري، في تصريح صحفي، أن الخطة تشمل عودات منظمة وأخرى غير منظمة، مع توقعات بأن تشمل المرحلة الأولى ما بين 200 إلى 300 ألف نازح، وذلك قبل انطلاق العام الدراسي الجديد في مطلع أيلول/سبتمبر المقبل.
وأضاف أن استطلاعاً أجرته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أظهر أن نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين أعربوا عن استعدادهم للعودة، في ظل موقف رسمي من الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع بعدم معارضة هذا المسار.
وبحسب متري، فإن العودة المنظمة ستتم من خلال تسجيل الأسماء وتأمين حافلات لنقل العائدين إلى الداخل السوري، على أن يحصل كل شخص على مبلغ 100 دولار كمساعدة أولية. وفي المقابل، سيحصل الراغبون بالعودة غير المنظمة على نفس المبلغ، شرط تأمينهم وسيلة نقل خاصة وتحديدهم لموعد المغادرة مسبقاً.
وأشار متري إلى أن الأمن العام اللبناني سيقوم بإعفاء المغادرين من الغرامات المترتبة عليهم نتيجة الإقامات المنتهية، بشرط عدم العودة إلى الأراضي اللبنانية بعد مغادرتهم. كما لفت إلى أن الحكومة تلقت وعوداً من بعض الجهات المانحة ودول صديقة بتقديم دعم مادي للعائدين من أجل استقرارهم في سوريا، والحد من العودة غير الشرعية إلى لبنان لأسباب اقتصادية.
وشدد المسؤول اللبناني على أن الخطة لا تتضمن أي شكل من أشكال الترحيل القسري الجماعي، مؤكداً أن العودة ستكون طوعية بالكامل.
وفي وقت سابق، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان أنها ستضطر إلى وقف تغطية تكاليف الاستشفاء للاجئين السوريين بحلول نهاية عام 2025، نتيجة النقص الحاد في التمويل، ما يهدد آلاف العائلات النازحة بحرمانها من خدمات أساسية.
وفي تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط"، أوضحت ليزا أبو خالد، المتحدثة باسم المفوضية، أن برامج الرعاية الصحية الأولية قد توقفت فعليًا، ما سيؤثر بشكل مباشر على نحو 80 ألف لاجئ سوري.
كما أشارت إلى تدهور قدرة المفوضية على توفير المساعدات النقدية ضمن البرنامج المشترك مع برنامج الأغذية العالمي، حيث انخفضت نسبة المستفيدين من هذه المساعدات بنسبة 65% منذ يناير الماضي. ونتيجة لذلك، توقفت المفوضية عن دعم نحو 350 ألف لاجئ من الفئات الأشد ضعفًا، فيما لا يتوفر التمويل اللازم لمواصلة تقديم الدعم لما يقارب 200 ألف لاجئ إضافي بعد شهر سبتمبر المقبل.
وفي ما يتعلق بالقطاع التعليمي، أكدت أبو خالد أن المفوضية ستنهي برامج التعليم غير الرسمي المخصصة للأطفال غير الملتحقين بالمدارس، بما في ذلك محو الأمية وتعليم الحساب، وذلك بحلول يوليو 2025. ويُقدّر عدد الأطفال النازحين المتأثرين بهذه القرارات بنحو 15 ألف طفل.
وأوضحت أبو خالد أن الواقع المالي الراهن يُحتّم على المفوضية إعادة تقييم أولوياتها، مشيرة إلى أن هذا الوضع قد يشكّل فرصة لإعادة النظر في ملف عودة النازحين السوريين، واعتباره خيارًا قابلًا للطرح الجدي والمستدام. لكنها في المقابل شددت على أن الأزمة الإنسانية داخل سوريا لا تزال مستمرة، مع وجود ملايين المحتاجين للمساعدات العاجلة، خاصة في مجالات الغذاء والمأوى والرعاية الصحية.
وكشفت المتحدثة عن خطة عمل وضعتها المفوضية بالتعاون مع شركائها الإنسانيين في لبنان، تهدف إلى تسهيل العودة الطوعية لما يقارب 400 ألف لاجئ سوري، من ضمنهم نحو 5 آلاف لاجئ فلسطيني قادم من سوريا، خلال عام 2025. وتشمل الخطة تقديم مساعدات لوجستية وخدمية، أبرزها تأمين وسائل النقل، والمساعدة في استكمال الوثائق الرسمية المطلوبة داخل الأراضي السورية.
يُذكر أن هذا الإعلان يأتي في ظل تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية في لبنان بشأن ملف النزوح السوري، ووسط تزايد الدعوات لعودة اللاجئين في ظل تراجع مستويات التمويل الدولي وخطر توقف الخدمات الأساسية التي تعتمد عليها آلاف العائلات السورية.