
وزيرا الإعلام والطوارئ: تفكيك مخيم الركبان يطوي فصلاً مأساوياً ويفتح أبواب العودة
رحّب وزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى بإغلاق مخيم الركبان وعودة آخر العائلات إلى مناطقهم، واصفاً الحدث بأنه "طيٌّ لفصل مؤلم من فصول النزوح السوري الذي صنعته آلة القمع في عهد النظام البائد".
وقال المصطفى في تصريح نشره عبر منصة "إكس": "الركبان لم يكن مجرد مخيم، بل مثلث للموت، جسّد سنوات من الحصار والتجويع والتخلي في عمق الصحراء. واليوم، مع كل خطوة نحو العودة، ينهض من ركام الألم أمل جديد في قلوب السوريين لبناء وطن يحتضن الجميع".
وأكد الوزير أن إنهاء معاناة الركبان هو بداية مسار أوسع لتفكيك سائر المخيمات في الداخل والخارج، مضيفاً أن الدولة ماضية في هذا الطريق حتى يعود كل نازح إلى منزله بكرامة.
من جانبه، شدّد وزير الطوارئ والكوارث السيد رائد الصالح على أن تفكيك الركبان "يُنهي واحدة من أقسى المآسي الإنسانية في العقد الأخير"، معرباً عن أمله في أن تكون هذه الخطوة مقدمة لخطة شاملة تعيد آلاف المهجّرين إلى منازلهم بأمان.
وكانت المنظمة السورية للطوارئ (SETF)، بالتعاون مع منظمة الإغاثة الإسلامية في الولايات المتحدة (IRUSA)، قد أعلنت رسمياً إغلاق مخيم الركبان، بعد استكمال إعادة آخر 86 عائلة إلى مناطقها الأصلية في مهين، القريتين، تدمر، حمص، الضمير، ودير الزور خلال 11 يوماً فقط.
أنشئ مخيم الركبان مطلع العقد الماضي ضمن منطقة خفض التصعيد قرب قاعدة التنف الأميركية، وبلغ عدد قاطنيه في ذروته أكثر من 85 ألف نسمة. وقد فُرض عليه حصار خانق من قبل النظام السابق وحلفائه، أدى إلى حرمان السكان من الغذاء والرعاية الصحية والمياه، ودفعهم للاعتماد على التهريب بأسعار خيالية للبقاء.
منذ عام 2019، بدأت المنظمة السورية للطوارئ تنفيذ تدخلات إنسانية داخل المخيم، تمثلت في إنشاء أول صيدلية مجانية، ثم إرسال مساعدات بالتعاون مع الجيش الأميركي، شملت أدوية وكتب مدرسية وحتى أطباء. وفي يونيو 2024، نجحت المنظمة في تأمين 650 طناً من المساعدات الغذائية عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID).
رغم سقوط النظام، ظلت بعض العائلات عالقة بسبب صعوبات لوجستية. غير أن التعاون بين منظمتي SETF وIRUSA مكّن من إنهاء المعاناة بالكامل في حزيران 2025، في خطوة لاقت إشادة واسعة، أبرزها ما جاء في تصريح الملازم أول رايان هارتي، القائد السابق للقوات الأميركية في التنف، الذي قال: "قصة الركبان قصة كرامة وصمود لا تُنسى… وستبقى محفورة في ذاكرتنا".
تفكيك الركبان يشكل محطة مفصلية في المشهد السوري، فهو يبرهن على إمكانية تجاوز مآسي الحرب بإرادة وطنية ودعم دولي، لكنه في الوقت نفسه يسلّط الضوء على عشرات المخيمات الأخرى التي لا تزال تعاني، ويطرح أسئلة حول مسؤولية المجتمع الدولي في إنهاء الكارثة.
على المستوى المجتمعي، ساهمت مبادرات أهلية من تدمر وريف حمص في تسهيل عودة العائلات، منها "قافلة المحبة"، التي نظمتها لجنة محلية بمشاركة قادة ميدانيين، وضمت حملة تنظيف وصيانة للخدمات العامة، تمهيداً لاستقبال العائدين.
وقد شكّل الركبان رمزاً لصبر السوريين في وجه الحصار والتجاهل، ومثّل إغلاقه نهاية لمرحلة سوداء، وبداية لمسار وطني يأمل كثيرون أن يُفضي إلى عودة كل نازح ومهجر، وبناء سوريا جديدة.